الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمعنى: من أطاعني وتمسك بالكتاب والسنة دخل الجنة ومن اتبع هواه وزل عن الصواب وخل عن الطريق المستقيم دخل النار.
(4)
التبرج هلاكٌ مُحَقق بنص السنة الصحيحة:
(حديث فضالة بن عبيد في صحيح الأدب المفرد) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثةٌ لا تسأل عنهم: رجلٌ فارق الجماعة وعصى إمامه فمات عاصياً، وأمةٌ أوعبدٌ أبق فمات، وامرأةٌ غاب عنها زوجها فتبرجَّت بعده، فلا تسأل عنهم.
معنى لا تسأل عنهم: أي لا تسأل عن هلكتهم أي هلاكهم محقق، ومن بينهم المرأة المتبرحة.
آداب الزينة:
آداب الزينة:
للزينة آداب ينبغي لطالب العلم أن يحيط بها علماً وأن يتبعها حتى يكون متأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهاك آداب الزينة جملةً وتفصيلا:
أولاً آداب الزينة جملةً:
(1)
إكرام الشعر:
(2)
السنة في ترجيل الشعر وحلقه:
(3)
إباحة الضفائر:
(4)
السنة للرجال توفير اللحى، وقص الشارب:
(5)
النهي عن نتف الشيب:
(6)
السنة تغيير الشيب بغير السواد:
(7)
تحريم الخِضاب بالسواد:
(8)
تحريم اتخاذ النساء قُصة ً من شعر:
(9)
استحباب استعمال الطيب:
(10)
النهي عن المبالغة في التطيب:
(11)
تحريم الطيب الذي تخرج رائحته للنساء خارج البيت:
(12)
تحريم الذهب والحرير على الرجال إلا من عذر:
(13)
التختم الجائز للرجال:
(14)
ما جاء في الاكتحال:
(15)
ما يحرم من الزينة على النساء:
(16)
تحريم إظهار المرآة زينتها إلا لمن استثناهم الله:
(17)
الاقتصاد في الفراش فلا يُتخذ للزينة بغير حاجة:
(18)
لا يُتخذ الجرس في الدواب للزينة:
ثانيا آداب الزينة تفصيلا:
(1)
إكرام الشعر:
ويكون إكرام الشعر بتسريحه ودهنه وتنظيفه:
(حديث أبي هريرة في صحيح أبي داود) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كان له شعر فليكرمه.
(من كان له شعر فليكرمه) بتعهده بالتسريح والترجيل والدهن ولا يتركه حتى يتشعث ويتلبد لكنه لا يفرط في المبالغة في ذلك للنهي عن الترجل إلا غباً.
(2)
السنة في ترجيل الشعر وحلقه:
يستحب للرجل أن يزين من شعره وينظفه ويعتني به، وتأمل في الحديثين الآتيين بعين البصيرة
(حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما الثابت في صحيح أبي داوود) قَالَ
أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَأَى رَجُلًا شَعِثًا قَدْ تَفَرَّقَ شَعْرُهُ فَقَالَ أَمَا كَانَ يَجِدُ هَذَا مَا يُسَكِّنُ بِهِ شَعْرَهُ وَرَأَى رَجُلًا آخَرَ وَعَلْيِهِ ثِيَابٌ وَسِخَةٌ فَقَالَ أَمَا كَانَ هَذَا يَجِدُ مَاءً يَغْسِلُ بِهِ ثَوْبَهُ.
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود) أنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ.
ولكن لا يكن تزيناً وتنظيفاً وإكراماً مبالغاً فيه يخرجه عن الحد المعقول فيكون مشابهاً للنساء، لأن المبالغة في تزين الشعر والاعتناء به من خصائص النساء، ولهذا نهى النبي عن الترجل إلا غباً، وتأمل في الحديثين الآتيين بعين البصيرة
(حديث عبد الله بن المغفل الثابت في صحيحي أبي داوود والترمذي) قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ التَّرَجُّلِ إِلَّا غِبًّا.
(إلا غباً) أي يوماً بعد يوم فلا يكره بل يسن فالمراد النهي عن المواظبة عليه والاهتمام به لأنه مبالغة في التزيين لأن ذلك من فعل المتنعمين.
(حديث معاذ في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إياك و التنعم فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين.
