الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبهذا يتضح أن هذا المهدي مصنوع بمعرفة الشيعة وعلى طريقتهم، حقود شديد، يمثل الغلظة بأجلى صورها.
5- موقفهم من القرآن الكريم:
القرآن الكريم كلام الله، لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، تكفل الله بحفظه وحمايته من أيدي العابثين وتأويلات المبطلين فقال عز وجل:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (1)، وقال تعالى:{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ} . (2)
نزل به جبريل الأمين على قلب محمد سيد المرسلين وبلغنا رسول الله كما تبلِّغه عن الله تعالى، جمع الله به الكلمة، ووحد به القلوب، ولا تزال البشرية بخير ما تمسكوا به، مكتوب في المصاحف، محفوظ في الصدور كما أنزله الله لم يزد فيه ولم ينقص منه بشهادة الله عز وجل.
هكذا يعتقد المسلمون في القرآن الكريم، فما هو رأي غلاة الشيعة (الرافضة) في صون القرآن عن التبديل والتغيير؟
إن الحق والواجب أن يكون القرآن الكريم بعيداً عن أي مساس، وأن يكون نواة تجتمع عليها كلمة كافة المسلمين، وأن يجعل الحكم له في كل قضية، إلا أنه -ومع الأسف الشديد- لم يسلم القرآن الكريم من تدخل أهواء الشيعة -المتعمقين في الغلو- فقالوا بأقوال لا تجتمع معها كلمتهم وكلمة أهل السنة أبداً حتى يرجعوا عنها؛ لأنهما يسيران في طريقين متباعدين لا يلتقيان.
لقد أعلن غلاة الشيعة أن في القرآن تحريفاً ونقصاً كثيراً، ولم يكن هؤلاء
(1) سورة الحجر:9
(2)
سورة الحاقة: 45- 46
من عامة الشيعة أو علمائهم غير المشاهير، بل هم من علمائهم الكبار عندهم كالقمي والكليني وأبي القاسم الكوفي والمفيد والأردبيلي والطبرسي والكاشي والمجلسي والجزائري (1) والكازراني وغيرهم، وهؤلاء قد صرّحوا وبكل وضوح أن في القرآن نقصاً وتحريفاً في الآيات التي يذكر فيها علي بن أبي طالب، أو الآيات التي فيها ذم المهاجرين والأنصار ومثالب قريش، وأن القرآن لم يجمعه كما أنزل إلا عليّ فقط.
كما يعتقدون أن مصحفاً مفقوداً سيصل إلى أيديهم يوماً ما يسمى ((مصحف فاطمة)) فيه أضعاف ما في المصحف العثماني الموجود بين أيدي المسلمين، وأنه يختلف عن هذا المصحف اختلافاً كثيراً.
وتوجد نماذج كثيرة من تحريفاتهم للقرآن الكريم، اهتم علماء السنة بذكرها عنهم قديماً وحديثاً لعلّ المقام لا يتسع لسرد أسماء من كتب في هذا أو سرد الآيات التي يدعي الشيعة أنها محرفة أو ناقصة عن مصحف آل البيت فيما يذكره كتاب ((فصل الخطاب)) في تحريف كتاب ((رب الأرباب)) للطبرسي)) ، وفي الكافي وغيرهما من كتب الشيعة.
والحقيقة أن هذا الموقف لا يمت للإسلام بأدنى صلة، ومعتقده لا شك في كفره وخروجه عن الملة مهما كان ادعاؤه للإسلام بعد ذلك.
ومن الأمثلة على ذلك ما كتبه كبير علماء النجف الحاج ميرزا حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي، والذي بلغ من إجلالهم له عند وفاته سنة 1320هـ أنهم دفنوه في بناء المشهد المرتضوي بالنجف، في إيوان حجرة بانو
(1) نعمة بن عبد الله الجزائري.
العظمى بنت السلطان الناصر لدين الله، وهو أقدس مكان عندهم.
هذا الرجل ألّف سنة 1292هـ وهو في النجف عند القبر المنسوب للإمام عليّ كتابه المسمى: ((فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب)) جمع فيه مئات النصوص عن علماء الشيعة قديماً وحديثاً أنهم يعتقدون بوجود النقص والتحريف في القرآن الكريم، وطبع الكتاب في إيران.
