الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعيسى بن هلال الصدفي المصري: روى عنه جماعة من المصريين، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وذكره يعقوب بن سفيان الفسوي في ثقات التابعين من أهل مصر، وقال ابن يونس:"مصري، مشهور"، وصحح له الترمذي (2588)، وابن حبان والحاكم، وحسن له البغوي، وجوَّد له ابن عبد الهادي [التنقيح (117/ 2)]؛ والذهبي [التنقيح (1/ 305)]؛ ولم أقف له على حديث منكر من رواية الثقات عنه، ولم يذكره أحد في الضعفاء، ولا أنكروا له حديثًا واحدًا فيما رواه عنه الثقات، وقال ابن حجر في التقريب:"صدوق"، فهو كما قال [انظر: الجرح والتعديل (6/ 290)، الثقات (5/ 213)، المعرفة والتاريخ (2/ 515)، التوحيد لابن منده (1/ 178/ 56)، شرح السُّنَّة (15/ 248/ 4411)، التهذيب (3/ 370)، التقريب (488)].
وقد سمع من عبد الله بن عمرو [انظر: التاريخ الكبير (6/ 385)، مسند أحمد (2/ 223)، صحيح ابن حبان (13/ 64/ 5753)، المعجم الأوسط (9/ 131/ 9331)، المعجم الصغير (1125)]؛ كما أن الصيغة المستعملة في بعض طرق هذا الحديث تستعمل أحيانًا في موضع السماع، كما سبق التنبيه عليه في الحديث السابق برقم (1398).
وهذا الحديث قد صححه ابن حبان والحاكم والذهبي وابن حجر، واحتج به أبو داود والنسائي، فهو حديث حسن، والله أعلم.
***
327 - بابٌ في عدد الآي
1400 -
. . . شعبة: أخبرنا قتادة، عن عباس الجُشَمي، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"سورة من القرآن ثلاثون آيةً تشفع لصاحبها حتى غُفر له: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [الملك: 1] ".
* حديث حسن
أخرجه الترمذي (2891)، والنسائي في الكبرى (9/ 262/ 10478) و (10/ 309/ 11548)، وابن ماجه (3786)، وابن حبان (3/ 67/ 787) و (3/ 69/ 788)، والحاكم (1/ 565)(2/ 616/ 2100 - ط الميمان)(2096 - ط دار المنهاج القويم)، وأحمد (2/ 299 و 321)، وإسحاق بن راهويه (1/ 300/ 122)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (260)، والبزار (16/ 296/ 9504 و 9505)، وابن الضريس في فضائل القرآن (235 و 236)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (163 - مختصره)، وجعفر الفريابي في فضائل القرآن (33)، وأبو بكر الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (996)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (683)، وأبو بكر الجصاص في أحكام القرآن (1/ 11)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 230)، وابن بشران في الأمالي (226) [رواه من طريق ابن
الضريس، وتحرفت عنده: شعبة؛ إلى: ربيعة]. وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (953)، وأبو عمرو الداني في البيان في عد آي القرآن (37)، والبيهقي في إثبات عذاب القبر (151)؛ وفي الشعب (4/ 543/ 2276)، وابن عبد البر في التمهيد (7/ 262). [التحفة (9/ 497/ 13550)، الإتحاف (15/ 116/ 18985)، المسند المصنف (33/ 509/ 15693)].
رواه عن شعبة: غندر محمد بن جعفر، ويحيى بن سعيد القطان، وخالد بن الحارث، وحجاج بن محمد المصيصي، وآدم بن أبي إياس، ووهب بن جرير، وعمرو بن مرزوق [واللفظ له]؛ وأبو أسامة حماد بن أسامة، وإبراهيم بن طهمان [وهم ثقات].
ولفظ غندر [عند أحمد]: "إن سورة من القرآن، ثلاثون آية، شفعت لرجل حتى غُفِر له، وهي: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} ".
ولفظ القطان [عند ابن الضريس]: "سورة في القرآن ثلاثون آية شفعت لصاحبها حتى غفر له: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} ".
ولفظ القطان [عند ابن حبان]: "سورة في القرآن، ثلاثون آية، تستغفر لصاحبها حتى يغفر له: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ}. ولا أستبعد أن تكون هذه اللفظة: "تستغفر لصاحبها" قد رويت بالمعنى من "شفعت لصاحبها"، حيث وقع ذلك أيضًا لابن حبان في رواية أبي أسامة، حيث رواها بلفظ الاستغفار، والمروي عند الناس بلفظ الشفاعة، ففي حديث أبي أسامة [عند ابن راهويه والنسائي وابن ماجه وغيرهم]: "إن سورة في القرآن ثلاثين آية شفعت لصاحبها حتى غفر له: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} ، والله أعلم.
ولفظ خالد بن الحارث [عند ابن الضريس]: "إن سورة من القرآن شفعت لرجل حتى أدخله الله الجنة، ما هي إلا ثلاثون آية".
قال الترمذي: "هذا حديث حسن".
وقال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم يروى عن أبي هريرة رضي الله عنه إلا بهذا الإسناد".
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه".
وقال البيهقي: "حسن الإسناد".
وقال ابن الملقن في البدر المنير (3/ 562): "هذا الحديث صحيح".
• ورواه أبو داود سليمان بن داود الطيالسي [ثقة حافظ]؛ عن عمران القطان [عمران بن داور أبو العوام القطان: صدوق يهم، كثير الرواية عن قتادة. التهذيب (3/ 318)، الميزان (3/ 236)]؛ عن قتادة، عن عباس الجشمي، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن سورة من كتاب الله عز وجل ما هي إلا ثلاثون آية، شفعت لرجل؛ فأخرجته من النار، وأدخلته الجنة، وهبم سورة تبارك".
أخرجه عبد بن حميد (1445)، والحاكم (2/ 497 - 498)(5/ 90/ 3880 - ط الميمان)، وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (9/ 354)، والبغوي في التفسير (4/ 373). [الإتحاف (15/ 116/ 18985)، المسند المصنف (9/ 509/ 15693)].
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه".
*وهم في إسناده؛ فلم يضبط اسم شيخ قتادة: سلام بن مسكين [ثقة]؛ فرواه عن قتادة، عن رجل، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"إن سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى أدخلته الجنة".
أخرجه أبو عمرو الداني في البيان في عد آي القرآن (37).
هكذا أبهم سلامٌ اسمَ شيخ قتادة، وإنما هو عباس الجشمي، كما صرح به شعبة وعمران القطان.
قلت: عباس الجشمي: مقل في الحديث، لا يُعرف له سماع من أبي هريرة، روى عنه: قتادة، وسعيد بن إياس الجريري، وذكره ابن حبان في الثقات، وأخرج حديثه هذا في صحيحه، وصحح له الحاكم أيضًا، وحسن له الترمذي والبيهقي [التاريخ الكبير (7/ 4)، التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (1/ 477/ 1898 - السفر الثاني)، الثقات (5/ 259)، التهذيب (2/ 297)].
قال المنذري في مختصر السنن (1/ 407/ 1354): "وقد ذكره البخاري في التاريخ الكبير من رواية عباس الجشمي عن أبي هريرة،
…
، وقال: لم يذكر سماعًا من أبي هريرة. يريد أن عباسًا الجشمي روى هذا الحديث عن أبي هريرة، ولم يذكر فيه أنه سمعه من أبي هريرة" [نقله عنه: ابن الملقن في البدر المنير (3/ 562)، [قلت: ولم أقف عليه في التاريخ الكبير].
قلت: ومثله يحسن حديثه إذ لم ينفرد بأصل وسنة، وله شواهد تشهد لثبوته من حديث ابن مسعود وأنس، كما قد ثبت مقطوعًا على حميد بن عبد الرحمن، وابن شهاب الزهري، ومثله لا يقال من قبل الرأي والاجتهاد، والله أعلم.
