المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأدب الثامن عشر: مدة ختم القرآن - عظمة القرآن وتعظيمه وأثره في النفوس في ضوء الكتاب والسنة

[سعيد بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌المبحث الأول: تعريف القرآن العظيم

- ‌المبحث الثاني: القرآن العظيم أنزل في شهر رمضان

- ‌المبحث الثالث: عظمة القرآن الكريم وصفاته

- ‌1 - كتاب عام للعالمين:

- ‌2 - المعجزة العظمى، الذي تحدَّى الله به الإنس والجن على أن يأتوا بمثله

- ‌3 - هدى للمتقين:

- ‌4 - هدى للناس جميعاً:

- ‌5 - يهدي للتي هي أقوم:

- ‌6 - روحٌ وحياةٌ:

- ‌7 - نور: يهدي به الله من يشاء من عباده:

- ‌8 - فرقان:

- ‌9 - شفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين:

- ‌10 - القرآن تبيانٌ لكل شيء:

- ‌11 - لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه:

- ‌12 - تكفَّل الله بحفظه:

- ‌13 - كتابٌ واضحٌ مبين:

- ‌14 - أُحْكِمَتْ آياته:

- ‌15 - فُصِّلت آياته:

- ‌16 - تذكرةٌ لمن يخشى:

- ‌17 - ما تَنَزَّلت به الشياطين:

- ‌18 - آياتٌ بيِّناتٌ في صدور أهل العلم:

- ‌19 - ذِكْرٌ وقرآنٌ مبين:

- ‌20 - أحسن الحديث:

- ‌21 - عليٌّ حكيم:

- ‌22 - بصائرُ للناس:

- ‌23 - قرآنٌ مجيدٌ:

- ‌24 - قرآنٌ كريمٌ:

- ‌25 - لو أنزله الله على الجبال لخشعت

- ‌26 - يهدي إلى الحقِّ وإلى طريقٍ مستقيم، ومصدِّقٌ لما بين يديه:

- ‌27 - يهدي إلى الرُّشد:

- ‌28 - في لوحٍ محفوظ:

- ‌29 - القرآن وصيَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌30 - والقرآن العظيم: من ابتغى الهُدى من غيره أضلّه الله

- ‌المبحث الرابع: تأثير القرآن في النفوس والقلوب جاء على أنواع:

- ‌النوع الأول: تأثير القرآن في القلوب والنفوس كما جاء في القرآن الكريم

- ‌1 - تأثيره على علماء أهل الكتاب وغيرهم من أهل العقول

- ‌2 - الذين أوتوا العلم من قبله يتأثَّرون به

- ‌3 - الذين أنعم الله عليهم

- ‌4 - من علامات الإيمان التأثر بالقرآن وزيادة الإيمان

- ‌5 - المُؤمنون الصادقون في إيمانهم، الخائفون من ربهم تقشَعِرُّ جلودهم عند قراءة القرآن

- ‌6 - الصادقون مع الله تخشع قلوبهم لذكر الله

- ‌النوع الثاني: تأثير القرآن في القلوب والنفوس كما جاء ذلك في سنة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌النوع الثالث: تأثير القرآن الكريم على القلوب والأرواح والنفوس

- ‌المبحث الخامس: تدبر القرآن العظيم: علاج لجميع أمراض القلوب والأرواح

- ‌النوع الأول: حض القرآن الكريم على التدبر:

- ‌النوع الثاني: حض النبي صلى الله عليه وسلم على تدبر القرآن:

- ‌النوع الثالث: حث الصحابة رضي الله عنه على تدبر القرآن:

- ‌النوع الرابع: حث العلماء على تدبر القرآن وتعظيمهم لذلك:

- ‌وليحذر المسلم من هجر القرآن؛ فإن هجرهُ خمسة أنواع:

- ‌النوع الأول: هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه

- ‌النوع الثاني: هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه، وإن قرأه وآمن به

- ‌النوع الثالث: هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه

- ‌النوع الرابع: هجر تدبُّره وتفهّمه، ومعرفة ما أراد المتكلم به منه

- ‌النوع الخامس: هجر الاستشفاء به

- ‌المبحث السادس: فضل تلاوة القرآن اللفظية

- ‌1 - أمر الله النبي صلى الله عليه وسلم بتلاوة القرآن:

