المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر من اسمه عبد الكريم - قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان - جـ ٣

[ابن الشعار]

الفصل: ‌ذكر من اسمه عبد الكريم

‌ذكر من اسمه عبد الكريم

[343]

عبد الكريم بن أبي السعادات /39 ب/ بن كرم بن كنصا، أبو محمدٍ البغدادي الحنفيُّ.

والد إبراهيم الَّذي تقدّم ذكره، نزل الموصل ولم يزل مقيماً، إلى أن توفي عشية السبت ثامن جمادي الآخرة سنة عشرة وستمائة ودفن ذلك اليوم بمقبرة الجامع العتيق قبليَّه رضي الله عنه وكان قد جاوز الثمانين، وخدم الأمراء من بيت أتابك، وأنفذ رسولاً إلى عدّة جهات من قبلهم، وكان أثيراً مقبولاً ذا منزلة وحرمة.

وكان شيخاً طويلاً متواضعاً سخياً، حسن المروءة، واسع النفس تفقّه علي مذهب الامام ابي حنيفة رضي الله عنه.

وكان يقول أشعاراً رائقة، في أغراض تقع له، ومنها ما انشدني ولده أبو إسحاق ابراهيم رحمه الله تعالي. قال: أنشدني والدي لنفسه؛ ما كتبه إلى اتابك نور الدين أبي الحارث أرسلان شاه بن مسعود بن زنكي - صاحب الموصل رضي الله عنه /193: 5 أ/: [من الخفيف]

بعد سبعين حجَّة قد تقضَّت

عند ملكٍ جم النَّوال عظيم

ذهب الناس في الزيادة والنَّقصـ

ـص وعبد الكريم عبد الكريم

وأنشدني، قال: أنشدني والدي لنفسه ما كتبه في صدر كتاب إلى اتابك عزِّ الدين بن مسعود بن مودود: [من الخفيف]

لا تضعني من بعد حفظك يا ما

لك رقي في حادثي وقديمي

انا عبد الكريم أنت ومن أعـ ـ

جب شئٍ ضياع عبد الكريم

ص: 57

وقال أيضاً: [من السريع]

إن مسَّك الناس بسوءٍ فكن

بما قضي الله به راضياً

ودع أذاهم وتوكَّل علي الـ

ـله تجده ابداً كافيا

وقوله: [من السريع]

كن أوثق الناس بما في يد الله ودع الله ودع ما في يد الناس

لا تقطع العمر ولا تفنه

لا برجاء لا ولا ياس

لا يوحشنك البعد عنهم وإن

ساء ففيه كل إيناس

وله في الشيب: [من المتقارب]

/193: 5 أ/ وقالوا: جزعت لفقد الشَّباب

فقلت: ومالي لم اجزع

نعاني المشيب إلى أسرتي

ونفسي بصوت له مفظع

ونادي فلبَّيته سامعاً

وكلكم إن يعش يسمع

[344]

/193: 5 أ/ عبد الكريم بن يوسف بن الحسين بن محمّد بن العباس، أبو الكرم الموصليُّ المعروف بالمهذّب الأّفطس.

كان رجل زمانه في الدهاء والحيل، قد حاز كل فضل. وكان بصيراً بعلم النجوم، وتعبير الرؤيا، عارفاً بأمور الناس وأحوالهم، ذا يد باسطة في صناعة الشعبذة والنارنجيّات والسَّيمياء والطلسمات والكيمياء، وما يتعلق بهذة الأجناس الغريبة مع حفظه للحكايات الظريفة، والأشعار المستحسنة، وقول الشعر، ومعرفة الادب.

وذكر لي عنه؛ إنه كان مستهتراً بشرب الخمر، منعكفاً عليها. وكان متشعياً مغالياً؛ شاهدته غير مرة. وهو شيخ يعلم نفراً من الصبيان /195: 5 أ/ الخطَّ في حانوت، ولم آخذ عنه شيئاً. وتوفي اواخر سنة ثلاث عشرة وستمائة.

أنشدني الشيخ الأديب أبو عبد الله أحمد بن الحسين بن الخبّاز النحوي اللغوي الضرير، قال: انشدني أبو الكرم عبد الكريم عبد الكريم بن يوسف بن الحسين الموصلي المعلم

ص: 58

لنفسه يرثي كبشاً كان له: [من الكامل]

لهفي علي كبشٍ انست به

رَّبيته وبذلت مجتهدي

قد كان لي خلا اسرُّ به

يجري كمجري الرُّوح في الجسد

حتَّى إذا ما اشتدَّ هيكله

عندي وصار كجبهة الأسد

أودت به أيدي المنون ضحًي

والموت لا يبقي علي أحد

[345]

/195: 5 أ/ عبد الكريم بن محمد بن علوان بن مهاجرٍ، أبو الفضل بن ابي المظفر الموصليُّ.

