الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأسد أو أسد
أو إن رأيت أسامة أو الأسد أو أسدا ففر منه.
(مسألة الاشتقاق)
هو لغة الاقطاع، واصطلاحا من حيث قيامه بالفاعل. (رد لفظ إلى) لفظ (آخر) . وإن كان الآخر مجازا (لمناسبة بينهما في المعنى) بأن يكون معنى الثاني في الأول. (و) في (الحروف الأصلية) بأن تكون فيهما على ترتيب واحد كما في الناطق من النطق بمعنى التكلم حقيقة، وبمعنى الدلالة مجازا كما في قولك الحال ناطقة بكذا أي دالة عليه، وقد لا يشتق من المجاز كما في الأمر بمعنى الفعل مجازا كما سيأتي،
وقضية الرد ما صرح به الأصل أنه لا بد في تحقيق الاشتراك من تغيير بين اللفظين تحقيقا كما في ضرب من الضرب، أو تقديرا كما في طلب من الطلب وحلب من الحلب. فتقدر فتحة اللام في الفعل غيرها في المصدر كما قدروا ضم النون في جنب جمعا غيرها فيه مفردا، ثم ما ذكر تعريف للاشتقاق المراد عند الإطلاق وهو الصغير، أما الكبير فليس فيه الترتيب كما في الجبذ والجذب، والأكبر ليس فيه جميع الأصول كما في الثلم والثلب، ويقال فيها أيضا أصغر وصغير وكبير وأصغر وأوسط وأكبر. (وقد يطرد) المشتق كاسم (الفاعل) نحو ضارب لكل من وقع منه الضرب (وقد يختص) بشيء (كالقارورة) من القرار للزجاجة المعروفة دون غيرها مما هو مقر للمائع ككوز. (ومن لم يقم) أي يتعلق (به) من الأشياء (وصف لم يشتقّ منه) أي من الوصف أي لفظه. (اسم عندنا) خلافا للمعتزلة في تجويزهم ذلك حيث نفوا عن الله تعالى صفاته الذاتية المجموعة في قول القائل
حياة وعلم قدرة وإرادة
وسمع وأبصار كلام مع البقا
ووافقوا على أنه عالم قادر مريد مثلاً، لكن قالوا بذاته لا بصفات زائدة عليها متكلم، لكن بمعنى أنه خالق الكلام في جسم كالشجرة التي سمع منها موسى عليه السلام بناء على أن الكلام عندهم ليس إلا بالحروف والأصوات الممتنع اتصافه تعالى بها، ففي الحقيقة لم يخالفوا فيها هنا، لأن صفة الكلام بمعنى خلقه ثابتة له تعالى، وكذا بقية الصفات الذاتية، وإنما ينفون زيادتها على الذات ويزعمون أنها نفس الذات فرارا بذلك من تعدد القدماء على أن تعددها، إنما هو محذور في ذوات لا في ذات وصفات، وبنوا على تجويزهم المذكور ما ذكره الأصل هنا وغيره في المسألة النسخ قبل الفعل من اتفاقهم على أن إبراهيم ذبح ابنه إسماعيل عليه الصلاة والسلام، حيث أمرّ عندهم آلة الذبح على محله منه، واختلافهم هل إسماعيل مذبوح أو لا؟ فقيل نعم والتأم ما قطع منه، وقيل لا. فالقائل بهذا أطلق الذابح على من لم يقم به الذبح، لكن بمعنى أنه ممر آلته على محله فما خالف في الحقيقة، وعندنا لم يمرها عليه لنسخ الذبح قبل التمكن منه لقوله تعالى {وفديناه بذبح عظيم} .
