المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أساطير العهد القديم - قذائف الحق

[محمد الغزالي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الباب الأول/ العقل أولاً ثم ننظر فيما يقال

- ‌وهكذا تمت سرقة رسالة سماوية

- ‌وهكذا يفعل الأنبياء

- ‌الباب الثانى/ تحرك ضد عقيدة التوحيد يتعرض له أبناؤنا

- ‌حول صلب عيسى

- ‌المنشورات وما تضمنت من أوهام

- ‌قصة " الله محبة " وموقف شتى الأناجيل منها

- ‌تجليات العذراء، الرمح المقدس، الحقيقة العلمية المطاردة

- ‌الباب الثالث/ ماذا يريدون

- ‌تقرير رهيب

- ‌الحقائق تتكلم

- ‌نحن نريد الحفاظ على وحدة مصر الوطنية

- ‌الباب الرابع/ الإسلام وجماعة الإخوان

- ‌تقرير يفضح النيات المبيتة للإسلام

- ‌القومية العربية ومعناها

- ‌الباب الخامس/ شبهات أخرى

- ‌غلطة فلكية

- ‌الكسوف والخسوف

- ‌غلطة جغرافية

- ‌الشهاب الراصد

- ‌خزان المياه

- ‌فهم عجيب

- ‌حد السرقة

- ‌نبى مرعب

- ‌كذب على رسول الله عليه الصلاة والسلام

- ‌المداد القرآنى

- ‌حديث الذباب

- ‌أساطير العهد القديم

- ‌الباب السادس/ الدعوة الإسلامية والحكام الخونة

- ‌الذئب الأغبر

- ‌أندونيسيا المسلمة

- ‌سماسرة الفاتيكان

- ‌ترى كم أخذ الأخير

- ‌العقيد الناصرى

- ‌الباب السابع/ مع التيار الشيوعى والإلحادى

- ‌لا بد للإسلام من خطة إيجابية يواجه الغزو الثقافى بها

- ‌الباب الثامن / لا دين حيث لا حرية

- ‌التنادى بالجهاد المقدس

- ‌حول خرافة تحديد النسل

- ‌أسئلة وأجوبة

الفصل: ‌أساطير العهد القديم

وما دام هناك من يضرب رأسه بالجبل ليثبت أن فى الإسلام متناقضات فلنلق نحن نظرة خاطفة على تراث القوم ليرى القراء أين تقع التناقضات الحقيقية:

‌أساطير العهد القديم

إننا فى الفصل الأول من هذا الكتاب فضحنا الأسلوب الطفولى الماجن الذى تحدث به العهد القديم عن الألوهية، فلنسمع هذه الأخبار عن عدد بنى إسرائيل حين دخلوا مصر وحين خرجوا منها، يقول الأستاذ عصام الدين حفنى ناصف كاشفاً عن التزوير الذى اقترفه كتاب التوراة:

" من ذلك ما زعموه أن يعقوب وأسرته وفدوا على مصر بدعوة من يوسف، وكانت عدتهم 70 شخصاً فما انصرمت 215 عاماً حتى كان عددهم قد ناهز 3000000 (أى 3 مليون) فلما نزحوا عن ديارنا كان بينهم " نحو ستمائة ألف ماش من الرجال عدا الأولاد " ـ هكذا سجل سفر الخروج ـ (12: 37) وقد أحصوا أبكارهم فكان جميع الأبكار الذكور بعدد الأسماء من ابن شهر فصاعداً، المعدودين منهم اثنين وعشرين ألفاً ومائتين وثلاثة وسبعين (عدد 3: 43) .

فإذا ضاعفنا هذا الرقم كان جميع الأبكار من الجنسين نحو 45000، وبقسمة عدد الجماعة على عدد الأبكار نخلص إلى أن المرأة الإسرائيلية كانت تلد زهاء 65 وليداً!! ".

هذه هى مقررات الكتاب المقدس.. دون تعليق!

