المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وقال أبو هريرة-رضي الله عنه: (لا يؤكل طعام حتى يذهب - فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب - جـ ١٠

[محمد نصر الدين محمد عويضة]

الفصل: وقال أبو هريرة-رضي الله عنه: (لا يؤكل طعام حتى يذهب

وقال أبو هريرة-رضي الله عنه: (لا يؤكل طعام حتى يذهب بخاره)(1). ولم يكن [النبي صلى الله عليه وسلم] يأكل طعاماً في وقت شدة حراراته، قاله ابن القيم (2). وأقرب المعاني للبركة هنا هو ما يحصل به التغذيه وتسلم عاقبته من أذى ويقوى على طاعة الله وغير ذلك، قاله النووي (3).

(27)

أكل اللحم غير موجب للوضوء:

(حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما الثابت في صحيح ابن ماجه) قَالَ

أَكَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ خُبْزًا وَلَحْمًا وَلَمْ يَتَوَضَّئُوا.

(28)

النهى عن أكل طعام المتباريين:

(حديث ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما الثابت في صحيح أبي داوود) أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ طَعَامِ الْمُتَبَارِيَيْنِ أَنْ يُؤْكَلَ.

طعام المتباريين: هما المتعارضان بفعلهما ليعجز أحدهما الآخر بصنيعه وإنما كرهه لما فيه من المباهاة والرياء.

(29)

استحباب الكلام على الطعام:

مخالفة للعجم فإنها من عاداتهم (4) والمشابهة منهيٌ عنها.

قال ابن مفلح رحمه الله في الآداب الشرعية:

قال إسحاق بن إبراهيم: تعشيت مرة أنا وأبو عبد الله [أحمد بن حنبل] وقرابة له، فجعلنا لا نتكلم وهو يأكل ويقول: الحمد لله وبسم الله، ثم قال: أكلٌ وحمدٌ خيرٌ من أكل وصمت. ولم أجد عن أحمد خلاف هذه الرواية صريحاً، ولم أجدها في كلام أكثر الأصحاب. والظاهر أن أحمد رحمه الله اتبع الأثر في ذلك؛ فإن من طريقته وعادته تحري الاتباع (5).

‌آداب الشراب:

آداب الشراب:

للشراب آداب ينبغي لطالب العلم أن يحيط بها علماً وأن يتبعها حتى يكون متأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهاك آداب الأكل والشرب جملةً وتفصيلا:

أولاً آداب الشراب جملةً:

(1)

كراهية التنفس في الإناء والنفخ فيه:

(2)

التنفس خارج الإناء:

(3)

السنة في الشرب اليمن فالأيمن:

(4)

كراهية الشرب من فَمِ الْقِرْبَةِ أَوْ السِّقَاءِ:

(5)

النهي عن اختناث الأسقية:

(6)

يَحرُم الشرب في آنية الذهب و الفضة:

(7)

تغطية الأسقية:

(8)

استحباب كون ساقي القوم آخرهم شرباً:

(1). قال الألباني في إرواء الغليل (1978): صحيح: أخرجه البيهقي (7/ 2580)

(2)

. زاد المعاد (4/ 223)

(3)

. شرح مسلم. المجلد السابع (13/ 172)

(4)

. انظر إحياء علوم الدين للغزالي (2/ 11) دار الحديث ط. الأولى 1412هـ

(5)

. الآداب الشرعية (3/ 163)

ص: 21

(9)

يُفضَل الشراب الحلو البارد:

(10)

المضمضة من شرب اللبن:

(10)

المضمضة من شرب اللبن:

(13)

حكم الأكل أو الشرب في أواني أهل الكتاب:

(14)

إباحة الشرب دفعة واحدة:

ثانيا آداب الشراب تفصيلا:

(1)

كراهية التنفس في الإناء والنفخ فيه:

من آداب الشرب، أن لا يتنفس الشارب في الإناء، ولا ينفخ فيه، وفي ذلك أحاديث صحيحة، فمنها ما يلي:

(حديث أبي قتادة الثابت في الصحيحين) أنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَنَفَّسْ فِي الْإِنَاءِ وَإِذَا أَتَى الْخَلَاءَ فَلَا يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَلَا يَتَمَسَّحْ بِيَمِينِهِ.

(حديث ابن عباس رضي الله عنهما الثابت في صحيحي أبي داوود والترمذي) أنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُتَنَفَّسَ فِي الْإِنَاءِ أَوْ يُنْفَخَ فِيهِ.

