المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌6- موقفهم من الصحابة: - فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها - جـ ١

[د. غالب بن علي عواجي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الثالثة

- ‌المقدمة

- ‌الباب الأول: مقدمة في الفرق

- ‌الفصل الأولالهدف من دراسة الفرق

- ‌الفصل الثانيأهمية دراسة الفرقورد شبهة من يريد عدم دراستها

- ‌الفصل الثالثالنهي عن التفرق

- ‌المبحث الأول: الأدلة من القرآن الكريم:

- ‌المبحث الثاني: الأدلة من السنة النبوية:

- ‌الفصل الرابعحصر الفرق في العدد المذكور في حديث الافتراق

- ‌المبحث الأول: من الفرق الناجية

- ‌المبحث الثاني معنى قوله صلى لله عليه وسلم: ((كلها في النار إلا واحدة))

- ‌الفصل الخامسكيف ظهر الخلاف والتفرق بين المسلمين

- ‌الفصل السادسمدى سعة الخلاف الذي كان يحصل بين الصحابةوموقفهم منه، وكيف تطور بعدهم إلى تمزيق وحدة الأمة الإسلامية

- ‌الفصل السابعمظاهر الخلاف بين المسلمين

- ‌الفصل الثامنكيف تبدأ الفرق في الظهور

- ‌الفصل التاسعمنهج العلماء في عدَّ الفرق

- ‌الفصل العاشرما المراد بأمة الإسلام

- ‌الفصل الحادي عشرأهم أسباب نشأة الفرق

- ‌الباب الثاني: فرقة السلف أهل السنة والجماعة

- ‌الفصل الأولتمهيدحول دراسة هذه الطائفة

- ‌الفصل الثانيالأخطار التي تحيط بأهل السنة والجماعة

- ‌الفصل الثالثعقيدة فرقة أهل السنة والجماعة

- ‌الفصل الرابعأسماء هذه الطائفة وألقابهم

- ‌الفصل الخامسما هي عقيدة السلفوما هو منهجهم في مسائل الاعتقاد والاستدلال لها؟وما معنى كلمة عقيدة

- ‌الفصل السادسأقوال السلففي وجوب التمسك بالسنة والحذر من البدع

- ‌الفصل السابعلزوم السلف جماعة المسلمينوتحذيرهم من التفرق وأدلتهم على ذلك

- ‌الفصل الثامنالثناء على السلف رحمهم الله تعالى

- ‌الفصل التاسعجهودهم في خدمة الإسلام

- ‌الفصل العاشربيان وسطية أهل السنةفي مسائل الاعتقاد وسلامتهم من ضلالتيالإفراط والتفريط

- ‌الفصل الحادي عشرعلامات وسمات الفرقة الناجيةوعلامات وسمات الفرق الهالكةمزايا العقيدة السلفية وأصحابها

- ‌الفصل الثاني عشرذكر أشهر أئمة أهل السنة ومؤلفاتهم في العقيدة

- ‌الفصل الثالث عشرتنبيهات مهمة على مسائل في العقيدة

- ‌الباب الثالثدراسة عن الخوارج

- ‌الفصل الثانيالتعريف بالخوارج

- ‌الفصل الثالثأسماء الخوارج وسبب تلك التسميات

- ‌الفصل الرابعمتى خرج الخوارج

- ‌الفصل الخامسمحاورات الإمام علي للخوارج في النهروان

- ‌الفصل السادسأسباب خروج الخوارج

- ‌الفصل السابعحركات الخوارج الثورية وفرقهم وعددهم

- ‌الفصل الثامندراسة أهم فرق الخوارج وهم‌‌ الإباضية

- ‌ الإباضية

- ‌1- تمهيد:

- ‌2- زعيم الإباضية

- ‌3- هل الإباضية من الخوارج

- ‌4- فرق الإباضية:

- ‌5-دولة الإباضية:

- ‌6- موقف الإباضية من المخالفين لهم:

- ‌أ- موقفهم من سائر المخالفين:

- ‌ب- موقف الإباضية من الصحابة:

- ‌7- عقائد الإباضية:

- ‌الفصل التاسعإيضاحات لبعض الآراء الاعتقادية للخوارج

- ‌1- هل الخوارج يقولون بالتأويل أم بظاهر النص فقط

- ‌2- موقف الخوارج من صفات الله عز وجل

- ‌3- حكم مرتكبي الذنوب عند الخوارج

- ‌4- الإمامة العظمي

- ‌الفصل العاشرالحكم على الخوارج

- ‌أولاً: مراجع فرقة الخوارج ومنها:

- ‌ثانياً: مراجع فرقة الإباضية بخصوصهم:

- ‌الباب الرابعالشيعة

- ‌تمهيد:

- ‌الفصل الأولالتعريف بالشيعة لغة واصطلاحاً، وبيان التعريف الصحيح

- ‌الفصل الثانيمتى ظهر التشيع

- ‌الفصل الثالثالمراحل التي مر بها مفهوم التشيع

- ‌الفصل الرابعأسماء الشيعة

- ‌الفصل الخامسفرق الشيعة

- ‌ تمهيد:

- ‌ السبب في تفرق الشيعة:

- ‌ عدد فرق الشيعة

- ‌ السبب في عدم اتفاق العلماء على عدد فرق الشيعة

- ‌الفصل السادسدراسة أهم فرق الشيعة

- ‌1- السبئية:

- ‌موقف علي رضي الله عنه من ابن سبأ:

- ‌2-الكيسانية:

- ‌3- المختارية:

- ‌4-الزيدية:

- ‌زيد بن علي

- ‌آراء زيد والزيدية:

- ‌5- الرافضة:

- ‌1 - معنى الرافضة لغة واصطلاحاً:

- ‌2 - سبب تسميتهم بالرافضة:

- ‌4 - أسماؤهم قبل اتصالهم بزيد:

- ‌5 - فرق الروافض:

- ‌1- المحمدية:

- ‌1- الشيخية:

- ‌2- الرشتية:

- ‌الفصل السابعإيضاحات لبعض الآراء الاعتقادية للرافضة

- ‌4- المهدية والرجعة عند الشيعة:

- ‌من هو المهدي

- ‌مكان وجود المهدي:

- ‌رجعة المهدي ومتى تتم

- ‌5- موقفهم من القرآن الكريم:

- ‌6- موقفهم من الصحابة:

- ‌7- قولهم بالبداء على الله:

- ‌الفصل الثامنالشيعة في العصر الحاضر وهل تغير خلفهم عن سلفهم

- ‌الفصل التاسعالحكم على الشيعة

الفصل: ‌6- موقفهم من الصحابة:

‌6- موقفهم من الصحابة:

وأما بالنسبة لموقف الشيعة من الصحابة رضي الله عنهم.

فقد هلكوا فيهم؛ إذ بالغوا في العداء لهم وكفّروهم، وحكموا بردة أخيارهم -حاشاهم من ذلك- بل وجعلوا من عبادتهم لله التقرب إلى الله بلعنهم صباحاً ومساءً وأثبتوا من الأجر-بافترائهم على الله - ما لا يعد ولا يحصى لمن سبهم صباحاً ومساءً واختلقوا عليهم أكاذيب وافتراءات لا يصدّقها من له أدنى مسكة من عقل.

وبلغ من حقدهم على خيرة الصحابة أن كرهوا لفظة العشرة التي تذكرهم بالعشرة المبشرين بالجنة، وهم في موقفهم هذا قد خرجوا عن منهج الله ورسوله حيال المؤمنين عموماً والصحابة خصوصاً، الذين أثنى الله عليهم وشهد لهم بكل خير فردوا شهادة الله فيهم، وتعبّدوه بسبِّ أوليائه وتكفيرهم، وحتى لم يشكروا لهم إحسانهم في إيصال الدين إليهم وإخراجهم من الوثنية والمجوسية إلى نور الإسلام، وتناسوا جهادهم في سبيل الله بأنفسهم وأموالهم حتى دخل الناس في دين الله أفواجاً، وأخرجوهم من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد.

ولا يخلو كتاب من كتب الشيعة - على كثرتها وبطلانها- من سب وشتم للخلفاء الراشدين وسائر الصحابة إلا من استثنوهم.

