المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم ‌ ‌المقدمة الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، - قصة البشرية

[محمد بن إبراهيم الحمد]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌ كون النبي صلى الله عليه وسلم خرج في أمة العرب:

- ‌ شرف النسب:

- ‌ بلوغه صلى الله عليه وسلم الذروة في مكارم الأخلاق:

- ‌ كونه صلى الله عليه وسلم أميا لا يقرأ ولا يكتب:

- ‌ثالثا: بدء الوحي:

- ‌شهادة فيلسوف نصراني على صدق رسالة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌من خصائص دين الإسلام

- ‌ شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله:

- ‌ إقامة الصلاة:

- ‌ إيتاء الزكاة:

- ‌ صوم رمضان:

- ‌ حج البيت:

- ‌أولا: الإيمان بالله:

- ‌ثانيا: الإيمان بالملائكة

- ‌منزلة القرآن الكريم من الكتب المتقدمة

- ‌السنة النبوية

- ‌ثمرات الإيمان بالكتب:

- ‌من ثمرات الإيمان بالرسل:

- ‌ الإيمان بالبعث:

- ‌ الإيمان بالجزاء والحساب:

- ‌ثمرات الإيمان باليوم الآخر

- ‌إنكار البعث بعد الموت والرد على هذا الزعم

- ‌إنكار عذاب القبر ونعيمه والرد على هذا الزعم

- ‌سادسا: الإيمان بالقدر

- ‌العبادة في الإسلام

- ‌تعريفها:

- ‌ فضائلها

- ‌ حال المسلمين في عصورهم المتأخرة لا تمثل حقيقة الإسلام:

- ‌ تأخر المسلمين سببه البعد عن الدين:

- ‌ القول بأن الإسلام دين تطرف وإرهاب مردود على من قاله:

- ‌الدخول في دين الإسلام

الفصل: بسم الله الرحمن الرحيم ‌ ‌المقدمة الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،

بسم الله الرحمن الرحيم

‌المقدمة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.

أما بعد:

فإن السعادة هدف منشود، ومطلب مُلِح، وغاية مبتغاة.

وكل إنسان يعيش على وجه الأرض يسعى لإسعاد نفسه، وطرد الهم عنها.

ولقد حرص الكتاب، والمفكرون، والفلاسفة، والأدباء، والأطباء على البحث في أسباب جلب السعادة، وطرد الهم؛ ولكل وجهة هو موليها، وقد علم كل أناس مشربهم.

ومع ذلك فإن السعادة التي يصل إليها أكثرهم سعادة مبتورة، أو ناقصة، أو وهمية أشبه ما تكون بالمخدر يتناوله متعاطيه، فيشعر بنشوة أول وهلة، حتى إذا ذهب أثره رجعت إليه الأحزان أضعافاً مضاعفة.

والسبب أن أولئك يغفلون أصل الأصول في جلب السعادة الحقة، ألا وهو الإيمان بالله عز وجل فذلك سر السعادة وطريقها الأقوم؛ فلا يجد السعادة الحقة الدائمة إلا من آمن بالله، واهتدى بهداه؛ فهناك يسعد في دنياه وأخراه.

ص: 1

وهذا الكتاب (1) الذي بين يديك يدعوك إلى السعادة العظمى؛ لأنه يهديك إلى الإيمان بربك الذي خلقك، ويدلك على الاعتقاد الحق الذي يؤيده عقلك السليم، وفطرتك السوية، والذي تعرف من خلاله بداية خلق الإنسان ونهايته، والحكمة من إيجاده، وغير ذلك مما ستجده في الصفحات التالية.

فهذا الكتاب يعرفك بدين الإسلام الذي ختم الله به الأديان، وارتضاه لجميع عباده، وأمرهم بالدخول فيه.

وسيتضح لك من خلاله عظمة هذا الدين، وصحة ما جاء به، وصلاحه لكل زمان، ومكان، وأمة.

وإذا أردت التفصيل بعد ذلك فما عليك إلا أن تبحث بنفسك، وأن تسأل عما يشكل عليك؛ فالإسلام دين مفتوح لا يغلق في وجه أحد، ولا يضيق بالأسئلة مهما كثرت وتنوعت؛ فلكل سؤال في دين الإسلام جواب، ولكل قضية حكم.

فإلى موضوعات الكتاب، والله المستعان، وعليه التكلان، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

محمد بن إبراهيم الحمد

الزلفي 11932 - ص. ب: 460

5 / 4 / 14120 هـ.

(1) هذا الكتاب كتب لتعريف غير المسلمين بالإسلام، ولهذا سوف يلاحظ القارىء قلة الحواشي والتفصيلات

ص: 2

قصة البشرية

تبدأ قصة البشرية منذ أن خلق الله أبا البشر آدم عليه السلام حيث خلقه الله بيده الكريمة من طين، ونفخ فيه من روحه، وعَلَّمَهُ أسماء الأشياء كلها من الطيور، والدواب، وغير ذلك، وأمر الملائكة أن يسجدوا لآدم؛ زيادة في التكريم والتشريف؛ فسجدوا كلهم إلا إبليس أبى واستكبر، فأهبطه الله من ملكوت السماوات، وأخرجه ذليلا مدحورا، وقضى عليه باللعنة، والشقاء، والنار.

وبعد ذلك سأل إبليس ربَّه أن يُنظِرَه إلى يوم القيامة، فقال الله:{إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ} فقال إبليس: {فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} {إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} ، وقال:{فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}

فقال الله عز وجل {اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ}

ص: 3

فأخرجه الله من الجنة، وأعطاه القدرة على الوسوسة والإغواء، وأمهله إلى يوم القيامة؛ ليزداد إثما، فتعظم عقوبته، ويتضاعف عذابه، وليجعله الله محكا يتميز به الخبيث من الطيب.

