المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عظم شجرة طوبى - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ١٥

[حسن بن علي الفيومي]

الفصل: ‌عظم شجرة طوبى

‌عظم شجرة طوبى

5674 -

وَعَن عتبَة بن عبد رضي الله عنه قَالَ جَاءَ أَعْرَابِي إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَا حوضك الَّذِي تحدث عَنهُ فَذكر الحَدِيث إِلَى أَن قَالَ فَقَالَ الْأَعرَابِي يَا رَسُول الله فِيهَا فَاكهَة قَالَ نعم وفيهَا شَجَرَة تدعى طُوبَى هِيَ تطابق الفردوس فَقَالَ أَي شجر أَرْضنَا تشبه قَالَ لَيْسَ تشبه شَيْئا من شجر أَرْضك وَلَكِن أتيت الشَّام قَالَ لَا يَا رَسُول الله قَالَ فَإِنَّهَا تشبه شَجَرَة بِالشَّام تدعى الجوزة تنْبت على سَاق وَاحِد ثمَّ ينتشر أَعْلَاهَا قَالَ فَمَا عظم أَهلهَا قَالَ لَو ارتحلت جَذَعَة من إبل أهلك لما قطعتها حَتَّى تنكسر ترقوتها هرما قَالَ فِيهَا عِنَب قَالَ نعم قَالَ فَمَا عظم العنقود مِنْهَا قَالَ مسيرَة شهر للغراب الأبقع لَا يَقع وَلَا ينثني وَلَا يفتر قَالَ فَمَا عظم الْحبَّة مِنْهُ قَالَ هَل ذبح أَبوك تَيْسًا من غنمه عَظِيما فسلخ إهابه فَأعْطَاهُ أمك فَقَالَ ادبغي هَذَا ثمَّ افري لنا مِنْهُ ذنوبا يروي ماشيتنا قَالَ نعم قَالَ فَإِن تِلْكَ الْحبَّة تشبعني وَأهل بَيْتِي فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَعَامة عشيرتك. رواه الطبراني في الكبير

(1)

والأوسط

(2)

واللفظ له والبيهقي.

(3)

بنحوه، وابن حبان

(1)

الطبراني في المعجم الكبير (17/ 126/ 312).

(2)

المعجم الأوسط (402). قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 414) رواه الطبراني في الأوسط واللفظ له، وفي الكبير، وأحمد باختصار عنهما، وفيه عامر بن البكالي، وقد ذكره ابن أبي حاتم ولم يجرحه ولم يوثقه، وبقية رجاله ثقات. وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (3729).

(3)

البيهقي في البعث والنشور (274)، وأخرجه بقي بن مخلد في الحوض والكوثر (15) =

ص: 16

في صحيحه

(1)

بذكر الشجرة في موضع، والعنب في آخر، ورواه أحمد

(2)

باختصار.

[قوله] افري لنا منه ذنوبا، أي شقي واصنعي. [والذنوب] بفتح الذال المعجمة: هو الدلو، وقيل: لا تسمى ذنوبا إلا إذا كانت ملأى أو دون الملأى.

قوله: "وعن عتبة بن عبد السلمي" هو عتبة بن عبد السلمي بن الندر كان اسمه عتلة، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عتبة، يكنى أبا الوليد، حديثه عند شريح بن عبيد، ولقمان بن عامر، وكثير بن مرة الحضرمي، وخالد بن معدان، وعبد الله بن ناسج، وعقيل بن مدرك، وحبيب بن عبيد الرحبي، وراشد بن سعد، وغيرهم.

