الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاستعاذة
وهو دواء نافع لكل نزغات الشيطان
…
" واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله انه سميع عليم" و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يأتي الشيطان احدكم فيقول من خلق كذا؟ من خلق كذا؟
حتى يقول: من خلق ربك؟ فاذا بلغه فليستعذ بالله ولينته"
كما انه علاج فعال للغضب الذي يلقيه الشيطان في نفس ابن آدم مما يجعله ينتصر لنفسه ويقع في ما يغضب الله من جدل وسب وحقد وكبر
…
عن سليمان بن ضرر قال:" كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم ورجلان يستبان فاحدهما احمر وجهه وانتفخت اوداجه فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
اني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد لو قال اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ذهب عنه ما يجد فقالوا له ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تعوذ من الشيطان فقال وهل بي جنون "
والكريم لا يرد من يلجأ اليه ويستعيذ به
…
وهي صفة لا يتحلى بها الا المتقون فما ان يصابوا بهذه الوساوس التي تغطي قلوبهم عن الحق فترة من الزمن حتى يذكروا الله ويستعيذوا به من الشيطان الرجيم فيطير ذلك الغطاء الذي كان يغطي قلوبهم ليروا الحق ويبصروا
بعد ان عموا"ان الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون"
وهو كذلك يفتح قلب قاريء القرآن ويبعد وستوس الشيطان عنه قال تعالى:" فاذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم انه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون. انما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون"
يقول الامام ابن القيم:
ومعنى" استعذ بالله" امتنع به واعتصم به والجأ اليه ومصدره العوذ والعياذ والمعاذ وغالب استعماله في المستعاذ به واصل اللفظة من اللجأ الى الشيء والاقتراب منه وفي كلام العرب" أطيب اللحم عوذه" أي الذي عاذ بالعظم واتصل به.
أ -الاستعاذة عند قراءة القرآن: فأمر الله سبحانه بالاستعاذة به من الشيطان عند قراءة القرآن وفي ذلك وجوه: منها
ان القرآن شفاء لما في الصدور يذهب لما يلقيه الشيطان فيها من الوساوس والشهوات والارادات الفاسدة فهو
دواء لما امره فيها الشيطان فامر ان يطرد مادة الداء ويخلى منه القلب ليصادف الدواء محلا خاليا فيتمكن منه ويؤثر فيه فيجيء هذا الدواء الشافي الى القلب وقد خلا من مزاحم ومضاد له فينجح فيه.
ومنها: ان القرآن مادة الهدى والعلم والخير في القلب كما ان الماء مادة النبات والشيطان نار يحرق النبات اولا فاول فكلما احس بنبات الخير في القلب سعى في افساده واحراقه فامر ان يستعيذ بالله عز وجل منه لئلا يفسد عليه ما يحصل له بالقرآن والفرق بين هذا الوجه والوجه الذي قبله ان الاستعاذة
في الوجه الاول لأجل حصول فائدة القرآن وفي الوجه االثاني لأجل بقائها وحفظها وثباتها.
ومنها: ان الملائكة تدنو من قاريء القرآن وتستمع لقراءته كما في حديث اسيد بن حضير لما كان يقرأ ورأى مثل الظلة فيها مثل المصابيح فقال عليه الصلاة والسلام:"تلك الملائكة" والشيطان ضد الملك وعدوه فامر القاريء ان يطلب من الله تعالى مباعدة عدوه عنه حتى يحضره خاص الملائكة فهذه منزلة لا يجتمع فيها الملائكة والشياطين.
ومنها: ان الشيطان يجلب على القارىء بخيله ورجله حتى يشغله عن المقصود بالقرآن وهو تدبره وتفهمه ومعرفة ما اراد به المتكلم به سبحانه فيحرص بجهده على ان يحول بين قلبه وبين مقصود القرآن فلا يكمل انتفاع القارىء به فأمر عند الشروع ان يستعيذ بالله عز وجل منه.
ومنها: ان القارىء يناجي الله تعالى بكلامه والشيطان انما قراءته الشعر والغناء فامر القارىء ان يطرده بالاستعاذة عند مناجاة الله تعالى واستماع الرب قراءته.
