الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5-
كونه صلى الله عليه وسلم أميا لا يقرأ ولا يكتب:
فهذا من أعظم المهيئات والدلائل على صدق نبوته؛ فهذا الرجل الأمي الذي لم يقرأ كتابا، ولم يكتب سطرا، ولم يقل شعرا، ولم يرتجل نثرا، الناشئ في تلك الأمة الأمية - يأتي بدعوة عظيمة، وبشريعة سماوية عادلة تستأصل الفوضى الاجتماعية، وتكفل لمعتنقيها السعادة الإنسانية الأبدية، وتعتقهم من رق العبودية لغير ربهم - جل وعلا -.
كل ذلك من مهيئات النبوة، ومن دلائل صدقها.
ثانيا: نبذة عن نسبه، وحياته:
هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، بن عبد مناف، بن قصي، بن حكيم، بن مرة، بن كعب، بن لؤي، بن غالب، بن فهر، بن مالك، بن النضر، بن كنانة، بن خزيمة، بن مدركة، بن إلياس، بن مضر، بن نزار، بن معد، بن عدنان، وعدنان من العرب، والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام.
وأم النبي صلى الله عليه وسلم هي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة، وزهرة أخو جد النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد تزوج بها عبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم وأقام معها في بيت أهلها ثلاثة أيام، فلم تلبث أن حملت بالنبي صلى الله عليه وسلم ولم تجد في حمله ثقلا، ولا وحما كما هو شأن المحصنات الصحيحات الأجسام.
وقد رأت أمه رؤيا لما حملت به، وقد مر ذكر الرؤيا في كلام سابق.
وقد ولدته أمه سوي الخلق، جميل الصورة، صحيح الجسم، وكانت ولادته عام الفيل الموافق للحادي والسبعين بعد الخمسمائة للميلاد.
وقد توفي والده وهو حمل في بطن أمه، فكفله جده عبد المطلب، وأرضعته أمه ثلاثة أيام ثم عهد جده بإرضاعه إلى امرأة يقال لها حليمة السعدية.
وكان من عادة العرب أن يسترضعوا لأولادهم في البوادي؛ حيث تتوافر أسباب النشأة البدنية السليمة.
ولقد رأت حليمة السعدية من أمر هذا الرضيع عجباً، ومن ذلك أنها أتت مع زوجها إلى مكة على أتان هزيلة بطيئة السير، وفي طريق العودة من مكة، وهي تضع الرضيع في حجرها كانت الأتان تعدو عَدْوَا سريعا، وتُخَلف وراءها كل الدواب؛ مما جعل رفاق الطريق كلهم يتعجبون.
وتحدث حليمة بأن ثديها لم يكن يدر شيئا من الحليب، وأن طفلها الرضيع كان دائم البكاء من شدة الجوع، فلما ألقمت الثدي رسول الله صلى الله عليه وسلم در غزيرا، فأصبحت ترضعه وترضع طفلها حتى يشبعا.
وتحدث حليمة عن جدب أرض قومها ديار بني سعد، فلما حظيت بشرف رضاعة هذا الطفل أنتجت أرضها، وماشيتها، وتَبَدَّلت حالها من بؤس وفقر، إلى هناء ويسر.
وبعد سنتين عادت به حليمة إلى أمه وجده في مكة، لكن حليمة ألحت على أمه أن توافق على بقائه عندها مرة ثانية؛ لما رأت من بركته عليها؛ فوافقت أمه آمنة، فعادت حليمة بالطفل مرة أخرى إلى ديارها والفرحة تملأ قلبها.
وبعد سنتين عادت به حليمة إلى أمه، وعمره آنذاك أربع سنوات، فحضنته أمه إلى أن توفيت، وكان له من العمر ست سنين، فكفله جده عبد المطلب سنتين ثم توفي، فأوصى به إلى ابنه أبا طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم فحاطه بعنايته كما يحوط أهله وولده.
إلا أنه كان لفقره يعيش عيش الشظف؛ فلم يتعود صلى الله عليه وسلم نعيم الترف.
ولعل ذلك من عناية الله بهذا النبي الكريم.
وكان صلى الله عليه وسلم قد ألف رعي الغنم مع إخوانه من الرضاع لما كان في بادية بني سعد، فصار يرعى الغنم لأهل مكة؛ فيوفر على عمه أبي طالب بما يأخذه على ذلك من الأجر.
ثم سافر مع عمه أبي طالب في تجارة إلى الشام، وله من العمر اثنتا عشرة سنة، وشهران، وعشرة أيام، وهناك رآه بحيرا الراهب، وبشر به عمه أبا طالب، وحذره من اليهود عليه بعد أن رأى خاتم النبوة بين كتفيه.
ثم إنه سافر مرة أخرى مُتَّجرا بمالٍ لخديجة بنت خويلد، فأعطته أفضل مما كانت تعطي غيره؛ إذ جاءت تلك التجارة بأرباح مضاعفة، بل جاءت بسعادة الدنيا والآخرة.
وكانت خديجة هذه أعقل وأكمل امرأة في قريش، حتى كانت تدعى في الجاهلية: الطاهرة؛ لما لها من الصيانة، والعفة، والفضائل الظاهرة.
ولما حدثها غلامها ميسرة بما رأى من النبي صلى الله عليه وسلم في رحلته معه إلى الشام، من الأخلاق العالية، والفضائل السامية، وما قاله بحيرا الراهب لعمه أبي طالب في رحلته الأولى إلى الشام - تعلقت رغبتها به، وبأن تتخذه زوجا لها، وكانت قد تزوجت من قبل، وتوفي عنها زوجها؛ فتم ذلك الزواج الميمون، وكان عمره آنذاك خمسة وعشرين سنة، وعمرها قريبا من أربعين سنة.
ولم يتزوج عليها طيلة حياتها، ولا أحب مثلها، وتوفيت بعد البعثة النبوية بعشر سنين، فكان كثيرًا ما يذكرها، ويتصدق عنها، ويهدي لصاحباتها، وهي الزوجة التي رزق منها جميع أبنائه عدا إبراهيم فإنه من زوجته ماريا القبطية.
هذه بعض أخباره وسيرته قبل النبوة، وبدء الوحي على سبيل الإجمال.