(فإن قام به) أي بالشيء (ما) أي وصف (له اسم جواب) . الاشتقاق لغة من ذلك الاسم لمن قام به الوصف كاشتقاق العالم من العلم لمن قام به معناه. (وإلا) أي وإن لم يقم به ذلك بأن قام به ما ليس له اسم كأنواع الروائح إذ لم يوضع لها أسماء استغناء عنها بالتقييد كرائحة كذا كما مرّ. (لم يجز) أي الاشتقاق لاستحالته وهذا أولى من قوله لم يجب. (والأصح أنه يشترط بقاء) معنى (المشتق منه) في المحل (في كون المشتق) المطلق عليه (حقيقة إن أمكن) بقاء ذلك المعنى كالقيام. (وإلا فآخر جزء)
أي وإن لم يمكن بقاؤه كالتكلم، لأنه بأصوات تنقضي شيئا فشيئا، فالمشترط بقاء آخر جزء منه، فإذا لم يبق المعنى أو جزؤه الأخير في المحل يكون المشتق المطلق عليه مجازا كالمطلق قبل وجود المعنى نحو {إنك ميت وإنهم ميتون} وقيل لا يشترط ما ذكر فيكون المشتق المطلق بعد انقضائه حقيقة استصحابا للإطلاق، وقيل بالوقف عن الاشتراط وعدمه لتعارض دليلهما، وإنما عبرت كالأصل بالبقاء الذي هو استمرار الوجود الكافي في الاشتراط ليتأتى حكاية مقابله، وإنما اعتبر في الشق الني آخر جزء لتمام المعنى به وفي التعبير فيه بالبقاء تسمح احتمل لما مرّ، وقيل ما حاصله محل الخلاف إذا لم يطرأ على المحل وصف يضاد الأول، فإن طرأ عليه ذلك كالسواد بعد البياض والقيام بعد القعود لم يسم المحل بالأول حقيقة إجماعا، وهذا القول مأخوذ من كلام الآمدي في ردّه دليل القول بعدم اشتراط البقاء الذي لا يلتزم الراد فيه مذهبنا، والأصح جريان الخلاف، وقد بينت ما في كلام الآمدي في الحاشية، وعلى اشتراط ما ذكر بل وعلى عدمه أيضا.
(فاسم الفاعل) من جملة المشتق (حقيقة في حال التلبس) بالمعنى أو جزئه الأخير مطلقا. (لا) حال (النطق) بالمشتق أيضا فقط خلافا للقرافي حيث قال بالثاني، وبنى عليه سؤاله في آيات {الزانية والزاني فاجلدوا} {والسارق والسارقة فاقطعوا} {فاقتلوا المشركين} ونحوها أنها إنما تتناول من اتصف بالمعنى بعد نزولها الذي هو حال النطق مجازا، والأصل عدم المجاز قال والإجماع على تناولها له حقيقة، وأجاب بأن المسألة محلها في المشتق المحكوم به نحو زيد ضارب، فإن كان محكوما عليه كما في هذه الآيات فحقيقة مطلقا. وقال السبكي وتبعه ابنه في دفع السؤال إن المعنيّ بالحال حال التلبس بالمعنى، وإن تأخر عن النطق بالمشتق لا حال النطق به الذي هو حال التلبس بالمعنى أيضا فقط. أي فالإجماع إنما هو في التناول لمن ذكره حال التلبس لا حال النطق، فاسم الفاعل مثلاً حقيقة في من هو متصف بالمعنى حين قيامه به حاضرا عند النطق أو مستقبلاً ومجاز في من سيتصف به، وكذا فيمن اتصف به فيما مضى على الصحيح. (ولا إشعار للمشتق بخصوصية الذات) التي دل هو عليها من كونها جسما أو غيره، لأن قولك مثلاً الأسود جسم صحيح ولو أشعر الأسود فيه بالجسمية لكان قولك الجسم ذو السواد جسم وهو غير صحيح لعدم إفادته.
