المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حرف المثناة الفوقية: - كشف الخفاء ت هنداوي - جـ ١

[العجلوني]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة المحقق:

- ‌عملنا في تحقيق الكتاب:

- ‌حياة المصنف مختصرة من سلك الدرر للمرادي:

- ‌مقدمة المؤلف:

- ‌حرف الهمزة:

- ‌حرف الهمزة مع الباء الموحدة:

- ‌حرف الهمزة مع الثاء المثلثة:

- ‌الهمزة مع الجيم:

- ‌الهمزة مع الحاء المهملة

- ‌الهمزة مع الخاء المعجمة:

- ‌الهمزة مع الدال المهملة:

- ‌الهمزة مع الذال المعجمة:

- ‌حرف الهمزة مع الراء

- ‌حرف الهمزة مع الزاي

- ‌حرف الهمزة مع السين المهملة

- ‌الهمزة مع الشين المعجمة

- ‌حرف الهمزة مع الصاد

- ‌الهمزة مع الضاد

- ‌حرف الهمزة مع الطاء المهملة:

- ‌حرف الهمزة مع الظاء المشالة:

- ‌حرف الهمزة مع العين المهملة:

- ‌حرف الهمزة مع الغين المعجمة:

- ‌حرف الهمزة مع الفاء:

- ‌حرف الهمزة مع القاف:

- ‌حرف الهمزة مع الكاف:

- ‌حرف الهمزة مع اللام

- ‌الهمزة مع الميم:

- ‌حرف الهمزة مع النون:

- ‌حرف الهمزة مع الهاء:

- ‌حرف الهمزة مع اللام ألف:

- ‌حرف الهمزة مع الياء التحتية:

- ‌حرف الباء الموحدة:

- ‌حرف المثناة الفوقية:

- ‌حرف الثاء المثلثة:

- ‌حرف الجيم:

- ‌حرف الحاء المهملة:

- ‌حرف الخاء المعجمة:

- ‌حرف الدال المهملة:

- ‌حرف الذال المعجمة:

- ‌حرف الراء المهملة:

- ‌حرف الزاي:

- ‌حرف السين المهملة:

- ‌فهرس الموضوعات:

الفصل: ‌حرف المثناة الفوقية:

‌حرف المثناة الفوقية:

941-

التاجر الصدوق تحت ظل عرش الرحمن يوم القيامة1.

الديلمي عن أنس، ورواه الأصبهاني في ترغيبه والديلمي في مسند الفردوس عن أنس أيضا بلفظ:"التاجر الصدوق تحت ظل العرش" ورواه الترمذي والحاكم عن أبي جعيد عن أبي سعيد بلفظ: "التاجر الصدوق الأمين المسلم مع النبيين والصديقين والشهداء" ورواه ابن ماجه والحاكم عن ابن عمر بلفظ: "التاجر الصدوق الأمين المسلم مع الشهداء يوم القيامة" ورواه ابن النجار في تاريخه عن ابن عباس بلفظ: "التاجر الصدوق لا يحجب من أبواب الجنة".

942-

التاجر الجبان محروم، والتاجر الجسور مرزوق2.

رواه الديلمي والقضاعي عن أنس رفعه، قال المناوي: الأقرب إجراء الحديث على ظاهره، ولا مانع أن يجعل الله جسارة التاجر وإقدامه على البيع والشراء بقصد الاعتماد على الله تعالى في تحصيل الربح سببًا لسعة رزقه، ومن ثَمَّ قيل:

لا تكونن للأمور هيوبًا

فإلى خيبة يكون الهيوب

943-

"التأني من الله، العجلة من الشيطان"3.

رواه ابن أبي شيبة وأبو يعلى وابن منيع والحارث بن أبي أسامة في مسانيدهم عن أنس رفعه، وأخرجه البيهقي عنه أيضا، وله شواهد عند الترمذي، وقال: حسن غريب بلفظ: "الأناة من الله والعجلة من الشيطان" والعسكري عن سهل بن سعد رفعه بلفظ: الأناة

إلخ، لكن ضعفه بعضهم بأن فيه عبد المهيمن ضعيف، ورواه البيهقي أيضا عن ابن عباس رفعه بلفظ:"إذا تأنيتَ أصبتَ أو كدتَ تصيبُ، وإذا استعجلتَ أخطأتَ أو كدتَ تخطئُ" وفي سنده سعيد بن سماك متروك كما قال أبو حاتم، وللطبراني

1 موضوع: رقم "2501".

2 ضعيف: رقم "2499".

3 حسن: رقم "3011".

ص: 338

والعسكري والقضاعي من حديث ابن لهيعة عن عقبة بن عامر رفعه: "من تأنى أصاب أو كاد، ومن عجل أخطأ أو كاد" وللعسكري فقط عن الحسن البصري مرسلًا: "التبين من الله، والعجلة من الشيطان، فتبينوا" والتبين: التثبت والتأني، كما قرئ بهما في قوله تعالى:{فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6] ويشهد له ما أخرجه الشيخان عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأشج عبد القيس: إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة، وما أحسن ما قيل:

قد يدرك المتأني بعض حاجته

وقد يكون مع المستعجل الزلل

وقد ورد تقييد ذلك ببعض الأعمال؛ فروى أبو داود عن سعد بن أبي وقاص: "التؤدة في كل شيء إلا في عمل الآخرة" قال الأعمش: لا أعلم إلا أنه رفعه، وفي لفظ للحاكم وأبي داود والبيهقي عن سعد:"التؤدة في كل شيء خير إلا في عمل الآخرة" وللمزي في تهذيبه في ترجمة محمد بن موسى عن مشيخة من قومه1 مرسلًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الأناة في كل شيء، إلا في ثلاث: إذا صيح: يا خيل الله اركبي، وإذا نودي بالصلاة، وإذا كانت الجنازة" وللترمذي بسند حسن عن عليٍّ رفعه: "ثلاثة لا تؤخروها: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفؤًا" وللغزالي عن حاتم الأصم قال: "العجلة من الشيطان إلا في خمسة، فإنها من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم: إطعام الطعام، وتجهيز الميت، وتزويج البكر، وقضاء الدين، والتوبة من الذنب".

944-

التائب من الذنب كمن لا ذنب له2.

رواه ابن ماجه والطبراني في الكبير والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود رفعه، قال في الأصل: ورجاله ثقات، بل حسنه شيخنا، يعني لشواهده، وإلا فأبو عبيدة بن عبد الله أحد رجاله لم يسمع من أبيه، ومن شواهده ما أخرجه البيهقي وابن عساكر عن ابن عباس بزيادة:"والمستغفر من الذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربه، ومن آذى مسلمًا كان عليه من الإثم مثل كذا وكذا" وفي لفظ: "كان عليه من الذنوب مثل منابت

1 في بعض النسخ المطبوعة: "شيخة من قومه"، وفي البعض الآخر:"مشيخة من فوقه"، والمثبت من تهذيب الكمال للحافظ المزي في ترجمة محمد بن موسى بن نفيع "531/ 26".

2 حسن رقم: "3008".

ص: 339

النخل" وسنده ضعيف بل الحديث موقوف على الراجح، ولأبي نعيم والطبراني في الكبير بسند ضعيف عن أبي سعيد الأنصاري مرفوعًا: "الندم توبة، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له" وللديلمي وابن النجار والقشيري في الرسالة عن أنس بلفظ الترجمة وزيادة: وإذا أحب الله عبدًا لم يضره ذنب، ولابن أبي الدنيا بلفظ الترجمة وزيادة:"إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين".

945-

"تبسمك في وجه أخيك لك صدقة"1.

رواه الترمذي عن أبي ذر بزيادة: "وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة".

رواه أحمد والترمذي وابن حبان عن أبي الدرداء.

946-

"تبصر القذاة في عين أخيك، وتنسى الجذل في عينك"2.

رواه البيهقي في الشعب، والعسكري عن أبي هريرة رفعه بلفظ:"يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه، وينسى الجذع -أو الجذل- في عينيه".

وعن الحسن البصري: "يا ابن آدم، تبصر القذاة في عين أخيك وتدع الجذع معترضًا في عينك". وللبيهقي في الشعب عن ابن عمر من قوله: "كفى من الغي ثلاث: أن تبصر من الناس ما يخفى عليك من نفسك، وأن تعيب عليهم فيما تأتي، وتؤذي جليسك بما لا يعنيك". وروي معناه عن عمر، وما أحسن ما قيل:

أرى كل إنسان يرى عيب غيره

ويعمى عن العيب الذي هو فيه

ولا خير فيمن لا يرى عيب نفسه

ويعمى عن العيب الذي بأخيه

وقال النجم: روى عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة في قوله تعالى:{بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} [القيامة: 14] قال: إذا شئت رأيته بصيرًا بعيوب الناس، غافلًا عن عيب نفسه، قال: وكان يقال: مكتوب ي الإنجيل: "يا ابن آدم، أتبصر القذاة في عين أخيك، ولا تبصر الجذل المعترض في عينك؟! ".

1 صحيح: رقم "2908".

2 بنحوه صحيح: رقم "8013".

ص: 340

947-

التجلي لا يتكرر.

يجري على الألسنة كثيرًا، وليس بحديث.

948-

تحفة المؤمن الموت1.

رواه ابن المبارك والطبراني والحاكم وأبو نعيم عن ابن عباس رضي الله عنهما وللديلمي عن الحسن: "الموت ريحانة المؤمن" وله عن مالك بن مغول: "بلغني أن أول سرور يدخل على المؤمن الموت؛ لما يرى من كرامة الله وثوابه" وله عن سفيان قال: كان يقال: الموت راحة العابدين، ورواه الديلمي عنه بلفظ: تحفة المؤمن في الدنيا الموت، ورواه بلفظ الترجمة الطبراني والحاكم وأبو نعيم والبيهقي عن ابن عمر، وفي الفتوحات: الموت اليوم للمؤمن تحفة، والنعش له محفة؛ لأنه ينقله من الدنيا إلى محل لا فتنة فيه ولا بلوى، فليس بخاسر ولا مغبون من كان آملًا المنون؛ فإن فيه اللقاء الإلهي والبقاء الكوني، ولو علم المؤمن ماذا بعد الموت لقال في كل نفس: يا رب أمت، يا رب أمت، انتهى.

