المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في أكل أهل الجنة وشربهم وغير ذلك - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ١٥

[حسن بن علي الفيومي]

الفصل: ‌فصل في أكل أهل الجنة وشربهم وغير ذلك

‌فصل في أكل أهل الجنة وشربهم وغير ذلك

5683 -

عَن جَابر رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَأْكُل أهل الْجنَّة وَيَشْرَبُونَ وَلَا يَمْتَخِطُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ وَلَا يَبُولُونَ طعامهم ذَلِك جشاء كريح الْمسك يُلْهمُون التَّسْبِيح وَالتَّكبِير كَمَا يُلْهمُون النَّفس رواه مسلم

(1)

وأبو داود

(2)

.

قوله: "عن جابر" تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم: "يأكل أهل الجنة ويشربون ولا يمتخطون لا يتغوطون ولا يبولون" الحديث، وقد ذهب أهل السنة وعامة المسلمين إلى أن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ويتنعمون بذلك وغيره من ملاذها وأنواع نعيمها تنعما دائما لا آخر له ولا انقطاع أبدا وأن تنعمهم بذلك على هيئة تنعم أهل الدنيا إلا ما بينهما من التفاضل في اللذة والنفاسة التي لا تشارك نعيم الدنيا إلا في التسمية وأصل الهيئة. قوله: طعامهم ذلك جشاء كريح المسك" يعني أن فضول طعامهم يخرج في الجشاء وهو تنفس المعدة.

قوله: "يسبحون الله بكرة وعشيا" فإن قلت التسبيح إنما يكون في دار التكليف والجنة دار جزاء. قلت: إنما هو للتلذذ. فإن قلت: لا بكرة ثمة ولا عشية إذ لا طلوع ولا غروب.

(1)

صحيح مسلم (18)(2835).

(2)

سنن أبي داود (4741).

ص: 29

قلت: المراد مقدارهما.

قوله صلى الله عليه وسلم: "يلهمون التسبيح والتكبير كما يلهمون النفس" الحديث، يعني أن تسبيحهم وتحميدهم يجري مع الأنفاس كما تلهمون أنتم النفس، اهـ.

قال الإمام محيي السنة

(1)

: أراد به والله أعلم أن مجرى التسبيح فيهم كمجرى النفس من ابن آدم لا يشغله [التنفس] عن شيء.

فائدة: الإلهام أن يلقي الله سبحانه وتعالى في النفس أمرا [تحمل] على فعل الشيء أو تركه، والله أعلم.

5684 -

وَعَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه قَالَ: إِن الرجل من أهل الْجنَّة ليشتهي الشَّرَاب من شراب الْجنَّة فَيَجِيء الإبريق فَيَقَع فِي يَده فيشرب ثمَّ يعود إِلَى مَكَانَهُ، رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا مَوْقُوفا بِإِسْنَاد جيد

(2)

.

5685 -

وَعَن زيد بن أَرقم رضي الله عنه قَالَ جَاءَ رجل من أهل الْكتاب إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا أَبَا الْقَاسِم تزْعم أَن أهل الْجنَّة يَأْكُلُون وَيَشْرَبُونَ قَالَ نعم وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ إِن أحدهم ليُعْطى قُوَّة مائَة رجل فِي الْأكل وَالشرب وَالْجِمَاع قَالَ فَإِن الَّذِي يَأْكُل وَيشْرب تكون لَهُ الْحَاجة وَلَيْسَ فِي الْجنَّة أَذَى قَالَ تكون حَاجَة أحدهم رشحا يفِيض من جُلُودهمْ كرَشْحِ الْمسك فيضمر

(1)

شرح السنة (15/ 213).

(2)

أخرجه ابن أبى الدنيا في صفة الجنة (133). وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (3738). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.

ص: 30

بَطْنه. رواه أحمد

(1)

. والنسائي

(2)

ورواته محتج بهم في الصحيح.

