الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الْهِجْرَةِ وَالْمَغَازِي
بَابُ الْهِجْرَةِ إِلَى الْحَبَشَةِ
1740 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثنا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، ثنا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي أَنْ آتِيَ أَرْضًا أَعْبُدُ اللَّهَ فِيهَا لا أَخَافُ أَحَدًا حَتَّى أَمُوتَ، قَالَ: فَأَذِنَ لَهُ، فَأَتَى النَّجَاشِيَّ
فَقَالَ مُعَاذٌ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَوْنٍ، قَالَ: فَحَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، قَالَ: لَمَّا رَأَيْتُ جَعْفَرًا وَأَصْحَابَهُ آمِنِينَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، قُلْتُ: لأَفْعَلَنَّ بِهَذَا وَأَصْحَابِهِ، فَأَتَيْتُ النَّجَاشِيَّ، فَقُلْتُ: ائْذَنْ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَأَذِنَ لِي فَدَخَلْتُ، فَقُلْتُ: إِنَّ بِأَرْضِنَا ابْنَ عَمٍّ لِهَذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلنَّاسِ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ، وَإِنَّا وَاللَّهِ إِنْ لَمْ تُرِحْنَا مِنْهُ وَأَصْحَابِهِ، لا أَقْطَعُ إِلَيْكَ هَذِهِ النُّطْفَةَ أَبَدًا وَلا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِي، فَقَالَ: أَيْنَ هُوَ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ يَجِيءُ مَعَ رَسُولِكَ، إِنَّهُ لا يَجِيءُ مَعِي، فَأَرْسَلَ مَعِي رَسُولا، فَوَجَدْنَاهُ قَاعِدًا بَيْنَ أَصْحَابِهِ فَدَعَاهُ، فَجَاءَ فَلَمَّا أَتَيْتُ الْبَابَ، نَادَيْتُ: ائْذَنْ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَنَادَى خَلْفِي: ائْذَنْ لِحِزْبِ اللَّهِ عز وجل، فَسَمِعَ صَوْتَهُ، فَأَذِنَ لَهُ، فَدَخَلَ وَدَخَلْتُ، فَإِذَا النَّجَاشِيُّ عَلَى السَّرِيرِ، وَجَعَلْتُهُ خَلْفَ ظَهْرِي، وَأَقْعَدْتُ بَيْنَ
كُلِّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِي، قَالَ: فَسَكَتَ وَسَكَتْنَا، وَسَكَتَ وَسَكَتْنَا، حَتَّى قُلْتُ فِي نَفْسِي: الْعَنْ هَذَا الْعَبْدَ الْحَبَشِيَّ أَلا يَتَكَلَّمُ؟ ثُمَّ تَكَلَّمَ، فَقَالَ: نَجِّرُوا، قَالَ عَمْرٌو: أَيْ تَكَلَّمُوا، فَقُلْتُ: إِنَّ ابْنَ عَمِّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلنَّاسِ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ، وَإِنَّكَ وَاللَّهِ إِنْ لَمْ تَقْتُلْهَ لا أَقْطَعُ إِلَيْكَ هَذِهِ النُّطْفَةَ أَبَدًا، أَنَا وَلا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِي، فَقَالَ: يَا أَصْحَابَ عَمْرٍو، مَا تَقُولُونَ؟ قَالُوا: نَحْنُ عَلَى مَا قَالَ عَمْرٌو، قَالَ: يَا حِزْبَ اللَّهِ، نَجِّرْ، قَالَ: فَتَشَهَّدَ جَعْفَرٌ، فَقَالَ عَمْرٌو: وَاللَّهِ إِنَّهُ لأَوَّلُ يَوْمٍ سَمِعْتُ فِيهِ التَّشَهُّدَ لَيَوْمَئِذٍ، قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، قَالَ: فَأَنْتَ فَمَا تَقُولُ؟ قَالَ: أَنَا عَلَى دِينِهِ، قَالَ: فَرَفَع يَدَهُ فَوَضَعَهَا عَلَى جَبِينِهِ فِيمَا وَصَفَ ابْنُ عَوْنٍ، ثُمَّ قَالَ: أَنَامُوسٌ كَنَامُوسِ مُوسَى، مَا يَقُولُ فِي عِيسَى؟ قَالَ: يَقُولُ: رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ، قَالَ: فَأَخَذَ شَيْئًا مِنَ الأَرْضِ، مَا أَخْطَأَ فِيهِ مِثْلَ هَذِهِ، وَقَالَ: لَوْلا مُلْكِي لاتَّبَعْتُكُمْ، اذْهَبْ أَنْتَ يَا عَمْرُو، فَوَاللَّهِ مَا أُبَالِي أَنْ لا تَأْتِيَنِي أَنْتَ وَلا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ أَبَدًا، وَاذْهَبْ أَنْتَ يَا حِزْبَ اللَّهِ، فَأَنْتَ آمِنٌ، مَنْ قَتَلَكَ قَتَلْتُهُ، وَمَنْ سَبَّكَ غَرَّمْتُهُ، وَقَالَ لآذِنِهِ: انْظُرْ هَذَا فَلا تَحْجِبْهُ عَنِّي إِلا أَنْ أَكُونَ مَعَ أَهْلِي، فَإِنْ كُنْتُ مَعَ أَهْلِي فَأَخْبِرْهُ، فَإِنْ أَبَى إِلا أَنْ تَأْذَنَ لَهُ، فَأْذَنْ لَهُ، قَالَ: فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ عَشِيَّةٍ لَقِيتُهُ فِي السِّكَّةِ فَنَظَرْتُ خَلْفَهُ، فَلَمْ أَرَ خَلْفَهُ أَحَدًا فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، فَقُلْت: تَعْلَمُ إِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: فَغَمَزَنِي، وَقَالَ: أَنْتَ عَلَى هَذَا، وَتُفَرِّقُنَا، فَمَا هُوَ إِلا أَنْ أَتَيْتُ أَصْحَابِي كَأَنَّمَا شَهِدُونِي وَإِيَّاهُ، فَمَا سَأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أَخَذُونِي فَصَرَعُونِي، فَجَعُلوا عَلَى وَجْهِي قَطِيفَةً، وَجَعُلوا يُغَمُّونَنِي بِهَا، وَجَعَلْتُ أُخْرِجُ رَأْسِي أَحْيَانًا حَتَّى انْفَلَتُّ عُرْيَانًا، مَا عَلَيَّ قِشْرَةٌ، وَلَمْ يَدَعُوا لِي شَيْئًا إِلا ذَهَبُوا بِهِ، فأَخَذْتُ قِنَاعَ امْرَأَةٍ