المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حرف الهمزة مع الباء الموحدة: - كشف الخفاء ت هنداوي - جـ ١

[العجلوني]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة المحقق:

- ‌عملنا في تحقيق الكتاب:

- ‌حياة المصنف مختصرة من سلك الدرر للمرادي:

- ‌مقدمة المؤلف:

- ‌حرف الهمزة:

- ‌حرف الهمزة مع الباء الموحدة:

- ‌حرف الهمزة مع الثاء المثلثة:

- ‌الهمزة مع الجيم:

- ‌الهمزة مع الحاء المهملة

- ‌الهمزة مع الخاء المعجمة:

- ‌الهمزة مع الدال المهملة:

- ‌الهمزة مع الذال المعجمة:

- ‌حرف الهمزة مع الراء

- ‌حرف الهمزة مع الزاي

- ‌حرف الهمزة مع السين المهملة

- ‌الهمزة مع الشين المعجمة

- ‌حرف الهمزة مع الصاد

- ‌الهمزة مع الضاد

- ‌حرف الهمزة مع الطاء المهملة:

- ‌حرف الهمزة مع الظاء المشالة:

- ‌حرف الهمزة مع العين المهملة:

- ‌حرف الهمزة مع الغين المعجمة:

- ‌حرف الهمزة مع الفاء:

- ‌حرف الهمزة مع القاف:

- ‌حرف الهمزة مع الكاف:

- ‌حرف الهمزة مع اللام

- ‌الهمزة مع الميم:

- ‌حرف الهمزة مع النون:

- ‌حرف الهمزة مع الهاء:

- ‌حرف الهمزة مع اللام ألف:

- ‌حرف الهمزة مع الياء التحتية:

- ‌حرف الباء الموحدة:

- ‌حرف المثناة الفوقية:

- ‌حرف الثاء المثلثة:

- ‌حرف الجيم:

- ‌حرف الحاء المهملة:

- ‌حرف الخاء المعجمة:

- ‌حرف الدال المهملة:

- ‌حرف الذال المعجمة:

- ‌حرف الراء المهملة:

- ‌حرف الزاي:

- ‌حرف السين المهملة:

- ‌فهرس الموضوعات:

الفصل: ‌حرف الهمزة مع الباء الموحدة:

الضرب الشديد والحبس المديد انتهى، لكن جرى عليه كثيرون كالحنفية، وجعلوا في حديث: الإيمان يزيد وينقص، الزيادة إشراقًا، والنقصان ضده.

26-

"الإيمان بضع وسبعون شعبة، أفضلها: قول لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان"1.

رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن أبي الدنيا عن أبي هريرة.

27-

الإيمان عريان، فلباسه التقوى، وزينته الحياء، وثمرته العلم.

هو موضوع كما قال الصغاني، وعزاه النجم لرواية ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا، عن وهب بن منبه من قوله، لكن بإبدال قوله:"وثمرته العلم" بقوله "وماله الفقه"، ثم قال: ورواه ابن عساكر عن علي رفعه بلفظ: يا علي، إن الإسلام عريان، لباسه التقوى، ورياشه الهدى، وزينته الحياء، وعماده الورع، وملاكه العمل الصالح، وأساس الإسلام حبي وحب أهل بيتي.

1 صحيح: رقم "2800".

ص: 30

‌حرف الهمزة مع الباء الموحدة:

28-

ابتغوا الخير عند حسان الوجوه1.

رواه الدارقطني في الأفراد عن أبي هريرة، وسيأتي فيه روايات في: اطلبوا الخير عند حسان الوجوه مع ما فيه من النظم.

29-

الأب أحق بالطاعة، والأم أحق بالبر.

قال النجم: هو من كلام ابن المبارك، كما أخرجه الأصبهاني في الترغيب عن حبان بن موسى، قال: سألت عبد الله بن المبارك عن الوالد والوالدة إذا أمرا بشيء، فذكره.

1 موضوع: رقم "36".

ص: 30

30-

"أبخل الناس من بخل بالسلام"1.

رواه البيهقي في الشعب بسند رجاله رجال الصحيح عن أبي هريرة، والطبراني عنه وعن عبد الله بن معقل.

31-

"ابدأ بمن تعول".

رواه الطبراني عن حكيم بن حزام، ورواه الشيخان عن أبي هريرة في حديث:"وابدأ بمن تعول".

32-

ابدءوا بما بدأ الله به2.

يعني: الصفا، فيقدم وجوبًا على المروة في السعي بينهما؛ لأن الله تعالى قدمه بقوله:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} 3، ولذا يجب الترتيب في الوضوء عند الشافعي، وليس من الواو؛ لأنها لا تفيد الترتيب عند الجمهور من النحاة، والحديث رواه الدارقطني عن جابر بلفظ: أمر الجماعة، وفي بعضها بالإفراد، ورواه مسلم عن جابر بلفظ مضارع المتكلم وحده.

33-

ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل شيء عن أهلك فلذي قرابتك، فإن فضل شيء عن ذي قرابتك فهكذا وهكذا.

