الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل ومن أهل النار من يتأذى بعذابه أهل النار، إما من نتن ريحه، أو غيره:
قَالَ صالح بن حيان، عن ابن بريدة، عن أبيه، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم:"إن ريح فروج أهل الزنا يؤذي أهل النار".
وقال أبو بكر بن عياش: أنبأنا رجل عن مكحول رفعه، قَالَ:"تروح أهل النار برائحة، فيَقُولُونَ: ربنا ما وجدنا ريحًا، منذ دخلنا النار، أنتن من هذه الرائحة، فيقول: هذه ريح فروج الزناة".
وروى إسماعيل بن عياش، عن ثعلبة بن مسلم الخثعمي، عن أيوب بن بشير العجلي، عن شفي بن ماتع، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"أربعة يؤذون أهل النار، عَلَى ما بهم من الأذى، يسعون ما بين الجحيم والحميم، يدعون بالويل والثبور"، ويقول أهل النار بعضهم لبعض: ما بال هؤلاء قد آذونا عَلَى ما بنا من الأذى؟!
قَالَ: فرجل مغلق عليه تابوت من جمر، ورجل يجر أمعاءه، ورجل يسيل فوه (*) قيحًا ودمًا، ورجل يأكل لحمه، فيقال لصاحب التابوت: ما بال الأبعد قد آذانا عَلَى ما بنا من الأذى؟
فيقول: إن الأبعد مات وفي عنقه أموال الناس، ثم يقال للذي يجر أمعاءه: ما بال الأبعد قد آذانا عَلَى ما بنا من الأذى؟
فيقول: إن الأبعد كان لا يبالي أين أصاب البول منه لا يغسله.
ثم يقال للذي يسيل فوه قيحًا ودمًا: ما بال الأبعد قد آذانا عَلَى ما بنا من الأذى؟ فيقول: إن الأبعد كان ينظر إِلَى كلمة [خبيثة فيستلذها](**) كما يستلذ
(*) في الأصل: "فاه"، والمثبت من المطبوع.
(**) من المطبوع.
الرفث.
ثم يقال للذي يأكل لحمه: ما بال الأبعد قد آذانا عَلَى ما بنا من الأذى؟
قَالَ: إن الأبعد كان يأكل لحوم الناس. خرّجه الحافظ أبو نعيم (1)، وقال: شفي بن ماتع مختلف فيه. وقيل: إن له صحبة.
وخرّجه أيضاً (2) بإسناد آخر إِلَى إسماعيل بن عياش، وفي لفظه قَالَ:"في عنقه أموال الناس، مات ولم يدع لها وفاء ولا قضاء! وقال -:يعمد إِلَى كل كلمة خبيثة قذعة فيستلذها- وقال: -كان يأكل لحوم الناس (3) ويمشي بالنميمة".
وروى الإمام أحمد بإسناده إِلَى منصور بن زاذان، قَالَ: نبئت أن بعض من يلقى في النار يتأذى أهل النار بريحه، فيقال له: ويلك! ما كنت تعمل؟
أما يكفينا ما نحن فيه من الشر حتى ابتلينا بك ونتن ريحك؟
فيقول: كنت عالماً فلم أنتفع بعلمي.
…
(1) في "الحلية"(5/ 167 - 168). قَالَ شيخنا الحويني "حفظه الله" في تخريجه للزهد لأسد بن موسى (40): وشفي بن ماتع مختلف في صحبته كما قَالَ الطبراني وابن الأثير، ويظهر أن أبا نعيم اعتمد صحبته، ولكن جزم البخاري وأبو حاتم وابن حبان بأنه تابعي، فالحديث ضعيف لإرساله.
وأيوب بن بشير العجلي ترجمه ابن أبي حاتم (1/ 1/ 242) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً، فهو مجهول الحال. وصرح الذهبي في "الميزان"(1/ 284) بأنه مجهول، وكذا في "الضعفاء"، وهذا هو الصواب وإن وثقه ابن حبان (6/ 58) كعادته.
(2)
في الحلية (5/ 168).
(3)
كناية عن الغيبة، قَالَ الله تعالى:{أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات: 12].