الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في صفة نساء أهل الجنة
[قال الحافظ]: تقدم حديث ابن عمر في أسفل أهل الجنة، وفيه: فينظر فإذا حوراء من الحور العين جالسة على سرير ملكها عليها سبعون حلة ليس منها حلة من لون صاحبتها فيرى مخ ساقها من وراء اللحم والدم والعظم، والكسوة فوق ذلك فينظر إليها فيقول: من أنت؟ فتقول: أنا من الحور العين من اللاتي خبئن لك فينظر إليها أربعين سنة لا يصرف بصره عنها، ثم يرفع بصره إلى الغرفة فإذا أخرى أجمل منها فتقول: ما آن لك أن يكون لنا منك نصيب؟ فيرتقي إليها أربعين سنة لا يصرف بصره عنها، الحديث.
تقدم الكلام على حديث ابن عمر في أسفل أهل الجنة.
5706 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن أدنى أهل الْجنَّة منزلَة إِن لَهُ لسبع دَرَجَات وَهُوَ على السَّادِسَة وفوقه السَّابِعَة وَإِن لَهُ لثلاثمائة خَادِم وَيغدى عَلَيْهِ كل يَوْم وَيرَاح بثلاثمائة صَحْفَة وَلَا أعلمهُ إِلَّا قَالَ من ذهب فِي كل صَحْفَة لون لَيْسَ في الْأُخْرَى وَإنَّهُ ليلذ أَوله كما يلذ آخِره وَإنَّهُ ليقول يَا رب لَو أَذِنت لي لأطعمت أهل الْجنَّة وسقيتهم لم ينقص مِمَّا عِنْدِي شَيء وَإِن لَهُ من الْحور الْعين لاثْنَتَيْنِ وَسبعين زَوْجَة سوى أَزوَاجه من الدُّنْيَا وَإِن الْوَاحِدَة مِنْهُنَّ لتأْخذ مقعدتها قدر ميل من الأَرْض. رواه أحمد
(1)
عن شهر عنه.
(1)
مسند أحمد (10932) ومن طريقه أخرجه أبو نعيم في صفة الجنة (450) وأخرجه أبو نعيم أيضًا (229) وقال ابن كثير في البداية والنهاية (20/ 319) تفرد به أحمد، وهو =
قوله: "عن أبي هريرة" تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم: "وإن له من الحور العين لاثنين وسبعين زوجة سوى أزواجه من الدنيا وإن واحدة منهن لتأخذ مقعدتها من الأرض قد ميل" الحديث. رواه الإمام أحمد عن شهر عنه. تقدم أن الميل أربعة آلاف خطوة وهو ستة آلاف ذراع، وقيل غير ذلك. قال في حادي الأرواح
(1)
الحديث منكر مخالف للأحاديث الصحيحة فإن طول ستين ذراعا لا يحتمل أن يكون مقعدة صاحبه بقدر ميل من الأرض، وأيضا فالذي في الصحيحين في أول زمرة تلج الجنة لكل امرئ منهم زوجتان من الحور العين فكيف يكون لأدناهم ثنتان وسبعون زوجة من الحور العين وأقل ساكني الجنة نساء الدنيا فكيف يكون لأدنى أهل الجنة جماعة منهن وفي إسناد هذا الحديث شهر بن حوشب وسكين بن عبد العزيز ضعفه النسائي، اهـ.
5707 -
وَعَن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن الرجل من أهل الْجنَّة ليزوج خَمْسمِائَة حوراء وَأَرْبَعَة آلَاف بكر وَثَمَانِية آلَاف ثيب يعانق كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ مِقْدَار عمره فِي الدُّنْيَا. رواه البيهقي
(2)
وفي إسناده راو لم يسم.
= غريب، وفيه انقطاع، وله شاهد عن عبادة بن الصامت. وقال الهيثمي: رجاله ثقات على ضعف في بعضهم المجمع 10/ 400 وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (2206).
(1)
حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (ص: 156).
(2)
البيهقي في البعث والنشور (373)، وقال: العراقي في المغني عن حمل الأسفار (ص: 1930) أخرجه أبو الشيخ في طبقات المحدثين وفي كتاب العظمة من حديث ابن أبي أوفى إلا أنه قال "مائة حوراء" ولم يذكر فيه عناقه لهن، وإسناده ضعيف. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (2219)، والضعيفة (6103).
قوله: "عن عبد الله بن أبي أوفى" تقدم.
قوله: إن الرجل من أهل الجنة ليزوج خمسمائة حوراء وأربعة آلاف بكر وثمانية آلاف ثيب الحديث. الحوراء واحدة الحور العين والثيب التي لا زوج لها، والبكر هي العذراء التي لم يمسها رجل.
5708 -
وَعَن أنس بن مَالك رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لغدوة فِي سَبِيل الله أَو رَوْحَة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَلَقَاب قَوس أحدكُم أَو مَوضِع قَيده يَعْنِي سَوْطه من الْجنَّة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَلَو اطَّلَعت امْرَأَة من نسَاء أهل الْجنَّة إِلَى الأَرْض لملأت مَا بَينهمَا ريحًا ولأضاءت مَا بَينهمَا وَلنَصِيفهَا على رَأسهَا خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. رواه البخاري
(1)
ومسلم
(2)
والطبراني
(3)
مختصرا بإسناد جيد إلا أنه قال: ولتاجها على رأسها خير من الدنيا وما فيها.
[النصيف]: الخمار.
[والقاب]: هو القدر، وقال أبو معمر: قاب القوس من مقبضه إلى رأسه.
قوله: "عن أنس بن مالك" تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم: "لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها" تقدم تفسير ذلك في كتاب الجهاد وغيره.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ولقاب قوس أحدكم أو موضع قيده" يعني سوطه "من الجنة خير من الدنيا وما فيها" الحديث. القاب هو القدر أي قدر طولها، قال أبو
(1)
صحيح البخاري (2792).
(2)
صحيح مسلم (112)(1880).
(3)
المعجم الأوسط (3148).
معمر قاب القوس من مقبضه إلى رأسه، اهـ. قاله الحافظ. ويحتمل قدر رميتها يقال هو قاب رمح وقاد رمح وقيد رمح. قال العلماء: إنما أراد به ذم الدنيا والزهد فيها والترغيب في الآخرة فأخبر أن اليسير من الجنة خير من الدنيا كلها وإنما أراد بذكر السوط والله أعلم التقليل لا أنه أراد موضع السوط بعينه بل موضع نصف سوط وربع سوط من الجنة الباقية خير من الدنيا الفانية، قاله العراقي في شرح الأحكام
(1)
.
5709 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن أول زمرة يدْخلُونَ الْجنَّة على صُورَة الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر وَالَّتِي تَلِيهَا على أضواء كَوْكب دري فِي السَّمَاء وَلكُل امرئ مِنْهُم زوجتان اثْنَتَانِ يرى مخ سوقهما من وَرَاء اللَّحْم وَمَا فِي الْجنَّة أعزب، رواه البخاري
(2)
ومسلم
(3)
.
قوله: "عن أبي هريرة" تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم: "إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر" المراد بالصورة الصفة يعني أنهم في إشراق وجوههم على صفة القمر ليلة تمامه وهي ليلة أربعة عشر ويؤخذ منه أن أنوار أهل الجنة يتفاوت بحسب درجاتهم، والزمرة بضم الزاي وسكون الميم هي الجماعة إذا كان بعضهم إثر بعض، اهـ.
قوله: "ولكل امرئ منهم زوجتان اثنتان يرى مخ سوقهما" الحديث. قال
(1)
طرح التثريب في شرح التقريب ج 6/ 46.
(2)
صحيح البخاري (3245).
(3)
صحيح مسلم (14)(2834).