5686 -

وَالطَّبَرَانِيّ

(3)

بِإِسْنَاد صَحِيح وَلَفظه فِي إِحْدَى رواياته قَالَ بَينا نَحن عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذْ أقبل رجل من الْيَهُود يُقَال لَهُ ثَعْلَبَة بن الْحَارِث فَقَالَ السَّلَام عَلَيْك يَا مُحَمَّد فَقَالَ وَعَلَيْكُم فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيّ تزْعم أَن فِي الْجنَّة طَعَاما وَشَرَابًا وأزواجا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم نعم تؤمن بشجرة الْمسك قَالَ نعم قَالَ

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة (35127) وأحمد (19484)(19529) وهناد بن السري في الزهد (63 و 90) والحسين المروزي في زوائد الزهد لابن المبارك (1459) وعبد بن حميد (263) والدارمي (2828) وابن أبي الدنيا في صفة الجنة (111) والبزار في المسند (4301) و (4302)، والسمرقندي في تنبيه الغافلين (ص 53) وأبو الشيخ في العظمة (608) وابن المقرئ في المعجم (514) وأبو نعيم في صفة الجنة (329) وفي الحلية (8/ 116) والبيهقي في البعث (317) والمزي في التهذيب (4/ 409) وقال ابن كثير في البداية والنهاية (20/ 320): قال الضياء المقدسي: وهذا عندي على شرط مسلم لأنّ ثمامة ثقة وقد صرّح بسماعه من زيد بن أرقم قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 416) رواه كله الطبراني في الأوسط وفي الكبير بنحوه، وأحمد .... ورواه البزار، ورجال أحمد والبزار رجال الصحيح غير ثمامة بن عقبة، وهو ثقة. وقال ابن القيم: وفي المسند وسنن النسائي بإسناد صحيح على شرط الصحيح من حديث الأعمش عن ثمامة بن عقبة عن زيد بن أرقم قال: الحديث حادي الأرواح (ص 187)، وقال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة (8/ 235): إسناده صحيح. وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (373)، والتعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (7381).

(2)

النسائي في السنن الكبرى (11414) قال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (ص: 1929) أخرجه النسائي في الكبرى بإسناد صحيح ..

(3)

الطبراني في المعجم الكبير (5/ 177 - 179/ 5004 و 5005 و 5006 و 5007 و 5008 و 5009) وفي الأوسط (1722 - 8876).

ص: 31

وتجدها فِي كتابكُمْ قَالَ نعم قَالَ فَإِن الْبَوْل والجنابة عرق يسيل من تَحت ذوائبهم إِلَى أَقْدَامهم مسك.

5687 -

وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه

(1)

وَالْحَاكِم

(2)

وَلَفْظهمَا أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم رجل من الْيَهُود فَقَالَ يَا أَبَا الْقَاسِم أَلَسْت تزْعم أَن أهل الْجنَّة يَأْكُلُون فِيهَا وَيَشْرَبُونَ وَيَقُول لأَصْحَابه إِن أقرّ لي بِهَذَا خصمته فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بلَى وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ إِن أحدهم ليُعْطى قُوَّة مائَة رجل فِي الْمطعم وَالْمشْرَب والشهوة وَالْجِمَاع فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيّ فَإِن الَّذِي يَأْكُل وَيشْرب تكون لَهُ الْحَاجة فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَاجتهم عرق يفِيض من جُلُودهمْ مثل الْمسك فَإِذا الْبَطن قد ضمر. ولفظ النسائي نحو هذا.

قوله: "وعن زيد بن أرقم" تقدم الكلام عليه. قوله: "جاء رجل من أهل الكتاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبا القاسم تزعم أن أهل الجنة يأكلون ويشربون؟ قال: نعم، والذي نفس محمد بيده إن أحدهم ليعطى قوة مائة رجل في الأكل والشرب والجماع" الحديث. قوله: "جاء رجل من أهل الكتاب" أهل الكتاب اليهود والنصارى وكتابهما التوراة والإنجيل، وهذا الرجل من اليهود يقال له ثعلبة بن الحارث [قاله] الطبراني. وقوله:"فقال يا أبا القاسم" هي كنية النبي صلى الله عليه وسلم وكني بذلك لأن القاسم [من أولاده صلى الله

(1)

وابن حبان (7424).

