الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشكل الثالث: إرهاب الآمن بأمان الدين أو الدار لتحقيق غرضٍ غير شرعيٍّ
نقصد بهذا النوع من الإرهاب الترويع الحسيُّ أو المعنويُّ المقصود للآمن بأمان الدين أو الدار (=المسلم، والمعاهد في دار الإسلام أو في دار العهد) من أجل تحقيق غرضٍ غير شرعيٍّ مطلقًا، كأن يكون الغرض سفك الدماء وانتهاك الأعراض، وإبادة الأموال، وغير ذلك من ضروب السعي في الأرض فسادًا.
وأما حكم هذا النوع من الإرهاب، فإنَّه التحريم القطعيُّ، وهو أشد تحريمًا من الشكلين اللذين قبله، ذلك لأنَّ المرهب (المسلم أو المعاهد في دار الإسلام أو في دار العهد) ليس بمحلِّ إرهابٍ، بل يعد آمنًا بأمان الدين (الإسلام) أو بأمان الدار (دار إسلام أو دار عهد) التي ليست محلًا للتخويف والترويع، كما أنَّ غرض المروِّع غير شرعي وإنما يسعى إلى تحقيق مكاسب دنيويَّة آنية عاجلة دنيئة. وهذا النوع من الإرهاب قديم وهو المراد بمصطلح الحرابة عند الفقهاء الأقدمين، ولا شك في تحريمه وجعل المتورط فيه من المحاربين الذين أوجب الله قتلهم، وصلبهم، وقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف في سورة المائدة:{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 33] .
ويعد هذا الإرهاب من البغي والإثم الذي حرّمه الله ونهى عنه في قوله: {إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [الأعراف: 33]، وقوله:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ} [النحل:90] .
على أنَّ العقوبة التي تجب في هذا النوع من الإرهاب حدَّدها الشارع في آية المائدة السابقة وذلك في أربعة أنواع، وهي القتل، والصلب، وقطع الأيدي والأرجل من خلافٍ، والنفي في الأرض، ونرى أن الإمام مخيّر بين هذه العقوبات الرادعة الزاجرة وذلك حسب ما يراه من مصلحة وتدبير.