المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رد ابن سراج على تعقيب القرباقي على هذه الفتوى - فتاوى قاضي الجماعة ابن سراج الأندلسي

[ابن سراج الأندلسي]

فهرس الكتاب

- ‌الطهارة

- ‌طهارة ما تخلل من الخمر

- ‌طهارة آنية الخمر

- ‌الانتفاع بآنية الخمر

- ‌الزيت تقع فيه الفأرة

- ‌التقاء الختانين في النوم

- ‌الصلاة

- ‌الانحراف عن القبلة

- ‌رد ابن سراج على معارضة القرباقي لفتواه

- ‌هيئة الأصابع عند التشهد

- ‌تكرار قراءة الإخلاص في الركعة

- ‌من أُقيمت عليه الصلاة وهو يصلي وحده

- ‌ذكر منسية في الصلاة

- ‌سهو في صلاة الظهر

- ‌قراءة المأموم مع الإمام

- ‌صلاة المقيمين خلف المسافر

- ‌صلاة المسافر خلف المقيم

- ‌سجود سهو قبلي

- ‌صلاة الإمام الشفعَ والوترَ به نزلِهِ

- ‌القدح في إمامة ضارب الخط

- ‌صلاة الفوائت جماعة

- ‌الصلاة خلف من يشهد في الأمور المخزنية

- ‌حضور خطبة الجمعة

- ‌الجماعة التي تُشترطُ لإقامة الجمعة

- ‌وجوب الجمعة على المقيمين

- ‌القرية التي يجب على أهلها الجمعة

- ‌المنع من العمل وقت الجمعة

- ‌صلاة الأشفاع بين العشاءين

- ‌القراءة من المصحف في الأشفاع

- ‌جمع الصلاتين بسبب الثلج

- ‌الصلاة على من مات سكراناً

- ‌قصر الصلاة أثناء السفر

- ‌الصوم

- ‌ثبوت هلال شوال

- ‌الرسم الوارد برؤية هلال شوال

- ‌عدالة المخبر برؤية الهلال

- ‌إضرام النار للإعلام بالرؤية

- ‌الزكاة

- ‌دفع القيمة في الزكاة

- ‌دفعُ زكاةِ الماشيةِ لمستحقها

- ‌توزيعُ دراهم الزكاة

- ‌شورة اليتيمة من الزكاة

- ‌الأيْمان

- ‌يمين الرجل أن لا يسكن إلا بداره

- ‌كفارة من حلف أن تذهب زوجتُه إلى أولادها

- ‌الحالف بالأيمان كلها أن لا يُزوجَ أخته

- ‌الحالف بالأيمان كلِّهَا أن لا يفعل شيئاً

- ‌من حلف باللَاّزمة أن يقتل شخصاً

- ‌من حلف باللَاّزمة أن لا يزوج وليته

- ‌من حلف باللَاّزمةِ ثم ماتت زوجته

- ‌الحلف بصيام العام

- ‌الذكاة

- ‌ذكاة مقطوعة الحلقوم

- ‌أكل مقطوعة أحد الودجين

- ‌اضطراب الذبيحة

- ‌الغلصمة في الذبيحة

- ‌ذبح فروج دون قطع الحلقوم الذي فيه الغلصمة

- ‌الذبيحة المغلصمة

- ‌ذبح الفروج المختنق بالعجين

- ‌الشاة التي يوجد كرشها مثقوباً

- ‌ذبيحةٌ يسيل دمها ولا تتحرك

- ‌ذبيحة السارق

- ‌المقاتل المتفق عليها في الحيوان

- ‌النكاح وما شاكله

- ‌ولاية الأخ لأم في النكاح

- ‌خطبة الرجل على خطبة غيره

- ‌النكاح بشاهد واحد

- ‌الصيغة في عقد النكاح

- ‌صداق المتوفَّى زوجُهَا قبلَ البِنَاءِ

- ‌الزواجُ في مدَّةِ الاستبراءِ من الزنى

- ‌الزواج في العِدَّة