949-

تجافوا عن ذنب السخي؛ فإن الله آخذ بيده كلما عثر2.

قال الصغاني: موضوع، ورواه الطبراني وأبو نعيم والبيهقي وقال: إسناده ضعيف عن ابن مسعود بلفظ: تجاوزوا عن ذنب السخي؛ فإن الله تعالى آخذ بيده كلما عثر، وفيه أحاديث أخر، منها ما رواه الخطيب عن ابن عباس رضي الله عنهما بلفظ: تجاوزوا عن ذنب السخي، وزلة العالم وسطوة السلطان العادل؛ فإن الله تعالى آخذ بيدهم كلما عثر عاثر منهم.

950-

"تجدون من شر الناس ذا الوجهين: يأتي هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه".

متفق عليه عن أبي هريرة، وعزاه في الجامع الصغير للشيخين وأحمد في أثناء حديث بلفظ:"وتجدون شر الناس يوم القيامة عند الله ذا الوجهين، الذي يأتي هؤلاء بوجه، ويأتي هؤلاء بوجه".

1 ضعيف: رقم "2403".

2 ضعيف: رقم "2389".

ص: 341

951-

تحت البحر نار1.

رواه ابن أبي شيبة وأبو عبيد عن ابن عمرو، وقال: إن تحت البحر نارًا ثم ماءً ثم نارًا، زاد أبو عبيدة حتى عد سبعة أبحر، وغيره: وسبع نيران، وتقدم في البحر.

952-

تحت كل شعرة جنابة2.

رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه عن أبي هريرة رفعه، وضعفه أبو داود، وعزاه النجم لمن ذكر ولكن بلفظ:"إن تحت كل شعرة جنابة، فاغسلوا الشعر وأنقوا البشرة" ونقل أن الشافعي قال: ليس بثابت، وأن البيهقي قال: أنكره أهل العلم بالحديث؛ البخاري وأبو داود وغيرهما، وعند ابن ماجه عن أبي أيوب من حديث:"أداء الأمانة غسل الجنابة؛ فإن تحت كل شعرة جنابة" وإسناده ضعيف.

953-

"التحدث بالنعمة شكر"3.

رواه أحمد والطبراني وغيرهما عن النعمان بن بشير رفعه، وقال النجم: رواه أحمد والطبراني وأبو نعيم عن النعمان بن بشير بسند ضعيف بلفظ: "التحدث بنعمة الله شكر، وتركها كفر، ومن لا يشكر القليل لا يشكر الكثير، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، والجماعة بركة، والفرقة عذاب" وأخرج هؤلاء عن عائشة: من أُوتي معروفًا فليكافئ به، فإن لم يستطع فليذكره، فإن من ذكره فقد شكره. وأخرج أبو داود عن جابر: من أعطي عطاء فوجد فليجز به، فإن لم يجد فليثنِ به، فمن أثنى به فقد شكره، ومن كتمه فقد كفره، وأخرج ابن جرير عن أبي نصرة قال: كان المسلمون يرون أن من شكر النعمة أن تحدث بها، وعن فضيل: كان يقال: من شكر النعمة أن تحدث بها، وعن قتادة: من شكر النعمة إفشاؤها، قال تعالى:{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} 4.

1 سبق في حديث "883".

2 ضعيف بلفظ النجم رقم "1847".

3 حسن بلفظ النجم: رقم "3014".

4 الضحى: 11.

ص: 342

954-

تحية البيت الطواف.

قال في المقاصد: لم أره بهذا اللفظ، ولكن في الصحيح عن عائشة قالت: أول شيء بدأ به النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة أنه توضأ ثم طاف

الحديث، وفيه أيضا قول عروة الراوي عنها أنه حج مع ابن الزبير، فأول شيء بدأ به الطواف، ثم رأيت المهاجرين والأنصار يفعلونه، وترجم عليه البخاري:"باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته ثم صلى ركعتين" وقال القاري: وذلك لأن كل من يدخل المسجد الحرام يسن له أن يبدأ بالطواف فرضًا أو نفلًا، ولا يأتي بصلاة تحية المسجد إلا إذا لم يكن من نيته أن يطوف لعذر وغيره، وليس معناه أن تحية المسجد ساقطة عن هذا المسجد كما توهم بعض الأغبياء من مفهوم هذه العبارة الصادرة من الفقهاء وغيرهم انتهى، وأقول: مذهبنا كذلك، لكن يكفي عنها ركعتا تحية الطواف كما يكفي ركعتا التحية عن ركعتي الطواف لو قصدهما بعده عن التحية كما بحثه ابن قاسم العبادي في حواشي التحفة، ولا تفوت تحية المسجد الحرام بطول القيام ولا بالإعراض عنها عند ابن حجر، وتفوت عند الرملي فيهما فاعرفه، وقال النجم: واشتهر أن أبا محمد الجويني لما حج فدخل المسجد الحرام، بدأ فصلى ركعتين تحية المسجد، فقال له رجل: يا شيخ تحية هذا المسجد الطواف، فقال له أبو محمد: هذه مسألة قررتها منذ كذا وكذا سنة والآن نسيت، قال النجم: وحدثت أنه وقع مثل ذلك لشيخ الإسلام شمس الدين الرملي مفتي مصر، شيخنا بالإجازة -رحمة الله عليه-.

955-

"تحية المساجد -وفي لفظ: تحية المسجد- إذا دخلت أن تركع ركعتين".

رواه أحمد في الزهد عن ميمون بن مهران أنه كان يقوله من قوله، قال النجم: وهذا الكلام يجري على ألسنة الفقهاء، ومن العجب أن بعض المتفقهين في العصر زعم أنه لا يقال تحية المسجد مع ورود مثل ذلك وجريانه على ألسنة الفقهاء قديمًا وحديثًا.

956-

تختموا بالزبرجد؛ فإنه يسر لا عسر فيه.

قال الحافظ ابن حجر: موضوع.

957-

تختموا بالزمرد -وفي بعض الأصول: الزبرجد بالجيم- فإنه ينفي الفقر.

رواه الديلمي عن ابن عباس، ولا يصح.

ص: 343

958-

تختموا بالعقيق؛ فإنه ينفي الفقر1.

رواه ابن عدي عن أنس قال ابن عدي: حديث باطل، ففيه الحسين بن إبراهيم مجهول؛ ولذا حكم ابن الجوزي بوضعه، وأقره السيوطي، ورواه العقيلي وابن لال والبيهقي والخطيب وابن عساكر والديلمي عن عائشة بلفظ: تختموا بالعقيق؛ فإنه مبارك، وقال في المقاصد: له طرق كلها واهية، فمنها ما رواه البيهقي في الشعب عن عائشة رضي الله عنها من طرق بألفاظ منها: اشتر له خاتمًا، وليكن فصه عقيقًا؛ فإنه من تختم بالعقيق لم يقض له إلا الذي هو أسعد، ومنها: أكثر تختم أهل الجنة بالعقيق، ومنها لابن عدي عن أنس مرفوعا بلفظ:"فإنه ينفي الفقر" بدل: فإنه مبارك، زاد:"واليمين أحق بالزينة" وجزم في الميزان بأنه موضوع، ورواه الديلمي عن عمر رفعه بلفظ:"تختموا بالعقيق؛ فإن جبريل أتاني به من الجنة، وقال لي: يا محمد تختم بالعقيق، وَأْمُرْ أمتك أن تتختم به" وهو موضوع على عمر فمن دونه إلى مالك، ومنها ما رواه علي بن مهرويه القزويني عن داود بن سليمان عن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه بلفظ:"تختموا بالخواتم العقيق؛ فإنه لا يصيب أحدكم غم ما دام عليه" وفي سنده داود بن سليمان الغازي الجرجاني كذبه ابن معين وله نسخة موضوعة بالسند المذكور، وفي جملتها أن الأرض تنجس من بول الأقلف2 أربعين يومًا، وهو في أمالي الحسين بن هارون الضبي عن جعفر بلفظ: من تختم بالعقيق ونقش فيه: وما توفيقي إلا بالله، وفقه الله لكل خير، وأحبه الملكان الموكلان به، وفي سنده أبو سعيد الحسن بن علي كذاب، ومنها لابن حبان في الضعفاء عن فاطمة مرفوعًا:"من تختم بالعقيق، لم يزل يرى خيرًا" وفي سنده أبو بكر بن شعيب لا يحل الاحتجاج بحديثه، ورواه الطبراني في الأوسط والدارقطني في الأفراد وأبو نعيم وغيره بطرق وكلها باطلة، ومن ثم قال العقيلي: لا يثبت في هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء.

وذكره ابن الجوزي في الموضوعات ثم قال: وذكره حمزة بن الحسن الأصفهاني في كتابه التنبيه على حروف من التصحيف أن كثيرًا من رواة الحديث يروون أن النبي

1 موضوع: رقم "2410"، وانظر الضعيفة "ح226-230".

2 الأقلف: هو الذي لم يختن.