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود والنسائي) قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَمْتَشِطَ أَحَدُنَا كُلَّ يَوْمٍ أَوْ يَبُولَ فِي مُغْتَسَلِهِ.
وأما حلق الشعر: فاعلم أولاً أن الأفضل ترك الشعر على حاله وإرساله إلى شحمة الأذنين كما هو شعر النبي صلى الله عليه وسلم، وتأمل في الأحاديث الآتية بعين البصيرة
(حديث البراء رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَرْبُوعًا بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ لَهُ شَعَرٌ يَبْلُغُ شَحْمَةَ أُذُنِهِ رَأَيْتُهُ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ لَمْ أَرَ شَيْئًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ.
(حديث أنس الثابت في الصحيحين) أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَضْرِبُ شَعَرُهُ مَنْكِبَيْهِ.
(حديث ابن عباس الثابت في الصحيحين) قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ وَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ أَشْعَارَهُمْ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ فَسَدَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَاصِيَتَهُ ثُمَّ فَرَقَ بَعْدُ.
مسألة: ما حكم حلق الشعر؟
الجواب:
حلق الشعر قد يكون واجباً، أو محرماً، أو مستحباً أو جائزاً.
فيجب حلقه: إذا كان في حج أو عمرة، ولم يُقصر صاحبه، [أو] كان فيه مشابهة لغير المسلمين
…
ويحرم حلقه: إذا كان بقصد به التدين أو التعبد من غير حج أو عمرة كما يفعله بعض المتصوفة
…
ويستحب حلقه: إذا أسلم الكافر -لاسيما إذا كان غزير الشعر. [أو] إذا مر على الصبي المولود سبعة أيام فإنه يستحب لوليه أن يحلق رأسه ويتصدق بوزنه. [أو] إذا طال الشعر طولاً فاحشاً بحيث تجاوز مقدار شعره صلىالله عليه وسلم
…
ويستحب حلق شعر الرأس -أيضاً- إذا كان يكسو صاحبه جمالاً يكون به مصدراً للفتنة سواء للرجال أو النساء .... ويجوز حلقه: إذا لم يستطع الإنسان أن يعتني به لانشغاله عنه بأمور أخرى هي أهم منه
…
(قال الإمام أحمد: هو سنة؛ لو نقوى عليه اتخذناه، ولكن له كلفة ومؤنة). [ويجوز] حلقه للتداوي (1).
{تنبيه} : ظهرت بين أوساط الشباب حلاقة الرأس على هيئة نهت عنها الشريعة، وهي حلاقة بعض الرأس وترك بعضه، وهو يعرف في الشرع واللغة باسم القزع (2).
(1). شعر الرأس (أحكام وفوائد متنوعة عن شعر الرأس) للأخ. سليمان الخراشي. (بتصرف). وهي رسالة جيدة في بابها. ط. دار القاسم. الطبعة الأولى 1419هـ. وكلام الأمام أحمد عزاه المؤلف إلى حاشية الروض (1/ 162). وتجده أيضاً في الآداب الشرعية (3/ 328)
(2)
. في اللسان: والقُزَّعةُ والقُزْعةُ: خُصَلٌ الشعر تترك عل رأس الصبي كالذوائب متفرقة في نوحي الرأس. والقَزَعُ: أن تحلق رأس الصبي وتترك في مواضع منه الشعر متفرقاً، وقد نُهي عنه. (8/ 271 - 272) مادة:(قزع).
(حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين) قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْقَزَعِ (1).
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
والقزع له أربعة أنواع: أحدها: أن يحلق من رأسه موضع من ههنا وههنا. مأخوذ من تقزع السحاب وهو تقطعه. الثاني: أن يحلق وسطه ويترك جوانبه، كما يفعله شماسة النصارى. الثالث: أن يحلق جوانبه ويترك وسطه، كما يفعله كثير من الأوباش والسفل. الرابع: أن يحلق مقدمه ويترك مؤخره، وهذا كله من القزع والله أعلم. اهـ (2).
{فائدة} : يستحب لمن أراد أن يحلق شعره أن يبدأ بالجانب الأيمن منه أولاً ثم الأيسر. وذلك لما رواه أنس ابن مالك: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى منى فأتى الجمرة فرماها ثم أتى منزله بمنى ونحر ثم قال للحلاق، خُذْ وأشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر ثم جعل يعطيه للناس)(3).