- ‌نكاح المرتَدِّ

- ‌من حرَّمَ على نفسه الزواجَ

- ‌تحريم الزوجة

- ‌تحريم الزوجة التي لم يدخل بها

- ‌من قال لزوجته: امشي عن وجهي

- ‌النية في تحريم الزوجة

- ‌تحريم الزوجة عقب طلاقها

- ‌مراجعة الزوجة التي حرمت بعد طلاق الثلاث

- ‌الطلاق والمراجعة في يوم واحد

- ‌مراجعة المطلقة

- ‌مراجعة الزوجة الحامل

- ‌خُلْعُ المَرأة التي أَضرَّ بها زوجُها

- ‌من أوقف طلاق زوجتِهِ على تنازلها عن صداقها

- ‌سقوط النفقة على الناشز

- ‌نفقة زوجة المفقود

- ‌نفقةُ الزوجة قبل الدخول

- ‌حضانة جدتين ليتيم

- ‌إلحاق بنت بنسب أبيها للشبهة

- ‌اتهامُ زوج زوجتَهُ بالزنى

- ‌من أقرت أن رجلاً جامعَها غلبةً ثم أنكرت

- ‌شُرْب الرجلِ لبنَ زوجتِه

- ‌تزوج زوجة المفقود وقسمة ماله

- ‌الميراث والوصية

- ‌مطالبةُ الأولادِ والدَهم بميراثٍ من أمهم

- ‌ميراث المفقود

- ‌وصية صبي لحاضنته

- ‌الهبة والحبس

- ‌الهِبة بشاهد واحد

- ‌نحلة الأب بنتيه في مرضه

- ‌نحلة الأب ابنه قبل عقد نكاحه

- ‌الحبس بشاهد واحد

- ‌الحبس على مدرس العلم والحديث

- ‌الكتب المحبسة على جامع غرناطة

- ‌صرف أحباس المساجد

- ‌ما يستحق الإمام من غلة أحباس المسجد

- ‌خروج الإمام بعد دفع الأرض المحبسة على المسجد

- ‌مزارعة

- ‌زرع الإمام الأرضَ المحبسة على المسجد

- ‌المعاملة في فرن محبس على مسجد

- ‌ما يناله الإمامُ من الفرن المحبس على المسجد

- ‌الرجوع في التحبيس

- ‌صرف أحباس المساجد المعطلة في مساجد أخرى

- ‌بيع الأنقاض التي بأرض الحبس

- ‌بيع حبس لا منفعة فيه

- ‌الانتفاع بأَنقاض المسجد المهدم

- ‌متى يجوز هدم المسجد

- ‌البيع بثمن منجم مع شرط فاسد

- ‌بيع ورق التوت

- ‌بيع القصيل بالطعام

- ‌دفع سلعة عوضاً عن سلعة أخرى في الذمة

- ‌من أسلَمَ طعاماً في عروض

- ‌مبادلة الطَّعَامِ وزناً

- ‌سلف الدقيق وزناً

- ‌رد ابن سراج على تعقيب القربَاقي على هذه الفتوى

- ‌تراجع في إقاله

- ‌الصرف والسكة

- ‌الرد في النقود الجارية وصرفها

- ‌تَغَيَّرُ السِّكَّةِ الجاريةِ

- ‌الشفعة

- ‌الشفعة في أصل توت

- ‌سقوط الشفعة

- ‌لا حق في الشفعة في الماء

- ‌الشركة والمزارعة

- ‌الشركة في عقد اللبن جُبناً

- ‌الشركةُ في غلة الزيتون

- ‌الشركة في دودة الحرير

- ‌من صور المزارعة

- ‌الإجارة والكراء

- ‌إجارة نساج بالقمح

- ‌الأجرة من لحم الضحايا

- ‌أكل الرجل من أجرة رضاع امرأته

- ‌حيازة أجير ما صيرته له مؤجرته

- ‌إجارة السفينة بجزء مما تحمله

- ‌إجارة على خدمة الجباح بجزء من غلتها

- ‌كراء المناسج

- ‌كراء مسكن مع بيع ثمار لم يبد صلاحَها