• وانظر فيمن أفحش فيه الوهم على شعبة: ما أخرجه جعفر المستغفري في فضائل القرآن (963)] [تفرد به: نصر بن حماد، عن شعبة عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تبارك وتعالى -يعني: قال- ليس يقرأ تبارك أحد يوم الجمعة إلا غفر له"]، [وهذا حديث موضوع؛ نصر بن حماد الوراق: متروك، ذاهب الحديث، منكر الحديث عن شعبة، له عنه أوابد، وكذبه ابن معين، وقال فيه الأزدي:"هو وَضَع على شعبة، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل ليس بتاركٍ أحدًا يوم الجمعة إلا غفر له"، وليس لهذا أصل عن شعبة"] [راجع تخريجه في فضل الرحيم الودود (11/ 278/ 1052)].
*وله شواهد رويت بمعناه:
1 -
حديث ابن عباس:
وقد روي عنه من وجوه، منها:
أ- روى محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب [ثقة]؛ وشعيب بن حرب [ثقة،
وعنه: محمد بن عيسى بن حيان المدائني، وهو: ضعيف، يروي عن مشايخه ما لا يتابع عليه. انظر: اللسان (7/ 428)]، قالا:
حدثنا يحيى بن عمرو بن مالك النكري، عن أبيه، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس، قال: ضرب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خباءه على قبر وهو لا يحسب أنه قبر، فإذا فيه إنسان يقرأ سورة {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} حتى ختمها، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إني ضربت خبائي على قبر وأنا لا أحسب أنه قبر، فإذا فيه إنسان يقرأ سورة تبارك الملك حتى ختمها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هي المانعة، هي المنجية، تنجيه من عذاب القبر".
أخرجه الترمذي (2890)، والبزار (11/ 440/ 5300)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (163 - مختصره)، والطبراني في الكبير (12/ 174 - 175/ 12801)، وابن عدي في الكامل (7/ 205)(10/ 542/ 18323 - ط الرشد)، وأبو نعيم في الحلية (3/ 81)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (955)، والبيهقي في إثبات عذاب القبر (150)، وفي الشعب (4/ 546/ 2280)، وفي الدلائل (7/ 41). [التحفة (4/ 263/ 5367)، المسند المصنف (13/ 293/ 6425)].
قال الترمذي: "هذا حديث غريب من هذا الوجه".
وقال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم أحدًا رواه بهذا اللفظ إلا ابن عباس، ولا نعلم له طريقًا عنه إلا هذا الطريق".
وقال ابن عدي بعد أن عدَّ هذا الحديث في مناكير يحيى بن عمرو (10/ 544): "وهذه الأحاديث التي ذكرتها عن يحيى بن عمرو بن مالك عن أبيه عن أبي الجوزاء عن ابن عباس: كلها غير محفوظة، يتفرد بها: يحيى بن عمرو بن مالك بهذا الإسناد، وأحاديث أخر بهذا الإسناد عند يحيى بن عمرو بن مالك مما لم أذكرها، وليس ذاك بمحفوظ أيضًا".
وقال أبو نعيم: "غريب من حديث أبي الجوزاء، لم نكتبه مرفوعًا مجودًا إلا من حديث يحيى بن عمرو عن أبيه".
وقال البيهقي: "تفرد به يحيى بن عمرو بن مالك، وهو ضعيف". وقال في الشعب: "وكذا رواه غيره عن يحيى بن عمرو، تفرد به: يحيى بن عمرو، وليس بالقوي".
قلت: هو حديث منكر؛ عمرو بن مالك النُّكري: قال عنه ابن عدي في الكامل (1/ 411)(2/ 331 - ط الرشد): "يحدث عن أبي الجوزاء عن ابن عباس: قدر عشرة أحاديث غير محفوظة"، وقد سبق أن فصلت القول فيه في موضعين سابقين [راجع ترجمته: فضل الرحيم الودود (8/ 342/ 757) و (14/ 456/ 1298)].
وحاصل ما قلت فيه: أنه صدوق، له أوهام وغرائب، لا يعتمد على حفظه، ولا يحتج بما ينفرد به من غرائب.
ويحيى بن عمرو بن مالك النكري البصري: ضعيف، رماه حماد بن زيد بالكذب،
وروى له ابن عدي أحاديث، وقال:"كلها غير محفوظة"، وعدَّ هذا منها، وقال العقيلي:"لا يتابع على حديثه"، فلا يصلح مثله في المتابعات [التهذيب (4/ 379)].
ب- ورواه إبراهيم بن الحكم بن أبان [العدني: ليس بثقة، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه، كان يوصل المراسيل عن أبيه. التهذيب (1/ 63)]؛ وحفص بن عمر بن ميمون العدني [ضعيف، قال العقيلي: "يحدث بالأباطيل]؛ وقال ابن عدي: "عامة حديثه غير محفوظ". التهذيب (2/ 374)]:
عن الحكم بن أبان، عن عكرمة؛ أن ابن عباس قال لرجل: ألا أطرفك بحديث تفرح به؟ قال الرجل: بلى، يا أبا عباس رحمك الله، قال: اقرأ: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} واحفظها، وعلمها أهلك وجميع ولدك وصبيان بيتك وجيرانك؛ فمانها المنجية، وهي المجادلة، تجادل وتخاصم يوم القيامة عند ربها لقارئها، وتطلب له إلى ربها أن ينجيه من النار إذا كانت في جوفه، وينجي الله بها صاحبها من عذاب القبر.
قال الحكم: قال عكرمة: قال ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لوددت أنها في قلب كل إنسان من أمتي". وفي رواية: "وددت أنها في قلب كل مؤمن".
أخرجه عبد بن حميد (603)، وابن أبي الدنيا في المتمنين (139)، والبزار (3/ 87/ 2305 - كشف الأستار)[اقتصر على المرفوع، وفسره بسورة يس]. وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (2485 و 2608)، وابن الأعرابي في المعجم (3/ 891/ 1860)، والطبراني في الكبير (11/ 242/ 11616)، والحاكم (1/ 565)(2/ 617/ 2101 - ط الميمان)(2097 - ط دار المنهاج القويم)، وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (9/ 354)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (954)، والبيهقي في الشعب (4/ 544/ 2277)، والشجري في الأمالي الخميسية (502 - ترتيبه)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (26/ 270)، وغيرهم. [المسند المصنف (13/ 292/ 6424)].
قال البزار: "لا نعلمه يروى إلا عن ابن عباس بهذا الإسناد، وإبراهيم لم يتابع على أحاديثه، على أنه قد حدث عنه أهل العلم".
وقال الحاكم: "هذا إسناد عند اليمانيين صحيح، ولم يخرجاه".
فتعقبه الذهبي في التلخيص بقوله: "حفص واه".
قلت: هو حديث منكر؛ تفرد به عن عكرمة: الحكم بن أبان العدني؛ وهو: صدوق، فيه لين، وله أوهام وغرائب، ويتفرد عن عكرمة بما لا يتابع عليه [راجع ترجمته وشيئًا من غرائبه: فضل الرحيم الودود (6/ 547/ 590) و (7/ 522/ 688) و (8/ 86/ 717) و (14/ 449/ 1297)].
ولم يروه عنه ثقة، وغالب البلاء في حديثه ممن يروي عنه من المتروكين والضعفاء، كما هو الحال هنا.
ج- وروى أبو علي زاهر بن أحمد [السرخسي: ثقة فقيه إمام. السير (16/ 476)،
تاريخ الإسلام (8/ 645 - ط الغرب)]: أخبرنا أبو لبيد [محمد بن إدريس السامي السرخسي، قال الخليلي: "ثقة متفق عليه". الإرشاد (3/ 953/ 885)، الأنساب (3/ 203)، تكملة الإكمال (3/ 282)، تاريخ الإسلام (7/ 270 - ط الغرب)، الثقات لابن قطلوبغا (8/ 167)]: حدثنا سويد بن سعيد [الحدثاني: صدوق في نفسه؛ إلا أنه تغير بعدما عمي، وصار يتلقن، فضعِّف بسبب ذلك]: حدثني عبد ربه بن بارق [الحنفي: لا بأس به، لينه أبو زرعة والنسائي، وضعفه ابن معين. التهذيب (2/ 481)، سؤالات البرذعي (2/ 444)]؛ عن خاله الزميل بن سماك [مجهول. الجرح والتعديل (3/ 620)، اللسان (3/ 525)]؛ سمع أباه يحدث، ولقي عبد الله بن عباس بعدما كف بصره، قال: قال -يعني: ابن عباس رضي الله عنهما: يا حنفي! قلت: لبيك، قال: ألا أخبرك، ألا أعلمك؟ قلت: بلى؛ جعلت لك الفداء، قال: اقرأ تبارك، وعلمها بنيك وبناتك، وصبيانك وجيرانك، فإنها المنجية، وهي المجادلة، وهي ثلاثون آية، يدفع الله بها من عذاب القبر.