وقد عبّروا عن أبي بكر وعمر وعائشة وحفصة بصنمي قريش وجبتيهما وطاغوتيهما وابنتيهما، وأحياناً يعبّرون عن أبي بكر وعمر بالجبت والطاغوت، وأحياناً بكلمة الأول والثاني وقد يضيفون، والثالث يقصدون

ص: 431

عثمان رضي الله عنه. وفيما يلي نذكر بعض النصوص من كتبهم تجاه الصحابة ليكون أوثق للحجة عليهم وأدعى إلى الإنصاف.

وأول ما نذكره هو تطاولهم على الصحابة وتفضيلهم لأنفسهم عليهم.

فقد أورد الطوسيّ عن أبي عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سيأتي قوم من بعدكم الرجل الواحد منهم له أجر خمسين منكم. قالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن كنا معك ببدر وأحد وحنين، ونزل فينا القرآن؟ فقال: إنكم لو تحملوا ما حملوا، لم تصبروا صبرهم)) (1) .

أي أن حثالة الناس الذين يبكون على المهدي، ويصيحون في كل يوم ليخرج؛ أجر الواحد منهم مثل أجر خمسين ممن قال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم:((لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)) .

وأما الكليني فإنه لم يتورع عن تفسير القرآن على حسب هواه في جرأته المعروفة، فقال معرِّضاً بأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم عند شرحه لقول الله تعالى:{لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ} (2) : ((عن زرارة، عن أبي جعفر في قوله تعالى: {لتركبن طبقاً عن طبق} قال: يا زرارة، أو لم تركب هذه الأمة بعد نبيها طبقاً عن طبق في أمر فلان وفلان وفلان)) (3) .

((وعن أبي عبد الله في قول الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} (4) .

(1) كتاب الغيبة ص 275.

(2)

سورة الانشقاق: 19.

(3)

الكافي ج1 ص 343.

(4)

سورة النساء: 137.

ص: 432

قال: نزلت في فلان وفلان وفلان آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم في أول الأمر وكفروا حين عرضت عليهم الولاية حين قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من كنت مولاه فعليّ مولاه)) ، ثم آمنوا بالبيعة لأمير المؤمنين (ع) ثم كفروا حيث مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقروا بالبيعة، ثم ازدادوا كفراً بأخذهم من بايعه البيعة لهم لم يبق فيهم من الإيمان شيء (1) .

وعن أبي عبد الله في قوله تعالى: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ} (2)، قال: ذلك حمزة وجعفر وعبيدة وسلمان وأبو ذر و

(3) بن الأسود وعمار، هدوا إلى أمير المؤمنين (ع)، وقوله:{حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْأِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} (4) يعني أمير المؤمنين، و {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} (5) . الأول والثاني والثالث)) (6) .

ومن أحاديث الكليني وذمّه للصحابة رضوان الله عليهم ما يرويه عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه، في قوله عز وجل:{يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا} (7)، قال لما نزلت:{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} (8) اجتمع نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1) الكافي ص 348.

(2)

سورة الحج: 24.

(3)

الاسم ممسوح في النسخة المصورة عندي. ولعله المقداد

(4)

سورة الحجرات: 7.

(5)

سورة الحجرات: 7.

(6)

الكافي ج1 ص 353.

(7)

سورة النحل: 83.

(8)

سورة المائدة: 55.

ص: 433

في مسجد المدينة فقال بعضهم لبعض: ما تقولون في هذه الآية؟ فقال بعضهم: إنا كفرنا بهذه الآية نكفر بسائرها، وإن آمنا فإن هذا ذل حين يسلط علينا ابن أبي طالب.

فقالوا قد علمنا أن محمداً صادق فيما يقول، ولكنا نتولاه ولا نطيع علياً فيما أمرنا فقال: فنزلت هذه الآية: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ} يعرفون يعني ولاية عليّ بن أبي طالب وأكثرهم الكافرون بالولاية (1) .

وقال في ذمّه للخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم: ((والجبت والطاغوت فلان وفلان وفلان والعبادة طاعة الناس لهم)) (2) .