- ‌(2).من قرأ حرفاً فله به عشر حسنات

- ‌3 - القرآن يشفع لأصحابه

- ‌4 - درجات صاحب القرآن في الجنة

- ‌5 - الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة

- ‌المبحث السابع: فضل قراءة القرآن في الصلاة

- ‌1 - قراءة آية واحدة في الصلاة خير من حمر النعم

- ‌2 - من قرأ في صلاته في ليلة مائة آية كتب من القانتين

- ‌4 - من قرأ بمائة آية في ليلة كُتب له قنوت ليلةٍ

- ‌5 - لا غبطة أعظم وأكمل إلا في اثنتين

- ‌6 - من نام عن حزبه فقرأه قبل صلاة الظهر كُتب له من الليل

- ‌المبحث الثامن: فضل تعلُّم القرآن وتعليمه، ومدارسته

- ‌1 - قراءة آيتين أو تعلم آيتين خيرٌ من ناقتينِ عظيمتينِ

- ‌2 - خير الناس وأفضلهم من تعلَّم القرآن وعلّمه

- ‌3 - أربعُ نِعَمٍ عظيمة لمن وفقه الله لمدارسة القرآن في المساجد

- ‌4 - أربعُ فضائل لمن وفقه الله للقعود مع قومٍ يذكرون الله تعالى

- ‌5 - وجوب إخلاص قراءة القرآن وتعلُّمه لله عز وجل

- ‌المبحث التاسع: فضل حافظ القرآن العامل به

- ‌1 - التالي لكتاب الله العامل به يُوفَّى أجره ويزيده الله من فضله

- ‌2 - مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجّة

- ‌3 - الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة

- ‌4 - درجات حافظ القرآن في الجنة

- ‌5 - يُحلَّى صاحب القرآن بتاج وحُلَّة الكرامة ويرضى الله عنه

- ‌6 - من إجلال الله إكرام حامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه

- ‌7 - حافظ القرآن العامل به من أولياء الله المختصين به

- ‌8 - حامل القرآن يُعطَى الملك بيمينه، والخلد بشماله

- ‌9 - القرآن يشهد لصاحبه يوم القيامة

- ‌10 - يرفع الله بالقرآن العاملين به، ويضع به من أعرض عنه

- ‌المبحث العاشر: فضائل سور معينة مُخَصَّصَة

- ‌1 - فضائل سورة الفاتحة:

- ‌الفضل الأول: أعظم سورة في القرآن العظيم

- ‌الفضل الثاني: لا تصح الصلاة إلا بفاتحة الكتاب

- ‌الفضل الثالث: من صلى صلاةً لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب

- ‌الفضل الرابع: سورة الفاتحة هي الشافية بإذن الله تعالى

- ‌2 - فضل سورة البقرة وآل عمران:

- ‌الفضل الأول: سورة البقرة وآل عمران تحاجّان عن أصحابهما

- ‌الفضل الثاني: الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة

- ‌الفضل الثالث: في سورة البقرة أعظم آية في كتاب الله تعالى، وهي آية الكرسي

- ‌الفضل الرابع: آية الكرسي من قرأها عند النوم

- ‌الفضل الخامس: خواتيم سورة البقرة: الآيتان من آخرها

- ‌الفضل السادس: من قرأ بحرف من خواتيم البقرة، والفاتحة أُعطيه

- ‌الفضل السابع: الآيتان من آخر سورة البقرة لا تقرآن في بيتٍ ثلاث ليالٍ فيقربه شيطان

- ‌الفضل الثامن: آية الكرسي من سورة البقرة من قرأها في بيته لا يقربه شيطان

- ‌الفضل التاسع: من قرأ آية الكرسي من سورة البقرة في الصباح والمساء أجير من الجن

- ‌الفضل العاشر: قد ثبت في الحديث أن من قرأ آية الكرسي من سورة البقرة

- ‌3 - فضل سورة الكهف

- ‌الفضل الأول: من حفظ عشر آيات من سورة الكهف عُصِم من الدجال

- ‌الفضل الثاني: من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور

- ‌الفضل الثالث: نزول السكينة بقراءة سورة الكهف

- ‌4 - فضل سورة الفتح

- ‌5 - فضل سورة الملك:

- ‌الفضل الأول: تشفع لصاحبها حتى يُغفر له

- ‌الفضل الثاني: سورة تبارك هي المانعة من عذاب القبر

- ‌6 - فضل سورة ((قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ)) تعدل ربع القرآن

- ‌7 - فضل سورة {قُلْ هُوَ الله أَحَد}:

- ‌8 - فضل المعوذات:

- ‌الفضل الأول: المعوذات شفاء ويستشفى بها

- ‌الفضل الثاني: يتحصن بها المسلم عند النوم

- ‌الفضل الثالث: مما يدل على فضلها أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقراءتها دبر كل صلاة

- ‌الفضل الرابع: من قرأها في الصباح والمساء كفته من كل شيء

- ‌9 - فضل المعوّذتين:

- ‌الفضل الأول: المعوذتان لم يُرَ مثلهن

- ‌الفضل الثاني: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ بهن

- ‌الفضل الثالث: ما تعوَّذ مُتعَوِّذٌ بمثلهما

- ‌المبحث الحادي عشر: وجوب العمل بالقرآن وبيان فضله

- ‌المبحث الثاني عشر: الأمر بتعاهد القرآن ومراجعته

- ‌المبحث الثالث عشر: آداب تلاوة القرآن الكريم وتعظيمه

- ‌الأدب الأول: معرفة أوصاف هذا القرآن العظيم؛ فإنه كلام الله عز وجل

- ‌الأدب الثاني: إخلاص النية لله تعالى؛ لأن تلاوة القرآن من أعظم العبادات لله عز وجل

- ‌الأدب الثالث: أن يقرأ بقلب حاضر، وبتدبر ما يقرأ ويتفهّم معانيه

- ‌الأدب الرابع: أن يقرأ على طهارة؛ لأن هذا من تعظيم كلام الله تعالى

- ‌الأدب الخامس: يستاك عند قراءة القرآن؛ لحديث علي رضي الله عنه

- ‌الأدب السادس: لا يقرأ القرآن في الأماكن المستقذرة

- ‌الأدب السابع: يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم عند إرادة التلاوة

- ‌الأدب الثامن: يُحسِّن صوته بقراءة القرآن الكريم، ويترنَّم به

- ‌الأدب التاسع: يُرتِّل القرآن ترتيلاً

- ‌الأدب العاشر: إذا مرَّ القارئ بآية رحمة سأل الله من فضله

- ‌الأدب الحادي عشر: يقرأ القرآن على ترتيب المصحف، فيقرأ الفاتحة

- ‌الأدب الثاني عشر: يجهر بالقرآن ما لم يتأذَّ أحد بصوته:

- ‌النوع الأول: استحباب الجهر برفع الصوت بالقرآن:

- ‌النوع الثاني: الجهر بالقراءة وإخفاؤها:

- ‌الأدب الثالث عشر: يُستحب للقارئ في غير الصلاة استقبال القبلة

- ‌الأدب الرابع عشر: حسن الاستماع من المستمع للقرآن

- ‌الأدب الخامس عشر: سجود تلاوة القرآن الكريم للقارئ والمستمع:

- ‌1 - فضل سجود التلاوة عظيم

- ‌2 - سجود التلاوة سنة مؤكدة على الصحيح للتالي والمستمع

- ‌3 - سجود المستمع إذا سجد القارئ، وإذا لم يسجد لم يسجد

- ‌4 - عدد سجدات القرآن ومواضعها، خمس عشرة سجدة

- ‌5 - سجود التلاوة في الصلاة الجهرية ثابت

- ‌6 - صفة سجود التلاوة

- ‌7 - الدعاء في سجود التلاوة

- ‌الأدب السادس عشر: معرفة الابتداء والوقف:

- ‌الأدب السابع عشر: إلزام النفس بالآداب الجميلة

- ‌الأدب الثامن عشر: مدة ختم القرآن

- ‌المبحث الرابع عشر: أخلاق العامل لله بالقرآن

- ‌المبحث الخامس عشر: أخلاق العامل للدنيا بالقرآن

- ‌المبحث السادس عشر: أخلاق مُعَلِّم القرآن

- ‌المصادر والمراجع

الفصل: ‌الأدب الثامن عشر: مدة ختم القرآن

وينبغي له أن يتواضع للفقراء، ويتجنب التكبر والإعجاب، ويتجافى عن الدنيا وأبنائها إن خاف على نفسه الفتنة، ويترك الجدال والمراء، ويأخذ نفسه بالرفق والأدب.

وينبغي له أن يكون ممن يُؤمن شره، ويُرجى خيره، ويسلم من ضره، وأن لا يسمع ممن نمَّ عنده، ويصاحب من يعاونه على الخير، ويدله على الصدق ومكارم الأخلاق، ويزينه ولا يشينه (1).

