الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللازم، وقيل نسخ الفحوى لا يستلزم بخلاف عكسه، وقيل عكسه لما عرف مما قبلهما وتعبيري بما ذكر أولى مما عبر به لإيهامه التنافي، وقد أوضحت لك مع الجواب عنه في الحاشية.
(و) يجوز في الأصح (النسخ به) أي بالفحوى كأصله، وقيل لا بناء على أنه قياس وأن القياس لا يكون ناسخا، وذكر الخلاف في هذه من زيادتي. (لا نسخ النص بالقياس) فلا يجوز في الأصح حذرا من تقديم القياس على النص الذي هو أصل له في الجملة، وعلى هذا جمهور أصحابنا. ونقله أبو إسحاق المروزي عن النصّ. وقال القاضي حسين إنه المذهب، وقيل وصححه الأصل يجوز لاستناده إلى النص، فكأنه الناسخ، وقيل يجوز بالقياس الجليّ دون الخفي، وقيل غير ذلك.
(ويجوز نسخ) مفهوم (المخالفة دون أصلها) كنسخ مفهوم خبر «إنما الماء من الماء» بخبر «إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل» (لا عكسه) أي لا نسخ الأصل دونها، فلا يجوز في الأصح لأنها تابعة له فترتفع بارتفاعه ولا يرتفع هو بارتفاعها، وقيل يجوز وتبعيتها له من حيث دلالة اللفظ عليها معه لا من حيث ذاته أما نسخهما معا فجائز اتفاقا، كنسخ وجوب الزكاة في السائمة ونفيه في المعلوفة، ويرجع الأمر فيها إلى ما كان قبله مما دل عليه الدليل العام بعد الشرع من
تحريم الفعل إن كان مضرة، أو إباحته إن كان منفعة، ويرجع في السائمة إلى ما مرّ في
مسألة إذا نسخ الوجوب بقي الجواز
. (ولا) يجوز (النسخ بها) أي بالمخالفة (في الأصح) لضعفها عن مقاومة النص، وقيل يجوز كالمنطوق وذكر الخلاف في هذه من زيادتي. (ويجوز نسخ الإنشاء) الذي الكلام فيه. (ولو) كان (بلفظ قضاء) . وقيل لا بناء على أن القضاء إنما يستعمل فيما لا يتغير نحو {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه} أي أمر. (أو بصيغة خبر) نحو {والمطلقات يتربصن بأنفسهنّ ثلاثة قروء} أي ليتربصن نظرا للمعنى وقيل لا يجوز نظرا للفظ. (أو قيد بتأبيد أو نحوه) كصوموا أبدا صوموا حتما صوموا دائما، الصوم واجب مستمر أبدا إذا قاله إنشاء، وقيل لا لمنافاة النسخ التقييد بذلك. قلنا لا نسلم ويتبين بورود الناسخ أن المراد افعلوا إلى وجوده كما يقال لازم غريمك أبدا أي إلى أن يعطي الحق.
(و) يجوز نسخ إيجاب (الاخبار بشيء ولو مما لا يتغير بإيجاب الاخبار بنقيضه) كأن يوجب الاخبار بقيام زيد ثم بعدم قيامه قبل الاخبار بقيامه لجواز أن يتغير حاله من القيام إلى عدمه، ومنعت المعتزلة ذلك فيما لا يتغير كحدوث العالم لأنه تكليف بالكذب فينزه الباري عنه لقولهم بالتقبيح العقلي. قلنا لا نقول به وقد يدعو إلى الكذب غرض صحيح فلا يكون التكليف به قبيحا بل حسنا، كما لو طالبه ظالم بوديعة عنده أو بمظلوم خبأه عنده فيجب عليه إنكاره، ويجوز له الحلف عنه ويكفر عن يمينه، ولو أكره على الكذب وجب، والإشارة إلى هذا الخلاف بقولي ولو مما لا يتغير من زيادتي. (لا) نسخ (الخبر) أي مدلوله فلا يجوز (وإن كان مما يتغير) لأنه يوهم الكذب حيث يخبر بالشيء ثم بنقيضه، وذلك محال على الله تعالى، وقيل يجوز في المتغير إن كان خبرا عن مستقبل بناء على القول بأن الكذب لا يكون في المستقبل لجواز المحو لله فيما يقدّره. قال الله تعالى {يمحو الله ما يشاء ويثبت} والاخبار يتبعه بخلاف الخبر عن ماض، وقيل يجوز فيه عن الماضي أيضا لجواز أن يقول الله لبث نوح في قومه ألف سنة، ثم يقول لبث ألف سنة إلا خمسين عاما، وإلى الخلاف أشرت بقولي وإن إلى آخره.
(ويجوز عندنا النسخ ببدل أثقل) كما يجوز بمساوٍ وبأخف. وقال بعض المعتزلة لا إذ لا مصلحة في الانتقال من سهل إلى عسر. قلنا لا نسلم ذلك بعد تسليم رعاية المصلحة وقد وقع كنسخ وجوب الكف عن الكفار الثابت بقوله تعالى {ودع أذاهم} بقوله اقتلوا المشركين. (و) يجوز عندنا النسخ (بلا بدل) وقال بعض المعتزلة لا إذ لا مصلحة في ذلك. قلنا لا نسلم ذلك بعدما ذكر. (و) لكنه (لم يقع في الأصح) وقيل وقع كنسخ وجوب تقديم الصدقة على مناجاة النبي الثابت
بقوله {إذا ناجيتم الرسول} الآية. إذ لا بدل لوجوبه فيرجع الأمر إلى ما كان قبله مما دل عليه الدليل العام من تحريم الفعل إن كان مضرة أو إباحته إن كان منفعة. قلنا لا نسلم أنه لا بدل للوجوب بل بدله الجواز الصادق هنا بالإباحة أو الندب وقولي عندنا من زيادتي.
