المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الأعراف (7) : آية 33] - التحرير والتنوير - ٨-ب

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌7- سُورَةُ الْأَعْرَافِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : الْآيَات 4 إِلَى 5]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : الْآيَات 8 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : الْآيَات 11 إِلَى 13]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : الْآيَات 14 إِلَى 15]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : الْآيَات 16 إِلَى 17]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : الْآيَات 20 إِلَى 21]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : الْآيَات 29 إِلَى 30]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 34]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : الْآيَات 35 إِلَى 36]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : الْآيَات 37 الى 39]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : الْآيَات 40 إِلَى 41]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 42]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : الْآيَات 44 إِلَى 45]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : الْآيَات 46 إِلَى 47]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : الْآيَات 48 إِلَى 49]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : الْآيَات 50 الى 51]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 52]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 55]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 56]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 57]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 58]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 59]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 60]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 62]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 63]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 64]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : الْآيَات 65 إِلَى 66]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : الْآيَات 67 إِلَى 68]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 69]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : الْآيَات 70 إِلَى 71]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 72]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 73]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 74]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : الْآيَات 75 إِلَى 76]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : الْآيَات 77 إِلَى 78]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 79]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : الْآيَات 80 إِلَى 81]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 82]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : الْآيَات 83 إِلَى 84]

- ‌[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : الْآيَات 85 إِلَى 87]

الفصل: ‌[سورة الأعراف (7) : آية 33]

وَالْمُرَادُ بِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ الثَّنَاءُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ فَهِمُوا الْآيَاتِ وَشَكَرُوا عَلَيْهَا، وَالتَّعْرِيضُ بِجَهْلِ وَضَلَالِ عُقُولِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ اسْتَمَرُّوا عَلَى عِنَادِهِمْ وَضَلَالِهِمْ، رَغْمَ مَا فُصِّلَ لَهُمْ من الْآيَات.

[33]

[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 33]

قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33)

لَمَّا أَنْبَأَ قَوْلُهُ: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ [الْأَعْرَاف: 32] إِلَى آخِرِهِ، بِأَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ حُرِمُوا مِنَ الزِّينَةِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ، وَأَنْبَأَ قَوْلُهُ تَعَالَى- قَبْلَ ذَلِكَ- وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللَّهُ أَمَرَنا بِها [الْأَعْرَاف: 28] بِأَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ يَعْزُونَ ضَلَالَهُمْ فِي الدِّينِ إِلَى اللَّهِ، فَأَنْتَجَ ذَلِكَ أَنَّهُمُ ادَّعَوْا أَنَّ مَا حَرَّمُوهُ مِنَ الزِّينَةِ وَالطَّيِّبَاتِ قَدْ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، أَعْقَبَ مُجَادَلَتَهُمْ بِبَيَانِ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ حقّا وهم ملتبسون بِهِ وَعَاكِفُونَ عَلَى فِعْلِهِ.

فَالْقَصْرُ الْمُفَادُ مِنْ إِنَّما قَصْرٌ إِضَافِيٌّ مُفَادُهُ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا لَا مَا حَرَّمْتُمُوهُ مِنَ الزِّينَةِ وَالطَّيِّبَاتِ، فَأَفَادَ إِبْطَالَ اعْتِقَادِهِمْ، ثُمَّ هُوَ يُفِيدُ بِطَرِيقِ التَّعْرِيضِ أَنَّ مَا عَدَّهُ اللَّهُ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ الثَّابِتِ تَحْرِيمُهَا قَدْ تَلَبَّسُوا بِهَا، لِأَنَّهُ لَمَّا عَدَّ أَشْيَاءَ، وَقَدْ عَلِمَ النَّاسُ أَنَّ الْمُحَرَّمَاتِ لَيْسَتْ مَحْصُورَةً فِيهَا، عَلِمَ السَّامِعُ أَنَّ مَا عَيَّنَهُ مَقْصُودٌ بِهِ تَعْيِينُ مَا تَلَبَّسُوا بِهِ فَحَصَلَ بِصِيغَةِ الْقَصْرِ رَدٌّ عَلَيْهِمْ مِنْ جَانِبَيْ مَا فِي صِيغَةِ (إِنَّمَا) مِنْ إِثْبَاتٍ وَنَفْيٍ: إِذْ هِيَ بِمَعْنَى (مَا- وَإِلَّا) ، فَأَفَادَ تَحْلِيلَ مَا زَعَمُوهُ حَرَامًا وَتَحْرِيمَ مَا اسْتَبَاحُوهُ مِنَ الْفَوَاحِشِ وَمَا مَعَهَا.