(مسألة الأصح أن) اللفظ (المرادف) لآخر (واقع) في الكلام جوازا مطلقا كليث وأسد، وقيل لا. وما يظن مرادفا كالإنسان والبشر فمباين بالصفة الأول باعتبار النسيان وأنه يأنس، والثاني باعتبار أنه بادي البشرة أي ظاهر الجلد، وقيل لا في الأسماء الشرعية لأنه ثبت على خلاف الأصل للحاجة إليه في نحو النظم والسجع، وذلك منتف في كلام الشارع. (و) الأصح (أن الحد والمحدود) كالحيوان الناطق والإنسان (ونحو حسن بسن) أي الاسم وتابعه كعطشان نطشان، (ليسا منه) أي من المرادف أما الأول فلأن الحد يدل على أجزاء الماهية تفصيلاً والمحدود يدل عليها إجمالاً فهما متغايران، ولأن الترادف من عوارض المفردات، وقيل منه بقطع النظر عن الإجمال والتفصيل، وأما الثاني فلأن التابع لا يفيد المعنى بدون متبوعه وقيل منه وقائله يمنع ذلك. (والتابع) على الأول (يفيد التقوية) للمتبوع وإلا لم يكن لذكره فائدة (و) الأصح (أن كلاً من المرادفين) ولو من لغتين (يقع) جوازا (مكان الآخر) في الكلام مطلقا، إذ لا مانع من ذلك، وقيل لا، إذ لو أتي بكلمة فارسية مكان كلمة عربية في كلام لم يستقم لغة الكلام، لأن ضم لغة إلى أخرى كضم مهمل ومستعمل، وإذا عقل ذلك في لغتين عقل مثله
في لغة، وقيل لا إن كانا من لغتين لما مرّ، وعلى الأصح إنما امتنع ذلك فيما تعبد بلفظه كتكبيرة الإحرام عندنا للقادر عليها العارض شرعي، والبحث إنما هو لغوي فلا حاجة إلى التقييد بذلك وإن قيد به الأصل.
(مسألة الأصح أن المشترك) بين معنيين مثلاً (واقع) في الكلام (جوازا) كالقراء للطهر والحيض وعسعس لأقبل وأدبر والباء للتبعيض والاستعانة وغيرهما. وقيل لا، وما يظنّ مشتركا فهو إما حقيقة أو مجاز أو متواطىء كالعين حقيقة في الباصرة مجاز في غيرها كالذهب لصفائه، وكالقرء موضوع للقدر المشترك بين الطهر والحيض، وهو المع من قرأت الماء في الحوض أي جمعته فيه، والدم يجتمع في زمن الطهر في الجسد وفي زمن الحيض في الرحم، وقيل لا في القرآن والحديث لأنه ولو وقع فيهما لوقع إما مبينا فيطول بلا فائدة أو غير مبين فلا يفيد، والقرآن والحديث ينزهان عن ذلك. وأجيب باختيار الثاني ويفيد إرادة أحد معنييه الذي سيبين وإن لم يبين حمل على معنييه كما سيأتي. وقيل يجب وقوعه لأن المعاني أكثر من الألفاظ الدالة عليها. وأجيب بمنع ذلك إذ ما من مشترك إلا ولكل من معنييه مثلاً لفظ يدل عليه، وقيل هو ممتنع لإخلاله بفهم المراد المقصود من الوضع. وأجيب بأنه يفهم بالقرينة، والمقصود من الوضع الفهم التفصيلي أو الإجمالي المبين بالقرينة. فإن انتفت حمل على المعنيين، وقيل ممتنع من النقيضين فقط إذ لو وضع لهما لفظ لم يفد سماعه غير التردد بينهما وهو حاصل في العقل. وأجيب بأنه قد يعقل عنهما فيستحضرهما بسماعه ثم يبحث عن المراد منهما.