- ‌الرهن

- ‌بيع المرتهن الرهن

- ‌اشتراط منفعة الشجر في الرهن

- ‌الضرر والضمان

- ‌شجرة توتٍ قائمةٌ على ملك الغير

- ‌إحداثُ برج الحمام

- ‌تبدل الطعام في الرحى والفرن

- ‌أخذ قيمة التاليف من الأضحية

- ‌من شك هل بقي عليه حق لغيره

- ‌غرم الظالم ما تسبب في إتلافه

- ‌عدم ضمان جائحة البرد

- ‌الأقضية والشهادات

- ‌دعوى في إجارة وكراء

- ‌من دفع لغريمه حريراً في دراهم

- ‌تنازع أرباب ساقية وأصحاب أرض

- ‌بين دائن وغريمه

- ‌تداع في صيغة طلاق

- ‌القيام بمظلمة

- ‌تداع بين زوجةٍ وبين ورثةِ زوجها في حوائج وثياب

- ‌إشهاد كافلٍ ليتيمٍ بمالٍ في الصِّحَّةِ وفي المرض

- ‌شهادة النساء في الاستهلال

- ‌نزاع في جاريةٍ غابَ سيِّدُها وأنفق عليها غيره

- ‌تصرف الوكيل في نطاق الوكالة

- ‌مسائل مختلفة

- ‌ضالة الغنم

- ‌التصرف في مرض الموت

- ‌من ادَّعى أنهُ ليس له ما يسلف

- ‌معاملة من اختلط عنده الحلال والحرام

- ‌حكم الأسرى المسلمين الهاربين من أيدي النصارى

- ‌السلام على من يستنجي

- ‌السَّلَام على من يتوضأ

- ‌السَّلام على قارئ القرآن

- ‌السلام على من كان في حال الدعاء

- ‌الاشتغال بقراءة آياتٍ متفرقة من القرآن

- ‌الذِّكْرُ أمَامَ الجَنَازَةِ

- ‌تصدي الرِّجَال للبيع من النساء

- ‌المشروع في الاستسقاء

الفصل: ‌رد ابن سراج على تعقيب القرباقي على هذه الفتوى

مذهبه لِيَسَارَةِ الزيادة، ولقصد المعروف بين الجيران، والتساوي فيها من كل وجه قد يصعب، والذي يترجح عندي في هذه المسألة خصوصاً الجواز لما ذكرته.

‌رد ابن سراج على تعقيب القربَاقي على هذه الفتوى

لم يبينّ هذا المعترض وجهاً للاعتراض، ولا أبدى مانعاً في الفقه، ولا نقل قول إمام يعارض به، فقلت وبالله التوفيق:

سلف الدقيق بالميزان جائز، لا أعرف أحداً ممن يقتدى به منعه، وذلك أنه يطلب في السلف معرفة المقدار المسلف ليعلم قدر ما يؤخذ، وقد حصل بالوزن، وبه أيضاً يعرف التساوي، وقد أجاز ابن القصار رحمهالله مبادلة الحنطة بدقيقها وزناً، وفسّر به قول مالك، وكذلك أجاز مبادلة القمح بالقمح وزناً لأن المقصود المساواة، وقد حصلت، وعلى هذا يكون قول ابن القصار نصاً في مسألتنا، لأنه إذا أجاز ذلك في المبادلة كانت إجازته في السلف أولى وأحرى، ولا أعلم لهذا المانع وجهاً، فإن كان استند إلى القول بالمنع من مبادلة القمح بالقمح وزناً فلا دليل له، لأن باب المبادلة أشد، لأنه يمنع فيه التفاضل في الصنف الواحد الربوي، وإن كان التفاضل يسيراً جداً، ولذلك منعت الزيادة اليسيرة في المراطلة، وإن كانت حبةً بإجماع لحصول الربا بذلك، وباب السلف أخف لما فيه من الرفق

