الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والتعديل (3/ 504)، الثقات (8/ 247)، تاريخ بغداد (9/ 400 - ط الغرب)، تاريخ الإسلام (6/ 79 - ط الغرب)]، قال: حدثنا سعيد بن عثمان [ووقع في الحلية: سعيد بن عمرو الأموي؛ فلم أميزه]، قال: حدثنا عنبسة بن جبير، قال: حدثنا الربيع بن صبيح، عن الحسن، عن أنس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان شهر رمضان قام ونام، وإذا كان أربع وعشرون [وفي رواية: أربعاً وعشرين] لم يذق غمضاً.
أخرجه العقيلي في الضعفاء (3/ 369)(3/ 252/ 1357 - ط التأصيل)، وأبو نعيم في الحلية (6/ 306).
قال العقيلي: "عنبسة بن جبير: عن الربيع بن صبيح، مجهول بالنقل، لا يتابع على حديثه"، ثم أسنده، ثم قال:"وقد روي نحو هذا بخلاف هذا اللفظ بإسناد صالح في اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر".
قلت: هو حديث باطل؛ الربيع بن صبيح: ليس بالقوي [انظر: التهذيب (1/ 593)، الميزان (2/ 41)].
ولا يُعرف هذا من حديث الربيع بن صبيح، ولا من حديث الحسن البصري، ولا من حديث أنس بن مالك.
تفرد به: عنبسة بن جبير، وهو: مجهول، لا يُعرف إلا بهذا الحديث، وهذا الإسناد، فهو حديث باطل، وقد ترجم له الذهبي في الميزان، وقال:"لا يُعرف"، ولم يذكر له ابن حجر في اللسان سوى هذا الحديث [الميزان (3/ 298)، اللسان (6/ 237)].
5 -
مرسل أبي العالية:
روى مسلم بن إبراهيم [الفراهيدي: ثقة مأمون]: حدثنا أبو خلدة [خالد بن دينار البصري الحناط: ثقة]: سمعت أبا العالية [رفيع الرياحي: تابعي ثقة] يحدث؛ أن أعرابياً أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فقال له: متى ليلة القدر؟ فقال: "اطلبوها في أول ليلة، وآخر ليلة، والوتر من الليالي".
أخرجه أبو داود في المراسيل (79). [التحفة (12/ 306/ 18643)].
قلت: وهذا حديث ضعيف؛ لإرساله.
* * *
324 - باب من قال: هي في كل رمضان
1387 -
. . . سعيد بن أبي مريم: حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير: حدثنا موسى بن عقبة، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عمر، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم -وأنا أسمع- عن ليلة القدر، فقال:"هي في كل رمضان".
قال أبو داود: رواه سفيان وشعبة عن أبي إسحاق، موقوفاً على ابن عمر، لم يرفعاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
* الصواب: موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح
أخرجه الطحاوي (3/ 84)، والطبراني في الكبير (13/ 86/ 13724)، وأبو بكر الجصاص في أحكام القرآن (5/ 374)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 226)، والبيهقي (4/ 307)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (15/ 280). [التحفة (5/ 199/ 7065)، الإتحاف (7/ 85/ 7384)، المسند المصنف (14/ 523/ 7103).
رواه عن سعيد بن أبي مريم: حميد بن زنجويه النسائي [ثقة ثبت]، ومحمد بن مسلم بن وارة [ثقة حافظ، إمام كبير. تاريخ بغداد (3/ 256)، السير (13/ 28)]، وإسماعيل بن عبد الله بن مسعود الأصبهاني سمويه [ثقة حافظ. الجرح والتعديل (2/ 182)، طبقات المحدثين بأصبهان (241)، السير (13/ 10)]، ومحمد بن سهل بن عسكر [ثقة]، وفهد بن سليمان بن يحيى أبو محمد الدلال المصري [ثقة. الجرح والتعديل (7/ 89)، تاريخ دمشق (48/ 459)، تاريخ الإسلام (20/ 416)]، وأحمد بن إسحاق بن واضح العسال [وثقه مسلمة بن قاسم. إكمال ابن ماكولا (7/ 36)، الأنساب (4/ 189)، تاريخ الإسلام (6/ 668 - ط الغرب)، الثقات لابن قطلوبغا (1/ 279)]، ومحمد بن حميد الرازي [حافظ ضعيف، كثير المناكير]، وغيرهم.
وهذا الحديث قد أعله أبو داود، ولم يسكت عليه، فقال:"رواه سفيان وشعبة عن أبي إسحاق، موقوفاً على ابن عمر، لم يرفعاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم".
وقال الطحاوي: "أصل هذا الحديث موقوف، كذلك رواه الأثبات عن أبي إسحاق".
وقد قال الحاكم في المعرفة (115): "والمدنيون إذا رووا عن الكوفيين زلقوا"، وموسى بن عقبة: مدني، ولا يُعرف موسى فيمن روى عن أبي إسحاق السبيعي الكوفي قبل تغيره.
• قلت: هكذا رفعه موسى بن عقبة، وهو مدني ثقة، وليس من أصحاب أبي إسحاق الرفعاء، ولا من قدماء أصحابه، وخالفه أصحاب أبي إسحاق فأوقفوه:
فرواه سفيان الثوري، وشعبة [وهما أثبت الناس في أبي إسحاق، وأحفظهم لحديثه، وأقدمهم منه سماعاً]، وأبو الأحوص [سلام بن سليم الكوفي: ثقة متقن، من أصحاب أبي إسحاق المكثرين عنه]، والحسن بن صالح بن حي [كوفي، ثقة متقن]:
عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر، قال: ليلة القدر في كل شهر رمضان. لفظ الثوري.
وفي رواية أبي الأحوص: سألت ابن عمر عن ليلة القدر، فقال: هي في رمضان كله.
