المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌تقديمالاستاذ محمد احمد الراشد

- ‌مقدمة

- ‌البداية

- ‌ الاخبار بخلق جديد

- ‌الامر بالسجود للمخلوق الجديد

- ‌عصيان الشيطان الآمر

- ‌الطرد لأبليس

- ‌طلب الانظار

- ‌تفاصيل الخطة

- ‌أ - الكبر:

- ‌ب - العجلة والغضب:

- ‌الاحراق والاتلاف:

- ‌الاستثناء للبعض

- ‌اسكان آدم وزوجه الجنة

- ‌التطبيق الأول للخطة

- ‌ الهبوط الى الارض

- ‌التحذير

- ‌ العبودية

- ‌ينزع عنهما لباسهما

- ‌ الولاء

- ‌اتباع الشيطان

- ‌ان المحب لمن يحب مطيع

- ‌(أ) اتباع الهوى:

- ‌(ب) اتباع سبيل المفسدين:

- ‌ ج) اتباع الشهوات:

- ‌(ه) اتباع الظن:

- ‌(و) اتباع الآباء:

- ‌(ز) اتباع المتشابه:

- ‌لا يصدنكم

- ‌دعوة الى السعير

- ‌صفاته

- ‌الضعف

- ‌الكذب والجبن

- ‌من وحي الباطل

- ‌انه يراكم

- ‌المبذرون

- ‌اولا - تبذير المال:

- ‌ثانيا - تبذير الصحة:

- ‌ثالثا - تبذير الوقت:

- ‌أعماله

- ‌الطعن

- ‌الخمر والميسر والانصاب والازلام

- ‌بول الشيطان

- ‌ضحك الشيطان

- ‌الادبار

- ‌اتباع الغاوين

- ‌السرقة

- ‌الانتشار في بداية الليل

- ‌مداخله

- ‌الأمر بالسوء

- ‌نسيان الاستحواذ

- ‌ النزغات

- ‌التخويف بالفقر

- ‌فلا تخافوهم

- ‌الأماني الكاذبة

- ‌الاستهواء

- ‌الايحاء بالمجادلة

- ‌تحريم ما أحل الله

- ‌غرس اليأس

- ‌ الاستفزاز

- ‌المشاركة

- ‌ تفكيك الأسرة

- ‌الغضب

- ‌الانهماك بالمزاح:

- ‌النجوى:

- ‌ ظن السوء

- ‌الغيبة

- ‌تصيد العيوب

- ‌تزيين الشيطان الاصغر:

- ‌تزيين الشيطان الاكبر:

- ‌الوسوسة

- ‌ يتدرج إبليس في وساوسه مع ابن آدم في ست مراتب

- ‌وذلك اضعف الايمان

- ‌نتيجة اتباع الشيطان

- ‌الخسران

- ‌تؤزهم ازا

- ‌حقت عليهم الضلالة

- ‌الهداية الى السعير

- ‌ الحشر

- ‌الآن تندم

- ‌الوعد بالباطل

- ‌الاعتراف الأخير

- ‌العلاج

- ‌الاستعاذة

- ‌آية الكرسي

- ‌خاتمة سورة البقرة

- ‌غض البصر

- ‌امساك فضول الكلام واستبداله بالصمت

- ‌تنقية الاستماع او صون الاذن عن سماع الباطل

- ‌ الصيام

- ‌ الزواج

- ‌ تقوية الرابطة الاسرية

- ‌القول الحسن

- ‌الابتسامة

- ‌الانفاق في سبيل الله

- ‌الذكر

- ‌ الجهاد

- ‌ جهاد النفس

- ‌جهاد الشيطان

- ‌للجهاد مراتب اربعة

- ‌ جهاد الكفار والمنافقين:

- ‌ المحاسبة

- ‌ معرفة حقيقة الدنيا

- ‌الاخلاص

- ‌آثار الرياء:

- ‌اتباع السنة الصحيحة

- ‌خاتمة

الفصل: ‌ معرفة حقيقة الدنيا

قال الله تعالى:"يا أيهاالذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد" يقول الامام ابن قدامة المقدسي:

" وهذه اشارة الى المحاسبة بعد مضي العمل ولذلك قال عمر رضي الله عنه حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا.

وقال الحسن: المؤمن قوام على نفسه يحاسب نفسه.

وقال ان المؤمن يفجأه الشيء يعجبه فيقول: والله اني لأشتهيك وانك لمن حاجتي ولكن والله ما في حيلة اليك هيهات حبل بيني وبينك. ويفرط منه الشيء فيرجع الى نفسه فيقول: ما اردت الى هذا مالي ولهذا والله لا اعود الى هذا ابدا ان شاء الله.

