المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر من اسمه عبد الواحد - قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان - جـ ٣

[ابن الشعار]

الفصل: ‌ذكر من اسمه عبد الواحد

/153/

‌ذكر من اسمه عبد الواحد

[368]

عبد الواحد بن أبي سالم بن جعفر بن محمدٍ، أبو محمد] المصريُّ.

كان فقيهًا شافعي المذهب، شاعراً يعرف الأدب والعروض، ويحفظ كثيراً من أشعار العرب.

ورد مدينة السلام، ونزل بالمدرسة النظامية واثبت بالخبز والمشاهرة، ودفن بجانبها الشرقي بدرب الخبازين.

وكان حاذي اللسان من الشعراء المذكورين في خدمة الديوان العزيز الناصري وله في الإمام الناصر لدين الله -أمير المؤمنين- مدائح كثيرة.

أنشدني أبو الحسن علي بن محمد بن صدقة الخفاجي البغدادي الشاعر؛ قال: أنشدني أبو محمد المصري لنفسه من قصيدة: [من الكامل].

بيضاء قد لعب الصِّبا بقوامها

وأقام فيه قيامه العذَّال

رأت انهمال مدامعي فتبسمت

فنضت عقيقاً عن عقود لآلي

/77 ب/

معاطفها الوشاح فاسلمت

شمل العبير إلى هبوب شمال

أو ضلَّ واشيها المضلِّل أنَّني

سالي الهوى في ريقها السَّلسال

ومنها:

أو أنَّ قلبي راح منها خالياً

أو من هواها في الزمان الخالي

ما روح بلبالي غداة تحمَّلت

في الظَّاعنين مجدَّد بل بالي

قد قوبلت بالحسن كلُّ جهاتها

من حيث عنَّت أقبلت بجمال

ص: 129

وأنشدني الشريف علي المظفر بن الفضل الحسيني؛ قال: أنشدني أبو محمد المصري لنفسه، يهجو إبن العصّار اللغويّ البغدادي:[من مجزوء الكامل].

أضحت عيوبك بادية

لغريب جهلك حاشيه

يا كلب كلب بنى سليـ

ـم عبيد أهل البادية

ما إن رأيتك مقبلاً

كالدَّلو نيط برواية

إلَاّ قرأت كأنًّه

{إعجاز نخلٍ خاويه}

وقال أيضاً: [من البسيط]

/78 أ/ الروح في لصمة الساقي إذا نعسا

والوجد في قول مقتول الصُّدود عسى

ما للهوى مذهوى نجمي بساحته

أحسنت فيه لمحبوب إلى أسا

لم يبق من جلدي عقبى .... .... إلَاّ الزفير وإنء أعلىً له نفسا

ومن نوى ذا اللَّما ظامٍ موشَّحه

أغضي لديه فيبدي لحظه شوسا

قد أردف الرِّدف منه في الضّلوع حوّى

والساق ساق رسياً في الفؤاد رسا

يسعى بكوكب راحٍ من زجاجته

كأنَّه من سنى خدَّيه قد قبسا

مازلت أمزجهّا من خمر ريقته

حتى أضاء من الدَّيجور ما التبسا

[369]

عبد الواحد بن أبي سالم المصريُّ

يمدح تاج الدين التكريتي: [من الوافر]

بك الأيام مثمرة الأماني

فدام بها سعودك والتَّهاني

ولازالت حليُّ الفضل يهنى

ويرفل في مغانيك الحسان

لقد أصبحت تاج الدِّين تاجاً على الإسلام كلِّل بالجمان

وللعلماء قد أصبحت ظلًّا

ظليلًا للأقاصي والأداني

/78 ب/ وكم لك أوَّل في كلِّ مجدٍ

ومالك أنت في العلياء ثاني

ص: 130

رددت إلى العلوم علوَّ شأن

خفضت به مكانة كلِّ شاني

تعوَّد بالمثاني كلَّ يومٍ

إذا القيت تفسير المثاني

فدم تحيا ليحيا كل ظنٍّ

بجود منك للعافين داني

وعش لبنيك في عمرٍ طويلٍ .... بعيد الشَّأو ممتدَّ العنان

لتبلغ فيهم وليبلغوا في

علاك الأمن من غير الزمان

فراقد قد لأحطن ببدر تمٍّ وما في الأفق إلَاّ الفرقدان

لمدرسة النِّظام بلا انتظامٍ

رفعت محلَّها أعلى مكان

ولم لا تستنير وقد حواها

إمامٌ جامعٌ كلَّ المعاني

تهزُّك أريحيَّات السَّجايا

كما هزَّت شمالٌ غصن بان

ويأرج في المحافل منك ذكرٌ

كنفح النسك في حلل الغواني

إذا ما جال مدحك في ضميري

حبست به جناتي في جناني

فحلمك لا يزال ملاذ جاني

وعلمك لايزال تشمار جاني

فدونك مدحةً عن ذي ولاء

بنشر علاك مرتهن اللِّسان

/79 أ/ فما حاك الوليد ولا ابن أوسً

لها إبناً ولا الحسن بن هاني

ودم في المجد ما سجعت حمامٌ

بألحانٍ كألحان الفيان

[370]

عبد الواحد بن إبراهيم بن الحسن بن نصر الله بن عبد الواحد بن أحمد بن الحسين، أبو نصر المعروف بابن الفقيه، البغدادي منشاً، الموصليُّ أصلاً.