أخرجه ابن أبي شيبة (5/ 404/ 8912 - ط الشثري) و (2/ 325/ 9528)(6/ 64/ 9783 - ط الشثري)، وابن جرير الطبري في جامع البيان (24/ 545)، والطحاوي (3/ 84). [المسند المصنف (14/ 523/ 7103)].
قلت: وهذا هو المحفوظ عن أبي إسحاق: موقوفاً على ابن عمر، قوله.
وعليه: فإنه موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح على شرط الشيخين.
قال الدارقطني في العلل (12/ 378/ 2807): "يرويه أبو إسحاق السبيعي، واختلف عنه: فرواه موسى بن عقبة، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وخالفه علي بن صالح؛ رواه عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر، موقوفاً. والموقوف أشبه".
وانظر: بيان الوهم (5/ 455/ 2633)، المجموع للنووي (6/ 465).
* ومما روي في وسائل إدراك ليلة القدر:
أ - روى عمرو بن علي [الفلاس: ثقة حافظ، إمام]: حدثنا عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي [أبو علي: ثقة]: حدثنا فرقد بن الحجاج، قال: سمعت عقبة -وهو: ابن أبي الحسناء اليمامي-، قال: سمعت أبا هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى العشاء الآخرة في جماعة في رمضان؛ فقد أدرك ليلة القدر".
أخرجه ابن خزيمة (3/ 333/ 2195)، ومن طريقه: البيهقي في الشعب (6/ 255/ 3432). [الإتحاف (15/ 414/ 19601)، المسند المصنف (31/ 625/ 14615)].
قلت: هو حديث منكر؛ عقبة بن أبي الحسناء: مجهول، لم يرو عنه سوى فرقد بن الحجاج، وليس بالمشهور أيضًا، قال ابن المديني:"عقبة مجهول"، وسأل ابن أبي حاتم عنه أباه فقال:"شيخ"، وفي سؤالات الكتاني قال:"مجهول"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الدارقطني في المؤتلف:"عقبة بن أبي الحسناء: يحدث عن أبي هريرة بنسخة نحوًا من ثلاثين حديثاً، روى عنه فرقد بن الحجاج عداده في البصريين". وقال الذهبي في التاريخ: "فيه جهالة"، وقال في الميزان:"مجهول"[التاريخ الكبير (6/ 432)، التاريخ وأسماء المحدثين للمقدمي (696)، الجرح والتعديل (6/ 309)، الثقات (5/ 225)، المؤتلف للدارقطني (2/ 797)، إكمال ابن ماكولا (2/ 476)، تاريخ الإسلام (4/ 460 - ط الغرب)، الميزان (3/ 84)، اللسان (5/ 453)، الثقات لابن قطلوبغا (7/ 156)].
قلت: وقد انفرد هنا على جهالته بما لا يتابع عليه، فهو حديث منكر.
وفرقد بن الحجاج: قال أبو حاتم: "شيخ"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"يخطئ"، وقال الذهبي في التاريخ:"ما أعلمٍ به بأساً"، وقال في الميزان:"وأما فرقد: حدث عنه ثلاثة ثقات، وما علمت فيه قدحًا". [التاريخ الكبير (7/ 131)، كنى مسلم (3388)، الجرح والتعديل (7/ 82)، الثقات (7/ 322)، المؤتلف للدارقطني
(4/ 1866 و 2207)، سؤالات السلمي (299)، إكمال ابن ماكولا (7/ 49)، تاريخ الإسلام (4/ 183 - ط الغرب)، الميزان (3/ 84)، اللسان (5/ 453) و (6/ 328)، الثقات لابن قطلوبغا (7/ 503)].
ب - وروى أبو بكر بن داود الزاهد [محمد بن داود بن سليمان النيسابوري: ثقة مأمون. علل الدارقطني (4/ 53/ 424)، فتح الباب (797)، سؤالات السجزي (246)، الإرشاد (3/ 857)، تاريخ بغداد (3/ 171 - ط الغرب)، الأنساب (3/ 124)، تاريخ الإسلام (7/ 785 - ط الغرب)، السير (15/ 420)، الثقات لابن قطلوبغا (8/ 278)]: حدثني محمد بن الفتح السامري [لم أهتد إليه]: حدثنا عباس بن الربيع بن ثعلب [مجهول، قال الخطيب في ترجمته: "العباس بن الربيع بن ثعلب: حدث عن أبيه، روى عنه الطبراني"، قلت: وروى عنه العقيلي أيضًا. تاريخ بغداد (14/ 36 - ط الغرب)، تاريخ الإسلام (6/ 960 - ط الغرب)]: حدثني أبي [ثقة. سؤالات ابن محرز (1/ 91/ 340)، الجرح والتعديل (3/ 456)، الثقات (8/ 240)، تاريخ بغداد (9/ 410 - ط الغرب)، تاريخ الإسلام (5/ 820 - ط الغرب)، الثقات لابن قطلوبغا (4/ 232)]: حدثنا يحيى بن عقبة، عن محمد بن جحادة [ثقة، من الخامسة]، عن أنس بن مالك، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من صلى المغرب والعشاء في جماعة حتى ينقضي شهر رمضان فقد أصاب من ليلة القدر بحظ وافر".
أخرجه البيهقي في الشعب (6/ 256/ 3433)، وفي فضائل الأوقات (116).
قلت: هو حديث منكر باطل؛ تفرد به عن محمد بن جحادة: يحيى بن عقبة بن أبي العيزار، وهو: منكر الحديث، متهم [اللسان (8/ 464)].