القاضي الفقيه المدرس الشافعيُّ.

كان والده من جلّة الفقهاء الشافعية بالموصل وعلمائهم. وابن أبو الفضل اخذ الفقه عن والده، وقام مقامه في /195: 5 ب/ التدريس بعده، ونظر في المسائل وتلمذ له جماعة. وكان من قبل قد حفظ القرآن العزيز، وسمع الحديث علي أبي الفرج محمد بن عبد الرحمن بن ابي العز الواسطي.

وهو من أكبر بيت في الموصل في الجاه وكثرة المال واليسار والعلم، وقلّده المولي المالك الملك الرحيم بدر الدين عضد الإسلام والمسلمين أتابك أبو الفضائل غرس امير الحسن بن عبد القاهر بن الحسن الشهرزوري.

لقيت القاضي أبا الفضل بالموصل في شوال سنة سبع وعشرين وستمائة؛ وسألته عن ولادته، فقال: ولدت بالموصل سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة.

وأنشدني لنفسه: [من الطويل]

وأضمر في نفسي إذا ما لقيتهم

أبثُّ الَّذي ألقاه من ألم الوجد

ص: 59

فتبرد انفاسي ويخفق ساكني

وأُذهل حتَّى لا أعيد ولا أبدي

[346]

عبد الكريم بن منصور /196: 5 أ/ بن أبي بكر بن عليِّ بن إبراهيم بن جابرٍ، أبو محمدٍ الاثريُّ الباوشناويُّ.

ينسب إلى قرية من أعمال الموصل اسمها باوشنايا، ولد بها في شهر الله رجب سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. سمع الحديث الكثير واقتفي اثره؛ فلذلك يسمي نفسه بالأثري. سمع ببغداد والشام والموصل وديار مصر وغيرها من البلاد، ولقي جماعة من القراء والفقهاء والمحدثين والعلماء.

وهو من حفّاظ القرآن العزيز وحملة العلم ورواة الحديث والمتفقهة، وله أشعار في الرقائق والزهديات؛ كتبت عنه بالموصل وبغداد.

أنشدني لنفسه ما كتبه إلى كمال الدين أبي الكرم محمد بن علي بن مهاجر الموصلي في غرضٍ له:

[من الكامل]

أكمال دين الله دم في رفعة

وسيادةٍ وسعادةٍ تتجدَّد

في حفظ ربَّ العالمين وصونه

عن كلِّ ما أمل الحسود الأبعد

تسدي إلى أهل العفاف عوارفًا

ومكارماً فيها تؤمُّ وتقصد

وهب الإله لك التُّقي ووقاك محذور الدُّني وكلاك مولي يعبد

واقرَّ عينك بالمعين وحاطه

من شرِّ ذي شرٍّ وعين تحسد

/196: 5 ب/ واأاله حفظ الكتاب وفهمه

ومن العلوم سواه ممَّا يحمد

خذها ابيات امرئٍ ما شانه

صوع القريض ولا له يتعمَّد

داعٍ لكمٍ بالصَّالحات مواصلٌ

للمسلمين نداكم يتفقَّد

ص: 60

ما رغبتي في حاجة من رغبة

عندي لدنيا بل بها أتزهَّد

قصدي زراعة ما يحلُّ لطعمةً

مرضيَّة عند امرئ يتعبَّد

والله لولا ذا لحضت كحائض

في كلِّ مورد شهوةً تتورَّد

لكنَّني أخشي الإله ومقته

وعقاب زلَاّتٍ لها يتوعَّد

جاد الإله علي الجميع بجوده

فضلاً فذلكم الإله الأجود

وأنشدني لنفسه، وذكر أنَّه عمل هذة الابيات بديهة عقيب درسه عقيدة لبعض اصحاب الإمام مالك بن أنس – رضي الله عنه. وكان علي منهاج السلف:[من مخلع البسيط]