(و) الأصح (أنه) أي المشترك. (يصح لغة إطلاقه على معنييه) مثلاً (معا) بأن يراد به من متكلم واحد في وقت واحد كقولك عندي عين وتريد الباصرة والجارية مثلاً. وقرأت هند وتريد طهرت وحاضت. (مجازا) لأنه لم يوضع لهما معا بل لكل منهما منفردا بأن تعدد الواضع أو وضع الواحد نسيانا للأوّل. وعن الشافعي أنه حقيقة نظرا لوضعه لكل منهما وأنه ظاهر فيهما عند التجرد عن القرائن، وعن القاضي أبي بكر الباقلاني أنه حقيقة، وأنه مجمل لكن يحمل عليهما احتياطا. وقيل يصح أن يراد به المعنيان عقلاً لا لغة، وقيل يصح ذلك في النفي نحو لا عين عندي، ويراد به الباصرة والذهب مثلاً دون الإثبات نحو عندي عين لأن زيادة النفي على الإثبات معهودة، وردّ بأن النفي لا يرفع إلا ما يقتضيه الإثبات والخلاف فيما إذا أمكن الجمع بينهما، فإن امتنع كما في استعمال صيغة أفعل في طلب الفعل والتهديد عليه على القول الآتي إنها مشتركة بينهما فلا يصح قطعا. (و) الأصح (أن جمعه باعتبارهما) أي معنييه بناء على جواز جمعه، وهو ما رجحه ابن مالك كقولك عندي عيون وتريد مثلاً باصرتين وجارية أو باصرة وجارية وذهبا. (مبني عليه) أي على ما ذكر من صحة إطلاق اللفظ المشترك المفرد عليهما معا كما أن المنع مبني على المنع، وقيل لا يبنى عليه فقط بل يأتي على القول بالمنع أيضا، لأن الجمع في قوّة تكرير المفردات بالعطف. (و) الأصح (أن ذلك) أي ما ذكر من صحة إطلاق اللفظ على معنييه معا مجاز إلى آخره. (آت في الحقيقة والمجاز) كما في قولك رأيت الأسد وتريد الحيوان المفترس والرجل الشجاع، فيكون مجازا. وقيل حقيقة ومجازا. ومنع القاضي ذلك على ما نقله عنه الأصل لما فيه من الجمع بين متنافيين حيث أريد باللفظ الموضوع له أو لا وغيره معا. وأجيب بمنع التنافي. (و) آت (في المجازين) كقولك والله لا أشتري وتريد السوم والشراء بالتوكيل فيه، وقيل لا يأتي فيهما لما مرّ، وإذا علم صحة
إطلاق اللفظ على حقيقته ومجازه. (فنحو افعلوا الخير يعم الواجب والمندوب) حملاً لصيغة افعل على الحقيقة والمجاز من الوجوب والندب بقرينة كون متعلقهما كالخير شاملاً للواجب والمندوب، وقيل يختص بالواجب بناء على أنه لا يراد المجاز مع الحقيقة. وقيل هو للقدر المشترك بين الواجب والمندوب أي مطلوب الفعل بناء على القول الآتي أن الصيغة
حقيقة في القدر المشترك بين الوجوب والندب أي طلب الفعل وإطلاق الحقيقة والمجاز على المعنى كما هنا مجازي من إطلاق اسم الدال على المدلول.