في حادي الأرواح
(1)
: فإن كن من نساء الدنيا فالنساء في الدنيا أكثر من الرجال وإن كن من الحور العين لم يلزم أن يكن في الدنيا أكثر والظاهر أنهن من الحور العين لما رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل من أهل الجنة زوجتان من الحور العين على كل واحدة سبعون ألف حلة يرى مخ ساقها من وراء الثياب، اهـ. قوله صلى الله عليه وسلم:"وما في الجنة أعزب" هذه لغة قليلة وفي بعضها عزب، وهي اللغة الفصيحة وتقدم ذلك، فإن قلت العزب هو الذي لا زوج له فما فائدة لفظ لا أهل له؟ قلت: فائدته التوكيد أو التعميم لأن الأهل أعم من الزوجة والله أعلم، قاله الكرماني
(2)
.
5710 -
وَعَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن الْمَرْأَة من نسَاء أهل الْجنَّة ليرى بَيَاض سَاقهَا من وَرَاء سبعين حلَّة حَتَّى يرى مخها وَذَلِكَ بِأَن الله عز وجل يَقُول {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} [الرَّحْمَن: 58] فَأَما الْيَاقُوت فَإِنَّهُ حجر لَو أدخلت فِيهِ سلكا ثمَّ استصفيته لأريته من وَرَائه. رواه ابن أبي الدنيا
(3)
وابن حبان في صحيحه.
(4)
والترمذي
(5)
واللفظ له، وقال: وقد روي عن ابن مسعود
(1)
حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (ص: 125).
(2)
الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري (4/ 100).
(3)
صفة الجنة لابن أبي الدنيا (138).
(4)
صحيح ابن حبان (7396).
(5)
سنن الترمذي (2533). وأخرجه عبد الرزاق (20867)، وابن أبي شيبة (35122) موقوف. وأخرجه الترمذي (2534 م)، وقال: ولم يرفعه أصحاب عطاء. وقال الترمذي: وهذا أصح. وأخرجه الترمذي (2534) عن عمرو بن ميمون عن عبد الله بن مسعود: عن النبي صلى الله عليه وسلم =
ولم يرفعه وهو أصح.
قوله: "عن ابن مسعود" تقدم. قوله: "وذلك بأن الله عز وجل يقول: كأنهن الياقوت والمرجان" الحديث، أي في الصفاء. قوله:"أما الياقوت فإنه حجر لو أدخلت فيه سلكا ثم استصفيته لأريته من ورائها" السلك بكسر السين هو الخيط الذي ينظم فيه اللؤلؤ ونحوه.
5711 -
وَعَن سعيد بن عَامر بن خريم رضي الله عنه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول لَو أَن امْرَأَة من نسَاء أهل الْجنَّة أشرفت لملأت الأَرْض ريح مسك ولأذهبت ضوء الشَّمْس وَالْقَمَر الحديث رواه الطبراني
(1)
والبزار
(2)
وإسناده حسن في المتابعات.
قوله: "عن سعيد بن عامر بن حذيم" هو سعيد بن عامر بن حذيم بن سلامان بن ربيعة الجمحي، من الطبقة الثالثة من المهاجرين، أسلم قبل غزاة
= نحوه بمعناه ولم يرفعه. وقال الترمذي: هذا أصح من حديث عبيدة بن حميد. وقال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (ص: 1930): ورواه عنه موقوفا قال وهذا أصح. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (2220)، وضعيف الجامع الصغير (1776).
(1)
الطبراني في المعجم الكبير (6/ 59/ 5512)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 417) رواه الطبراني مطولا
…
ورواه البزار باختصار كثير، وفيهما الحسن بن عنبسة الوراق ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات، وفي بعضهم ضعف.
(2)
أخرجه البزار كشف الأستار (3528) وأخرجه ابن صاعد في زيادات زهد ابن المبارك (226) وابن أبي داود في البعث (80)، والطبراني في المعجم الكبير (6/ 59/ 5512)، وابن عدي في الكامل (2/ 147)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (21/ 144) وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (4347)، وضعيف الترغيب والترهيب (2221).
خيبر، وشهد ما بعدها من المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمه أروى بنت أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، هاجر إلى المدينة، وولاه عمر رضوان الله عليه حمص وما يليها من الشام فبلغه أنه يصيبه لمم، فأمره بالقدوم عليه، فلم ير معه إلا عكازا وقدحا، فقال له عمر: ليس معك إلا ما أرى؟ فقال له سعيد: وما أكثر من هذا؟ عكاز أحمل عليه زادي، وقدح آكل فيه، فقال له عمر: أبك لمم؟ قال: لا.
قال: فما غشية بلغني أنها تصيبك؟ قال: حضرت خبيب بن عدي حين صلب، فدعا على قريش وأنا فيهم، فربما ذكرت ذلك، فأجد فترة حتى يغشى علي، فقال له عمر: ارجع إلى عملك، فأبى، وناشده إلا أعفاه، فقيل: إنه أعفاه، وقيل: إنه لما مات أبو عبيد، ومعاذ ويزيد ولاه عمر حفص، فلم يزل عليها حتى مات، وقيل: استخلفة عياض بن غنم الفهري، فأقره عمر رضي الله عنه.
وروى أنه لما اجتمعت الروم يوم اليرموك استغاث أبو عبيدة عمر، فأمده بسعيد بن عامر بن حذيم، وله أخبار عجيبة في زهده. وحديثه واضح.
5712 -
وَرُوِيَ عَن أنس بن مَالك رضي الله عنه قَالَ حَدثنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ حَدثنِي جِبْرِيل عليه السلام قَالَ يدْخل الرجل على الْحَوْرَاء فتستقبله بالمعانقة والمصافحة قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَبِأَي بنان تعاطيه لَو أَن بعض بنانها بدا لغلب ضوؤه ضوء الشَّمْس وَالْقَمَر وَلَو أَن طَاقَة من شعرهَا بَدَت لملأت مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب من طيب رِيحهَا فَبينا هُوَ متكئ مَعهَا على أريكته إِذْ أشرف عَلَيْهِ نور من فَوْقه فيظن أَن الله عز وجل قد أشرف على خلقه فَإِذا
حوراء تناديه يَا ولي الله أما لنا فِيك من دولة فَيَقُول من أَنْت يَا هَذِه فَتَقول أَنا من اللواتي قَالَ الله تبارك وتعالى {وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} [ق: 35] فيتحول عِنْدهَا فَإِذا عِنْدهَا من الْجمال والكمال مَا لَيْسَ مَعَ الأولى فَبينا هُوَ متكئ مَعهَا على أريكته وَإِذا حوراء أُخْرَى تناديه يَا ولي الله أما لنا فِيك من دولة فَيَقُول من أَنْت يَا هَذِه فَتَقول أَنا من اللواتي قَالَ الله عز وجل {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السَّجْدَة: 17] فَلَا يزَال يتَحَوَّل من زَوْجَة إِلَى زَوْجَة. رواه الطبراني في الأوسط
(1)
.
قوله: "عن أنس بن مالك" تقدم. قوله: "فبأي بنان تعاطبه لو أن بعض بنانها بدا لغلب ضوء الشمس والقمر" الحديث. البنان هو رءوس الأصابع، الواحدة بنانة. وقوله:"بدا" بغير همز أي ظهر واستبان. قوله: "فبينما هو معها متكئ على أريكته" الحديث، الأريكة هي السرير في البشخانة
(2)
، قاله الحافظ شرف الدين الدمياطي واسمه عبد المؤمن.
5713 -
وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي قَوْله: [{كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} [الرَّحْمَن: 58]، قَالَ ينظر إِلَى وَجهه فِي خدها أصفى من الْمرْآة وَإِن أدنى لؤلؤة عَلَيْهَا لتضيء مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب وَإنَّهُ ليَكُون
(1)
المعجم الأوسط (8877)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 418) رواه الطبراني في الأوسط، وفيه سعيد بن زربي، وهو ضعيف. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (2222).
(2)
انظر: حادي الأرواح (1/ 146).