وظاهر أن اليهود كذبوا فى ذكر عددهم كذباً صارخاً، وأنهم أودعوا كذبهم هذا فى تضاعيف التوراة، وعلينا أن نصدق!!!

يقول " عصام ناصف ": " إن هذه الملايين الثلاثة المزعومة من اليهود الآبقين من مصر لو أنها سارت فى صفوف عرضية متراصة يضم كل صف منها عشرين يهودياً، ويشغل الصف بين سابقه ولاحقه متراً واحداً لاستطال هذا القطار البشرى " الطابور " مسافة 150 كيلو متراً ـ أبعد من المسافة بين القاهرة وخليج السويس ـ ولتعذر على قائدهم موسى أن يبلغهم أوامره "!

وعن كهنة الأديان السابقة وإغراقهم فى المتاع المادى يقول: " إن المال والجاه

ص: 150

وإن كانا فى حقيقة أمرهما غرضاً يبتغى لذاته، هما كذلك وقبل ذلك وسيلة لفرض لا تكتمل المتعة إلا به، وهو قضاء الوطر من الناحية الجنسية، ومن ثم خولوا أنفسهم حق الاستماع إلى اعترافات النساء، فيما يتصل بأوثق علاقاتهن بالرجال..

" وقد اشترعوا لهذا الغرض ما أسموه " شريعة الغيرة ". فإذا استراب رجل بامرأته، وهجس فى صدره أنها خانته مع آخر " يأتى الرجل بامرأته إلى الكاهن ويأتى بقربانها معها، فيقعدها الكاهن ويوقفها أمام الرب، ويأخذ الكاهن ماء مقدساً فى إناء خزف ويأخذ الكاهن من الغبار الذى فى أرض المسكن ويجعله فى الماء " (عدد 15 ـ 17)

ويخلو الكاهن بالمرأة ويشرع فى تلاوة بعض الألفاظ ويستحلف المرأة أن تقر بما كان منها ثم يجرعها الماء المشوب بالغبار.

ومتى سقاها الماء فإن كانت قد تنجست وخانت رجلها يدخل فيها ماء اللعنة للمرارة فيرم ـ يتورم ـ بطنها وتسقط فخذها (!) فتصير المرأة لعنة فى وسط شعبها. وإن لم تكن المرأة قد تنجست بل كانت طاهرة تتبرأ وتحبل لزرع " (عدد: 15 ـ 17) [نقدم هذا النص لمن لم يرقهم " التيمم " بالغبار، ها هو ذا الغبار يشرب عندهم]

ومن المعلوم أن الماء لا يدخل المرارة، وأن وظائف الأعضاء لا تمت إلى المسلك الخلقى بسبب وثيق، ولكنها إجراءات خادعة تتخذ بتعزيز سلطان الكاهن على المرأة، فهو ينفرد بها فى خلوة ثم يخرج راضياً أو ساخطاً وينطق بالقول الفصل فيدينها بالموت مجللة بالعار، أو يدعها تنعم بالحياة مرفوعة الرأس ناصعة الجبين ".

هذه توجيهات الكتاب المقدس، ومبدأ الاعتراف على هذا النحو أو على أى نحو آخر لا معنى له ولا أثر، اللهم إلا إفساد الدين والخلق..

ماذا على من أخطأ أن يتصل بربه لفوره فى دعاء النادم، ورجاء الخاشع، والله يبسط يده بالنهار ليتوب مسىء الليل ويبسط يده بالليل ليتوب مسىء النهار، وبابه يستقبل كل شخص رجلاً كان أو امرأة، شيخاً أو شاباً، عالماً أو جاهلاً؟؟

هذه توجيهات الإسلام، وهى نابعة من مبدئه العتيد: " كل امرئ بما كسب

ص: 151

رهين " أما انفراد المرأة

بكاهن ـ أو غير كاهن ـ فى خلوة فأمر لا تحمد عقباه، خصوصاً إذا كانت هذه الخلوة مع محروم من الزواج معلوف بأطايب الطعام!!

هل الله جل شأنه مصدر هذه التعليمات؟ كلا..

