الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن هؤلاء الطلاب لم يعرفوا عن الإسلام شيئاً، والخطة الموضوعة " لتخريجهم " باعدت بينهم وبين الثقافة الإسلامية الناضجة، والسليقة الأدبية العالية، حتى إذا تركوا الجامعة بعد نيل " إجازاتها " خدموا كل شىء إلا دينهم، وأصبحوا فريسة سهلة لمبشرين محتالين أو أفاكين من النوع الذى قرأت هنا شبهاته ضد القرآن الكريم..
وما وقع فى " أسيوط " وقع قريب منه فى " الإسكندرية " ونتج عنه ارتداد بعض الفتية والفتيات.
إنهم مساكين غير محصنين بشىء ضد الإلحاد أو الشرك.
ولما كانت كتب السنة قد تضمنت أشياء تحتاج إلى بيان وتمحيص وكشف فلا بد من الوقوف قليلاً أمام ما أثاره هؤلاء الفتانون.
نبى مرعب
قال لى طالب جامعى بالإسكندرية: لقد أرونى كتاب البخارى، وقرءوا لى منه حديث " نصرت بالرعب " وتضاحكوا وهم يقولون:" نبى مرعب " ينشر دينه بالإرهاب، والاعتراف سيد الأدلة!!
وقلت للطالب: إن البخارى وغيره رووا هذا الحديث، وأريد أن أشرح لك المعنى الوحيد له مستعرضاً مواضع هذه الكلمة لا فى السنة الشريفة، بل فى القرآن الكريم، لتعلم أنها أتت فى سياق حرب " دفاعية " عن الحق " هجومية " على الباطل، لا عدوان فيها ولا إرهاب..
بعد هزيمة المسلمين فى أحد نزلت هذه الآية: " سنلقى فى قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين "(آل عمران: 151) .
وهزيمة أحد كانت فى أعقاب خروج المشركين من مكة، وشنهم الهجوم على الإسلام وأمته فى المدينة.
وقد استطاع المشركون إيقاع خسائر جسيمة بالمدافعين عن الدين وموطنه
الجديد مما ترك آثاراً سيئة فى النفوس..
فأراد الله أن يواسى جراحهم، وأن يشعرهم أن القتال القادم سيكون لمصلحتهم، وأنه سيقذف الرعب فى قلوب المعتدين عندما يكررون هجومهم. فماذا فى ذلك من عيب؟
وجاءت هذه الكلمة عندما خان يهود بنى النضير عهدهم، وحاولوا قتل النبى صلى الله عليه وسلم، فجرد عليهم حملة ليؤدبهم، ولكن القوم ـ دون قتال ـ حل بهم الفزع، وقرروا الجلاء عن المدينة " ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم من حيث لم يحتسبوا وقذف فى قلوبهم الرعب " (الحشر: 2) .
وأخيراً ذُكرت هذه الكلمة عندما انضم يهود بنى قريظة إلى الأحزاب التى أحاطت بالمدينة تبغى دكها على من فيها، وأعلنت حصاراً رهيباً عليها.
وكان بنو قريظة قد أعطوا العهد من قبل على أن يعيشوا مع المسلمين فى سلام شريف، واعترف رئيسهم بأنه لم يجد من النبى إلا خيراً، ومع ذلك فقد انتهز الفرصة التى سنحت وأعلن الحرب الغادرة، وظن أنه سيقاسم المشركين الغنايم بعد الإجهاز على محمد وصحابته. ولكن قدر الله كان أغلب، لقد فض الله جموع المحاصرين " وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف فى قلوبهم الرعب فريقاً تقتلون وتأسرون فريقاً " (الأحزاب: 26) .
أإذا وقعت حرب الآن بيننا وبين إسرائيل، حرب جادة يستعلن فيها الإسلام وتتحد الكلمة ويتقدم ليوث محمد يطلبون إحدى الحسنيين: إما النصر وإما الشهادة، وفزع اليهود لهذا الزحف الجديد، الواثق العنيد، أإذا حدث ذلك وسرى الرعب فى قلوب أعدائنا قيل عنا إننا إرهابيون؟
إن تحريف الكلم عن موضعه شىء مألوف عند أعداء الإسلام.
لقد نصر الله نبيه محمداً بالرعب كما قال: فهلا قيل نصره فى أى قتال؟
إن أشرف قتال وقع على ظهر الأرض هو القتال الذى خاضه محمد وأصحابه..
ولقد شعرت بشىء غير قليل من الضيق وأنا أقرأ قول الكاتب الأسيوطى " توفى محمد عن ثلاث وستين سنة بعدما رفرفت راية التوحيد وطهرت الأرض من الوثنية فى أعقاب غزوات ضارية، متعددة بلغت تسع عشرة غزوة ـ كما يقول البخارى ـ هى على التوالى: العشيرة، بدر، أحد، الرجيع، رعل وذكوان، الخندق، بنو قريظة، ذات الرقاع، بنو المصطلق، الحديبية، خيبر، مؤتة، تبوك، الفتح، حنين، الطائف، ذات السلاسل، سيف البحر ".
وبغض النظر عن الترتيب التاريخى، ما رأى القارئ إذا قلت له: إن عشراً منها على الأقل لم يقتل فيها أكثر من عشرة أشخاص هم مجموع خسائر المشركين!!!
وأن جملة الوثنيين فى شتى المعارك الكبرى تتجاوز المائتين قليلاً.
وأن خسائر اليهود فى صراعهم مع الإسلام عدة مئات من القتلى..
هذه هى الغزوات الضارية المتعددة التى نشرت الإسلام كما يزعم الأفاكون!: خسائرها الحربية عشر، بل نصف عشر الفتنة التى وقعت بين الكاثوليك والبروتستانت فى عيد " سان بارتلميو ".
.. خسائرها قطرة دم أريقت لمنع العدوان، نعم قطرة بالنسبة لحمامات الدم التى صحبت تطبيق الشيوعية، وتوطيد سلطانها.
قطرة بالنسبة للألوف المؤلفة الذين ذبحوا فى صمت أو ضجة لدعم الحكم الفردى المطلق.
وبعد أن أحرقت رفات الضحايا سمعت أغرب صيحة فى العالم: إن الشيوعية تدعو للسلام!
والشيوعية فى هذا النفاق الفاجر تقلد الصهيونية والصليبية.. المتهم المسكين هو ديننا وحده!!