الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث في الإرهاب وعلاقته بالأحداث الأخيرة في العالم (السعودية والمغرب وأمريكا)
بادئًا بذي بدءٍ حريٌّ بنا تحرير القول في مواقع هذه الدول في التقسيم الفقهيِّ التقليديِّ للدار، ثم تحديد مواقعها ومواقع المقيمين فيها في منظومة الأمان في الحسِّ الفقهيِّ، فضلًا عن تبسيط القول في علاقة تلك الأحداث بالإرهاب وفق ما أوردناه من تصورٍ.
إنَّنا نعتقد أنَّ تأصيل القول في هذه النقاط المذكورة سيقودنا إلى تحديد الحكم الشرعيِّ المناسب بصورةٍ علميَّةٍ منهجيَّةٍ منضبطةٍ، كما أنَّ ذلك سيكون لنا عونًا على تجاوز الفتاوى المجرِّمة أو المباركة التي أصدرها خلق كثيرٌ في هذه الأحداث دون التفات إلى هذه التحقيقات المنهجيَّة الضروريَّة في المنظور الإسلاميِّ المنضبط والمتزن. فهلمَّ إلى كشف اللثام عن هذه النقاط الأساسية:
أولًا: موقع الدول المذكورة في منظومة التقسيم الفقهيِّ التقليديِّ للدار
لئن قسَّم الفقهاء الدار من حيث الأمان إلى دار إسلام، ودار عهدٍ، ودار حربٍ، وعدوا الدار دار إسلام إذا كانت الأحكام الظاهرة فيها إسلاميَّة وكان المسلمون يمارسون فيها شعائرهم بحريَّة وأمانٍ، وأما دار العهد، فهي الدار التي تكون بينها وبين دار الإسلام عهد وميثاق واتفاقيَّات وسوى ذلك، وأما دار الحرب، فعنوا بتعريفها بأنَّها هي الدار التي يسود بينها وبين دار الإسلام حالة الحرب الطاحنة، ولا يوجد بينها وبين دار الإسلام معاهدة ولا ميثاق مطلقا.
بناءً على هذا التقسيم، يمكن القول على سبيل المثال بأنَّ دولة إسرائيل تعد دار حربٍ بالنسبة لعامَّة المسلمين، ذلك لأنَّ ثمة حربًا ضروسًا معنويَّة وحسيَّةً قائمةٌ بينها وبين الديار الإسلاميَّة (الدول الإسلاميَّة) بشكل عامٍّ. وأما الولايات المتحدَّة الأمريكيَّة، فإنَّها تعد وفق ما أوردناه من تعريف للدار، دار عهدٍ، ذلك لأنَّ بينها وبين معظم الديار الإسلاميَّة معاهدات واتفاقيَّات، فضلًا عن أنَّ المسلمين يمارسون شعائرهم فيها بأمن وأمان.
وأما السعودية والمغرب، فإنهما تعدان - حسب التقسيم الفقهيِّ للدار - داري إسلامٍ، ذلك لأنَّ أحكام الشرع ظاهرة فيهما، ولأنَّ المسلمين يمارسون فيهما شعائرهم بأمنٍ وأمانٍ، وأي تشكيك في هذا الأمر يعد مكابرة.