الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما قراءة السورة من آخرها إلى أولها فممنوع منعاً مؤكداً؛ فإنه يذهب بعض ضروب الإعجاز، ويزيل حكمة ترتيب الآيات.
قال الإمام النووي رحمه الله: ((وروى ابن أبي داود عن الحسن: أنه كان يكره مخالفة ترتيب المصحف، وبإسناد صحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أنه قيل له: ((إن فلاناً يقرأ القرآن منكوساً؟ فقال: ((ذلك منكوس القلب)) (1).
وأما تعليم الصبيان من آخر المصحف إلى أوله فحسن ليس من هذا الباب؛ فإن ذلك قراءة متفاصلة في أيام متعددة، مع ما فيه من تسهيل الحفظ عليهم، والله أعلم (2).
الأدب الثاني عشر: يجهر بالقرآن ما لم يتأذَّ أحد بصوته:
دلت الأحاديث في تحسين الصوت بالقرآن، وفي الترتيل والترنيم بالقرآن، والتغني به على استحباب رفع الصوت والجهر بالقرآن، كما دلت أحاديث أخرى على الحث على الإسرار بالقرآن؛ فكانت الأحاديث في ذلك على نوعين:
النوع الأول: استحباب الجهر برفع الصوت بالقرآن:
جاء في هذا النوع من الأحاديث المذكورة آنفاً في الأمر بتزيين الصوت بالقرآن وتحسينه، كقوله صلى الله عليه وسلم:((ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به)) (3)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي موسى:
(1) التبيان في آداب حملة القرآن، للنووي، ص79.
(2)
انظر: المرجع السابق، ص79.
(3)
متفق عليه: البخاري، برقم 5053، ومسلم، برقم 792، وتقدم في الأدب الثامن: تحسين الصوت بالقرآن.
((لقد رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة؟ لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود)) (1)،وقوله صلى الله عليه وسلم:((زينوا القرآن بأصواتكم)) (2).وغير ذلك مما تقدم في الترغيب في تحسين الصوت بالقراءة، وعن أبي موسى رضي الله عنه،قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني لأعرف أصوات رُفقة الأشعريين بالقرآن حين يدخلون بالليل وإن كنت لم أرَ منازلهم حين نزلوا بالنهار
…
)) (3). وسمعت شيخنا ابن باز رحمه الله يقول: ((كان لهم أصوات حسنة بالقرآن رضي الله عنهم)) (4).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: أبطأتُ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بعد العشاء، ثم جئتُ فقال:((أين كنتِ؟))، قلت: كنت أستمع قراءة رجل من أصحابك لم أسمع مثل قراءته وصوته من أحدٍ، قالت: فقام وقمت معه حتى استمع له، ثم التفت إليَّ فقال:((هذا سالم مولى أبي حذيفة، الحمد لله الذي جعل في أمتي مثل هذا)) (5).
وعن جابر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من أحسن الناس
(1) متفق عليه: البخاري برقم 5048، ومسلم، برقم 793. وتقدم في الأدب الثامن.
(2)
أبو داود، برقم 468، والنسائي، برقم 1016، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 1/ 404، وتقدم في الأدب الثامن.
(3)
متفق عليه: البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة خيبر، برقم 4232، ومسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل الأشعريين رضي الله عنهم، برقم 2499.
(4)
سمعته أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم 4232.
(5)
ابن ماجه، كتاب إقامة الصلوات، بابٌ في حسن الصوت بالقرآن، برقم 1338، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، 1/ 398.