ومعنى المحاسبة ان ينظر في راس المال وفي الربح وفي الخسران لتبين له الزيادة من النقصان فراس المال في دينه الفرائض وربحه النوافل والفضائل وخسرانه المعاصي وليحاسبها اولا على الفرائض او هي كمل يقول الامام البنا:" استعراض اعمال اليوم ساعة نوم فان وجد الاخ خيرا فليحمد الله وان وجد غير ذلك فليستغفر وليسئل ربه ثم يجدد التوبة وينام على افضل العزائم" اما ذلك الذي يترك نفسه بلا فطام وبلا حساب ولا تزكية فهو معرض لمرض قسوة القلب او الميلان الى الدنيا فلأولى دواء له‌

‌ معرفة حقيقة الدنيا

معرفة حقيقة الدنيا

وقد مثل القرآن الكريم الدنيا بصورة رائعة اذ يقول تعالى:" واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء انزلناه من السماء فاختلط به نبات الارض فاصبح هشيما تذروه الرياح " بهذه اللمسات السريعة المتلاحقة يرسم القرآن الدنيا

ص: 174

تناسبا مع قصرها ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم مصورا قصرها" ما الدنيا في الآخرة الا مثل ما يجعل احدكم اصبعه في اليم فلينظر بم يرجع"

وعن جابر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بالسوق والناس كفتيه. فمر بجندي أسك

(به عيب) ميت فتناوله فاخذ باذنه ثم قال:

" أيكم يحب ان هذا له بدرهم"؟ فقالوا: ما نحب انه لنا بشيء وما نصنع به؟ قال: " اتحبون انه لكم"؟ قالوا:

والله لو كان حيا كان عيبا أنه أسك فكيف وهو ميت؟

فقال:" فوالله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم"

والغريب وعابر السبيل اسمان يطلقان على الذي يمر ببلد ليس هو من اهلها ولا هي موطنه الاصلي - وهذه هي حقيقة الدنيا - انها ليست الموطن الاصلي واننا مسافرون او عابرو سبيل خلال هذه الدنيا كما عبر عن ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم اذ يقول لابن عمر رضي الله عنه

كن في الدنيا كأنك غريب او عابر سبيل واذا كان كذلك فما اجدر بعابر السبيل ان يتزود لاكمال رحلته لموطنه الاصلي فهناك الراحة الحقيقية

وعندما يصل هناك ينتهي النصب وهذا هو الفارق بين اصحاب الحق واصحاب الباطل او قل انه احد الفوارق بان اصحاب الباطل يعتبرون الدنيا دار اقامة والموطن الاصلي لهم وذلك من تزيين الشيطان ومن هذا المنطلق فانهم يتكالبون عليه مستصغرين كل منكر يفعلونه عليها ويتجاذبونها حتى تهلكهم. ولقد اجاد ذلك الشاعر الذي خاطب تلك الفئة المتكالبة على الدنيا ووصف لهم الدنيا بانها منزل ركب حلوا به ثم رحلوا وان العيش فيها نكد وان ساكنها لا يسوغ له عيش لما يلاقيه فيها من الروعات المستمرة تريد نفسه الهروب. والموت يتبعها ويسعى الساكن فيها كل حياته لغيره والقبر لا يرث منه الا الاعمال الصالحة.

ص: 175

الا ترى انما الدنيا وزينتها

كمنزل الركب حلوا ثمت ارتحلوا

حتوفها رصد وعيشها نكد

وصفوها كدر وملكها دول

تظل تفزع بالروعات ساكنها

فما يسوغ له عيش ولا جذل

كأنه للمنايا والردى غرض

تظل فيه سهام الدهر تنتضل

والنفس هاربة والموت يتبعها

وكل عثرة رجل عندها جلل

والمرء يسعى بما يسعى لوارثه

والقبر وارث ما يسعى له الرجل

ولقد مثل ابن القيم الدنيا:" بالبحر الذي لا بد للخلق كلهم من ركوبه ليقطعوه الى الساحل الذي فيه دورهم واوطانهم ومستقرهم ولا يمكن قطعه الا في سفينة النجاة فأرسل الله رسله لتعرف الأمم اتخاذ سفن النجاة وتأمرهم بعملها وركوبها وهي طاعته وطاعة رسله وعبادته وحده واخلاص العمل والتشمير للاخرة وارادتها والسعي لها سعيها فنهض الموفقون وركبوا السفينة ورغبوا عن خوض البحر لما علموا انه لا يقطع خوضا ولا سباحة واما الحمقى فاستصعبوا عمل السفينة وآلاتها والركوب فيها وقالوا نخوض البحر فاذا عجزنا قطعناه سباحة وهم اكثر اهل الدنيا فخاضوه فلما عجزوا عن الخوض اخذوا في السباحة حتى ادركهم الغرق ونجا اصحاب السفينة كما نجوا مع نوح عليه السلام وغرق اهل الارض وهكذا يغوي الشيطان من ضل ويغريهم بالسباحة وسط امواج الفتن والشهوات حتى يغرقون في نار جهنم

ويصادف الداعية في طريقه اخبث الامراض على الاطلاق وهو الرياء او كما سماه ابن القيم الشرك في العبادة ولا دواء لهذا المرض الخبيث الا الاخلاص لله.

ص: 176