(3)
إباحة الضفائر:
(حديث أم هانئ في صحيحي أبي داوود والترمذي) قالت: قدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة وله أربع غدائر أي ضفائر.
(4)
السنة للرجال توفير اللحى، وقص الشارب:
السنة الواجبة في حق الرجال هي توفير اللحى وإرخاؤها، وتقصير الشارب والأخذ منه. وليس هذا الأمر لنا فيه سعة حتى نأخذ ما نريد ونذر ما نريد، بل هو حتمٌ يجب علينا الامتثال والانقياد له. قال تعالى:(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلّ ضَلَالاً مّبِيناً)[الأحزاب: 36]
(1). في اللسان: والقُزَّعةُ والقُزْعةُ: خُصَلٌ الشعر تترك عل رأس الصبي كالذوائب متفرقة في نوحي الرأس. والقَزَعُ: أن تحلق رأس الصبي وتترك في مواضع منه الشعر متفرقاً، وقد نُهي عنه. (8/ 271 - 272) مادة:(قزع).
(2)
. تحفة الودود بأحكام المولود. (ص119) ط. دار الجيل - بيروت. الطبعة الأولى 1408هـ
(3)
. رواه مسلم (1305)، والترمذي (912)، وأبو داود (1981)
أي لا ينبغي ولا يليق، من اتصف بالإيمان إلا الإسراع في مرضاة الله ورسوله، والهرب من سخط الله ورسوله، وامتثال أمرهما، واجتناب نهيهما: فلا يليق بمؤمن ولا مؤمنة {إِذَا قَضَى اللّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً} من الأمور، وحتماً به وألزما به {أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} أي: الخيار، هل يفعلونه أم لا؟. بل يعلم المؤمن والمؤمنة أن الرسول أولى به من نفسه، فلا يجعل بعض أهواء نفسه حجاباً بينه وبين أمر الله ورسوله، قاله ابن سعدي (1).
وتأمل في الحديثين الآتيين بعين البصيرة
(ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين) أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ.
زَادَ الْبُخَارِيُّ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا حَجَّ وَاعْتَمَرَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ فَمَا فَضَلَ أَخَذَهُ.
(حديث زيد بن أرقم الثابت في صحيحي الترمذي والنسائي) أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَارِبِهِ فَلَيْسَ مِنَّا.
والأمر بتوفير اللحى وجز الشوارب اجتمع فيه أمران:
الأول: أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الواجب الذي لا صارف له، والذي لا يجوز لمسلم بحال مخالفته.
الثاني: الأمر بمخالفة المشركين، وقد عُلم من نصوص الشرع أن التشبه بهم محرم. ولذا كان لزاماً على المسلم أن ينصاع لأمر الله ورسوله ولا يخالف أمرهما حتى لا يقع في الفتنة أو يناله العذاب الأليم قال تعالى:(فَلْيَحْذَرِ الّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[النور: 63]
ولبعض أهل العلم كلامٌ في الأخذ من اللحية طولاً وعرضاً، تمسكاً بآثار عن السلف الكرام، ولكن الألفاظ التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم صريحةٌ تُغني عنها، والحجة في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا في كلام أو فعل أصحابه وأتباعه.
والمختار ترك اللحية على حالها، وأن لا يتعرض لها بتقصير أصلاً، والمختار في الشارب ترك الاستئصال والاقتصار على ما يبدو به طرف الشفة والله أعلم، قاله النووي (2).
(5)
النهي عن نتف الشيب:
(1). تفسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان. (6/ 222 - 223)
(2)
. شرح صحيح مسلم. المجلد الثاني (3/ 123)
(حديث عبد الله بن عمرو في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تنتفوا الشيب فإنه نور المسلم يوم القيامة.
(حديث كعب بن مُره في صحيحي الترمذي والنسائي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من شاب شيبةً في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة.
(من شاب شيبة في الإسلام كانت له نوراً يوم القيامة) أي يصير الشيب نفسه نوراً يهتدي به صاحبه ويسعى بين يديه في ظلمات الحشر إلى أن يدخله الجنة والشيب وإن لم يكن من كسب العبد لكنه إذا كان بسبب من نحو جهاد أو خوف من اللّه ينزل منزلة سعيه فيكره نتف الشيب من نحو لحية وشارب وعنفقة.
