الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الأصح) لأنه لم يدّع القطع في الحصر فغاية إبداء الوصف منع المقدمة من الدليل والمستدل لا ينقطع بالمنع لكن يلزمه دفعه ليتم دليله فيلزمه إبطال الوصف المبدى عن أن يكون علة، فإن عجز عن إبطاله انقطع، وقيل ينقطع بإبدائه لأنه ادعى حصرا، وقد أظهر المعترض بطلانه. قلنا لا يظهر إلا بالعجز عن دفعه وذكر الخلاف من زيادتي.
(فإن اتفقا) أي المتناظران (على إبطال غير وصفين) من أوصاف لأصل واختلفا في أيهما العلة. (كفاه) أي المستدل (الترديد بينهما) من غير احتياج إلى ضم غيرهما إليهما في الترديد لاتفاقهما على إبطاله فيقول العلة إما هذا أو ذاك لا جائز أن تكون ذاك لكذا فتعين أن تكون هذا.
(ومن طرق الإبطال) لعلية الوصف. (بيان أن الوصف طردي) أي من جنس ما علم من الشارع إلغاؤه إما مطلقا (كالطول) والقصر في الأشخاص، فإنهما لم يعتبرا في شيء من الأحكام فلا يعلل بهما حكم. (و) إما مقيدا بذلك الحكم (كالذكورة) والأنوثة (في العتق) ، فإنهما لم يعتبرا فيه فلا يعلل بهما شيء من أحكامه الدنيوية، وإن اعتبرا في الشهادة والقضاء والإرث وغهرها. وفي العتق بالنظر لأحكامه الأخروية فقد روى الترمذي «من أعتق عبدا مسلما أعتقه الله من النار، ومن أعتق أمتين مسلمتين أعتقه الله من النار» . وتعبيري هنا وفيما يأتي في السادس بالطردي أولى من تعبيره فيهما بالطرد، لأن الطرد من مسالك العلة على رأي كما سيأتي. (و) من طرق الإبطال (أن لا تظهر مناسبة) الوصف (المحذوف) أي الذي حذفه المستدلّ عن الاعتبار للحكم بعد بحثه عنها لانتفاء مثبت العلية بخلافه في الإيماء. (ويكفي) في عدم ظهور مناسبته. (قول المستدل بحثت فلم أجد) فيه (موهم مناسبة) أي ما يوهم مناسبته لعدالته مع أهلية النظر، (فإن ادّعى المعترض أن) الوصف (المبقى) أي الذي بقاه المستدل (كذلك) أي لم تظهر مناسبته. (فليس للمستدل بيان مناسبته) لأنه انتقال من طريق السبر إلى طريق المناسبة، وذلك يؤدّي إلى الانتشار المحذور. (لكن له ترجيح سبره) على سبر المعترض النافي لعلية المبقي كغيره. (بموافقة التعدية) لسبره حيث يكون المبقى متعديا إذ تعدية الحكم محله أفيد من قصوره عليه.
(الخامس) من مسالك العلة (المناسبة)
. وهي لغة الملايمة واصطلاحا ملاءمة الوصف المعين للحكم أو ما يعلم من تعريف المناسب الآتي، ويسمى هذا المسلك بالإحالة أيضا، كما ذكره الأصل سمي بها ذلك لأن بمناسبته الوصف يخال أي يظن أن الوصف علة ويسمى بالمصلحة وبالاستدلال وبرعاية المقاصد أيضا. (ويسمى استخراجها) أي العلة المناسبة (تخريج المناط) لأنه إبداء ما نيط به الحكم، فالمناط من النوط وهو التعليق أما تنقيح المناط وتحقيقه فسيأتيان. (وهو) أي تخريج المناط (تعيين العلة بإبداء) أي إظهار