(مسألة النسخ) جائز. (واقع عند كل المسلمين) . وخالفت اليهود غير العيسوية بعضهم في الجواز، وبعضهم في الوقوع، واعترف بهما العيسوية وهم أصحاب أبي عيسى الأصفهاني المعترفون ببعثة نبينا عليه الصلاة والسلام إلى بني إسماعيل خاصة وهم العرب. (وسماه أبو مسلم) الأصفهاني من المعتزلة (تخصيصا) وإن كان في الواقع نسخا لأنه قصر للحكم على بعض الأزمان فهو تخصيص في الأزمان، كالتخصيص في الأشخاص حتى قيل إن هذا منه خلاف في وقوع النسخ. (فالخلف) في نفيه النسخ (لفظي) لأن تسميته له تخصيصا يتضمن اعترافه به إذ لا يليق به إنكاره كيف وشريعة نبينا مخالفة في كثير لشريعة من قبله فعنده ما كان مغبا في علم الله تعالى، فهو كالمغيا في اللفظ، ويسمى الكل تخصيصا فيسوّي بين قوله تعالى {وأتموا الصيام إلى الليل} وبين صوموا مطلقا مع علمه تعالى بأنه سينزل لا تصوموا ليلاً وعند غيره يسمى الأول تخصيصا والثاني نسخا. (والمختار أن نسخ حكم أصل لا يبقى معه حكم فرعه) لانتفاء العلة التي ثبت بها بانتفاء حكم الأصل، وقالت الحنفية يبقى لأن القياس مظهر له لا مثبت. (و) المختار (أن كل شرعي يقبل النسخ) فيجوز نسخ كل التكاليف وبعضها حتى وجوب معرفة الله تعالى، ومنعت المعتزلة والغزالي نسخ كل التكاليف لتوقف العلم به المقصود منه على معرفة النسخ والناسخ، وهي من التكاليف لا يتأتى نسخها. قلنا مسلم ذلك لكن بحصولها ينتهي التكليف بها فيصدق أنه لم يبق تكليف فلا خلاف في المعنى، ومنعت المعتزلة أيضا نسخ وجوب معرفة الله تعالى، لأنها عندهم حسنة لذاتها لا تتغير بتغير الزمان فلا يقبل حكمها النسخ. قلنا الحسن الذاتي باطل كما مر.
(ولم يقع نسخ كل التكاليف ووجوب المعرفة) أي معرفة الله تعالى. (إجماعا) فعلم أن الخلاف السابق إنما هو في الجواز أي العقلي (و) المختار (أن الناسخ قبل تبليغ النبي) صلى الله عليه وسلم. (الأمة) له وبعد بلوغه لجبريل (لا يثبت) حكمه (في حقهم) لعدم علمهم به، وقيل يثبت بمعنى استقراره في الذمة لا بمعنى الامتثال كما في النائم، أما بعد التبليغ فيثبت في حق من بلغه وكذا من لم يبلغه إن تمكن من علمه، وإلا فعلى الخلاف. (و) المختار وهو ما عليه الجمهور (أن زيادة جزء أو شرط أو صفة على النص) كزيادة ركعة أو ركوع أو غسل ساق أو عضد في الوضوء أو إيمان في رقبة الكفارة أو جلدات في جلد حدّ. (ليست بنسخ) للمزيد عليه، وقالت الحنفية إنها نسخ ومثار الخلاف أنها هل رفعت حكما شرعيا، فعندنا لا، وعندهم نعم. نظرا إلى أن الأمر بما دونها اقتضى تركها فهي رافعة لذلك المقتضى. قلنا لا نسلم اقتضاء تركها بل المقتضى له غيره، وبنوا على ذلك أنه لا يعمل بأخبار الآحاد في زيادتها على القرآن كزيادة التغريب على الجلد الثابتة بخبر الصحيحين «البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام» بناء على أن المتواتر لا ينسخ بالآحاد. (وكذا نقصه) أي نقص جزء أو شرط أو صفة من مقتضى النص كنقص ركعة أو وضوء أو الإيمان في رقبة الكفارة، فقيل إنه نسخ لها إلى الناقص لجوازه أو وجوبه بعد تحريمه. وقال الجمهور لا. والنسخ إنما هو للجزء أو الشرط أو الصفة فقط، لأنه الذي يترك وقبل نقص الجزء نسخ بخلاف نقص الشرط والصفة والتصريح بذكرها من زيادتي، وبما تقرر علم أنه لا فرق في ذلك بين العبادة وغيرها، وخرج بزيادتي أولاً الجزء والشرط والصفة غيرها كعبادة مستقلة، سواء أكانت مجانسة كصلاة سادسة أملا. كزيادة الزكاة على الصلاة فليست نسخا في الثانية إجماعا ولا في الأولى عند الجمهور.
(خاتمة) للنسخ يعلم بها الناسخ من المنسوخ