أخرجه جعفر المستغفري في فضائل القرآن (958)، قال: أخبرنا أبو علي زاهر بن أحمد به.
وانظر فيما روي بهذا الإسناد: ما أخرجه ابن أبي الدنيا في صفة الجنة (144)، وأبو الشيخ في العظمة (2/ 789) و (3/ 893) و (3/ 1101)، وابن بطة في الإبانة (4/ 161/ 1626)، وأبو نعيم في صفة الجنة (211 و 317).
قلت: هو حديث غريب جدًا، ولعله مما تلقنه سويد بن سعيد، وشيخه: عبد ربه بن بارق: أحاديثه عن خاله زميل بن سماك: غرائب.
2 -
حديث ابن مسعود:
وله عنه طرق:
أ- روى عبد العزيز بن أبي حازم، عن سهيل بن أبي صالح، عن عرفجة بن عبد الواحد، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر، عن عبد الله بن مسعود، قال: من قرأ {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} كل ليلة منعه الله بها من عذاب القبر، وكنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نسميها المانعة، وإنها في كتاب الله سورة من قرأ بها في كل ليلة فقد أكثر وأطاب.
أخرجه النسائي في الكبرى (9/ 262/ 10479)، والطبراني في الكبير (10/ 142/ 10254)، وفي الأوسط (6/ 212/ 6216)، ومن طريقه: الشجري في الأمالي الخميسية (515 - ترتيبه). [التحفة (6/ 277/ 9222)، المسند المصنف (19/ 75/ 8759)].
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن سهيل بن أبي صالح إلا ابن أبي حازم".
• رواه عن عبد العزيز بن أبي حازم به هكذا: محمد بن عبيد الله أبو ثابت المدني [ثقة]؛ ومحرز بن سلمة [صدوق].
• تابعه على هذا الوجه: القاسم بن عبد الله [هو: العمري: متروك، منكر الحديث، كذبه أحمد. التهذيب (3/ 413)]؛ عن سهيل بن أبي صالح، قال: حدثني عرفجة بن
عبد الواحد، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود؛ أنه قال: من قرأ تبارك سورة الملك كل ليلة وقاه الله فتنة القبر،
…
وساق الحديث.
أخرجه ابن وهب في الجامع (3/ 23/ 34 - علوم القرآن برواية سحنون).
• خالفهما: محمد بن زنبور المكي [ليس به بأس]؛ ومطرف بن عبد الله [اليساري: ثقة]: عن ابن أبي حازم، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن عرفجة بن عبد الواحد، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود،
…
فذكره.
أخرجه ابن صاعد في مجلسين من أماليه (51)، وعنه: أبو طاهر المخلص في الثامن من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (228)(1804 - المخلصيات)، وابن البخاري في مشيخته (3/ 1851 - 1852)، والمزي في التهذيب (19/ 560).
قال الدارقطني في العلل (5/ 54/ 700): "والقول الأول أشبه بالصواب"، يعني: من قال: عن سهيل عن عرفجة، بدون ذكر أبي صالح في الإسناد.
قلت: لا يصح رفعه؛ فقد تفرد برفعه: عرفجة بن عبد الواحد، وهو: مجهول [التاريخ الكبير (7/ 65)، الجرح والتعديل (7/ 18)، الثقات (7/ 297)، التهذيب (3/ 91)].
• وقد رواه حماد بن زبد [ثقة ثبت]؛ وسفيان الثوري [وعنه: محمد بن كثير العبدي، وعبد الله بن المبارك، وعبد الرزاق بن همام، وأبو داود الحفري]؛ وشعبة [وعنه: عمرو بن مرزوق]؛ وزائدة بن قدامة [ثقة ثبت]؛ وزيد بن أبي أنيسة [ثقة]؛ وعلي بن مسهر [ثقة]؛ وأبو بكر بن عياش [ثقة، صحيح الكتاب]؛ ومسعر بن كدام [ثقة ثبت؛ لكن الراوي عنه: إسماعيل بن عمرو بن نجيح البجلي، وهو: ضعيف، صاحب غرائب ومناكير. اللسان (2/ 155)]؛ وأبو عوانة الوضاح بن عبد الله [ثقة ثبت، لكن الراوي عنه: أبو الربيع خالد بن يوسف السمتي، وهو: ضعيف]، وشريك بن عبد الله النخعي [صدوق، سيئ الحفظ]؛ والخليل بن مرة [ضعيف]:
عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن ابن مسعود، أنه قال في سورة الملك: هي المانعة تمنع صاحبها من عذاب القبر، يؤتى صاحبها [في قبره] من قبل رأسه، فيقول رأسه: لا سبيل عليَّ، إنه وعى فيَّ سورة الملك، ثم يؤتى من قبل رجليه، فيقول: ليس لك عليَّ سبيل إنه كان يقوم بي بسورة الملك، وإنها في التوراة، من قرأها فقد أكثر وأطيب. لفظ حماد.
ولفظ الثوري: يؤتى الرجل في قبره من قبل رجليه، فتقول رجلاه: ليس لكم على ما قبلي سبيل، قد كان يقوم عليَّ بسورة الملك، قال: فيؤتى جوفه، فيقول جوفه: ليس لكم على ما قبلي سبيل، قد وعى فيَّ سورة الملك، قال: فتؤتى رأسه، فيقول لسانه: ليس لكم على ما قبلي سبيل، قد كان يقوم فيَّ بسورة الملك، فقال عبد الله: هي المانعة بإذن الله عز وجل من عذاب القبر، وهي في التوراة سورة الملك، من قرأها في ليلة فقد أكثر وأطيب. وبنحوه رواه ابن مسهر.
أخرجه عبد الرزاق (3/ 379/ 6025)، والقاسم بن سلام في فضائل القرآن (260)، وابن الضريس في فضائل القرآن (231 و 232)، وجعفر الفريابي في فضائل القرآن (9 و 131 و 32)، وأبو بكر الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (997)، والطبراني في الكبير (9/ 131/ 8651 - 8654)، والحاكم (2/ 498)(5/ 90/ 3881 - ط الميمان"، وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (9/ 354)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 248)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (957)، وأبو الفضل الرازي في فضائل القرآن (120 و 121)، والبيهقي في إثبات عذاب القبر (149)، وفي الشعب (4/ 545/ 2279). [الإتحاف (10/ 195/ 12564)، المسند المصنف (19/ 75/ 8759)].
* وانظر فيمن وهم فيه على الثوري، فرفع منه جملة:"سورة تبارك هي المانعة من عذاب القبر"[أخرجه أبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان (4/ 11)، ومن طريقه: الشجري في الأمالي الخميسية (569 - ترتيبه)][والوهم فيه من: إسحاق بن إبراهيم بن جميل، وهو: شيخ صدوق، صاحب أصول، لكنه كثير الغرائب، وهذا من غرائب حديثه. طبقات المحدثين (4/ 10)، أفإن ثبت أن أحمد بن منيع قد رواه فعلًا في كتباه فضائل القرآن؛ فالوهم فيه: من أبي أحمد الزبيري، محمد بن عبد الله بن الزبير، وهو: ثقة ثبت؛ إلا أنه كان يخطئ في حديث الثوري].
• ورواه عبيد بن يعيش [كوفي ثقة]: حدثنا محمد بن عبيد [يحتمل أن يكون: الطنافسي، وهو: ثقة]؛ عن إسماعيل، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، قال:{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} : نجاة من النار.