عَلَيْهَا سَبْعُونَ حلَّة ينفذها بَصَره حَتَّى يرى مخ سَاقهَا من وَرَاء ذَلِك. رواه أحمد
(1)
وابن حبان في صحيحه
(2)
في حديث تقدم بنحوه والبيهقي
(3)
بإسناد ابن حبان واللفظ له.
قوله: "عن أبي سعيد" هو الخدري. تقدم. قوله: "أصفى من المرآة" المرآة بكسر الميم وسكون الراء.
5714 -
وَعَن مُحَمَّد بن كعْب الْقرظِيّ عَن رجل من الْأَنْصَار عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ حَدثنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي طَائِفَة من أَصْحَابه فَذكر حَدِيث الصُّور بِطُولِهِ إِلَى أَن قَالَ فَأَقُول يَا رب وَعَدتنِي الشَّفَاعَة فشفعني فِي أهل الْجنَّة يدْخلُونَ الْجنَّة فَيَقُول الله قد شفعتك وأذنت لَهُم فِي دُخُول الْجنَّة فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول وَالَّذِي بَعَثَني بِالْحَقِّ مَا أنتُم فِي الدُّنْيَا بأعرف بأزواجكم ومساكنكم من أهل الْجنَّة بأزواجهم ومساكنهم فَيدْخل رجل مِنْهُم على ثِنْتَيْنِ
(1)
مسند أحمد (11715).
(2)
ابن حبان (7397).
(3)
والبيهقي في البعث والنشور (330) و (375) وأخرجه أبو يعلى (1386) وأخرجه مختصرا ومطولا ابن المبارك في الزهد (236) و (258) -زوائد نعيم بن حماد-، والترمذي (2562)، ابن أبي الدنيا في صفة الجنة (281) والطبري في التفسير (26/ 175 - 176) والحاكم 2/ 426 - 427 و 475، والبغوي في شرح السنة (4381)، وقال الترمذي: هذا حديث غريب، وصححه الحكم، وتعقبه الذهبي بقوله: دراج صاحب عجائب. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 419) رواه أحمد وأبو يعلى، وإسنادهما حسن. وضعفه الألباني في التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (10/ 392)، والتعليق الرغيب (4/ 461)، وضعيف الترغيب والترهيب (2213).
وَسبعين زَوْجَة مِمَّا ينشئ الله وثنتين من ولد آدم لَهما فضل على من أنشأ الله لعبادتهما الله فِي الدُّنْيَا يدْخل على الأولى مِنْهُمَا فِي غرفَة من ياقوتة على سَرِير من ذهب مكلل بِاللُّؤْلُؤِ عَلَيْهِ سَبْعُونَ زوجا من سندس وإستبرق ثمَّ يضع يَده بَين كتفيها ثمَّ ينظر إِلَى يَده من صدرها من وَرَاء ثِيَابهَا وجلدها ولحمها وَإنَّهُ لينْظر إِلَى مخ سَاقهَا كَمَا ينظر أحدكُم إِلَى السلك فِي قَصَبَة الْيَاقُوت كبده لَهَا مرْآة وكبدها لَهُ مرْآة فَبينا هُوَ عِنْدهَا لَا يملها وَلَا تمله وَلَا يَأْتِيهَا مرّة إِلَّا وجدهَا عذراء مَا يفتر ذكره وَلَا يشتكي قبلهَا فَبينا هُوَ كَذَلِك إِذْ نُودي إِنَّا قد عرفنَا أَنَّك لَا تمل وَلَا تمل إِلَّا أَنه لَا مني وَلَا منية إِلَّا أَن لَك أَزْوَاجًا غَيرهَا فَيخرج فيأتيهن وَاحِدَة وَاحِدَة بعد كلما جَاءَ وَاحِدَة قَالَت وَالله مَا فِي الْجنَّة شَيْء أحسن مِنْك وَمَا فِي الْجنَّة شَيْء أحب إِلَيّ مِنْك الحَدِيث. رواه أبو يعلى
(1)
والبيهقي
(2)
في آخر كتابه من رواية إسماعيل بن رافع بن أبي رافع، انفرد به عن محمد بن يزيد بن أبي زياد عن محمد بن كعب.
قوله: "عن محمد بن كعب القرظي" تقدم. قوله: "فكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: والذي بعثني بالحق ما أنتم في الدنيا بأعرف من أزواجكم ومساكنكم من أهل الجنة بأزواجهم ومساكنهم "الحديث. ويشير إلى ما في الحديث
(1)
أبو يعلى الموصلي في "المسند"(إتحاف الخيرة المهرة 8/ 147)، وأخرجه إسحاق بن راهويه (10)، وابن أبي الدنيا في الأهوال (55)، وقال ابن حجر في المطالب العالية (12/ 571): هذا إسناده ضعيف.
(2)
البيهقي في البعث والنشور (609). وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (2224).
قول مجاهد في تفسير قوله تعالى: {وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6)}
(1)
[أي] يهتدي أهلها إلى بيوتهم ومساكنهم لا يخطئون وكأنهم ساكنوها منذ خلقوا لا يستدلون عليها أحدا. وقال ابن عباس في رواية أبي صالح: هم أعرف بمنازلهم من أهل الجنة إذا انصرفوا إلى منازلهم. وقال محمد بن كعب يعرفونها كما تعرفون بيوتكم في الدنيا إذا انصرفتم [من] يوم الجمعة، هذا قول جمهور المفسرين وتلخيص أقوالهم ما قاله أبو عبيدة، {عَرَّفَهَا لَهُمْ} بينها لهم حتى عرفوها من غير استدلال قال مقاتل بن حيان بلغنا أن الملك الموكل بحفظ عمل بني آدم يمشي في الجنة ويتبعه ابن آدم حتى يأتي أقصى منزل هو له فيعرّفه كل شيء أعطاه الله له في الجنة فإذا دخل إلى منزله وأزواجه انصرف ذلك الملك عنه اهـ. قاله في حادي الأرواح
(2)
.
تنبيه: وقيل أن حول الجنة أماكن متسعة ومتنزهات يخرج إليها أهل الجنة مع أنه يبقى في الجنة مع كثرة من فيها من خلق الله تعالى وسعة ما وهبوا منها أماكن كثيرة لم تسكن فينشئ الله تعالى لها خلقا يسكنهم إياها والله أعلم.
قوله صلى الله عليه وسلم: فيدخل رجل منهم على ثنتين وسبعين زوجة مما ينشئ الله تعالى وثنتين من ولد آدم لهما فضل على من أنشأ الله بعبادتهما الله في الدنيا، الحديث. هذا ما ذكر في حديث محمد بن كعب القرظي وفي حديث أبي سعيد أن أدنى أهل الجنة منزلة الذي له ثمانون ألف خادم واثنتان وسبعين
(1)
سورة محمد، الآية:6.
(2)
حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (ص: 146).
زوجة [وفي حديث أبي أمامة عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال: "ما من عبد يدخل الجنة إلا ويزوج ثنتين وسبعين زوجة، ثنتان من الحور العين وسبعين من أهل ميراثه من أهل الدنيا ليس منهن امرأة إلا ولها قبل شهيّ، وله ذكر لا ينثني"، قال هشام بن خالد:"من ميراثه من أهل النار"، يعني رجالا دخلوا النار فورثت أهل الجنة نساءهم كما ورثن امرأة فرعون، انفرد به ابن ماجه
(1)
، ورواه الفريابي
(2)
عن أبي أيوب سليمان بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن خالد بن يزيد إلى آخره كما رواه ابن ماجه، وروى الحافظ أبو يعلى الموصلي
(3)
.
(1)
أخرجه ابن ماجه (4337) والحديث؛ أخرجه ابن عدي في الكامل (4/ 254) وأبو نعيم في صفة الجنة (370)، والبيهقي، في "البعث والنشور"(393). وقال ابن كثير في البداية والنهاية (20/ 340) وخالد بن يزيد بن أبي مالك هذا تكلم فيه الإمام أحمد ويحيى بن معين وغيرهما، وضعفوه، ومثله قد يغلط ولا يتقن. وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (4/ 266) هذا إسناد فيه مقال خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك وثقه العجلي وأحمد بن صالح المعري وضعفه أحمد وابن معين وأبو داود والنسائي وابن الجارود والساجي والعقيلي وغيرهم وله شاهد من حديث أبي هريرة وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (6/ 325): سنده ضعيف جدًا، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (5143)، والضعيفة (4473) ..