قوله: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما حوضك الذي تحدث عنه؟ فذكر الحديث إلى أن قال: فقال الأعرابي يا رسول الله فيها فاكهة؟ قال: نعم. وفيها شجرة تدعى طوبي هي تضايق الفردوس، الحديث. قال السهيلي

= وابن عبد البر في التمهيد (3/ 320) وأخرجه الفسوي في المعرفة والتاريخ (2/ 197 - 198)، وعثمان الدارمي في نقضه على بشر المريسي (276 - 277، والطبراني في المعجم الأوسط (402)، ومسند الشاميين (2860)، وعنه أبو نعيم فىِ صفة الجنة (346) والبيهقي في البعث والنشور (274) قال الضياء في صفة الجنة (ص 55): لا أعلم لهذا الإسناد علة، والله أعلم. قال ابن حجر فتح الباري (11/ 410): وفي صحيح ابن حبان أيضا والطبراني بسند جيد من حديث عتبة بن عبد نحوه بلفظ ثم يشفع كل ألف في سبعين ألفا ثم يحثى ربي ثلاث حثيات بكفيه وفيه ..

(1)

وابن حبان في الصحيح (6450 و 7247 و 7416).

(2)

مسند أحمد (17642).

ص: 17

في كتاب التعريف والإعلام في سورة الرعد في قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ}

(1)

الآية، فقال: طوبى هي شجرة في الجنة أصلها في قصر النبي صلى الله عليه وسلم ثم تنقسم فروعها على جميع منازل أهل الجنة كما انتشر منه العلم والإيمان على جميع أهل الدنيا. وهذه الشجرة هي شجرة الجوز. كذا روي في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال البغوي: اختلفوا في تفسير طوبى، قال ابن عباس إنه فرح وقرة عين

(2)

. وقال معمر عن قتادة هي كلمة عربية يقول الرجل للرجل طوبى لك أي أصبت خيرا، وقال إبراهيم: خيرا وكرامة

(3)

، وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس.

(4)

طوبى اسم الجنة بالحبشية، وقال الربيع البستان بلغة الهند.

وروي عن أمامة وأبي هريرة وأبي الدرداء قال

(5)

: طوبى شجرة في الجنة تظل الجنان كلها. قال عبيد بن عمير هي شجرة في جنة عدن أصلها في دار

(1)

سورة الرعد، الآية:29.

(2)

الطبري في التفسير (13/ 146). وعزاه السيوطي في الدر المنثور (4/ 642): لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس.

(3)

الطبري في التفسير (13/ 146). وعزاه السيوطي في الدر المنثور (4/ 643) لابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة.

(4)

الطبري في التفسير (13/ 146). وعزاه السيوطي في الدر المنثور (4/ 643) لابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس.

(5)

تفسير القرطبي (9/ 316): وذكر بن وهب من حديث شهر بن حوشب عن أبي أمامة الباهلي قال طوبى شجرة في الجنة ليس منها دار إلا وفيها غصن منها ولا طير حسن إلا هو فيها ولا ثمرة إلا هي منها وقد قيل إن أصلها في قصر النبي.

ص: 18

النبي صلى الله عليه وسلم وفي كل دار وغرفة غصن منها، لم يخلق الله لونا ولا زهرة إلا وفيها منها إلا السواد ولم يخلق الله فاكهة ولا ثمرة إلا وفيها منها [ما]

(1)

ينبع من أصلها عينان الكافور والسلسبيل. وقال مقاتل: كل ورقة منها تظل أمة عليها ملك يسبح الله بأنواع التسبيح، اهـ. والله أعلم. وعن عبد الله بن المبارك عن معمر عن الأشعث عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة

(2)

قال: في الجنة شجرة يقال لها طوبى يقول الله لها تفتقي لعبدي عما يشاء فتنفتق له عن فرس بسرجه ولجامه وهيئته كما شاء وتنفتق له عن الراحلة برحلها وزمامها وهيئتها كما شاء وعن الثياب.

وعن معاوية بن قرة عن أبيه يرفعه

(3)

: طوبى شجرة غرسها الله بيده ونفخ فيها من روحه تنبت الحلى والحلل وإن أغصانها لترى من وراء سور الجنة.

وقال ابن وهب: حدثنا عمرو بن الحارث فذكره إلى أن قال: عن أبي سعيد الخدري

(4)

قال: قال رجل يا رسول الله ما طوبى؟ قال: شجرة في

(1)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

(2)

أخرجه عبد الرزاق في التفسير (2/ 336)، وابن أبي الدنيا في صفة الجنة (55)، وابن جرير في التفسير (16/ 438). وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3631).