وعند طبعه قامت ضجة كبيرة حوله، خصوصاً ما أبداه بعض عقلائهم لا لأجل ما في الكتاب، وإنما كانوا يرغبون أن يبقى التشكيك في القرآن سراً مبثوثاً في كتبهم المعتبرة لا أن يذاع في كتاب واحد تقوم به الحجة عليهم.
وبدلاً من أن يستكين مؤلفه أو يعتذر ألف كتاباً آخر سماه: ((رد بعض الشبهات عن فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب)) دافع فيه عن ما أودعه في كتابه السابق ((فصل الخطّاب)) ، وقد كتب هذا الدفاع قبل موته بسنتين (1) .
ولبيان نظرتهم إلى القرآن نورد بعض الشواهد والأمثلة فيما يلي:
1-
ادعى الشيعة أن سورة من القرآن تسمى سورة ((الولاية)) قد أسقطت من المصحف العثماني، ونصها:
((يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالنبي والولي اللذين بعثناهما يهديانكم الصراط المستقيم (*) نبيّ ووليّ بعضهما من بعض وأنا العليم الخبير (*) إن الذين يوفون بعهد الله لهم جنات النعيم (*) والذين إذا تليت عليهم آياتنا كانوا بآياتنا مكذبين (*) إن لهم في جهنم مقاماً عظيماً إذا نودي بهم يوم القيامة أين الظالمون المكذبون للمرسلين (*) ما خلفهم المرسلين إلا بالحق وما كان الله
(1) انظر: الخطوط العريضة ص 9- 10.
ليظهرهم إلى أجل قريب (*) فسبح بحمد ربك وعليّ من الشاهدين)) (1) .
فانظر إلى هذا الكلام الفارغ الذي لو قدمه تلميذ في مادة الإنشاء لاستحق عليه الرسوب، كلام مفكك ركيك، ثم يزعمون أنه كلام الله تعالى، وأن هذه سورة من عند الله تعالى أنزلها ضمن القرآن الكريم.
وفي كتاب الكافي وفصل الخاطب من الآيات التي زعم الشيعة أنها محرفة وناقصة ما جعلني أحتار في أيها أثبته هنا وأيها أتركه فهي كثيرة جدا، أخذت صفحات عديدة، وكلها مما يقتل النفس أسى على ضلال هؤلاء وتطاولهم على كتاب الله دون خوف من الله ولا مبالاة بمشاعر المسلمين.
وبعد البحث وبذل الجهد في تصفح كتاب فصل الخطاب عثرت على الطامة الكبرى وهي ((سورة الولاية)) بكاملها، وقد رغبت أن أنقلها ليعتبر المؤمن، ويرجع المغالط، ويعرف أهل الشر على حقيقتهم؛ فقارن أيها القارئ الكريم بين كتاب الله وبين هذا القرآن الذي يزعمه علماء الشيعة ويتقولونه على الله تعالى، ولا تنخدع بأكاذيبهم حين يجحدون مثل هذا الافتراء، فإنهم يقدسون الكليني والطبرسي أشد تقديس، ولم يظهر منهم أحد يشنع عليهما ويرد ضلالتهما ويبرأ إلى الله من أباطيلهما وجرأتهما على كتاب الله الذي تكفل الله بحفظه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
سورة الولاية كما هي في فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب للطبرسي:
قال الطبرسي فيما ينقله عن صاحب كتاب ((بستان المذاهب)) بعد ذكر عقائد الشيعة ما معناه: وبعضهم يقولون: إن عثمان أحرق المصاحف، وأتلف
(1) انظر التعليق الموجود في ص 22 من مختصر التحفة الإثني عشرية وصورة ((سورة الولاية)) .
