الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب العاشر في شدة حرها وزمهريرها
قَالَ الله عز وجل: {وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} [التوبة: 81].
وفي "الصحيحينِ"(1)، عن أبي هريرةَ، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"اشتكتِ النارُ إلى ربِّها فَقَالَتْ: يَا رَبِّ، أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا فنفسني".
فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ، نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْحَرِّ مِن سمومُها وأَشَدُّ ما تجدونَ من البردِ زمهريرُهَا".
وفي "الصحيحينِ"(2) أيضًا، عن أبي هريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"نارُكم هذه، ما يوقدُ بنو آدمَ، جزء واحدٌ من سبعينَ جزءًا من نارِ جهنَّمَ".
قالوا: والله، إن كانتْ لكافيةً.
قال: "إنها فُضِّلتْ عليها، بتسعة وستينَ جزءًا كلِّهنَّ مثلُ حرِّهَا". وخرَّجه الإمامُ أحمدُ (3)، وزادَ فيه:
"وضربت في البحرِ مرتينِ، ولولا ذلك ما جعل اللَّهُ فيها منفعة لأحدٍ".
(1) أخرجه البخاري (537)، ومسلم (617).
(2)
أخرجه البخاري (3265)، ومسلم (2843).
(3)
(2/ 244).
وقد سبقَ من حديثِ أنسٍ نحوُهُ.
وعن عطيةَ العوفيِّ، عن أبي سعيدٍ الخدري، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: "نارُكم هذه جزء من سبعينَ جزءًا من نارِ جهنَّم، (لكلِّ جزء منها مثل حرِّها). (*) خرَّجه الترمذيُّ (1).
وقال الإمامُ أحمدُ (2): حدثنا قتيبةُ، حدثنا عبدُ العزيزِ - هو الدراورديُّ - عن سهيلٍ، عن أبيه، عن أبي هريرةَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ:"إنَّ هذه النارَ جزء من مائةِ جزءٍ من جهنَّمَ".
وقال ابنُ مسعود: "إنَّ نارَكم هذه ضُرِبَ بها البحرُ ففترتْ، ولولا ذلكَ ما انتفعتم بها، وهي جزء من سبعينَ جزءًا من نارِ جهنَّمَ". وخرَّجه البزَّارُ مرفوعًا والموقوفُ (3) أصحُّ.
وخرَّج الطبرانيُّ (4)، من طريقِ تمامِ بنِ نجيحِ، عن الحسنِ، عن أنسٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قالَ:"لو أن غربًا من جهنَّم، جعلَ في وسطِ الأرض، لآذى نتنُ ريحِهِ وشدةُ حرِّه ما بينَ المشرقِ والمغرب، ولو أنَّ شررَةً من شررِ جهنَّم بالمشرقِ، لوجدَ حرَّها مَن بالمغربِ". وتمامُ بنُ نجيع تكُلًّمَ فيه.
وخرَّج أيضًا (5)، من طريقِ عديِّ بن عدي الكندي، عن عمرَ، أن جبريلَ
(*) كذا بالأصل، وسياق الترمذي أطول من ذلك.
(1)
برقم (2589) من طريق همام بن منبه عن أبي هريرة. وقال الترمذي: هذا حديث صحيح.
(2)
(2/ 379) وقال الهيثمي في المجمع (10/ 387): ورجاله رجال الصحيح.
(3)
أخرجه هناد موقوفًا في "الزهد"(235)، والطبري في تفسيره (23/ 111).
(4)
في "المعجم الأوسط"(3681) وقال: لم يرو هذا الحديث عن الحسن إلَاّ تمام بن نجيح.
وأخرجه ابن عدي في "الكامل"(2/ 84) في ترجمة تمام ثم قَالَ: ولتمام غير ما ذكرت من الروايات شيء يسير، وعامة ما يرويه لا يتابعه الثقات عليه.