ص: 131

والدَّسكرة قرية في طريق خراسان، قريبة من شهرابان، من بيت ذوي أملاك وثناية، وثروة وكفاية، وفقه وولاية، ورواية وجراية.

دخل عبد الواحد بن أحمد بن الحسن المعروف بابن الفقيه، إلى بغداد ولازم الشيخ أبا إسحاق الشيرازي –رحمه الله واشتغل عليه، وانتفع به، وائتمَّ به بالفقه، وصار لا يعرف إلَاّ بالفقيه، وعرف بيته به حتى إنَّ أباه الحسن بن الحصين، صار لا يعرف ألَاّ بأبي الفقيه.

وحسن ظن الإمام المقتدي بالله فيه؛ فجعله وكيله. وجده الحسن بن نصر الله تولَّى أشراف المخزن. /79 ب/ المعمور في أيام المستضيء بأمر الله، وثقة الدولة أبو القاسم الحسن وهو أخو نصر الله، تولى صدرية المخزن المعمور في أيام المستظهر بالله.

وأبو نصر كان شاعراً مجيداً، كاتباً سديداً، فصيح العبارة، متمكناً من القول، أديباً بارعاً فاضلاً، فمن شعره قوله:[من الوافر]

وما متكثِّر النَّظر ......

ولكن لا نظير له بمعنى

له وجهان هذا غير هذا

ومن هذا فوائد ذاك تجنى

يهبِّر عن أمورٍ غائباتٍ

متى ظهرت إلينا غاب عنَّا

ويركبه من الحشرات شيءٌ سعى فيما عناه وما تعنَّى

ويؤوي من ذوات الِّلف جمعاً

وممَّا في قرار البحر ....

يثدير جوارحاً ويثير وحشاً

ويحمل عدَّةً ويروض جنَّا

ص: 132

له تاجٌ ومنطقةٌ فإمّا

...............................

وله أيضاً: [من الطويل]

وما حيوانٌ إن يغب عنك شخصه

فإنَّ فيما أحاجي تلاقيه

تكمَّل إنساناً بتضعيف نصفه

وتبدي لك البيداء تضعيف باقيه

أملى علي جملة من أقاويله، وما نشدني وزعم /80 أ/ أنه عمل هذه الأبيات بديهاً:[من الكامل]

قم عاطني خمراً يكاد شميمها

يحيى به المقبور وهو رميم

فكأنَّها شمس الضُّحى ويروجها

أيدي النَّدامى والحباب نجوم

يسعى بهارشأ كأنَّ رضا به

ضربٌ زهاه لولوٌ منظوم

في كلِّ سهمٍ من سهام لحاظه

أجلٌ لمرميَّ به محتوم

دَّبت إلى صدري عقارب صدغه

فأنا السَّليم بهنَّ وهو سليم

ومن العجائب أنَّ هذا ظالمٌ

لا يرعوي ومحبِّه المظلوم

وأنشدني لنفسه: [من البسيط]

قم عاطني من شمول الراح شمس ضحًى

براح بدر دجًى حلو شمائله

مورَّد الخدِّداجي الفرع فاحمه

عل الرَّوادف واهي الخصًر ناحله

يستل من بين جفنيه لسفك دمي

مهنَّداً فوق خدَّيه جمائله

ما سحر هارت إلَاّ في لواحظه

سبي القلوب وفي الأجفان بابله

تخال نور الأقاحي في مقبَّله

والغصن ما ضمِّنت منه غلائله

من المعين على وجد به ومتى

ودلَّت لواذعه لجَّت عواذله

أعجب به معرضاً عني بلا سببٍ

وفي فأخطأ قلب الصَّبر نائله

كأنَّ في القلب مغناطيس أنصلها

أو السِّهام كناناتٌ مقاتله

يروم رؤياه طرفي وهو مسهره

ويشتهيه فؤادي وهو قاتله

وأنشدني أيضاً قوله: [من البسيط]

وشادن بابليِّ الطَّرف لو رشقت

لحاظه قلب هاروتٍ لما سحرا

ص: 133

كأنَّ غانيةً فتَّ العبير بها

في فيه لمَّا ترشَّفت اللَّما سحرا

لمَّا أقرَّت بقتلي وجنتاه بدا

خطًّ العذار على خدَّيه معتذرا

عاطيته في ظلام الليل شمس ضحىً

درُّ الثُّريّا على كاساته نثرا

فقال لي وثنى من قدِّه غصنا

وشام مبتسماً من ثغره دررا:

كيف السبيل إليها أو إلى بها

والشمس ما ينيغي أن تدرك القمرا

فقلت لمَّا رأى فيها محاسنه:

دع ما سمعت وصدِّق ما ترى نظرا

وأنشدني أيضاً من شعره: [من مجزوء الرجز]

عش خاملاً لا حاملاً

في رتبةٍ ثقل الحذر

ونم ولا تنم فإنَّ المرتقى فيه الخطر

فالمرء لا يسقط إلَّا إن علا وإن ظهر

والريح لا تقلع إلَّا ما علا من الشجر

/81 أ/ وأنشدني أيضاً لنفسه: [من البسيط]

كان الأخلاء في الماضي من الزمن

نعم الذَّخائر في الأفراح والحزن

واليوم خيرهم من إن علت يده

بعدُّ كفُّ أذاه اعظم المنن

وأنشدني لنفسه: [من الكامل]

نفسى الفداء لمن سميري ذكره

وحشاشتي في أسره ووثاقه

رشاً لو أن البدر قابل وجهه

في تمِّه لكساه ثوب محاقه

يناد ليناً قدُّه فكأنَّه

غصن الأراك يميس في أوراقه

فمعاطف الأغصان في أثوابه

ومطالع الأقمار في أزياقه

تبدو على وجناته لمحيِّه

ما سأل يوم البين من آماقه

طعم السُّلافة ريقه وشعاعها

في خدِّه والطف في أخلاقه

غفل الرقيب فزارني فوشى به

في ليل طرَّته سنى إشراقه

حتى إذا ما الليل مدَّ رواقه

وقضى بجمع الشَّمل بعد فراقه

ص: 134

هجم الصباح على الدُّجى بحسامه

فظننت أنَّ الصبح من عشاقه

وأنشدني له؛ يلغز في البومة: [من الطويل]

وما حيوانٌ إنء يغب عنك شخصه

فإنَّ اسمه فيما أحاجي نلاقيه

/81 ب/ تصحَّح بتضعيف نصفه

وتبدي لك البيداء تضعيف باقيه

وأنشدني لنفسه أيضاً: [من الكامل]

قسماً يحبِّك إنَّ في قلبي إلى

رؤياك حرَّاً منه صبري ذائب

فلو أنَّ أشواقي إليك تجسَّمت

ضاقت بهنَّ مشارقٌ ومغارب

أو كنَّ لي عملاً يراد حسابه

أعيا بها الملك الحفيظ الكاتب

وأنشدني لنفسه في ثقيل: [من مجزوء الكامل]

وثقيل طبع من رزا

نته أديم الأرض شاكي

تقع الزلازل إن مشى

فالأرض دائمة الحراك

وكأنَّما كره البسيـ

ـطة تحته كره المحاكي

وأنشدني أيضاً من شعره: [من مجزوء الرجز]

من منصفي من ظالمٍ

أسهر عيني ورقد

يضحك منَي كلَّماً

بليت من طول الكمد

فأدمعي وثغره

عقد عقيق وبرد

لكنَّ ذا منتظمٌ

وذا على خدِّي بدد

بدر تمام ما بدا

لناظرٍ إلَّا سجد

/82 أ/ وقال ما قال النَّصا

رى في المسيح واقتصاد

إذ لم يقل حين بدا

بأنَّه الفرد الصَّمد

مقتدياً فيه بمن

للبدر والشمس عبد

حتى إذا صار الضلا

ل فيه ديناً يعتقد

خطَّ على أسيله

عذاره لمَّا ورد:

يا قوم لا تفتتنوا

ما اتَّخذ الله ولد

أعيذه بهل أتى

وقل هو الله أحد

ص: 135

من كيد كل كائد

وحاسد إذا حسد

ما فاتك الألحاظ لا

يفتك في قتلى أحد

فما على المولى إذا

ما قتل العبد قود

ووجدت له هذين البيتين في غلام رمدت عيناه: [من السريع]

قالوا أهذا رمدٌ أم خبت

شقائق النُّعمان عيناه

فقلت: كلَاّ سيف الخاظه

مختصبٌ من دم قتلاه

وقال أيضاً: [من الوافر]

/82 ب/ إذا وردٌ تمرَّض بين قوم

واحوج أن يداوى كالعليل

وصار الوصل بينهم سبيلاًّ

إلى هجرٍ وهجران طويل

فذاك القرب أقرب منه نفعاً

مقاطعةٌ على وجهٍ جميل

وقال أيضاً: [من الرمل]

أنت مادمت غنيًا موسراً

لك كلُّ الناس خلُّ وحبيب

ذا يداجيك وهذا ودُّه

لك مبذولٌ وذا منك قريب

فإن احتجت إليهم مرَّةً قلبت عنك وجوهٌ وقلوب

ص: 136