ج - وقد روي نحو ذلك عن ابن المسيب قوله، مقطوعًا عليه:
رواه عبدة بن سليمان [ثقة ثبت، أثبت الناس سماعاً في ابن أبي عروبة]، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن ابن المسيب، قال: من صلى المغرب والعشاء في جماعة ليلة القدر، فقد أخذ نصيبه منها.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 252/ 8694)(5/ 409/ 8933 - ط الشثري).
وهذا مقطوع على ابن المسيب بإسناد صحيح.
° وأما فقه أحاديث الباب:
قال مالك في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "التمسوا ليلة القدر في التاسعة والسابعة والخامسة"؛
قال: "أرى -والله أعلم- أنه إنما أراد بالتاسعة من العشر الأواخر: ليلة إحدى وعشرين، والسابعة: ليلة ثلاث وعشرين، والخامسة: ليلة خمس وعشرين"[المدونة (1/ 239)، التمهيد (2/ 202)].
وقال أحمد: "المثبَت عن النبي صلى الله عليه وسلم العشر الأواخر"، يعني: ليلة القدر [مسائل أبي داود (1157)، زاد المسافر (2/ 361/ 1096)].
وقال في رواية حنبل: "ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، وحديث ابن عمر أصحها، والرواية في ليلة القدر صحيحة: أنها في كل سنة في شهر رمضان في العشر الأواخر، واختلف في ذلك: قالوا عن النبي صلى الله عليه وسلم: "في سبع بَقِين"، وقالوا: "في ثلاث بَقِين"، فهي في العشر في وترٍ من الليالي، لا يخطئ ذلك إن شاء الله، كذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "اطلبوها في العشر الأواخر، لثلاث بَقِين، أو سبع بَقِين، أو تسع تَبقَى"، فهي في العشرة الأواخر"[زاد المسافر (2/ 360/ 1095)].
وقد ذهب البخاري إلى أنها غير معلومة، وأنها في الوتر من العشر الأواخر، فقال:"باب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر"، ثم احتج بحديث عائشة وأبي سعيد وابن عباس وعبادة بن الصامت، وكان قد بوب قبله:"باب التماس ليلة القدر في السبع الأواخر"، واحتج فيه بحديث ابن عمر وأبي سعيد.
وأما مسلم فإنه افتتح أحاديث ليلة القدر بحديث ابن عمر في السبع الأواخر، وأخرجه من سبعة طرق، ثم أتبعه بحديث أبي هريرة في العشر الأواخر، ثم حديث أبي سلمة عن أبي سعيد في التماسها في الوتر من العشر الأواخر، وأنها وقعت في تلك السنة في ليلة إحدى وعشرين، وأخرجه من أربعة طرق، ثم حديث أبي نضرة عن أبي سعيد في التماسها في العشر الأواخر في التاسعة والسابعة والخامسة، ثم حديث عبد الله بن أنيس في نفس واقعة أبي سعيد [في ليلة ثلاث وعشرين، والصواب: أنها ليلة إحدى وعشرين]، ثم حديث أبي بن كعب في علامتها، وأن أبياً كان يرى أنها في ليلة سبع وعشرين، ثم حديث أبي حازم عن أبي هريرة في مثل شق جفنة، وهي علامتها في السبع الأواخر.
وقال الترمذي في الجامع (792): "وأكثر الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "التمسوها في العشر الأواخر في كل وتر"، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر: أنها ليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين، وآخر ليلة من رمضان، قال الشافعي: كأن هذا عندي -والله أعلم- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجيب على نحو ما يسأل عنه، يقال له: نلتمسها في ليلة كذا؟ فيقول: "التمسوها في ليلة كذا"، قال الشافعي: وأقوى الروايات عندي فيها ليلة إحدى وعشرين.
وقد روي عن أبي بن كعب؛ أنه كان يحلف أنها ليلة سبع وعشرين، ويقول: أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعلامتها فعددنا وحفظنا، وروي عن أبي قلابة أنه قال: ليلة القدر تنتقل في العشر الأواخر، حدثنا بذلك عبد بن حميد، قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة بهذا".
قلت: أثر أبي قلابة في مصنف عبد الرزاق (4/ 252/ 7699)(4/ 76/ 7835 - ط التأصيل)، وزاد في آخره: في وتر.
ورواه عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، عن أيوب، عن أبي قلابة، قال: ليلة القدر تجول في ليالي العشر كلها.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 326/ 9535)(6/ 66/ 9790 - ط الشثري).
وهذا مقطوع على أبي قلابة قوله بإسناد صحيح.
وقال- ابن خزيمة (3/ 327): "جماع أبواب ذكر الليالي التي كان فيها ليلة القدر في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، والدليل على أن ليلة القدر تنتقل في العشر الأواخر من رمضان في الوتر على ما ثبت".
ثم احتج في ذلك بحديث أبي سعيد على وقوعها ليلة إحدى وعشرين، ثم بحديث عبد الله بن أنيس على ليلة ثلاث وعشرين، ثم بحديث أبي بن كعب على وقوعها في بعض السنين ليلة سبع وعشرين، ثم بحديث معاوية في آخر ليلة.
ثم قال (3/ 329)(3/ 64 - ط التأصيل): "باب ذكر كون ليلة القدر في بعض السنين ليلة سبع وعشرين؛ إذ ليلةُ القدر تنتقل في العشر الأواخر في الوتر على ما ذكرت".
وقال ابن المنذر في الإشراف (3/ 172): "والأحوط أن يتحراها في العشر الأواخر، ويحيي ليالي العشو تحرياً لطلبها لئلا تفوته".
وقال ابن حبان (8/ 443): "ذكر الخبر الدال على أن ليلة القدر تنتقل في العشر الأواخر في كل سنة، دون أن يكون كونها في السنين كلها في ليلة واحدة".
وقال الماوردي في الحاوي (3/ 483): "لا اختلاف بين العلماء أن ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان".