أخرجه ابن الضريس في فضائل القرآن (238).
قلت: إسماعيل هذا ليس هو: ابن أبي خالد [ثقة ثبت، من الطبقة الرابعة، سمع من زر بن حبيش، ت (146)]؛ فإنه أكبر من عاصم بن أبي النجود [صدوق، من الطبقة السادسة، ت (128)]، ولا هو: ابن علية، فإنه يروي عن عاصم بواسطة، ويحتمل أن يكون: إسماعيل بن مجالد الكوفي، ولا أراه إلا وهمًا مثه؛ فإنه: صدوق يخطئ، وبعضهم ضعفه أو لينه [التقريب (182، التهذيب (1/ 165)]؛ والمحفوظ عن عاصم: رواية جماعة الثقات الحفاظ، من أصحاب عاصم المكثرين عنه، والله أعلم.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه".
وقال الدارقطني في العلل (5/ 54/ 700): "ورواه شعبة، ومسعر، وأبو عوانة، وحماد بن سلمة، وزيد بن أبي أنيسة: عن عاصم، عن زر، عن عبد الله، موقوفًا. وهو المحفوظ".
قلت: هذا موقوف على ابن مسعود بإسناد جيد، رجاله كلهم ثقات؛ إلا كلامًا يسيرًا في عاصم؛ ومثله لا يقال من قبل الرأي، فهو شاهد قوي لحديث أبي هريرة.
وموضع الشاهد منه: هي المانعة تمنع صاحبها من عذاب القبر، وبقية الحديث تدل على أنها تجادل عن صاحبها، وتشفع له حتى يغفر له، والله أعلم.
فإن قيل: فإنه من رواية عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش، وروايته عنه مضطربة [انظر: التهذيب (2/ 250)، شرح علل الترمذي (2/ 788)، الميزان (2/ 357)]، فيقال: إنما عابوا عليه أنه كان يُختلف عليه في حديث زر وأبي وائل شقيق بن سلمة، أو كان يشك فيه، وهذا الحديث لم يختلف عليه في إسناده بين زر وأبي وائل، والله أعلم.
ب- ورواه عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود، قال: مات رجل فجاءته ملائكة العذاب فجلسوا عند رأسه، فقال: لا سبيل لكم عليه قد كان يقرأ فى سورة الملك، فجلسوا عند رجليه، فقال: لا سبيل لكم إنه كان يقوم علينا يقرأ سورة الملك، فجلسوا عند بطنه، فقال: لا سبيل لكم إنه قد وعى فيَّ سورة الملك، فسميت المانعة.
أخرجه عبد الرزاق (3/ 378/ 6024)، ومن طريقه: الطبراني في الكبير (9/ 131/ 8650)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (956).
قلت: معمر بن راشد: ثقة، وهو ثبت في الزهري وابن طاووس، إلا أنه كان يضعَّف حديثه عن أهل الكوفة والبصرة، ولم يكن من أصحاب أبي إسحاق السبيعي المقدَّمين فيه، ولا من قدماء أصحابه، وله عنه أوهام.
فهو غريب من حديث أبي إسحاق السبيعي، والله أعلم.
ج- ورواه وهب بن جرير: نا أبي، قال: سمعت الأعمش، يحدث عن عمرو بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله، قال: جادلت سورة تبارك عن صاحبها حتى أدخلته الجنة.
أخرجه البيهقي في إثبات عذاب القبر (148)، وفي الشعب (4/ 544/ 2278).
قلت: هذا إسناد حسن غريب؛ وهب بن جرير: ثقة، وقد يهم على أبيه [انظر: الحديث المتقدم برقم (334)، سؤالات الآجري (1335)]، وجرير بن حازم: بصري ثقة، من السادسة، وقد يهم على الأعمش [وانظر في أوهامه على الأعمش ما تقدم تحت الحديث رقم (584)].
وعليه: فهو موقوف على ابن مسعود بإسناد حسن غريب، وله حكم الرفع.
• ولا يقال: قد خالفه: أبو معاوية [ثقة، من أثبت الناس في الأعمش]، فرواه عن الأعمش عن عمرو بن مرة مقطوعًا عليه قوله، لم يذكر فوقه أحدًا.
رواه أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، قال: إذا دخل الإنسان قبره، جاءت نار من عند رأسه، فيجيء القرآن فيمنعها فتجيء من عند رجله، فيجيء القرآن فيمنعها، فتجيء عن يمينه، فيجيء القرآن فيمنعها، فتجيء عن شماله، فيجيء القرآن فيمنعها، قال: فتقول: ما لي ولك، فو الله ما كان يعمل بك؟ قال: فيقول: أليس قد كنت في جوفه، فلا يزال بها حتى ينجي صاحبه.
أخرجه أبو الفضل الرازي في فضائل القرآن (119)، قال: أنا محمد بن القاسم الفارسي [من طبقة أبي عبد الله الحاكم، ومن أصحاب أبي العباس الأصم، وله تصانيف مشهورة، وهو: فقيه أصولي مفسر، سمع الكثير، وجمع الأبواب. الأنساب (4/ 48)،
التحبير في المعجم الكبير (1/ 170)، المنتخب من معجم شيوخ السمعاني (1/ 554)، المنتخب من السياق (43)، تاريخ الإسلام (9/ 381 - ط الغرب)، الوافي بالوفيات (4/ 339)]: نا أبو الحسن عبد الرحمن بن إبراهيم العدل [هو: عبد الرحمن بن إبراهيم بن محمد بن يحيى بن سختويه أبو الحسن النيسابوري المزكي: ثقة. تاريخ بغداد (11/ 608)، السير (16/ 497)]: نا محمد بن الحسين القطان [أبو بكر محمد بن الحسين بن شهريار القطان: فال الدارقطني: "ليس به بأس"، لكن كذبه عبد الله بن ناجية بقوله: "روى عن سلمان بن توبة، وقد مات قبل أن يسمع منه"، كما أنه يخالف في الأسانيد. انظر: الكامل (1/ 257) و (7/ 124)، سؤالات حمزة السهمي (94)، تاريخ بغداد (3/ 19 - ط الغرب)، لسان الميزان (7/ 87)]: نا إسحاق بن عبد الله [إسحاق بن عبد الله بن محمد بن رزين السلمي النيسابوري: روى عنه جماعة من الحفاظ. السير (13/ 45)، تاريخ الإسلام (6/ 295 - ط الغرب)]: أنا بشر [هو: ابن عمر الزهراني: ثقة]: نا أبو معاوية به.
قلت: لا يثبت هذا من حديث أبي معاوية عن الأعمش؛ فلعله دخل لأحدهم حديث في حديث، أو انقلب عليه إسناده، والله أعلم.
د - ولعمرو بن مرة قيه إسناد آخر:
• فقد روى حفص بن عمر الحوضي [وعنه: محمد بن أيوب بن الضريس]، وحجاج بن منهال [وعنه: الدارمي]، قالا:
حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة [ثقة ثبت]، عن مرة الهمداني [هو: مرة بن شراحيل الهمداني، وهو: ثقة عابد، من الطبقة الثانية، حديثه عن ابن مسعود عند الشيخين. التحفة (9548 - 9551)]، قال: أُتي رجل من جوانب قبره [وفي رواية: أن رجلاً توفي فأدخل القبر فجاءته نار من قبل جوانب قبره]، فجعلت سورة من القرآن ثلاثون آية تجادل عنه حتى منعته من عذاب القبر، فنظرت أنا ومسروق فلم نجدها إلا تبارك.
وفي رواية حجاج: حدثنا شعبة: حدثني عمرو بن مرة، قال: سمعت مرة، يقول: فذكره مختصرًا.
أخرجه الدارمي (3735 - ط البشائر)، وابن الضريس في فضائل القرآن (234). [الإتحاف (25313)].