ص: 176

والمعروف بين الناس، لا سيما الدقيق بين الجيران، ولأن قضاءً أقل إذا رضيه المسلف جائز باتفاق، وقضاء أكثر من غير شرط، إذا رضي المتسلّف، جائز مطلقاً على قول ابن حبيب وعيسىبن دينار، ويجوز عند أشهب إن كانت الزيادة يسيرة، ووجه الجواز مطلقاً قولهصلى الله عليه وسلم: خَيَارُكُمْ أحْسَنَكُمْ قضاءً، فحمله على إطلاقه في زيادة الصفة، وروى البزَّار عن ابن عباس رضيالله عنه أن رسولاللهصلى الله عليه وسلم: اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ أرْبعينَ صَاعاً فَرَدَّ إلَيْهِ ثمانين: أَرْبَعِينَ عَنْ سَلَفِهِ، وأَرْبَعِينَ فَضْلاً.

فقد تبينّ من هذا أن باب المبادلة لا يُسْمَح فيه بِشَيْءٍ من التفاضل اختياراً بخلاف القرض، ولا يقاس فرع على أصل إلا بشرط اتفاقهما في العلّة، ومهما حصل فرق لم يصح القياس.

ووجه آخر: وهو أن العلة في منع الزيادة في المبادلة التفاضل، وفي السلف عند من منع ردّ الأكثر الوقوع في سلف جرّ منفعة، وهو ممنوع لا للتفاضل بدليل أنه منع ذلك في سلف العروض وهي لا يدخلها الربا، وقد أجاز اقتضاء أقل في الطعام وغيره، والطعام يدخله الربا، وإذا اختلفت العلة لم تقس إحدى المسألتين على الأخرى.

ووجه آخر: وهو أنه من باع طعاماً بثمن لم يجز أن يَقتضيَ بعد المفارقة من ذلك الثمن طعاماً من جنس الطعام المبيع أجود أو أكثر باتفاق، وقد نصّ في المدونة أنه من أسلف آخر مائة درهم تنقص نصفاً أنه يجوز أن يقتضي منها مائة وازنة.

ص: 177

ووجه آخر: أن المبادلة في الربويات لا يجوز فيها التأخير، والقرض مبادلة بالتأخير، لكن جاز لما فيه من الرفق.

فهذه الأمور تدل على افتراق حكم البابين، وأنه يسمح في باب القرض ما لا يسمح فيه في باب المبادلة، فلا يلزم على هذا القائل باعتبار المعيار الشرعي في المبادلة

أن يقوله في القرض، فينبغي الجواز في مسألتنا، لأن معرفة المساواة تحصل بالميزان، وهو المعروف عندنا في الدقيق، على أنه لا يجوز عندنا بيعه إلا به، لأن المبايعة إنما تكون بالمعيار المعروف، وإن خالفت العادة عادة الشرع، كالتمر مثلاً لايجوز بيعه عندنا بالكيل، وإن كان ذلك هو المعروف في عادة الشرع له لما يقع في الغرر المنهي عنه، ويعتضد في مسألتنا بما تقدم عن ابن القصار.

إذا تقرر هذا فيقال: قد جرى العرف عند الناس والجيران في سلف الدقيق بالميزان، وهو يحصل به التساوي المطلوب في السلف، ولا يعرفون فيه الكيل، وله وجه صحيح، فلا يمنعون منه، لأن الناس إذا جرى عملهم على شيء له وجه صحيح يستند إليه لا ينبغي أن يحمل الناس على قول إمام، ويلزمون ذلك، إن كانوا مستندين في عملهم لقول إمام معتمد، أمّا إن كان المانع لا مستند له إلا مجرد نظره من غير نص ولا مشاورة فمنعه خطأ، فقد نصّ العلماء على أن من شرط تغيير المنكر أن يحقق كونه منكراً، وإلا فلا يجوز، ومن شرطه أيضاً أن يكون متفقاً عليه عند العلماء.