(6)
السنة تغيير الشيب بغير السواد:
يُسنُ لمن شاب شعر رأسه ووجهه أن يغيره بالصبغ
(حديث أبي ذر الثابت في صحيح السنن الأربعة) أنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ أَحْسَنَ مَا غُيِّرَ بِهِ هَذَا الشَّيْبُ الْحِنَّاءُ وَالْكَتَمُ.
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ.
(حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيحي أبي داوود والنسائي) أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ وَيُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ بِالْوَرْسِ وَالزَّعْفَرَانِ
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ.
(7)
تحريم الخِضاب بالسواد:
يُجتنب السواد لنهيه صلى الله عليه وسلم عن الصبغ به، وتأمل في الحديثين الآتيين بعين البصيرة
(حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في صحيح مسلم) قَالَ: أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَيِّرُوا هَذَا بِشَيْءٍ وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ.
(وجنبوه السواد) نصٌ قاطع في التحريم. فيُغير السواد بأي شيء إلا بالسواد، وهذا نهيٌ للرجال والنساء على حدٍ سواء.
(حديث ابن عباس الثابت في صحيحي أبي داوود والنسائي) أنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: وَسَلَّمَ يَكُونُ قَوْمٌ يَخْضِبُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ بِالسَّوَادِ كَحَوَاصِلِ الْحَمَامِ لَا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ.
قال ابن مفلح رحمه الله في الآداب الشرعية:
قيل للإمام أحمد: تكره الخضاب بالسواد؟ قال: إي والله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم عن والد أبي بكر رضي الله عنهما (وجنبوه السواد)(1).
(8)
تحريم اتخاذ النساء قُصة ً من شعر:
(حديث معاوية في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم - يعني قُصةً من شعر.
(9)
استحباب استعمال الطيب:
والطيب من الزينة التي تذكي النفس، وتبعث على الانبساط. ورسولنا صلى الله عليه وسلم كان أطيب الناس ريحاً، وتأمل في الأحاديث الآتية بعين البصيرة
(حديث أنس الثابت في صحيح البخاري) قَالَ: مَا مَسِسْتُ حَرِيرًا وَلَا دِيبَاجًا أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا شَمِمْتُ رِيحًا قَطُّ أَوْ عَرْفًا قَطُّ أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ أَوْ عَرْفِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
(حديث أنس الثابت في صحيح البخاري) أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَرُدُّ الطِّيبَ.
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ رَيْحَانٌ فَلَا يَرُدُّهُ فَإِنَّهُ خَفِيفُ الْمَحْمِلِ طَيِّبُ الرِّيحِ.
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي والنسائي) أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: طِيبُ الرِّجَالِ مَا ظَهَرَ رِيحُهُ وَخَفِيَ لَوْنُهُ وَطِيبُ النِّسَاءِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَ رِيحُهُ.
(حديث أبي سعيد في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسكُ أطيب الطيب.
{تنبيه} : يجدر بنا هنا أن نبين الفرق بين طيب الرجل وطيب المرأة
(حديث أبي هريرة في صحيحي الترمذي والنسائي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: طِيب الرجال ما ظهر ريحُه و خَفِيَ لونُه و طِيبُ النساءِ ما ظهر لونُه و خَفِيَ ريحُه.
(طيب الرجال) اللائق بهم المناسب لشهامتهم
(ما ظهر ريحه وخفي لونه) كالمسك والعنبر قال العامري: نبه المصطفى صلى الله عليه وسلم على أدبه للرجال وللنساء ففيما ظهر لونه رعونة وزينة لا يليق بالرجولية
(وطيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه) أي إذا أرادت الخروج أما عند زوجها فتتطيب بما شاءت.
(1). الآداب الشرعية (3/ 334 - 335)
والطيب مباحٌ للرجال والنساء على حدٍ سواء، ولكن يحرم عليهما جميعاً حال الإحرام بحج أو عمرة، وتأمل في الحديثين الآتيين بعين البصيرة
(حديث ابن عباس الثابت في الصحيحين) أَنَّ رَجُلًا كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَوَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَمَاتَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ وَلَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا.
(حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين) أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا يَلْبَسُ الْقُمُصَ وَلَا الْعَمَائِمَ وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ وَلَا الْبَرَانِسَ وَلَا الْخِفَافَ إِلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ وَلَا تَلْبَسُوا مِنْ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ أَوْ وَرْسٌ.