ومنها: ان الله سبحانه اخبر انه ما ارسل من رسول ولا نبي الا اذ تمنى القى الشيطان في امنيته والسلف كلهم على ان المعنى: اذا تلا القى الشيطان في تلاوته قال الشاعر في عثمان:
تمنى كتاب الله اول ليلة وآخره لاقى حمام المقادر
فاذا كان هذا فعله مع الرسل عليهم السلام فكيف بغيرهم؟
ولهذا يغلط القارىء تارة ويخلط عليه القراءة ويشوشها عليه فيخبط عليه لسانه او يشوش عليه ذهنه وقلبه فاذا حضر عند القراءة لم يعدم منه القارىء هذا او هذا او هذا وربما جمعهما له فكان من اهم الامور الاستعاذة بالله تعالى منه.
ومنها: ان الشيطان احرص ما يكون على الانسان عندما يهم بالخير او يدخل فيه فهو يشتد عليه حينئذ ليقطعه عنه وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ان الشيطان تفلت علي البارحة فأراد ان يقطع علي صلاتي -
الحديث" وكلما كان الفعل انفع للعبد واحب الى الله تعالى كان اعتراض الشيطان له اكثر فالشيطان بالرصيد للانسان على طريق كل خير فهو بالرصد ولا سيما عند
قراءة القرآن فأمر سبحانه العبد ان يحارب عدوه الذي يقطع عليه الطريق ويستعيذ بالله تعالى منه اولا ثم اخذ
بالسير كما ان المسافر اذا عرض له قاطع طريق اشتغل بدفعه ثم اندفع في سيره
…
ومنها: ان الاستعاذة قبل القراءة عنوان واعلام بأن المأتي به بعدها القرآن ولهذا لم تشرع الاستعاذة بين يدي كلام غيره بل الاستعاذة مقدمة وتنبيه للسامع ان الذي يأتي بعدها هو التلاوة فاذا سمع السامع الاستعاذة استعد لاستماع كلام الله تعالى ثم شرع ذلك للقارىء وان كان وحده"
ب - الاستعاذة في الصلاة: والاستعاذة كذلك علاج لما يلقيه الشيطان في الصلاة من وسئوس لينقص الأجر ويبعد الخشوع فنفى بذلك صفة من صفات المؤمنين فعن ابن العلاء: ان عثمان بن ابي العاص أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ان الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ذاك شيطان يقال له خنزب فاذا احسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثا"
قال ففعلت ذلك فأذهبه الله عني"
ج - الاستعاذة عند الغضب: عن سليمان بن مرد قال:
" كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم ورجلان! يستبان فاحدهما احمر وجهه وانتفخت
اوداجه فقال النبي صلى الله عليه وسلم اني لاعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد فقالوا له ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: تعوذ بالله من الشيطان فقال: وهل بي جنون "
ويأتي هذا العلاج متجانسا مع هذا المدخل الشيطاني ذلك" ان الغضب نوع من شر الشيطان ولهذا يخرج به عن صورته ويزين افساد حاله كتقطيع ثوبه وكسر آنيته او الاقدام على من اغضبه ونحو ذلك مما يتعاطاه من يخرج عن الاعتدال" فلا يذهب هذا الا بالاستعاذة من ذات المسبب له وامتدادا لهذا العلاج يأتي الدواء الثاني قراءة المعوذتين.
المعوذتين
فعن عقبة رضي الله تعالى عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألم تر آيات أنزلت الليلة لم ير مثلهن: قل أعوذ برب الفلق وقل اعوذ برب الناس وقد روى البخاري باسناده عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا أوى الى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما وقرأ فيهما" قل هو الله أحد " وقل أعوذ برب الفلق" وقل أعوذ برب الناس" ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات"
وبلغ من اهميتها ان عائشة رضي الله عنها كانت تنفث عليه بهما في مرض موته - عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا مرض احد من اهله نفث عليه بالمعوذات فلما مرض مرضه