الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وواضح أن سائر الملل والنحل اتفقت على تكوين جبهة معادية للإسلام، فالكنائس الغربية والحكومات المسيحية ساندت إسرائيل ضد العرب المسلمين، والشيوعية والوثنية الهندوكية تعاونتا على سحق باكستان المسلمة، بينما وقفت الولايات المتحدة حليفتها السياسية ترمق المنظر متسلية.
وفى مصر قلب العالم الإسلامى تتسابق النشرات الشيوعية والصليبية على خداع القراء وسرقة عقائدهم.
وليت الأمر صراع كتابات، وحوار مجالس، إذن لخرج الإسلام من هذه الساحات كلها منتصراً.
إن الحرية هى الصديق الأول لديننا، وعندما ينهض الحكم فى بلادنا على أساس الرضا الشعبى والتجاوب مع إرادة الجماهير، فلن يكون إلحاد ولا انحراف، سيكون الحكم إسلامياً حتمياً فتلك رغبة الكثرة الساحقة من أفراد الأمة.
أتظن أن الغازى " مصطفى كمال " مثلاً لو عرض نفسه على الشعب التركى كان يظفر بـ (1 %) من أصوات الناخبين؟ إنه سوف يخرج من أى انتخابات حرة يجر أذيال الفشل..
إن الحكم الفردى المستبد هو وحده الذى يقهر الإسلام ويذل أمته، وقد عرفت أمريكا وروسيا ذلك فقررتا إحداث انقلابات عسكرية فى أرجاء العالم الإسلامى المترامى الأطراف.
وعن هذا الطريق لا غير يمكن لي عنان الجماهير، وتجريعها الصاب والعلقم.
والمضحك المبكى أن ذلك سيتم باسم الشعب نفسه، وقد سمى مصطفى كمال " أتاتورك " أى أبا الشعب، وهو فى خبيئته وعلانيته عدو الترك وكذلك أشباههم من الحاكمين المستبدين..
أندونيسيا المسلمة
ولنضرب مثلاً من " أندونيسيا " المسلمة الحائرة التى بلغ سكانها الآن نحو " 120 " مليوناً، تسعة أعشارهم مسلمون، إنها فى ظل الاستعمار الهولندى تعرضت لحركة تنصير واسعة النطاق، إذ عزلت عن العالم الإسلامى، ومنعت الكتب الإسلامية
إلا ما كان تافهاً قليل الغناء، بل إن الشعب الأندونيسى عزل بعضه عن بعض حتى يستطيع المبشرون افتراس كل جزء على حدة..
وقاوم المسلمون ببسالة هذا البلاء المبين، وأمكنهم أن يظفروا آخر الشوط بحريتهم فاستقلت أندونيسيا سياسياً، وقام فيها نظام نيابى ظفر فيه حزب " ماشومى " المسلم بكثرة الأصوات، وتألفت حكومة إسلامية يرأسها السيد " محمد ناصر "..
هل يترك الاستعمار العالمى مستقبل أندونيسيا المسلمة يتقرر على هذا النحو؟
كلا، لقد بحث عن شخص يستطيع تقليب الأمور، وتعكير الصفو، ووجد ضالته المنشودة فى " سوكارنو "، وهو رجل معروف بانحراف العقيدة، وسيطرة الغرائز البهيمية على حياته، وقد بدأ " سوكارنو " يعمل.
قال الأستاذ " علال الفاسى ": " إن دسائس الهند وهولندا زودت سوكارنو وأنصاره بأموال ضخمة فى الانتخابات الثانية، فأصبح الحزب الوطنى الذى يرأسه صاحب الأغلبية، وانكشف سلوك سوكارنو مما حمل المسلمين المخلصين والاشتراكيين على الثورة والمناداة بحكم إسلامى سليم والتغلب على حزب " ماشومى " الإسلامى، قام سوكارنو بعقد اتفاق مع حكومة الصين الشعبية يقضى بأن يتجنس الصينيون المقيمون بأندونيسيا ـ وهم عدة ملايين ـ بالجنسية الأندونيسية، وأن يشدوا أزر الحزب الشيوعى فى البلاد، فأصبح بذلك القوة السياسية الثالثة بعد الحزبين الوطنى والإسلامى!
وهكذا تحالف سوكارنو مع الشيوعيين، ثم شرع يضيق الخناق على النشاط الإسلامى باسم المحافظة على الأمن وإقرار النظام.. ".
ويلعب الإغراء بعقول الشيوعيين، وأملى لهم سوكارنو الذى صرح أحياناً بأنه ماركسى، فحاولوا الانفراد بالحكم إثر مذبحة أوقعوها بالفئات الإسلامية ذهب ضحاياها عشرات الألوف.
بيد أن الجيش تدخل مؤيداً الطلاب المكافحين والمجاهدين المسلمين فدحر الشيوعيين وقضى عليهم قضاء مبرماً.
قال الأستاذ " علال ": " وكان الواجب يقضى برد الأمر إلى الشعب ليختار حكومته ونوابه ".