(حديث أبي سعيد رضي الله عنه الثابت في السلسلة الصحيحة) أنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ النَفْخِ فِي الشَرَابِ، فَقَالَ رَجُلٌ: القَذَاةُ أَرَاهَا فِي الإِنَاءِ، قَالَ: أَهْرِقْهَا، قَالَ فَإِنِّي لَا أُرْوَى مِنْ نَفَسٍ وَاحِدٍ! فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: فَأَبِنْ الْقَدَحَ عَنْ فِيْكَ، ثُمَّ تَنَفَس.

والنهي عن التنفس في الإناء هو من طريق الأدب مخافة من تقذيره ونتنه وسقوط شيء من الفم والأنف فيه ونحو ذلك، قاله النووي (1).

وأما النفخ في الشراب فإنه يُكسبه من فم النافخ رائحة كريهة يُعاف لأجلها، ولاسيما إن كان متغير الفم. وبالجملة: فأنفاس النافخ تخالطه، ولهذا جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين النهي عن التنفس في الإناء والنفخ فيه، قاله ابن القيم .. (2).

(2)

التنفس خارج الإناء:

(حديث أبى سعيد رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَبِنْ الْقَدَحَ عَنْ فِيْكَ، ثُمَّ تَنَفَس.

(3)

السنة في الشرب اليمن فالأيمن:

(1). شرح صحيح مسلم. المجلد الثاني (3/ 130)

(2)

. زاد المعاد (4/ 235)

ص: 22

(حديث أنس ابن مالك رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) قال: أنها حلبت لرسول الله شاة داجن، وهي في دار أنس بن مالك، وشيب لبنها بماء من البئر التي في دار أنس، فأعطى رسول الله القدح فشرب منه، حتى إذا نزع القدح من فيه، وعلى يساره أبو بكر، وعن يمينه أعرابي، فقال عمر، وخاف أن يعطيه الأعرابي: أعط أبا بكر يا رسول الله عندك، فأعطاه الأعرابي الذي على يمينه، ثم قال:(الأيمن فالأيمن).

(حديث سهل بن سعد رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) قال: أتي رسول الله بقدح فشرب، وعن يمينه غلام هو أحدث القوم، والأشياخ عن يساره، قال:(يا غلام، أتأذن لي أن أعطي الأشياخ). فقال: ما كنت لأوثر بنصيبي منك أحدا يا رسول الله، فأعطاه إياه.

(4)

كراهية الشرب من فَمِ الْقِرْبَةِ أَوْ السِّقَاءِ:

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الشُّرْبِ مِنْ فَمِ الْقِرْبَةِ أَوْ السِّقَاءِ.

في الحديث نهيٌ صريح عن الشرب من فم القربة أو السقاء، والذي ينبغي هو صبُ الشراب في الإناء ثم الشرب منه. وهذا النهي حمله بعض أهل العلم على التحريم وحمله بعضهم على كراهة التنزيه وهم الأكثر، ومنهم من جعل أحاديث النهي ناسخة للإباحة (1). وقد ذكر أهل العلم بعض الحكم التي من أجلها جاء هذا النهي، نذكر بعضاً منها:

فمنها: أن تردد أنفاس الشارب فيه يُكسبه زُهومة ورائحة كريهة يُعاف لأجلها، ومنها: أنه ربما يكون في القربة أو السِّقاء حشرات أو حيوانات أو قذاة أو غيرها لا يشعر بها الشارب فتدخل في جوفة فيتضرر بها، ومنها: أنه ربما يخالط الماء من ريق الشارب فيتقذره غيره (2). ومنها: أن ريق الشارب ونَفَسه قد يكون ممرضاً غيره، لما ثبت عند الأطباء أن العدوى قد تنتقل عن طريق الريق والنفس.

(5)

النهي عن اختناث الأسقية:

(حديث أبي سعيد رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: نهى عن اختناث الأسقية.

(6)

يَحرُم الشرب في آنية الذهب و الفضة:

(حديث حُذيفة الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الحرير و الديباج و الشرب في آنية الذهب و الفضة وقال: هي لهم في الدنيا وهي لكم في الآخرة.

(1). انظر فتح الباري (10/ 94)

(2)

. انظر زاد المعاد (4/ 233)، وفتح الباري (10/ 94)، و الآداب الشرعية (3/ 166).

ص: 23

(حديث أم سلمة الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الَّذِي يَشْرَبُ فِي إِنَاءِ الْفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ.

(7)

تغطية الأسقية:

(حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين) أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ بِاللَّيْلِ إِذَا رَقَدْتُمْ وَغَلِّقُوا الْأَبْوَابَ وَأَوْكُوا الْأَسْقِيَةَ وَخَمِّرُوا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ. (وخَمِّروا الطعام والشراب) أي استروه وغطوه.

(حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين) أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: خَمِّرُوا الْآنِيَةَ وَأَوْكُوا الْأَسْقِيَةَ وَأَجِيفُوا الْأَبْوَابَ وَاكْفِتُوا صِبْيَانَكُمْ عِنْدَ الْعِشَاءِ فَإِنَّ لِلْجِنِّ انْتِشَارًا وَخَطْفَةً وَأَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ عِنْدَ الرُّقَادِ فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ رُبَّمَا اجْتَرَّتْ الْفَتِيلَةَ فَأَحْرَقَتْ أَهْلَ الْبَيْتِ.

(8)

استحباب كون ساقي القوم آخرهم شرباً:

(حديث أبي قتادة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: سَاقِيَ الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا.

ودلالة هذا الحديث ظاهرة في أن من تولى سقاية قوم فإنه يقدمهم على نفسه ويكون هو آخرهم شرباً اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم.

(9)

يُفضَل الشراب الحلو البارد:

(حديث عائَشةَ رضي الله عنها الثابت في صحيح الترمذي) قالت: "كانَ أحَبّ الشّرَابِ إلى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم الحُلْوَ الْبَارِدَ".

(10)

المضمضة من شرب اللبن:

(حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين) أنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَرِبَ لَبَنًا فَمَضْمَضَ وَقَالَ إِنَّ لَهُ دَسَمًا.

(حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما الثابت في صحيح ابن ماجة) أنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَضْمِضُوا مِنْ اللَّبَنِ فَإِنَّ لَهُ دَسَمًا.

(11)

حكم الشرب قائما:

القول الصحيح الذي دلت عليه السنة الصحيحة وتجتمع فيه الأدلة هو جواز الشرب قائما وعليه يُحمل الآتي:

ص: 24

(حديث ابن عباس رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين) قَالَ: سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ زَمْزَمَ فَشَرِبَ وَهُوَ قَائِم.

(حديث ابنِ عُمَرَ رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) قَالَ: "كُنّا نَأَكُلُ على عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَمْشِي، وَنَشْرَبُ وَنَحْنُ قِيَامٌ".

{تنبيه} : وعلى هذا فيُحمل الحديث الآتي على الكراهة:

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا يَشْرَبَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَائِمًا فَمَنْ نَسِيَ فَلْيَسْتَقِئْ.

(12)

لا يجوز انتباذ التمر والزبيب معا لأن كلاً منهما من جنس ما يُسْكِر:

(حديث أبي قتادة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يُجمع بين التمر والزَّهْوِ، والتمر والزبيب، ولْيُنْبَذْ كل واحد منهما على حدة.

(13)

حكم الأكل أو الشرب في أواني أهل الكتاب:

(حديث أبي ثعلبة الثابت في الصحيحين) قال: قلتُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا بِأَرْضِ قَومٍ أَهْلَ كِتَابٍ، أَفَنَأكُلُ فِي آنِيَتَهُم قَالَ: لَا تَأْكُلُوا فِيهَا إِلَا أَنْ لَا تَجِدُوا غَيْرَهَا فَاغْسِلُوهَا ثُمَّ كُلُوا فِيْهَا.

(14)

إباحة الشرب دفعة واحدة:

(حديث أبي سعيد رضي الله عنه الثابت في السلسلة الصحيحة) أنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ النَفْخِ فِي الشَرَابِ، فَقَالَ رَجُلٌ: القَذَاةُ أَرَاهَا فِي الإِنَاءِ، قَالَ: أَهْرِقْهَا، قَالَ فَإِنِّي لَا أُرْوَى مِنْ نَفَسٍ وَاحِدٍ! فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: فَأَبِنْ الْقَدَحَ عَنْ فِيْكَ، ثُمَّ تَنَفَس.

قال مالك: فكأني أرى في ذلك الرخصة، أن يشرب من نفس واحد ما شاء، ولا أرى بأساً بالشرب من نفس واحد، وأرى فيه رخصة لموضع الحديث:(أني لا أروى من نفس واحد)(1).

وقال شيخ الإسلام: وفيه دليل-أي الحديث المتقدم- على أنه لو روى في نفس واحد ولم يحتج إلى النفس جاز، وما علمت أحداً من الأئمة أوجب التنفس، وحرم الشرب بنفس واحد (2).

(1). التمهيد لابن عبد البر: (1/ 392)

(2)

. الفتاوى (32/ 209)

ص: 25