ص: 99

وَالْفَوَاحِشُ جَمْعُ فَاحِشَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ مَعْنَى الْفَاحِشَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً فِي سُورَةِ النِّسَاءِ [22] وَتَقَدَّمَ آنِفًا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً [الْأَعْرَاف: 28] .

وَمَا ظَهَرَ مِنْها هُوَ مَا يُظْهِرُهُ النَّاسُ بَيْنَ قُرَنَائِهِمْ وَخَاصَّتِهِمْ مِثْلَ الْبِغَاءِ وَالْمُخَادَنَةِ، وَمَا بَطَنَ هُوَ مَا لَا يُظْهِرُهُ النَّاسُ مِثْلَ الْوَأْدِ وَالسَّرِقَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي نَظِيرِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ

تَعَالَى: وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [151] . وَقَدْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَسْتَحِلُّونَ هَذِهِ الْفَوَاحِشَ وَهِيَ مَفَاسِدُ قَبِيحَةٌ لَا يَشُكُّ أُولُو الْأَلْبَابِ، لَوْ سُئِلُوا، أَنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى بِهَا، وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْفَوَاحِشِ: الزِّنَا، وَمَا ظَهَرَ مِنْهُ وَمَا بَطَنَ حَالَانِ مِنْ أَحْوَالِ الزُّنَاةِ، وَعَلَى هَذَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الْإِتْيَانُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ لِاعْتِبَارِ تَعَدُّدِ أَفْعَالِهِ وَأَحْوَالِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ.

وَأَمَّا الْإِثْمُ فَهُوَ كُلُّ ذَنْبٍ، فَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الْفَوَاحِشِ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [219] . وَقَوْلِهِ: وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [120] ، فَيَكُونُ ذِكْرُ الْفَوَاحِشِ قَبْلَهُ لِلِاهْتِمَامِ بِالتَّحْذِيرِ مِنْهَا قَبْلَ التَّحْذِيرِ مِنْ عُمُومِ الذُّنُوبِ، فَهُوَ مَنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ قَبْلَ الْعَامِّ لِلِاهْتِمَامِ، كَذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ، إِلَّا أَنَّ الِاهْتِمَامَ الْحَاصِلَ بِالتَّخْصِيصِ مَعَ التَّقْدِيمِ أَقْوَى لِأَنَّ فِيهِ اهْتِمَامًا مِنْ جِهَتَيْنِ.

وَأَمَّا الْبَغْيُ فَهُوَ الِاعْتِدَاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ بِسَلْبِ أَمْوَالِهِمْ أَوْ بِأَذَاهُمْ، وَالْكِبْرُ عَلَى النَّاسِ مِنَ الْبَغْيِ، فَمَا كَانَ بِوَجْهِ حَقٍّ فَلَا يُسَمَّى بَغْيًا وَلَكِنَّهُ أَذًى، قَالَ الله تَعَالَى: وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما [النِّسَاء: 16] وَقَدْ كَانَ الْبَغْيُ شَائِعًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَكَانَ الْقَوِيُّ يَأْكُلُ الضَّعِيفَ، وَذُو الْبَأْسِ يُغِيرُ عَلَى أَنْعَامِ النَّاسِ وَيَقْتُلُ أَعْدَاءَهُ مِنْهُمْ، وَمِنَ الْبَغْيِ أَنْ يَضْرِبُوا مَنْ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ بِثِيَابِهِ إِذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ الْحُمْسِ، وَأَنْ يُلْزِمُوهُ بِأَنْ لَا يَأْكُلَ غَيْرَ طَعَامِ الْحُمْسِ، وَلَا يَطُوفَ إِلَّا فِي ثِيَابِهِمْ.

ص: 100

وَقَوْلُهُ: بِغَيْرِ الْحَقِّ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ لِلْبَغْيِ مِثْلَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ لِأَنَّ الْبَغْيَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِغَيْرِ حَقٍّ.