(3)

أخرجه الطبري في تفسيره (13/ 88)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3630)، والضعيفة (3830): موضوع.

(4)

أخرجه أحمد (11673)، أبو يعلى (1374) ابن أبي الدنيا في صفة الجنة (148) الخطيب في تاريخ بغداد (4/ 90) السلفي في الطيوريات (986) ابن أبي داود في كتاب البعث (68) ابن جرير في التفسير (16/ 443)، والأجري في الشريعة (1/ 359) =

ص: 19

الجنة مسيرة مائة سنة ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها.

وعن أبي سعيد أيضا

(1)

: أن رجلا قال: يا رسول الله طوبى لمن رآك وآمن بك. قال: طوبى لمن رآني وآمن بي ثم طوبى ثم طوبى لمن آمن بي ولم يرني. فقال رجل: يا رسول الله وما طوبى؟ قال: شجرة في الجنة مسيرة مائة سنة ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها.

قوله: "لو ارتحلت جذعة من إبل أهلك حتى تنكسر ترقوتها هرما" الحديث، الجذعة بالذال المعجمة محركا هي الناقة التي تمّ لها أربع سنين وطعنت في الخامسة والحقة التي طعنت في الرابعة. قوله:"فما عظم العنقود منها؟ قال مسيرة شهر للغراب الأبقع لا يقع ولا ينثني ولا يفتر" الحديث. العنقود بضم العين القطف من العنب بكسر القاف و [يفسره] الحديث الآخر: فتناولت منها عنقودا. والغراب الأبقع هو الذي فيه بياض وسواد وتقدم الكلام عليه في الصوم. وقوله: "فما عظم الحبة منه؟ قال: هل ذبح أبوك تيسا من غنمه عظيما فسلخ إهابه فأعطاه أمك فقال: ادبغي هذا ثم افري لنا منه ذنوبا يروي ماشيتنا؟ قال: نعم" تيس الغنم هو الكبش الكبير العظيم السمين من كثرة العلف والإهاب الجلد.

وقوله: "افري لنا منه ذنوبا" أي شقِّي واصنعي. اهـ، قاله الحافظ. وقال

= والتصديق بالنظر (57)، وابن حبان (7230 و 7413) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3918)، والصحيحة (1985). صحيح الترغيب والترهيب (3736).

(1)

أخرجه عبد بن حميد في المنتخب (1000) وابن أبي عاصم في السنة (1487).

ص: 20

بعض العلماء: وأصل الفري القطع يقال: فريت الشيء أفريه [فريا] إذا شققته وقطعته للإصلاح فهو مُفرًى [وفرَى] وأفريته إذا شققته على جهة الإفساد. وتقولط العرب تركته يفري الفري إذا عمل العمل فأجاده، اهـ. والذَنوب بفتح الذال المعجمة هي الدلو العظيم، وقيل لا تسمى ذنوبا إلا إذا كانت ملأى أو دون [الملأى، قاله الحافظ].

5675 -

وَعَن عبد الله بن أبي الهذيل قَالَ كُنَّا مَعَ عبد الله يَعْنِي ابْن مَسْعُود بِالشَّام أَو بعمان فتذاكروا الْجنَّة فَقَالَ إِن العنقود من عناقيدها من هَهُنَا إِلَى صنعاء. رواه ابن أبي الدنيا موقوفا

(1)

.

قوله: "عن عبد الله بن أبي الهذيل" وأبو الهديل اسمه لا يعرف وهو أبو المغيرة العنزى الكوفي روى عن أبي بكر وعمر وعلي وعمار بن ياسر وابن مسعود وعبد الله ابن عمرو وابن خباب بن الأرت وأبي بن كعب وأبي الأحوص الجشمى وجماعة وفي سماعه من أبي بكر نظر وعنه إسماعيل بن رجاء وواصل الأحدب وأبو فروة مسلم بن سالم الجهني والأجلح بن عبد الله الكندي وأشعث بن أبي الشعثاء وسلم بن عطية وأبو سنان ضرار بن مرة وأبو التياح الضبعي وغيرهم وقال النسائي ثقة وذكره ابن حبان في الثقات قلت وقال العجلي تابعي ثقة وكان عثمانيا وقال أبو زرعة: ابن أبي الهذيل عن أبي بكر مرسل وقرنه خليفة في الطبقات توفي في ولاية خالد القسري.