عقيدة المالكيِّ نورٌ

فدم علي درسها بجدِّ

وأعمد إلى مالها يضاهي

وعن سواه أخي فعدِّ

/197: 5 أ/ مخرجة من كتاب ربِّي

وسنَّة المصطفي المؤدِّي

عن ربِّه ما إليه أوحي

ببذل وسعٍ وفرط جهد

فرضٌ علي الخلق قفو هذا

مع أمتثال من غير ردِّ

فاعقد عليه وارفض سواه

من قول جهمٍ او قول جعد

أو قول من جاءنا بقولٍ

مموَّه في الضَّلال يردي

أربي علي من وصفت ممَّن

ذكرت من أخوة التَّعدِّي

. قولاً إلى مقال

لجهمٍ المعتدي يؤدِّي

ابن أبي بشر انتقده

رابعهم يا أخا التَّهدِّي

فالحمد لله إذ هدانا

إلى طريقٍ للفوز تهدي

وأنشدني أيضاً لنفسه، يحرض علي سماع سنن أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي:[من الكامل]

سنن النِّسائي واجبٌ ان تسمعا

إذ كان جامعها إماماً مقنعا

فيها أحاديث النَّبيِّ وصحبه

فجزاه رِّبي الخير فيما اودعا

ص: 61

/197: 5 ب/ الله أسأل أن يتمَّ سماعها

فهو المجيب بلطفه عبداً دعا

يا طالبي سنن النَّبيِّ ألا أبشروا

وخذوا بها تكفوا وعيداً مفزعا

إنَّ المجامع في العلوم كثيرةٌ

والمجمع الآثار خيرٌ مجمعا

فبهمَّة المولي الأجلِّ تحصَّلت

أشياء يبعد مثلها ان يجمعا

إلَّا إذا ذهبت شهورٌ عدةٌ

والله يأجره علي سعيٍ سعي

أعني بهاء الدِّين نجل الفاضل القاضي إلى الخيرات يلفي مسرعا

فالله يصحبه السَّلامة دائماً

مهما أقام هنا ومهما أنعما

وأنشدني أيضاً لنفسه: [من السريع]

عاص هوي نفسك يا عاصي

وادن من الخيرات يا قاصي

لا تعقلن عن ذكر مولي الوري

وليكن الذَّكر بإخلاص

وأنشدني أيضاً لنفسه: [من المديد]

تب علي عبد له عملٌ

لو به جازيته هلكا

غافلٌ عما يراد به

مسلك العاصين قد سلكا

وقال يمدح الأئمة الثلاثة مالك بن انس، والشافعي، واحمد بن حنبل /198: 5 أ/ رضي الله عنهم.

[من الرجز]

وقائل عبد الكريم مالكا

لا تمدح الحبر الإمام مالكا

وتمدح المطليَّ بعده

وابن هلالٍ أحمد المباركا

قلت له: فأسمع مديحي فيهم

فإنَّني لست لذاك تاركا

وكيف لا أمدح أشياخ الهدى

وكلّهك للجقَّ كان سالكاً

أمَّا الإمام الأصبحي مالكٌ

فحبُّه للقلب أمسي مالكا

فقيه دار الهجرة المفتي بها

ناهيك من فخر له بذلكا

ص: 62

نجم الرُّواة ذو الوقار لا تري

في مجلس العلم لديه ضاحكا

طوبي له من رجلٍ مؤيَّد

بالحقِّ قوَّال به طوبي لكا

والشَّافعيُّ لست انسي ذكره

ألق لمدحيه خليلي بالكا

ذاك الشريف العالم الحبر الَّذي

مع العلوم كان براً ناسكا

حوي التُّقي والعلم غير زائغٍ

عن سنَّة المختار فاعلم ذلكا

جزاه رَّبي الخير عن صنيعه

وعظَّم الاجر له هنالكا

والثَّالث ابن حنبل أكرم به

قدوة اهل الحقِّ لن يشاركا

في محنة القرآن والضرب الَّذي

لجسمه في الله اضحي ناهكا

/198: 5 ب/ لو أنَّه أجابهم في قوله

تبدَّل الُسلام كفراً حالكا

قام مقاماً لم يقمه غيره

وناصح الله الكريم المالكا

فأعظم اللَّهمَّ في جواركا

في جنًّة الخلد له ثوابكا

وبلَّغ اللَّهمَّ عنَّا أحمداً

نبَّينا وآله سلامكا

وصحبه والتَّابعين بعده

وكلَّ عبد كان من عبادكا

واغفر لي اللَّهمَّ ذنبي كلَّه

إن لم تجد كنت بجر مي هالكا

وقال أيضاً: [من الكامل]