(2)
البداية والنهاية (20/ 340).
(3)
هو حديث الصور نسبه في المطالب (3013)، والإتحاف (262/ 234)(8661/ 7679) لإسحاق وأبي يعلى مطولًا ومختصرًا، وضعفه ابن حجر والبوصيري. وقال ابن حجر في الفتح (11/ 368): ومداره على إسماعيل بن رافع، واضطرب في سنده مع ضعفه، فرواه عن محمد بن كعب القرظي تارة بلا واسطة، وتارة بواسطة رجل مبهم، ومحمد عن أبي =
من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الرجل من أهل الجنة ليدخل على ثنتين وسبعين زوجة مما ينشئ الله تعالى وثنتين من ولد آدم لهما فضل على من أنشأ الله تعالى لعبادتهما لله عز وجل في الدنيا. الحديث، قال الحافظ المزي أنه مجموع من عدة أحاديث والذي في الأحاديث الصحيحة إنما هو لكل منهم زوجتان وليس في الصحيح زيادة على ذلك، فإن كانت هذه الأحاديث محفوظة فإما أن يراد بها ما لكل واحد من السراري زيادة على الزوجتين ويكونون في ذلك على حسب منازلهم في القلة والكثرة كالخدم والولدان، وإما أن يراد به يعطى قوة من مجامع هذا العدد، ويكون هذا هو المحفوظ، فرواه بعض هؤلاء بالمعنى فقال: وكذا وكذا زوجة، وروى الترمذي
(1)
من حديث قتادة رحمه الله تعالى عن أنس
= هريرة تارة بلا واسطة، وتارة بواسطة رجل من الأنصار مبهم أيضًا.
وضعف الألباني إسناده في تخريج العقيدة الطحاوية (ص 232). قلت: وهو حديث طويل جدًا، في نحو ثمان صفحات، لا أعلم له شبيهًا، تفرد به (إسماعيل) هذا -وهو ضعيف- عن محمد بن يزيد -وهو مجهول-، وفوقه الرجل الأنصاري الذي لم يسم، فهو إسناد ظلمات بعضها فوق بعض، مما لا يشك الباحث أنه حديث مركب، وقد ذكر بعض الحفاظ أن إسماعيل جمعه من أحاديث متفرقة، وفيه جمل مستنكرة. وقال البخاري في ترجمة (محمد بن يزيد) من التاريخ الكبير (1/ 1/ 260/ 829): روى عنه (إسماعيل بن رافع) حديث الصور، مرسل، ولم يصح. وهو عند البيهقي في آخر البعث (325 - 334)، وأخرجه جمع من الحفاظ، منهم الطبراني في الأحاديث الطوال (25/ 266 - 277).، وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (2224).
(1)
سنن الترمذي (2536): "هذا حديث صحيح غريب لا نعرفه من حديث قتادة، عن أنس إلا من حديث عمران القطان". الألباني: حسن صحيح.
رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال: "يعطى المؤمن في الجنة قوة كذا وكذا من الجماع"، قيل: يا رسول الله أو يطيق ذلك؟ قال: "يعطى قوة مائة"، هذا حديث صحيح، ولعل من رواه يفضي إلى مائة عذراء، رواه بالمعنى أو يكون تفاوتهم في عدد النساء بحسب تفاوتهم في الدرجات، ولا ريب أن للمؤمن في الجنة أكثر من اثنين لما في الصحيحين
(1)
من حديث أبي عمران الجوني عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: "إن في الجنة لخيمة من لؤلؤة مجوفة طولها ستون ميلا في كل زاوية منها أهلون ما يرون الآخرين، يطوف عليهم المؤمن"، وغيره من الأحاديث، وفي حديث قتادة عن أنس
(2)
قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: "للمؤمن في الجنة ثلاث وسبعون زوجة"، فقلنا: يا رسول الله وله قوة ذلك؟ قال: "ليعطى قوة مائة رجل"، وفي حديث أبي هريرة
(3)
قال: قيل يا رسول الله: نصل إلى نسائنا في الجنة؟ فقال: "إن الرجل ليصل في اليوم إلى مائة عذراء"، والأحاديث الصحيحة إنما فيها أن لكل منهم زوجتين وليس في الصحيح زيادة على ذلك، فإن كانت هذه
(1)
البخاري (3243)، ومسلم (23)(2838).
(2)
سبق.
(3)
البزار في المسند (3525 كشف) والطبراني في الصغير (795)، وأبو نعيم في صفة الجنة (373) وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 417) وقال: رواه البزار والطبراني، ورجال هذه الرواية رجال الصحيح غير محمد بن ثواب وهو ثقة. وذكره الشيخ الألباني في الصحيحة (367).
الأحاديث محفوظة فإما أن يراد بها ما لكل واحد من السراري زيادة على الزوجتين ويكونون في ذلك على حسب منازلهم في القلة والكثرة كالخدم والولدان، وإما أن يراد أنه يعطى قوة من يجامع هذا العدد، ويكون هذا هو المحفوظ، فرواه بعض هؤلاء بالمعنى فقال له: كذا وكذا زوجة، وقد روى الترمذي في جامعه
(1)
من حديث قتادة عن أنس رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال: "يعطى المؤمن في الجنة قوة كذا وكذا من الجماع"، قيل: يا رسول الله أو يطيق ذلك؟ قال: "يعطى قوة مائة"، هذا حديث صحيح، ولعل من رواه يفضي إلى مائة عذراء، رواه بالمعنى أو يكون تفاوتهم في عدد النساء بحسب تفاوتهم في الدرجات، والله تعالى أعلم. ولا ريب أن للمؤمن في الجنة أكثر من اثنين لما في الصحيحين
(2)
من حديث أبي عمران الجوني عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: "إن للعبد المؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة مجوفة طولها ستون ميلا للعبد المؤمن فيها أهلون يطوف عليهم لا يرى بعضهم بعضا"، انتهى.
قوله: "
…
"، قوله صلى الله تعالى عليه وسلم: "
…
"، أي السرير "
…
" الحديث. قال جماعة: السندس ما رق من الديباج وقد تفتح داله، وقيل الديباج المنسوج بالذهب، والديباج هو الثوب المتخذ من الإبريسم فارسي
(1)
سنن الترمذي (2536).
(2)
سبق.
معرّب. والاستبرق ما غلظ منه، وقالت طائفة: ليس المراد به الغليظ، ولكن المراد الصفيق. وقال الزجاج: هما نوعان من الحرير، وأحسن الألون وألين الملابس الحرير، فجُمِع لهم بين حسن منظر الحرير والتذاذ العين به وبين نعموته والتذاذ الجسم، قاله في حادي الأرواح
(1)
. قوله صلى الله تعالى عليه وسلم: "
…
"، تقدم تفسير السلك، والعذراء الجارية التي لم يسمها رجل وهي البكر، والعذرة ما للبكر من الالتحام قبل الافتضاض، وأصل العَذْر القطع، وعذرت المرأت وأعذرتها ذهبت بعذرتها، انتهى. قاله صاحب المغيث
(2)
.
قوله صلى الله تعالى عليه وسلم: "
…
"، الحديث. القُبُل الفرج وهو معروف، وروى أبو نعيم حديثا فذكره إلى أن قال: عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه
(3)
عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أنه سئل هل يمس
(1)
حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (ص: 197).
(2)
المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث (2/ 414).