(2)

وذكر الحافظ هنا وابن القيم في الحادي (ص 187) والمنذري في الترغيب (4/ 525) أنّ الحاكم أخرجه في المستدرك ولم أجده فيه بعد البحث الشديد.

ص: 32

تعالى عليه وسلم] [قوله]

(1)

وتقدم الكلام على ذلك مبسوطا مع اختلاف العلماء [في تكني غير النبي صلى الله عليه وسلم بذلك]

(2)

وفي قوله: "تزعم" مع تصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه دليل على أن زعم ليس مخصوصا بالكذب والقول المشكوك فيه بل يكون أيضا في القول المحقق والصدق الذي لا شك فيه، وقد جاء من هذا كثير في الأحاديث، وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: زعم جبريل كذا. وقد أكثر سيبويه وهو إمام العربية في كتابه الذي هو إمام كتب العربية من قوله: زعم الخليل، زعم أبو الخطاب، يريد بذلك القول المحقق. وقد نقل ذلك جماعات من أهل اللغة وغيرهم؛ فمعنى زعم في كل هذا قال والله أعلم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "يكون حاجة أحدهم رشحا يفيض من جلودهم كرشح المسك فتضمر بطنه" الحديث. وفي حديث آخر: إنما هو عرق يجري [من أعراضهم مثل المسك أي من معاطف أبدانهم وهي المواضع التي تعرق]

(3)

من الجسد، قاله في النهاية

(4)

. قوله: "في رواية الطبراني إذ أقبل رجل من اليهود يقال له ثعلبة بن الحارث، فقال: السلام عليك يا محمد. فقال وعليكم" الحديث تقدم الكلام على أهل الكتاب وكيفيته والأحاديث الواردة فيه وما قاله العلماء.

(1)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

(2)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

(3)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

(4)

النهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 209).

ص: 33

تنبيه: في النداء له صلى الله عليه وسلم: يا محمد، قال العلماء: لعل هذا كان قبل النهي عن مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم باسمه قبل نزول قوله تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا}

(1)

على أحد التفسيرين، أي لا تقولوا: يا محمد، بل قولوا يا رسول الله، يا نبي الله. ويحتمل أن يكون بعد نزول الآية ولم تبلغ الآية هذا القائل والله أعلم. قوله:"فإن البول والجنابة عرق يسيل من تحت ذوائبهم إلى أقدامهم مسك" الحديث، الذوائب جمع ذؤابة وهي الشعر.

سؤال: ما أول طعام يأكله أهل الجنة؟ وفي حديث: ما نزلهم يعني أهل الجنة؟ بضم الزاي والنون، أي ما طعامهم الذي ينزلون عليه لأول ورودهم؟ يقال [أعددت] لفلان نزله. قيل: قال النيسابوري: من كبد السمكة والبقرة الذي تحت الأرض، وجاء في [الصحيح]

(2)

عنه صلى الله عليه وسلم أنه أخبر أن أول طعام يأكله أهل الجنة إذا دخلوا زيادة كبد الحوت أي طرف كبد الحوت وفي لفظ زيادة كبد النون والنون هو الحوت. وفي الصحيح

(3)

أن غذاءهم على إثر ذلك أن ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها وأن شرابهم من عين تسمى سلسبيلا، وزيادة كبد الحوت، فالزيادة والزائد شيء واحد وهو في طرف الكبد وهو أطيبها. وقال بعض العلماء هو القطعة المنفردة المتعلقة فيها وهو أطيبها. وأما غذاؤهم فروي على وجهين: أحدهما بكسر الغين

(1)

سورة النور، الآية:63.

(2)

صحيح البخاري (3938).

(3)

صحيح مسلم (34)(315).