ص: 344

-صلى الله عليه وسلم ما قال: تختموا بالعقيق، وإنما قال:"تخيموا" -بالتحتية- وهو اسم وادٍ قرب المدينة أي: اسكنوا وأقيموا به، قال ابن الجوزي: وهو تأويل بعيد أحق أن ينسب إليه التصحيف؛ لما ذكرنا من الطرق، لكن قال شيخنا: حمزة معذور؛ فإن أقرب طرق هذا الحديث رواية يعقوب، ولفظه: تخيموا بالعقيق فإنه مبارك، وعزاه في الدرر لابن عدي بسند ضعيف عن عائشة رضي الله عنها بهذا اللفظ، وهذا الوصف ثبت لوادي العقيق في الحديث الذي أخرجه البخاري في الحج عن ابن عباس يقول: إنه سمع عمر يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم بوادي العقيق يقول: "أتاني آتٍ من ربي، فقال: صل في هذا الوادي المبارك، وقل عمرة في حجة" انتهى، قال في المقاصد: ثم قال: وما روى المطرزي في اليواقيت عن إبراهيم الحربي أنه سئل عنه فقال: إنه صحيح، ويروى أيضا بالمثناة التحتية أي: اسكنوا العقيق وأقيموا به -فغير معتمد بل المعتمد بطلانه، ثم إن قوله في بعض رواياته: فإنه ينفي الفقر يروى في اتخاذ الخاتم الذي فصه من ياقوت، ولا يصح أيضا، قال ابن الأثير: يريد أنه إذا ذهب ماله باع خاتمه فوجد به غنًى، وقال غيره: بل الأشبه -إن صح الحديث- أن يكون لخاصية فيه كما أن النار لا تؤثر فيه ولا تغيره، وأن من تختم به أمن من الطاعون، ويسرت له أمور المعاش، ويقوى قلبه، ويهابه الناس، ويسهل عليه قضاء الحوائج، انتهى.

وكل هذا ممكن بالعقيق إن ثبت، وقال في اللآلئ: رواه صاحب مسند الفردوس من طريق أنس بن مالك وعمر بن الخطاب وعائشة وعلي وغيرهم بأسانيد متعددة، ثم قال: وروي عن عبد خير عن علي قال: التختم بالياقوت ينفي الفقر، قال: وسمعته يقول: التختم بالعقيق بركة.

959-

"تخليل الخمر".

رواه مسلم عن أبي طلحة أنه قال: يا رسول الله أخللها؟ قال: "لا"، وفي اللآلئ حديث: نهى عن تخليل الخمر، قال الشيخ أبو حامد في باب الرهن: من تعليق أصحابنا يرونه حديثًا ولا أعرفه بهذا اللفظ إلا أن حديث أبي طلحة أخللها؟ قال: "لا"، أقوى من هذا وأوكد؛ لأنه لفظ النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 345

960-

"تخيروا لنطفكم، وانكحوا الأكفاء، وأنكحوا إليهم"1.

رواه ابن ماجه والدارقطني والحاكم والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا، وكذا عن عمر بلفظ:"وانتجبوا المناكح، وعليكم بذات الأوراك فإنهن أنجب" رواه عنه الديلمي، ولا يصح، وفي لفظ عنده2:"تخيروا لنطفكم، وانظروا أين تضعونها" وفي لفظ عن عمر مرفوعا كما ذكره أبو موسى المدني في كتاب تضييع العمر والأيام في اصطناع المعروف إلى اللئام بلفظ: "فانظر في أي نصاب تضع ولدك؛ فإن العرق دساس" وكلها ضعيفة، وقال النجم: وعند ابن عدي وابن عساكر عن عائشة بلفظ: "تخيروا لنطفكم؛ فإن النساء يلدن أشباه إخوانهن وأخواتهن" وفي لفظ: "اطلبوا مواضع الأكفاء لنطفكم؛ فإن الرجل ربما أشبه أخواله" رواه أبو نعيم عن أنس بلفظ: "تخيروا لنطفكم واجتنبوا هذا السواد؛ فإنه لون مشوه" قال ابن الجوزي: في سنده مجاهيل وقال الخطيب: كل طرقه ضعيفة، وفي التحفة والنهاية:"تخيروا لنطفكم، ولا تضعوها في غير الأكفاء" صححه الحاكم واعترض، انتهى. وفي الشربيني على المنهاج: وأما حديث "تخيروا لنطفكم ولا تضعوها إلا في الأكفاء" فقال أبو حاتم الرازي: ليس له أصل، وقال ابن الصلاح: له أسانيد فيها مقال، ولكن صححه الحاكم.

961-

"تداووا؛ فإن الذي أنزل الداء أنزل الدواء"3.

رواه القضاعي عن أبي هريرة رفعه، ورواه أحمد والأربعة وابن حبان والحاكم عن أسماء بنت شريك بلفظ:"تداووا عباد الله؛ فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء، غير داء واحد: الهرم"، قال في المقاصد: ولحديث أبي هريرة طرق بألفاظ مختلفة، منها:"إن الذي أنزل الداء أنزل معه الدواء" وبعضها في البخاري عن عطاء بن أبي رباح رفعه: "ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء" وروى أصحاب السنن الأربعة وأحمد والطحاوي وصححه ابن حبان والحاكم عن أسامة بن شريك بلفظ: جاءت الأعراب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه فقالوا: يا رسول الله أنتداوى؟ قال: "نعم، إن الله لم ينزل من داء إلا أنزل له شفاء، إلا الموت والهرم" ثم قال في المقاصد: وفي الباب عن أنس

1 صحيح: رقم "2928".

2 في بعض النسخ المطبوعة: عنه.

3 صحيح، بنحوه في صحيح الجامع "ح2930".

ص: 346

وجابر وابن عباس وابن عمر وابن مسعود وأبي الدرداء وأبي سعيد بينتها في الطب النبوي، انتهى. وأما ما اشتهر من: تداووا عباد الله بالمشي -فلم أعرف له أصلًا، فليراجع.

962-

التدبير نصف المعيشة، والتودد نصف العقل، والغم نصف الهرم، وقلة العيال أحد اليسارين1.

الديلمي عن أنس، ومر في "الاقتصاد"، ورواه القضاعي عن علي بلفظ: التدبير نصف العيش.

963-

أتدري ما تمام النعمة؟ تمام النعمة دخول الجنة، والنجاة من النار2.

الطبراني عن معاذ.

964-

"تدرون من المفلس؟ إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، يأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار".

رواه مسلم والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه.

965-

التراب ربيع الصبيان3.

الطبراني عن سهل بن سعد مرفوعًا، والقضاعي عن ابن عمر، وكذا الخطيب في رواة مالك عنهما، وقال: المتن لا يصح، انتهى.

966-

ترك الشر صدقة.

ذكره في المواهب من غير عزو لأحد.

1 ضعيف: رقم "2505".

2 "ضعيف" انظر ضعيف الجامع "ح2480".

3 موضوع: رقم "2507".

ص: 347

967-

تربوا الكتاب1.

تقدم في "إذا كتبت".

968-

ترك العادة عداوة -وفي لفظ زيادة: مستفادة.

لا أصل له كما في التمييز كالأصل، لكن روى البيهقي في مناقب الشافعي عنه أنه قال: ترك العادة ذنب مستحدث.

969-

ترك العشاء مهرمة2.

سيأتي في "تعشوا".

970-

ترك السلام على الضرير خيانة3.

الديلمي عن أبي هريرة وابن مسعود.

971-

تارك الورد ملعون، وصاحب الورد ملعون.

قال القاري: لا أصل له، انتهى.

972-

تزوجوا فقراء4.

تقدم في: التمسوا الرزق بالنكاح، قال في اللآلئ: ولعله روي بالمعنى من حديث في صحيح ابن حبان والحاكم: ثلاثة حق على الله أن يغنيهم: الناكح ليستعفَّ، قال تعالى:{إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} 5.

وقال في الدرر: تزوجوا فقراء يغنكم الله -لا يعرف، لكن في صحيح ابن حبان والحاكم:"ثلاثة حق على الله أنه يغنيهم: الناكح ليستعف"، قلت: هذا تصحيف وإنما هو يعينهم -بالعين المهملة- من الإعانة، وأقرب منه ما أخرجه الديلمي عن عائشة رضي الله عنها: تزوجوا لنساء؛ فإنهن يأتين بالمال، ومن شواهده: التمسوا الرزق

1 ضعيف: انظر حديث "257".

2 "ضعيف" انظر ضعيف الجامع "ح2446".

3 ضعيف: رقم "2424".

4 ضعيف، بمعناه في ضعيف الجامع "ح1247".

5 النور: 32.

ص: 348

بالنكاح أخرجه الديلمي عن ابن حبان انتهى ما في الدرر، والمشهور على الألسنة: والولد بعد المال، وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بكر أنه قال: أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى، وتلا الآية، وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود أنه قال: التمسوا الغنى في النكاح، وتلا الآية.

973-

تزوجوا ولا تطلقوا؛ فإن الطلاق يهتز له عرش الرحمن1.

قال الصغاني: موضوع، لكن عزاه في الجامع الصغير لابن عدي بسند ضعيف عن علي بلفظ: تزوجوا ولا تطلقوا؛ فإن الطلاق يهتز منه العرش. وقال ابن الجوزي: حديث موضوع، ورواه الطبراني عن أبي موسى بلفظ:"تزوجوا ولا تطلقوا؛ فإن الله لا يحب الذواقين ولا الذواقات". وقال النجم: ورواه أبو داود والنسائي عن معقل بن يسار بلفظ: "تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم، ولا تكونوا كرهبانية النصارى" قال: ورواه أحمد والطبراني وأبو نعيم عن أنس بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره التبتل، وينهى عنه نهيًا شديدًا، ويقول:"تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم النبيين يوم القيامة".

974-

"تزوجوا الودود الولود؛ إني مكاثر للأنبياء يوم القيامة"2.

رواه أحمد عن أنس رفعه، وصححه ابن حبان.

975-

تستغفر القصعة للاحسها -في لفظ: "الصحفة"3.

سيأتي في "من أكل" ولفظ الاستغفار كما في شرح المواهب للزرقاني: اللهم أجره من النار كما أجارني من لعق الشيطان.

976-

"تسحروا؛ فإن في السحور بركة"4.