أيعاب من اهدي لبيت نبِّيه

مدحاً ويحمل في القضاء ملامه

بيتٌ هم سفن النَّجاة وحبُّهم

ريٌّ لمن في الجهل طال أوامه

هم أنجم الدين الحنيفي الَّذي

شرع الإله لنا وهم أعلامه

وهم المهداة القائلون بحقِّه

وهم الدُّعاة له وهم حكَّامه

نطق الكتاب بفضلهم حتَّى لقد

حكمت بحكمتهم لهم أحكامه

طوبي لمن طابت سريرته لهم

والي خيامهم تضم خيامه

ذاك امرؤٌ حاز المفاز فجنَّة الفردوس مسكنه وثمَّ مقامه

منهم عليٌّ ذو الفخار متبِّر الفجار أم الخير فهو إمامه

/199: 5 أ/ علمٌ عليمٌ بالعلوم معلِّمٌ

حسم الضَّلال لسانه وحسامه

ص: 63

يحيي قلوب العارفين كلامه

ويميت اجساد الطُّغاة كلامه

والبضعة النَّبوَّية الطهر الَّتي

أن عد طيب الذَّكر فهي ختامه

سادت نساء العالمين كذا أتي

في النَّقل جاريةً به اقلامه

وكذلك الحسنان نجلاها اللَّذا

بهما جمال العقد ثمَّ نظامه

صلَّي الإله عليهم ما أورقت

شجرٌ وغرَّد في الأراك حمامه

[347]

عبد الكريم بن أحمد بن محمَّد الضرير البوازيجُّي، أبو الفضل المقرئ المعروف بابن حرمية.

نزيل الموصل وحرميّة كانت امرأة يعرفون بها.

تفقه علي أبي الفضل يونس بن محمد بن منعه الإربلي العقيلي، ومكث عنده اثنتي عشرة سنة، وقرأ عليه كتابي "التشبيه" و"المهذب" للإمام ابي إسحاق إبراهيم ابن علي بن يوسف الشيرازي – رضي الله عنه

ورأي القاضى أبا الفرج منصور بن الحسن بن علي بن عاذل بن يحيي البوازيجي /199: 5 ب/ البجليّ الفقيه الشافعي غلام الإمام أبي إسحاق الشيرازي، وسمع المقامات علي ابي سعيد محمد بن علي الحلي – صاحب الحريري-. وأخبر عنه أنه قراها علي الحريري ستين مرة. وقرأ للسبعة علي أبي بكر يحيي بن سعدون القرطبي، وسمع الحديث علي القاضي الإمام تاج افسلام أبي عبد الله الحسن بن نصر بن خميس الجهني. وروي عنه أكثر مصنفاته ونبذاً من مصنفات غيره.

وكان – رحمه الله – يقرئ القرآن الكريم، ويفيد الناس، وتخرج عليه عالم كثير إلى ان توفي بالموصب سنة إحدي عشرة وستمائة، ودفن ظاهر البلد غربيهبباب الميدان بمقبرة تعرف "بمكيكة" وكان قد شارف المائة.

ص: 64

وحدثني الشيخ العالم أبو العباس أحمد بن الحسين الأديب النحوي، قال: كان شيخنا أبو الفضل قيماً بتفسير القرآن خيراً ديناً. وكان يقول لنا: إذا ألحدتموني وحثثتم علي التراب، وانصرف الناس عني، فقفوا عند القبر يسيراً آنسوني بذلك، وخلوا بين الكريم وبين عبد الكريم.

/200: 5 أ/ وكان ينشدني أشعاراً كثيرة لغيره ولنفسه، ولم يعلق من شعره بقلبي طائل، فمما التقطت منها قوله من قصيدة:[من البسيط]

والشمل منتظمٌ والدَّهر ملتئمٌ

والهمُّ مقسمٌ والوصل مأمول

ونحن بالموصل الفيحاء في زمنٍ

كأنَّه منهلٌ بالرَّاح معلول

وقوله من قصيدة في مرثية: [من الطويل]

وكنت لهم كالليَّث والغيث دائماً

تميت وتحيي بالوعيد وبالوعد

[348]

عبد الكريم بن إبراهيم بن عبد الكريم بن عبد الرحمن النفربيُّ الشاطبيُّ القصار، أبو محمد المراكشيُّ.

كان رجلاً جليلاً، ذا نعمة واسعةً، وثروة ظاهرة، يرحل إلى الملوك فيسترفدهم بأشعاره ولديه فضل ومعرفة باللغة والادب، وله قصائد مطولات كثيرة، ولم يكن شعره سائغاً بل متوسطاً يظهر فيه التعسف.