ص: 34

وبالذال المعجمة. الثاني بفتح الغين وبالدال المهملة. قال القاضي

(1)

: هذا هو الصحيح. قال: والأول ليس بشيء. قلت: وله وجه تقديره ما غذاؤهم في ذلك الوقت، وليس المراد السؤال عن غذائهم دائما والله أعلم.

تنبيه: قيل الحكمة فيه الإعلام بانقراض الدنيا وفناء ما بقي منها والله أعلم.

لطيفة: ورد في الخبر أن أول طعام يأكله أهل الجنة زيادة كبد الحوت وأول طعام يأكله أهل النار طحال الثور فالإشارة في الأول أن الحوت حيوان مائي فهو من عنصر الحياة [المناسبة] للجنة فإنه سبحانه وتعالى جعل من الماء كل شيء حي، وقوله:{وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}

(2)

إشارة إلى هذا المعنى. والكبد بيت الدم وهو سبب الحياة والحياة حارة رطبة وبخار ذلك الدم النفس المعبر عنه بالروح الحيواني الذي به حياة البدن وزيادة الكبد ألطف شيء منه فهو بشارة لأهل الجنة ببقاء الحياة عليهم وأنه لا موت فيه. وأما الطحال فهو بيت للأوساخ وفيه يجتمع ما يلقيه الكبد من الدم الفاسد وهو مع ذلك من الثور والثور حيوان ترابي طبعه البرد واليبس فما أشد هذا مناسبة [لغذاء] لأهل النار فهم بما فيه الدمية لا يموتون وبما فيه من الوسخ [فإنه] من أوساخ البدن من الدم الفاسد المؤلم لا [يحيون] فما أوسع حكمة سيد الأولين والآخرين. [تقدمت أحاديث، ليس تفسير، وهي واضحة لم أكتبها].

(1)

إكمال المعلم بفوائد مسلم (2/ 154) شرح النووي على مسلم (3/ 227).

(2)

سورة هود، الآية:7.

ص: 35

5688 -

وَعَن أنس بن مَالك رضي الله عنه يرفعهُ قَالَ إِن أَسْفَل أهل الْجنَّة أَجْمَعِينَ من يقوم على رَأسه عشرَة آلَاف خَادِم مَعَ كل خَادِم صحفتان وَاحِدَة من فضَّة وَوَاحِدَة من ذهب فِي كل صَحْفَة لون لَيْسَ فِي الْأُخْرَى مثلهَا يَأْكُل من آخِره كَمَا يَأْكُل من أَوله يجد لآخره من اللَّذَّة والطعم مَا لَا يجد لأوله ثمَّ يكون فَوق ذَلِك رشح مسك وجشاء مسك لَا يَبُولُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ وَلَا يَمْتَخِطُونَ رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا وَاللَّفْظ لَهُ وَالطَّبَرَانِيّ وَرُوَاته ثِقَات

(1)

.

5689 -

وَعَن أبي هُرَيرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن أدنى أهل الْجنَّة منزلَة إِن لَهُ لسبع دَرَجَات وَهُوَ على السَّادِسَة وفوقه السَّابِعَة إِن لَهُ لثلاثمائة خَادِم ويغذى عَلَيْهِ كل يَوْم وَيرَاح بثلاثمائة صَحْفَة وَلَا أعلمهُ إِلَّا قَالَ من ذهب فِي كل صَحْفَة لون لَيْسَ فِي الْأُخْرَى وَإنَّهُ ليلذ أَوله كَمَا يلذ آخِره وَمن الْأَشْرِبَة ثَلَاثمِائَة إِنَاء فِي كل إِنَاء لون لَيْسَ فِي الآخر وَإنَّهُ ليلذ أَوله كَمَا يلذ آخِره وَإنَّهُ ليقول يَا رب لَو أَذِنت لي لأطعمت أهل الْجنَّة وسقيتهم لم ينقص مِمَّا عِنْدِي شَيْء الحَدِيث رَوَاهُ أَحْمد عَن شهر عَنهُ

(2)

.