متفق عليه، ورواه ابن عساكر عن عبد الله بن سراقة بلفظ:"تسحروا ولو بالماء" ورواه أبو يعلى عن أنس بلفظ: "تسحروا ولو بجرعة ماء" ورواه ابن عدي عن علي بلفظ: "ولو شربه ماء، وأفطروا ولو على شربة من ماء".

1 موضوع: رقم "2428".

2 بنحوه عن معقل بن يسار وأبي أمامة: صحيح: رقم "2940"، "2941".

3 ضعيف، انظر ضعيف الجامع "ح5487".

4 صحيح: رقم "2943".

ص: 349

977-

"التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء".

رواه أحمد عن جابر، وهو متفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه بزيادة:"في الصلاة".

978-

"تسموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي".

رواه أحمد والشيخان والنسائي وابن ماجه عن جابر وأنس، وفي لفظ عند مسلم:"تسموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي؛ فإني أنا أبو القاسم، أقسم بينكم". وعند أبي داود والترمذي وحسنه وابن حبان عنه: "من تسمى باسمي فلا يتكنَّ1 بكنيتي، ومن تكنى بكنيتي فلا يتسمَّى باسمي2". ورواه أحمد وابن حبان عن أبي هريرة بلفظ: "لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي".

979-

تسموا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، وأصدقها حارث وهمام، وأقبحها حرب ومرة3.

رواه أبو داود والنسائي عن أبي وهب الجشمي رضي الله عنه رفعه.

980-

تسرولوا وأنتم جلوس.

لا أعلمه، لكن معناه صحيح، ويزيد بعضهم فيه: وتعمموا وأنتم وقوف.

981-

تصدقوا ترزقوا.

قال النجم تبعًا للمقاصد: معناه صحيح، وينظر لفظه، وفي كتاب الله:{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} 4 وفي الصحيح: "أنفق، أنفق عليك".

1 في سنن أبي داود: فلا يكتنى.

2 في بعض النسخ المطبوعة جزم ما بعد "من"، و"لا" والمثبت من ط. القدسي وهى قريبة من رواية أبي داود في السنن "ح4966" وعدم الجزم وجه في العربية بل صرح ابن مالك في أول شرح التسهيل بأن الرفع لغة قوم. انظر شرح الأشموني على الألفية مع حاشية الصبان "6/ 4"ط. فيصل عيسى الحلبي، والرسالة للإمام الشافعى بتحقيق العلامة أحمد شاكر ص275.

3 ضعيف: رقم "2434".

4 سبأ: 39.

ص: 350

982-

"تصدقوا ولو بتمرة؛ فإنها تسد من الجائع، وتطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار"1.

رواه ابن المبارك عن عكرمة مرسلًا.

983-

تصدقوا؛ فإن الصدقة فكاكُكُمْ مِنَ النار2.

أبو الشيخ عن أنس.

984-

تصدقوا مما رزقكم الله؛ فإن الصدقة لا تنقص لكن تزيد3.

رواه الديلمي عن علي.

985-

تصافحوا يذهب الغل عن قلوبكم4.

رواه ابن عدي عن ابن عمر، وتقدم بأبسط في أثناء حديث "تهادوا".

986-

تضحك ولعل أكفانك قد خرجت من عند القصار.

رواه أبو نعيم عن عبد الله بن ثعلبة الحنفي من كلامه.

987-

التضلع من ماء زمزم براءة من النفاق5.

رواه ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما، ورواه أبو نعيم عن عبد الله بن ثعلبة الحنفي من كلامه.

988-

التطير بمن يموت يوم السبت.

ليس له أصل، بل هو من أخلاق الجاهلية، قال النجم: وبإجازتنا من الشيخ زين الدين بن سلطان عن المعمر بن طولون عن الخواجا6 المتصوف أحمد بن المعمر زين الدين الخالدي عن البرهان المصري أنه ما خرج ميت في نهار السبت إلا تبعه اثنان

1 صحيح: رقم "2951".

2 ضعيف: رقم "2438".

3 أورده بمعناه الهيثمى في "المجمع"، "105/ 3" وقال:"رواه البزار وأشار إلى ضعفه".

4 ضعيف: رقم "2437".

5 موضوع: رقم "2513".

6 الخواجا: كلمة فارسية ترسم واوها ولا تقرأ، كواو الربوا والصلوة ومعناها الشيخ هامش ط. الرسالة.

ص: 351

من كبار البيت، وعزاه لبعض الأخيار قال:"وهذا الكلام سببه عزل البرهان هذا من كتاب السر بالقاهرة عقب موت زوجة السلطان يوم السبت سنة ستين وثمانمائة، بل كان عزله عقوبة له حيث اعتقد مثل هذا الاعتقاد الجاهلي".

989-

تسليم الغزالة على النبي صلى الله عليه وسلم.

اشتهر على الألسنة، وفي المدائح النبوية، وليس له -كما قال ابن كثير- أصل، ومن نسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقد كذب، وقال في المقاصد: لكن قد ورد في عدة أحاديث يتقوى بعضها ببعض، أوردها شيخنا في المجلس الحادي والستين من تخريج أحاديث المختصر، وذكر ابن السبكي أن تسليم الغزالة رواه أبو نعيم والبيهقي في الدلائل، وكذا ذكره الدارقطني والحاكم وشيخه ابن عدي.

990-

"التشبيك في المسجد"1.

رواه أحمد والطيالسي في مسنديهما، وأبو داود والترمذي وابن ماجه في سننهم، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، وآخرون عن كعب بن عجرة أنه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا كعب إذا كنت في المسجد فلا تشبكن" إلى غيره من مرفوع وموقوف مع اختلاف في سنده أو ضعف، فهو مكروه تنزيهًا إذا كان في المسجد ينتظر الصلاة، ونقل عن مالك أنه لا بأس به في المسجد، وإنما يكره في الصلاة، وترجم البخاري تشبيك الأصابع في المسجد، وأورد قصة ذي اليدين، وفيها وشبك النبي صلى الله عليه وسلم بين أصابعه، قال في الأصل: ولكن محل جوازه إذا كان لغرض صحيح كإراحة الأصابع، بخلاف ما يكون عبثًا؛ إذ التشبيك من الشيطان2 سيما وهو يجلب النوم.

991-

"تعرض الأعمال في كل يوم خميس واثنين

" الحديث.

رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، ورواه الطبراني عن أسامة بن زيد بلفظ: تعرض الأعمال على الله تعالى يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر الله إلا ما كان من

1 "صحيح"، انظر صحيح أبي داود "ح526"، ولفظه:"إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه، ثم خرج عامدًا إلى المسجد، فلا يشبكن يديه فإنه في صلاة".

2 روي في ذلك حديث أخرجه ابن أبي شيبة، لكن قال الحافظ ابن حجر في الفتح "675/ 1":"وفي إسناده ضعيف ومجهول".

ص: 352

متشاحنين أو قاطع رحم، ورواه الحكيم الترمذي عن والد عبد العزيز بلفظ:"تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس على الله تعالى، وتعرض على الأنبياء وعلى الآباء والأمهات يوم الجمعة، فيفرحون بحسناتهم وتزداد وجوههم بياضًا وإشراقًا، فاتقوا الله ولا تؤذوا موتاكم".

992-

تعتري الحدة خيار أمتي1.

الطبراني عن ابن عباس، والمشهور: الحدة تعتري خيار أمتي.

993-

"تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة"2.

رواه أبو القاسم بن بشران في أماليه، وكذا القضاعي عن أبي هريرة رضي الله عنه، ورواه الطبراني في الكبير عن ابن عباس بلفظ: كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فالتفت إلي، فقال: "يا غلام، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله

" الحديث، وفيه "قد جَفَّ القلم بما هو كائن، فلو أن الخلق كلهم جميعًا أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يقضه الله لك لم يقدروا عليه، أو أرادوا أن يضروك بشيء لم يقضه الله عليك لم يقدروا عليه" وفيه "واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا"، وأورده الضياء في المختارة وهو حسن، وله شاهد رواه عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه بلفظ: "يا ابن عباس، احفظ الله يحفظك، واحفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة" وذكره مطولا بسند ضعيف، ورواه أحمد والطبراني وغيرهما بسند أصح رجالًا وأقوى، قال في المقاصد: وقد بسطت الكلام عليه في تخريج الأربعين.

994-

"تَعِسَ عبدُ الدينار وعبد الدرهم

" الحديث.

رواه البخاري وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا، وفي لفظ للعسكري عنه أيضا مرفوعًا: لعن بدل: تعس، وعزاه في الجامع الكبير للبخاري وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ:"تعس عبد الدينار وعبد الدرهم"

1 موضوع: رقم "2443".

2 صحيح: رقم "2961".

ص: 353

وعبد الحلة وعبد الخميصة، إن أُعطي رضي وإن لم يُعطَ سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش، طوبى لعبد أخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع.

995-

تعشوا ولو بكف من حشف؛ فإن ترك العشاء مهرمة1.

