الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من البعض ولآية ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير} وأجيب عن الأول بما مر من أن المقصود حصول الفعل لا ابتلاء كل مكلف به، وعن الثاني بأنه في السقوط بفعل البعض جمعا بين الأدلة، وعلى القول الثاني فالمختار كما في الأصل البعض مبهم فمن قام به سقط الفرض بفعله،
وقيل معين عند الله تعالى يسقط الفرض بفعله وبفعل غيره كسقوط الدين فيما مر، وقيل معين كذلك وهو من قام به لسقوطه بفعله ثم مداره على الظن، فعلى قول الكل من ظن أن غيره فعله أو يفعله سقط عنه، ومن لا فلا، وعلى قول البعض من ظن أن غيره لم يفعله ولا يفعله وجب عليه ومن لا فلا.
واعلم أن الكل لو فعلوه معا وقع فعل كل منهم فرضا أو مرتبا، فكذلك، وإن سقط الحرج بالأولين. نعم إن حصل المقصود بتمامه كغسل الميت لم يقع غير الأوّل فرضا. (و) الأصح (أنه) أي فرض الكفاية (لا يتعين بالشروع) فيه لأن القصد به حصوله في الجملة فلا يتعين حصوله ممن شرع فيه. (إلا جهادا وصلاة جنازة وحجا وعمرة) فتتعين بالشروع فيها لشدة شبهها بالعيني، ولما في عدم التعيين في الأول من كسر قلوب الجند، وفي الثاني من هتك حرمة الميت، وهذا تبعت فيه الغزالي وغيره، وقيل يتعين فرض الكفاية بالشروع فيه أي يصير به كفرض العين في وجوب إتمامه بجامع الفرضية، وهذا ما صححه الأصل تبعا لابن الرفعة وهو بعيد، إذ أكثر فروض الكفايات لا تتعين بالشروع فيها كالحرف والصنائع وصلاة الجماعة. (وسنتها) أي سنة الكفاية المنقسم إليها وإلى سنة العين مطلق السنة السابق حده. (كفرضها) فيما مر لكن (بإبدال جزما بضده) فيصدق ذلك بأنها مهمّ يقصد بلا جزم حصوله من غير نظر بالذات لفاعله كابتداء السلام والتسمية للأكل من جهة جماعة، وبأنها دون سنة العين، وبأنها مطلوبة من الكل، وبأنها لا تتعين بالشروع فيها أي لا تصير به كسنة العين في تأكد طلب إتمامها على الأصح في الثلاث الأخيرة.
(مسألة:
الأصح أن وقت) الصلاة (المكتوبة) كالظهر (جوازا وقت لأدائها) ففي أي جزء منه أوقعت، فقد أوقعت في وقت أدائها الذي يسعها وغيرها، ولهذا يعرف بالواجب الموسع، وقولي جوازا راجع إلى الوقت لبيان أن الكلام في وقت الجواز لا في الزائد عليه أيضا من وقتي الضرورة والحرمة، وإن كان الفعل فيهما أداء بشرطه. وقيل وقت أدائها أول الوقت فإن أخرت عنه فقضاء وإن فعل في الوقت حتى يأثم بالتأخير عن أوله، وقيل هو آخر الوقت فإن قدمت عليه فتقديمها تعجيل، وقيل هو الجزء الذي وقعت فيه من الوقت وإن لم تقع فيه فوقت أدائها الجزء الأخير من الوقت، وقيل إن قدمت على آخر الوقت وقعت واجبة بشرط بقاء الفاعل مكلفا إلى آخر الوقت فإن لم يبق كذلك وقعت نفلاً. وهذه الأقوال الأربعة منكرة للواجب الموسع. (و) الأصح (أنه) أي الشأن (يجب على المؤخر) أي مريد التأخير عن أول الوقت الذي هو سبب الوجوب (العزم) فيه على الفعل في الوقت كما صححه النووي في مجموعه، ونقله غيره عن أصحابنا ليتميز به التأخير الجائز عن غيره وتأخير الواجب الموسع عن المندوب في جواز التأخير عن أول الوقت، وقيل لا يجب اكتفاء بالفعل، ورجحه الأصل وزعم أن الأول لا يعرف إلا عن القاضي أبي بكر الباقلاني ومن تبعه، وأنه من هفوات القاضي ومن العظائم في الدين.
