الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبادة القلب لغير الإله الحق
في صحيح البخاري عنه صلى الله عليه وسلم قال: (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد القطيفة، تعس عبد الخميصة، تعس وانتكس وإذا شِيكَ فلا انتُقش، إن أُعطي رضي وإن مُنِعَ سخط).
تأمل كيف جعل النبي صلى الله عليه وسلم هؤلاء عبيداً لهذه الأشياء المخلوقة القاطعة لهم عن عبوديتهم لمعبودهم الحق سبحانه حيث لم يُخلقوا لتتعلّق قلوبهم بهذه الأشياء ولا فُطِروا على ذلك بل فطرت القلوب على محبة المحبوب الحق سبحانه وإرادة وجهه الكريم.
فهذه أشياء طارئة دخيلة أثرها في القلوب بليغ بقدر تعلقها بها.
قال ابن القيم رحمه الله:
فسمى هؤلاء الذين إن أُعطوا رضوا وإن مُنِعوا سخطوا عبيداً لهذه الأشياء لانتهاء محبتهم ورضاهم ورغبتهم إليها.
فإذا شُغِف الإنسان بمحبة صورة لغير الله بحيث يُرضيه وصوله إليها وظفره بها ويسخطه فوات ذلك كان فيه من التعبّد لها بقدر ذلك. انتهى.
إنّ شغف القلب ومحبته الزائدة عن الحد هو العشق وهو مرض وَسْوَاسي ولا يقوم بناؤه إلا على الخيال والتصورات الذهنية المباعدة لحقائق الأمور وصورها الطبيعية الحقيقية.
وَوَلي هذه الأحوال هو الشيطان بمقارنة النفس الأمارة، وهو نوع من الشرك بحسب تأثيره على القلب قال ابن القيم رحمه الله: فأصحاب العشق الشيطاني لهم
من تولي الشيطان والإشراك به بقدر ذلك ولِما فيهم من الإشراك بالله ولِما فاتهم من الإخلاص له ففيهم نصيب من اتخاذ الأنداد. انتهى.
والقلوب مجبولة على الميل للصور الجميلة، ومن هنا الابتلاء فإن المراد من العبودية مع فعل الأوامر الكف عن النواهي مما تميل إليه النفس، قال تعالى:{وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى. فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} (1). وقال تعالى: {وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} (2).
(1) سورة النازعات، الآيتان: 40، 41.
(2)
سورة محمد، الآية:31.