وفي رواية: مسقمة بدل: مهرمة، رواه الترمذي عن أنس مرفوعا، وقال الترمذي: هذا الحديث منكر لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وفي سنده ضعيف ومجهول، ورواه أبو نعيم عن أنس بلفظ:"لا تدعوا عشاء الليل ولو بكف من حشف؛ فإن تركه مهرمة" ورواه ابن ماجه عن جابر مرفوعا بلفظ: "لا تدعوا العشاء ولو بكف من تمر؛ فإن تركه مهرمة" ورواه في اللآلئ معزوًّا لابن ماجه عن جابر بلفظ: "لا تتركوا العشاء ولو على كف تمر؛ فإن تركه يهرم" قال: وفي سنده إبراهيم بن عبد السلام ضعيف يسرق الحديث، قال في المقاصد: وحكم عليه الصغاني بالوضع، وفيه نظر، ولما ذكر العسكري حديث:"ما ملأ آدمي وعاء شرًّا بطن" قال: قد حث عليه الصلاة والسلام بهذا على قلة المطعم، وما أكثر من يغلط في قوله عليه الصلاة والسلام:"تعشوا ولو بكف من حشف" ويتوهم أنه صلى الله عليه وسلم حث على الإكثار من المطعم وأنه أمر بالعشاء من ضره ونفعه، وهذا غلط شديد؛ لأن من أكل فوق شبعه فقد أكل ما لا يحل له، فكيف يأمره بذلك؟! وإنما معنى قوله عليه الصلاة والسلام: ترك العشاء مهرمة، أن القوم كانوا يخففون في المطعم ويدع المتغذي منهم الغذاء ولم يبلغ الشبع ويتواصون بذلك انتهى، وفي تعليله بما ذكره نظر؛ لأنه ليس في الأمر بالعشاء أنه يأكل فوق ما يحل له، بل المراد العشاء الشرعي فتدبر.

996-

تعلموا العلم وعلموه الناس2.

البيهقي عن أبي بكر.

1 الحديث: ضعيف رقم "2446" والحشف: اليابس الفاسد من التمر، وقيل: الضعيف الذى لا نوى له. النهاية.

2 ضعيف، انظر الإرواء "105/ 6".

ص: 354

997-

تعلموا الفرائض وعلموه الناس؛ فإنه نصف العلم، وهو ينسى، وهو أول شيء ينزع من أمتي1.

رواه ابن ماجه والدارقطني والحاكم عن أبي هريرة رفعه بزيادة: "يا أبا هريرة تعلموا

الحديث، وفيه متروك، وأخرجه أحمد من حديث أبي الأحوص عن ابن مسعود رفعه بلفظ:"تعلموا الفرائض وعلموها الناس؛ فإني امرؤ مقبوض، وإن العلم سيقبض، وتظهر الفتن حتى يختلف الاثنان في الفريضة فلا يجدان من يفصل بينهما" ورواه النسائي والدارقطني والحاكم والدارمي عن ابن مسعود بسند فيه انقطاع، والنصف هنا كما قال ابن الصلاح: عبارة عن مطلق القسم وإن لم يتساويا كقوله:

إذا مت كان الناس نصفين شامت

وآخر مثنٍ بالذي كنت أصنع

وقال ابن عيينة: إنما قيل له نصف العلم؛ لأنه يبتلى به الناس كلهم.

998-

"تعوذوا بالله من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء".

رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه.

999-

"تعوذوا بالله من جار السوء في دار المقامة؛ فإن الجار البادي يتحول عنك"2.

رواه النسائي والبيهقي عن أبي هريرة وأبي سعيد، وسنده صحيح كما قال العراقي، ويناسبه ما رواه البيهقي بسنده عن الحسن أن لقمان قال لابنه:"يا بني، حملت الجندل والحديد وكل ثقيل فلم أحمل شيئًا أثقل من جار السوء، وذقت المرار فلم أذق شيئًا أمر من الصب"، وأقول: المشهور على الألسنة: فإن جار البادية يتحول، انتهى.

1000-

تعاد الصلاة من قدر الدرهم -يعني: من الدم.

قال النووي في شرح خطبة مسلم: ذكره البخاري في تاريخه، وهو باطل لا أصل له عند أهل الحديث، انتهى.

1 ضعيف جدًّا: رقم "2450".

2 صحيح: رقم "2967".

ص: 355

1001-

تفترق أمتي على سبعين فرقة، كلهم في الجنة إلا فرقة واحدة، قالوا: يا رسول الله من هم؟ قال: الزنادقة.

قال في اللآلئ: لا أصل له أي بهذا اللفظ، وإلا فالحديث روي من أوجه مقبولة بغير هذا اللفظ، منها: تفترق أمتي

الحديث، رواه الترمذي وقال: حسن صحيح، وأبو داود والحاكم وابن حبان والبيهقي وصححوه، ومنها ما رواه ابن ماجه عن أبي هريرة رفعه:"افترقت اليهود على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة، والنصارى كذلك، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلهم في النار إلا واحدة"، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: "ما أنا عليه وأصحابي" ورواه ابن حبان والحاكم بنحوه وقال الحاكم: إنه حديث كثير في الأصول ثم قال الزركشي: ورواه البيهقي وصححه من حديث أبي هريرة وغيره، ومنها ما رواه الأربعة عن أبي هريرة بلفظ:"افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وتفترق النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة" وفي رواية للترمذي: "إن بني إسرائيل تفرقت على اثنتين وسبعين ملة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة، كلهم في النار إلا ملة واحدة"، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: "ما أنا عليه وأصحابي" وتقدم الحديث بأبسط في "افترقت اليهود" في الهمزة فراجعه، وقال في المقاصد: وروي عن سعد بن أبي وقاص وابن عمر وعوف بن مالك وأنس وجابر وابن عمرو وابن مسعود وعلي وعمر ومعاوية وأبي الدرداء وغيرهم، قال: كما بينتها في كتابي في الفرق، وكما في تخريج الزيلعي من سورة الأنعام، انتهى.

1002-

"تفقهوا قبل أن تسودوا".

رواه البيهقي عن عمر من قوله، وعلقه البخاري جازمًا به، ثم قال: وبعد أن تسودوا، قيل: معناه قبل أن تزوجوا فتصيروا أرباب بيوت وسيادة، ولذا قال بعض العلماء: ضاع العلم بين أفخاذ النساء، ونحوه قول الخطيب: يستحب للطالب أن يكون عزبًا ما أمكن لئلا يشغله القيام بحقوق الزوجة عن كمال الطلب، والمشهور تفسيره بما هو أعم من ذلك، ولذا قال الثوري: من أسرع الرياسة أضر بكثير من العلم، ومن لم يسرع الرياسة كتب ثم كتب ثم كتب، يعني: كتب من العلم كثيرًا.

ص: 356

1003-

تفقه ثم اعتزل.

قال النجم: ليس بحديث، وإنما نقله في الإحياء عن النخعي، ورواه أبو نعيم الأصبهاني عن الربيع بن خيثم، ورواه أحمد في الزهد عن مطرف أنه قال: تفقهوا ثم اعتزلوا وتعبدوا.

1004-

تفكر ساعة خير من عبادة سنة -وفي لفظ: ستين سنة1.

ذكره الفاكهاني بلفظ: فكر ساعة، وقال: إنه من كلام سري السقطي، وفي لفظ: ستين سنة، وذكره في الجامع الصغير بلفظ: فكرة ساعة خير من عبادة ستين سنة، وورد عن ابن عباس وأبي الدرداء بلفظ: فكرة ساعة خير من عبادة ستين سنة، وقال النجم: إن العراقي قال في جزء له: روينا من حديث عبد الله بن سلام أنه صلى الله عليه وسلم خرج على قوم ذات يوم وهم يتفكرون، فقال:"ما لكم تتفكرون؟ " فقالوا: نتفكر في خلق الله عز وجل، قال:"فكذلك فافعلوا، تفكروا في خلقه ولا تتفكروا فيه؛ فإن لهذا المغرب أرضًا بيضاء نورها بياضها، أو بياضها نورها، مسيرة الشمس أربعين يومًا، بها خلق من خلق الله لم يعصوا طرفة عين" قالوا: يا رسول الله، فأين الشيطان عنهم؟ قال:"ما يدرون خلق الشيطان أم لا"، قالوا: من ولد آدم هم؟ قال: "لا يدرون خلق آدم أم لا".

1005-

"تفكروا في خلق الله، ولا تفكروا في الله"2.

رواه أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس رضي الله عنهما، ورواه ابن أبي شيبة في كتاب العرس له من قوله عن ابن عباس بلفظ:"تفكروا في كل شيء ولا تتفكروا في الله" رواه الأصبهاني في ترغيبه بهذا اللفظ، ولأبي نعيم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه فقال:"ما جمعكم؟ " فقالوا: اجتمعنا نذكر ربنا ونتفكر في عظمته، فقال: "تفكروا في خلق الله ولا تتفكروا في الله؛ فإنكم لن تقدروا قدره

" الحديث، وللطبراني في الأوسط والبيهقي في الشعب عن ابن عمر مرفوعا: "تفكروا في آلاء الله، ولا تفكروا في الله" وروى أبو الشيخ في العظمة عن

1 موضوع، وهو في ضعيف الجامع "ح3992"، بلفظ:"فكرة ساعة خير من عبادة ستين سنة".

2 حسن: رقم "2976".

ص: 357

ابن عباس: "تفكروا في كل شيء، ولا تفكروا في ذات الله، فإن بين السماء السابعة إلى كرسيه سبعة آلاف سنة نورًا، وهو فوق ذلك" وفي رواية للديلمي عن ابن عباس زيادة: "وإن ملكًا من حملة العرش يقال له إسرافيل، زاوية من زوايا العرش على كاهله قد مرقت قدماه في الأرض السفلى، ومرق رأسه من السماء السابعة، والخالق أعظم من المخلوق" وروى أحمد مرفوعا والطبراني وأبو نعيم عن عبد الله بن سلام قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أناس من أصحابه وهم يتفكرون في خلق الله فقال لهم: "فِيمَ كنتم تتفكرون؟ " قالوا: نتفكر في خلق الله، فقال:"لا تتفكروا في الله، وتفكروا في خلق الله، فإن ربنا خلق ملكًا قدماه في الأرض السابعة السفلى، ورأسه قد جاوز السماء العليا، من بين قدميه إلى كعبيه مسيرة ستمائة عام، وما بين كعبيه إلى أخمص قدميه مسيرة ستمائة عام، والخالق أعظم" وأسانيدها ضعيفة، ولكن اجتماعها يكسبه قوة ومعناه صحيح، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رفعه:"لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: هذا خلق الله، فمن خلق الله؟ فمن وجد ذلك شيئًا فليقل: آمنت بالله" ومن شواهده ما رواه الحكيم الترمذي وابن لال عن ابن مسعود: رأس الحكمة مخافة الله.