انشدني أبو محمد عبد الله بن أحمد بن يوسف الغرياني بحلب المحروسة، قال أنشدني أبو محمد /200: 5 ب/ عبد الكريم بن إبراهيم لنفسه: [من البسيط]

يا من شمائله احكي من القمر

ومن فضائله احلي من السَّمر

سموت قدراً، فقلت: النَّجم في فلك

وطبت ذكراً، فقلت: الرَّوض بالزهر

يا احوذيَّ الوري، والألمعي ومن

قد بذَّ جمعهم بالذَّات والقدر

أمَّا النَّوادي فقد عمرت ساحتها

بطيب ذكرك في الإمساء والسحر

ماذا أقول وقد البستني حللاً

أبهي فواتق من زهر ومن زهر

أفضت افضلت في سر وفي علنٍ

أحميت أكسبت من بيضٍ ومن صفر

ص: 65

حسنت أحسنت في قرب وفي بعدٍ

منحت انحلت من وفرٍ ومن بدر

أوليت من منن جلَّت جلت كربي

نمت وتمَّت كروض مزهر نضر

ماذا ليمناك من يمن ومن منن

ماذا ليسراك من يسرٍ ومن يسر

جادت عليَّ سحابٌ من اكفَّكم

فاطلعت في أكفي دوحة البدر

مازال واكفها ينصبُّ في غدق

حتّى ..... بناني بالِّندي الهمر

يا محسناً كل إحسان بلا كذب

ومغنياً كل إغناء بلا قدر

فقت الأكارم في سر خصصت به

فأنت من مالك ما أنت من بشر

هذي أياديك لا أحصي لها عدداً

ما ينقضي سردها أو ينقضي عمري

/201: 5 أ/ قد احدقت وأحاطت بي إحاطة من لبي وطاف ببيت الله والحجر

والشكر فرض عليه لازم فأصخ

لسمع شكر كمثل السِّمط بالدُّرر

ما شابه دخلٌ كلاً ولا خللٌ

صفا صفاءً يميز الماء في الغدر

شكري لنعماك شكر الرَّوض للمطر

أو مقترٍ لغني وافي علي وطر

أو شكر عبد لمولّي كان أعتقه

أو شكر حام لصفو السَّلسل الخضر

أو كالغريق لما انجاه من خطر

أو كالطليق لمن نجاه من ضرر

أو كالسَّقيم لبرءٍ إثره فرحٌ

أو كالكريم لضيفٍ جاء من سفر

أو كالمحبَّ لمحبوَّب يؤانسه

أو كالنَّزيف زمانَ النَّور للسَّكر

والحمد يتبعه عجلان في مهلٍ

حثا بلاً مهلٍ نصّاً علي الأثر

لو كان للشكر شخص يا مني أملي

يري لجئت به في أحسن الصُّور

حتَّى تراه وتدري أنَّني رجلٌ

شكري لك الدَّهر شكر السَّمع والبصر

السَّمع يشكر للأصوات ما حسنت

والعين تشكر طول الدَّهر للنَّظر

لكنَّه في ضميري والكلام محرِّكٌ بلسان الخبر والخبر

لو حلَّ شكري وسط البحر في مدد

لصار في حينه احلي من السَّكر

أو حلَّ في فلواتٍ تربها حجرٌ

لأنبت ...... .. بالثَّمر

ص: 66

/201: 5 ب/ الشُّكر أحسنه ما كان قائله

يبثُّه بين أهل البدو والحضر

ينصه بكلامٍ مرتضي حسنٍ

نص الحديث لأهل العلم والنَّظر

وقائلٍ قال: فيمن ذا الثَّناء فقد

نظمت شكراً له نظماً علي صور

فقلت في النَّدس العدَّ الَّذي شهرت

أوصافه كأشتهار الشَمس والقمر

محمَّد بن نحيل من سما قدراً

نجل لآحمدي ذي الآثار والآثر

للعالم العلم الصِّنديد من شرفت

به الكتابة في الإيراد والصَّدر

فاق البديع بما قد حاز من بدعٍ

فأبن العميد وما يحويه من غرر

والصَّاحب الملك والصَّابي وقبلهم

عبد الحميد وكلٌّ قاله العصر

راعت براعته الكتَّاب قاطبةً

لما أنارت من الإبداع والغرر

إأشرعت في حجال الطرس عاملها

علت محاجتها للبيض والسُّمر

وإن أقرَّت علي صفح ......

