الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ((من أحب القرآن فهو يحب الله ورسوله)) (1).
3 -
وقال خبَّاب بن الأرتِّ رضي الله عنه: ((تقرَّبْ إلى الله ما استطعت واعلم أنك لن تتقرب بشيء أحبّ إليه من كلامه)) (2).
4 -
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ((من أراد العلم، فليقرأ القرآن؛ فإن فيه علم الأولّين والآخرين)) (3).
5 -
وقال الحسن بن علي رضي الله عنهما: ((إنَّ من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم، فكانوا يتدبَّرونها بالليل، ويتفقَّدونها في النهار)) (4).
النوع الرابع: حث العلماء على تدبر القرآن وتعظيمهم لذلك:
لا شك أن من أحبَّ القرآن تدبَّره، وأقبل على التلذّذ بتلاوته، وهذا دليل على محبته للمتكلِّم به سبحانه؛ ولهذا قال أبو عبيد رحمه الله:((لا يسأل عبدٌ نفسه إلا بالقرآن، فإن كان يحب القرآن فهو يحب الله ورسوله)) (5).
وقد تكلم العلماء رحمهم الله تعالى في الحث على تدبر القرآن العظيم، ومن أبرز من حث على ذلك من الأئمة ابن القيم رحمه الله في كتبه، فقد
(1) رواه الطبراني في المعجم الكبير، برقم 8658،وقال الهيثمي في مجمع الزوائد،7/ 165:((رجاله ثقات)).
(2)
رواه الحاكم، وصححه ووافقه الذهبي، 2/ 441.
(3)
مصنف بن أبي شيبة، 10/ 485، والمعجم الكبير للطبراني، 9/ 136، وشعب الإيمان للبيهقي، 2/ 332.
(4)
التبيان للنووي، ص 28.
(5)
مسند ابن الجعد، برقم 1956.
ذكر رحمه الله: أنّ تدبر القرآن مع الخشوع عند قراءته هو المقصود والمطلوب، فبه تنشرح الصدور، وتستنير القلوب، قال رحمه الله:((إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته، وسماعه، وألقِ سمعك، واحْضُر حضور من يخاطبه به من تكلم به، منه إليه، فتمام التأثير موقوف على: مؤثر مقتضٍ، ومحلٍ قابلٍ، وشرطٍ لحصول الأثر، وانتفاء المانع الذي يمنع منه، وقد تضمن ذلك كله قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيد})) (1).
فقوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى} إشارة إلى ما تقدم من أول السورة إلى ها هنا، وهذا هو المؤثر.
وقوله: {لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ} القلب الحي، وهذا هو المحل القابل، كما قال الله تعالى:{لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا} (2).
وقوله تعالى: {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ} أي وجّه سمعه وأصغى حاسة سمعه إلى ما يقال له، وهذا شرط التأثر بالكلام.
وقوله تعالى: {وَهُوَ شَهِيد} أي شاهد القلب حاضر غير غائب، واستمع كتاب الله، وشاهد القلب والفهم ليس بغافل ولا ساهٍ، وهذا إشارة إلى المانع من حصول التأثير، وهو سهو القلب وغيبته عما يقال له، والنظر فيه، وتأمله.
فإذا حصل المؤثر: وهو القرآن، والمحل القابل: وهو القلب الحي،
(1) سورة ق، الآية:37.
(2)
سورة يس، الآية:70.
ووجد الشرط: وهو الإصغاء، وانتفى المانع: وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب وانصرافه عنه إلى شيء آخر حصل الأثر، وهو: الانتفاع، والتذكر (1).
فلا بد من تدبر القرآن، وتعقّله، والتفكر في معانيه وقد أمر الله بذلك.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ((القرآن حياة القلوب، وشفاء لما في الصدور
…
فبا لجملة فلا شيء أنفع للقلب من قراءة القرآن بالتدبر، والتفكر
…
وهذا الذي يورث المحبة، والشوق، والخوف، والرجاء، والإنابة، والتوكل، والرضا، والتفويض، والشكر، والصبر، وسائر الأحوال التي بها حياة القلب وكماله. وكذلك يزجر عن جميع الصفات والأفعال المذمومة التي بها فساد القلب وهلاكه فلو علم الناس ما في قراءة القرآن بالتدبر لاشتغلوا بها عن كل ما سواها))؛ فإن العبد إذا قرأه بالتدبر حتى مرَّ بآية وهو محتاج إليها في شفاء قلبه كررها ولو مائة مرة، ولو ليلة، فقراءة آية بتفكُّرٍ وتفهُّمٍ خير من قراءة ختمةٍ بغير تَدَبُّرٍ وتفَهُّمٍ، وأنفع للقلب، وأدعى إلى حصول الإيمان، وذوق حلاوة الإيمان والقرآن، وهذه كانت عادة السلف يردِّد أحدهم الآية إلى الصباح، وقد تقدم أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قام بآية يُردِّدُها إلى الصباح وهي قوله تعالى: {إِن تُعَذِّبْهُمْ
(1) انظر: الفوائد لابن القيم، ص5، ص6، ص156، وانظر: فوائد في تدبر القرآن، في تفسير السعدي، 2/ 112وَ 7/ 70.
فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم} (1).
وقد أخبر الله تعالى في القرآن: أن أهل العلم هم الذين ينتفعون بالقرآن، فقال تعالى:{وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَاّ الْعَالِمُون} (2) وفي القرآن الكريم بضعة وأربعون مثلاً (3)،وقد كان بعض السلف الصالح، وهو عمرو بن مرة: إذا مرَّ بِمَثَلٍ من أمثال القرآن ولم يفهمه يبكي ويقول: ((لست من العالمين)) (4)،ولابد لمن تدبر القرآن أن يجاهد بقلبه وفكره؛ لينال هذا العلم العظيم، وقد قال يحيى بن أبي كثير:((لا يُنال العلم براحة الجسم)) (5)،ولا ينال العلم إلا بهجر اللذات وتطليق الراحة، ولا ينال درجة وراثة النبوة مع الراحة (6)، ولا شك أن التأمل في القرآن هو: تحديد ناظر القلب إلى معانيه وجمع الفكر على تبصره، وتعقله، وهو المقصود بإنزاله، لا مجرد تلاوته بلا فهم، قال الله تعالى:{كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَاب} (7)،وقال تعالى:
(1) انظر: مفتاح دار السعادة، 1/ 553 - 554، والآية من سورة المائدة، آية:118.
(2)
سورة العنكبوت، الآية:43.
(3)
أعلام الموقعين، لابن القيم، 1/ 163 - 211، جمع رحمه الله جميع الأمثال في القرآن هناك، وانظر: مفتاح دار السعادة لابن القيم، 1/ 226.
(4)
مفتاح دار السعادة، لابن القيم، 1/ 226.
(5)
صحيح مسلم، برقم 175 - (612) ..
(6)
ابن القيم، في مفتاح دار السعادة، 1/ 446.
(7)
سورة ص، الآية:29.