وتختص النساء بالمنع منه -أيضاً- في حالين، الحال الأولى: أن تكون محادة على زوج فتمتنع منه أربعة أشهر وعشرة أيام، وتأمل في الحديثين الآتيين بعين البصيرة
(حديث أم عطية الثابت في الصحيحين) قَالَتْ: كُنَّا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَلَا نَكْتَحِلَ وَلَا نَطَّيَّبَ وَلَا نَلْبَسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ وَقَدْ رُخِّصَ لَنَا عِنْدَ الطُّهْرِ إِذَا اغْتَسَلَتْ إِحْدَانَا مِنْ مَحِيضِهَا فِي نُبْذَةٍ مِنْ كُسْتِ أَظْفَارٍ وَكُنَّا نُنْهَى عَنْ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ.
(حديث زينب بنت أبي سلمة الثابت في الصحيحين) قَالَتْ دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا. ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ حِينَ تُوُفِّيَ أَخُوهَا فَدَعَتْ بِطِيبٍ فَمَسَّتْ ثُمَّ قَالَتْ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا.
والحال الأخرى: إذا كانت المرأة ستغشى مكان فيه رجال أجانب، حتى ولو مرت في طريقهم فوجدوا ريحها فهي داخلة في النهي-وهذا الجانب فرط فيه كثيرٌ من النساء وتساهلن فيه مع صراحة الأحاديث وشدة الوعيد فيها، وتأمل في الحديثين الآتيين بعين البصيرة
(حديث أبي موسى الثابت في صحيح النسائي) أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا مِنْ رِيحِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ.
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود) قَالَ: لَقِيَتْهُ امْرَأَةٌ وَجَدَ مِنْهَا رِيحَ الطِّيبِ يَنْفَحُ وَلِذَيْلِهَا إِعْصَارٌ فَقَالَ يَا أَمَةَ الْجَبَّارِ جِئْتِ مِنْ الْمَسْجِدِ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ وَلَهُ تَطَيَّبْتِ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ إِنِّي سَمِعْتُ حِبِّي أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ لِامْرَأَةٍ تَطَيَّبَتْ لِهَذَا الْمَسْجِدِ حَتَّى تَرْجِعَ فَتَغْتَسِلَ غُسْلَهَا مِنْ الْجَنَابَةِ.
وَلِذَيْلِهَا إِعْصَارٌ: أي غبار.
(10)
النهي عن المبالغة في التطيب:
(حديث أنس في الصحيحين) قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزعفر الرجل.
*والتزعفر: هو التلطخ بالزعفران.
(11)
تحريم الطيب الذي تخرج رائحته للنساء خارج البيت:
(حديث أبي هريرة في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة.
(أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة) فيه حرمة التطيب على مريدة الخروج إلى المسجد لما فيه من تحريك داعية شهوة الرجال.
(حديث أبي موسى في صحيح النسائي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية و كل عين زانية.
(أيما امرأة استعطرت) أي استعملت العطر أي الطيب يعني ما يظهر ريحه منه.
(ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها) أي بقصد ذلك
(فهي زانية) أي كالزانية في حصول الإثم وإن تفاوت لأن فاعل السبب كفاعل المسبب قال الطيبي: شبه خروجها من بيتها متطيبة مهيجة لشهوات الرجال التي هي بمنزلة رائد الزنا بالزنا مبالغة وتهديداً وتشديداً عليها (وكل عين زانية) أي كل عين نظرت إلى محرم من امرأة أو رجل فقد حصل لها حظها من الزنا إذ هو حظها منه وأخذ بعض المالكية من الحديث حرمة التلذذ بشم طيب أجنبية لأن اللّه إذا حرم شيئاً زجرت الشريعة عما يضارعه مضارعة قريبة وقد بالغ بعض السلف في ذلك حتى كان ابن عمر رضي الله عنه ينهى عن القعود بمحل امرأة قامت عنه حتى يبرد.
(12)
تحريم الذهب والحرير على الرجال إلا من عذر:
حُرِّم على الرجال لبس الذهب والحرير، وأبيح للنساء، فالذهب من الحلية التي تحتاج المرأة أن تتزين به ـ وكذا الحرير ـ، وأما الرجل فهو طالب غير مطلوب، مع ما في الذهب والحرير من تنعم زائد يكسر من جلد الرجل وصلابته، فكيف إذا كان الأمر منهياً عنه بالشرع، فوجب التسليم والإذعان، وتأمل في الأحاديث الآتية بعين البصيرة
(حديث أبي موسى الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة) أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: حُرِّمَ لِبَاسُ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي وَأُحِلَّ لِإِنَاثِهِمْ.