وقال القاضي عبد الوهاب المالكي في الإشراف على نكت مسائل الخلاف (1/ 451): "ليلة القدر في العشر الأواخر، وليس فيها تعيين ثابت؛ خلافًا لمن عين، لقوله صلى الله عليه وسلم: "التمسوها في العشر الأواخر"، وروي: "من كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر"، وهذا ينفي التعيين".
وقال البيهقي في الشعب (6/ 239): "وقد روي عن أبي قلابة؛ أنها تجول في ليالي العشر، يعني: ففي سنة تكون ليلة إحدى وعشرين، وفي سنة أخرى تكون ليلة غيرها، ومن قال هذا؛ قال: فضيلتها الآن بعدما نزل القرآن في نزول الملائكة، ونزول الملائكة بإذن الله تعالى، وقد يختلف في هذه الليالي، فأية ليلة نزلت يضاعف فيها عمل من عمل فيها، وقد ذهب أبي بن كعب إلى أنها ليلة سبع وعشرين"، فأسند خبر أبي ثم قال:"وهذا أيضًا من طريق الاستدلال، وهذه العلامة قد وجدت في غيرها أيضًا، وكان صلى الله عليه وسلم أخبر بها عن الليلة التي رآها فيها".
وقال في فضائل الأوقات (244) عن قول أبي بن كعب: "وكل هذا استدلال وليس بيقين، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلَمها في الابتداء غير أنه لم يكن مأذوناً له في الإخبار بها؛ لئلا يتكلوا على علمها فيحيوها دون سائر الليالي، ثم إنه صلى الله عليه وسلم أُنسيها؛ لئلا يسأل عن شيء من أمر الدين فلا يخبر به، والذي تدل عليه هذه الأخبار وما في معناها وما يؤثر عن السلف رضي الله عنهم في رؤيتها أنها تدور في ليالي العشر، وفي سنة تكون ليلة إحدى وعشرين،
وفي سنة تكون ليلة أخرى؛ لأنها إنما تفضل بعد نزول القرآن فيها بنزول الملائكة، وكان نزول الملائكة بإذن الله لتسليمهم على عباد الله يختلف في هذه الليالي، فأية ليلة نزلت فيها للتسليم تضاعف فيها عمل الخيرات، وبالله التوفيق" [وذكر نحوه في الشعب (6/ 246) نقلًا عن الحليمي].
وقال ابن عبد البر في التمهيد (2/ 204): "في ليلة إحدى وعشرين: حديث أبي سعيد الخدري، وفي ليلة ثلاث وعشرين: حديث عبد الله بن أنيس الجهني، وفي ليلة سبع وعشرين: حديث أبي بن كعب، وحديث معاوية بن أبي سفيان، وهي كلها صحاح".
وقال أيضًا بعد حديث أبي ذر (2/ 214)[وقد سبق أن بينتُ ضعفَه]: "ففي حديث أبي ذر هذا: ما يدل على أنها في رمضان كله، وأنها أحرى أن تكون في العشر، وفي السبع البواقي، وجائز أن تكون في العشر الأول، وقد قال الله عز وجل: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185]، وقال: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)} [القدر: 1]، وهذا يدل على أنه لا يدفع أن تكون في رمضان كله- والله أعلم-؛ لكنها في الوتر من العشر أو السبع البواقي تكون أكثر؛ على ما تدل عليه الآثار"، قلت: والحديث منكر؛ فلا يصلح الاستدلال به على المدَّعى.
وقال في موضع آخر (23/ 63): "وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن ليلة القدر في كل رمضان ليلة إحدى وعشرين، وذهب آخرون إلى أنها ليلة ثلاث وعشرين في كل رمضان، وذهب آخرون إلى أنها ليلة سبع وعشرين في كل رمضان، وذهب آخرون إلى أنها تنتقل في كل وتر من العشر الأواخر، وهذا عندنا هو الصحيح إن شاء الله".
وقال في الاستذكار (3/ 414): "قال مالك والشافعي والثوري وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبو ثور: هي منتقلة في العشر الأواخر من رمضان، ولا يدفعون أن تكون في كل رمضان".
وقال أبو نعيم الحداد في جامع الصحيحين (2/ 203): "الظاهر من الآثار أنها في رمضان، وأنها تتفاوت، فربما وقعت مرةً ليلة إحدى وعشرين"، ثم ساق أحاديث الباب.
وقال ابن العربي في أحكام القرآن (4/ 434): "
…
، ثم أنبأه الله بها، فخرج ليخبر بها فأنسيها لشغله مع المتخاصمين، لكن بقي له من العلم الذي كان أخبر به أنها في العشر الأواخر، ثم أخبر في الصحيح أنها في العشر الأواخر، وتواطأت روايات الصحابة على أنها في العشر الأواخر، كما قال هو صلى الله عليه وسلم، واقتضت رؤياه أنها في العشر الأواخر من طريق أبي سعيد الخدري في ليلة إحدى وعشرين، ومن طريق عبد الله بن أنيس أنها ليلة ثلاث وعشرين، ثم أنبأ عنها بعلامة، وهي طلوع الشمس بيضاء لا شعاع لها،
…
، فوجد ذلك الصحابة ليلة سبع وعشرين،
…
، ثم خص السبع الأواخر من جملة الشهر، فحث على التماسها فيها، ثم وجدناها بالرؤيا الحق ليلة إحدى وعشرين في عام، ثم وجدناها بالرؤيا الصدق في ليلة ثلاث وعشرين في عام، ثم وجدناها بالعلامة الحق ليلة سبع وعشرين؛
فعلمنا أنها تنتقل في الأعوام، لتعم بركتها من العشر الأواخر جميع الأيام، وخبأها عن التعيين ليكون ذلك أبرك على الأمة في القيام في طلبها شهراً أو أيامًا، فيحصل مع ليلة القدر ثواب غيرها، كما خبأ الكبائر في الذنوب، وساعة الجمعة في اليوم حسبما قدمناه".