(5)
في "المعجم الأوسط"(2583) مطولاً ثم قَالَ الطبراني: لا يروى هذا الحديث عن=
قال للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: "والذي بعثكَ بالحقِّ نبيًّا، لو أنَّ قدرَ ثقبِ إبرة فُتحَ من جهنَّمَ،
لمات من في الأرضِ كلُّهم جميعًا من حرِّه".
وقد سبقَ الكلامُ على إسنادِهِ.
ورُوي من وجهٍ ضعيفٍ عن الحسنِ مرسلاً نحوُهُ أيضًا.
وخرَّج أبو يعلى الموصلي (1)، من حديثِ أبي هريرةَ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:"لو كان في هذا المسجدِ مائةُ ألف أو يزيدونَ، وفيهم رجل من أهلِ النارِ، فتنفسَ، فأصابَهُم نفسُهُ، لأحرقَ المسجدِ".
لكن قالَ الإمامُ أحمدُ: هو حديث منكر.
وقال كعبٌ لعمرَ بنِ الخطابِ: "لو فُتحَ من جهنَّم قدرُ منخرِ ثورٍ بالمشرقِ، ورجلٌ بِالمغربِ، لغلى دماغُهُ حتى يسيلَ من حرِّهِا"(2).
=عمر إلَاّ بهذا الإسناد، تفرد به سلام.
وقال الهيثمي في المجمع (10/ 387): وفيه سلام الطويل، وهو مجمع عَلَى ضعفه.
(1)
في "مسنده"(6670) وفيه "مائة" بدلا من "مائة ألف".
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية"(4/ 307) وقال: غريب من حديث سعيد، تفرد به أبو عبيدة عن هشام".
قلت: وكلمة "غريب" هي إعلال للحديث عند علماء العلل ومنهم: "أبو نعيم الأصبهاني" فليتنبه لذلك.
وقال الهيثمي في المجمع (10/ 391): رواه أبو يعلى عن شيخه إسحاق ولم ينسبه، فإن كان ابن راهويه فرجاله رجال الصحيح، وإن كان غيره فلم أعرفه.
وقد نقل ابن رجب "رحمه الله" قول الإمام أحمد بن حنبل "رحمه الله" هو حديث منكر.
قلت: والنكارة عند أحمد تعني الخطأ، فقد سأله الأثرم عن حديث من أحاديث الفضل بن دَلْهم، فَقَالَ أحمد: هذا حديث منكر. قَالَ الأثرم: يعني خطأ.
وانظر لذلك بحثًا قيمًا لأخي الحبيب الشيخ طارق بن عوض الله "حفظه الله" في مقدمته لتحقيق كتاب "المنتخب من علل الخلال" فإنَّه أفاد وأجاد.
(2)
أخرجه أبو نعيم في "الحلية"(5/ 368 - 369).
وقال عبدُ الملكِ بن عميرٍ: لو أنَّ أهل النارِ كانُوا في نارِ الدنيا لقَالُوا فيها.
وقال عبدُ اللَّهِ بن أحمدَ: أُخبرتُ عن (سيَّارٍ عن ابنِ المقرئ)(1) -وكان من خيارِ الناسِ- قال: بلغني أنَّ رجلاً لو خرجَ منها إلى نارِ الدنيا لنام فيها ألفي سنة.
وقال معاويةُ بنُ صالحٍ، عن عبدِ الملكِ بن أبي بشيرِ، يرفعُ الحديثَ:
"ما من يومٍ إلا والنارُ تقولُ: اشتدَّ حرِّي، وبعدَ قعري، وعظُم جمرِي، عَجِّلْ إلهي إليَّ بأهلي".
وقال ابنُ عيينةَ، عن بشيرِ بنِ منصور، قلتُ لعطاء السلميِّ: لو أنَّ إنسانًا أوقدتْ له نار، فقيلَ لهُ: من دخلَ هذه النارَ نجا من النارِ؟
فقال: عطاءٌ: لو: قيلَ لي ذلك، لخشيتُ أن تخرجَ نفسِي فرحًا، أن أقعَ فيها.
…
(1) كذا بالأصل، وفي المطبوع:"سيار، عن ابن المعزى".