ويبلغ الحقد والكراهة لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن يتهمها الكليني في دينها وفي عرضها وعفتها، حين يفتعل الرواية الآتية -على من اخترعها لعنة الله- وهي طويلة نقتصر منها على هذه الكلمات:

1-

قال الحسن لأخيه الحسين: ((واعلم أنه سيصيبني من الحميراء ما يعلم الناس من صنيعها وعداوتها لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وعداوتها لنا أهل البيت)) .

2-

قال لها الحسين بن عليّ: ((قديماً هتكت أنت وأبوك حجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأدخلت بيته من لا يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قربه)) .

3-

قال لها الحسين: ((وقد أدخلت أنت بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال بغير إذنه

إلى أن قال: ولعمري لقد ضربت أنت لأبيك وفاروقه عند إذن

(1) الكافي ج1 ص 354.

(2)

الكافي ج1 ص 356.

ص: 434

رسول الله صلى الله عليه وسلم المعاول)) .

4-

((ولعمري لقد أدخل أبوك وفاروقه على رسول الله صلى الله عليه وسلم بقربهما منه الأذى، وما رعيا من حقّه ما أمرهما الله به على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم)(1) .

إلى آخر ما أورده من كلام السفهاء والسفلة حاشا الحسن والحسين ومحمد بن الحنفية أن يتلفظوا به، بل ولا يتلفظ به من هو أقل منهم إيماناً، فكيف بهم؟؟؟ ولكنها الغفلة والطيش الذي امتازت به هذه الطائفة حينما قادهم علماء السوء منهم إلى بغض الصحابة والحكم عليهم بالردة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم الذين استحلوا الكذب على أئمتهم بما ملأوا به كتبهم من روايات هي من مخترعاتهم، والتي هي أيضاً امتداد لأفكار ابن سبأ الضال.

وأما شرف الدين العاملي في مراجعاته التي زعم فيها أنه منصف يقول الحق، فقد جاء في كتابه هذا بالطامات والدواهي الغليظة بما افترى من الكلام والوقيعة في الصحابة عموماً، والخلفاء الثلاثة خصوصاً بطرق غامضة وأساليب ملتوية.

فقد عرَّض بأبي بكر وعمر أنهما خطبا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة فلم يزوجها من أحد منهما، وزوجها من علي فحسداه على ذلك وكاداه بكل وسيلة فلم ينجحا. فقال العاملي في ذلك مع الشتم لأبي بكر وعمر رضوان الله عليهما: ((وقد تظافرت الروايات أن أهل النفاق والحسد والتنافس لما علموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيزوج علياً من بضعته الزهراء وهي عديلة مريم وسيدة نساء أهل الجنة.

حسدوه لذلك وعظم عليهم الأمر؛ لا سيما بعد أن خطبها من خطبها فلم يفلح.

(1) الكافي ج1 ص 240-241

ص: 435

وقالوا: إن هذه ميزة يظهر بها فضل علي، فلا يلحقه بعدها لاحق، ولا يطمع في إدراكه طامع فأجلبوا بما لديهم من إرجاف، وعملوا لذلك أعمالاً، فبعثوا نساءهم إلى سيدة نساء العالمين ينفرنها، فكان مما قلن لها: إنه فقير ليس له شيء لكنها عليها السلام لم يخف عليها مكرهن وسوء مقاصد رجالهن، ومع ذلك لم تبد لهن شيئاً يكرهنه حتى تم ما أراده الله عز وجل ورسوله لها (1) .

ولقد نسي أن الرسول صلى الله عليه وسلم زوج عثمان على ابنتيه، وتمنى أن لو كانت له ثالثة فيزوجه أيضاً. وأن أبا بكر وعمر لم يصنعا هذا الصنيع ولا شيئاً منه تجاهها ولا تآمرا عليه. وقد تناقض العاملي فإنه ذكر أيضاً ما يدل على تبرم فاطمة بزواجها من علي، فقد افترى على أبي هريرة، قال: قالت فاطمة: يا رسول الله زوجتني من علي وهو فقير لا مال له؟

قال صلى الله عليه وسلم: يا فاطمة أما ترضين أن الله عز وجل اطلع إلى الأرض فاختار رجلين أحدهما أبوك والآخر بعلك (2) . وعن معقل بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد فاطمة في مرض أصابها على عهده فقال لها: كيف تجدينك؟ قالت: والله لقد اشتد حزني واشتدت فاقتي وطال سقمي. قال صلى الله عليه وسلم: أما ترضين أني زوجتك أقدم أمتي إسلاماً، وأكثرهم علماً، وأعظمهم حلماً)) (3) ثم قال العاملي:((والأخبار في ذلك متضافرة لا تحتملها مراجعاتنا)) (4) .