السور التي كانت في فضل علي وأهل بيته عليهم السلام، ومنها هذه السورة:((بسم الله الرحمن الرحيم الله الرحمن الرحيم. يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالنورين أنزلناهما يتلوان عليكم آياتي ويحذرانكم عذاب يوم عظيم (*) نوران بعضهما من بعض وأنا السميع العليم (*) إن الذين يوفون ورسوله في آيات لهم جنات النعيم (*) والذين كفروا من بعد ما آمنوا بنقضهم ميثاقهم وما عاهدهم الرسول عليه يقذفون في الجحيم (*) ظلموا أنفسهم وعصوا الوصيّ الرسول أولئك يسقون من حميم (*) إن الله الذي نوّر السموات والأرض بما شاء واصطفى من الملائكة وجعل من المؤمنين أولئك في خلقه يفعل الله ما يشاء لا إله إلا هو الرحمن الرحيم (*) قد مكر الذين من قبلهم برسلهم فأخذهم بمكرهم إن أخذي شديد أليم (*) إن الله قد أهلك عاداً وثموداً بما كسبوا وجعلهم لكم تذكرة أفلا تتقون (*) وفرعون بما طغى على موسى وأخيه هارون أغرقته ومن تبعه أجمعين (*) ليكون لكم آية وإن أكثركم فاسقون (*) إن الله يجمعهم في يوم الحشر فلا يستطيعون الجواب حين يسألون إن الجحيم مأواهم وإن الله عليم حكيم (*) .
يا أيها الرسول بلغ إنذاري فسوف يعلمون (*) قد خسر الذين كانوا عن آياتي وحكمي معرضون (*) مثل الذين يوفون بعهدك إني جزيتهم جنات النعيم (*) إن الله لذو مغفرة وأجر عظيم (*) وإن علياً من المتقين (*) وإنا لنوفيه حقه يوم الدين (*) ما نحن عن ظلمه بغافلين (*) وكرمناه على أهلك أجمعين (*) فإنه وذريته لصابرون (*) وإن عدوهم إمام المجرمين (*) قل للذين كفروا بعدما آمنوا أطلبتم زينة الحياة الدنيا واستعجلتم بها ونسيتم ما وعدكم الله ورسوله ونقضتم العهود من بعد توكيدها وقد ضربنا لكم الأمثال لعلكم تهتدون (*) .
يا أيها الرسول قد أنزلنا إليك آيات مبينات فيها من يتوفاه مؤمناً ومن يتولاه من بعدك يظهرون (*) فأعرض عنهم إنهم معرضون (*) إنا لهم محضرون في يوم لا يغني عنهم شيء ولا هم يرحمون (*) وإن لهم في جهنم مقاماً لا يعدلون (*) فسبح باسم ربك وكن من الشاهدين (*) .
ولقد أرسلنا موسى وهارون بما استخلف فبغوا هارون فصبر جميل (*) فجعلنا منهم القردة والخنازير ولعنّاهم إلى يوم يبعثون (*) فاصبر فسوف يبصرون (*) ولقد آتينا بك الحكم كالذين من قبلك من المرسلين (*) وجعلنا لكم منهم وصياً لعلهم يرجعون (*) ومن يتول عن أمري فإني مرجعه فليتمتعوا بكفرهم قليلاً فلا تسأل عن الناكثين (*) .
يا أيها الرسول قد جعلنا لك في أعناق الذين آمنوا عهداً فخذه وكن من الشاكرين (*) إن علياً قانتاً بالليل ساجداً يحذر الآخرة ويرجو ثواب ربه قل هل يستوي الذين ظلموا وهم بعذابي يعلمون (*) سنجعل الأغلال في أعناقهم وهم على أعمالهم يندمون (*) .
إنا بشرناك بذريته الصالحين (*) وإنهم لأمرنا لا يخلفون (*) فعليهم مني صلوات ورحمة أحياءً وأمواتاً يوم يبعثون (*) وعلى الذين يبغون عليهم من بعدك غضبي إنهم قوم سوء خاسرين (*) وعلى الذين سلكوا مسلكهم منّي رحمة وهم في الغرفات آمنون (*) والحمد لله رب العالمين (*)) ) .
وبعد أن أورد الطبرسي هذا الهذيان -حاشا ما سرقه من القرآن الكريم- قال: ((قلت: ظاهر كلامه أنه أخذها من كتب الشيعة، ولم أجد لها أثراً فيها غير أن الشيخ محمد بن علي بن شهر أشوب المازندراني ذكر في كتاب ((المثلب)) على ما حكي عنه أنهم أسقطوا من القرآن تمام سورة الولاية، ولعلها هذه
السورة (1) .
فانظر أيها القارئ المسلم إلى مدى ما وصل إليه ضلال هؤلاء؛ حيث جعلوا هذا الكلام الفراغ قرآناً أنزله الله، لعن الله من قاله وغضب عليه.
