الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1-
أن
حال المسلمين في عصورهم المتأخرة لا تمثل حقيقة الإسلام:
فمن الظلم وقصور النظر أن تُجْعَلَ حال المسلمين في هذه العصور المتأخرة - هي الصورة التي تمثل الإسلام، فيُظن أن الإسلام لم يرفع عنهم الذلة، ولا التفرق، ولا الفقر.
فعلى من يريد الحقيقة بعدل وإنصاف أن ينظر إلى دين الإسلام من خلال مصادره الصحيحة من كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه سلف الأمة الصالح، وأن ينظر إلى الإسلام من خلال الكتب التي تتحدث عنه بعدل وعلم، فسيتبين له أن الإسلام يدعو إلى كل صلاح ديني ودنيوي، وأنه يحث على الاستعداد لتعلم العلوم النافعة، وأنه يدعو إلى تقوية العزائم، وجمع الكلمة.
ثم إن انحرافات بعض المنتسبين إلى الإسلام - قلت أو كثرت - لا يجوز بحال من الأحوال أن تحسب على الدين أو أن يعاب بها، بل هو براء منها، وتبعة الانحراف تعود على المنحرفين أنفسهم؛ لأن الإسلام لم يأمرهم بذلك؛ بل نهاهم وزجرهم عن الانحراف عما جاء به.
ثم إن العدل يقتضي بأن يُنظر في حال القائمين بالدين حق القيام، والمنفذين لأوامره وأحكامه في أنفسهم وفي غيرهم؛ فإن ذلك يملأ القلوب إجلالا ووقارا لهذا الدين وأهله؛ فالإسلام لم يغادر صغيرة ولا كبيرة من الإرشاد والتهذيب إلا حث عليها، ولا رذيلة أو مفسدة إلا صد عن سبيلها، وبذلك كان المعظمون لشأنه، المقيمون لشعائره في أعلى طبقة من أدب النفس، وتربيتها على محاسن الشيم، ومكارم الأخلاق، يشهد لهم بذلك القريب والبعيد، والموافق، والمخالف.
أما مجرد النظر إلى حال المسلمين المفرطين في دينهم، الناكبين عن صراطه المستقيم - فليس من العدل في شيء، بل هو الظلم بعينه.