فإن قلت يلزم على الأول تعدد البدل والمبدل واحد. قلنا ممنوع إذ لا يجب إعادة العزم، بل ينسحب على آخر الوقت كانسحاب النية على أجزاء العبادة
الطويلة كما قاله إمام الحرمين وغيره.
فإن قلت العزم لا يصلح بدلاً عن الفعل إذ بدل الشيء يقوم مقامه والعزم ليس كذلك. قلت لا يخفى أن المراد بكونه بدلاً عنه أنه بدل عن إيقاعه في أول وقته لا عن إيقاعه مطلقا والعزم قائم مقامه في ذلك.
(ومن أخر) الواجب الموسع بأن لم يشتغل به أول الوقت مثلاً (مع ظن فوته) بموت أو حيض أو نحوهما. وهذا أعم من قوله مع ظن الموت. (عصى) لظنه فوت الواجب بالتأخير (و) الأصح (أنه إن بان خلافه) بأن تبين خلاف ظنه (وفعله) في الوقت (فأداء) فعله لأنه في الوقت المقدر له شرعا وقيل فعله قضاء لأنه بعد الوقت الذي تضيق بظنه وإن بان خطؤه، ويظهر أثر الخلاف في نية الأداء أو القضاء وفي أنه لو فرض ذلك في الجمعة تصلى في الوقت على الأول وتقضى ظهرا لا جمعة على الثاني. (و) الأصح (أن من أخر) الواجب المذكور (مع ظن خلافه) أي عدم فوته فبان خلاف ظنه ومات مثلاً في الوقت قبل الفعل. (لم يعص) لأن التأخير جائز له والفوت ليس باختياره، وقيل يعصى وجواز التأخير مشروط بسلامة العاقبة، هذا إن لم يكن عزم على الفعل، وإن عصى بتركه العزم وإلا فلا يعصى قطعا قاله الآمدي. (بخلاف ما) أي الواجب الذي (وقته العمر كحج) فإن من أخره بعد أن أمكنه فعله مع ظن عدم فوته كأن ظن سلامته من الموت إلى مضيّ وقت يمكنه فعله فيه ومات قبل فعله يعصى على الأصح، وإلا لم يتحقق الوجوب، وقيل لا يعصى لجواز التأخير له وعصيانه في الحج من آخر سني الإمكان على الأصح لجواز التأخير إليها، وقيل من أولها لاستقرار الوجوب حينئذ، وقيل غير مستند إلى سنة بعينها. (مسألة) الفعل (المقدور) للمكلف (الذي لا يتم) أي يوجد عنده (الواجب المطلق إلا به واجب) بوجوب الواجب (في الأصح) سببا كان أو شرطا إذ لو لم يجب لجاز ترك الواجب المتوقف عليه، وقيل لا يجب بوجوبه لأن الدال على الواجب ساكت عنه، وقيل يجب إن كان سببا كالنار للإحراق بخلاف الشرط كالوضوء للصلاة لأن السبب أشد ارتباطا بالمسبب من الشرط بالمشروط، وقيل يجب إن كان شرطا شرعيا كالوضوء للصلاة لا عقليا كترك ضد الواجب ولا عاديا كغسل جزء من الرأس بغسل الوجه ولا إن كان سببا شرعيا كصيغة الاعتاق له أو عقليا كالنظر للعلم عند الإمام
وغيره أو عاديا كحز الرقبة للقتل، إذ لا وجود لمشروطه عقلاً أو عادة ولا لمسببه مطلقا بدونه، فلا يقصدهما الشارع بالطلب بخلاف الشرط الشرعي، فإنه لولا اعتبار الشرع لوجد مشروطه بدونه وخرج بالمقدور غيره كقدر الله وإرادته، إذ الإتيان بالفعل يتوقف عليهما وهما غير مقدورين للمكلف، وبالمطلق المقيد وجوبه بما يتوقف عليه كالزكاة وجوبها متوقف على ملك النصاب، فلا يجب تحصيله فالمطلق ما لا يكون مقيدا بما يتوقف عليه وجوده وإن كان مقيدا بغيره كقوله تعالى {أقم الصلاة لدلوك الشمس} فإن وجوبها مقيد بالدلوك لا بالوضوء والتوجه للقبلة ونحوهما. (فلو تعذر ترك محرم إلا بترك غيره) من الجائز قيل كماء قليل وقع فيه بول.