(3)
أخرجه ابن أبي عمر في "المسند" كما في المطالب العالية (4603)، والبزار في مسنده (3542 كشف)، والطبراني في الكبير (8/ 178/ 7674) أبو نعيم في صفة الجنة (390) قال البزار: قال: عمارة لا نعلم حدث عنه إلا عبد الرحمن بن زياد، وعبد الرحمن كان حسن العقل، ولكنه وقع على شيوخ مجاهيل فحدث عنهم بأحاديث مناكير فضُعف حديثه، وهذا مما ينكر عليه ولم يشاركه فيه غيره. ا. هـ. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 417) رواه البزار. وفي رواية عنده، وعند الطبراني في الصغير والأوسط
…
ورجال هذه الرواية الثانية رجال الصحيح غير محمد بن ثواب، وهو ثقة، وفي الرواية الأولى عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، وهو ضعيف بغير كذب، وبقية رجالها ثقات. وقال البوصيري في =
أهل الجنة أزواجهم؟ قال: نعم، بذكَر لا يملّ وفرج لا يحفى وشهوة لا تنقطع. وعن سعيد بن جبير رحمه الله تعالى أن شهوته لتجري في جسدها سبعين عاما تجد اللذة ولا يلحقهم بذلك جنابة فيحتاجون إلى التطهر ولا ضعف ولا انحلال قوة بل وطئهم وطئ التذاذ وتنعيم لا آفة فيه بوجه من الوجوه، وأكمل الناس فيه أصونهم لنفسه في هذه الدار عن الحرام، كما أن من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة، ومن لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة، ومن أكل من صحاف الذهب والفضة في الدنيا لم يأكل فيها في الآخرة، كما قال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم:"إنها لهم في الدينا ولكم في الآخرة"
(1)
، فمن استوفى طيباته ولذاته وأذهبها في هذه الدار حرمها هناك كما نفى سبحانه على من أذهب طيباته في الدنيا واستمتع بها، ولذلك كانت الصحابة رضي الله تعالى عنه ومن تبعهم يخافون من ذلك أشدّ الخوف. ذكر الإمام أحمد.
(2)
= إتحاف الخيرة المهرة (7866): رواه محمد بن يحيى بن أبي عمر، والبزار بسند واحد، مداره على الأفريقي وهو ضعيف. وله شاهد من حديث أبي أمامة، رواه ابن ماجه بإسناد حسن. انظر: السلسلة الصحيحة (7/ 1061).
(1)
صحيح البخاري (2468)، وصحيح مسلم (34)(1479).
(2)
أحمد بن حنبل في الزهد (653)، وأخرجه مالك في الموطأ (2/ 936)، وابن أبي شيبة في المصنف (24524)، وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (9/ 15)، والبيهقي في الشعب (5673)، والطبري في تهذيب الآثار - مسند عمر بن الخطاب (2/ 718/ 1038)، وابن سعد في الطبقات (3/ 279)، وابن المبارك في الزهد (579)، =
عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما أنه رآه عمر ومعه لحم قد اشتراه لأهله بدرهم، فقال: ما هذا؟ قال: لحم اشتريته لأهلي بدرهم فقال: أكلما اشتهيتم اشتريتم، أين تذهب عنكم هذه الآية:{أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا}
(1)
، الآية. فمن ترك اللذلة المحرمة في الدنيا لله عز وجل استوفاها يوم القيامة أكمل ما تكون، ومن استوفاها ههنا يحرمها هناك أو نقص كمالها، فلا يجعل الله تعالى لذة من وضعها في معاصيه ومحارمه كلذة من ترك شهوته لله تعالى أبدا، والله تعالى أعلم، قاله في حادي الأرواح
(2)
.
فائدة: فإن قيل: فهل في الجنة توالد؟ فالجواب: إن فيه قولين: أحدهما أنه لا يولد ولا يكون فيها توالد لأن الولادة محل الأقذار، والجنة طاهرة. والثاني: أنه يكون فيها التوالد، وقد دل عليه الحديث، قال الترمذي في جامعه
(3)
: حدثنا بندار فذكره إلى أن قال: عن أبي الصديق الناجي عن أبي
= ومن طريقه: ابن عساكر في تاريخ دمشق (44/ 297)، وابن شبة في تاريخ المدينة (3/ 803)، وأبو نعيم في حلية الأولياء (1/ 49). وأخرجه الحاكم (3/ 494)، وقد تعقبه الذهبي في التلخيص بقوله: القاسم واه. وقال ابن الملقن في الخلاصة (2/ 416/ 2807): غريب كذلك وفي الحاكم نحوه بإسناد قال فيه إنه على شرط البخاري ومسلم. وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (1/ 738).
(1)
سورة الأحقاف، الآية:20.
(2)
حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (ص: 241).
(3)
موطأ مالك (2/ 936) وابن ماجه في السنن (4338)، والترمذي في السنن (2563)، وفي العلل (625) وأبو يعلى في المسند (1051)، وعنه ابن حبان في صحيحه (7404)، والدارمي في السنن (2837). والخطيب البغدادي في المتفق والمفترق (205) أحمد في =
سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: "المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنه في ساعة كما يشتهي"، هذا حديث حسن غريب، وقد اختلف أهل العلم في هذا فقال بعضهم: في الجنة جماع ولا يكون ولد، هكذا روي عن طاوس ومجاهد وإبراهيم النخعي، وقال محمد يعني البخاري: قال إسحاق بن إبراهيم في حديث النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: "إذا اشتهى المؤمن الولد في الجنة كان في ساعة كما يشتهي ولكن لا يشتهي"، قال محمد: وقد روي عن أبي رزين العقيلي
(1)
عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال: إن أهل الجنة لا يكون لهم فيها ولد، انتهى. وقال إبراهيم حدثنا عبدان بن أحمد فذكره إلى أن قال: عن أبان عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري
(2)
قال: قيل
= مسنده (3/ 9، 80)، وأبو نعيم في صفة الجنة (275 م) وأبو الشيخ في العظمة (585) هناد في الزهد (93). وعبد بن حميد في المسند (939). أبو يعلى الخليلي في الإرشاد (2/ 671 - 672) والبيهقي في البعث والنشور (398)، وقال الضياء المقدسي: هذا الحديث عندي على شرط مسلم والله أعلم. انظر: صفة الجنة للضياء (1/ 36)، وقال ابن القيم: إسناد حديث أبي سعيد على شرط الصحيح، فرجاله محتج بهم فيه، ولكنه غريب جدا. انظر: حادي الأرواح (ص 167). وصححه الألباني في صحيح الجامع (6649).
(1)
الترمذي معلقا تحت الحديث (2563)، وقال الترمذي: سألت مُحمدًا عن هذا الحديث فقال هذا حديث هشام الدستوائي لم يعرفه إلا من هذا الوجه، قال محمد: وفي حديث أبي رزين عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة أهل الجنة قال ولكن لا يتوالدون. انظر: ترتيب علل الترمذي (625).
(2)
سبق.
يا رسول الله: لا يولد لأهل الجنة فإن الولد من تمام السرور؟ فقال: نعم، والذي نفسي بيده، وما هو إلا بقدر ما يتمنى أحدهم فيكون حمله ووضعه وشبابه، أي في ساعة واحدة، والله تعالى أعلم. وأما حديث أبي رزين الذي أشار إليه البخاري وفيه أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال:"لا توالد في الجنة"، وهو صريح في أن لا توالد، ويدل له قوله تعالى:{وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ}
(1)
، وهن اللاتي تطهرن من الحيض والنفاس والغائط والبول والنخام والبصاق والأذى، ولكن في الحديث الصحيح
(2)
(3)
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يبقى في الجنة فضل فينشئ الله [لها] خلقا يسكنهم إياها ولو كان في الجنة إيلاد لكان الفضل لأولادهم وكانوا أحق به من غيرهم ولأن الله تعالى قدر هذا التناسل في الدنيا لأنه قدر الموت وإخراجهم إلى هذه الدار قرنا بعد قرن وجعل لهم أمدا ينتهون إليه فلولا التناسل لبطل النوع الإنساني ولهذا الملائكة لا يتناسلون لأنهم لا يموتون كما يموت الإنس والجن فإذا كان يوم القيامة أخرج الله تعالى الناس كلهم من الأرض وأنشأهم للبقاء ولا يحتاجون إلى تناسل الحفظ النوع الإنساني إذ هو منشأ للبقاء والدوام فلا أهل الجنة يتناسلون ولا أهل النار يتناسلون، اهـ، [قاله] في الديباجة.