إن من المقطوع به أن عدداً من المؤلفين لا مؤلفاً واحداً أشرف على وضع الكتاب المقدس كله، ولا نزعم أنه خال من الوحى الإلهى من أوله إلى آخره، لا، بل نقرر أن خليطاً معقداً من أهواء الناس وهدايات الله.. تم التنسيق بينهما على النحو الذى نرى.

بيد أن من المضحك أن الذى قام بتأليف التوراة نسى نفسه وهو يكتب، وذهل كل الذهول أنه سوف ينسب ما يكتب إلى موسى!!

فأورد فى تضاعيف التوراة ـ النازلة على موسى فرضاً ـ هذه العبارات: " فمات هناك موسى عبد الرب فى أرض موآب حسب قول الرب، ودفنه فى الجواء فى أرض موآب مقابل بيت فغور، ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم. وكان موسى ابن مائة وعشرين سنة حين مات. ولم تكل عينه ولا ذهبت نضارته، فبكى بنو إسرائيل فى عربات موآب ثلاثين يوماً، فكملت أيام بكاء مناحة موسى.. ".

ما هذا؟ موسى الذى أنزلت التوراة تتحدث عنه التوراة بهذا النعى والعزاء والمناحة؟؟

ما يستطيع عاقل إلا الإقرار بأن كاتب التوراة بعد موسى نسى نفسه ونسى الدور التمثيلى الذى يقوم به، وغلبت عليه صفة المؤرخ لا المؤلف فقال ما قال ليعرف المستغفلون ماذا يقرأون!!

ونقرن هذا النص بخبر آخر نشرته جريدة الأهرام فى 3 مايو سنة 1973 (19 من ربيع الأول سنة 1392) تحت عنوان " وثائق دينية تاريخية تسلمها هولندا إلى الأردن ":

" عمان: ـ سلم اليوم الدكتور " هانك بانكير " بالنيابة عن الحكومة الهولندية إلى الدكتور غالب بركات وزير السياحة الأردنى وثائق تاريخية تتضمن النصوص القديمة التى قال المؤرخون أنها تطلبت إعادة تقييم الإنجيل. وكانت بعثة أثرية هولندية قد

ص: 152

اكتشفت هذه الوثائق فى عام 1967، وهى وثائق كتبت بالآرامية فى القرن السابع قبل الميلاد، وعثرت عليها البعثة فى وادى الأردن، وكانت البعثة قد حملت تلك الوثائق إلى هولندا لدراستها وحل رموزها بقصد حفظها. وقال الدكتور " هـ. فراكين " الذى رأس تلك البعثة: إن هذه الوثائق فريدة من نوعها، وقال: إن كل المعلومات التى وردت فى الإنجيل حول فلسطين والأردن فى نهاية العصر البرونزى وبداية العصر الحديث غير موثوق بها لأنها كانت محاولة قام بها قساوسة من القدس لجعل التاريخ يتناسب مع الآراء الدينية للقرن السابع للميلاد ".

هذا الخبر الصغير نقطة فى بحر من الأوهام والترهات التى تغص بها هذه الصحائف.

وما نعلم كتاباً حفته العناية العظمى، وصانته أجل صيانة من هذا القرآن الكريم.

إن القارات الخمس ليس فيها ما يوصف بأنه وحى السماء إلا هذا الكتاب الفذ.

فهل يؤدى المسلمون حقه؟!

تحقير التدين ومطاردة المتدينين لأدنى ملابسة خطوة إلى الارتداد الذى لا ريب فيه، وهو فى الظروف التى تواجهها أمتنا نوع من الخيانة العظمى أو هو الخيانة العظمى نفسها.

وقد أفهم أن تشتبك السلطات الحاكمة مع أفراد أو جماعات ينازعونها السيادة لغرض سىء أو حسن! لكن هل يقال: إن التاريخ الإسلامى يعين على تكوين جماعة الإخوان، فليمسخ هذا التاريخ!.. أو: إن البيئات المتدينة مستودع يستمد منه الإخوان، فلتحارب هذه البيئات؟؟

إن هذا القول يعنى بداهة نقل الخصومة من ميدان إلى ميدان آخر، وأن الإسلام ذاته قد أصبح عرضة للعدوان.