(الحقيقة لفظ مستعمل) خرج اللفظ المهمل وما وضع ولم يستعمل. (فيما وضع له) خرج الغلط كقولك خذ هذا القوس مشيرا إلى حمار. (أو لا) خرج المجاز. (وهي لغوية) بأن وضعها أهل اللغة بتوقيف أو اصطلاح كالأسد للحيوان المفترس (وعرفية) بأن وضعها أهل العرف العام كالدابة لذات الحوافر كالحمار، وهي لغة لكل ما يدبّ على الأرض أو الخاص كالفاعل للاسم المعروف عند النحاة. (ووقعتا) أي اللغوية والعرفية خلافا لقوم في العامة. (وشرعية) بأن وضعها الشارع كالصلاة للعبادة المخصوصة فالشرعي ما لم يستفد وضعه إلا من الشرع. (والمختار وقوع الفرعية منها) أي من الشرعية كالصلاة. (لا الدينية) أي المتعلقة بأصول الدين فإنها في الشرع مستعملة في معناها اللغوي كالإيمان فإنه كذلك، ومعناه اللغوي تصديق القلب، وإن اعتبر الشارع في الاعتداد به التلفظ بالشهادتين من القادر كما سيأتي. ونفي قوم إمكان الشرعية بناء على أن بين اللفظ والمعنى مناسبة مانعة من نقله إلى غيره، وقوم وقوعها محتجين بأن لفظ الصلاة مثلاً مستعمل في الشرع في معناه اللغوي أي الدعاء بخير، لكن اعتبر الشارع في الاعتداد به أمورا كالركوع وغيره، وقال قوم وقعت مطلقا، وقوم وقعت إلا الإيمان فإنه في الشرع مستعمل في معناه اللغوي كما مر. (والمجاز) في الإفراد وهو المراد عند الإطلاق (لفظ مستعمل) فيما وضع له لغة أو عرفا أو شرعا (بوضع) خرج المهمل وما لم يستعمل والغلط. (ثان) خرج الحقيقة (لعلاقة) بفتح العين وكسرها أي علقة بين ما وضع له أولاً وما وضع له ثانيا بحيث ينتقل إليه الذهن بواسطتها خرج العلم المنقول كالفضل، وفي تقييد الوضع دون الاستعمال بالثاني إشارة إلى وجوب تقدم الوضع دون الاستعمال وهو ما ذكرته مع زيادة بقولي (فيجب سبق الوضع) للمعنى الأول. (جزما لا) سبق (الاستعمال) فيه فلا يجب في تحقيق المجاز. (في الأصح) . إذ لا مانع من أن يتجوز في اللفظ قبل استعماله فيما وضع له
أولاً. فلا يستلزم المجاز للحقيقة كعكسه، وقيل يجب سبق الاستعمال في ذلك، وإلا لعري الوضع الأول عن الفائدة. وأجيب بحصولها باستعماله فيما وضع له ثانيا، وصحح الأصل من عندياته أنه لا يجب ذلك إلا في مصدر المجاز بمعنى أنه لا يتحقق في المشتق مجاز إلا إذا سبق استعمال مصدره حقيقة، وإن لم يستعمل المشتق حقيقة كالرحمن لم يستعمل إلا في الله تعالى، وفي صحة ما صححه وقفة بينتها في الحاشية.
(وهو) أي المجاز (واقع) في الكلام مطلقا (في الأصح) ونفى قوم وقوعه مطلقا قالوا وما يظنّ مجازا نحو رأيت أسدا يرمى فحقيقة، ونفي قوم وقوعه في الكتاب والسنة قالوا لأنه بحسب الظاهر كذب نحو قولك في البليد هذا حمار، وكلام الله ورسوله منزه عن الكذب. وأجيب بأنه لا كذب مع اعتبار العلاقة وهي في ذلك المشابهة في الصفة الظاهرة أي عدم الفهم. (و) إنما (يعدل إليه) عن الحقيقة التي هي الأصل (لثقل الحقيقة) على اللسان كالخنفقيق للداهية يعدل عنه إلى الموت مثلاً. (أو بشاعتها) كالخرأة بكسر الخاء يعدل عنها إلى الغائط وحقيقته المكان المطمئن (أو جهلها) للمتكلم أو المخاطب دون المجاز. (أو بلاغته) نحو زيد أسد فإنه أبلغ من شجاع. (أو شهرته) دون الحقيقة. (أو غير ذلك) كإخفاء المراد عن غير المتخاطبين الجاهل بالمجاز دون الحقيقة وكإقامة وزن وقافية وسجع به دون الحقيقة. (والأصح أنه) أي المجاز (ليس غالبا على الحقيقة) في اللغات،