أزرت بوشي الرُّبي والرَّوض والحبر

انسي ابن مقلة في اعمال انمله

وهو النِّهاية فيما شاع من خبر

لولا .... يديه لليراع لما

حكت أنامله حرفاً مع الكبر

إن االكتابة بعضٌ من مناقبه

كما اللآلئ بعضٌ من ندي البحر

الطّيب الخيم والميمون طائره

من قد سما وعلا دأبًا علي السُّور

/202: 5 أ/ مفرِّج الضِّيق واللأواء قد حميت

ومخرج العسر بالإيسار واليسر

الكامل الذَّات في خلق وفي خلقٍ

صنو الغمامة في صوب وفي همر

كأن طلعته والسَّعد حفَّ بها

بدرٌ أحاط به جيشٌ من الزُّهر

يا طالب الخير في بدوٍ وفي حضر

وجالب اليسر في ورد وفي صدر

يمِّم لتونس فهي الان مربعةً

واربع بها تأمن من سطوة الغير

روض أريضٌ بلا لولا لمعتذرٍ

بستان أمنٍ بلا شئ من الذُّعر

أنوار اسعده حلَّت بساحتها

فليس يدركها شئ مدي العمر

إن تلقه تلق آمالاً مجمعةً

وفق الطراد بلا شئٍ من الكدر

ص: 67

من أمَّه مرَّةً في الدَّهر واحدةً

ألقي عصاه فلم يبرح ولم يسر

لا زال يصعد في سعد يساعده

تتري عليه مع الآصال والبكر

ثمَّ الصَّلاة عليه صيِّباً غدقاً

ما غرد الطَّير يوماً في ذري سحر

ثم ختم هذة القصيدة بهذة الأبيات: [من مجزوء الكامل]

خذها إليك قصيدةً

بالشكر تنطق والثَّنا

قد اشبهت في حسنها

طرفاً كحيلاً قد رنا

أو حبَّ صبٍّ مدنف

بعد التَّباعد قد دنا

/202: 5 ب/ كلَّا وما إن أشبهت

ألَّا نداك المقتني

وقال: [من المنسرح]

لازال ذاك المقام الأسمي

يهمي علي قاصديه هميا

ما اكتحلت مقلة بضوءٍ

وأقبلت بالشَّباب لميا

وأنشدني أبو عبد الله محمد بن عبد القاهر بن هبة الله بن النصيبي بحلب، قال: انشدني أبو محمد عبد الكريم بن إبراهيم لنفسه: [من الكامل]

إصبر علي مضض الزَّمان وعضِّه

فالصِّبر أحسن مكسب الكسَّاب

والصَّبر أجمل بالفتي وبفعله

والحرُّ لا يرض بغير صواب

كم من فتًي في الأرض حر مقترٍّ

متظلِّم من ظالمٍ غصَّاب

لم يتَّرك من ماله من تالد

أو طارف شيئاً من الانشاب

من بعد ذا جبر الإله مصابة

فأثابه ضعفين من ......

فاصبر هديت ولا تخف من عسرةٍ

فالصبر يفتح مغلقات الباب

فالصَّابرون هم غداً في فرحة

يعطون اجرهم بغير حساب

/194: 5 أ/ يكفيك أنَّ الله ذاكر فضلهم

في الرَّعد والتَّنزيل والأحزاب

ص: 68

[349]

/194: 5 أ/ عبد الكريم بن أحمد بن مقلد بن أبي الفرج بن عبد المنعم بن جليق، أبو الفضل التغلبي الجشميُّ.

شاب قصير من أهل حماة، استوطن حلب، ورأيته بها ينسخ الكتب اللطاف والمتوسطة بالأجر. ويكتب القصص في باب مسجدها الجامع؛ ومن ذلك معيشته وارتزاقه.

ويعاني قول الأشعار الغزلية، وله في نظمها طبع مؤات، ويقول منها المقطعات والقصائد. وذكر لي: أنه تأدب علي ابي الحسن علي بن محمد السخاوي النحوي المقرئ، وربما أحوجه وقته إلى الاسترفاد بالشعر

انشدني لنفسه، وكتبه لي بخط يده:[من الكامل]