وقد أوردت ((السورة)) -كما يسميها هؤلاء الفجار -بتمامها لكي يتضح المقارنة بينها وبين ((سورة الولاية)) التي هي سبع آيات كما يكذبون
…
فكيف زادت بعد ذلك؟
هذا التساؤل يزول إذا عرفت أيها القارئ الكريم أن الشيعة يزيدون في كل نص لهم فيه غرض على منواله إن كان شعراً أو نثراً مع عزوه إلى أصل الكلام، وما الذي يمنعهم من ذلك وقد كذبوا على الله تعالى.
واعلم أيها القارئ الكريم أنني تركت مئات الآيات من كتاب الله سطى عليها الطبرسي وأوردها على أنها زائدة أو ناقصة أو محرفة.
وأرى أنه يكفي مرارة أنني نقلت من كتابه الرديء ((سورة الولاية)) هذه، بل وأرى أن مجرد قراءة هذه السورة يكفي لجلب الغثيان وإثارة الأسى والحزن على ما وصل إليه هؤلاء وهم يتظاهرون بعد ذلك بالإسلام.
على أن هذه السورة لا تحتاج في نقدها وتعرية خوائها وضحالة فكر من اخترعها -قبّحه الله- إلى أدنى اهتمام.
وأما الكليني فقد جاء من كتابه ((الكافي)) بمئات الآيات التي زعم أن الله أنزلها هكذا، ونأخذ كمثال الآيات الآتية التي أوردها في ((باب فيه نكت من
(1) فصل الخطاب ص 156- 157.
التنزيل في الولاية)) (1) .
1-
عن أبي بصير عن أبي عبد الله في قول الله عز وجل: ((ومن يطع الله ورسوله في ولاية عليّ وولاية الأئمة من بعده فقد فاز فوزاً عظيماً)) هكذا أنزلت (2) .
2-
عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (ع) في قوله:((ولقد عهدنا إلى آدم من قبل كلمات في محمد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين والأئمة عليهم السلام من ذريتهم فنسي)) . هكذا والله أنزلت على محمد صلى الله عليه وسلم) (3)(لعن الله الكاذبين) .
3-
عن جابر قال: نزلت جبريل (ع) بهذه الآية على محمد هكذا ((وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا في علي فأتوا بسورة من مثله)) (4) .
4-
عن الرضا (ع) في قول الله عز وجل: (كبر على المشركين بولاية عليّ ما تدعوهم إليه يا محمد ولاية علي)) هكذا في الكتاب مخطوطة (5) .
5-
عن أبي عبد الله في قول الله تعالى: (سأل سائل بعذاب واقع (*) للكافرين بولاية عليّ ليس له دافع)) ثم قال: هكذا والله نزل بها جبريل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وسلم
6-
عن أبي جعفر (ع) قال: نزل جبريل (ع) بهذه الآية على محمد صلى الله عليه وسلم
(1) الكافي ج1ص341.
(2)
الكافي صـ342.
(3)
الكافي صـ34.
(4)
الكافي صـ345.
(5)
الكافي ج1ص356.
هكذا ((فبدل الذين ظلموا آل محمد حقهم قولاً غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا آل محمد حقهم رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون)) (1) .
7-
قرأ رجل عند أبي عبد الله (ع) : {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون} (2) .
قال: ليس هكذا هي، إنما هي والمأمونون فنحن المأمونون)) (3) .
وهناك آيات أخرى كثيرة على هذا الصنيع تلاعب بها أولئك الفجار تركتها اكتفاءاً بالأمثلة السابقة، ولعلهم حينما وضعوها كانوا يظنون ويتمنون أنها ستقرأ في المساجد والصلوات على حسب تحريفاتهم؛ لأنهم لا يعلمون أن الله تكفل بحفظ كتابه، وأن المسلمين يكتشفون كل محاولة للتلاعب بالقرآن مهما كان خفاؤها بتوفيق الله لهم.