• هكذا قصرا به، فلم يذكرا ابن مسعود في إسناده:
وقد رواه أبو خليفة [الفضل بن الحباب: ثقة؛ تكلم فيه، وأخطأ في أحاديث. انظر: الأرشاد (2/ 526)، سؤالات حمزة السهمي (247)، الثقات (9/ 8)، السير (14/ 7)، التذكرة (2/ 670)، الميزان (3/ 350)، اللسان (6/ 337)]: نا الحوضي، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن مرة الهمداني، عن عبد الله بن مسعود، قال: أتي رجل من جوانب قبره فجعلت سورة من القرآن ثلاثون آية تجادل عنه حتى منعته من عذاب القبر، قال: فنظرت أنا ومسروق، فلم نجدها إلا تبارك.
أخرجه أبو الحسن الواحدي في تفسيره الوسيط (4/ 325/ 1220).
• ورواه محمد بن إسحاق [الصاغاني، وهو: ثقة ثبت حافظ]: نا عثمان بن عمر [هو: ابن فارس: ثقة]: ثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن مرة، عن عبد الله، قال: توفي رجل فأتي من جوانب قبره، فجعلت سورة من القرآن تجادل عنه حتى منعته. قال: فنظرت أنا ومسروق فإذا هي سورة الملك.
أخرجه البيهقي في إثبات عذاب القبر (147)، وفي الدلائل (7/ 41).
وهذا موقوف على ابن مسعود بإسناد على شرط الشيخين، وله حكم الرفع.
• ورواه إسحاق بن سليمان الرازي [كوفي الأصل: ثقة]، عن أبي سنان الشيباني [سعيد بن سنان، وهو: صدوق كوفي، تحول إلى الري]، عن عمرو بن مرة، عن مرة بن شراحيل -وكان يسمى مرة الطيب-، عن عبد الله بن مسعود، قال: إن الميت إذا مات أوقدت نيران حوله، فتأكل كل نار ما يليها إن لم يكن له عمل يحول بينه وبينها، وإن رجلاً مات لم يكن يقرأ من القرآن إلا سورة ثلاثين آية، فأتته من قبل رأسه، فقالت: إنه كان يقرأ بي، فأتته من قبل رجليه، فقالت: إنه كان يقوم بي، فأتته من قبل جوفه، فقالت: إنه كان وعاني، قال: فأنجته. قال: فنظرت أنا ومسروق في المصحف فلم نجد سورة ثلاثين آية إلا تبارك.
أخرجه القاسم بن سلام في فضائل القرآن (260)، ومن طريقه: أبو بكر الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (997).
وهذا موقوف على ابن مسعود بإسناد جيد، وله حكم الرفع.
3 -
حديث أنس:
أ- روى سليمان بن داود بن يحيى الطبيب البصري [أبو أيوب مولى بني هاشم: رواه عنه الطبراني وابن قانع]، قال: نا شيبان بن فروخ [صدوق]، قال: نا سلام بن مسكين [ثقة]، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سورة من القرآن ما هي إلا ثلاثون آية، خاصمت عن صاحبها حتى أدخلته الجنة، وهي سورة تبارك".
أخرجه الطبراني في الصغير (490)، وفي الأوسط (4/ 76/ 3654)، ومن طريقه: ابن الفاخر في موجبات الجنة (191)، وشهدة في مشيختها "العمدة من الفوائد والآثار"(58)، والضياء في المختارة (5/ 114/ 1738 و 1739).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن ثابت إلا سلام"، ثم روى حديثًا آخر بهذا الإسناد، ثم قال:"لم يرو هذين الحديثين عن سلام بن مسكين إلا شيبان بن فروخ".
وقالت شهدة: "حسن صحيح، وقد روى البخاري في صحيحه عن شيبان وغيره، عن أبي روح سلام بن مسكين، عن ثابت، عن أنس غير حديث".
وقال ابن الملقن في البدر المنير (3/ 563) معقبًا على كلام الطبراني: "هو أحد ثقات البصريين، من رجال الصحيحين لكنه يرمى بالقدر. قال أبو داود: كان يذهب إليه".
قلت: قد روى البخاري حديثين لسلام بن مسكين بهذا الإسناد في المتابعات، قال في الأول (5685): حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا سلام بن مسكين، حدثنا ثابت، عن أنس، وقال في الثاني (6038): حدثنا موسى بن إسماعيل؛ سمع سلام بن مسكين، قال: سمعت ثابتًا، يقول: حدثنا أنس رضي الله عنه.
وأما مسلم؛ فإنه قد أخرج الحديث الثاني في المتابعات أيضًا (2309/ 51)، فقال: وحدثناه شيبان بن فروخ: حدثنا سلام بن مسكين: حدثنا ثابت البناني، عن أنس بمثله.
قلت: وكلام الطبراني صريح في أن شيبان بن فروخ هو المتفرد به، وهو يقتضي أن شيخه: سليمان بن داود بن يحيى قد توبع عليه، ولم ينفرد به.
وعليه: فهو إسناد حسن غريب. وهو شاهد قوي لحديث أبي هريرة بمعناه.
ب- ورواه أبو بشر بن الهيثم: حدثنا سدوس بن علقمة: حدثني والدي، قال: كنت عند أنس بن مالك، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سورة من القرآن تشفع لصاحبها فتدخله الجنة"، قال:"وهي: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)} ".
أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (7/ 261)، قال: حدثنا خلف بن قاسم [إمام حافظ متقن. تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي (417)، جذوة المقتبس (209)، السير (17/ 113)، تاريخ الإسلام (8/ 726 - ط الغرب)]: حدثنا الحسن بن رشيق [ثقة حافظ، أنكر عليه الدارقطني أنه كان يصلح في أصله ويغير. السير (16/ 280)، تاريخ الإسلام (8/ 320 - ط الغرب)، اللسان (3/ 45)]: حدثنا أحمد بن الحسن الصباحي [وثقه الخطيب.
تاريخ بغداد (5/ 138)، تاريخ الإسلام (7/ 249 - ط الغرب)، الثقات لابن قطلوبغا (1/ 313)]: حدثنا أبو بشر بن الهيثم به.
قلت: إسناده مجهول، لم أهتد للراوي عن أنس، ولا لابنه سدوس، وأبو بشر بن الهيثم: يحتمل أن يكون: عبد القاهر بن السري، يكنى بأبي بشر، وهو من ولد قيس بن الهيثم، قال عنه ابن معين:" لم يكن به بأس"، وقال مرة:"صالح"، وقال يعقوب بن سفيان:"منكر الحديث"، ولمزه ابن عدي في الكامل لما ذكره في ترجمة كنانة بن عباس [سؤالات ابن الجنيد (655)، المعرفة والتاريخ (3/ 59)، الجرح والتعديل (6/ 57)، الكامل (6/ 74) (8/ 682 - ط الرشد)، تاريخ أسماء الثقات (1000)، التهذيب (2/ 599)].
4 -
حديث أبي ذر، أو: أبي الدرداء:
رواه إسحاق بن بشر الكاهلي، عن مالك بن أنس، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي ذر رضي الله عنه[وقال مرة: عن أبي الدرداء]، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اعلموا أن {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} تجادل عن صاحبها يوم القيامة، وتستغفر له من الذنوب".
وفي رواية تامة: عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو يعلم الناس ما في {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} لعطلوا الأهل والمال وتعلموها".
قال: قال رجل مَن خزاعة. ما فيها من الأجر يا رسول الله؟ فقال عليه السلام: "لا يقرؤها منافق أبداً، ولا عبد في قلبه شك في الله، والله! إن الملائكة المقربين ليقرؤونها مذ خلق السماوات والأرض ما يفترون من قواءتها، وما من عبد يقرؤها بالليل إلا بعث الله تعالى ملائكة يحفظونه في دينه ودنياه، ويدعون الله له بالمغفرة والرحمة، فإن قرأها بنهار أعطي عليها من الثواب مثل ما أضاء عليه النهار وأظلم عليه الليل".
قال: فقال رجل من قيس عيلان: زدنا من هذا الحديث فداك أبي وأمي يا رسول الله، قال: فقال عليه السلام: "تعموا {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2)}، وتعموا {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1)}، وتعلموا {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1)}، وتعلموا {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1)}، وتعلموا {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1)}، فإنكم لو تعلمون ما فيهن لعطلتم ما أنتم فيه، وتعلمتموهن، وتقربوا إلى الله بهن، فإن الله يغفر بهن كل ذنب إلا الشرك بالله، واعلموا أن {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} تجادل عن صاحبها يوم القيامة، وتستغفر له من الذنوب".
