الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشكل السادس: ترويع غير الآمن بأمان الدين أو الدار لتحقيق غرض غير شرعيٍّ
وأما هذا النوع من الإرهاب فيراد به الترويع الحسيُّ أو المعنويُّ المقصود لغير الآمن بأمان الدين والدار لا لتحقيق هدفٍ مشروعٍ، ولكنَّه لتحقيق مكاسب دنيويَّة دنيئةٍ ظلمًا وجورًا، كسفك دمائهم تشفيًا وهتك أعراضهم تشهيًا، وإبادة أموالهم شماتةً وغير ذلك.
وأما حكم هذا الإرهاب فإنَّه حرام في نظر الإسلام لما فيه من اعتداءٍ على الكرامة الإنسانيَّة دون وجه حقٍّ، ودون رغبة في تحقيق مقصدٍ شرعيٍّ معتبرٍ. ولا يشفع لهذا الإرهاب كون المرهب غير آمنٍ بأمان الدين أو الدار، وإنَّما هدفه يجعل منه إرهابًا غير مشروعٍ لا يقرُّه الشرع لما فيه من العيث في الأرض فسادًا وهلك الحرث والنسل اعتباطًا. وعليه، فالشرع الكريم يحرِّم هذا النوع من الإرهاب لما فيه من إساءةٍ إلى أكرم مخلوقات الله دون تفويض منه جل جلاله.
على أنَّ العقوبة الشرعيَّة التي يستحقُّها من تورط في هذا النوع من الإرهاب متروك لتقدير الحاكم ما يراه مناسبًا من التعزير.
هذه هي أحكام الشرع في أشكال الإرهاب الستَّة، ومن الجليِّ فيها أنَّ حكم الإرهاب يتحدد من خلال موقع المرهب وغاية الإرهابي، مما يعني أنَّ حكم كلِّ واحدٍ من هذه الأشكال الستَّة يتأثر بالأمرين المذكورين تأثرًا بالغًا. ولهذا، فإنَّه ينبغي التنبه لهذا الأمر عند الهمِّ بتحديد الحكم الشرعيِّ المناسب للمسألة الإرهابيَّة في أشكالها المذكورة.
إنَّ عدم تفريق معظم الباحثين بين هذه الأشكال من الإرهاب، كان ولا يزال سببًا أساسيًّا لنشأة الفتاوى المتناقضة والمتضاربة التي أرهقت ولا تزال ترهق المسلم العادي المعاصر في المسألة الإرهابيَّة، كما أنَّ عدم التفريق كان ولا يزال وراء ظاهرة التعميم في الفتاوى المتعلقة بهذه الظاهرة، والتعميم لا يمكن الاستناد عليه في ضبط الأحكام التفصيليَّة للأشياء، وخاصَّة إذا كان الشيء في غموضه وعدم وضوحه بمنزلة مصطلح الإرهاب.
ونخلص إلى تقرير القول: بأنّ الإرهاب حرام بجميع أشكاله على الأفراد والجماعات، فلا يجوز لأي فردٍ أو جماعة أنى كانت أهدافها وغاياتها ترويع الآمنين استنادًا إلى تأويل جائر وغير سائغ لبعض نصوص الكتاب والسنة النبوية الطاهرة، وما ذلك إلا لأن إزهاق الأرواح وإتلاف الأموال وهتك الأعراض تعد من كبائر الذنوب والآثام، وقد تضافرت نصوص الكتاب والسنة على تحريم المساس بهذه الكليات، كما تواترت النصوص التي تأمر بإنزال أقسى أنواع العقوبة على كل من يعتدي على هذه الكليات.
وبطبيعة الحال، لا يتعارض هذا القول مع النص القرآني الذي أسيء فهمه كل الإساءة، أعني آية الأنفال الداعية إلى إعداد القوة لإرهاب العدو، فهذه الآية - كما بينا سابقًا - موجهة إلى أولياء الأمور، وليست إلى الأفراد والجماعات، ذلك لأنه من المعلوم عند المحققين من أهل العلم بأن تجهيز الجيوش وإعدادها من مسؤولية الإمام ومن وظائفه الأساسية، وبالتالي، لا يجوز لأحد أن يزاحمه في هذه الوظيفة دون تفويض أو إذن منه. فأي مزاحمة له تعد افتئاتا عليه، ومن حقه بل من واجبه تعزير من اعتدى على حقه بالعقوبة التي يراها مناسبة حفاظا لنظام الأمة، وحماية للبيضة، وحيلولة دون الفوضى والتناحر في المجتمع.
حكم الإرهاب بأشكاله الستَّة:
شكل الإرهاب وعلاقته بالأمان الغاية من الإرهاب حكمه عقوبته الشرعيَّة
ترويع الآمن بأمان الدين أو الدار غرض شرعيّ مقطوع به حرام حرابة
ترويع الآمن بأمان الدين أو الدار غرض شرعيّ مظنون فيه حرام حرابة
ترويع الآمن بأمان الدين أو الدار غرض غير شرعيٍّ حرام حرابة
شكل الإرهاب وعلاقته بالأمان الغاية من الإرهاب حكمه عقوبته الشرعيَّة
ترويع غير الآمن بأمان الدين أو الدار غرض شرعيّ مقطوع به واجبٌ على الإمام لا عقوبة
ترويع غير الآمن بأمان الدين أو الدار غرض شرعيّ مظنون فيه حرام تعزير
ترويع غير الآمن بأمان الدين أو الدار غرض غير شرعيٍّ حرام تعزير
وبهذا يتبيَّن لنا حكم الإرهاب بأشكاله الستَّة بصورة علميَّة واضحةٍ، ولننتقل إلى التعرف على موقع الأحداث الأخيرة في العالم وخاصة في بعض الدول كالسعودية والمغرب والولايات المتحدة وإسرائيل، وذلك لنرى مدى انطباقها عليها بصورةٍ علميَّة بعيدةٍ عن الحماسة والعاطفة.