(1)

ابن أبي الدنيا في صفة الجنة (47) وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (3730).

ص: 21

قال: "كنا عند عبد الله" يعني ابن مسعود "بالشام أو بعمان" عمان بتشديد الميم وفتح العين فهي بالشام قرب دمشق سميت بعمان بن لوط بن هاران كان سكنها فيما ذكروا، قاله الخطابي. وحكى أيضا تخفيف الميم. وفي الترمذي إلى عمان البلقاء والبلقاء بالشام في حديث الحوض. قال البكري: ويقال فيها أيضا عُمان بضم العين والتخفيف وزعموا أنه المراد [بالحديث لذكره مع أيلة وجرباء وأدرج، والكل من قرى الشام. وأما عمان التي هي في بلاد اليمن فبالضم والتخفيف لا غير، ووقع في كتاب ابن أبي شيبة ما يدل على أنها المراد] في حديث الحوض والله أعلم. قوله: "فتذكروا الجنة فقال إن العنقود من عناقيدها من هنا إلى صنعاء" الحديث، وصنعاء هي صنعاء اليمن وهي مدينة مشهورة لا صنعاء الشام وهي كانت عند دمشق فخربت.

5676 -

وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه قَالَ عرضت عَليّ الْجنَّة فَذَهَبت أتناول مِنْهَا قطفا أريكموه فحيل بيني وَبَينه فَقَالَ رجل يَا رَسُول الله مَا مَاء الْحبَّة من الْعِنَب قَالَ كأعظم دلو فرت أمك قطّ. رواه أبو يعلى

(1)

بإسناد حسن.

قوله: "عن أبي سعيد الخدري" تقدم الكلام عليه. قوله صلى الله عليه وسلم: "عرضت علي الجنة -وفي حديث آخر: الجنة والنار،- فذهبت أتناول منها قطفا

(1)

أبو يعلى (1147)، ومن طريقه أبو نعيم في صفة الجنة (350). قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 414): رواه أبو يعلى، وإسناده حسن. وقال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة (8/ 235) رواه أبو يعلى الموصلي، قال الحافظ المنذري: إسناده حسن. وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (3731).

ص: 22

أريكموه [فحيل بيني وبينه] " الحديث، القطف بكسر القاف العنقود ومعنى أتناول أي مددت يدي إليه لآخذه فحيل بيني وبينه. والمناولة مدّك بالشيء إلى غيرك وكأنه من النول وهو الإعطاء. [و] اعلم أن الجنة والنار مخلوقتان موجودتان اليوم وأن في الجنة اليوم ثمارا وهذا كله مذهب أصحابنا وسائل أهل السنة خلافا للمعتزلة. وقال القاضي عياض

(1)

: قال العلماء يحتمل أنه رآهما رؤية عين كشف الله تعالى عنهما وأزال الحجب بينه وبينهما فينظر إليهما بعينيه كما مثل له بيت المقدس حين كذبه الكفار في الإسراء فنظر فجعل يخبرهم عنه وأما عدم أخذه عليه السلام منه فلأن طعام الجنة باق أبدا ولا يجوز أن يكون شيء من دار البقاء في دار الفناء وأيضا إنه جزاء الأعمال والدنيا ليست بدار جزاء، وقيل لأنه لو تناوله ورآه الناس لكان إيمانهم بالشهادة لا بالغيب فلا ينفع حينئذ نفسا إيمانها، قاله الكرماني

(2)

.

(1)

شرح النووي على مسلم (6/ 207).

(2)

الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري (6/ 140).

ص: 23