خبر الغضا أم نشره الفيَّاح

هذا الَّذي عبثت به الارواح

نقلته عن أرج الخزامي مسنداً

عن ساكنيه فهم له شرِّاح

يروي عن الرشأ الَّذي سكن الحمي

فيه عليَّ ثنّيه وجماح

/194: 5 ب/ إن قد بذلت لك التَّواصل في الكري

فاقنع بأنَّ تتواصل الأشباح

ولقد طرقتك والمحصَّب بيننا

ومهامهٌ مجهولةٌ وبطاح

ومفاوزٌ للنيِّرات مجاهلٌ

ما دونها مجهولةٌ وبطاح

يجتازها المرَّيخ شاهر سيفه

ويميل عنها الأعزل الرَّماح

اهلاً بمقتحم الدجي لزيارتي

ولديه من وضح الدي إيضاح

وله دليلٌ عارفٌ من عرفه

جواب كل مفازة فتاح

يا طيب العبقات ما لقلوبنا

أبداً إليك صبابةً ترتاح

طبعت كذاك علي هواك فما لها

كف عن التبريح فيك براح

ص: 69

وأغن نستجلي محاسن وجهه

لهواً ويجلي من يديه الراح

كالشَّمس في الإشراق يجلو كأسها

للشهب من شهب الحباب مباح

نزلت بأرجاء الصُّدور فرحَّلت

هما تحلُّ مكانه الأفراح

شربت لخسران العقول ولم يزل

في الرَّاح خسران العقول رباح

ووشي بأسرار الغرام لشربها

ثمل لأسرار الهوي فضاح

وقال أيضاً: [من الوافر]

حديثك أيُّها النَّشر العليل

إلىَّ فلست أجهل ما تقول

/183: 5 أ/ أهجت بذكرهم ثملاً بعقلي

فأنت له شمال أم شمول

نسيم هبَّ من هضبات نجد

له أرجٌ تفِّتقه القبول

سرى مسرى الخيال له حثيثاً

وما للبدر لولاه دليل

ولمَّا ان تواقفنا لعتب

تشابهت الصَّبابة والنُّحول

فلم يشعر لوجد كيف يشكوً

ولا أنا للتَّشوق ما أقول

ولكنَّا سألناه حديثاً

عن الأحباب إذ أؤف الرَّحيل

فروَّي ما روي من بين ريَّا

معاهدها ...... السُّيول

وعرَّض بالطلُّول فجدا وجدي

لأنِّي من تتِّيمه الطُّلول

سقي جبلي حماة والمصلَّي

أجشُّ الرَّعد موَّارٌ هطول

إذا ضحكت بوارقه بكتها

عيون سماً مدامعها هطول

فكم شقت بها لحياً جيوبٌ

وجرت بالنَّسيم لها ذيول

لها واد عزيز الجار يرعي

ويعذب في خمائله الخمول

تري الاحزان تطردها حزونٌ

وإن صعبت تسهِّلها السُّهول

تغازل أعين النوَّار فيها

فهمنَّ بها صحيحاتٌ وحول

كأنَّ المسك ضوَّع في قراها

وسلسل في البطون السَّلسبيل

/183: 5 ب/ فهذا الطَّير من طربٍ يغنِّي

وهذا الغصن من ثملٍ يميل

ص: 70

يعاصي أرضها العاصي فتثني

أعنَّته مرناتٌ ثكول

ينحن وما أصبن بفقد إلف

ولا أودي بهنَّ جوًي دخيل

فتسفح دمعها في خدِّ روضٍ

أريضٍ دونه الخدُّ الأسيل

وقال أيضاً: [من الخفيف]

