الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزيدية- فإن بعض طوائفهم رافضة، وهم الذين خرجوا عن مبادئ زيد وآرائه، سواء كانوا متقدمين أو متأخرين فقد قسم أبو زهرة الزيدية من حيث الاعتقاد إلى قسمين (1) :
1-
المتقدمون منهم؛ المتبعون لأقوال زيد، وهؤلاء لا يعدون من الرافضة، ويعترفون بإمامة الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
2-
وقسم من المتأخرين منهم، وهؤلاء يعدون من الرافضة، وهم يرفضون إمامة الشيخين ويسبونهما ويكفرون من يرى خلافتهما.
وهذا يحتاج من الزيدية إلى إعادة النظر؛ ليتقاربوا من إخوانهم أهل السنة، وإلا أصبحوا في صف الإمامية الرافضة، وعموماً فإن مذهبهم في الإمامة يحصرونه في أولاد فاطمة فقط من غير تحديد بأحد منهم، وإنما يشترطون أن يكون كل فاطمي اجتمعت فيه خصال الولاية من الشجاعة والسخاء والزهد، وخرج ينادي بالإمامة - يكون إماماً واجب الطاعة، سواء كان من أولاد الحسن أو الحسين (2) ، عكس الاثني عشرية الذين حرصوا على الأئمة في أولاد الحسين فقط.
زيد بن علي
وهو الذي تنسب إليه الطائفة الزيدية:
وهو زيد بن علي بن الحسين بن علي، ولد سنة 80هـ تقريباً، وتوفي سنة 122هـ، وأمه أمة أهداها المختار إلى علي زين العابدين فأنجبت زيداً (3) .
وكان زيد -كما تذكر الكتب التي تترجم له -شخصية فذة، صاحب
(1) تاريخ المذاهب الإسلامية ص 52 جـ1.
(2)
الملل والنحل جـ1 صـ154، وانظر فرق الشيعة للنوبختي صـ43.
(3)
انظر ترجمته في كتاب ((الإمام زيد)) ص 22.
علم وفقه وتقوى، واتصل بواصل بن عطاء وأخذ عنه، واتصل بأبي حنيفة وأخذ عنه (1) ، وكان أبو حنيفة يميل إلى زيد ويتعصب له، وقد قال في خروجه لحرب الأمويين:((ضاهى خروجه خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر)) كما يذكر ذلك أبو زهرة (2) .
موقفه من حكام بني أمية:
خرج زيد على الحكام الأمويين، وأشهر السلاح في وجوههم، فما هو الدافع لزيد على هذا الخروج؟ والجواب هو حسب ما قيل في بعض المصادر أن زيداً خرج على بني أمية منكراً للظلم والجور، وبعضها يذكر أنه لم يكن يريد الخروج، ولا طلب الخلافة، ولكن حدث في تصرف هشام بن عبد الملك وعماله إهانات وإساءة لزيد لم يطق أن يعيش معها مسالماً لهشام بن عبد الملك، وذلك أن زيداً أحس أن والي المدينة من قبل هشام ويسمى خالد بن عبد الملك ابن الحارث ووالي هشام على العراق يوسف بن عمر الثقفي يتعمدان الإساءة له، وربما تصور أن ذلك بإيعاز من الخليفة هشام، فقرر أن يذهب للشام ويشرح أمره لهشام ليزيل ما في نفسه من تخوف أن يثور عليه زيد.
لكن حدث ما لم يكن في حسبانه، فقد قابله الخليفة مقابلة غير لائقة به
(1) وبعض العلماء كالشهرستاني يصرح بتلمذة زيد لواصل ولأبي حنيفة، ولكن الأستاذ أبو زهرة يرى أنها ليست تلمذة بمعنى الكلمة، وإنما كان اتصاله يزيد على سبيل المذكرة لتسويهما في العمر إذا واصل بن عطاء وزيد بن علي ولد في سنة 80هـ، ولكن هذا لا يمنع أن يتتلمذا ويتأثر زيد بواصل وأن يتتلمذ كذلك على أبي حنيفة، فإن تأثر زيد بهما، وتأثر الزيدية بعد ذلك بالمعتزلة والحنفية ظاهر على سبيل التلمذة لا المذاكرة التي يذهب إليها أبو زهرة، ولهذا قيل ((الزيدية معتزلة في الأصول، حنفية في الفروع)) .
(2)
الإمام زيد ص 72.
حاصلها: أن زيداً وقف بباب هشام فلم يؤذن له بالدخول مدة، فكتب له كتاباً يشرح أمره ويطلب الإذن له فكتب هشام في أسفل الكتاب: ارجع إلى أميرك بالمدينة. فعزم زيد على مقابلته وقال: والله لا أرجع إلى خالدا أبداً.
وأخيراً أذن له وقد رتب هشام الأمر، فوكل به من يحصي عليه جميع ما يقول، وحينما صعد زيد إلى هشام قال زيد: والله لا يحب الدنيا أحد إلا ذل. فلما مثل بين يدي هشام لم ير موضعاً للجلوس فيه حيث انتهى به المجلس، وقال: يا أمير المؤمنين، ليس أحد يكبر عن تقوى الله، ولا يصغر دون تقوى الله.
فقال هشام: اسكت لا أم لك. أنت الذي تنازعك نفسك الخلافة وأنت ابن أمَة. فقال له: يا أمير المؤمنين، إن لك جواباً إن أجبتك أحببتك به، وإن أحببت أمسكت- ولو أن هشاماً يريد العافية لقال له أمسك - فقال: بل أجب. فقال: إن الأمهات لا يقعدن بالرجال عن الغايات، وقد كانت أم إسماعيل أمَة لأم إسحاق، فلم يمنعه ذلك أن بعثه الله نبياً، وجعله للعرب أباً، وأخرج من صلبه خير البشر محمداً صلى الله عليه وسلم، ثم تقول لي هذا وأنا ابن فاطمة وابن علي؟
فقال هشام: اخرج.
فقال زيد: أخرج، ولا أكون إلا حيث تكره.
ومن هنا قرر أنه بين أمرين أحلاهما مر؛ فاختار الخروج (1)
…
وكم أسديت له من النصائح للرجوع عن رأيه، ولكنه -وبدفع من الشيعة-
(1) والله أعلم عن صحة ذلك كله، وقد علمت أن أكثر المؤرخين يتجوزون في نقل الأخبار اعتماداً على الرواة تاركين لمن جاء بعدهم مهمة تحقيقها