وقيل غالب عليها في كل لغة لأنك تقول مثلاً رأيت زيدا والمرئي بعضه، وهذا لا يدل على المدعي كما بينته في الحاشية. (ولا) أي وأنه ليس (معتمدا) عليه (حيث تستحيل) الحقيقة بل لا بد من قرينة تدل له وخالف أبو حينفة حيث قال فيمن قال لعبده الذي لا يولد مثله لمثله هذا ابني أنه يعتق عليه وإن لم ينو العتق اللازم للبنوّة صونا للكلام عن الإلغاء. قلنا لا ضرورة إلى تصحيحه بذلك، وفارق هذا ما مر من أن الحقيقة إذا جهلت يعدل إلى المجاز بأن ذاك في الاستعمال، وهذا في الحمل، وبأن ذلك بالنظر لتعدد اللفظ واتحاد المعنى، وهذا بالعكس أما إذا كان مثله يولد لمثله فيعتق عليه اتفاقا إن لم يكن معروف النسب من غيره، وإلا فكذلك على الأصح مؤاخذة له باللازم وإن لم يثبت اللزوم. (وهو) أي المجاز (والنقل) المعلوم من ذكر كل من الحقيقة الشرعية العرفية. (خلاف الأصل) الراجح فإذا احتمل لفظ معناه الحقيقي والمجازي أو المنقول عنه،
وإليه فالأصل حمله على الحقيقي لعدم الحاجة فيه إلى قرينة أو على المنقول عنه استصحابا للموضوع له أوّلاً مثالهما رأيت أسدا وصليت أي حيوانا مفترسا ودعوت بخير أي سلامة منه، ويحتمل الرجل الشجاع والصلاة الشرعية. (و) المجاز والنقل (أولى من الاشتراك) فإذا احتمل لفظ هو حقيقة في معنى أن يكون في آخر حقيقة ومجازا أو حقيقة ومنقولاً فحمله على المجاز أو المنقول أولى من حمله على الحقيقة المؤدي إلى الاشتراك، لأن المجاز أغلب من المشترك والمنقول لا يمتنع العمل به لإفراد مدلوله قبل النقل وبعده، بخلاف المشترك لا يعمل به إلا بقرينة تعين أحد معنييه مثلاً إلا إذا قيل بحمله عليهما، فالأول كالنكاح حقيقة في العقد مجاز في الوطء، وقيل العكس، وقيل مشترك بينهما فهو حقيقة في أحدهما محتمل للحقيقة والمجاز في الآخر، والثاني كالزكاة حقيقة في النماء أي الزيادة محتمل فيما يخرج من المال للحقيقة والنقل. (والتخصيص أولى منهما) أي من المجاز والنقل، فإذا احتمل الكلام تخصيصا ومجازا أو تخصيصا ونقلاً فحمله على التخصيص أولى، أما الأول فلتعين الباقي من العام بعد التخصيص بخلاف المجاز قد لا يتعين بأن يتعدد ولا قرينة تعين، وأما الثاني فلسلامة التخصيص من نسخ المعنى الأول بخلاف النقل، فالأول كقوله تعالى {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} فقال الحنفي أي مما لم يتلفظ بالبسملة عند ذبحه وخص منه ناسيها فتحل ذبيحته وقال غيره أي مما لم يذبح تعبيرا عن الذبح بما يقارنه غالبا من التسمية، فلا تحل ذبيحة المتعمد لتركها على الأول دون الثاني، وفي الآية تأويل آخر ذكرته في الحاشية، والثاني كقوله تعالى {وأحل الله البيع} فقيل هو
المبادلة مطلقا وخص منه الفاسد، وقيل نقل شرعا إلى المستجمع لشروط الصحة، وهما قولان للشافعي، فما شك في استجماعه لها يحل ويصح على الأول، لأن الأصل عدم فساده دون الثاني، لأن الأصل عدم استجماعه لها.