وفد نتج عن هذا التلاعب بالقرآن أن اختلط أمره على عامة الشيعة فلم يوجد عندهم التمييز بين كلام الله في القرآن وما أدخله أولئك الفجار عليه، وهذا ما يرويه الكليني بقوله:
((روى عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان، عن بعض أصحابه، عن أبي الحسن - أي أبو الحسن الثاني علي بن موسى الرضا المتوفى سنة 206 قال: قلت له: جعلت فداك، أنا أسمع الآيات في القرآن ليس هي عندنا كما نسمعها، ولا نحسن أن نقرأها كما بلغنا عنكم، فهل نأثم؟ فقال: لا، اقرؤوا كما تعلمتم فسيجيئكم من يعلمكم)) (4) .
(1) الكافي ص341.
(2)
سورة التوبة: 105
(3)
المصدر السابق.
(4)
الكافي ج1ص453.
ينبئ عن مدى التشويش الذي أصاب الشيعة من جراء أكاذيب علمائهم عليهم وعلى أئمتهم المعصومين بزعمهم، وتوجيه لأنظار الشيعة عامة إلى ترقب مجيء من يعلمهم بمصحف آل البيت، مصحف فاطمة الذي يختلف تمام الاختلاف مع المصاحف الموجودة بأيدي المسلمين، وقرآنه يختلف مع القرآن الذي عرفه المسلمون من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
روى الكليني عن أبي بصير قال: ((دخلت على أبي عبد الله
…
إلى أن قال أبو عبد الله -جعفر الصادق- كما يزعم الكليني وأبو بصير-: وإن عندنا مصحف فاطمة عليها السلام، قال: قلت: وما مصحف فاطمة (ع) ؟
قال: مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد)) (1) .
هذه الرواية أيضاً من أكاذيب الشيعة، وصدق من قال:((عدو عاقل خير من صديق جاهل)) ، إذا قلنا بأن لهم صداقة مع أهل البيت كما يزعمون.
وكان لابن حزم رحمه الله تعالى مواقف مشهورة وكثيرة مع النصارى، كان يناظرهم ويقيم عليهم الحجج الدامغة أن كتبهم محرفة وفيها نقص وزيادات وضياع لأصولها الصحيحة ولم تعد تصلح للاحتجاج بها فضلاً عن التدين بما فيها، فكان القسس يردّون عليه نفس الحجة قائلين إن القرآن كذلك فيه تحريف ونقص، وضاع كثير من أصوله باعتراف المسلمين من الشيعة، فيجيبهم ابن حزم بقوله:
((إن دعوى الشيعة ليست حجّة على القرآن ولا على المسلمين، لأن الشيعة
(1) الكافي في ج1ص186.
غير مسلمين)) . وقال رحمه الله:
((وأما قولهم في دعوى الروافض تبديل القراءات، فإن الروافض ليسوا من المسلمين، إنما هي فرق حدث أولها بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم بخمس وعشرين سنة، وكان مبدؤها إجابة ممن خذله الله تعالى لدعوى من كاد للإسلام، وهي طائفة تجري مجرى اليهود والنصارى في الكذب والكفر
…
(1) إلى آخر كلامه.
ومهما حاول الحاقدون على الإسلام من أي ملة كانوا فإن الله عز وجل تكفل بحفظ كتابه وحمايته، وما كان في حماية الله عز وجل فإنه لا يضيع.
وكم حاول كثير من الفجار التطاول على القرآن فأخزاهم الله. وسيبقى القرآن دستوراً خالداً للمسلمين محفوظاً حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
ولكم يتمنى كل مسلم غيور على دينه أن تمحى مثل هذه الأباطيل والشوائب، وأن تقترب قلوب المسلمين وتتوحد أهدافهم وتصدق نياتهم، ويأتوا إلى حكم القرآن خاضعين مسلمين إن أرادوا النجاة واجتماع كلمة المسلمين وقوَّة شوكتهم، لولا أن العداوة قد استحكمت، والآراء قد ثبتت في الأذهان بتحريض علماء السوء.
وإن التغيير الكامل لمثل هذه المواقف يتطلب نية صادقة وعزماً قوياً على الالتفاف حول الأساس الذي بني عليه الإسلام وهو كتاب الله وسنة نبيه لرفع كلمة المسلمين مما هم فيه من التفرق والخذلان، والعودة بهم إلى سابق مجدهم وعزهم إذا أراد الله بهم الخير والخروج من أيدي الطغاة الذين تكالبوا عليهم من الشرق والغرب، قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (2) .
(1) انظر الفصل ج2 ص 78.
(2)
سورة الرعد: 11