وقال الفاكهانى في رياض الأفهام (3/ 499): "قال ابن بزيزة: والصحيح -والله أعلم- أن هذه الليلة أخفيت عن الخلق؛ ليجتهدوا في العشر".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (2/ 476): "ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان، هكذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "هي في العشر الأواخر من رمضان، وتكون في الوتر منها".
لكن الوتر يكون باعتبار الماضي، فتطلب ليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، وليلة خمس وعشرين، وليلة سبع وعشرين، وليلة تسع وعشرين.
ويكون باعتبار ما بقي، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لتاسعة تبقى، لسابعة تبقى، لخامسة تبقى، لثالثة تبقى"، فعلى هذا إذا كان الشهر ثلاثين يكون ذلك ليالي الأشفاع، وتكون الاثنين وعشرين تاسعة تبقى، وليلة أربع وعشرين سابعة تبقى، وهكذا فسره أبو سعيد الخدري في الحديث الصحيح، وهكذا أقام النبي صلى الله عليه وسلم في الشهر.
وإن كان الشهر تسعًا وعشرين، كان التاريخ بالباقي، كالتاريخ الماضي.
وإذا كان الأمر هكذا فينبغي أن يتحراها المؤمن في العشر الأواخر جميعه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"تحروها في العشر الأواخر"، وتكون في السبع الأواخر أكثر، وأكثر ما تكون ليلة سبع وعشرين، كما كان أبي بن كعب يحلف أنها ليلة سبع وعشرين، فقيل له: بأي شيء علمت ذلك؟ فقال بالآية التي أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخبرنا أن الشمس تطلع صبيحتها كالطست، لا شعاع لها.
فهذه العلامة التي رواها أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم من أشهر العلامات في الحديث، وقد روي في علاماتها: أنها ليلة بلجة منيرة، وهي ساكنة، لا قوية الحر، ولا قوية البرد، وقد يكشفها الله لبعض الناس في المنام، أو اليقظة، فيرى أنوارها، أو يرى من يقول له هذه ليلة القدر، وقد يفتح على قلبه من المشاهدة ما يتبين به الأمر، والله تعالى أعلم" [مجموع الفتاوى (25/ 284)].
قلت: سبق بيان أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ليلة القدر في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى"، أن ذلك كان في وقائع بعينها كان شهر رمضان فيها ناقصاً، وقد قلت في أثناء البحث عن حديث أبي ذر: وهذا الحديث يؤكد أن الشهر كان ناقصاً في تلك السنة، وأن الليالي التي صلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم فيها: هي ليلة ثلاث وعشرين، وليلة خمس وعشرين، وليلة سبع وعشرين.
وبناء على هذه الأحاديث يمكن تفسير الأحاديث الواردة في الباب، في طلب ليلة القدر في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى، في ثالثة تبقى، يعني على الترتيب
الوارد: في ليلة إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وهكذا، بناء على نقصان الشهر وعدم تمامه، يعني في ليالي الوتر من العشر بحسابها فيما مضى من الشهر، والله أعلم.
وهذا هو نفس ما ذهب إليه مالك في تفسيرها، كما تقدم نقله.
وقد قلت هناك أيضًا: ونحن إذا قلنا بأن النبي صلى الله عليه وسلم عنى بالوتر التاسعة التي تبقى، والسابعة التي تبقى، والخامسة التي تبقى، على الدوام في كل شهر يأتي؛ سواء كان ناقصاً أم تاماً؛ لم يكن له معنى لعموم المكلفين بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لأن عموم المكلفين إذا طلبوها في الأوتار من العشر، فليس لهم سوى سبيل واحد، وهو عد الليالي فيما مضى من الشهر، لا فيما بقي؛ لكون الأخير مما اختص الله بعلمه، من تمام الشهر أو نقصانه، وأما عده فيما مضى فهو ما يمكن المكلف فعله، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.
وقلت أيضًا: أو يكون البناء على ما تيقنوه من الشهر، فالشهر إما أن يكون تاماً ثلاثين يومًا، أو ينقص يوماً فيصبح تسعةً وعشرين، فاليقين هو البناء على الأقل، وهو التسعة والعشرون، وقد قال به ابن رجب في اللطائف.
وقال ابن حجر في الفتح (4/ 266) بعد أن ذكر ما يزيد على ستة وأربعين قولاً في ليلة القدر: "وأرجحها كلها أنها في وتر من العشر الأخير، وأنها تنتقل كما يفهم من أحاديث هذا الباب، وأرجاها أوتار العشر، وأرجى أوتار العشر عند الشافعية ليلة إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين، على ما في حديث أبي سعيد وعبد الله بن أنيس، وأرجاها عند الجمهور ليلة سبع وعشرين، وقد تقدمت أدلة ذلك، قال العلماء: الحكمة في إخفاء ليلة القدر ليحصل الاجتهاد في التماسها بخلاف ما لو عينت لها ليلة لاقتصر عليها كما تفدم نحوه في ساعة الجمعة".
° قلت: ويحسن في خاتمة الباب أن ألخص ما صح مما يعين على بيان الراجح في هذه المسألة، وذلك على ترتيب وروده في البحث:
1 -
فقد ثبت في علامة ليلة القدر من حديث أبي بن كعب: فقلنا له: يا أبا المنذر بأي شيء علمته؟ قال: بالآية أو بالعلامة التي أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخبرنا:"أن الشمس تطلع صبيحة ذلك اليوم ولا شعاع لها".