1006-

تفكهوا قبل الطعام.

هذا مشهور على الألسنة، ولم أقف على أنه حديث أو أثر أو من كلام الناس، لكن ذكره شيخ مشايخنا الشيخ علي الأجهوري المالكي ناظمًا له على تفصيل فيه، فقال:

قدم على الطعام توتًا خوخًا

ومشمشًا والتين والبطيخا

وبعده أجاص كمثرى عنب

كذاك رمان ومثله الرطب

ومعه الخيار والجميز

قثا وتفاح كذاك اللوز

1007-

تقوى الله رأس كل حكمة1.

قال في المقاصد: عزاه الديلمي لأنس مرفوعًا بلا إسناد، وفي المرفوع عن معاذ بن جبل: يا أيها الناس اتخذوا تقوى الله تجارة يأتكم الربح بلا بضاعة، ثم قرأ:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} 2 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله من أكرم

1 "ضعيف" انظر ضعيف الجامع "ح2825"، بلفظ:"خشية الله".

2 الطلاق: 2.

ص: 358

الناس؟ قال: "أتقاهم لله" وألف ابن أبي الدنيا جزءًا في التقوى، وفيه عن عبد الرحمن بن صالح قال: كتب رجل من العباد إلى أخيه: أوصيك بتقوى الله؛ فإن في تقوى الله الخير كله والتيسير والفرج والرزق الطيب في الدنيا، وفيه النجاة وحسن الثواب في الآخرة، وفي التنزيل:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2-3]{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} 1.

وللعسكري عن سمرة رفعه: "من اتقى الله عاش قويًّا وسار في بلاد عدوه آمنًا" وروى البيهقي وأبو يعلى والطبراني وأبو نعيم والحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا: من سره أن يكون أكرم الناس فليتق الله، لكن قال البيهقي في الزهد: تكلموا في هشام بن زياد أحد رواة الحديث، وأخرج الواحدي والثعلبي والزمخشري في تفسير:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} من سورة الحجرات بلا سند عن يزيد بن شجرة، قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في سوق المدينة، فرأى غلامًا أسود ينادي: من يشتريني على شرط ألا يمنعني من الصلوات الخمس

الحديث.

1008-

تقربوا إلى الله ببغض أهل المعاصي2.

رواه ابن شاهين عن ابن مسعود، وتمامه: والقوهم بوجوه مكفهرة، والتمسوا رضا الله بسخطهم، وتقربوا إلى الله بالتباعد عنهم، قال المناوي: وكما يطلب التقرب ببغض أهل المعاصي يطلب التقرب بمحبة أهل الطاعات، قال الشافعي رضي الله تعالى عنه:

أحب الصالحين ولست منهم

لعلي أن أنال بهم شفاعة

وأكره من بضاعته المعاصي

وإن كنا جميعًا في البضاعة

1009-

"تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدًا"3.

رواه البخاري وأبو داود والنسائي عن عائشة رضي الله عنها، وعند أحمد وابن ماجه عن سعد: تقطع اليد في ثمن الْمِجَنِّ.

1 الطلاق: 5.

2 ضعيف: رقم "2472".

3 صحيح: رقم "2982".

ص: 359

1010-

تقول النار للمؤمن يوم القيامة: جُزْ يا مؤمن، فقد أطفأ نورك لهبي1.

رواه الطبراني في الكبير عن يعلى بن منبه رفعه، وفي سنده منصور بن عمار الواعظ ليس بالقوي، ورواه ابن عدي عن يعلى وقال: منكر، ورواه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول له بلفظ: إن النار تقول:

الحديث.

1011-

التكبر على المتكبر صدقة.

نقل القاري عن الرازي أنه كلام، ثم قال: لكن معناه مأثور، انتهى. والمشهور على الألسنة: حسنة بدل: صدقة.

1012-

التكبير جزم2.

قال في المقاصد: لا أصل له في المرفوع، مع وقوعه في الرافعي، وإنما هو من قول النخعي كما رواه الترمذي لكن بزيادة:"والتسليم جزم".

ورواه أيضا سعد بن منصور بزيادة: "والقراءة جزم"، وفي لفظ عنه:"كانوا يجزمون التكبير".

واختلف في لفظه ومعناه، فقال الهروي: عوام الناس يضمون الراء من "أكبر"، وقال المبرد:"الله أكبرْ" بالسكون، ويحتج بأن الأذان سمع موقوفًا غير معرب.

وقال في النهاية: معناه أن التكبير والسلام لا يمدان، ولا يعرب التكبير بل يسكن آخره. وتبعه المحب الطبري، وهو مقتضى كلام ابن الرفعة، وعليه مشى الزركشي، وإن كان أصله الرفع بالخبرية.

ورده الحافظ ابن حجر بأن استعمال الجزم في مقابل الإعراب اصطلاح حادث، فكيف يحمل عليه الألفاظ النبوية؟ يعني على تقدير ثبوته وإلا فلا أصل له. ثم اختار أن المراد بـ "حذف السلام وجزم التكبير" الإسراع به وعدم مده. قال الترمذي: وهو الذي استحبه أهل العلم.

وقال الغزالي في الإحياء: ويحذف السلام ولا يمد مدًّا، فهو السنة.

1 ضعيف: رقم "2473".

2 لا أصل له، انظر الضعيفة "ح71".

ص: 360

وقال ابن حجر في التحفة: "ويسن جزم الراء" إيجابه غلط، وحديث "التكبير جزم" لا أصل له، وبفرض صحته عدم مده كما حملوا عليه الخبر الصحيح "السلام جزم" انتهى.

وسئل السيوطي عنه فقال: هو غير ثابت كما قال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الشرح الكبير، وإنما هو من قول إبراهيم النخعي، ومعناه -كما قال جماعة منهم الرافعي وابن الأثير- أنه لا يمد. وأغرب المحب الطبري فقال: معناه لا يمد ولا يعرب آخره. وهذا الثاني مردود بوجوه: أحدها: مخالفته لتفسير الراوي عن النخعي، والرجوع إلى تفسيره أولى كما تقرر في الأصل، ثانيها: مخالفته لما فسره به أهل الحديث والفقه، ثالثها: إطلاق الجزم على حذف الحركة الإعرابية لم يكن معهودًا في الصدر الأول، وإنما هو اصطلاح حادث، فلا يصح الحمل عليه، انتهى.

وقيل: معنى "التكبير جزم" إسماع الإمام به لئلا يسبقه المأموم. وقيل: معناه أنه حتم لا يجوز غيره، فجزم بالجيم والزاي المعجمة، وضبطه بعضهم بالحاء المهملة والذال المعجمة ومعناه سريع، فالحذم السرعة. ومنه قول عمر رضي الله عنه: إذا أذنت فترسل، وإذا أقمت فاحذم، أي أسرع، حكاه ابن سيد الناس وكذا السروجي من الحنفية، قال: والحذم في اللسان السرعة ومنه قيل للأرنب: حذمة، قال: وحديث "حذف السلام سنة" أخرجه أبو داود والترمذي وابن خزيمة والحاكم في صحيحيهما عن أبي هريرة رفعه من طريق أبي داود وابن خزيمة والحاكم مع حكايتهما الوقف، ووقفه الترمذي وقال: إنه حسن صحيح، ونقل عن أحمد وابن المبارك أنهما نهيا عن عزوه للنبي صلى الله عليه وسلم، قال أبو الحسن القطان: لا يصح مرفوعا ولا موقوفا. انتهى كما في المقاصد.

1013-

التكلف حرام.

قال في التمييز: لا أعلمه بهذا اللفظ، بل في صحيح البخاري عن عمر قال: نهينا عن التكلف وقال القاري بعده: والحاصل أن معناه ثابت، ويؤيده ما أخرجه ابن عساكر في تاريخه عن الزبير بن العوام بلفظ:"اللهم إني وصالحي أمتي براء من التكلف" وأخرجه أيضا بلفظ: "أنا وأمتي برآء من التكلف" وعن الزبير ابن هالة وهي أخت خديجة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: وما أنا من المتكلفين.

ص: 361

1014-

تكون بين يدي الساعة فتن كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا1، "يبيع أقوام دينهم بعَرَض من الدنيا"2.

رواه الترمذي عن أنس.

1015-

تكون لأصحابي زلة يغفرها الله لهم لسابقتهم معي3.

ابن عساكر عن علي، كذا عده النجم في المشهورات، فليتأمل.

1016-

تلقين الميت بعد الدفن4.

قال في اللآلئ: حديث تلقين الميت بعد الدفن قد جاء في حديث أخرجه الطبراني في معجمه، وإسناده ضعيف، لكن عمل به رجال من أهل الشام الأولين مع روايتهم له، ولهذا استحبه أكثر أصحاب أحمد، انتهى. وأقول: وكذا أكثر أصحابنا كما يأتي، وقال في المقاصد: وروى الطبراني بسند ضعيف عن سعيد بن عبد الله الأودي أنه قال: شهدت أبا أمامة وهو في النزع فقال: إذا أنا مت فاصنعوا بي كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصنع بموتانا؛ أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم على قبره، فليقم أحدكم على رأس قبره ثم ليقل: يا فلان ابن فلانة، فإنه يسمعه ولا يجيب، ثم يقول: يا فلان ابن فلانة فإنه يستوي قاعدًا، ثم يقول: يا فلان ابن فلانة فإنه يقول: أرشد رحمك الله، ولكن لا تشعرون، فليقل: اذكر ما خرجت عليه من الدنيا: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، وأنك رضيت بالله ربًّا وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا، وبالقرآن إمامًا، فإن منكرًا ونكيرًا يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه يقول: انطلق، ما نقعد عند من لقن حجته! فيكون الله حجيجه دونهما". فقال رجل: يا رسول الله، فإن لم نعرف اسم أمه؟ قال:"فلتنسبه إلى حواء، فلان ابن حواء".