وقد هززت رأسى أسفاً وأنا أسمع شاباً يتبرأ من الانتساب إلى الإخوان فيقول لقضاته: أنا عمرى ما ركعتها، ويعلم صحبى أنى أشرب الخمر، وأفعل كذا وكذا!!

وقد استمع الناس إلى أحد " نجوم الفكاهة " فى مصر يذكر أن امرأة اقتيد زوجها

ص: 153

إلى السجن فسئلت: أهو من الإخوان؟ فقالت: " فشر! زوجى حرامى قد الدنيا ".

وهكذا أصبحت اللصوصية شرفاً! أو نسبة لا حرج فيها على الأقل!

والواقع أنه مرت ببلدنا أيام كالحة الوجه، مشئومة العقبى كان التدين فيها تهمة تخرب البيوت، وكان عدد من الشبان المؤمنين يختفى بصلاته وتقواه، وقل تردده على المساجد لأنه أشيع أن نفراً من الذين صلوا الفجر فى مسجد كذا قد اعتقلوا..

وامتداداً لهذه السياسة ـ سياسة سوء الظن بكل ذى نزعة متدينة ـ وضعت المؤسسات الإسلامية الكبرى تحت رياسة عسكرية لها الكلمة العليا مثل " الجمعية الشرعية "، و " الشبان المسلمين "، و " المجلس الأعلى للشئون الإسلامية " و " مدينة البعوث الإسلامية "..

وذلك لضمان حصر عاطفة التدين داخل إطار معين:

ـ فلا يسمع أى كلام عن تطبيق الشريعة الإسلامية.

ـ ولا يقبل أى اتجاه للعودة بالأمة إلى الاصطباغ بدينها فى ظاهر أمرها وباطنه.

ومن الإنصاف أن نذكر أن من بين هؤلاء العسكريين من ترك الشعور الإسلامى ينمو دون حرج، خصوصاً بعد أن تغيرت الظروف التى أملت بالتقرير المثبت فى هذا الكتاب [راجع تقرير اللجنة التى شكلت من: زكريا محيى الدين، صلاح نصر، وشمس بدران لدراسة الظاهرة الإخوانية] .

على أن الشيوعيين والصليبيين قد انتهزوا فرصة هذه المطاردة المثيرة فأعلنوا حرباً على الشارات الإسلامية فى المجتمع ونجحوا فى تحقيرها وتأليب قوى شتى ضدها.

وعن طريق المسرح وحده أمكن عرض روايات هازلة وجادة غرضها انتزاع كل مهابة لشيوخ الإسلام والمتحدثين باسمه.

كما أن سماسرة الغزو الثقافى فى بلادنا استماتوا فى صرف الشباب عن الدين، وأغروه بفنون الشهوات لينسى ربه ودينه ونبيه.

ص: 154

فلما تغلبت الفطرة الأصيلة وأخذ الشباب يعود إلى دينه فى صمت وظهرت الملابس الحشمة بين الطالبات الجامعيات جن جنون السماسرة من صحافيين وصحافيات وانطلقوا يفترون الكذب على العفيفات المحصنات، ووصفت امرأة ماجنة ملابس الفضيلة بأنها " أكفان موتى! " وأخذت مع غيرها ينهشن بضراوة أعراض الطيبات الطاهرات.

وقد تصفحت المجلة التى نشرت هذا اللغو فوجدت بها دعوة إلى الزنا والرضا به، والتحريض عليه، فى عدة مواضع..!!

ولا عجب فرئيسة تحرير المجلة هى التى ناقشت العقيد " القذافى " بسماجة نادرة، وسوغت أمامه انتشار الخنا فى شارع الهرم عندما نصر الرجل النساء بالتزام أحكام الإسلام.