وقد حلف أُبيٌّ -لا يستثني- أنها لليلة سبع وعشرين، وذلك اجتهاد منه واستدلال رضي الله عنه.
أخرجه مسلم (762/ 220)، وتقدم برقم (1378).
2 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: تذاكرنا ليلة القدر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"أيكم يذكر حين طلع القمر، وهو مِثلُ شِقِّ جَفْنةٍ؟ ".
أخرجه مسلم (1170)، وتقدم تحت الحديث رقم (1378).
قلت: معناه أنه في السبع الأواخر، حيث يكون القمر على هيئة نصف جفنة، مع
اختلاف امتلائها، أو اختلاف جهة النظر إليها، سواء من الأعلى، أو من الجانب، وعندئذ فالحديث ليس نصاً في ليلة السابعة والعشرين، أو الثالثة والعشرين، والله أعلم.
ومراد النبي صلى الله عليه وسلم -والله أعلم- أن ذلك كان في سنة بعينها، أو أنه أراد منهم الاجتهاد في طلبها في السبع الأواخر، والتي يكون فيها القمر بهذه الصفة، على اختلافه في الزيادة والنقصان.
3 -
حديث عبد الله بن أنيس الجهني، قال: قلت: يا رسول الله، إن لي باديةً أكون فيها، وأنا أصلي فيها بحمد الله، فمُرني بليلةٍ أنزلها إلى هذا المسجد، فقال:"انزل ليلةَ ثلاثٍ وعشرين".
وهو حديث حسن، تقدم برقم (1380).
4 -
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كم مضى من الشهر؟ "، قال: قلنا: مضت ثنتان وعشرون، وبقي ثمان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا، بل مضت منه ثنتان وعشرون، وبقي سبع، اطلبوها الليلة".
وهو حديث صحيح على شرط الشيخين. وتقدم تحت الحديث رقم (1380).
وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بطلبها ليلة ثلاث وعشرين مما قد مضى من الشهر، وكانت ليلة سابعة مما تبقى، وبهذا ترجم ابن خزيمة في صحيحه.
5 -
أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، ليلة القدر في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى".
أخرجه البخاري (2021)، وتقدم برقم (1381).
وظاهره: الحث على التماس ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، وأنها أرجى ما تكون في ليلة إحدى وعشرين، أو في ليلة ثلاث وعشرين، أو في ليلة خمس وعشرين.
6 -
عبد الواحد بن زياد: حدثنا عاصم الأحول، عن أبي مجلز، وعكرمة، قال: ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هي في العشر الأواخر، هي في سبع يمضِين، أو في سبع يبقَين"، يعني ليلة القدر.
أخرجه البخاري (2022)، وتقدم تحت الحديث رقم (1381).
يعني: أن ليلة القدر تلتمس في العشر الأواخر، وهي أرجى في سابعة تمضي، وهي ليلة سبع وعشرين، أو في سابعة تبقى، وهي ليلة ثلاث وعشرين.
7 -
أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: أُتيت وأنا نائم في رمضان، فقيل لي: إن الليلة ليلة القدر، قال: فقمت وأنا ناعسٌ، فتعلقت ببعض أطناب فسطاط رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فنظرت في الليلة، فإذا هي ليلة ثلاث وعشرين.
وهو حديث صحيح من فعل النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه كان يصلي ليلة ثلاث وعشرين، والتي رأى ابن عباس في منامه أنها ليلة القدر. وتقدم تحت الحديث رقم (1381).
8 -
حديث عمر بن الخطاب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان منكم ملتمساً ليلة القدر، فليلتمسها في العشر الأواخر وتراً".
وفي رواية: "التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان وتراً".
وهو حديث جيد، وتقدم تحت الحديث رقم (1381).
9 -
عن معاذ بن هشام: حدثني أبي، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! إني شيخٌ كبيرٌ عليلٌ، يشقُّ علىَّ القيام، فمرني بليلة لعل الله يوفقني فيها لليلة القدر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"عليك بالسابعة".
وهو حديث صحيح غريب، ويحمل على معنى ما رواه أيوب عن عكرمة، وموضع الشاهد منه:"في سابعة تبقى"، وهي ليلة ثلاث وعشرين، وعلى ما رواه عاصم الأحول عن أبي مجلز وعكرمة، وموضع الشاهد منه:"في سبع يبقين"، وهي ليلة ثلاث وعشرين، أو:"في سبع يمضِين"، وهي ليلة سبع وعشرين. وتقدم تحت الحديث رقم (1381).
10 -
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وقد رأيت هذه الليلة ثم أُنسيتُها، وقد رأيتني أسجد صبيحتها في ماءٍ وطين، فالتمسوها في العشر الأواخر، والتمسوها في كل وتر". فكانت هذه الليلة ليلة إحدى وعشرين.
أخرجه البخاري (2018 و 2027)، ومسلم (1167/ 213 و 214)، وتقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (9/ 539/ 895)، وهنا برقم (1382).
11 -
عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، والتمسوها في التاسعة، والسابعة، والخامسة".
أخرجه مسلم (1167/ 217)، وتقدم برقم (1383).
وقد بينت في الموضع المشار إليه المراد من الحديث: أن طلب ليلة القدر في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى، يكون على الترتيب الوارد: فى ليلة إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وخمس وعشرين.
12 -
هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تحرَّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان".
أخرجه البخاري (2019 و 2020)، ومسلم (1169 و 1172)، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1376).
13 -
أبو سهيل نافع بن مالك، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان".
أخرجه البخاري في الصحيح (2017)، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1383).
14 -
حميد: حدثنا أنس، عن عبادة بن الصامت، قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين، فقال: "خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان
وفلان، فرُفِعت، وعسى أن يكون خيرًا لكم، فالتمسوها في العشر الأواخر؛ في التاسعة، والسابعة، والخامسة".