1 وقع زيادة في بعض النسخ المطبوعة: "ويمسي مؤمنًا"، وليست من لفظ الحديث.

2 صحيح: رقم "2993".

3 رواه ابن عساكر عن علي، ضعيف: رقم "2476".

4 ضعيف، انظر المجمع "324/ 2"، والتلخيص "135/ 2".

ص: 362

وأورده إبراهيم الحربي في "إتباع الأموات" عن ابن عباس وابن شاهين في ذكر الموت، وآخرون. وضعفه ابن الصلاح ثم النووي وابن القيم والعراقي والحافظ ابن حجر في بعض تصانيفه وآخرون، لكن قواه الضياء في أحكامه، ثم الحافظ ابن حجر أيضا بما له من الشواهد، ونسب الإمام أحمد العمل به لأهل الشام، وابن العربي لأهل المدينة، وغيرهما لقرطبة، قال في المقاصد: وأفردت للكلام عليه جزءًا.

وقال ابن حجر في التحفة: ويستحب تلقين بالغ عاقل أو مجنون سبق له تكليف، ولو شهيدًا بعد تمام الدفن لخبر فيه، وضعفُهُ اعتُضِدَ بشواهد على أنه من الفضائل، فاندفع قول ابن عبد السلام: إنه بدعة، وترجيح ابن الصلاح أنه قبل إهالة التراب مردود؛ لما في الصحيحين:"فإذا انصرفوا أتاه ملكان" فتأخره بعد تمامه أقرب إلى سؤالهما، انتهى.

ومثله في الرملي غير أنه خالف في شهيد المعركة، قال: كما لا نصلي عليه كما أفتى به الوالد، وزاد قوله: والأصح أن الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- لا يسألون، قال: ويقف الملقن عند رأس القبر. انتهى.

وقال النووي في فتاواه: وأما التلقين المعتاد في الشام بعد الدفن فالمختار استحبابه، وممن نص على استحبابه من أصحابنا القاضي حسين والمتولي والشيخ نصر المقدسي والرافعي وغيرهم، وحديثه الذي رواه الطبراني ضعيف لكنه يستأنس به، وقد اتفق علماء الحديث على المسامحة في أحاديث الفضائل والترغيب والترهيب، ولم يزل أهل الشام على العمل بهذا في زمن من يقتدى به إلى الآن1 انتهى.

1017-

تمام المعروف خير من ابتدائه2.

رواه القضاعي عن جابر رفعه بلفظ: استتمام، وكذا الطبراني في الصغير، لكن بلفظ: أفضل بدل خير، وفيه عبد الرحمن بن قيس الضبي متروك، وعن سلم بن قتيبة:

1 أما عن استحباب هذا التلقين فالذي رجحه الشيخ الألباني في أحكام الجنائز عدم مشروعيته؛ لأن الحديث الوارد فيه لا يصح. وأما المسامحة في أحاديث الفضائل والترغيب والترهيب فليس على إطلاقه؛ إذ الخلاف مشهور في حكم العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، بل الراجح عدمه، بل قال العلامة أحمد شاكر في الباعث الحثيث:"وأما ما قاله أحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن مهدي وعبد الله بن المبارك: "إذا روينا في الحلال والحرام شددنا، وإذا روينا في الفضائل ونحوها تساهلنا" فإنما يريدون به -فيما أرجح، والله أعلم- أن التساهل إنما هو في الأخذ بالحديث الحسن الذى لم يصل إلى درجة الصحة؛ فإن الاصطلاح في التفرقة بين الصحيح والحسن لم يكن في عصرهم مستقرًّا واضحًا". اهـ. كلامه رحمه الله. وانظر مقدمة ضعيف الجامع للشيخ الألباني -حفظه الله-.

2 ضعيف بلفظ: "استتمام": رقم "902".

ص: 363

تمام المعروف أشد من ابتدائه؛ لأن ابتداءَهُ نافلة وتمامه فريضة، وفي معناه ما جاء عن العباس رضي الله عنه أنه قال: لا يتم المعروف إلا بتعجيله؛ فإنه إذا عجله هناه.

1018-

تمعددوا واخشوشنوا1.

رواه الطبراني في معجمه الكبير، وابن شاهين في الصحابة، وأبو الشيخ وأبو نعيم في المعرفة عن القعقاع بن أبي حدرد رفعه:"تمعددوا واخشوشنوا واخلولقوا وانتضلوا وامشوا حفاة".

وأخرجه البغوي أيضا في معجم الصحابة عن ابن أبي حدرد من غير تسمية له، وأخرجه الطبراني في الكبير أيضا عن عبد الله بن أبي حدرد وأخرجه أبو الشيخ أيضا عن أبي هريرة رفعه، ورواه الرامهرمزي في الأمثال عن أبي الأدرع الأسلمي رفعه بلفظ: تمعددوا واخشوشنوا وامشوا حفاة.

وقال في المقاصد: فهذا ما فيه من الاختلاف، ومداره على عبد الله بن سعيد وهو ضعيف، ورواه أبو عبيد في الغريب عن عمر أنه قال:"اخشوشنوا وتمعددوا واجعلوا الرأس رأسين". ورواه ابن حبان في صحيحه من طريق أبي عثمان قال: أتانا كتاب عمر فذكر قصة فيها هذا، وقد بينته في الرمي بالسهام، وفيه: وإياكم وزي الأعاجم، انتهى.

وقال ابن الغرس بعد أن ذكر رواية أبي الشيخ: وقلت في المنظومة:

تمعددوا واخشوشنوا واخلولقوا

وانتضلوا2 وامشوا حفاة أليق

قال: فجاء بيتًا موزونًا، ثم قال قال المناوي: وروي "واخشوشبوا" بالباء الموحدة، انتهى.

ومعنى تمعددوا: اتبعوا هدي ابن عدنان في الفصاحة، وقيل: تشبهوا بعيشه بالتقشف والغلظ، ودعوا التنعيم وزي العجم. ويقال: تمعدد الغلام: إذا شَبَّ وغلظ، ويشهد له ما في الحديث الآخر: عليكم باللبسة المعدية، أي: الزموا خشونة اللباس.

وقيل: المعنى اقتدوا بمعد بن عدنان والبسوا الخشن من الثياب وامشوا حفاة، فهو حث على التواضع ونهي عن الإفراط في الترفه والتنعم.

1 ضعيف جدًّا: رقم "2481".

2 انتضل القوم وتناضلوا أي: رموا للسبق. لسان العرب "نضل".

ص: 364

ومن شواهده ما رواه أحمد وأبو نعيم عن معاذ رفعه: إياكم والتنعم؛ فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين.

وروى الدارقطني في الأفراد عن ابن عباس رفعه: إذا سارعتم إلى الخيرات، فامشوا حفاة.

1019-

تمرة خير من جرادة.

هذا مشهور لا سيما على ألسنة النحاة، وقد استشهد به للابتداء بالنكرة للعموم. وروى ابن أبي شيبة عن القاسم قال: سئل ابن عباس عن المُحْرِم يصيد الجرادة فقال: تمرة خير من جرادة، وورد أيضا أن عمر بن الخطاب قاله لكعب الأحبار حيث قال: في الجرادة درهم، قال عمر أيضا لأهل حمص: ما أكثر دراهمكم يا أهل حمص، تمرة خير من جرادة. وقد استوفينا الكلام عليه في الفوائد المحررة بشرح مسوغات الابتداء بالنكرة.

1020-

تمكث إحداكن شطر دهرها لا تصلي.

قال في اللآلئ: قال أبو عبد الله بن منده: لا يثبت بوجه من الوجوه عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال في المقاصد: لا أصل له بهذا اللفظ.

ونقل ابن دقيق العيد عن ابن منده أن بعضهم ذكر هذا الحديث قال: ولا يثبت بوجه من الوجوه.

وقال البيهقي في المعرفة: ذكره بعض فقهائنا وتطلبته كثيرًا، فلم أجده في شيء من كتب الحديث، ولم أجد له إسنادًا.

وقال ابن الجوزي في التحقيق: هذا اللفظ يذكره أصحابنا، ولا أعرفه.

وقال أبو إسحاق في المهذب: لم أجده بهذا اللفظ إلا في كتب الفقهاء.

وقال النووي في شرحه: باطل لا يعرف. وفي الخلاصة: باطل لا أصل له.

وقال المنذري: لم أجد له إسنادًا.

ثم قال في المقاصد: وأغْرَبَ الفخر ابن تيمية في شرح الهداية لأبي الخطاب، فنقل عن القاضي أبي يعلى أنه قال: ذكره عبد الرحمن بن أبي حاتم البستي في السنن له.

ص: 365

كذا قال، وابن أبي حاتم ليس بستيًّا وإنما هو رازي، وليس له كتاب يقال له السنن، ولكن معناه صحيح. نعم يقرب منه ما اتفقا عليه عن أبي سعيد رفعه:"أليس إذا حاضت لم تُصَلِّ ولم تَصُمْ؟ فذاك من نقصان دينها". ورواه مسلم عن ابن عمر وأبي هريرة بلفظ: "تمكث الليالي ما تصلي، وتفطر في شهر رمضان، فهذا نقصان دينها". وفي المستدرك نحوه ولفظه: "فإن إحداكن تقعد ما شاء الله من يوم وليلة ولا تسجد لله سجدة". قال الحافظ ابن حجر: وهذا وإن كان قريبًا من معناه لكن لا يعطي المراد منه.

1021-

تناكحوا، تناسلوا؛ أباهي بكم الأمم يوم القيامة1.