(حديث أنس الثابت في الصحيحين) أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا فَلَنْ يَلْبَسَهُ فِي الْآخِرَةِ.
(من لبس الحرير في الدنيا) أي من الرجال كما أفاده الحديث المار " حرم الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحلّ لإناثهم "
(لم يلبسه في الآخرة) أي جزاؤه أن لا يلبسه فيها لاستعجاله ما أمر بتأخيره.
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ.
ومع أن الآثار السابقةـ وغيرها ـ قضت بتحريم الذهب والحرير على الرجال،
إلا أنه قد أُستثني من هذا التحريم أحوال منها ما يلي:
فيباح للرجل لبس الحرير إذا كانت به حكة وكان يتأذى بها، وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة:
(حديث أنس الثابت في الصحيحين) أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ فِي قَمِيصٍ مِنْ حَرِيرٍ مِنْ حِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا.
ويباح له لبسه في الحرب، أو دفع ضرورة كمن لا يجد ثوباً إلا ثوب حرير يستر به عورته، أو يدفع به عنه البرد.
ويباح لبس الحرير إن كان جزء من الثوب بمقدار أربعة أصابع فما دون، وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة:
(حديث عمر الثابت في الصحيحين) أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ إِلَّا مَوْضِعَ إِصْبَعَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ.
ويباح استخدام الذهب ـ للتداوي ـ للرجال للضرورة،
(حديث عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود والترمذي) أَنَّهُ قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ (1) فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ.
مسألة: هل يجوز إلباس الصبيان الحرير؟
الجواب: قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
…
وأما لباس الحرير للصبيان، الذين لم يبلغوا الحلم: ففيه قولان مشهوران للعلماء: لكن أظهرهما أن لا يجوز، فإن ما حرم على الرجال فعله حرم عليه أن يمكن منه الصغير، فإنه يأمره بالصلاة إذا بلغ سبع سنين، ويضربه عليها إذا بلغ عشراً، فكيف يحل له أن يلبسه المحرمات. وقد رأى عمر بن الخطاب على صبي للزبير ثوباً من حرير فمزقه وقال: لا تلبسوهم الحرير. وكذلك ابن مسعود مزق ثوب حرير كان على ابنه
…
(2).
(13)
التختم الجائز للرجال:
يجوز للرجال أن يتختموا بالفضة لا الذهب فإنه محرم عليهم. وموضع الخاتم المستحب أن يكون في الخنصر وتأمل في الحديثين الآتيين بعين البصيرة
(1) يوم معروف من أيام الجاهلية
(2)
. الفتاوى (22/ 143)
(حديث أَنَسٍ رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) قَالَ: صَنَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَاتَمًا قَالَ إِنَّا اتَّخَذْنَا خَاتَمًا وَنَقَشْنَا فِيهِ نَقْشًا فَلَا يَنْقُشَنَّ عَلَيْهِ أَحَدٌ قَالَ فَإِنِّي لَأَرَى بَرِيقَهُ فِي خِنْصَرِهِ.
(حديث أنس الثابت في صحيح البخاري) أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَاتَمُهُ مِنْ فِضَّةٍ وَكَانَ فَصُّهُ مِنْهُ.
ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لبس الخاتم في الوسطى أو السبابة، وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة:
(حديث عليّ الثابت في صحيح مسلم) قَالَ: نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَتَخَتَّمَ فِي إِصْبَعِي هَذِهِ أَوْ هَذِهِ قَالَ فَأَوْمَأَ إِلَى الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا.
وعلى هذا فيستحب لمن أراد التختم أن يضعه في خنصره، ويكره له وضعها في الوسطى والتي تليها وهي كراهة تنزيه (1).