أخرجه جعفر المستغفري في فضائل القرآن (952 و 1006)[باللفظين]. وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (10/ 259)، وأبو الحسن الواحدي في تفسيره الوسيط (4/ 538/ 1418) مطولاً.
قال المستغفري: "هذا حديث منكر من حديث مالك عن يحيى بن سعيد، ما كتبناه إلا من هذا الوجه".
قلت: هو حديث باطل موضوع؛ تفرد به عن مالك بن أنس بهذا الإسناد: إسحاق بن بشر أبو يعقوب الكاهلي الكوفي، وهو: كذاب، في عداد من يضع الحديث [انظر: اللسان (2/ 46)].
• ولا أستبعد أن يكون قد سرقه منه: الهيثم بن خالد الخشاب [واهٍ، يروي الأباطيل. انظر: التكميل في الجرح والتعديل (2/ 43)، التهذيب (4/ 296)، اللسان (8/ 355)]، قال: حدثنا مالك بن أنس، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
…
فذكر نحوه مختصراً.
أخرجه الرامهرمزي في المحدث الفاصل (190)، والخطيب في الرواة عن مالك (8/ 356 - اللسان).
قال محمد بن عبد الله بن نمير بعد هذا الحديث عن الخشاب: "هذا قد كفانا مؤنته فلا تعُد إليه"، قاله لمطين.
قال الخطيب: "يعني: أن رواية مثل هذا الحديث يبين حال راويه؛ لأنه حديث باطل، لا أصل له".
وقال الذهبي: "يعني: لأنه روى الباطل"[الميزان (4/ 322)].
قلت: هو حديث باطل؛ كسابقه.
• وهذا الحديث: إنما يرويه عبد الله بن مسلمة القعنبي، وأبو مصعب الزهري،
وعبد الرحمن بن القاسم، ويحيى بن يحيى الليثي، وقتيبة بن سعيد، وسويد بن سعيد الحدثاني:
عن مالك، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أنه أخبره؛ أن {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} ثلث القرآن، وأن {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} تجادل عن صاحبها.
هكذا مقطوعًا على حميد قوله، وهو الصواب.
أخرجه مالك في الموطأ (559 - رواية يحيى الليثي)(137 - رواية القعنبي)(258 - رواية أبي مصعب)(96 - رواية سويد بن سعيد)، ومن طريقه: النسائي في الكبرى (9/ 258/ 10466)، وجعفر الفريابي في فضائل القرآن (30)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (959). [التحفة (12/ 207/ 18354)، المسند المصنف (40/ 584/ 19458)].
قال ابن عبد البر في التمهيد (7/ 252): "لا يجوز أن يكون مثله رأيًا"، ثم قال:"أدخلنا هذا في كتابنا؛ لأن مثله لا يقال من جهة الرأي، ولا بد أن يكون ثوقيفًا لأن هذا لا يدرك بنظر، وإنما فيه التسليم، مع أنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه".
قلت: قد ثبت معناه من حديث أبي هريرة وابن مسعود وأنس بن مالك.
• وتابع مالكًا على ذلك: معمر بن راشد [ثقة، ثبت في الزهري]، فرواه عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، قال:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} تعدل ثلث القرآن.
أخرجه عبد الرزاق (3/ 371/ 6004). [المسند المصنف (40/ 584/ 19458)].
• ورواه عثمان بن صالح: أنا ابن وهب: أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"إن {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} تجادل عن صاحبها يوم القيامة".
أخرجه أبو الحسن الواحدي في تفسيره الوسيط (4/ 325/ 1219).
قلت: إن كان ثابتًا من حديث ابن وهب عن يونس بن يزيد؛ فقد وهم في رفعه عثمان بن صالح؛ وهو في الأصل صدوق؛ لكن قال أبو زرعة: "لم يكن عندي عثمان ممن يكذب، ولكنه كان يكتب الحديث مع خالد بن نجيح، وكان خالد إذا سمعوا من الشيخ أملى عليهم ما لم يسمعوا، فبلوا به"[راجع ترجمته تحت الحديث السابق قريبًا برقم (1398)، الشاهد التاسع، حديث أنس].
° وقد سئل أبو زرعة عن حديث ابن أخي الزهري، عن عمه ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أمه أم كلثوم بنت عقبة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} ؟ فقال: "تعدل ثلث القرآن"؟
فقال أبو زرعة: "يروي مالك هذا الحديث عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن؛ أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ورواه محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، موقوف"[علل ابن أبي حاتم (4/ 1728/676)].
• قلت: قد وهم جماعة على الزهري في إسناد هذا الحديث:
أ- فقد رواه ابن أخي الزهري [صدوق، من الطبقة الثالثة من أصحاب الزهري]، عن عمه ابن شهاب الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أمه أم كلثوم بنت عقبة، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} تعدل ثلث القرآن".
أخرجه النسائي في الكبرى (9/ 257/ 10464)، والدارمي (3758 - ط البشائر)، وأحمد (6/ 403)، وابن الضريس في فضائل القرآن (242)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (3/ 253/ 1220) [وتحرف فيه: عن أبيه]. وابن أبي حاتم في العلل (4/ 676/ 1728)، وأبو محمد الفاكهي في فوائده عن ابن أبي مسرة (254)، والطبراني في الكبير (25/ 75/ 182)، وفي الأوسط (8/ 256/ 8562)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3548/ 8016 و 8017)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1036)، والحسن بن محمد الخلال في فضائل سورة الإخلاص (8)، وأبو الفضل الرازي في فضائل القرآن (107)، والبيهقي في الشعب (5/ 20/ 2314)، وابن عبد البر في التمهيد (7/ 252 و 253). [التحفة (12/ 207/ 18354)، الإتحاف (10/ 629/ 13519) و (18/ 305/ 23673)، المسند المصنف 40/ 584/ 19458)].
قال ابن حجر في الإتحاف (18/ 305): "رواه علي بن عبد العزيز في منتخب المسند، وقاسم بن أصبغ في مصنفه: عن إسماعيل بن إسحاق، كلاهما عن القعنبي، عن ابن أخي الزهري، عن عمه، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أمه، به".
قال الطبراني وأبو نعيم: "تفرد به ابن أخي الزهري عن عمه".
ب- ورواه ابن إسحاق [صدوق]، قال: حدثني الحارث بن فضيل الأنصاري [ثقة، من السادسة]، عن محمد بن مسلم الزهري، قال: أخبرني حميد بن عبد الرحمن بن عوف؛ أن نفرًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حدثوه؛ أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} لتعدل ثلث القرآن لمن صلى بها".
أخرجه النسائي في الكبرى (9/ 257/ 10465). [التحفة (10/ 550/ 15553)، المسند المصنف (40/ 584/ 19458)].
• وانظر فيمن وهم في إسناده على ابن إسحاق: ما أخرجه جعفر المستغفري في فضائل القرآن (1040).
ج- ورواه إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع [ضعيف]، قال: أخبرني ابن شهاب؛ أن حميد بن عبد الرحمن حدثه؛ أن أبا هريرة كان يقول: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} تعدل ثلث القرآن.
أخرجه الدارمي (3754 - ط البشائر). [الإتحاف (14/ 453/ 17994)، المسند المصنف (40/ 585/ 19458)].
هكذا رواه عنه موقوفًا على أبي هريرة: أبو نعيم الفضل بن دكين [وهو: ثقة ثبت].
• وخالفه: يونس بن بكير [كوفي صدوق، تكلم الناس فيه، صاحب غرائب]، فرواه عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع به مرفوعًا.
أخرجه الطبراني في الأوسط (6/ 74/ 5833).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة؛ إلا إبراهيم بن إسماعيل، ولا عن إبراهيم إلا يونس بن بكير، تفرد به: عبيد بن يعيش، ورواه ابن أخي الزهري، عن الزهري، عن حميد، عن أمه أم كلثوم".