رواه عبد الرزاق والبيهقي عن سعيد بن أبي هلال مرسلًا بلفظ: "تناكحوا تكثروا؛ فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة" قال في المقاصد: جاء معناه عن جماعة من الصحابة، فأخرج أبو داود والنسائي والبيهقي وغيرهم عن معقل بن يسار مرفوعا:"تزوجوا الولود الودود؛ فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة" ولأحمد وسعيد بن منصور والطبراني في الأوسط والبيهقي وآخرين عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالباءة، وينهى عن التبتل نهيًا شديدًا، ويقول:"تزوجوا الولود الودود؛ فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة". وصححه ابن حبان والحاكم، ولابن ماجه عن أبي هريرة رفعه:"انكحوا؛ فإني مكاثر بكم" قال: وقد جمعت طرقه في جزء، انتهى. وقال في المواهب: لم أقف عليه، وقال النجم: ورواه أحمد عن ابن عمر بلفظ: "انكحوا أمهات الأولاد؛ فإني أباهي بهم يوم القيامة" وفي الباب أيضا ما تقدم في "تزوجوا".

1022-

"تنكح المرأة لمالها وجمالها وحسبها ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك".

متفق عليه عن أبي هريرة، وفي الجامع الصغير معزوٌّ للشيخين وأبي داود والنسائي وابن ماجه بلفظ:"تنكح المرأة لأربع: لمالها وحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" وقال النجم: وعند مسلم عن جابر أن المرأة تنكح على دينها ومالها وجمالها، فعليك بذات الدين تربت يداك، ورواه ابن حبان والحاكم عن أبي سعيد:

1 اللفظ برواية عبد الرزاق والبيهقي، ضعيف: رقم "2483".

ص: 366

"تنكح المرأة على إحدى ثلاث: جمالها ودينها وخلقها، فعليك بذات الدين والخلق" ورواه ابن أبي الدنيا والبزار وابن ماجه عن ابن عمر: "لا تنكحوا النساء لحسنهن فلعله يرديهن، ولا لمالهن فلعله يطغيهن، وانكحوهن للدين، ولأمة سوداء خرقاء ذات دين أفضل".

1023-

"تهادوا تحابوا"1.

الطبراني في الأوسط، والحربي في الهدايا، والعسكري في الأمثال عن عائشة مرفوعًا بزيادة:"وهاجروا تورثوا أبناءَكم مجدًا، وأقيلوا الكرام عثراتهم" وفي لفظ تقدم في: "أقيلوا""تهادوا تزدادوا حبًّا" وللطبراني في الأوسط عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا نساء المؤمنين، تهادين ولو فِرْسِن شاة؛ فإنه ينبت المودة ويذهب الضغائن" وللقضاعي عن عائشة مرفوعا: "تهادوا؛ فإن الهدية تذهب الضغائن" وفي الباب عن أبي هريرة عند أحمد والبخاري في الأدب المفرد والترمذي والنسائي والبيهقي في الشعب، وفي لفظ الترمذي:"تهادوا فإن الهدية تذهب وَحَرَ الصدر" 2، ورواه الطبراني في الكبير والديلمي وأبو يعلى عن أم حكيم بنت وداع مرفوعا بلفظ:"تهادوا فإن الهدية تُضَعِّف الحب وتذهب الغوائل" وفي رواية: بغوائل الصدر، وفي لفظ:"تزيد في القلب حبًّا" ورواه الطبراني في الأوسط عن أنس مرفوعا: "يا معشر الأنصار تهادوا؛ فإن الهدية تسل السخيمة، وتورث المودة، فوالله لو أهدي إليَّ كراع

" الحديث، ورواه البزار بهذا اللفظ بدون "وتورث المودة" وفي لفظ للحربي: "تهادوا فإن الهدية قلت أو كثرت تورث المودة، وتسل السخيمة" وللديلمي بلا سند عن أنس رفعه:"عليكم بالهدايا؛ فإنها تورث المودة وتذهب الضغائن" وعزاه السيوطي في الجامع الصغير لأحمد والترمذي وضعفه عن أبي هريرة بلفظ: "تهادوا؛ إن الهدية تذهب وحر الصدر" -وفي لفظ: "وحر القلب، ولا تحقرن جارة لجارتها ولو شق فرسن3 شاة" وأخرجه مالك في الموطأ عن عطاء الخراساني مرسلا رفعه بلفظ: "تصافحوا يذهب الغل، وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء" قال في المقاصد: وهو حديث جيد، وقد بينت ذلك

1 حسن: رقم "3004".

2 وحر الصدر وهو بالتحريك: غشه ووساوسه، وقيل: الحقد والغيظ. لسان العرب.

3 أي: ظلف شاة.

ص: 367

مع ما وقفت عليه من معناه في تكملة شرح الترمذي، قال الحاكم:"تحابوا" إن كان بالتشديد فمن المحبة، وإن كان بالتخفيف فمن المحاباة، لكن يشهد للأول رواية:"تزيد بالقلب حبًّا" وقال ابن الغرس: وينبغي للمهدي أن يقصد بها امتثال أمر الشارع وما ندب لأجله ولا يقصد بذلك الدنيا، قال حسان:

إن الهدايا تجارات اللئام وما

يبغي الكرام لما يهدون من ثمن

1024-

التهنئة بالشهور والأعياد مما اعتاده الناس1.

قال في المقاصد: مروي في العيد أن خالد بن معدان لقي واثلة بن الأسقع في يوم عيد فقال له: "تقبل الله منا ومنك" فقال له مثل ذلك، وأسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لكن الأشبه فيه الوقف.

وله شواهد عن كثير من الصحابة، بينها الحافظ ابن حجر في بعض الأجوبة، بل عند الديلمي عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه:"من لقي أخاه عند الانصراف من الجمعة فليقل: تقبل الله منا ومنك".

وروي في المرفوع: من جملة حقوق الجار إن أصابه خير هنأه، أو مصيبة عزاه، أو مرض عاده، إلى غيره مما في معناه. بل أقوى منه ما في الصحيحين في قيام طلحة لكعب رضي الله عنهما وتهنئته بتوبة الله عليه.

وفي تاريخ قزوين للرافعي: أول من أحدث تهنئة العيدين بقزوين أبو قاسم سعيد بن محمد القزويني، وثبت أن آدم عليه الصلاة والسلام لما حج البيت الحرام قالت له الملائكة: بر حجك، قد حججنا قبلك.

قال النجم: وألف السيوطي [في] 2 ذلك رسالة سماها "وصول الأماني في حصول التهاني" أجاد فيها، وذكر في آخرها الحديث المرفوع عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ:"أتدرون ما حق الجار؟ إن استعان بك أعنته، وإن استقرضك أقرضته، وإن أصابه خير هنأته، وإن أصابته مصيبة عزيته". وذكر الحديث في الجامع الكبير بأبسط من هذا.

1 قال في التمييز "464": "لم يرد فيه شيء".

2 ما بين [] سقط من النسخ المطبوعة.

ص: 368

1025-

التوكؤ على العصا من سنة الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-1.

قال القاري: كلام صحيح، وليس له أصل صريح، وإنما يستفاد من قوله تعالى:{وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى} 2 ومن فعل نبينا صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان كما بينه في رسالة، قال: وأما حديث: "من بلغ الأربعين ولم يمسك العصا فقد عصى" فليس له أصل، انتهى. وقال ابن حجر الهيثمي: روى ابن عدي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: التوكؤ على العصا من أخلاق الأنبياء، وكان صلى الله عليه وسلم يتوكأ عليها، ورواه الديلمي بسند عن أنس رفعه حديث: حمل العصا علامة المؤمن وسنة الأنبياء، وروي أيضا: كانت للأنبياء كلهم مخصرة يختصرون بها تواضعًا لله عز وجل، وأخرج البزار والطبراني بسند ضعيف حديث:"إن أتخذ العصا، فقد اتخذها أبي إبراهيم".

وأخرج ابن ماجه عن أبي أمامة: خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم متوكئًا على عصاه. انتهى.

وأما حديث: من خرج في سفر ومعه عصا وارى3 فيه الله بكل سبع ضار، ومن بلغ أربعين سنة عَدَلَهُ ذلك من الكِبر والعُجْب. فقد قال فيه ابن حجر المكي في فتاواه -نقلا عن السيوطي-: إنه موضوع.

1026-

توقوا برد الخريف؛ فإنه يورث داءً في أبدانكم.

لا أعلمه حديثًا فضلًا عن صحته.

1027-

التمر والرمان والتفاح والعنب من فضل طينة آدم4.

وقال5 في رسالة لبعض مجهول: "بلا سند عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصل لذلك، وإنما ورد في شجر التمر أكرموا عمتكم النخلة؛ فإنها خلقت من فضلة طينة آدم" انتهى.

1 موضوع، انظر الضعيفة "ح916".

2 سورة طه: 17.

3 هذه اللفظة في الحديث غير واضحة المعنى، وقد اختلفت روايات النص في النسخ التي بين أيدينا، وما نظن هذه الاضطرابات إلا من خطأ النساخ؛ لما ظهر لنا من تكرار ذلك خلال الكتاب وقد تداركناه ما استطعنا.

4 راجع الضعيفة "ح262، 263".

5 لعله يقصد به السخاوي، فإنه قد أشار إلى ذلك في مقدمة الكتاب من أنه لخص كتاب السخاوي -المقاصد الحسنة- في هذا الكتاب.

ص: 369

1028-

التواضع لا يزيد العبد إلا رفعةً، فتواضعوا يرفعكم الله1.

الديلمي عن أنس، ورواه ابن أبي الدنيا في ذم الغضب عن محمد بن كثير العبدي بزيادة:"والعفو لا يزيد العبد إلا عِزًّا، فاعفوا يعزكم الله، والصدقة لا تزيد المال إلا كثرةً، فتصدقوا يرحمكم".

1 "ضعيف" بزيادة ابن أبي الدنيا، ضعيف الجامع:"2514".

ص: 370