أتراني من لوعة الحبِّ ناجي

بغزال ممرَّض الطَّرف ساجي

أم لقلبي مجبِّر بعد كسرٍ

كيف يرجي انجبار صدع الزًّجاج

فوحقِّ الهوي وعهد التِّداني

وافتقاري إلى الوفا واحتياجي

ما دهاني إلا صدودك عني

بعد ما كنت للتواصل راجي

والذي غدا اسمه كف صبر

حين اضمرته بلفظ الأحاجي

يا عز الا كناسه في فؤادي

فهو فيه مصور ومناجي

عد إلى وصلي القديم ولا

تعدل عم حسن ذلك المنهاج

لا تطع في لائماً من بني الدهر مسراً حديثه أو مفاجي

واثن عطف الوصال نحوي وقلل

من صدودي ..... في اللجاج

ثَّم زرني عسي تسكن ما بي

من حنين ولوعةٍ وانزعاج

/184: 5 أ/ وتعلَّم من لطف أخلاق نجم الدِّين ربِّ الفضائل بن سراج

فهو كالراح صفقت فكساها

ساطع النور مستطاب المزاج

لو دعيٌ لولاه قد كان باب الفضل والجود محكم الإرتاح

ذو بنان ينسي العلا وبيانٍ

كلَّ درٍّ من بحره العجَّاج

هو لي قدوةٌ بنظم القوافي

حين اضحي مثقِّفاً لاعوجاج

غير أنِّي اخاف منه عتاباً

يورث القلب شعلة الإنضاج

حين اهدي إلى عذباً فراتاً

ثم قابلته بملح أجاج

ليس هذا عادات مثلي وحاشاي ولكن دهري أحال مزاجي

كلَّما رمت منه منجي أتاني

منه ضيقٌ ولم يجد بانفراج

ورماني بنوه مثل أبيهم

قد شغلنا عن مدحهم بالآهاجي

سوَّدوا اوجه المحامد والأعراض في ردِّ قاصد باحتياج

ثم صانوا تلك الجسوم الخسيسات

بلبس الحرير والدِّيباج

ص: 71

ولأنت المنجي وفي ظلِّك الملجا

جوادٌ لكل عافٍ ولاجي

فاغفر الذَّنب واعف عن زلَّة العبد ودم في مسرة وابتهاج

/184: 5 ب/ ثمَّ كن قانعاً من الكل بالبعض

إلى حين يسرةٍ من نتاج

فوحقِّ الباري المصوِّر إنساناً

أدبياً من نطفة أمشاج

ليس تحوي يدي ولا البيت عندي

غير ما قد بعثته بالروَّاج

فاقبل العذر ثمَّ صدَّق يميني

يا رجائي وعمدة المحتاج

وقال أيضاً: [من الكامل]

ذكر التَّلافي بالظِّباء تلاف

أذ ما لسالف عصره إخلاف

أيام لهوك مع جاذر جاسمٍ

وظباؤه بك أنسٌ ألاف

إذ روض أرض حماة زاه زاهرٌ

بأريجه مشتي لنا مصطاف

تغدو الكؤوس من المدام خفيفةً

بأكفِّنا وتروح وهي خفاف

ومهفهف صحبته لصبوحه

بالكأس ..... الراَّح وهي سلاف

حمراء مشبهةٍ تورُّد خدِّه

فكأنَّما هي في الكؤوس رعاف

مزجت فراقت فهّي نورٌ ساطعٌ

يغشي سناها الجوهر الشَّفاف

وسبقته حتَّى غداً ولقدِّه

من غصن بانه حاجز أعطاف

وتنرجست لحظاته فقتلن في العشَّاق ما لا تقتل الأسياف

رشاً من الأتراك كل حديثه

مذقٌ وكل وعوده إخلاف

/185: 5 أ/ لا يستقرُّ علي ربيع واحدا

ويسير ليلاً والمطي عجاف

متنقلٌ كالبدر إلَّا أنَّه

لا يعتريه النَّقص والإجحاف

يا من عقارب صدغة تهدي إلى

أحشاي صرف السم وهو زعاف

لو ان صدغك واو عطف جدت لي

بالوصل لكن واوها استئناف

لله اسمر احورٌ ما عنده

من تيهه لمتيمٍ إنصاف

تحميه سمر السمهرية في الوغي

فكأنها لقوامه أحلاف

فسقي الحيا زمناً نعمت بوصله

وجني عليه البارق الخطَّاف

ولياليا بتنا نعانق بعضنا

بعضاً وكل عتابنا الطاف

ومع الهوي لا يستخف بنا هوًي

ومع العناق بنا تقي وعفاف

ص: 72

اشكو إليه فيشتكي من مثله

شعفاً ونحن لدي الغرام كفاف

لا من محب له بوصل مسعف

يوماً ولا لي عنده إسعاف

يا حسنة ثمراً ولكن لي

بقطو تعطي يدي قطاف

وقال أيضاً: [من الطويل]

هو البرق يبدو في الدُّجنذَة من ذوي

دان لذكراكم به كبدي يكوي

إذا اقدحت ايدي الغمام زناه

فلاح علي بعدٍ من الغاية القصوي

/185: 5 ب/ تتَّبعته نوءاً من الجفن ماطراً

يشحُّ إذا ما شحَّ منبجس الأنوا

أري كل من يعزي إلى الوجد قلبه ......... .. مع الأيام ...... .. الأدوا

ووجدي ينمي والغرام مجدَّدٌ

بها ولعمري ما الصَّبابة كالدَّعوي

ونيران حيَّ من حماةً بدت لنا

ونحن علي الاكوار نرتقب الاضوا

علي كلَّ معتاد الوحي ضامر الحشا

دعاك إلى التَّيسار في مهمة ألوى

بلادٌ إذا ما ذٌبت من شدَّة الجوي

إليها فلا لومٌ عليَّ ولا عدوي

أعاصي بها العاصي فيعطفني له

نوازع شوق قادراتٌ علي اللأوي

كأنَّي مذ فارقتها آدمٌ وقد

نأي كارها بالرغم عن جنَّة المأوي

وإني لمشتاقٌ إلى هضباتها

فجد لي بها يا عالم السِّرِّ والنِّجوي

ص: 73