(1)

أخرجه المروزي في زوائد الزهد (1530)، وابن أبى الدنيا في صفة الجنة (208)، والطبراني في الأوسط (7/ 342 - 343 رقم 7674). قال الهيثمى في المجمع 10/ 401: رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله ثقات. وضعفه الألباني في الضعيفة (5305) وضعيف الترغيب (2188) و (2205). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.

(2)

أخرجه أحمد 2/ 537 (10932)، وأبو نعيم في صفة الجنة (229). قال الهيثمى في المجمع 10/ 400: رواه أحمد، ورجاله ثقات على ضعف في بعضهم. وقال الألباني: منكر الضعيفة (6105) وضعيف الترغيب (2206). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.

ص: 36

5690 -

وَعَن أنس رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن طير الْجنَّة كأمثال البخت ترعى فِي شجر الْجنَّة فَقَالَ أَبُو بكر يَا رَسُول الله إِن هَذِه لطير ناعمة فَقَالَ أكلتها أنعم مِنْهَا قَالَهَا ثَلَاثًا وَإِنِّي لأرجو أَن تكون مِمَّن يَأْكُل مِنْهَا رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد جيد

(1)

وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن

(2)

وَلَفظه قَالَ سُئِلَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَا الْكَوْثَر قَالَ ذَاك نهر أعطانيه الله يَعْنِي فِي الْجنَّة أَشد بَيَاضًا من اللَّبن وَأحلى من الْعَسَل فِيهِ طير أعناقها كأعناق الجزر قَالَ عمرَان هَذِه لناعمة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أكلتها أنعم مِنْهَا.

البخت بِضَم الْمُوَحدَة وَإِسْكَان الْخَاء الْمُعْجَمَة هِيَ الْإِبِل الخراسانية.

5691 -

وَرُوِيَ عَن عبد الله بن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِنَّك لتنظر إِلَى الطير فِي الْجنَّة فتشتهيه فَيَجِيء مشويا بَين يَديك. رواه ابن أبي الدنيا

(3)

.

(1)

أخرجه أحمد 3/ 221 (13311). وقال الهيثمي في المجمع 10/ 4141: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح غير سيار بن حاتم، وهو ثقة. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (3740). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.

(2)

أخرجه أحمد 3/ 236 (13480)، والترمذي (2542). وحسنه الألباني في المشكاة (5641) والصحيحة (2514) وصحيح الترغيب (3724) و (3740). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.

(3)

ابن أبي الدنيا في صفة الجنة (100)، (322)، وسعيد بن منصور التفسير من سننه (1171) وأبو نعيم في صفة الجنة (341) والحسن بن عرفة في جزئه (ص 53: 22)، والعقيلي في الضعفاء الكبير (1/ 268)، والشاشي (858) والحسين المروزي في زيادات الزهد لابن المبارك (1452) البزار والبيهقي في البعث والنشور (ص 318)، وأبو يعلى في "المسند" كما في المطالب العالية (18/ 694) وقال ابن حجر: وحميد هو ابن عطاء =

ص: 37

والبزار

(1)

والبيهقي

(2)

.

قوله: "عن عبد الله بن مسعود" تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم: "إنك لتنظر إلى الطير في الجنة فتشتهيه فيخر مشويا بين يديك". إن قيل: فأين يُشوى اللحم وليس في الجنة نار؟ فقد أجاب عن هذا بعضهم بأنه يُشوى بكن. وأجاب آخرون بأنه يشوى خارج الجنة ثم يؤتى به إليهم والصواب أنه يشوى في الجنة بأسباب قدرها العزيز الحكيم لإنضاجه وإصلاحه كما قدر هناك [أسبابا] لإنضاج الثمر والطعام على أنه لا يمنع أن يكون فيها نار تصلح لا تفسد شيئا، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: مجامرهم الألوة، والمجامر جمع مجمر وهو البخور الذي يتبخر بإحراقه [والألوة العود المُطرَّى، فأخبر صلى الله تعالى عليه وسلم أنهم يتجمرون بإحراقه] لتسطع لهم رائحته، اهـ. قاله في حادي الأرواح

(3)

.

