الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُزْجَاةً يُعَوِّلُ أَكْثَرُهُمْ عَلَى أَحَادِيثَ لَا تَصِحُّ وَيُعْرِضُ عَنِ الصِّحَاحِ وَيُقَلِّدُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِيمَا يَنْقُلُ ثُمَّ قَدِ انْقَسَمَ الْمُتَأَخِّرُونَ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ قَوْمٌ غَلَبَ عَلَيْهِم الكسل وَرَأَوا أَن فِي الْبَحْث تعبا وكلفة فتَعَجَّلُوا الرَّاحَةَ وَاقْتَنَعُوا بِمَا سَطَرَهُ غَيْرُهُمُ
وَالْقِسْمُ الثَّانِي قَوْمٌ لَمْ يَهْتَدُوا إِلَى أَمْكِنَةِ الْحَدِيثِ وَعَلِمُوا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ سُؤَالِ مَنْ يَعْلَمُ هَذَا فَاسْتَنْكَفُوا عَنْ ذَلِكَ
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ قَوْمٌ مَقْصُودُهُمُ التَّوَسُّعُ فِي الْكَلَامِ طَلَبًا لِلتَّقَدُّمِ وَالرِّئَاسَةِ وَاشْتِغَالِهِمُ بِالْجَدَلِ وَالْقِيَاسِ وَلَا الْتِفَاتٌ لَهُمْ إِلَى الْحَدِيثِ لَا إِلَى تَصْحِيحِهِ وَلَا إِلَى الطَّعْنِ فِيهِ وَلَيْسَ هَذَا شَأْنُ مَنِ اسْتَظْهَرَ لِدِينِهِ وَطَلَبَ الْوَثِيقَةَ مِنْ أَمْرِهِ
وَلَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ الْأَكَابِرِ من الْفُقَهَاء وَيَقُول فِي تَصْنِيفِهِ عَنْ أَلْفَاظٍ قَدْ أُخْرِجَتْ فِي الصِّحَاحِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ وَيَرُدُّ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ وَيَقُولُ هَذَا لَا يعرف وإِنَّمَا هُوَ لَا يَعْرِفُهُ ثُمَّ رَأَيْتُهُ قَدِ اسْتَدَلَّ بِحَدِيثٍ زَعَمَ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَخْرَجَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ثُمَّ نَقَلَهُ عَنْهُ مُصَنِّفٌ آخَرُ كَمَا قَالَ تَقْلِيدًا لَهُ ثُمَّ اسْتَدَلَّ فِي مَسْأَلَةٍ فَقَالَ دَلِيلُنَا مَا رَوَى بَعْضُهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ كَذَا ورَأَيْت جُمْهُورَ مَشَايِخِنَا يَقُولُونَ فِي تَصَانِيفِهِمْ دَلِيلُنَا مَا رَوَى أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ودَلِيلُنَا مَا رَوَى أَبُو بَكْرٍ عبد الْعَزِيز بِإِسْنَادِهِ ودليلنا مَا رَوَى ابْنُ بَطَّةَ بِإِسْنَادِهِ وجُمْهُور تِلْكَ الْأَحَادِيثِ فِي الصِّحَاحِ وَفِي الْمُسْنَدِ وَفِي السّنَن غير أَنَّ السَّبَبَ فِي اقْتِنَاعِهِمْ بِهَذَا التَّكَاسُلِ عَن الْبَحْث
والْعجب مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ شُغُلٌ سِوَى مَسَائِلِ الْخِلَافِ ثُمَّ قَدِ اقْتَصَرَ مِنْهَا فِي الْمُنَاظَرَةِ عَلَى خَمْسِينَ مَسْأَلَةً وَجُمْهُورُ هَذِهِ الْخَمْسِينَ لَا يَسْتَدِلُّ فِيهَا بِحَدِيثٍ فَمَا قَدْرُ الْبَاقِي حَتَّى يَتَكَاسَلَ عَنِ الْمُبَالَغَةِ فِي مَعْرِفَتِهِ
-
فَصْلٌ وَأَلْوَمُ عِنْدِي مِمَّنْ قَدْ لُمْتُهُ مِنَ الْفُقَهَاءِ
جَمَاعَةٌ مِنْ كِبَارِ الْمُحَدِّثِينَ عَرَفُوا صَحِيحَ النَّقْلِ وَسَقِيمَهُ وَصَنَّفُوا فِي ذَلِكَ فَإِذَا جَاءَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ يُخَالِفُ مَذْهَبَهُمْ بَيَّنُوا وَجْهَ الطَّعْنِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِمَذْهَبِهِمْ سَكَتُوا عَنِ الطَّعْنِ فِيهِ وَهَذَا ينبيء عَنْ قِلَّةِ دِينٍ وَغَلَبَةِ هَوًى أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ عَبْدِ الْخَالِقِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ بِشْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ الدَّارَقُطْنِيِّ قَالَ حَدثنَا أَحْمد ابْن مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّكُونِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي قَالَ
سَمِعْتُ وَكِيعًا يَقُولُ أَهْلُ الْعِلْمِ يَكْتُبُونَ مَا لَهُم ومَا عَلَيْهِم وأهل الْأَهْوَاءِ لَا يَكْتُبُونَ إِلَّا مَا لَهُمْ
وَهَذَا حِينَ شُرُوعِنَا فِيمَا انْتُدِبْنَا لَهُ مِنْ ذِكْرِ الْأَحَادِيثِ معرضين عَن الْعصبَة الَّتِي نَعْتَقِدُهَا فِي مِثْلِ هَذَا حَرَامًا وَلَوْ ذَكَرْنَا كُلَّ حَدِيثٍ بِجَمِيعِ طُرُقِهِ وَأَشْبَعْنَا الْكَلَامَ فِيهَا لَطَالَ وَمَلَّ وَإِنَّمَا هَذَا مَوْضُوعٌ لِلْفُقَهَاءِ وَغَرَضَهُمْ يَحْصُلُ مَعَ الِاخْتِصَارِ وَلِلْمُحَدِّثِينَ فِيهِ يَدٌ بِقَلِيلٍ مِنَ الْبَسْطِ والْأَسَانِيد وَالله الْمُوفق