الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الروح تولد مرتين
في كتاب (الزهد) للإمام أحمد رحمه الله أن المسيح عليه السلام قال للحواريين: (إنكم لن تلجوا ملكوت السموات حتى تولدوا مرتين).
قال شيخ الإسلام رحمه الله: هي ولادة الأرواح والقلوب من الأبدان وخروجها من عالم الطبيعة كما وُلِدَتْ الأبدان من البدن وخرجت منه.
والولادة الأخرى هي الولادة الطبيعية، والله أعلم.
وقال: الولادة نوعان.
أحدهما: هذه المعروفة.
والثانية: ولادة القلب والروح وخروجهما من مشيمة النفس وظلمة الطبع.
وهذه الولادة لما كانت بسبب الرسول صلى الله عليه وسلم كان
كالأب للمؤمنين، وقد قرأ أُبيّ بن كعب رضي الله عنه:(النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أبٌ لهم).
وهذا معنى القراءة والآية في قوله تعالى: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} (1) إذْ ثبوت أمومة أزواجه لهم فرع عن ثبوت أُبوّتِه صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن القيم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه هو الأب الروحاني والوالد الأب الجثماني، وهو صلى الله عليه وسلم سبب السعادة الأبدية للمؤمن في الدنيا والآخرة، والأب سبب لوجوده في الدنيا، ومعلوم أن الإنسان يجب عليه أن يطيع معلمه الذي يدعوه إلى الخير ويأمره بما أمر الله (2) ولا يجوز له أن يطيع أباه في مخالفة هذا الداعي لأنه يدلّه على ما ينفعه
(1) سورة الأحزاب، الآية:6.
(2)
لاحظ شرط المعلم المطاع وأنه الذي يدعوه إلى الخير ويأمره بما أمر الله قال صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين) ومع مطلق الحب مطلق الطاعة.
ويُقرّبه إلى ربه، ويحصل له باتباعه السعادة الأبدية.
فظهر فضل الأب الروحاني على الأب الجثماني، فهذا أبوه في الدين وذاك أبوه في الطين وأين هذا من هذا؟ انتهى.
تأمل هذا جيداً تعلم به قدْر علاقتك بنبيك صلى الله عليه وسلم طاعة ومعصية وأن المراد إفرادك إياه بالطاعة وألا يحجبك أحد عنه بتقديمك قوله على قوله لا والد ولا غيره، واحذر أن تنقطع بينك وبينه هذه الأبوّة الروحية، فهذا العقوق لا يشبهه عقوق.