وأما في أي اليدين يتختم فهذا أمرٌ اختلف العلماء فيه، لورود الآثار بهذا وهذا. قال النووي: وأما الحكم في المسألة عند الفقهاء فأجمعوا على جواز التختم في اليمين وعلى جوازه في اليسار ولا كراهة في واحدة منهما، واختلفوا أيتهما أفضل، فتختم كثيرون من السلف في اليمين، وكثيرون في اليسار
…
(2). والأمر في هذا واسع ولله الحمد، وتأمل في الحديثين الآتيين بعين البصيرة
(حديث أنس الثابت في صحيح مسلم) قَالَ: كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذِهِ وَأَشَارَ إِلَى الْخِنْصِرِ مِنْ يَدِهِ الْيُسْرَى.
(حديث عليّ الثابت في صحيح النسائي) أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَلْبَسُ خَاتَمَهُ فِي يَمِينِهِ.
(14)
ما جاء في الاكتحال:
الاكتحال للنساء زينة، وللرجال والنساء علاج ومنفعة. والعرب كانوا يتخذونه علاجاً من الرمد، وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة:
(حديث ابن عباس الثابت في صحيحي أبي داوود والترمذي) أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ وَإِنَّ خَيْرَ أَكْحَالِكُمُ الْإِثْمِدُ يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ.
(1). انظر شرح مسلم للنووي. المجلد السابع (14/ 59)
(2)
. شرح مسلم للنووي. المجلد السابع (14/ 59).
والسنة فيه أن يكون وتراً، أي يكتحل في العين اليمنى ثلاثاً وفي اليسرى ثلاثاً، أو في اليمنى اثنتين وفي اليسرى واحدة فيكون الجميع وتراً أو العكس أو أكثر من ذلك ما دام وتراً. ورجح ابن حجر الأول (1).
{تنبيه} : لا ينبغي أن يتخذ الرجال الكحل زينة، فهو طالبٌ لا مطلوب، وليس من الرجولة أن يتزين الرجل كما تتزين النساء، والنبي صلى الله عليه وسلم رغب في الإثمد لما فيه من الفوائد فقال:(عليكم بالإثمد فإنه منبتة للشعر، مذهبة للقذى، مصفاة للبصر). أما أن يتخذه الرجالُ جمالاً وزينةً للعينين فلا.
(15)
ما يحرم من الزينة على النساء:
أباح الله سبحانه وتعالى للنساء أن يتخذوا أنواعاً عديدة من الزينة كالكحل، والطيب، والحنا ونحو ذلك مما تتجمل به المرأة. وحرم عليها أموراً تتخذها المرأة زينة وهي في حقيقتها لا تعدو كونها تغييراً لخلق الله الذي خلقها عليه. كالوشم، والنمص، والتلفج للحسن، والوصل.
(حديث أَسْمَاءَ الثابت في الصحيحين) قَالَتْ: سَأَلَتْ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَتِي أَصَابَتْهَا الْحَصْبَةُ فَامَّرَقَ شَعَرُهَا وَإِنِّي زَوَّجْتُهَا أَفَأَصِلُ فِيهِ فَقَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ (2) وَالْمَوْصُولَةَ.
(حديث ابن مسعود الثابت في الصحيحين) أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ (3)
(1). انظر فتح الباري (10167)
(2)
.والواصلة من النساء: التي تصل شعرها بشعر غيرها، والمستوصلة: الطالبة لذلك وهي التي يفعل بها ذلك. وفي الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الواصلة والمستوصلة. قال أبو عبيد: هذا في الشعر، وذلك أن تصل المرأة شعرها بشعر آخر زوراً. (لسان العرب: 11/ 727) مادة: وصل.
(3)
. قال أبو عبيد: الوشم في اليد، وذلك أن المرأة كانت تغرز ظهر كفها ومعصمها بإبرة أو بمسلة حتى تؤثر فيه، ثم تحشوه بالكحل أو النيل أو النيِّل أو بالنؤور (دخان الشحم) فيزرق أثره أو يخضر. (لسان العرب: 12/ 638) مادة: وشم.
والمستوشمة هي التي تطلب من غيرها الوشم.
وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ (1) وَالْمُتَفَلِّجَاتِ (2) لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ.
[*] قال القرطبي في " الجامع لأحكام القرآن "(5/ 369):
" وهذه الأمور قد شهدت الأحاديث بلعن فاعلها وأنها من الكبائر، واختلف في المعنى الذي نهى لأجلها. فقيل: لأنها من باب التدليس. وقيل: من باب تغيير خلق الله تعالى كما قال ابن مسعود وهو أصح وهو يتضمن المعنى الأول ".
