الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
في تعريف السنَّة
لعل من الضروري - قبل الدخول في الموضوع - التعرض لمعنى السنَّة، في كلٍّ من:
لسان العرب الأقحاح.
ولسان الشارع والصدر الأول.
وعرف المتشرعين من المحدِّثين، والأصوليين، والفقهاء.
ثم بعد ذلك تحديد المعنى الذي يبنى عليه هذا الكتاب، فأقول:
أولاً:
التعريف اللغوي:
السنَّة في اللغة تطلق على: السيرة، حسنة كانت أو قبيحة.
قال خالد بن زهير الهذلي:
فلا تَجْزَعَنْ مِنْ سيرةٍ أَنتَ سرتها
…
فأوَّلُ راضٍ سنَّةً مَنْ يَسِيْرُها (1)
وتطلق - أيضا - على: الطريقة؛ مأخوذة من: السَّننِ، وهو:
(1) لسان العرب 3/ 2124 / الجدول الثاني، ط دار المعارف المصرية، والصحاح للجوهري 5/ 2139 / الجدول الأول، ط دار العلم للملايين - بيروت.
الطريقُ، يقال: خُذْ على سَنَنِ الطريق، وَسُنَنِهِ (1).
ثانياً: في لسان الشارع والصدر الأول:
إذا ورد لفظ السنَّة في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، أو كلام الصحابة، والتابعين وكان ذلك في سياق الاستحسان: فإنما يراد بها المعنى الشرعيُّ العام الشامل للأحكام: الاعتقادية، والعملية؛ واجبةً كانت، أو مندوبة، أو مباحة.
قال الحافظ ابن حجر في «الفتح» (2):
«
…
تقرَّر أن لفظ السنَّة إذا ورد في الحديث لا يراد به التي تقابل الواجب
…
». اهـ.
وقال ابن عَلَّان في «دليل الفالحين» (3) على حديث «فعليكم بسنَّتي» : «أي طريقتي، وسيرتي القويمة التي أنا عليها، مما فصَّلْتُهُ لكم من الأحكام الاعتقادية، والعملية الواجبة والمندوبة، وغيرها.
وتخصيص الأصوليين لها: بالمطلوب طلباً غيرَ جازم: اصطلاحٌ
(1) تهذيب اللغة للأزهري 12/ 301 / الجدول الثاني، ط الدار المصرية للتأليف والترجمة - وقد فسر الأزهري، وكذا الخطابي - كما في إرشاد الفحول ص: 31 - السنّة: بالطريقة المستقيمة، وهو خلاف قول جمهور اللغويين، أفاد ذلك العلامة عبد الغني عبد الخالق، في كتابه الماتع (حجية السنة) ص: 46، ط المعهد العالي للفكر الإسلامي بواشنطن.
(2)
10/ 341، ط 1 السلفية.
(3)
1/ 415، ط الحلبي، عام 1397 هـ.
طارئٌ، قصدوا به التمييز بينها، وبين الفرض». اهـ.
وقال الصنعاني في «سبل السلام» (1) على حديث أبي سعيد، في التيمم، وفيه:«أصبتَ السنَّة» :
«أي الطريقة الشرعية» . اهـ.
وقال السهارنفوري في «بذل المجهود» (2) على الحديث السابق:
«أيْ صادفتَ الشريعةَ الثابتة بالسُّنَّةِ» . اهـ.
وفي «الصحيح» (3) عن عبد الله المزني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صلوا قبل صلاة المغرب - قال في الثالثة -: لمن شاء، كراهيةَ أنْ يتخذها الناسُ سنةً» .
قال الحافظ في «الفتح» : «ومعنى قوله: «سنة» أي: شريعةً وطريقةً لازمة». اهـ.
وقال - أيضا - على قوله صلى الله عليه وسلم: «فمن رغب عن سنَّتي فليس مني» :
«المراد بالسنَّة: الطريقة، لا التي تقابل الفرض
…
والمراد: مَنْ تركَ طريقتي وأخذ بطريقة غيري: فليس مني». اهـ (4).
(1) 1/ 186، ط 1، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
(2)
3/ 70، ط 3 المكتبة الإمدادية بمكة المكرمة.
(3)
3/ 59، (مع الفتح).
(4)
الفتح 9/ 105.