(1)
سورة البقرة، الآية:25.
(2)
صحيح البخاري (7384) صحيح مسلم (38)(2848).
(3)
هذان اللوحان 292 و 293 بين المعقوفين سقطا من الأصل وأثبتا من النسخة الهندية.
تنبيه: أبو الصديق الناجي المذكور في متن الحديث اسمه: بكر بن [عمرو] ويقال: بكر بن قيس.
5715 -
وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ لَو أَن حوراء أخرجت كفها بَين السَّمَاء وَالْأَرْض لافتتن الْخَلائق بحسنها وَلَو أخرجت نصيفها لكَانَتْ الشَّمْس عِنْد حسنه مثل الفتيلة فِي الشَّمْس لَا ضوء لَهَا وَلَو أخرجت وَجههَا لأضاء حسنها مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض. رواه ابن أبي الدنيا
(1)
موقوفا.
قوله: "عن ابن عباس" تقدم. قوله: "لو أن حوراء أخرجت كفها بين السماء والأرض لافتتن الخلائق بحسنها" الحديث، الحوراء واحدة الحور.
5716 -
وَعَن أنس بن مَالك رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَو أَن حوراء بزقت فِي بَحر لعذب ذَلِك الْبَحْر من عذوبة رِيقهَا. رواه ابن أبي الدنيا
(2)
عن شيخ من أهل البصرة لم يسمه عنه.
قوله: "وعن أنس بن مالك" تقدم. قوله: "لو أن حوراء بزقت في بحر لعذب ذلك البحر من عذوبة ريقها" وفي الحديث الآخر عن ابن عباس لو أن
(1)
أبو بكر بن أبي الدنيا كما في البداية والنهاية (20/ 343). وقال ابن حجر في فتح الباري (11/ 442) وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (2225)، وقال: ليس هو في مطبوعة صفة الجنة لابن أبي الدنيا، وقد عزاه إليه ابن القيم في حادي الأرواح (1/ 376)، وفيه (سعيد بن زربي)، وعنده عجائب من المناكير كما قال أبو حاتم، وعنه بشر بن الوليد، وفيه ضعف.
(2)
ابن أبي الدنيا في صفة الجنة (360) وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (6903)، وضعيف الترغيب والترهيب (2226).
امرأة من نساء أهل الجنة بصقت في سبعة أبحر لكانت تلك الأبحر أحلى من العسل. البزاق بالزاي والصاد معروف. قال الشاعر:
فلو تفلت في البحر والبحر مالح
…
لأصبح ماء البحر من ريقها عذبا
5717 -
وَرُوِيَ أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا قَالَ لَو أَن امْرَأَة من نسَاء أهل الْجنَّة بصقت فِي سَبْعَة أبحر لكَانَتْ تِلْكَ الأبحر أحلى من الْعَسَل
(1)
.
5718 -
وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ كُنَّا جُلُوسًا مَعَ كَعْب يَوْمًا فَقَالَ لَو أَن يدا من الْحور من السَّمَاء ببياضها وخواتيمها دليت لَأَضَاءَتْ لَهَا الأَرْض كَمَا تضيء الشَّمْس لأهل الدُّنْيَا ثمَّ قَالَ إِنَّمَا قلت يَدهَا فَكيف بِالْوَجْهِ بياضه وَحسنه وجماله وتاجه وياقوته ولؤلؤه وزبرجده: رواه ابن أبي الدنيا
(2)
وفي إسناده عبيد الله بن زحر.
قوله: "عن ابن عباس" تقدم. قوله: "كنا جلوسا مع كعب يوما فقال: لو أن يدا من الحور ببياضها وخواتيمها دليت من السماء لأضاءت لها الدنيا كما تضيء الشمس لأهل الدنيا" الحديث. وفي حديث آخر [رواه أبو نعيم
(3)
من
(1)
أخرجه ابن أبى الدنيا في صفة الجنة (297). وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (2227). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.
(2)
ابن أبي الدنيا في صفة الجنة (294) وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (2228).
(3)
أخرجه أبو نعيم في صفة الجنة (381)، وفي الحلية (6/ 374)، وابن عدي في الكامل (4/ 226)، والخطيب في تاريخه (8/ 253)، وفيه حلبس بن محمد قال الذهبي في الضعفاء: مجهول قال في الميزان: إن الحديث باطل، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3266)، والضعيفة (3699): موضوع.
حديث عيسى بن يونس فذكره إلى أن قال: عن علقمة]
(1)
، عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سطع نور في الجنة فرفعوا رءوسهم فإذا هو من ثغر حوراء ضحكت في وجه زوجها. وروى البيهقي
(2)
عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الحور العين خلقهن من الزعفران، اهـ.
لطيفة: وإذا كانت هذه الخلقة الآدمية التي هي من أحسن الصور وأجملها مادتها من تراب وجاءت الصورة من أحسن الصور فما الظن بصورة مخلوقة من مادة الزعفران الذي هناك فالله المستعان، قاله في حادي الأرواح
(3)
.
5719 -
وَرُوِيَ عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن الْحور الْعين لأكْثر عددا مِنْكُن يدعونَ لِأَزْوَاجِهِنَّ يقلن اللَّهُمَّ أعنه على دينك بعزتك وَأَقْبل بِقَلْبِه على طَاعَتك وبلغه إِلَيْنَا بقربك يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا مُرْسلا
(4)
.
(1)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
(2)
البيهقي في البعث والنشور (355)، وقال: هذا منكر بهذا الإسناد لا يصح عن ابن علية. وابن المقرئ في المعجم (951)، وابن الأعرابي في المعجم (268) وأبو نعيم في صفة الجنة (384)، والخطيب في تاريخه (7/ 98)، قال المناوى (3/ 423): فيه الحارث بن خليفة قال الذهبي في الذيل: مجهول، وقال ابن القيم وقفه أشبه بالصواب، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2803)، والضعيفة (3539).
(3)
حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (ص: 234).
(4)
أخرجه ابن أبى الدنيا في صفة الجنة (308). وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (2229). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.