أخرجه البخاري (49 و 2023 و 6049)، وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1372).
15 -
حماد بن سلمة: أخبرنا ثابت البناني، وحميد، عن أنس بن مالك، عن عبادة بن الصامت؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ذات ليلة على أصحابه وهو يريد أن يخبرهم بليلة القدر،
…
فذكر الحديث؛ إلا أنه قال: "فاطلبوها في العشر الأواخر، في تاسعة، أو سابعة، أو خامسة".
وهو حديث صحيح. تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1383).
16 -
ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أُريت ليلة القدر، ثم أيقظني بعض أهلي، فاُنسيتُها فالتمسوها في العشر الغوابر".
أخرجه مسلم (1166)، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1383).
17 -
عاصم بن كليب، عن أبيه، عن خاله الفلتان بن عاصم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني رأيت ليلة القدر فأُنسيتُها، فاطلبوها في العشر الأواخر وتراً".
وهو حديث جيد، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1383).
18 -
عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن، قال: حدثني أبي، قال: ذكرت ليلة القدر عند أبي بكرة، فقال: ما أنا ملتمسها لشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في العشر الأواخر، فإني سمعته يقول:"التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، في تسع يبقَين، أو في سبع يبقَين، أو في خمس يبقَين، أو في ثلاثٍ يبقين، أو في آخر ليلة".
وفي رواية: "التمسوها في العشر الأواخر، في الوتر منه".
وهو حديث صحيح، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1383).
19 -
مالك، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تحرَّوا ليلةَ القدر في السبع الأواخر".
أخرجه مسلم (1165/ 206)، تقدم تخريجه برقم (1385).
20 -
نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أُروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحرِّيها فليتحرَّها في السبع الأواخر".
أخرجه البخاري (2015)، ومسلم (1165/ 205)، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1385).
21 -
عقيل بن خالد، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، عن ابن عمر رضي الله عنه: أن أناساً أُروا ليلة القدر في السبع الأواخر، وأن أناساً أُروا أنها في العشر الأواخر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"التمسوها في السبع الأواخر".
أخرجه البخاري (6991)، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1385)، وراجع بقية طرقه عن ابن شهاب في الموضع المذكور.
22 -
حنظلة بن أبي سفيان؛ أنه سمع سالم بن عبد الله بن عمر، يقول: سمعت أبي، يقول: جاوز أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم السبع الأوسط من رمضان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"من كان منكم متحرياً فليتحرَّها في السبع الأواخر".
وهو حديث صحيح، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1385).
23 -
شعبة، عن عقبة بن حريث، قال: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التمسوها في العشر الأواخر- يعني: ليلة القدر- فإن ضعُف أحدُكم أو عجَز فلا يُغلَبنَّ على السبع البواقي".
أخرجه مسلم (1165/ 209)، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1385).
24 -
شعبة، عن جبلة، قال: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما، يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال:"من كان ملتمسها فليلتمسها في العشر الأواخر".
أخرجه مسلم (1165/ 210)، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1385).
25 -
الشيباني، عن جبلة بن سحيم، ومحارب بن دثار، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تحينوا ليلة القدر في العشر الأواخر" أو قال: "في السبع الأواخر".
أخرجه مسلم (1165/ 211)، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1385).
26 -
بقية بن الوليد: حدثني بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن أبي بحرية، عن معاذ بن جبل؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ليلة القدر، فقال:"هي في العشر الأواخر، في السابعة، أو في الخامسة، أو في الثالثة".
وإسناده شامي صحيح؛ تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1386).
• وقد طلبها النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه في ثلاث ليال من الوتر، حين جمع الناس وقام بهم في المسجد ليلة ثلاث وعشرين، وليلة خمس وعشرين، وليلة سبع وعشرين:
27 -
فقد روى داود بن أبي هند، عن الوليد بن عبد الرحمن، عن جبير بن نفير، عن أبي ذر، قال: صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان، فلم يقم بنا شيئًا من الشهر، حتى بقي سبعٌ، فقام بنا حتى ذهب ثلثُ الليل، فلما كانت السادسة لم يقم بنا، فلما كانت الخامسةُ قام بنا حتى ذهب شطرُ الليل، فقلت: يا رسول الله، لو نفَّلتنا قيامَ هذه الليلة، قال: فقال: "إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حُسِبَ له قيامُ ليلة"، قال: فلما كانت الرابعةُ لم يقم، فلما كانت الثالثةُ جمع أهلَه ونساءَه والناسَ، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاحُ، قال: قلت: وما الفلاح؟ قال: السحور، ثم لم يقُم بنا بقيةَ الشهر.
وفي رواية: صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان فلم يقم بنا شيئًا من الشهر حتى بقي سبعٌ [ليال]، فقام بنا حتى ذهب نحو من ثلث الليل، ثم لم يقم بنا الليلة الرابعة، وقام بنا الليلة التي تليها [ليلة الخامسة] حتى ذهب نحو من شطر الليل، قال: فقلنا: يا رسول الله!
لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه؟ فقال: "إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف حسب له بقية ليلته"، ثم لم يقم بنا [ليلة] السادسة، وقام بنا [ليلة] السابعة، وقال: وبعث إلى أهله [ونسائه]، واجتمع الناس، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، قال: قلت: وما الفلاح؟ قال: السحور.
وهو حديث صحيح، تقدم برقم (1375)، وانظر طرقه وألفاظه هناك.