= كوفي ضعيف. وذكره ابن حجر في الفتح (6/ 374)، وعزاه للترمذي، ولم أجده فيه، فلعله وهم رحمه الله، وذكره السيوطي في الدر المنثور (8/ 10)، وزاد نسبته إلى ابن أبي الدنيا وابن مردويه.

(1)

مسند البزار = البحر الزخار (2032)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 414) رواه البزار، وفيه حميد بن عطاء الأعرج، وهو ضعيف. وضعفه جدًا الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (2207).

(2)

البيهقي في البعث والنشور (318).

(3)

حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (ص: 191).

ص: 38

5692 -

وَعَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه أَن الرجل من أهل الْجنَّة ليشتهي الطير من طيور الْجنَّة فَيَقَع فِي يَده منفلقا نضجا. رواه ابن أبي الدنيا

(1)

موقوفا.

قوله: "عن أبي أمامة" هو الباهلي واسمه صدي بن عجلان. تقدم. وتقدم أيضا معنى الحديث في الحديث قبله.

5693 -

وَرُوِيَ عَن مَيْمُونَة رضي الله عنها أَنَّهَا سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول إِن الرجل ليشتهي الطير فِي الْجنَّة فَيَجِيء مثل البختي حَتَّى يَقع على خوانه لم يصبهُ دُخان وَلم تمسه نَار، فيأكل مِنْهُ حَتَّى يشْبع ثمَّ يطير. رواه ابن أبي الدنيا

(2)

.

قوله: "عن ميمونة" هي ميمونة بنت الحارث بالمثلثة بن حزن بن بجير الهلالية العامرية أم المؤمنين أخت أم الفضل امرأة العباس بن عبد المطلب أم عبد الله بن عامر وأخت أم خالد بن الوليد كانت ميمونة في الجاهلية عند مسعود بن عمرو بن عمير الثقفي ففارقها وخلفه عليها أبو رهم أخو حويطب بن عبد العزى فتوفي عنها فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم زوّجه إياها العباس بن عبد المطلب وكان يلي أمرها في شوال سنة سبع من الهجرة. وكان اسمها برة فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة، روي لها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة وأربعون

(1)

وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (3741): في الدر المنثور (6/ 156): مقليا، ولعله الصواب. وعزاه لابن أبي الدنيا في صفة الجنة، ولم أجده في النسخة المطبوعة منه، وقد توسعت قليلا في الكلام على هذا الحديث في الضعيفة تحت الحديث (6784).

(2)

ابن أبي الدنيا في صفة الجنة (119)، وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (2208).

ص: 39

حديثا خرج البخاري منها ثمانية. توفيت سنة إحدى وخمسين على الأصح وقيل سنة ست وستين وقد بلغت ثمانين سنة ودفنت بسرف بفتح السين المهملة وكسر الراء وبالفاء وصلى عليها عبد الله بن عباس، وسرف على أميال مختلف فيها من مكة أشهرها عشرة أميال والله أعلم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل ليشتهي الطير في الجنة فيجيء مثل البختي حتى يقع على خوانه" تقدم أن البخت الإبل الخراسانية، قاله الحافظ، وتقدم الكلام على الخوان في عيش السلف رضي الله عنهم مبسوطا.

5694 -

وَرُوِيَ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن فِي الْجنَّة طائرا لَهُ سَبْعُونَ ألف ريشة يَجِيء فَيَقَع على صَحْفَة الرجل من أهل الْجنَّة فينتفض فَيَقَع من كل ريشة لون أَبيض من الثَّلج وألين من الزّبد وألذ من الشهد لَيْسَ مِنْهَا لون يشبه صَاحبه ثمَّ يطير رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا وَقد حسن التِّرْمِذِيّ إِسْنَاده لغير هَذَا الْمَتْن

(1)

.