5720 -
وَرُوِيَ عَن أم سَلمَة زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها قَالَت قلت يَا رَسُول الله أَخْبرنِي عَن قَول الله عز وجل حور عين قَالَ حور بيض عين ضخام شفر الْحَوْرَاء بِمَنْزِلَة جنَاح النسْر قلت يَا رَسُول الله فَأَخْبرنِي عَن قَول الله عز وجل كأنهن الْيَاقُوت والمرجان قَالَ صفاؤهن كصفاء الدّرّ الَّذِي فِي الأصداف الَّذِي لَا تمسه الْأَيْدِي قلت يَا رَسُول الله فَأَخْبرنِي عَن قَول الله عز وجل فِيهِنَّ خيرات حسان قَالَ خيرات الْأَخْلَاق حسان الْوُجُوه قلت يَا رَسُول الله فَأَخْبرنِي عَن قَول الله عز وجل كأنهن بيض مَكْنُون قَالَ رقتهن كرقة الْجلد الَّذِي فِي دَاخل الْبَيْضَة مِمَّا يَلِي القشر قلت يَا رَسُول الله فَأَخْبرنِي عَن قَول الله عز وجل {عُرُبًا أَتْرَابًا} [الْوَاقِعَة: 37] قَالَ هن اللواتي قبضن فِي دَار الدُّنْيَا عَجَائِز رمصا شُمْطًا خَلقهنَّ الله بعد الْكبر فجعلهن عذراى عربا مُتَعَشقَات مُتَحَببَات أَتْرَابًا على مِيلَاد وَاحِد قلت يَا رَسُول الله أنساء الدُّنْيَا أفضل أم الْحور الْعين قَالَ نسَاء الدُّنْيَا أفضل من الْحور الْعين كفضل الظهارة على البطانة قلت يَا رَسُول الله وَبِمَ ذَاك قَالَ بصلاتهن وصيامهن وعبادتهن الله عز وجل ألبس الله عز وجل وجوههن النُّور وأجسادهن الْحَرِير بيض الألوان خضر الثِّيَاب صفر الْحلِيّ مجامرهن الدّرّ وأمشاطهن الذَّهَب يقلن أَلا نَحن الخالدات فَلَا نموت أبدا أَلا نَحن الناعمات فَلَا نبأس أبدا أَلا وَنحن المقيمات فَلَا نظعن أبدا أَلا وَنحن الراضيات فَلَا نسخط أبدا طُوبَى لمن كُنَّا لَهُ وَكَانَ لنا قلت يَا رَسُول الله الْمَرْأَة منا تتَزَوَّج الزَّوْجَيْنِ وَالثَّلَاثَة وَالْأَرْبَعَة فِي الدُّنْيَا ثمَّ تَمُوت فَتدخل الْجنَّة ويدخلون مَعهَا من يكون زَوجهَا مِنْهُم قَالَ يَا أم سَلمَة إِنَّهَا تخير فتختار
أحْسنهم خلقا فَتَقول أَي رب إِن هَذَا كَانَ أحْسنهم معي خلقا فِي دَار الدُّنْيَا فزوجنيه يَا أم سَلمَة ذهب حسن الْخلق بِخَير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة. رواه الطبراني في الكبير
(1)
والأوسط
(2)
وهذا لفظه.
قوله: "عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم" تقدم الكلام على مناقبها في مواضع من هذا التعليق.
فائدة في ذكر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأولهن خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس وعشرين سنة وآمنت به رضي الله عنها، وماتت قبل الهجرة بثلاث سنين فتزوج بعد موتها سودة بنت زمعة من بني عامر بن لؤي ثم تزوج عائشة بنت أبي بكر الصديق بمكة وبنى بها بعد الهجرة بسبعة أشهر ثم تزوج حفصة بنت عمر بن الخطاب بعد الهجرة بسنتين وأشهر ثم تزوج زينب بنت خزيمة من بني هلال بن عامر وتوفيت عنده بعد ضمه لها بشهرين وتزوج أم سلمة واسمها هند بنت أبي أمية واسمه حذيفة بن المغيرة من بني مخزوم وهي آخر نسائه موتا. وقيل آخرهن صفية وتزوج زينب بنت جحش من بني أسد بن خزيمة ماتت في أول
(1)
الطبراني في المعجم الكبير (23/ 367/ 870)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 119) رواه الطبراني، وفيه جابر الجعفي وهو ضعيف وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (2230).
(2)
المعجم الأوسط (3141)، والعقيلي الضعفاء الكبير (2/ 138) في ترجمة: سليمان بن أبي كريمة عن هشام بن حسان، يحدث بمناكير ولا يتابع على كثير من حديثه، لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به.
خلافة عمر ثم تزوج جويرية بنت الحارث من بني المصطلق من خزاعة ثم تزوج أم حبيبة واسمها رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية وقيل اسمها هند تزوجها وهي ببلاد الحبشة وكانت هناك مهاجرة وأصدقها عنه النجاشي أربعمائة دينار وسيقت له من هناك وماتت في أيام أخيها معاوية وتزوج إثر فتح خيبر صفية بنت حيي بن أخطب سيد بني النضير من ولد هارون بن عمران عليه السلام ثم تزوج ميمونة بنت الحارث الهلالية وهي آخر من تزوج تزوجها في مكة في عمرة القضاء وماتت أيام معاوية وقبرها بسرف قريب من مكة ولم يتزوج بكرا غير عائشة والله أعلم، قاله ابن القصار في شرح البردة. قول أم سلمة: "قلت يا رسول الله أخبرني عن قول الله عز وجل: {وَحُورٌ عِينٌ}
(1)
، قال: حور بيض عين ضخام شفر الحوراء بمنزلة جناح النسر" الحديث. قال العلماء: الحور جمع حوراء وهي المرأة الشابة الحسناء الجميلة البيضاء شديدة سواد العين والعِين معناه حسان الأعين، اهـ. قال أبو عمر الشيباني: الحوراء السوداء العين التي ليس في عينها بياض ولا يكون هذا في الإنسان إنما يكون في الوحش كالبقر والظباء وكذلك قاله سعيد بن جبير. قال ابن السكيت: [الحور عند العرب سعة العين وكبر المقلة وكثرة البياض وقيل]
(2)
الحوراء الشديدة [شدة]
(3)
بياض البياض في شدة
(1)
سورة الواقعة، الآية:22.
(2)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
(3)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
سواد السواد. وقال الأصمعي ما أدري ما الحور، اهـ. قاله صاحب المغيث
(1)
، واختلف في اشتقاق هذه اللفظة فقال ابن عباس: الحور في كلام العرب البيض وكذلك قال قتادة الحور البيض والصحيح أن الحور مأخوذ من الحور في العين وهو شدة بياضها مع قوة سوادها فهو يتضمن الأمرين وفي الصحاح الحور شدة بياض العين في شدة سوادها، قال مقاتل: العين حسان الأعين ومن محاسن المرأة اتساع عينها في طول وضيق العين في المرأة من العيوب.
تنبيه: وإنما يستحب الضيق منها في أربعة مواضع في فمها وخرق أذنها وأنفها وما هنالك ويستحب السعة منها في أربعة مواضع وجهها وصدرها وكاهلها وهو ما بين كتفيها وجبهتها ويستحب البياض منها في أربعة لونها وفرقها وثغرها وبياض عينها، ويستحب السواد منها في أربعة عينها وحاجبها وهدبها وشعرها ويستحب الطول منها في أربعة قوامها وعنقها وشعرها وبنانها ويستحب القصر منها في أربعة وهي معنوية لسانها ويدها ورجلها وعينها فتكون قاصرة الطرف قصيرة الرجل واللسان عن الخروج وكثرة الكلام قصيرة اليد عن تناول ما يكره الزوج وعن بذله؛ ويستحب الرقة منها في أربعة: خصرها وفرقها وحاجباها وأنفها، اهـ، قاله في حادي الأرواح
(2)
.
قوله: "قالت: قلت: يا رسول الله فأخبرني عن قول الله عز وجل {كَأَنَّهُنَّ
(1)
المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث (1/ 522).
(2)
حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (ص: 219).
الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58)}
(1)
قال صفاؤهن كصفاء الدر الذي في الأصداف الذي لا تمسه الأيدي" قال الحسن وعامة المفسرين أراد صفاء الياقوت في بياض المرجان شبههن في صفاء اللون وبياضه وبالياقوت والمرجان ويدل عليه ما قاله عبد الله إن المرأة من النساء أهل الجنة لتلبس عليها سبعين حلة من حرير فيرى بياض ساقيها من ورائهن ذلك بأن الله يقول: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58)} إلا وإن الياقوت حجر لو جعلت فيه سلكا ثم استصفيته نظرت إلى السلك من وراء الحجر.
قوله: "قالت: يا رسول الله فأخبرني عن قول الله عز وجل {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (70)}
(2)
، قال: خيِّرات الأخلاق حسان الوجوه" الحديث، فالخيرات جمع خيرة كسيدة ولينة وحسان جمع حسنة فهن خيِّرات الصفات والأخلاق والشيم حسان الوجوه. قوله: "قالت: فقلت يا رسول الله فأخبرني عن قول الله عز وجل كأنهن بيض مكنون. قال: رقتهن كرقة الجلد الذي في داخل البيضة مما يلي القشر" الحديث كذا كذا قوله: "قالت يا رسول الله فأخبرني عن قول الله عز وجل {عُرُبًا أَتْرَابًا (37)}
(3)
قال: هن اللواتي قبضن في دار الدنيا عجائز رمصا شمطا" الحديث، العُرب بضمتين وبسكون الراء جمع العروب وهي المرأة الحسناء [المحببة] إلى زوجها الحسنة التبعّل
(1)
سورة الرحمن، الآية:58.