قلت: كل ذلك وهمٌ؛ والصواب: ما رواه مالك ومعمر، عن الزهري، عن حميد قوله، مقطوعًا عليه.
° قال الدارقطني في العلل (10/ 255/ 1994) و (15/ 630/ 4063)، لما سئل عن هذا الحديث: "يرويه الزهري، واختلف عنه؛
فرواه إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، عن الزهري، عن حميد، عن أبي هريرة.
وخالفه ابن أخي الزهري، فرواه عن الزهري، عن حميد، عن أمه، أم كلثوم.
ورواه مالك، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، من قوله.
وقول مالك أشبه بالصواب".
° ولعله يأتي تفصيل الكلام عن طرق حديث الزهري في فضل سورة الصمد، عند الحديث الآتي برقم (1461).
• وقد ثبت نحو ذلك أيضأ مقطوعًا على الزهري قوله:
فقد أخرج البيهقي في الشعب (4/ 547/ 2281)، بإسناد صحيح إلى: محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ: حدثني أبي: حدثني سعيد بن أبي أيوب: حدثني أبو عقيل زُهرة بن معبد [تابعي ثقة، من الطبقة الرابعة]؛ أن ابن شهاب كان يقرأ في صلاة الصبح: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} ، وفي الآخر:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} ، فقلت: أتقرأ هذه السورة الطويلة مع هذه السورة القصيرة؟ قال ابن شهاب: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} ثلثُ القرآن، وإن تبارك تخاصم لصاحبها في القبر.
وهذا مقطوع على الزهري قوله، بإسناد صحيح، ومثله لا يقال من قبل الرأي.
• وقد روي نحو ذلك أيضًا مقطوعًا على خالد بن معدان [أخرجه الدارمي (3732 - ط البشائر)][الإتحاف (18/ 552/ 24170)].
• ومن وجوه الوهم فيه على الزهوي أيضًا:
ما أخرجه جعفر المستغفري في فضائل القرآن (960)، وأبو عثمان البحيري في السادس من فوائده (3)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (6/ 46).
من طريق: خلف بن عبد الحميد: حدثنا الفرات بن السائب، عن الزهري، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن رجلًا ممن قبلكم مات وليس معه شيء من كتاب الله
إلا {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} فلما وضع في حفرته أتاه الملك فثارت السورة في وجهه
…
"، فذكر حديثًا طويلًا منكر المتن، أمارات الوضع عليه لائحة.
قلت: هو حديث باطل موضوع، تفرد به عن الزهري عن أنس: الفرات بن السائب، وهو: متروك، منكر الحديث، قال الإمام أحمد:"قريب من محمد بن زياد الطحان في ميمون، يُتَّهم بما يتهم به ذاك"، قلت: يعني: في الكذب والوضع على ميمون [اللسان (6/ 323)، سؤالات الميموني (353)، التهذيب (3/ 565)].
وخلف بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن أبي الحسناء: قال أحمد: "لا أعرفه "[تاريخ بغداد (8/ 321)، اللسان (3/ 369)].
• وقد رويت في ذلك أيضًا قصة طويلة عن أنس بن مالك، فيها غرابة شديدة [أخرجه جعفر المستغفري في فضائل القرآن (961)] [تفرد بها عن ثابت عن أنس: عباد بن كثير الثقفي البصري، وهو: متروك، قال أحمد:"روى أحاديث كذب، لم يسمعها". التهذيب (2/ 280)] [وقد رويت نحو هذه القصة في المقاطيع؛ فيما أخرجه ابن أبي الدنيا فيمن عاش بعد الموت (38 و 39)][في إسناد الأولى: الحسن بن دينار، وهو: متروك، كذبه جماعة. الميزان (1/ 487)، اللسان (2/ 254)][وفي إسناد الثانية: عصام بن طليق، وهو: منكر الحديث. التهذيب (3/ 99)].
ومما يروى في الموضوعات أيضًا:
ما رواه أحمد بن محمد بن إبراهيم الحازمي [أبو نصر المؤذن البخاري: قال الخطيب: "كان صدوقًا". تاريخ بغداد (6/ 51)، الإكمال (3/ 235)، الثقات لابن قطلوبغا (1/ 467)]: حدثنا أبو نصر أحمد بن سهل بن بشر الكندي [معروف. انظر: الإكمال (3/ 235)، الأنساب (5/ 99)]: حدثنا محمد بن يونس السرخسي [محمد بن يونس بن المنير، أبو عبد الرحمن السرخسي: ذكره ابن حبان في الثقات. الثقات (9/ 148)]: حدثنا أبو جعفر محمد بن القاسم: حدثنا عبد العزيز بن خالد [الترمذي: روى عنه جماعة، وقال أبو حاتم: شيخ. الجرح والتعديل (5/ 380)، علل الدارقطني (9/ 372)، تاريخ الإسلام (4/ 914 - ط الغرب)، التهذيب (2/ 583)]، عن أبي حنيفة [النعمان بن ثابت، الإمام الفقيه، وهو: ضعيف في الحديث]، عن أيوب بن عائذ الطائي [ثقة]، عن محارب بن دثار، عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى العشاء الآخرة، ثم صلى بعدها أربع ركعات لا يفصل بينهن إلا بالتشهد يقرأ إياه"، قال:"فيهن: فاتحة الكتاب، وتنزيل السجدة، والدخان، وتبارك، ويس، كن مثلهن من ليلة القدر، وأجير من عذاب القبر، وشفع في أهل بيته في سبعين ممن قد وجبت له النار، وهذا في كل عام مرة".
أخرجه جعفر المستغفري في فضائل القرآن (964).
قلت: هو حديث باطل موضوع؛ تفرد به محمد بن القاسم بن مجمِّع البلخي الطايكاني، وهو: كذاب، يضع الحديث على مذهب المرجئة [اللسان (7/ 444 و 451)].
والحاصل: فإن حديث عباس الجشمي عن أبي هريرة: حديث حسن، حيث يشهد لثبوته: حديث ابن مسعود، وحديث أنس بن مالك، كما ثبت مقطوعًا على حميد بن عبد الرحمن، وابن شهاب الزهري، ومثله لا يقال من قبل الرأي، والله أعلم.
قلت: ولكون أبي داود قد احتج بحديث أبي هريرة في فضل سورة تبارك: على عدد الآي؛ فإنه يمكن أن يقابل هذا التحديد بثلاثين آية الواقع في حديث أبي هريرة وابن مسعود وأنس:
بما رواه أبو بكر بن عياش، وحماد بن سلمة، وأبو معاوية شيبان بن عبد الرحمن النحوي، وإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، وأبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري [وهم ثقات]، وأبو خالد الدالاني [هو: يزيد بن عبد الرحمن: كوفى، لا بأس به]، وشريك بن عبد الله النخعي [صدوق، سيئ الحفظ]:
عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود، قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة من الثلاثين، من آل حم، قال: يعني: الأحقاف، قال: وكانت السورة إذا كانت أكثر من ثلاثين آية سميت الثلاثين، قال: فرحت إلى المسجد، فإذا رجل يقرؤها على غير ما أقرأني، فقلت: من أقرأك؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فقلت لآخر: اقرأها، فقرأها على غير قراءتي وقراءة صاحبي، فانطلقت بهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إن هذين يخالفاني في القراءة؟ قال: فغضب، وتمعَّر وجهه، وقال:"إنما أهلك من كان قبلكم الاختلاف"، -قال: قال زر: وعنده رجل -قال: فقال الرجل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن يقرأ كل رجل منكم كما أقرئ، فإنما أهلك من كان قبلكم الاختلاف، قال: قال عبد الله: فلا أدري أشيئًا أسره إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو علم ما في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: والرجل هو علي بن أبي طالب صلوات الله عليه. لفظ أبي بكر بن عياش [عند أحمد].