وقد طعن في إيمان أبي بكر وعمر وطاعتهما للرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك عثمان رضي الله عنه، وكل من أطاعهم فزعم أنهم كانوا لا يمتثلون لكلام الرسول صلى الله عليه وسلم ويؤولون قوله لصالحهم دون أي اكتراث بمخالفته

إلى أن قال: ((أما الخلفاء

(1) المرجعات ص 255.

(2)

المرجعات ص 256.

(3)

المرجعات ص 257.

(4)

المرجعات ص 257.

ص: 436

الثلاثة وأوليائهم فقد تأولوا النص عليه بالخلافة للأسباب التي قدمناها)) (1) وزعم أن علياً كان دائم الشكوى من قريش، ومن أبي بكر وعمر، فقال:((وكم احتج أيام خلافته متظلماً، وبث شكواه على المنبر متألماً)) (2) .

وأنه دائم الدعاء عليهم بقوله: ((اللهم إني أستعينك على قريش ومن أعانهم، فإنهم قطعوا رحمي، وصغّروا عظيم منزلتي، وأجمعوا على منازعتي أمراً هو لي)) . ولقد نسي أن علياً بن أبي طالب كان لا يرى الدنيا تساوي شيئاً عنده فكيف بالخلافة التي أخذوها وهو كاره لها، لولا ما كان يؤمله من استقامة الناس على الدين، والقضاء على الفتن.

ومن الأمور التي لم يتورع عنها العاملي زعمه أن الحسن بن عليّ جاء إلى أبي بكر وهو على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: انزل عن مجلس أبي، ووقع للحسين مثل ذلك مع عمر وهو على المنبر أيضاً (3) .

وهناك افتراءات كثيرة وتشويه للحقائق وسباب لخيرة الناس بعد محمد صلى الله عليه وسلم، لم يجد العاملي أي حرج في ذكر هذه المواقف التي لا تمت إلى الإسلام بأدنى صلة.

وله في أم المؤمنين عائشة من التعريض بها والسب والشتم -الذي لا يليق إلا به ومن يعتقد معتقده - ما لا أستطيع ذكره هنا لطوله، ولعدم صبر المؤمن على النظر فيه وقراءته.

فقد ذكر في وسط السبب والتعريض بها أن النبي صلى الله عليه وسلم قام خطيباً على منبره فأشار نحو مسكنها قائلاً: ((ههنا الفتنة، ههنا الفتنة، ههنا الفتنة حيث يطلع قرن الشيطان)) (4) .

(1) المرجعات ص 300.

(2)

المرجعات ص 337.

(3)

المرجعات ص 345.

(4)

المرجعات ص 284.

ص: 437

ولقد أذهب الحقد والكراهية لأم المؤمنين عقله فادّعى أن قرن الشيطان يطلع من بيت النبي صلى الله عليه وسلم من حجرة عائشة التي دفن فيها، وأن الفتن والشرور كلها تنبعث منه، وحاشا أن يقع، فانظر إلى سفه هؤلاء الفجار

ثم أسند الحديث إلى البخاري ومسلم متجاهلاً معنى الحديث المقصود منه، مؤكدا أنه وارد في عائشة، وفي ذم حجرتها التي حوت قبر الرسول خير البشر صلى الله عليه وسلم واختلق العاملي حديثاً أورده عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه:((ادعوا لي أخي. فجاء أبو بكر فأعرض عنه. ثم قال: ادعوا لي أخي. فجاء عثمان فأعرض عنه، ثم دعي له علي فستره بثوبه وأكب عليه، فلما خرج من عنده قيل له: ما قال لك؟ قال علمني ألف باب، كل باب يفتح له ألف باب)) (1)

ويذكر أيضاً أنه بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم كاد للإسلام كثير من العرب والمنافقين، والذين يريدون للإسلام شراً، وهؤلاء في جانب، وفي جانب آخر كان فيه كثير من العناصر الجياشة بكل حنق من محمد وآله وأصحابه، تريد انتهاز الفرصة، وأخذ الحكم قبل أن يستتب الإسلام بقوته ونظامه، ويقصد بهذا أبا بكر وعمر وغيرهما من الصحابة.