28 -
وله شاهد من حديث النعمان بن بشير:
رواه زيد بن الحباب، وعبد الله بن وهب، وعبد الله بن صالح: عن معاوية بن صالح، قال: حدثني نعيم بن زياد أبو طلحة [الأنماري]، قال: سمعت النعمان بن بشير على منبر حمص، يقول: قمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان ليلةَ ثلاثٍ وعشرين إلى ثلث الليل الأول، ثم قمنا معه ليلةَ خمسٍ وعشرين إلى نصف الليل، ثم قمنا معه ليلةَ سبعٍ وعشرين حتى ظننا أن لا ندرك الفلاح، وكانوا يسمونه السحور.
وهو حديث جيد، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1375).
• قلت: قد دلت أحاديث الباب بمجموعها على انحصار ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، ومن أقوى الأدلة على عدم خروجها من العشر الأواخر: حديث أبي سعيد الخدري المتفق عليه، ففي رواية همام بن يحيى [عند البخاري (813)]: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر الأول من رمضان واعتكفنا معه، فأتاه جبريل، فقال:"إن الذي تطلُبُ أمامَك"، فاعتكف العشر الأوسط، فاعتكفنا معه، فأتاه جبريل فقال:"إن الذي تطلُبُ أمامَك"، فقام النبي صلى الله عليه وسلم خطيبًا صبيحة عشرين من رمضان، فقال:"من كان اعتكف مع النبي صلى الله عليه وسلم فليرجع، فإني أُريتُ ليلة القدر، وإني نُسِّيتُها، وإنها في العشر الأواخر، في وترٍ"
…
الحديث.
ثم جاءت الأحاديث الأخرى التي تقيد هذه العشر وتخصص ليالي الوتر منها، مثل: حديث أبي سعيد الخدري: "فالتمسوها في العشر الأواخر، والتمسوها في كل وتر"[البخاري (2018 و 2027)، ومسلم (1167/ 213 و 214)، وتقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (9/ 539/ 895)، وتقدم أيضًا برقم (1382)].
ومثل حديث عائشة: "تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان"[البخاري (2017)، وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1383)].
ومثل حديث أبي بكرة: "التمسوها في العشر الأواخر، في الوتر منه"[وهو حديث صحيح، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1383)].
ومثل حديث عمر: "من كان منكم ملتمسًا ليلة القدر، فليلتمسها في العشر الأواخر وتراً؛ من رمضان"[وهو حديث جيد، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1381)].
ومثل حديث الفلتان بن عاصم: "إني رأيت ليلة القدر فأُنسيتُها، فاطلبوها في العشر الأواخر وترًا"[وهو حديث جيد، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1383)].
• وفي معرض الرد على من قال فيها بقول أبي بن كعب، وأنها على الدوام تكون ليلة سبع وعشرين:
فيقال: أولاً: الوقائع النبوية تبين وقوعها في غير تلك الليلة، فقد وقعت في إحدى وعشرين، كما في حديث أبي سعيد، وقد وقعت أيضًا في ثلاث وعشرين، لأمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أنيس بالنزول فيها لإدراك ليلة القدر، وقد أمر الصحابة بطلبها في ليلة ثلاث وعشرين، كما في حديث أبي هريرة، وقد رأى ابن عباس في المنام أنها كانت في ليلة ثلاث وعشرين.
ثانيًا: جاءت أحاديث بالأمر بالتماس ليلة القدر في ليالٍ بعينها، وليس منها ليلة سبع وعشرين:
مثل حديث ابن عباس: "التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، ليلة القدر في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى"[البخاري (2021)، وتقدم تخريجه برقم (1381)].
ومثل حديث أبي سعيد الخدري: "التمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة"[مسلم (1167/ 217)، وتقدم تخريجه برقم (1383)].
ومثل حديث عبادة بن الصامت، "خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان، فرُفِعت، وعسى أن يكون خيرًا لكم، فالتمسوها في العشر الأواخر؛ في التاسعة، والسابعة، والخامسة"[البخاري (49 و 2023 و 6049)، وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1372)].
وسبق تفسير هذه الليالي بأنَّها: إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، فلم يأمر بالتماسها في تلك الوقائع في ليلة سبع وعشرين.
ثالثاً: أن ذلك إنما كان مجرد استدلال واجتهاد من أبي بن كعب، ولا يلزم الأمة مثل هذا الاستدلال مع وجود المعارض القوي الذي سبق ذكره.
رابعاً: في قصة جمع عمر للصحابة رضي الله عنهم لسؤالهم عن ليلة القدر، ما يدل على عدم اتفاقهم على كونها في سبع وعشرين، ففي رواية: فقال بعضهم: ليلة إحدى، وقال بعضهم: ليلة ثلاث، وقال آخر: خمس، وفي رواية: فقال رجل: تاسعة سابعة خامسة ثالثة، وفي أخرى: فأجمعوا أنها في العشر الأواخر، فقال ابن عباس: سابعة تمضي، أو سابعة تبقى من العشر الأواخر، يعني: أنها في الثالثة والعشرين أو السابعة والعشرين، وفي هذا دليل من أكابر الصحابة الذين جمعهم عمر على تنقلها في الوتر من أيام العشر على مدار الأعوام، والشاهد أنه دليل على كونها لم تكن ثابتة في ليلة بعينها، والله أعلم.
ونختم بقول القاضي عبد الوهاب المالكي في الإشراف على نكت مسائل الخلاف (1/ 451): "ليلة القدر في العشر الأواخر، وليس فيها تعيين ثابت؛ خلافاً لمن عين، لقوله صلى الله عليه وسلم: "التمسوها في العشر الأواخر"، وروي: "من كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر"، وهذا ينفي التعيين".
وانظر أيضًا: القبس شرح الموطأ (2/ 534)، المسالك شرح الموطأ (4/ 265)، رياض الأفهام (3/ 495)، التوضيح لابن الملقن (13/ 590)، الفتح لابن حجر (4/ 262).