الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المذكور وبقي تحت يدها بعد التصيير نحو
أربعة أعوام فتغله.
فأجاب: الدين ثابت والتصيير مرود، قاله ابن سراج.
إجارة السفينة بجزء مما تحمله
وسئل عن مسألة درج عليها أهل الأساطيل، وذلك أنه يتعذر عليهم تسفيرها بالإجارة المعلومة، ليس في الأندلس من يسافر بالإجارة، فمن رام ذلك أو دعا إليه إرادةً منه أن يخرج عن فعلهم لم يجده أو كاد. وكيفية فعلهم الآن: إن قدمت السفينةُ يسافرون بها ذاهبةً وراجعة، وما اجتمع فيها من كراء زرع وسمن وركاب وأثقال يأكلون منه، وما بقي يقتسمونه على نسبة حق لهم من نصف أو ثلث، والجزء الآخر لأرباب السفينة. فهل يمتنع ذلك لما فيه من الجهل أو يجوز لتعذر من يسافر بها بالإجارة المعلومة؟ كيف والقطر الأندلسي لا يخفى حالُه، والحاجة فيه إلى الطعام، وجل طعامه الآن من البحر. وكثير من أهل الفضل يروم التسبب
في إنشاء سفينة أو شرائها والمشاركة في ذلك، ويمنعه من ذلك كراؤها على الوجه المذكور، والحال في الوطن لا يخفى والضرورة فيه ظاهرة، وإن كانت المسألة أخف إذا تُركَتِ النفقةُ، فربما يمكن تركها ويراد فيه الخدمة في الجزء؟
فأجاب: إذا كان الأمرُ كما ذُكر في السؤال فإنه يجوز إعطاء السفينة بالجزء نصفاً أو ثلثاً أو ربعاً أو غير ذلك من الأجزاء للضرورة الداعية لذلك لأنه قد عُلم من مذهب مالك رحمهالله مراعاةُ المصلحةِ إذا كانت كُلِّيَّةً حاجيَّةً وهذه منها.
وأيضاً فإن أحمدبن حنبل وجماعةً من علماء السلف أجازوا الإجارة بالجزء في جميع الإجارات قياساً على القِراضِ والمساقاة والشركة وغيرها مما استُثنيَ جوازُهُ في الشرع.
وقد اختُلف في جواز الانتقال من مذهب إلى آخر في بعض المسائل، والصحيح
من جهة النظر جوازُهُ.
ويعضد الجوازَ في هذه المسألة خصوصاً ما تقدَّمَ في أنها تجري على أصل مالك في جواز المصلحة الكلية الحاجية.
ووجه آخر مما يدل على الجواز: ما ذكره الشعبي عن أصبغ أنه سُئل عن رجل يستأجر أجيراً على أن يعمل له في كرم على النصف مما يخرج من الكرم أو ثلثه أو جزء منه؟ قال: لا بأس بذلك.
قيل له: وكذلك جميع مما يضطر إليه، مثل الرجل يستأجر الأجير يحرس له الزرع وله بعضه؟ قال: يُنظر إلى أمر الناس إذا اضطرُّوا إلى ذلك في أمر لا بد لهم منه ولا يوجد العملُ إلا به فأرجو أن لا يكونَ به بأسٌ إذا عَمَّ ولا تكون الإجارةُ إلا به. ومما يبين ذلك مما يُرجع فيه إلى عمل الناس وإلى سنتهم ولا يجدون منه بُدٍّا مثل كراء السفن في حمل الطعام انتهى.
وهذا نَصٌّ في مسألتنا مع ما تقدم فيترجح الجوازُ في المسألة، والله أعلم.