ومع صراحة الأحاديث في ذلك، وشدة وعيدها، إلا أن كثيراً من النساء يفعلن ذلك أو بعضه، وهل هذا إلا ضعف إيمان، وإلا فأي امرئٍ تهون عليه نفسه ويعرضها لسخط الجبار!. اللهم إنا نسألك السلامة والعافية في ديننا ودنيانا.
{تنبيه} : لا يختص اللعن بالنساء، بل يدخل فيه الرجال إذا نمصوا، أو وشموا، أو وصلوا، أو تفلجوا للحسن! أو طلبوا من غيرهم أن يفعل بهم شيئاً من ذلك. وتخصيص النساء باللعن من باب الأغلبية فإن تلك الفعال تكون في النساء أغلب كالنائحة، والله أعلم.
(16)
تحريم إظهار المرآة زينتها إلا لمن استثناهم الله:
(1). النمص: نتف الشعر. ونمص شعره ينمصه نمصاً: نتفه
…
والنامصة: المرأة التي تُزين النساء بالنمص. وفي الحديث: لُعنت النامصة والمتنمصة؛ قال الفراء: النامصة التي تنتف من الوجه، ومنه قيل للمنقاش منماص، لأنه ينتفه به، والمتنمصة: هي التي تفعل ذلك بنفسها. (لسان العرب: 7/ 101) مادة: نمص)
(2)
.فلج الأسنان: تباعد بينها
…
ورجل أفلج إذا كان في أسنانه تفرق، وهو التفليج أيضاً. (التهذيب): والفلج بين الأسنان تباعد ما بين الثنايا والرباعيات خلقة، فإن تكلف، فهو التفليج
…
وفي الحديث: أنه لعن المتفلجات للحسن: أي النساء اللاتي يفعلن ذلك بأسنانهن رغبة في التحسين. (لسان العرب: 2/ 346 - 347 بتصرف يسير) مادة: فلج.
زينة المرأة إما ظاهرة أو باطنة، قال تعالى:(وَقُل لّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إِلاّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنّ عَلَىَ جُيُوبِهِنّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إِلاّ لِبُعُولَتِهِنّ أَوْ آبَآئِهِنّ أَوْ آبَآءِ بُعُولَتِهِنّ أَوْ أَبْنَآئِهِنّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنّ أَوْ إِخْوَانِهِنّ أَوْ بَنِيَ إِخْوَانِهِنّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنّ أَوْ نِسَآئِهِنّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنّ أَوِ التّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرّجَالِ أَوِ الطّفْلِ الّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَىَ عَوْرَاتِ النّسَآءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنّ وَتُوبُوَاْ إِلَى اللّهِ جَمِيعاً أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ)[النور: 31]
وقوله: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إِلاّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} أي الثياب الظاهرة التي جرت العادة بلبسها إذا لم يكن في ذلك ما يدعو إلى الفتنة بها، قاله ابن سعدي (1) "وهي الزينة الظاهرة ". ثم قال تعالى:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ} أي الباطنة إلا للأزواج والآباء والأبناء
…
الخ.
والزينة الباطنة مثل الوجه والعنق والحلي والكفين. وبهذا يُعلم أن الوجه من الزينة الباطنة التي يحرم على المرأة المسلمة أن تظهرها إلا لمن استثناهم الله في الآية.
ثم قال تعالى: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنّ} أي: لا يضربن الأرض بأرجلهن، ليصوت ما عليهن من حلي، كخلاخل وغيرها، فتعلم زينتها بسببه، فيكون وسيلة إلى الفتنة (2).
(17)
الاقتصاد في الفراش فلا يُتخذ للزينة بغير حاجة:
(حديث جابر في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فراش للرجل و فراش لامرأته و الثالث للضيف و الرابع للشيطان.
(فراش للرجل وفراش لامرأته)
(والثالث للضيف) أي فراش واحد كاف للرجل وهكذا
(والرابع للشيطان) لأنه زائد على الحاجة وسرف واتخاذه مماثل لعرض
الدنيا وزخارفها فهو للمباهاة والاختيال والكبر وذلك مذموم وكل مذموم يضاف
إلى الشيطان لأنه يرتضيه ويحث عليه.
(18)
لا يُتخذ الجرس في الدواب للزينة:
(1). تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان. (5/ 410)
(2)
. تفسير ابن سعدي (5/ 412)