5695 -

وَعَن سليم بن عَامر رضي الله عنه قَالَ كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُونَ إِن الله لينفعنا بالأعراب ومسائلهم قَالَ أقبل أَعْرَابِي يَوْمًا فَقَالَ يَا رَسُول الله ذكر الله عز وجل فِي الْجنَّة شَجَرَة مؤذية وَمَا كنت أرى أَن فِي الْجنَّة شَجَرَة تؤذي صَاحبهَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَمَا هِيَ قَالَ السدر فَإِن لَهُ شوكا مُؤْذِيًا قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَلَيْسَ الله يَقُول فِي سدر مخضود الْوَاقِعَة خضد

(1)

أخرجه ابن أبى الدنيا في صفة الجنة (107). وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (2209). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.

ص: 40

الله شوكه فَجعل مَكَان كل شَوْكَة ثَمَرَة فَإِنَّهَا لتنبت ثمرا تفتق الثَّمَرَة مِنْهَا عَن اثْنَيْنِ وَسبعين لونا من طَعَام مَا فِيهَا لون يشبه الآخر. رواه ابن أبي الدنيا

(1)

وإسناده حسن، ورواه أيضا

(2)

عن سليم بن عامر عن أبي أمامة الباهلي عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.

قوله: "وعن سليم بن عامر" ابن سواد بن عمرو بن الكلاع بن شرحبيل أبو يحيى، وقيل: أبو ليلى الكلاعى، بفتح الكاف، الخبائري، بخاء معجمة مفتوحة ثم موحدة مخففة وألف ثم همزة ثم راء، منسوب إلى الخبائر، وهو حمصى تابعي.

سمع المقداد بن الأسود، والمقدام بن معد يكرب، وأبا الدرداء، وعبد الله بن الزبير، وأبا أمامة، وعوف بن مالك، وتميما الداري، وغيرهم من الصحابة، وخلائق من التابعين. وروى عنه جماعات من التابعين وغيرهم. واتفقوا على توثيقه. وروى له مسلم في صحيحه. قال محمد بن سعد: توفى سنة ثلاثين ومائة، وكان ثقة قديما معروفا، رضى الله عنه.

قوله: "كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: إن الله لينفعنا بالأعراب ومسائلهم، ثم قال: أقبل أعرابي يوما فقال يا رسول الله ذكر الله في الجنة

(1)

ابن أبي الدنيا في صفة الجنة (105)، وأخرجه ابن المبارك في الزهد (263)، والحافظ أبو بكر بن سلمان النجّاد.- كما في تفسير ابن كثير (7/ 525)، والحاكم في المستدرك (2/ 476)، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، والبيهقي في البعث والنشور (264)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (3742).

(2)

أخرجه ابن أبي الدنيا في صفة الجنة (105)، وعنه: أبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 330).

ص: 41

شجرة مؤذية وما كنت أرى في الجنة شجرة تؤذي صاحبها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما هي؟ قال السدر فإن له شوكا مؤذيا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أليس الله يقول في سدر مخضود؟ خضد الله شوكه فجعل مكان كل شوكة ثمرة، الحديث. الأعرابي بفتح الهمزة هو الذي يسكن البادية وأرى بضم الهمزة معناها أظن. قوله:"أليس يقول الله في سدر مخضود" الحديث. والمخضود هو الذي خضد شوكه أي نزع وقطع فلا شوك فيه، هذا قول ابن عباس ومجاهد ومقاتل وقتادة وأبي الأحوص وجماعة. والخضد في اللغة القطع وخضدت الشجر قطعت شوكه فهو خضد ومخضود، قاله في حادي الأرواح

(1)

.