(
والأصح أن الاضمار أولى من النقل) لسلامته من نسخ المعنى الأول، وقيل عكسه لعدم احتياج النقل إلى قرينة كقوله تعالى {وحرم الربا} فقال الحنفي أخذه وهو الزيادة في بيع درهم بدرهمين مثلاً، فإذا أسقطت صح البيع وارتفع الإثم، وقال غيره نقل الربا شرعا إلى العقد فهو فاسد، وإن أسقطت الزيادة في ذلك والإثم فيه باق، وترجيح هذا عندنا لا للنقل بل لمرجح خاص هو تنظير الربا بالبيع في قوله تعالى حكاية عن الكفار {إنما البيع مثل الربا} فإنه ظاهر في العقد كما أوضحته في الحاشية، وما ذكرته من الخلاف هو ما في الأصل مع أنه لم يصرح فيه ولا فيما يأتي أثره بترجيح، لكن قال الزركشي والعراقي المعروف تقديم الإضمار. (و) الأصح (أن المجاز مساوٍ للإضمار) وقيل أولى منه لكثرته، وقيل عكسه لأن قرينة الإضمار متصلة كقوله لعبده الذي يولد مثله لمثله أو المشهور النسب من غيره هذا ابني أي عتيق تعبيرا عن اللازم بالملزوم فيعتق، أو مثل ابني في الشفقة عليه فلا يعتق، وتقدّم ترجيح الأول وترجيحه لا للمجاز بل لأمر آخر هنا وهو تشوّف الشارع إلى العتق على أن المختار في الروضة أنه لا بد في العتق من نية ويؤخذ مما مرّ من أن التخصيص أولى من المجاز الأولى من الاشتراك، والمساوي للإضمار الأولى من النقل أن التخصيص أولى من الاشتراك والإضمار، وأن الإضمار أولى من الاشتراك، وأن المجاز أولى من النقل، والكل صحيح، ووجه الأخير سلامة المجاز من نسخ المعنى الأول بخلاف النقل، وقد تقدم بهذه الأربعة العشرة التي ذكروها في تعارض ما يخل بالفهم أي اليقين لا الظنّ، وقد أوضحت ذلك مع زيادة في الحاشية.
(ويكون) المجاز من حيث العلاقة (بشكل) كالفرس لصورته المنقوشة (وصفة ظاهرة) كالأسد للرجل الشجاع دون الأبخر لظهور الشجاعة دون البخر للأسد المفترس. (واعتبار ما يكون) في المستقبل (قطعا) نحو {إنك ميت وإنهم ميتون} (أو ظنا) كالخمر للعصير بخلاف ما يكون احتمالاً مرجوحا أو مساويا كالحرّ للعبد لا يجوز أما باعتبار ما كان كالعبد لمن عتق فتقدم في الاشتقاق. (ومضادة) كالمفازة للبرّية
المهلكة (ومجاورة) . كالراوية لظرف الماء المعروف تسمية له باسم ما يحمله من جمل أو نحوه. (وزيادة) قالوا نحو {ليس كمثله شيء} فالكاف زائدة، وإلا فهي بمعنى مثل فيكون له تعالى مثل وهو محال، والقصد بهذا الكلام نفيه، والتحقيق أنها ليست زائدة كما بينته في الحاشية. (ونقص) نحو {واسأل القرية} أي أهلها فقد تجوّز أي توسع بزيادة كلمة أو نقصها وإن لم يصدق على ذلك حد المجاز السابق، وقيل يصدق عليه حيث استعمل مثل المثل في المثل، والقرية في أهلها، وقيد المطرزي كون كل من الزيادة والنقص مجازا بما إذا تغير به حكم وإلا فلا يكون مجازا، فلو قلت زيد منطلق وعمرو لم يكن حذف الخبر مجازا لأن حكم الباقي لم يتغير، وفي تسميته كلاً من الزيادة والنقص مجازا تجوّز لأنه ليس مجازا بل علاقة له. (وسبب لمسبب) نحو للأمير يد أي قدرة فهي بمعنى أثرها مسببة عن اليد لحصولها بها. (وكل لبعض) نحو {يجعلون أصابعهم في آذانهم} أي أناملهم. (ومتعلق) بكسر اللام (لمتعلق) بفتحها نحو هذا خلق الله أي مخلوقه، وهذه تسمى علاقة التعلق. (والعكوس) للثلاثة الأخيرة أي مسبب لسببه كالموت للمرض الشديد، لأنه سبب له عادة وبعض لكل نحو فلان ملك ألف رأس غنم، ومتعلق بفتح اللام لمتعلق بكسرها نحو {أيكم المفتون} أي الفتنة. (وما بالفعل على ما بالقوّة) كالمسكر للخمر في الدنّ وما زيد على هذه العلاقات كإطلاق اللازم على الملزوم، وعكسه يرجع إليها كأن يراد بالمجاورة مثلاً كما قال
التفتازاني ما يعم كون أحدهما في الآخر بالجزئية أو الحلول، وكونهما في محل، أو متلازمين في الوجود أو العقل أو الخيال وغير ذلك.