ثم بعد ذلك خلق الله من آدم زوجه حواء؛ ليسكن إليها، ويأنس بها، وأمرهما أن يسكنا دار النعيم الجنة التي فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وأخبرهما عز وجل بعداوة إبليس لهما، ونهاهما عن الأكل من شجرة من أشجار الجنة؛ ابتلاءاً وامتحاناً؛ فوسوس لهما الشيطان، وزين لهما الأكل من تلك الشجرة، وأقسم لهما أنه لهما من الناصحين، وقال:((إن أكلتما من هذا الشجرة كنتما من الخالدين))

فلم يزل بهما حتى أغواهما، فأكلا من الشجرة، وعصيا ربهما؛ فندما على ما فعلا أشد الندم، وتابا إلى ربهما، فتاب عليهما، واجتباهما، لكنه أهبطهما من الجنة دار النعيم إلى الدنيا دار النصب والتعب، وسكن آدم الأرض، ورزقه الله الذرية التي تكاثرت، وتشعبت إلى يومنا الحاضر، ثم توفاه الله، وأدخله الجنة.

ومنذ أن أهبط الله آدم وزوجته إلى الأرض والعداوة قائمة مستمرة بين بني آدم من جهة، وبين إبليس وذريته من جهة.

ص: 4

ومنذ ذلك الحين وإبليس وذريته في صراع دائم مع بني آدم؛ لصدهم عن الهدى، وحرمانهم من الخير، وتزيين الشر لهم، وإبعادهم عما يرضي الله؛ حرصا على شقائهم في الدنيا، ودخولهم النار في الآخرة.

ولكن الله عز وجل لم يخلق خلقه سدى، ولم يتركهم هملا، بل أرسل إليهم الرسل الذين يبينون لهم عبادة ربهم، وينيروا لهم دروب الحياة، ويوصلوهم إلى سعادة الدنيا والآخرة، فأخبر - سبحانه - الجن والإنس أنه إذا أتاكم مني كتاب، أو رسول يهديكم لما يقربكم مني، ويدنيكم من مرضاتي فاتبعوه؛ لأن من اتبع هدى الله، وآمن بكتبه ورسله، وما جاء في الكتب، وما أمرت به الرسل فإنه لا يخاف، ولا يضل، ولا يشقى، بل تحصل له السعادة في الدنيا والآخرة.

وهكذا بدأت قصة البشرية، فعاش آدم ومن بعده ذريته عشرة قرون وهم على طاعة الله، وتوحيده، ثم حصل الشرك، وعُبِد غير الله مع الله؛ فبعث الله أول رسله وهو نوح عليه السلام يدعو الناس إلى عبادة الله، ونبذ الشرك.

ص: 5

ثم تتابع الأنبياء والرسل من بعده على اختلاف بينهم في الأزمنة، والأمكنة، وبعض الشرائع، وتفاصيلها مع الاتفاق في الأصل وهو الدعوة إلى الإسلام، وعبادة الله وحده، ونبذ ما يعبد من دونه.

إلى أن جاء إبراهيم عليه السلام فدعا قومه إلى ترك عبادة الأصنام وإفراد الله بالعبادة، ثم كانت النبوة في ذريته من بعده في إسماعيل وإسحاق ثم كانت في ذرية إسحاق.

ومن أعظم الأنبياء من ذرية إسحاق، يعقوب، ويوسف، وموسى، وداود، وسليمان، وعيسى عليهم السلام.

ولم يكن بعد عيسى نبي من بني إسرائيل.

وبعد ذلك انتقلت النبوة إلى فرع إسماعيل؛ فكان أن اصطفى الله عز وجل محمدا صلى الله عليه وسلم ليكون خاتما للأنبياء، والمرسلين، ولتكون رسالته هي الخاتمة، وكتابه الذي أنزل إليه وهو القرآن هو رسالة الله الأخيرة للبشرية.

ولهذا جاءت رسالته شاملة، كاملة، عامة للإنس والجن، العرب وغير العرب، صالحة لكل زمان، ومكان، وأمة وحال؛ فلا خير إلا دلت عليه، ولا شر إلا حذرت منه، ولا يقبل الله من أحد دينا سوى ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.

ص: 6

1-

دعوة إبراهيم، وبشرى عيسى عليهما السلام ورؤيا أمه آمنة: يقول النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه: «أنا دعوة إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أمي حين حملت بي كأنه خرج منها نور أضاءت له بصرى من أرض الشام»

ومعنى الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أنا مصداق دعوة إبراهيم الخليل عليه السلام لأن إبراهيم لما كان يرفع القواعد من الكعبة في مكة ومعه ابنه إسماعيل كان يقول - كما أخبرنا الله عنه في القرآن -: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} .

فاستجاب الله دعوة إبراهيم وإسماعيل فكان النبي الخاتم محمدا عليه الصلاة والسلام من ذريتهما.

ص: 7

أما قوله: «وبشرى عيسى» فإن نبي الله عيسى عليه السلام قد بشر بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم كما أخبر الله عنه في القرآن فقال: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}

فعيسى عليه السلام هو آخر نبي من أنبياء بني إسرائيل، وليس بينه وبين محمد صلى الله عليه وسلم نبي.

فعيسى بَشَّر بنبي يأتي من بعده اسمه أحمد، وأحمد من أسماء النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

أما رؤيا أمه فقد رأت رؤيا صادقة؛ ذلك أن أمه لما أخذها المخاض، فوضعته تَمَثَّل لعينيها ذلك النور الذي أضاءت له بصرى من أرض الشام.

ص: 8