" الخيانة الزوجية " تعبير مخفف عن جريمة الزنا عندما يرتكبها رجل مغافلاً امرأته أو ترتكبها امرأة مخادعة زوجها.

وأظن هذا التعبير مترجماً عن اللغات الأوربية حيث يعتبر اقتراف ذلك الإثم تفريطاً فى حق إنسانى عادى، أما نحن المسلمين، بل معشر المتدينين إجمالاً، فنرى الزنا تفريطاً فى حق الله قبل أن يكون تفريطاً فى حق عباده، وهو من الشخص المحصن أغلظ وأشنع ممن لم يسبق له زواج.

لكن الأستاذة المعلمة " أمينة السعيد " لها وجهة نظر أخرى فى هذه القضية: لماذا ينظر إلى الزنا هذه النظرة السيئة؟ بل لماذا تستبشع الخيانة الزوجية على هذا النحو الشائع بين الناس؟ فنشرت فى صفحة 47 من مجلة حواء (العدد 843 ـ 18 / 11 / 1972 م) هذا الكلام تحت عنوان " أراحت نفسها ":

" سألوها (وهى زوجة فرنسية) : هل تغارين؟ أجابت: أعانى من الشعور بالوحدة عندما يبتعد عنى زوجى، لكن لا أغار، وأعتقد أن الغيرة شىء لا معنى له، ولذلك ينبغى ألا نستسلم له!!

لكن سائلها لم تقنعه هذه الإجابة، فقال لها: اشرحى لى!

قالت: إننى أقول لنفسى افرضى أنه الآن مع واحدة أخرى، هل من حقى أن أعترض؟ إننى لم أتزوج

ص: 155

قرداً أو نكرة وإنما تزوجت رجلاً " ملء ثوبه "، أحببته لهذا، ولا بد أن يعجب غيرى من النساء! إننى لا أحمل له عاطفة الحب وحدها ولكن أيضاً الاحترام والتقدير!

قاطعها السائل: لا أهمية عندك إذن للإخلاص والوفاء؟

قالت وهى تأخذ رشفة من فنجان القهوة: " اسمع! أنا الآن أشرب هذه القهوة.. شعرت بحاجة إليها.. وها أنذا أستمتع بها.. هل يمانع أحد؟.. هل من حق زوجى إذا دخل الآن أن يلومنى قائلاً: لماذا شربت القهوة دون إذن منى؟ أقصد أن الخيانة العابرة ليست أكثر من فنجان قهوة بالنسبة لى.. لماذا أجعل لها من الأهمية أكثر مما تستحق؟ أليس من الجائز أن يستمتع هو فى غيابى أيضاً بقطعة موسيقى.. باستلقاءة فى الشمس.. بنكتة يسمعها من أحد زملائه؟ هل يوجد فرق كبير حقاً بين الاثنين؟ أقصد أن النزوات.. الغلطات العابرة ينبغى أن نتسامح فيها، فإذا تغير شعوره نحوى تماماً ونفض يده منى فهذا شىء آخر.. شىء يستحق حزنى، لكن حتى فى هذه الحالة لن تفيدنى الغيرة شيئاً! ".

والآن (ما زال الكلام للمجلة) هل أثارت دهشتك ردود هذه السيدة؟! إنها زوجة فرنسية.. ولا أعتقد أن كل الزوجات الفرنسيات يعتنقن هذا الرأى الجرىء والذى عبرت عنه فى حديث أجرته صحيفة " مارى كلير " مع بعض الزوجات.. لكن الذى لا شك فيه أن فى كلامها حكمة تفتح نافذة على نوع من راحة البال يحتاج إليه كثير من المتزوجين ".