(والأصح أنه) أي المجاز أي مطلقه لا المعرف بما مر قد. (يكون في الإسناد) ويسمى مجازا في التركيب ومجازا عقليا ومجازا حكميا ومجازا في الإثبات وإسنادا مجازيا، سواء أكان الطرفان حقيقتين أم لا. وذلك بأن يسند الشيء لغير من هو له لملابسة بينهم كقوله تعالى {وإذا تليت عليهم أياته زادتهم أيمانا} أسندت الزيادة وهي فعل الله تعالى إلى الآيات لكون الآيات المتلوة سببا لها عادة، وقيل لا يكون المجاز في الإسناد بل المجاز فيما يذكر منه إما في المسند أو في المسند إليه، فمعنى زادتهم على الأول ازدادوا بها، وعلى الثاني زادهم الله إطلاقا للآيات عليه تعالى لإسناد فعله إليها. (و) الأصح أنه قد يكون في (المشتق) نحو {ونادى أصحاب الجنة} أي ينادي {واتبعوا ما تتلوا الشياطين} أي تلته، وقيل لا يكون فيه إلا بالتبع للمصدر أصله فإن كان حقيقة فلا مجاز فيه. قلنا الحصرممنوع (و) الأصح أنه أعني المجاز في الإفراد قد يكون في (الحرف) بالذات نحو فهل ترى لهم من باقية أي ما ترى وبالتبع لمتعلقه، ولا يكون إلا في الاستعارة نحو {فالتقطه آل فرعون} الآية شبه فيها ترتب العداوة والحزن على الالتقاط بترتب علته الغائية عليه وهي المحبة والتبني، ثم استعمل في المشبه اللام الموضوعة للدلالة على ترتب العلة الغائية التي هي المشبه به فجرت الاستعارة أصالة في العلة، وعلى هذا القول البيانيون، وقيل لا يكون فيه إلا بالتبع في التركيب لا في الإفراد، وعليه الإمام الرازي، وقيل لا يكون فيه لا بالذات ولا بالتبع لأنه لا يفيد إلا بضمه إلى غيره، فإن ضم إلى ما ينبغي ضمه إليه فهو حقيقة أو إلى ما لا ينبغي ضمه إليه فمجاز مركب. قلنا لا نسلم الشق الثاني بل الضم فيه قرينة مجاز الافراد كقوله
تعالى {ولأصلبنكم في جذوع النخل} أي عليها. (لا) في (العلم) أي لا يكون المجاز فيه على الأصح لأنه إن كان مرتجلاً أي لم يسبق له وضع كسعاد أو منقولاً لغير مناسبة كفضل فواضح أو لمناسبة كمن سمى ابنه بمبارك لما ظنه فيه من البركة فلصحة الإطلاق عند زوالها، ولأن العلم وضع للفرق بين الذوات فلو تجوّز فيه بطل هذا الغرض، وقيل يكون فيه إن لمح فيه الصفة كالحارث، إذ لا يراد منه الصفة، وقد كان قبل العلمية موضوعا لها وهذا خلاف في التسمية وعدمها أولى، لأن وضع العلم شخصي ووضع المجاز نوعي، ولأن العلم عند الأكثر لا حقيقة ولا مجاز، وفيه كلام ذكرته في الحاشية أوائل مباحث