الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قطعوه، وأيم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها.
8 -
ولقد كان الضعيف مأكولاً ضائعاً والفقير يائساً جائعاًَ، حتى جاء الإسلام فشرع قانون الزكاة. وجعلها حقاً معلوماً في مال الغني، لا يخلص له إلا بعد إعطائها، حتى لقد قال الشافعي رضي الله عنه: "إن الغني إذا وجبت الزكاة في مال معين له، كان غير مالك للجزء الذي يقابلها، ولذلك إذا تصرف فيه من غير إخراجها يكون تصرفه باطلاً، وإذا مات من غير أن يؤدي ما وجب عليه من زكاة أخذت من تركته، وقدمت على سائر الديون عند الشافعي رضي الله عنه!
* * *
ولم يعتبر الإسلام الزكاة إحساناً مُذلًّا
، بل أوجبها على الأغنياء يقبضها ولي الأمر بالنيابة على الفقراء، ويوزعها عليهم بمقدار حاجته، ولقد هم عمر رضي الله عنه عام وفاته أن يمر على الأقاليم بنفسه ليوزع على الفقراء حقوقهم في بيت المال غير الزكاة كل له عطاء بمقدار بلائه وعنائه في الإسلام.
9 -
وبينما كان قانون الرومان في بعض أدواره يجعل الدائن يسترق المدين إن عجز عن الوفاء، كان القرآن الذي نطق به النبي
الأمي وقد نزل عليه من عند الله يقرر: أن الحكومة تسدد ديون المدينين الذين يعجزون عن الوفاء بديونهم، إذ لم تكن الاستدانة سرفا، بل يكون على ولي الأمر سداد الديون التي يستدنيها ذوو المروءات للمقاصد الاجتماعية كالصلح بين الناس، فتسدد من بيت المال، ولو كان المدينون غير عاجزين عجزاً كلياً عن سدادها.
ويؤدي هذا كله من مال الزكاة كما نص القرآن الكريم.
إني أحسب أن هذه مثل عليا لم يصل إليها بعد قانون من قوانين البشر، فإذا كان الذي جاء بهذا رجلاً أمياً لا يقرأ ولا يكتب ولم يتعلم قط، ألا يكون هذا دليلاً على أن ما جاء به من عند الله العلي القدير؟.
10 -
ولقد كان الرق حقيقة مقررة ثابتة أقر فلاسفة اليونان نظامه، واعتبروه نظاماً عاماً عادلاً، لا ظلم فيه، ولم تستنكره شريعة من الشرائع قط، وقرر أرسطو أن الرق نظام الفطرة لأن من الناس ناساً لا يمكن أن يعيشوا إلا أرقاء، وآخرين لا يكونونٍ إلا أحراراً
…
!
فجاء النبي الأمي وقال: "الناس سواسية كأسنان المشط" وقال: "كلكم لآدم وآدم من تراب" ولم يسجل القرآن الرق في محكم آياته بل سجل العتق، فلم يرد في القرآن نص قط يبيح الرق، بل نصوصه كلها توجب العتق، حتى إنه في حرب الإسلام العادلة
لم يذكر القرآن رق الأسرى، بل قال:{حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} فلم يذكر في الأسرى إلا المن عليهم بإطلاقهم أو فدائهم بالمال، إن كان في قومهم قدره على الفداء، ولقد وسع القرآن في أسباب العتق وفتح باب الحرية الإنسانية على مصراعيه، اعتبروه قربة ولو كان الرقيق غير مسلم، فقال:{فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ} وأوجب على من يفطر في رمضان عامداً من غير عذر عتق رقبة، ومن يحلف ويحنث عتق رقبة، ومن يجري على لسانه عبارة لامرأته يشبهها بأمه عليه عتق رقبة، ومن يقتل مؤمناً خطأ عليه عتق رقبة، وإذا طلب العبد عتقه في نظير أن يؤدي ثمنه مثلاً - كاتبه مولاه على ذلك، وتركه ليكسب ثمنه، ومن ملك بعض محارمه عتق عليه، ومن ضرب عبده ظلماً فكفارته عتقه. وهكذا تعددت أسباب العتق حتى أنها لو نفذت كلها لا يبقى رقيق في دار الإسلام أكثر من سنة واحدة.
كل هذا في زمن أهملت فيه حقوق الإنسان، فإذا كان هذا بعض ما اشتمل عليه القرآن، ألا يكون دليلاً على أنه من عند الرحمن؟
* * *