ثم قال: ((فوقف أمير المؤمنين بين هذين الخطرين، فكان من الطبيعي له أن يقدم حقه قرباناً لحياة الإسلام، وإيثاراً للصالح العام

فانقطاع ذلك النزاع، وارتفاع الخلاف بينه وبين أبي بكر لم يكن إلا فرقاً على بيضة الدين)) (2) .

وينقل عن عمر رضي الله عن أنه قال لابن عباس في كلام دار بينهما: ((إن قريشاً كرهت أن تجتمع فيكم النبوة والخلافة فتجحفون على الناس)) (3) .

(1) المرجعات ص 282.

(2)

المرجعات ص 294.

(3)

المرجعات ص 299.

ص: 438

وهذه الكذبة مثل الكذبة التي تقول في كتبهم عن الباقر والصادق: ((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: من ادعى إمامة ليست له، ومن جحد إماماً من عند الله، ومن زعم أن أبا بكر وعمر لهما نصيب في الإسلام)) (1)

أو الكذبة الأخرى في قولهم: ((ولله وراء هذا العالم سبعون ألف عالم في كل عالم سبعون ألف أمّة، كل أمّة أكثر من الجن والإنس، لا هم لهم إلا اللعن على أبي بكر وعمر وعثمان)) (2) .

وللشيعة دعاء يسمونه ((دعاء صنمي قريش)) أبي بكر وعمر، ونصّه: ((اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، والعن صنمي قريش وجبتيهما وطاغوتيهما وابنتيهما

)) وهذا الدعاء انتظم الخليفة الراشد أبو بكر وعمر وعائشة وحفصة رضوان الله على جميعهم. وقد أشرنا إلى عدائهم للخلفاء في درس الرجعة والمهدية.

وعلى العموم فإن كتبهم مملوءة بالسب والطعن في الصحابة، لا يستثنون إلا خمسة منهم، وقيل سبعة عشر من مجموع ذلك العدد الضخم من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين.

وللطبرسي في كتابه ((فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب)) من الغمز واللمز والأكاذيب على آل البيت ما يدل دلالة واضحة على بعد هؤلاء العتاة عن الدين الإسلامي الحنيف، وجهلهم بحق الصحابة، وأنهم بعيدون عن هدي الإسلام كل البعد، وهكذا فعل الطوسي في كتابه ((الغيبة)) ،

(1) انظر الوشيعة ص 21.

(2)

المصدر السابق ص 22.

ص: 439

والخميني في كتبه ردد تلك الأفكار، وبالغ في زخرف القول مثل كتابه ((ولاية الفقيه)) وغيره من كتبه ووصاياه.

وإذا كنت قد وعيت أيها القارئ الكريم كل ما تقدم، ورأيت مواقف الشيعة من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وزوجاته وأهل بيته، بل والقرآن الكريم وعامة أهل السنة، ورأيت تلك العداوة الشديدة، وتلك المواقف التي يئن لها قلب كل مسلم

فإن مما ينبغي أن يطأطأ له الشيعة رؤوسهم خجلاً أن تكون تلك الموقف هي عقيدتهم نحو دين الإسلام وأتباعه وهم يدعون أنهم من أتباعه

وأن يذكر المنصفون من كتّاب الشرق والغرب ما يرفع رأس المسلم فخراً واعتزازاً بدينه وبأسلافه، ومن بيانهم لحقائق الإسلام والخلفاء ودورهم المشرق، ودور الصحابة في إسعاد البشرية بوصول الخير إليهم، ونقلهم بكل أمانة ما سعوه من الرسول صلى الله عليه وسلم، وكيف نشروا الإسلام، لا لشيء إلا لإرضاء الله تعالى، وقياماً بواجب الدعوة نحو البشرية جمعاء، مع ما كانوا فيه من الفاقة والزهد والترفع عما في أيدي أهل البلاد المفتوحة، وقيامهم بذلك العدل الذي أدهش أهل كل مكان وطئته أقدامهم الكريمة فدخلوا في دين الله أفواجاً راغبين مغتبطين لهذا الدين، وصاروا فيما بعد ذلك من جنود الإسلام الميامين.

