الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تصدي الرِّجَال للبيع من النساء
جوابكم في مسألة وهي: الرجال من المسلمين ومن أهل الذمة يتصدون لبيع السلع من النساء في الدور أو لتعديل الحوائج مثل المغزل وغيره؛ وقد تخرج إليهم المرأة لتباشر البيع وهي مكشوفة الوجهِ وخصوصاً في زمن الحرِّ، وقد تدفع عوضاً مما تشتريه شيئاً من مال زوجها ببَخْسٍ من الثمن من الزرع وغيره ولا تُؤْمَنُ الخلوةُ، وخصوصاً في القائلة.
فهل يسوغ تقديمُ مثلِ هؤلاءِ للبيع من النساء أم لَا؟
الجواب: وأما المسألة الثانية فاشتراء المرأة وبيعها من الرجال أو استيجارها إياهم في عمل ومباشرة ذلك بنفسها للضرورة والحاجة إذا لم يقع فساد ولا تهمة ولا خلوة ولا ميل لشهوة فاسدة جائزٌ، ولا يضر كَشفُ وجهها ويديها بذلك كما تكشفهما في الصلاة، وعلى هذا حمل جماعة من العلماء قوله تعالى:(ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها).
والمراد بالزينةِ الوجهُ واليدانِ إلى الكوعين، وعبر عن هذين العضوين
بالزينة، لأنَّ الوجهَ محلُّ الكحل في العينين واليدين محلُّ الخاتم فهو من المجاز تسمية للشيء بملابسه ومجاوره، لكن هذا في الصلاة وفي معاملة الناس للضرورة على الوجه المتقدم، ومذهب مالك رضيالله عنه: جوازُ كشفِ المرأة وجهها ويديها لأجنبي لكن على الوجه المذكور. وفي كتاب الظهار من المدونة جوازُ نظرِ
الأجنبي إلى وجه المرأة وفي كتاب طلاق السنة منها في الرجل يُطلِّقُ زوجته ثلاثاً فيجحد الطلاقَ وعِلمَتْه هي أنَّها لا تتزين له ولا يرى شعرها ولا وَجْهها ولا يأتيها إلا وهي كارهة. فحمل ابن محرز هذه الرواية التي في طلاق السنة على أنه لا تُمكِّنه من ذلك لأن قصده التلذذ بها ولا شكَّ في المنع على هذا الوجه.
أمَّا إن وقعتْ خلوةٌ فذلك ممنوع، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إياكم والدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ وقال صلى الله عليه وسلم: لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بامرأةٍ فإنَّ
ثالثهما الشيطان وكذلك إن وقع إكْثَارٌ مِنْ جُلُوس النساءِ للصُّنَّاعِ وطول مقام من المرأة لغير فائدةٍ أو في أوقاتٍ يُخاف فيها التطرق إلى الفساد، مثل أوقات القائلة وغفلة الناس أو يكون المكان خالياً أو خلوة في منزل الصانع، ولا يكون مع زوجة ولا مع من لا يتعرض لفساد بحضرته، فممنوع يجب على من ولَاّها لله أمرَ المسلمين من الحكام المنعُ من ذلك وتغييره، وقد استحب بعض العلماء أن لا يعلم الإنسانُ ولده صنعةً تكون فيها مخالطة النساء، لما يُخشَى من توقع الفساد، ولأن ذلك يكسب الرجلَ التخنث.
وفي العتبية قال مالك رضي الله عنه: أرى للإمام أنْ يتقدمَ إلى الصناع في قُعُود النساء إليهم، وأن لا يترك المرأة الشَّابة تَجْلِسُ إلى الصناع فأما المُتَجَالَّةُ والخادم الدُّونُ التي لا تتهم على القعود ولا يُتَّهَمُ من تقعد عنده فإني لا أَرى بذلك بأسا؛ قال ابن رشد وهذا كما قال، يجب على السلطان تفقد مثل هذا والنظر لرعيَّتِه فيه لأنه مَسْؤولٌ عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤولُ عَنْ رَعيته. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ما تركت بعدي فتنةً أضرَّ على الرجال من النساء.
وقال صلى الله عليه وسلم: باعدوا بين أنفاس الرجال والنساء.
وأما المسألة الثالثة فإن علم ما تشتريه المرأة من مال زوجها يسمح بذلك بالعادة
لَيَسَارتِهِ ولا أن لا تجعل ذلك. . . زوجها وضروريات أموره فذلك جائز وإن غلب على ظنه خلاف ذلك لم يحل له، وإن أشكل عليه الأمر منع لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الحلال بين والحرام بين وبينهما متشابهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لِدِينِه وعرضه. . . الحديث وقال صلى الله عليه وسلم: دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ أَيْ دع ما اعترض لك الشك فيه ذاهباً إلى ما لا تشك فيه وقال ابن عمر: إني لأحب أن أدع بيني وبين الحرام سترة من الحلال لا أحرمها.
والسلام على من يقف عليه مِن محمد بن سراج وفقه الله.