لطيفة: قال بعض السلف إن الله وصف الجنة بصفة الصيف لا بصفة الشتاء فقال في سدر مخضود وطلح منضود [قوله تعالى:]{وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32)}

(2)

، وقد قال الله تعالى في صفة أهل الجنة:{مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (13)}

(3)

، فنفى عنهم شدة الحر والبرد. [و] قال قتادة علم الله أن شدة الحر تؤذي وشدة البرد تؤذي فوقاهم أذاهما جميعا، اهـ]

(4)

. [و] أما الطلح المنضود فأكثر المفسرين قالوا: أنه شجر الموز، وقالت طائفة أخرى: بل هو شجر

(1)

حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (ص: 165).

(2)

سورة الواقعة، الآية: 30 - 32.

(3)

سورة الإنسان، الآية:13.

(4)

حصل تأخير لهذه العبارة في النسخة الهندية، وأدرجت بعد قوله:(وقيل الجاري في غير الأخدود أي في غير الشقوق).

ص: 42

عظام طوال وهو من شجر البوادي الكثير الشوك عند العرب ولهذا الشجر نور ورائحة طيبة وظل ظليل وقد نضد بالحمل والثمر مكان الشوك. وقال السدي: هو شجر يشبه طلح الدنيا لكنه ثمر أحلى من العسل. وقال الليث: الطلح شجر أم غيلان له شوك والظاهر أن من فسر الطلح بالموز إنما أراد التمثيل به لحسن منظره وإلا فالطلح في اللغة [هو] الشجر [العظام] من شجر البوادي والله أعلم، قاله في حادي الأرواح

(1)

. [قوله تعالى: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31)}]، وأما الماء المسكوب فهو الجاري الذي لا ينقطع [جريانه] وقيل الجاري في غير الأخدود أي في غير الشقوق.

5696 -

وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ الرمانة من رمان الْجنَّة يجْتَمع حولهَا بشر كثير يَأْكُلُون مِنْهَا فَإِن جرى على ذكر أحدهم شَيْء يُريدهُ وجده فِي مَوضِع يَده حَيْثُ يَأْكُل. رواه ابن أبي الدنيا،

(2)

وَرُوِيَ بِإِسْنَادِهِ أَيْضا عَنهُ قَالَ إِن التمرة من تمر الْجنَّة طولهَا اثْنَا عشر ذِرَاعا لَيْسَ لَهَا عجم

(3)

.

قوله: "عن ابن عباس" تقدم الكلام عليه. قوله: "إن الرمانة من رمان الجنة يجتمع حولها بشر كثير يأكلون منها، قال الله:{فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (68)}

(4)

وقال بعض العلماء: ليس الرمان والنخل من الفاكهة لأن الشيء لا

(1)

حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (ص: 167).

(2)

ابن أبي الدنيا في صفة الجنة (122). وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (2210).

(3)

ابن أبي الدنيا في صفة الجنة (123) انظر: ضعيف الترغيب والترهيب (2211).

(4)

سورة الرحمن، الآية:68.

ص: 43

يعطف على نفسه وهذا ظاهر الكلام، وقال الجمهور هما من الفاكهة وإنما عاد ذكر النخل والرمان لفضلهما على الفاكهة كقوله تعالى:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}

(1)

انتهى قاله القرطبي

(2)

. قوله: "عنه أيضا" تقدم الكلام عليه. قوله: "إن الثمرة من ثمر الجنة طولها اثنا عشر ذراعا ليس لها عجم" العجم النواة.

خاتمة لطيفة ذكر الإمام أبو الحسن الواحدي

(3)

قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم طبق من تين فأكل منه وقال لأصحابه: كلوا فلو قلت إن فاكهة نزلت من الجنة لقلت هذا لأن فاكهة الجنة بلا عجم فكلوها فإنها تقطع البواسير وتنفع من النقرس" اهـ.

(1)

سورة البقرة، الآية:237.

(2)

التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة (ص: 933).

(3)

قال الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف (4/ 241) رواه أبو نعيم الحافظ في كتاب الطب، وابن الجوزي في كتابه المسمى بلفظ المنافع في الطب، والثعلبي في تفسيره. أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة (451)، والديلمي في الفردوس (4716)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4201)، والضعيفة (165).

ص: 44