لكن ذلك لم يحدث فقد تولى الجنرال سوهارتو السلطة وحكم البلاد بطريقة ترضى أمريكا، فولت الشيوعية الأدبار لتحل محلها الصليبية الزاحفة.
ويقول تقرير وصل إلى " رابطة العالم الإسلامى ": إن حملة التنصير اليوم أشد وأقوى فى أندونيسيا مما كانت عليه أيام الحكم الهولندى، والتنافس شديد بين البروتستانت والكاثوليك على تحقيق هذا الهدف..
وقد شرحنا فى كتابنا " دفاع عن العقيدة والشريعة " الخطة الزمانية الموضوعة لذلك، والتى أرصد لها " بابا روما " وحده " كاردينالاً " وواحداً وعشرين أسقفاً وجيشاً كثيفاً من القساوسة.
كل ذلك يعمل فى ظل حكم عسكرى قاهر يجور على المسلمين ويجبن أمام الغزاة والمستعمرين.
والطريف أن " سوكارنو " قدم إلى مصر، فاستقبل أعظم استقبال وطلب الرئيس جمال عبد الناصر من الأزهر الشريف منحه أعلى شهاداته العلمية، فمنح " العالمية " الفخرية فى العقيدة والفلسفة من كلية أصول الدين!!!
ولا أدرى لماذا لم يمنح العالمية فى تفسير القرآن وشرح السنة تمشياً مع القول النبوى الكريم: " إذا لم تستح فاصنع ما شئت "؟!
إن سوكارنو كان من ألد أعداء الإسلام، وكانت انحرافاته الجنسية الطافحة موضع القيل والقال، ولا ريب أن إعطائه أى وسام من الأزهر كان تحقيراً للأزهر نفسه!!
والحق إنى حائر فى فهم جمال عبد الناصر، لقد كنت كما يعلم الناس من جماعة الإخوان المسلمين، وأقرر أن جمال عبد الناصر وكمال الدين حسين بايعا فى ليلة واحدة على نصرة الإسلام ورفع لوائه، وقد كنت قريباً من مشهد مثير وقف فيه جمال عبد الناصر أمام قبر حسن البنا يقول:
" نحن على العهد وسنستأنف المسيرة "..
كان ذلك عقب قيام الثورة بأشهر قلائل.
وقد وضع كتاب مسلمون كبار مقدمات للرسائل التى كانت تصدر تحت عنوان " اخترنا لك " أمضاها جمال عبد الناصر وفيها أشرف ما يؤكده زعيم مسلم نحو أمته ودينه.
لا أدرى ما حدث بعد ذلك..
إنه تغير رهيب فى فكر الرجل وسيرته جعله فى كل نزاع بين الإسلام وطرف آخر ينضم إلى الطرف الآخر:
ـ انضم إلى الهند فى خصومتها المرة ضد باكستان المسلمة.
ـ انضم إلى الحبشة فى عدوانها الصارخ على أرتريا.
ـ انضم إلى تنجانيقا وأغضى عن المذبحة الشنعاء التى أوقعتها بشعب زنجبار المسلم، ورحب آخر ترحيب بنبربرى الذى يتظاهر بالاشتراكية وهو قسيس كاثوليكى!!
ـ انضم إلى القبارصة اليونان فى نزاعهم مع القبارصة المسلمين، وجعل الأزهر يستقبل مكاريوس عدو الكيان الإسلامى للأتراك.
ـ كان أسداً هصوراً فى قتال اليمن، وحملاً وديعاً فى قتال اليهود، حتى جعل اليهود ـ وهم أحقر
مقاتلين فى العالم ـ يزعمون أنهم لا يقهرون فى حرب!!
سريع إلى ابن العم يلطم خده
وليس إلى داعى الندى بسريع!
ـ ولقد ساند " البعث العربى " الحاقد على الإسلام، ورفض مساندة أى تجمع إسلامى، واخترع حكاية القومية العربية لتكون بديلاً عن العقيدة الإسلامية..!!
ومن الإنصاف أن نقول إن عدداً من رجال الثورة لم يكونوا راضين عن هذا الاتجاه الخاطئ.
وعندما تولى الرئيس " أنور السادات " الحكم كشف عن الوجه الحقيقى لمصر المسلمة، ودفع سياسة البلاد إلى طريق أرشد، وقضى على مراكز القوة التى كانت تريد السير بمصر بعيداً عن الإسلام.
لكن استنقاذ مصر مما ألم بها فى الماضى يحتاج إلى جهود مضاعفة خصوصاً بعد أن تحركت تيارات عديدة مناوئة للإسلام وظفرت بمكاسب ذات بال.
لقد أكدنا فى مواطن شتى أن مصر الإسلامية لا تتعصب لدين، ولا تتعصب ضد دين، وأنا أعلن أن الأمة الإسلامية تستطيع استيعاب يهود العالم أجمعين بين ظهرانيها كافلة لهم حرية مطلقة فى البقاء على عقائدهم وأداء شعائرهم، على أن يكونوا بداهة مواطنين مسالمين ينفعون ولا يضرون، فهل يقبل اليهود ذلك؟