المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثانيا: مسألة الأهداف في الإرهاب من منظور شرعي - في مصطلح الإرهاب وحكمه قراءة نقدية في المفهوم والحكم من منظور شرعي

[قطب مصطفى سانو]

فهرس الكتاب

- ‌ تقديم الدراسة:

- ‌ أولا: في مصطلح الإرهاب

- ‌ثانيًا: في أشكال الإرهاب في ضوء التصور السابق

- ‌المبحث الثاني في حكم الإرهاب بأشكاله من منظور شرعيٍّ

- ‌ثانيًا: مسألة الأهداف في الإرهاب من منظور شرعيٍّ

- ‌ثالثًا: آية الأنفال الآمرة بإعداد القوة لإرهاب العدو

- ‌الشكل الأول: إرهاب الآمن بأمان الدين أو الدار لتحقيق غرضٍ شرعيٍّ مقطوعٍ به

- ‌الشكل الثاني: إرهاب الآمن بأمان الدين أو الدار لتحقيق غرض شرعيٍّ مظنونٍ فيه

- ‌الشكل الثالث: إرهاب الآمن بأمان الدين أو الدار لتحقيق غرضٍ غير شرعيٍّ

- ‌الشكل الرابع: إرهاب غير الآمن بأمان الدين أو الدار لتحقيق غرضٍ شرعيٍّ مقطوعٍ به

- ‌الشكل الخامس: إرهاب غير الآمن بأمان الدين أو الدار لتحقيق غرض شرعيٍّ مظنونٍ فيه

- ‌الشكل السادس: ترويع غير الآمن بأمان الدين أو الدار لتحقيق غرض غير شرعيٍّ

- ‌المبحث الثالث في الإرهاب وعلاقته بالأحداث الأخيرة في العالم (السعودية والمغرب وأمريكا)

- ‌أولًا: موقع الدول المذكورة في منظومة التقسيم الفقهيِّ التقليديِّ للدار

- ‌ثانيًا: موقع المقيمين في هذه الدول في منظومة الأمان في الحسِّ الفقهيِّ

- ‌(أمان الإسلام وأمان الدار)

- ‌نتائج البحث

الفصل: ‌ثانيا: مسألة الأهداف في الإرهاب من منظور شرعي

‌ثانيًا: مسألة الأهداف في الإرهاب من منظور شرعيٍّ

تعد مسألة الغايات والأهداف مسألةً أساسيَّةً في جميع الأفعال والأقوال والأعمال التي يقدم عليها المكلَّف في الإسلام، فلا يقبل الله من المكلَّف عملًا أيَّ عملٍ إذا لم يكن قاصدًا به ابتغاء مرضاة الله جل جلاله، مصداقًا لقوله تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البيِّنة: 5] . ولقوله صلى الله عليه وسلم: «إنَّما الأعمال بالنيات وإنَّما لكلِّ امرئ ما نوى» (1) والقاعدة الفقهيَّة التي تقرِّر الأمور بمقاصدها. (2)

(1) فتح الباري على صحيح البخاري، ج 1، ص9، حديث رقم 1. وفي صحيح مسلم بشرح النووي، ج13، ص 53.

(2)

انظر: شرح القواعد الفقهية الشيخ أحمد الزرقا (بيروت، دار الغرب الإسلامي، ط1، 1983) ص5.

ص: 33

وثمَّة نصوص عديدة من الكتاب والسنَّة تقرِّر أهميَّة المقاصد ومكانتها في الإسلام، ولا حاجة إلى سردها لبداهتها ووضوحها؛ ونروم بالأهداف في هذا المقام جملة المعاني والأسرار التي من أجلها وضعت الشريعة لتحقيق مصالح العباد (1) ، ومقصود الشارع من الخلق كما يقول عامَّة أهل العلم بالأصول أن يحفظ عليهم دماءهم ودينهم وأعراضهم وأموالهم وعقولهم، وذلك بجلب كل ما فيه منفعة ودرء كل ما فيه مفسدة (2) وقد تواترت الرسالات السماويَّة كلها على الدعوة إلى الحفاظ على هذه الكليَّات الخمس، وصيانتها من الانقراض والاندثار، كما تضافرت نصوص كثيرة من الكتاب والسنَّة تأمر بالحفاظ على هذه الكليَّات برمَّتها، بل من أجل الحفاظ عليها، شرعت الشرائع كلها سواء في ذلك الشرائع الواردة في الأوامر والمندوبات والمستحبات، والشرائع الواردة في المحرَّمات والمكروهات، وما ذلك إلا لأنَّ اختلال أيِّ واحدٍ من هذه الكليَّات يترتب عليه عدم استقامة الحياة وصلاحها. وبناءً على هذا، فإنَّ ثمَّة حاجة إلى تأصيل القول في علاقة هذه المقاصد بظاهرة الإرهاب، ذلك لأنَّه من الوارد أن تكون أهداف الإرهاب متمثَّلة في الحفاظ أو الدفاع عن هذه المقاصد

(1) انظر: نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي الريسوني (بيروت: الدار العلمية للكتاب الإسلامي، ط2، 1992) ص 203.

(2)

انظر: المستصفى من علم الأصول الغزالي (بيروت، دار الكتب العلمية بدون. .) ج2 ص93 وما بعدها.

ص: 34

كلِّها أو بعضها، وقد تكون أهدافه سعيًا إلى الحفاظ والدفاع عن مقاصد شرعيَّة أخرى معتبرة كالحرية والمساواة والعدالة وسوى ذلك من المقاصد الظنيَّة، وربما كانت أهدافه هي تدمير المقاصد الكليَّة برمَّتها أو بعضها، أو تدمير المقاصد الظنيَّة الآنف ذكرها.

ص: 35

وعليه، فإذا كانت أهدافه حفاظًا ودفاعًا عن المقاصد الكليَّة الخمسة كلِّها أو بعضها، كان إرهابه إرهابًا لتحقيق غرضٍ شرعيٍّ مقطوع به، وإذا كانت أهدافه دفاعًا عن المقاصد الظنيَّة، عد إرهابه إرهابًا لتحقيق غرضٍ شرعيٍّ مظنون فيه. وأما إذا كانت أهدافه تدميرًا للمقاصد الكليَّة الخمسة كلِّها أو بعضها، كان إرهابه إرهابًا لتحقيق غرضٍ غير شرعيٍّ مقطوع به، وإما إذا كانت أهدافه اعتداءً على المقاصد الظنيَّة عدَّ إرهابه إرهابًا لتحقيق غرضٍ غير شرعيٍّ مظنونٍ فيه. وأما المرهَب فلا تخلو من أن يكون آمنًا بأمان الدين أو الدار، أو يكون غير آمنٍ بأمان الدين أو الدار، فإذا كان آمنًا بأمان الدين أو الدار، فلا يخلو أهداف المرهِب من أن تكون تحقيقًا لغرضٍ شرعيٍّ مقطوعٍ به أو مظنونٍ فيه، أو تكون تحقيقًا لغرضٍ غير شرعيٍّ مقطوعٍ به أو مظنونٍ فيه. ولكل واحدٍ من هذه الحالات حكمها الخاصُّ، وهو ما سنأتي على تفصيل القول فيه بعد قليلٍ.

ص: 36