وفى الصفحة رقم (5) من هذا العدد علاج مماثل لقضية الزنا أو الخيانة الزوجية كما شاع على الألسنة، وهذه الكلمة المكتوبة تعليق على رواية للصحافى المشهور " توفيق الحكيم ".. فإن هذا " التوفيق حكيم " منح الرجل حق الزنا أو حق خيانة زوجته، وضن على المرأة بهذا الحق!! فجاءت مجلة " حواء " لترفع راية المساواة بين الجنسين، ولتطلب من الفنان الخليع أن يعيد النظر فيما كتب لأنه يعالج موضوعاً " يتعرض للكثير من التغير بين جيل وجيل ".

يقول المعلق الخسيس: " فأنا لا أقصد أن كل ما جاء فى الرواية فى حاجة لمراجعة، ولكن يكفى أن بعضها محتاج إلى ذلك، لكى يحمل رجل الاجتماع الذى يسكن فى أعماق الفنان أن يقول كلمة التطور والتغير اللذين أصابا المجتمع وبدلا من أوضاعه وأفكاره ".

ص: 156

ما الرأى فيما قالته الزوجة فى تساؤلها: وإذا خان الزوج، أليس لها الحق أن تخونه؟.. وكان جواب " راهب الفكر ": لا، وكان تبريره لذلك أن الرجل هو الذى يعرق والمرأة هى التى تنفق، ثم يمضى قائلاً: اكدحى كما يكدح زوجك، اعرقى كما يعرق فإذا تساويتما فى التضحيات تساويتما فى الحقوق، فالرجل إذا خان خان من ماله، لكن الزوجة تخون من مال زوجها، لن تكون هناك مساواة مطلقة بينكن وبين الرجال فى هذا الإثم إلا إذا تطور الزمن تطوراً آخر فرأينا الزوجة تناضل فى الحياة وتكتسب بالقدر الذى يربحه الزوج!.. أليس هذا المنطق بحاجة لمراجعة بعد أن تطور الزمن إلى ما نراه الآن؟.. إن ريح التغير قد أصابت بعض ما جاء فى هذه من أفكار، لكنها مع ذلك تظل قطعة فنية تحمل طابع زمنها وتتضوع بالأريج الذى يفوح دائماً من قلم فناننا الكبير المبدع ".

هكذا تعالج مجلة حواء جريمة الزنا، وتطلب إعادة النظر فى جعلها حكراً على الزوج وحده كما يرى راهب الفكر، هذه هى رهبانية الفكر فى عالم الدواب.

هل يستغرب من مجلة حواء ـ التى تتمرغ فى هذا الحضيض ـ أن تنشر مقالاً للسيدة محررتها تحمل فيه حملة شعواء على ملابس الفضيلة التى تستر بدن المرأة كله عدا الوجه والكفين؟

إن " المعلمة " التى تقود نشاطاً نسوياً فى بلادنا تشبه هذه الملابس الشرعية السابغة بـ " الكفن! ".

وقد لعب التصوير دوره فى هذه المأساة، ففى الصفحة الخامسة من العدد صورة امرأة مضطجعة على وسادتها تحلم بالحب.. إن هذا أمر سائغ لا يعاب، وفى الصفحة الحادية عشرة صورة طالبة جميلة الملابس مشوهة الوجه، بادية الحشمة، كئيبة الطلعة!!

لم هذا التحامل؟.. ولحساب من؟.. الجواب معروف!

وتبلغ الوقاحة قرارها السحيق عندما تصف رئيسة التحرير نفسها ـ وقد نقلنا نماذج من أخلاق مجلتها ـ فتقول إنها " من الوقورات المحتشمات المؤمنات بدينهن المتقيات لله الفاعلات للخير.. الخ ".

ص: 157

وهذا أسلوب جديد فى الحرب المعلنة على الإسلام، يقول لك مستبيح الخمر والزنا والانحلال والاعوجاج: هل أنت بدعوتك إلى الصلاة والاستقامة مسلم؟.. لا، نحن أولى بالإسلام منك، إنك لا تعرف الإسلام، الإسلام تطور ومدنية، وليس المظاهر التى تتمسكون بها، نحن الصالحات الراقيات!

ونذكر قول الشاعر:

فياله من عمل صالح

يرفعه الله إلى أسفل!!

ص: 158