الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: تحريم الخروج على الإمام المسلم
قال الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى: ((
…
ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا، ولا ندعو عليهم، ولا ننزع يداً من طاعة، ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة، ما لم يأمروا بمعصيةٍ وندعو لهم بالصلاح والمعافاة
…
)) (1).
13 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات مِيتةً جاهليةً (2)، ومن قاتل تحت راية عُمِّيَّةٍ (3) يغضب لعصبةٍ، أو يدعو إلى عصبة، أو ينصر عصبة (4)، فقُتل فَقِتْلَةٌ جاهلية، ومن خرج على أمتي يضرب برَّها وفاجرها، ولا يتحاشى من مؤمنها (5)، ولا يفي لذي عهدٍ عهده، فليس مني ولست منه)) (6).
14 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من رأى من
(1) العقيدة الطحاوية بتعليق سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى، ص22، وانظر: أصول أهل السنة لإمام أهل السنة أحمد بن حنبل، شرح وتحقيق الوليد بن محمد بن نبيه، ص64، نشر مكتبة ابن تيمية. وشرح السنة للإمام الحسن بن علي البربهاري بتحقيق خالد بن قاسم الردادي، الفقرات: 29، 31، 33، 34، 35، 36، 138، 159.
(2)
أي على صفة موت الجاهلية من حيث هم فوضى لا إمام لهم. شرح النووي، 12/ 481، وليس المراد أنه يموت كافراً، بل يموت عاصياً. فتح الباري، 13/ 7.
(3)
عُمِّيَّةٍ: هي الأمر الأعمى لا يستبين وجهه، كذا قاله أحمد والجمهور. انظر: شرح النووي،
12/ 481.
(4)
والمعنى: يقاتل عصبية لقومه وهواه. انظر: شرح النووي، 12/ 482.
(5)
والمعنى: لا يكترث بما يفعله فيها، ولا يخاف وباله وعقوبته. شرح النووي، 12/ 483.
(6)
أخرجه مسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن
…
،برقم 1848.
أميره شيئاً يكرهه فليصبر؛ فإنه من فارق الجماعة شبراً (1) فمات فَمِيتَةٌ جاهلية)) (2).
15 -
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له (3)، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتةً جاهلية)) (4).
16 -
وعن عرفجة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من أتاكم وأمركم جميعٌ (5) على رجل واحد يريد أن يشقَّ عصاكم (6)، أو يُفرّق جماعتكم فاقتلوه)) (7).
17 -
وسأل سلمةُ بنُ يزيد الجُعفي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله أرأيتَ إن قامت علينا أمراءُ يسألونا حقهم، ويمنعونا حقنا، فما تأمرنا؟ فأعرض عنه، ثم سأله فأعرض عنه، ثم سأله في الثانية أو في الثالثة
(1) قوله: ((شبراً)) كناية عن معصية السلطان ومحاربته، والمراد بالمفارقة السعي في حل عقد البيعة التي حصلت لذلك الأمير ولو بأدنى شيء، فكنى عنها بمقدار الشبر؛ لأن الأخذ في ذلك يؤول إلى سفك الدماء بغير حق. انظر: فتح الباري، 13/ 7.
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:((سترون بعدي أموراً تنكرونها))، برقم 7054، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن، برقم 1851.
(3)
أي لا حجة له في فعله، ولا عذر له ينفعه. شرح النووي، 12/ 483.
(4)
أخرجه مسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن .. ،برقم 1851.
(5)
أي مجتمع.
(6)
يشق عصاكم: يفرق جماعتكم كما تفرق العصا المشقوقة، وهو عبارة عن ((اختلاف الكلمة وتنافر النفوس))، شرح النووي، 12/ 484.
(7)
مسلم، كتاب: الإمارة، باب حكم من فرّق أمر المسلمين وهو مجتمع، برقم 1852.
فجذبه الأشعث بن قيس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اسمعوا وأطيعوا؛ فإنما عليهم ما حُمِّلُوا، وعليكم ما حملتم)) (1).
18ـ وعن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنه سيستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن كره فقد برئ ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع))،قالوا: يا رسول الله ألا نقاتلهم؟ قال: ((لا ما صلّوا)) (2).
19 -
وعن عوف بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((خيار أئمتكم الذين تحبّونهم ويحبّونكم، ويُصلُّون عليكم وتُصَلُّون عليهم (3)، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم)) قيل:
يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف؟ فقال: ((لا. ما أقاموا فيكم الصلاة، وإذا رأيتم من وُلاتكم شيئاً تكرهونه فاكرهوا عمله، ولا تنزعوا يداً من طاعة)) (4).
20 -
وعن نافع قال: لما خلع أهل المدينة يزيدَ بن معاوية جمع ابن عمر حَشَمه (5) وولده، فقال: إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((يُنْصَبُ لكل غادرٍ لواءٌ يوم القيامة))، وإنَّا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله، وإنِّي لا أعلم غدراً (6) أعظم من أن يبايع رجُلٌ على بيع الله ورسوله ثم يُنْصَبُ له
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب في طاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق، برقم 1846.
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب الإنكار على الأمراء فيما يخالف الشرع، وترك قتالهم ما صلوا، برقم 1854.
(3)
يصلّون عليكم: أي يدعون لكم وتدعون لهم. شرح النووي، 12/ 487.
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، برقم 1855.
(5)
((حشمه)):الحشمة العصبة، والمراد هنا خدمه ومن يغضب له، وفي رواية: أهله وولده. الفتح،13/ 71.
(6)
وفي رواية: ((وإن من أعظم الغدر بعد الإشراك بالله أن يبايع رجل رجلاً
…
الحديث))، انظر: فتح الباري، 13/ 71.
القتال، وإني لا أعلم أحداً منكم خلعه، ولا بايع في هذا الأمر إلا كانت الفيصل بيني وبينه (1).
قال ابن حجر رحمه الله: ((وفي هذا الحديث وجوب طاعة الإمام الذي انعقدت له البيعة، والمنع من الخروج عليه ولو جار في حكمه، وأنه لا ينخلع بالفسق)) (2).
(1) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب إذا قال عند قوم شيئاً ثم خرج فقال بخلافه، برقم
7111، وأخرج الفقرة الأولى منه مسلم في كتاب الجهاد والسير، باب تحريم الغدر، برقم 1735/ 10.
(2)
فتح الباري، 13/ 71 - 72.