وفي لفظ لحماد [عند أحمد]: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة الأحقاف، وأقرأها رجلاً آخر، فخالفني في آية، فقلت له: من أقرأكها؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيته وهو في نفر، فقلت: يا رسول الله، ألم تقرئني آية كذا وكذا؟ فقال: بلى، قال: قلت: فإن هذا يزعم أنك أقرأتها إياه كذا وكذا؟ فتغير [وفي رواية: فتمعَّر] وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الرجل الذي عنده: ليقرأ كل رجل منكم كما سمع، فإنما هلك من كان قبلكم بالاختلاف، قال: فواللّه، ما أدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بذلك، أم هو قاله؟.
ولفظ شيبان [عند الشاشي]: أتيت المسجد فجلست إلى أناس، وجلسوا إليَّ، فاستقرأت رجلًا منهم سورة، ما هي إلا ثلاثون آية، وهي حم الأحقاف، فإذا هو يقرأ حروفًا لا أقرؤها، فقلت: من أقرأك؟ قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستقرأت الآخر فإذا هو يقرأ حروفًا لا أقرؤها أنا وصاحبي، فقلت: من أقرأك؟ قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلقنا إليه، فأخذت بأيديهما حتى أتيت بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده رجل -يعني: عليًا-
فقلت: يا رسول الله، إنا اختلفنا في قراءتنا، قال: فتغير وجهه حين ذكرت الاختلاف، فقال:"إنما أهلك من كان قبلكم الاختلاف"، فقال علي -فلا أدري أسرَّ إليه ما لم أسمع أو علم الذي في نفسه فتكلم به؟ -: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن يقرأ كل رجل منكم كما عُلِّم.
ولفظ إسرائيل [عند الحاكم]: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة حم، ورحت إلى المسجد عشية، فجلس إلي رهط، فقلت لرجل من الرهط: اقرأ علي، فإذا هو يقرأ حروفًا لا أقرؤها، فقلت له: من أقرأكها؟ قال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلقنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا عنده رجل، فقلت: اختلفنا في قراءتنا، وإذا وجه رسول الله قد تغير، ووجد في نفسه حين ذكرت له الاختلاف، فقال:"انما أهلك من كان قبلكم الاختلاف". ثم أسرَّ إلى علي، فقال علي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن يقرأ كل رجل منكم كما علم، فانطلقنا وكل رجل منا يقرأ حروفًا لا يقرؤها صاحبه.
أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (351)، وابن أبي شيبة في المسند (318)، وأحمد (1/ 419 و 421 و 452)(3981 و 3992 و 3993 و 4322)، وأبو يعلى (1/ 408/ 536) و (8/ 470/ 5057)، وابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 22)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (2/ 105/ 627)، وابن حبان (3/ 22/ 747)(2/ 167/ 1108 - التقاسيم والأنواع)، والآجري في أخلاق أهل القرآن (67 و 68)، وفي الشريعة (146 و 147)، والطبراني في الأوسط (3/ 366/ 3418)، وابن بطة في الإبانة (2/ 617/ 802 و 803)، وابن جميع الصيداوي في معجم شيوخه (162)، والحاكم في المستدرك (2/ 223 - 224 و 224)(3/ 443/ 2921 و 2922 - ط الميمان)(2919 و 2920 - ط دار المنهاج القويم)، وأبو عمرو الداني في الأحرف السبعة (62)، وفي البيان في عد آي القرآن (30 و 31)، والخطيب في المبهمات (3/ 202 و 203)، وأبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام (41)، وعلقه ابن عبد البر في التمهيد (8/ 289). [الإتحاف (10/ 190/ 12553) و (10/ 204/ 12592)، المسند المصنف (19/ 31/ 8730)].
تنبيه: وقع عند ابن حبان وفي بعض نسخ المستدرك: سورة الرحمن، بدل: سورة حم، وهو غلط محض.
• وتابعهم الأعمش، فرواه عن عاصم، عن زر، عن ابن مسعود:
رواه يحيى بن سعيد الأموي [ثقة]، قال: حدثنا الأعمش، عن عاصم، عن زر بن حبيش، قال: قال عبد الله بن مسعود: تمارينا في سورة من القرآن، فقلنا: خمس وثلاثون آية، ست وثلاثون آية، قال: فانطلقنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجدنا عليًا يناجيه، فقلنا: إنا اختلفنا في القراءة، فاحمرَّ وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال علي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تقرؤوا كما علمتم.
وفي رواية:
…
فاحمر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال:"إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم بينهم"، قال: ثم أسرَّ إلى علي شيئًا، فقال لنا علي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تقرؤوا كما علمتم.
أخرجه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند (1/ 105/ 832)، والبزار (2/ 99/ 449)، وابن جرير الطبري في تفسيره (23/ 1)، وابن حبان (3/ 21/ 746)(2/ 166/ 1107 - التقاسيم والأنواع)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (439)، وأبو عمرو الداني في البيان في عد آي القرآن (38)، والضياء في المختارة (2/ 236/ 615) و (2/ 237/ 616 و 617). [الإتحاف (10/ 190/ 12553) و (11/ 517/ 14545)، المسند المصنف (19/ 31/ 8730)].
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه بهذه السياقة".
وقال البزار: "وهذا الحديث قد رواه غير واحد عن عاصم عن زر عن عبد الله بن مسعود. وأعلى من رواه عن عاصم: الأعمش، ولا نعلم رواه عن الأعمش إلا يحيى بن سعيد الأموي".
وقال ابن عبد البر بعد أن ذكره من طريق شيبان: "وكذلك رواه الأعمش وأبو بكر بن عياش وإسرائيل وحماد بن سلمة وأبان العطار عن عاصم بإسناده".
خالف هذا الجمع من أصحاب عاصم بن أبي النجود: همام بن يحيى [بصري، ثقة]، فرواه عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبد الله، قال: سمعت رجلًا يقرأ حم الثلاثين -يعني: الأحقاف- فقرأ حرفًا، وقرأ رجل آخر حرفًا، لم يقرأه صاحبه، وقرأت أحرفًا، فلم يقرأها صاحبي، فانطلقنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرناه، فقال:"لا تختلفوا، فإنما هلك من كان قبلكم باختلافهم"، ثم قال:"انظروا أقرأكم رجلًا، فخذوا بقراءته".
أخرجه أحمد (1/ 401/ 3803). [الإتحاف (10/ 258/ 12699)، المسند المصنف (19/ 34/ 8731)].
قلت: وهذا حديث شاذ؛ وهم همام بن يحيى في إسناده ومتنه، حيث جعله عن أبي واثل، وإنما هو: عن زر بن حبيش، وزاد هذه الجملة في آخره.
° قال الدارقطني في العلل (3/ 71/ 295): "هو حديث يرويه عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن عبد الله.
واختلف عن عاصم:
فرواه سليمان الأعمش، وأبو خالد الدالاني، وشيبان النحوي، وإسرائيل بن يونس، وأبو بكر بن عياش، وسلام أبو المنذر، وحماد بن سلمة، وأبان بن يزيد العطار، وأبو عوانة، وعمرو بن أبي قيس، فاتفقوا: عن عاصم، عن زر، عن عبد الله.
وخالفهم همام بن يحيى، فرواه عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبد الله.
والقول: قول من قال: عن زر، وهو الصواب".
قلت: وعليه: فحديث عاصم عن زر عن ابن مسعود: حديث جيد.
وأصله عند البخاري (2410 و 3476 و 5062)، من حديث النزال بن سبرة عن ابن مسعود مختصرًا، بدون موضع الشاهد.
ولفظه في موضع: سمعت رجلًا قرأ آية، وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ خلافها، فجئت به النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فعرفت في وجهه الكراهية، وقال:"كلاكما محسن، ولا تختلفوا، فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا"[التحفة (6/ 432/ 9591)، الإتحاف (10/ 496/ 13275)، المسند المصنف (19/ 30/ 8729)].
ومعلوم أن سورة الأحقاف عدد آياتها (35) خمس وثلاثون آية، وأيًا كان فإن هذه الأحاديث يستدل بها على أن معرفة عدد الآي إنما يكون بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه لم يكن باجتهاد الصحابة أو القراء بعدهم، والله أعلم.