(مناسبة) بين العلة المعينة والحكم (مع الاقتران بينهما كالاسكار) في خبر مسلم «كل مسكر حرام» ، فهو لإزالته العقل المطلوب حفظه مناسب للحرمة، وقد اقترن بها وخرج بإبداء المناسبة ترتيب الحكم على الوصف الذي هو من أقسام الإيماء وغير ذلك كالمطرد والشبه وبالاقتران إبداء المناسبة في المستبقي في السبر. (ويحقق) بالبناء للمفعول (استقلال الوصف) المناسب في العلية (بعدم غيره) من الأوصاف (بالسبر) لا بقول المستدل بحثت فلم أجد غيره، والأصل عدمه بخلافه في السبر لأنه لا طريق له ثم سواه، ولأن المقصود هنا إثبات استقلال وصف صالح للعلية وثم نفي ما لا يصلح لها. (والمناسب) المأخوذ من المناسبة المتقدمة (وصف) ولو حكمة (ظاهر منضبط يحصل عقلاً من ترتيب الحكم عليه ما يصلح كونه مقصودا للشارع) في شرعية ذلك الحكم. (من حصول مصلحة أو دفع مفسدة) . والوصف فيه شامل للعلة إذا كانت حكما شرعيا لأنه وصف للفعل القائم هو به وشامل للحكمة، فيكون للحكمة إذا علل بها حكمة كحفظ النفس، فإنه حكمة للانزجار الذي هو حكمة لترتب وجوب القصاص على القتل عدوانا، وإن جاز أن يكونا حكمتين له وخرج بيحصل الخ، الوصف المبقي في السير، والمدار في الدوران وغيرهما من الأوصاف التي تصلح للعلية ولا يحصل عقلاً من ترتيب الحكم عليها ما ذكر، وقيل هو الملائم لأفعال العقلاء عادة، واختاره
الأصل، وقيل هو ما يجلب نفعا أو يدفع ضررا، وقيل هو ما لو عرض على العقول لتلقته بالقبول. وهذه الأقوال مقاربة للأوّل، وإنما اخترته على ما اختاره الأصل لأنه قول المحققين، ولأنه أنسب بقولي كغيري. (فإن كان الوصف خفيا أو غير منضبط اعتبر ملازمه) الذي هو ظاهر منضبط، (وهو المظنة) له فيكون هو العلة كالوطء مظنة لشغل الرحم المرتب عليه وجوب العدّة في الأصل حفظا للنسب، لكنه لما خفي نيط وجوبها بمظنته وكالسفر مظنة للمشقة المرتب عليها الترخص في الأصل، لكنها لما لم تنضبط نيط الترخص بمظنتها. (وحصول المقصود من شرع الحكم قد يكون يقينا كالملك في البيع) لأنه المقصود من شرع البيع ويحصل منه يقينا. (و) قد يكون (ظنا كالانزجار في القصاص) لأنه المقصود من شرع القصاص ويحصل منه ظنا، فإن الممتنعين عنه أكثر من المقدمين عليه. (و) قد يكون (محتملاً) كاحتمال انتفائه إما (سواء كالانزجار في حد الخمر) على تناولها لأنه المقصود من شرع الحد عليه وحصول الانزجار منه وانتفاؤه متساويان بتساوي الممتنعين عن تناولها والمقدمين عليه فيما يظهر لنا. (أو مرجوحا) لأرجحية انتفائه. (كالتوالد في نكاح الأمة) لأنه هو المقصود من شرع النكاح وانتفاؤه في نكاحها أرجح من حصوله. (والأصح جواز التعليل بالأخيرين) من الأربعة أي بالمقصود المتساوي الحصول والانتفاء والمقصود المرجوح الحصول نظرا إلى حصولهما في الجملة وقياسا على السفر في جواز القصر للمترفه في سفره المنتفي فيه المشقة التي هي حكمة الترخص نظرا إلى حصولها في الجملة، وقيل لا يجوز التعليل بهما، لأن أولهما مشكوك الحصول، وثانيهما مرجوحه. أما أوّل الأربعة، وثانيها فيجوز التعليل بهما قطعا.