فحسب هذا الرجل إن كان ظهر له المنع أن يمتنع منه في خاصة نفسه، ويتورع في ذاته، ولا يحمل الناس عليه ويدخل عليهم شغباً في

ص: 178

أنفسهم وحيرة في دينهم لمجرد نظره من غير استناد لمن يعتمد عليه من العلماء، فهذا ما يتعلق بالمسألة من الفقه.

وأما جواب هذا الإنسان، الذي أتى بسجع كسجع الكهان، فهو أن يقال: ثَبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في الجنين يقتل في بطن أمه بِغرّة: عبدٍ أو وليدةٍ، فقال المقضي عليه: كيف أغرم ما لا شرب ولا أكَلَ، ولا نطق ولا اسْتَهَلَّ، ومثل ذلك بطل؟! وفي رواية أخرى: يُطَلُّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّمَا ذَلِكَ مِنْ إخْوَانِ الكُهَّانِ، قال الراوي: من أجل سجعه

الذي يسجع، وَوَجْهُ إنكاره صلى الله عليه وسلم أنه أتى بالاسجاع ليستميل بها القلوب لغير الحق لأجل الفصاحة، وروى أبو داوود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ تَعلَّمَ صَرْفَ الكَلَام لِيَسْبِي بِهِ قُلُوبَ الرِّجَالٍ والنِّسَاءِ لَمْ يَقْبَل اللَّهُ مِنْهُ يوم الْقِيَامَةِ صَرْفاً ولا عَدْلاً وروى الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ مِنْ أحَبِّكُمْ إلَيَّ وَأقْرَبِكُمْ مِنّي مَجْلِساً يَوْمَ الْقِيَامة أَحاسِنَكُمْ أخْلاقاً. وإنَّ أبغَضَكُمْ إلَيَّ وَأبْعَدَكُمْ مِنّي يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُون والمُتَشَدِّقُون والْمُتَفَيْهقُونَ. قالوا: يا رَسُول الله: قَدْ عَلمْنا الثرِّثَّارِينَ والْمُتَشَّدَّقِين فَمَا الْمُتَفَيْهُقُون؟ قال: الْمُتَكَبِّرُونَ قال الترمذي: الثرثار هو كثير الكلام، والمتشدق الذي يتطاول على الناس في الكلام ويبدو عليهم.

ص: 179

ففي هذا وأشباهه عظة لهذا الرجل، فإن الذي كان ينبغي له ويليق به أن يبين وجه الصواب ممّا قال، ويستدل على صحة ما ادّعاه، وأمّا ما أتى به من الأسجاع الرديئة فإن كان لم يرها قبيحة في حق نفسه فإنها قبيحة، وعدم صدق الطريقة التي انتسب إليها، فإن من أقامهالله مقام الاقتداء، وانتسب للعلماء الذين هم ورثة الأنبياء، وجعل في رتبة الإمامة، وحلّ محلّ من تُرجى شفاعته يوم القيامة، فيجب عليه أن يتأدّب بأدب الشرع ويَقتدي بأهله. ولا يضع الشيء في غير محله، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أنْزلُوَا الناس مَنَازِلَهُمْ وروي أن مالكاً رضي الله عنه كانت أمه ترسله وهو صغير إلى حلقة ربيعة وتقول له: اذهب إلى ربيعة فتعلم من أدبه قبل أن تتعلّم من علمه، وروي عن ربيعة أنه قال: لا تعلموا العلم سفهاءكم فيصرفوا أخلاقهم فيه.

فمن أقامه الله تعالى في تعليم العلم وبثّه للناس والفتيا به واسطة بين الربّ وعباده، فيجب عليه أن يشكر مولاه على ما أقامه فيه، ويسأل من ربِّه التوفيق والتسديد، ويفكّر في جوابه إذا وقف عند ربّه ويسأله عن كل مسألة أفتى فيها وفيما يكون

خلاصه.

والبحث عن المسائل من أحسن العمل إذا صحّت النية، وكان على

ص: 180