‌الأدب الثامن عشر: مدة ختم القرآن

ختم القرآن نعمة عظيمة كُبرى لمن ابتغى بذلك وجه الله تعالى؛ لأن قراءة الحرف الواحد بحسنة والحسنة بعشر أمثالها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: (الم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف)) (2).

وقد عدَّ بعض العلماء حروف القرآن الموجودة في المصحف في القراءة الموجودة، فبلغ عدد حروفه:((ثلاثمائة ألف حرف وأحد عشر ألف ومئتان وخمسون حرفاً وحرف (311251))) (3)، فإذا كان على كل حرف واحد حسنة والحسنة بعشر أمثالها فكم يكون لتالي القرآن من

(1) انظر: التذكار في أفضل الأذكار، للقرطبي، 84 - 85.

(2)

الترمذي، برقم: 2910، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، 2/ 321، وتقدم تخريجه في فضل تلاوة القرآن الكريم.

(3)

التذكار في أفضل الأذكار، للإمام محمد بن أحمد بن فرح القرطبي الأندلسي، ص23.

ص: 104

الحسنات؟ وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ((أيكم يحبُّ أن يغدوَ كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثم ولا قطيعة رحمٍ؟))، فقال أصحابه: يا رسول الله نحب ذلك!، قال:((أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين، وثلاث خير له من ثلاث، وأربع خير له من أربع ومن أعدادهن من الإبل)) (1).

وقد ذُكر الاتفاق بين أهل العلم على أن القرآن الموجود بيننا يزيد على ستة آلاف آية ومئتي آية (2).

وقد ذكر بعض علماء أهل الإسلام عدد آيات القرآن الكريم في المصحف الموجود المقروء بالألسنة: أنها ستة آلاف آية ومئتي آية وآية (3)

(6201)

، فإذا كانت القراءة لكل آية خير من ناقة عظيمة، فكم يكون لتالي القرآن كله من الأجر العظيم؟ ولا شك أن الإبل هي حمْر النعم، التي هي أغلى الأموال عند العرب وقد ثبت عندي أن هناك من الجمال ما يسام باثني عشر مليون [أي اثنا عشر ألف ألف] وبلغني أن هناك أيضاً من الإبل ما سيم بسبعة عشر مليون [أي سبعة عشر ألف ألف] وقراءة آية واحدة خير من واحدة من هذه الإبل العظيمة وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

(1) مسلم، برقم: 803، وتقدم تخريجه في فضل تعلم القرآن وتعليمه.

(2)

استخراج الجدال من القرآن الكريم، لابن نجم، ص100، وفتح الباري لابن حجر، 6/ 582، ومناهل العرفان للزرقاني، 1/ 336، و1/ 231، 232.

(3)

التذكار بأفضل الأذكار، للقرطبي، ص23.

ص: 105

وقد جاءت الأحاديث الصحيحة تبين أكثر وقتٍ يُختم فيه القرآن، وأقل وقت يُختم فيه كذلك، فحدد النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عندما سأله في كم يختم القرآن؛ وكان كل ما حدَّدَ له وقتاً وزمناً قال: يا رسول الله إني أقوى من ذلك، وفي بعض الألفاظ: إني أطيق أكثر من ذلك، ففي صحيح البخاري ومسلم أنه قال له:((اقرأ القرآن في كل شهر))، قال: إني أطيق أكثر من ذلك، فما زال يراجع النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال له:((في ثلاث))، وفي بعض الألفاظ:((اقرأه في سبع ولا تزد على ذلك))، هذا من ألفاظ البخاري، وفي لفظ لمسلم:((اقرأ القرآن في كل شهر))، ثم راجعه فقال:((فاقرأه في عشر))،قال: يا نبي الله إني أطيق أفضل من ذلك، قال: ((فاقرأه في كل سبع ولا تزد على ذلك

))، قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما:((بعد ذلك فليتني قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذاك أني كبرت سني، فكان يقرأ على بعض أهله السُّبع من القرآن بالنهار، والذي قرأه يعرضه بالنهار ليكون أخف عليه بالليل)) (1).

وثبت في سنن أبي داود أن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما سأل النبي صلى الله عليه وسلم: في كم يقرأ القرآن؟ قال: ((في أربعين يوماً))، ثم قال:((في شهر))، ثم قال:((عشرين))، ثم قال:((في خمس عشرة))، ثم قال:((في عشرٍ))، ثم قال: ((في

(1) متفق على هذه الألفاظ: البخاري، برقم: 1131، في ثمانية عشر موضعاً منها: رقم 197، 1975، 1976، 1977، 1978، 1980، 5052 - 5054، 6134، ومسلم، برقم

81 -

(1159) - 83 - (1159) ورقم 86 - (1159)، وتقدم تخريجها في صيام التطوع.