وَعَطْفُ الْبَغْيَ عَلَى الْإِثْمَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِلِاهْتِمَامِ بِهِ، لِأَنَّ الْبَغْيَ كَانَ دَأْبَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَ سَوَّارُ بْنُ الْمُضَرَّبِ السَّعْدِيُّ:

وَأَنِّي لَا أَزَالُ أَخَا حُرُوبٍ

إِذَا لَمْ أَجْنِ كُنْتُ مِجَنَّ جَانِ

وَالْإِشْرَاكُ مَعْرُوفٌ وَقَدْ حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ مُنْذُ خَلَقَ الْبَشَرَ.

وَمَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً مَوْصُولٌ وَصِلَتُهُ، وَ (مَا) مَفْعُولُ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ، وَالسُّلْطَانُ الْبُرْهَانُ وَالْحُجَّةُ، وَالْمَجْرُورُ فِي قَوْلِهِ: بِهِ صِفَةٌ لِ سُلْطاناً، وَالْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ بِمَعْنَى مَعَهُ أَيْ لَمْ يُنَزِّلْ حُجَّةً مُصَاحِبَةً لَهُ، وَهِيَ مُصَاحَبَةُ الْحُجَّةِ لِلْمُدَّعِي وَهِيَ مُصَاحَبَةٌ مَجَازِيَّةٌ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى لِلِاسْتِعْلَاءِ الْمَجَازِيِّ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ تَعَالَى: مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ

بِقِنْطارٍ

[آل عمرَان: 75] أَيْ سُلْطَانًا عَلَيْهِ، أَيْ دَلِيلًا. وَضَمِيرُ (بِهِ) عَائِدٌ إِلَى (مَا) وَهُوَ الرَّابِطُ لِلصِّلَةِ. فَمَعْنَى نَفْيِ تَنْزِيلِ الْحُجَّةِ عَلَى الشُّرَكَاءِ: نَفِيُ الْحُجَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى إِثْبَاتِ صِفَةِ الشَّرِكَةِ مَعَ اللَّهِ فِي الْإِلَهِيَّةِ، فَهُوَ مِنْ تَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِالذَّاتِ وَالْمُرَادُ وَصْفُهَا، مِثْلَ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ أَيْ أَكْلُهَا. وَهَذِهِ الصِّلَةُ مُؤْذِنَةٌ بِتَخْطِئَةِ الْمُشْرِكِينَ، وَنَفْيِ مَعْذِرَتِهِمْ فِي الْإِشْرَاكِ، بِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ يُشْتَبَهُ عَلَى النَّاسِ فِي عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْأَصْنَامِ الْعِبَادَةَ، فَعَرَّفَ الشُّرَكَاءَ الْمَزْعُومِينَ تَعْرِيفًا لِطَرِيقِ الرَّسْمِ بِأَنَّ خَاصَّتَهُمْ: أَنْ لَا سُلْطَانَ عَلَى شَرِكَتِهِمْ لِلَّهِ فِي الْإِلَهِيَّةِ، فَكُلُّ صَنَمٍ مِنْ أَصْنَامِهِمْ وَاضِحَةٌ فِيهِ هَذِهِ الْخَاصَّةُ، فَإِنَّ الْمَوْصُولَ وَصِلَتَهُ مِنْ طُرُقِ التَّعْرِيفِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ كَالْوَصْفِ، وَلَيْسَ لِلْمَوْصُولِ وَصِلَتِهِ مَفْهُومُ مُخَالَفَةٍ، وَلَا الْمَوْصُولَاتُ مَعْدُودَةٌ فِي صِيَغِ الْمَفَاهِيمِ، فَلَا يَتَّجِهُ مَا أَوْرَدَهُ الْفَخْرُ مِنْ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: هَذَا يُوهِمُ أَنَّ مِنْ بَيْنِ الشِّرْكِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهِ سُلْطَانًا وَاحْتِيَاجُهُ إِلَى دَفْعِ هَذَا الْإِيهَامِ، وَلَا مَا قَفَّاهُ عَلَيْهِ صَاحِبُ «الِانْتِصَافِ» مِنْ تَنْظِيرِ نَفْيِ السُّلْطَانِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِنَحْوِ قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:

على لَا حب لَا يُهْتَدَى بِمَنَارِهِ

ص: 101