(2)
سورة الرحمن، الآية:70.
(3)
سورة الواقعة، الآية:37.
وأهل مكة يسمونها العرِبة بكسر الراء وأهل المدينة يسمونها الغنجة بكسر النون وأهل العراق يسمونها الشكلة بفتح الشين وكسر الكاف. وقال ابن الأعرابي العروب من النساء المطيعة لزوجها المتحببة إليه. وقال أبو عبيدة
(1)
: العروب الحسنة التبعل. قلت: يريد حسن موافقتها وملاطفتها لزوجها عند الجماع. وقال المبرد: هي العاشقة لزوجها. وذكر المفسرون في تفسير العرب أنهن العواشق المتحببات الشكلات المتعشقات الغلمات المغنوجات، كل ذلك من ألفاظهن والغلمة شدة الهيجان، وأما الأتراب فجمع ترب، وهو لِدَة الأسنان. قال أبو عبيدة: أقران أسنانهن واحدة. قال ابن عباس وسائر المفسرين مستويات عن سن واحدة وميلاد واحد بنات ثلاث وثلاثين سنة
(2)
.
وقال أبو إسحاق: أي [هن] في غاية الشباب والحسن، المعنى من الإخبار باستواء أسنانهن أنهن ليس فيها عجائز قد فات حسنهن ولا ولائد لا يطقن الوطء بخلاف الذكور فإن فيهم الولدان وهم الخدم المخلدون
(3)
.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: يريد نساء الآدميات. وقال الكلبي ومقاتل يعني نساء أهل الدنيا العجز الشمط، يقول تعالى: خلقناهن بعد الكبر والهرم بعد الخلق في الدنيا. ويؤيد هذا التفسير حديث أنس المرفوع هن عجائزكم
(1)
حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (ص: 227).
(2)
التفسير البسيط (21/ 235 - 236)، وحادى الأرواح (ص: 227).
(3)
حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (ص: 221).
العمش الرمص. رواه الثوري [عن] موسى بن عبيدة، عن يزيد الرقاشي [عنه]، ويؤيده ما رواه يحيى الحماني قال حدثنا ابن إدريس عن [ليث] عن مجاهد عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها عجوز فقال: من هذه؟ فقالت: إحدى خالاتي. قال: أما إنه لا يدخل الجنة العجز. فدخل العجوز من ذلك ما شاء الله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ} خلقًا آخر ثم قرأ النبي صلى الله عليه وسلم: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35)}
(1)
[قال آدم بن أبي إياس
(2)
حدثنا شيبان عن جابر الجعفي عن يزيد بن مرة عن سلمة بن يزيد قال. سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول في قوله تعالى: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35)} ] قال يعني الثيب والأبكار واللاتي كن في الدنيا. قال آدم
(3)
: وحدثنا المبارك بن فضالة عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة العجز، فبكت عجوز. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخبروها أنها ليست يومئذ بعجوز شابة إن الله عز وجل يقول: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35)} . وقال ابن أبي شيبة
(4)
: حدثنا أحمد بن طارق حدثنا مسعدة بن اليسع حدثنا سعيد بن أبى عروبة عن قتادة عن سعيد ابن المسيب عن عائشة
(5)
أن النبي صلى الله عليه وسلم أتته عجوز من الأنصار
(1)
سورة الواقعة، الآية:35.
(2)
حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (ص: 225).
(3)
حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (ص: 225).
(4)
حادي الأرواح (ص 155).
(5)
الطبراني في المعجم الأوسط (5545)، وهناد بن السري في الزهد (24) ورواه البيهقي في البعث والنشور كما في تخريج أحاديث الكشاف (3/ 407)، وقال الهيثمي في مجمع =
فقالت: يا رسول الله ادع الله أن يدخلني الجنة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الجنة لا [تدخلها] عجوز، فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رجع إلى عائشة رضي الله عنها فقالت عائشة لقد لقيت من كلمتك مشقة وشدة فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم إن ذاك كذاك إن الله تعالى إذا [أدخلكن] الجنة [حولكن] أبكارا. وفي الحديث
(1)
أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعجوز إن الجنة لا [تدخلها] العُجز، فولت تبكي. قال: أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز، فأنزل الله تعالى يقول:{إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36)}
(2)
أي خلقناهن خلقا وصيرناهن. العجز بضم العين والجيم جمع عجوز.
قوله: "فولت" أي أعرضت باكية لأنها ظنت أن العجوز لا تدخل الجنة قط. فقال صلى الله عليه وسلم: أخبروها أنها لا تدخل الجنة حال كونها عجوزا بل يصيرها الله تعالى شابة بكرا وكذا جميع الإنسان يكون على سن من له ثلاثون سنة والله أعلم. قوله: "خلقهن الله بعد الكبر فجعلهن عذارى" والعذارى جمع العذراء وهي البكر كما تقدم، ومنه حديث جابر: مالكَ والعذارى ولِعَابها، أي ملاعبتهن. قوله:"وعربا" أي مستويات عن سن واحدة.
قوله: "قالت: قلت يا رسول الله أنساء الدنيا أفضل أم الحور العين؟ قال:
= الزوائد (10/ 419): رواه الطبراني في الأوسط، وفيه مسعدة بن اليسع، وهو ضعيف. وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2987).
(1)
سبق.
(2)
سورة الواقعة، الآية: 35 - 36.
نساء الدنيا أفضل من الحور العين" الحديث.
تنبيه: روي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن الآدميات أفضل من الحور العين بسبعين ألف ضعف، ذكره القرطبي في التذكرة
(1)
. قوله: "بيض الألوان خضر الثياب".
تنبيه: وخص الأخضر بذلك لأنه الموافق للبصر لأن البياض [يبدد] النظر ويؤلم والسواد يورم والخضرة لون بين البياض والسواد وذلك يجمع الشعاع
(2)
. قول أم سلمة: "قلت يا رسول الله المرأة منا تتزوج الزوجين والثلاثة والأربعة في الدنيا ثم تموت فتدخل الجنة ويدخلون معها من يكون زوجها منهم؟ " الحديث. قال الفقيه أبو الليث السمرقندي
(3)
: اختلف الناس في المرأة إذا كان لها زوجان في الدنيا لأيهما تكون في الآخرة، قال بعضهم تكون لآخرهما وقال بعضهم أنها تخير فتختار أيهما شاءت وقد جاء في الأثر ما [يرد] قول كلا القولين. أما من قال هي لآخرهما فقد ذهب إلى ما روي عن معاوية بن أبي سفيان
(4)
أنه خطب أم الدرداء فأبت وقالت سمعت أبا
(1)
التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة (ص: 987).
(2)
التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة (ص: 1024).
(3)
بستان العارفين للسمرقندي (ص: 382).
(4)
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (4/ 270)، وفي الأوسط (3130)، والكلاباذي في بحر الفوائد (638) عن أبي الدرداء،، أبو يعلى الموصلي في "المسند كما في إتحاف الخيرة المهرة (3264) - وقال البوصيري:"هذا إسناد رجاله ثقات". وصححه الألباني في صحيح الجامع (6691) والصحيحة (1281).
الدرداء يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: المرأة لآخر زوجها [في الآخرة]. وقال لي: إن أردت أن تكوني زوجي في الآخرة فلا تتزوجي بعدي. وأما من قال يختار أيهما شاءت فذهب إلى ما روي عن أم سلمة وهو هذا الحديث.
قوله: "يا أم سلمة إنها تخير فتختار أحسنهم خلقا"، [وخلقا بضم اللام وسكونها، والضم أكثر،] وتقدم الكلام على حسن الخلق في بابه مبسوطا.