شهادة المنصفين:

والآن اسمع ما يقوله المنصفون في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهناك عشرات الأمثلة تركتها لئلا يطول البحث، ويمكنك الرجوع إليها بسهولة ويسر (1)

(1) ارجع إلى كتاب ((الإسلام والرسول في نظر منصفي الشرق والغرب القسم الثاني لترى ما يزيدك إيماناً واعتزازاً بدينك.

ص: 440

يقول الكاتب الإنجليزي المشهور كاريل في إعجابه بالقرآن الكريم:

((إن القرآن كتاب لا ريب فيه، وإن الإحساسات الصادقة الشريفة والنيات الكريمة تظهر لي فضل القرآن، الفضل الذي هو أول وآخر فضل وجد في كتاب نتجت عنه جميع الفضائل على اختلافها، بل هو الكتاب الذي يقال عنه في الختام: (( {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} (1) لكثرة ما فيه من الفضائل المتعددة)) (2) .

ويقول الفريد غليوم أستاذ الدراسات الشرقية في جامعة لندن:

((علينا من المبدأ أن نقرر أن محمداً صلى الله عليه وسلم كان واحداً من أعلام التاريخ العظماء

إلى أن يقول: إن إخلاص خلفائه لدعوته وإيمانهم بها وفهمهم لها قد جعلهم يعملون على تعميم الدعوة الرحيمة)) (3) .

وقالت الدكتورة لورافيتشا فاليري الكاتبة الإيطالية في كتابها ((محاسن الإسلام)) :

((أما الخلفاء الذين خلفوا محمداً صلى الله عليه وسلم في حكم الدولة الإسلامية الذين كانوا تراجم ضميره، فقد صاروا على سننه التي سنها لهم، وحملوا راية الإسلام إلى قلب القارة الآسيوية من جهة، وإلى أمواج المحيط الأطلسي من جهة أخرى)) (4) .

ويقول الدكتور م. أهنو قنصل اليابان في مصر، معجباً بالقرآن وما فيه من الهدى والخير:

(1) سورة المطففين: 26.

(2)

المصدر السابق ص 132 نقلاً عن كتاب ((الأبطال)) .

(3)

المصدر السابق ص 143.

(4)

المصدر السابق ص 154.

ص: 441

((إن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها إذا تمسكوا بما جاء في القرآن الكريم من تعاليم فإن هذا يكون سبباً في تقدمهم في نواحي الحياة الاجتماعية والأدبية والدينية والسياسية؛ لأن القرآن قد جمع المدنيات قديمها، وحديثها، وهو كتاب جامع شامل)) (1) .

وقال المسيو جوته:

((كلما قلَّبنا النظر في القرآن الكريم تملكنا الروعة والوجل، لكننا سرعان ما نشعر نحوه بجاذبية تنتهي بنا حتماً إلى الإكبار، فهو بين الكتب المقدسة نموذج عال رفيع، ولسوف يحيا تأثيره في النفوس في جميع الأجيال والعصور)) (2) .

ويقول الأستاذ شيرل عميد كلية الحقوق بجامعة فيينا في مؤتمر الحقوق عام 1937م:

((إن البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد صلى الله عليه وسلم إليها، إذ إنه رغم أميته استطاع قبل بضعة عشر قرناً أن يأتي بتشريع سنكون نحن الأوروبيين أسعد ما نكون لو وصلنا إلى قمته بعد ألفي سنة)) (3) .

وقال الأستاذ خليل إسكندر قبرصي في مدح النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه بعده: ((هذا الذي امتدت أيدي خلفائه إلى أقصى حدود أوروبا، فأناروا بحسن عدلهم وأمانتهم، وجميل تقواهم ظلماتها، ومزقوا بنور الفرقان دياجر جهالتها)) (4) .

(1) المصدر السابق ص 170.

(2)

المصدر السابق ص 171.

(3)

المصدر السابق ص 173.

(4)

المصدر السابق ص 180.

ص: 442