ص: 106

سبع)) (1)، وفي لفظٍ لأبي داود: إني أقوى من ذلك؟ قال: ((لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث))، وفي لفظ لأبي داود أيضاً:((إقرأه في ثلاث)) (2).

فهذه الروايات تدل المسلم على أنه لا ينبغي له أن يترك ختم القرآن أكثر من أربعين يوماً، وفي ألفاظ البخاري ومسلم:((شهر))، ولا يختم في أقل من ثلاث))، هذا هو الأفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث))، وكونه يختم في كل أسبوع ختمة خيرٌ كثير وثوابٌ عظيم مع التدبر لما يقرأ وهذا هو أغلب فعل الصحابة رضي الله عنهم، فإن قوي، وازدادت رغبته ختم في كل ثلاثة أيام (3)، والله تعالى المعين منزل الرغبة للخير في قلوب من يشاء من عباده، وقد قال الله تعالى:

{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو الله وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ الله كَثِيرًا} (4)،وقال تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} (5)(6).

(1) أبو داود، كتاب الصلاة، باب تحزيب القرآن، برقم 1395، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 386.

(2)

أبو داود، كتاب الصلاة، باب في كم يقرأ القرآن، برقم 1390، ورقم 1391، وصححهما الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 385.

(3)

أبو داود، كتاب الصلاة، باب في كم يقرأ القرآن، برقم 1390، ورقم 1391، وصححهما الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 385.

(4)

سورة الأحزاب، الآية:21.

(5)

سورة الحشر، الآية:7.

(6)

وقد ذكر الإمام النووي رحمه الله وغيره من الأئمة أن عادة السلف في ختم القرآن على النحو الآتي:

1 -

كان بعضهم يختم في كل شهرين ختمة.

2 -

والبعض في كل شهر ختمة.

3 -

والبعض في عشر ليال ختمة.

4 -

وعن بعضهم في كل ثمان.

5 -

وعن الأكثرين في كل سبع ليالٍ.

6 -

وبعضهم في كل ستة.

7 -

وعن بعضهم في كل خمس.

8 -

وعن بعضهم في كل أربع.

9 -

وعن بعضهم في كل ثلاث ليال ختمة.

10 -

وعن بعضهم في كل ليلتين.

11 -

وختم بعضهم في كل يوم وليلة ختمة.

12 -

ومنهم من كان يختم في كل يوم وليلة ختمتين.

13 -

ومنهم من كان يختم في كل يوم وليلة ثلاثاً.

وختم بعضهم ثمانِ ختمات أربعاً بالليل وأربعاً بالنهار، ثم ذكر رحمه الله أمثلة من أسماء من يفعل ذلك من الصحابة أو التابعين أو من بعدهم في كل نوع من هذه الأنواع. [التبيان في آداب حملة القرآن، للنووي ص46 - 50]. قلت والأفضل أن لا يختم القرآن في أقل من ثلاثة أيام كم تقدم.

ص: 107

وقد ثبت عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أنه كان إذا ختم القرآن جمع أهله ودعا (1).

(1) قال الإمام النووي رحمه الله: ((روى ابن أبي داود بإسنادين صحيحين عن قتادة التابعي الجليل، صاحب أنس رضي الله عنه، قال: ((كان أنس بن مالك رضي الله عنه إذا ختم القرآن جمع أهله ودعا))، قال: وروى بأسانيده الصحيحة عن الحكم بن عتيبة التابعي الجليل، قال: أرسل إليّ مجاهد، وعَبْدة بن لبابة فقالا: إنا أرسلنا إليك؛ لأنا أردنا أن نختم القرآن، والدعاء مستجاب عند ختم القرآن، وفي بعض الروايات الصحيحة أنه كان يقال: الرحمة تنزل عند خاتمة القرآن وروى بإسناده الصحيح عن مجاهد، قال: كانوا يجتمعون عند ختم القرآن، ويقولون تنزل الرحمة)). [التبيان في آداب حملة القرآن ص126].

قلت: فينبغي أن لا ينكر على من فعل ذلك بعد هذه الآثار، وقد سمعت شيخنا ابن باز رحمه الله يذكر أن ذلك ثبت عن أنس رضي الله عنه وبعض السلف، وذكر أنه لا بأس بذلك.

ص: 108