الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للرجل: اخدمْ في أصل الزيتون بالموضع بكذا، وأعطيك من غلتها كذا: الربع أو ما يتفقان عليه؟
فأجاب: إن كانت الغلةُ لم تطلب، وعامل صاحب الأرض الآخر على أن يخدمه ويسقيه وغير ذلك، فهي مساقاة جائزة.
وإن كان عامله بعد طيبها على جمعها بالربع فهي ممنوعة، لأنها إجارة مجهولة، إلا أن يحزراها ويخمناها ويكونان عارفين بذلك، أو يقدما عارفا، فيجوز وتكون إجارة بالربع بعد علمه بالتقدير.
الشركة في دودة الحرير
وسئل عن علوفة دودة الحرير وشركتها وإجارتها؟.
فأجاب: عن المسألة: إذا كانت الورق لإنسان فدفعها لآخر يعلف عليها على الثلث للعلاف والثلثين لرب الورق والزريعة بينهما كذلك والمؤونة كلها على العامل، بما نصه:
الشركة في العلوفة إذا وقعت على الوجه المذكور يظهر أنها جائزة بشروط:
الشرط الأول: أن تكون الورق قد ظهرت وبدا صلاحُهَا.
الشرط الثاني: أن ينظر إلى الورق ويحْرزها ويعلم مقدارها بالحزر والتخمين.
الشرط الثالث: أن يشترطا أنهما إن نفدت الورق واحتاجا إلى ورق آخر أنْ يشترياها مَعاً من غير أن يختص أحدُهما بشراءٍ دون الآخر.
الشرط الرابع: أن يكون العمل معلوماً إما بالشرط وإِمَّا بالعادة.
الشرط الخامس: إن احتاجا إلى شراء ورق أن يكون العمل معلوماً بينهما على حسب الشركة كما كان الشراء بينهما كذلك، فإذا لم تتوفر هذه الشروط فتمتنع، وإن توفرت فيظهر، والله أعلم، أنها جائزة قياساً على المزارعة وإن كانت رخصة. والقياس على الرخص مختلف فيه، ولكن البناء على القول بجوازه ظاهر في مسألتنا للضرورة والحاجة إليه، ولما يؤدي إليه من إضاعة المال في بعض الأحوال إن لم يعمل به وقد علمنا من أصل الشرع مراعاة هذه المصالح في المزارعة والقراض والمساقاة، فكذلك مسألتنا. وقد قال مالك رضيالله عنه - في بعض المسائل: لا بد للناس مما يصلحهم، فظاهر هذا الكلام أنه تُراعى مصلحة الناس إذا كانت تجري على أصل شرعي.
وروى سحنون أنه أجاز للرجل أن يدفع ملاحته لمن يعمل فيها بجزء معلوم منها، وإن كان بعض أشياخ المذهب اعترضها، لأنها إجارة بجزءٍ مجهول، وهذا بناءً على الأصل، وسحنون رحمهالله راعى ما تقدم من الضرورة فيها والحاجة إليها، وروى ابن رشد المنع في مسألة الملاحة إن سموها إجارةً، والجواز إن سموها شركة، وإن وقعت بلفظ محتمل تتخرج على قولين فأجاز ابن رشد المعاملة فيها إن سموها شركة وقول سحنون
فيها دليل على جواز مسألتنا، لما تقدم من شدة الحاجة إلى ذلك.
ورأيت في بعض النوازل أنه حُكي عن أصبغبن محمد أحد فقهاء الأندلس المنع
من مسألة العلوفة وإن اشتركا في الزريعة، إلا أن يبتاع العامل من صاحب الورق منها جزءاً على قدر حظه من الزريعة بثمن معلوم يتفقان عليه يخدم صاحب التوت حظه من الزريعة أو يستأجر العامل على خدمة ذلك بشيء معلوم من غير الحرير الذي تخرجه، وما تقدم من الجواز بالشروط المذكورة هو البين، والله أعلم، لما تقدم، وأيضاً فإن إجارتَه لذلك إذا ابتاع العاملُ من الورق جزءاً بثمن معلوم يتفقان عليه واستأجره صاحبُ الورق في حظه من العمل بإجارةٍ معلومةٍ إذا كان ثمن ما ينوبه من الورق مساوياً لما يعمل له العامل في الورق يرجع في المعنى إلى ما قررته لأنه إن أجاز المقاصَّةَ بينهما فقد آل الأمرُ إلى ما ذكرته، وإن لم يجز المقاصَّةَ فإذا أعطى كل واحد ما قبله من الثمن فقد آل أحدهما أيضاً إلى ذلك، وإظهار الثمن لا معنى له، وقاعدة المذهب: اعتبار ما دخل باليد وما خرج منها، ولست على يقين مما روي عن أصبغبن محمد لأنه منقول في بعض النوازل وإنما يقلد الإمام فيما ينقل عنه بالرواية الصحيحة أو بالاستظهار، وكلاهما معدوم في مسألتنا فيبني على ما تقدم مما يدل على جوازها.
وسئل عن الشركة في العلوفة على أن يكون الورق على واحد وعلى الآخر الخدمة، وتكون الزريعةُ بينهما على نسبة الحظ المتفق عليه؟
فأجاب: العلوفة على الوجه المذكور المسؤول عنها أجازها بعضُ الفقهاء فمن عمل به على الوجه المذكور للضرورة وتعذر الوجه الآخر فيرجى أن يجوز.
جواب آخر: وأما السابعة وهي مسألة العلوفة بورق التوت على ما جرت به عادة الناس عليه اليومَ، فإن كان يجد الإنسان من يوافقه على وجه جائز مثل أن يقلبَ العاملُ الوَرقَ ويشتري نصفَهَا مثلاً من صاحبها بعمله، وما يحتاج إليه من الورق إن نَفَدَتْ تلك يشتريانها معاً أو يشتريها صاحبُ الورق من غير شرط في أول المعاملة أو يشتريها وحده بدفع نصفها له مثلاً بنصف عمله، فإنْ وجد من يعمل
هذا فلا يجوز له أن يعمل ما جرت به عادةُ الناس اليوم على مذهب مالك وجمهور أهل العلم، ويجوز على مذهب أحمدبن حنبل وبعض علماء السلف قياساً على القراض والمساقاة، وأما إن لم يجد الإنسانُ من يعملها إلا على ما جرت به العادة، وتركُ ذلك يؤدي إلى تعطيلها ولَحِق الحرجُ وإضاعة المال، فيجوز على مقتضى قول مالك في إجازة الأمر الكلي الحَاجيِّ.