(فإن فات) المقصود من شرع الحكم (قطعا) في بعض الصور (فالأصح) أنه (لا يعتبر) فيه المقصود للقطع بانتفائه. وقالت الحنفية يعتبر حتى يثبت فيه الحكم وما يترتب عليه كما سيظهر. (سواء) في الاعتبار وعدمه (ما) أي الحكم الذي (فيه تعبد كاستبراء أمة اشتراها بائعها) لرجل منه (في المجلس) أي مجلس البيع فالمقصود من استبراء الأمة المشتراة من رجل وهو معرفة براءة رحمها منه المسبوقة بالجهل بها ثابت قطعا في هذه الصورة لانتفاء الجهل فيها قطعا، وقد اعتبره الحنفية فيها تقديرا حتى يثبت فيها الاستبراء وغيرهم لم يعتبره. وقال بالاستبراء
فيها تعبدا كما في المشتراة من امرأة، لأن الاستبراء فيه نوع تعبد كما علم في محله. (وما) أي والحكم الذي (لا) تعبد فيه (كلحوق نسب ولد المغربية بالمشرقي) عند الحنفية حيث قالوا من تزوج بالمشرق امرأة وهي بالمغرب، فأتت بولد يلحقه فالمقصود من التزويج وهو حصول النطفة في الرحم ليحصل العلوق فيلحق النسب فائت قطعا في هذه الصورة للقطع عادة بعدم تلاقي الزوجين، وقد اعتبره الحنفية فيها لوجود مظنته وهو التزويج حتى يثبت اللحوق وغيرهم لم يعتبره. وقال لا عبرة بمظنته مع القطع بانتفائه وعدم التعبد فيه فلا لحوق. (والمناسب) من حيث شرع الحكم له ثلاثة أقسام (ضروري فحاجي فتحسيني) قطعا مع ما يأتي في أقسام الضروري بالفاء ليفيد أن كلاً منها دون ما قبله في الرتبة. (والضروري) وهو ما تصل الحاجة إليه إلى حد الضرورة. (حفظ الدين) المشروع له قتل الكفار. (فالنفس) أي حفظها المشروع له القود، (فالعقل) أي حفظه المشروع له حد السكر، (فالنسب) أي حفظه المشروع له حد الزنا. (فالمال) أي حفظه المشروع له حد السرقة وحد قطع الطريق. (فالعرض) أي حفظه المشروع له عقوبة القذف والسب، وهذا زاده الأصل كالطوفي على الخمسة السابقة المسماة بالمقاصد والكليات التي قالوا فيها إنها لم تبح في ملة من الملل، والمراد مجموعها، وإلا
فالخمر أبيحت في صدر الإسلام، وعطفي للعرض بالفاء أولى من عطف الأصل كالطوفي له بالواو. (ومثله) أي الضروري (مكمله) ، فيكون في رتبته (كالحدّ بـ) ـتناول (قليل المسكر) ، إذ قليله يدعو إلى كثيره المفوّت لحفظ العقل فبولغ في حفظه بالمنع من القليل والحدّ عليه كالكثير، وكعقوبة الداعين إلى البدع لأنها تدعو إلى الكفر المفوت لحفظ الدين، وكالقود في الأطراف، لأن أزالتها تدعو إلى القتل المفوت لحفظ النفس. (والحاجي) وهو ما يحتاج إليه ولا يصل إلى حد الضرورة. (كالبيع فالاجارة) المشروعين للملك المحتاج إليه ولا يفوت بفواته لو لم يشرعا شيء من الضروريات السابقة، وعطفت الاجارة بالفاء لأن الحاجة إليها دون الحاجة إلى البيع. (وقد يكون) الحاجي (ضروريا) في بعض صوره (كالاجارة لتربية الطفل) ، فإن ملك المنفعة فيها وهي تربيته يفوت بفواته لو لم تشرع الاجارة حفظ نفس الطفل. (و) مثل الحاجي (مكمله كخيار البيع) المشروع للتروي كمل به البيع ليسلم عن الغبن. (والتحسيني) وهو ما استحسن عادة من غير احتياج إليه قسمان (معارض للقواعد) الشرعية. أي لشيء منها (كالكتابة) فإنها غير محتاج إليها إذ لو منعت ما ضر لكنها مستحسنة عادة للتوسل بها إلى فك الرقبة من الرق، وهي خارمة لقاعدة امتناع بيع الشخص بعض ماله ببعض آخر إذ ما يحصله المكاتب في قوة ملك السيد له بتعجيزه نفسه. (وغيره) أي وغير المعارض لشيء من القواعد. (كسلب العبد أهلية الشهادة) ، فإنه غير محتاج إليه إذ لو ثبت للعبد الأهلية ما ضر لكنه مستحسن عادة لنقص الرقيق عن هذا المنصب الشريف الملزم للحقوق بخلاف الرواية.
(ثم المناسب) من حيث اعتباره وجودا وعدما أربعة أقسام مؤثر وملائم وغريب ومرسل، لأنه (إن اعتبر عينه في عين الحكم بنص أو إجماع فالمؤثر) . لظهور تأثيره بما اعتبر به، والمراد بالعين النوع لا الشخص منه فالاعتبار بالنص كتعليل نقض الوضوء بمس الذكر، فإنه مستفاد من خبر الترمذي وغيره «من مس ذكره فليتوضأ» . والاعتبار بالاجماع كتعليل ولاية المال على الصغير بالصغر فإنه مجمع عليه. (أو) اعتبر عينه في عين الحكم (بترتيب الحكم على وقفه) حيث ثبت الحكم معه بأن أورده الشرع على وقفه، لا بأن نص على العلة أو أومىء إليها وإلا لم تكن العلة مستفادة من المناسبة. (فإن اعتبر) بنص أو إجماع (العين في الجنس أو عكسه أو الجنس في الجنس) وكل منهما أعلى مما بعده. (فالملائم) لملايمته للحكم