رواه مسلم والنسائي وآخرون عن جابر قال: أعتق رجل من بني عذرة عبدًا له عن دبر4 فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ألك مال غيره؟ فقال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يشتريه مني؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله العدوي بثمانمائة درهم، فجاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفعها إليه، ثم قال: ابدأ بنفسك

الحديث، ورواه في الدرر بلفظ: ابدأ بنفسك ثم بمن يليك، وقال فيها وفي الطبراني من حديث جابر بن سمرة: إذا أنعم الله على عبد نعمة فليبدأ بنفسه وأهل بيته انتهى، ورواه مسلم عن جابر بن سمرة بلفظ: إذا أعطى الله أحدكم خيرًا فليبدأ بنفسه وأهل بيته، ورواه الطبراني عن معاذ كما في الجامع الكبير، وفي ذيل الصغير بلفظ: ابدأ بأمك وأبيك،

1 صحيح، انظر صحيح الجامع "ح1519".

2 ضعيف: رقم "36".

3 البقرة: "158".

4 أي: بعد موته، ويسمى المدبر.

ص: 31

وأختك وأخيك، والأدنى فالأدنى، ولا تنسوا الجيران وذا الحاجة انتهى، وقال في الجامع الكبير أيضًا: رواه ابن حبان عن جابر بلفظ: ابدأ بنفسك فتصدق عليها ثم على أبويك، ثم على قرابتك، ثم هكذا ثم هكذا، وقال النجم في ابدأ بنفسك: رواه الطيالسي عن ابن عمر وأنه صلى الله عليه وسلم قال له: يا عبد الله، ابدأ بنفسك فاغذها1 وجاهدها

الحديث، ثم قال: ولابن أبي شيبة عن سعيد بن سيار قال: جلست إلى ابن عمر، فذكرت رجلًا، فترحمت عليه، فضرب صدري وقال: ابدأ بنفسك.

34-

أبدِ المودة لمن وادك؛ فإنها أثبت2.

رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان، والحارث بن أبي أسامة في مسنده، والطبراني وأبو الشيخ في الثواب عن حميد الساعدي.

35-

الأبدال في هذه الأمة ثلاثون مثل إبراهيم خليل الرحمن، كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلًا3.

عزاه في اللآلئ لمسند أحمد عن عبادة بن الصامت مرفوعًا، وفي لفظ له عنه: الأبدال في هذه الأمة ثلاثون رجلًا قلوبهم على قلب إبراهيم خليل الرحمن إلى آخر ما تقدم بلفظه، ثم قال فيها: وحكى عبد الله بن أحمد عن أبيه أنه منكر، تفرد به الحسن بن ذكوان، قال ابن كثير: وهو كما قال، ووثق البخاري الحسن المذكور، وضعفه الأكثرون، حتى قال أحمد: أحاديثه أباطيل، ثم قال فيها أيضًا: ولا يخفى ما فيه من التحامل، فإن رجال الحديث مختلف فيهم، فهو حسن على رأي جماعة من الأئمة، وقال الزركشي أيضًا: هو حسن، وقال في التمييز تبعًا للأصل: له طرق عن أنس مرفوعًا بألفاظ مختلفة وكلها ضعيفة، انتهى.

وأقول: لكنه يتقوى بتعدد طرقه الكثيرة، منها ما في الحلية عن ابن عمر رفعه: خيار أمتي في كل قرن خمسمائة، والأبدال أربعون، فلا الخمسمائة ينقصون، ولا الأربعون، كلما مات رجل أبدل الله مكانه آخر، وهم في الأرض كلها، وفي رواية: الأبدال

1 أي: ربها.

2 ضعيف: رقم "34".

3 ضعيف: رقم "2269".

ص: 32

بالشام، والنجباء بمصر، وفي رواية: الأبدال من الشام، والنجباء من أهل مصر. ومنها ما رواه الخلال في كرامات الأولياء عن أنس بلفظ: الأبدال أربعون رجلًا وأربعون امرأة، كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلًا، وإذا ماتت امرأة أبدل الله مكانها امرأة. ومنها كما في شرح المواهب للزرقاني ما رواه أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن في الخلق ثلاثمائة قلوبهم على قلب آدم، ولله في الخلق أربعون قلوبهم على قلب موسى، ولله سبعة في الخلق قلوبهم على قلب إبراهيم، ولله في الخلق خمسة قلوبهم على قلب جبريل، ولله في الخلق ثلاثة قلوبهم على قلب ميكائيل، ولله في الخلق واحد قلبه على قلب إسرافيل، فإذا مات الواحد أبدل الله مكانه من الثلاثة، وإذا مات من الثلاثة أبدل الله مكانه من الخمسة، وإذا مات من الخمسة أبدل الله مكانه من السبعة، وإذا مات من السبعة أبدل الله مكانه من الأربعين، وإذا مات من الأربعين أبدل الله مكانه من الثلاثمائة، وإذا مات من الثلاثمائة أبدل الله مكانه من العامة، فبهم يحيي ويميت ويمطر وينبت ويدفع البلاء، قيل لابن مسعود: وكيف بهم يحيي ويميت؟ قال: لأنهم يسألون الله إكثار الأمم، ويدعون على الجبابرة فيقصمون، ويستسقون فيسقون، ويسألون فتنبت الأرض، ويدعون فيدفع الله بهم أنواع البلاء انتهى.

ومنها ما في الحلية أيضًا عن ابن مسعود رفعه: لا يزال أربعون رجلًا من أمتي قلوبهم على قلب إبراهيم، يدفع الله بهم عن أهل الأرض يقال لهم: الأبدال، أنهم لم يدركوها بصلاة ولا بصوم ولا بصدقة، قال: فبِمَ أدركوها يا رسول الله؟ قال: بالسخاء، والنصيحة للمسلمين.

ومنها ما رواه المنذري في أربعينه وتبعه أبو عبد الله المسلمي في تخريجها عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أبدال أمتي لن يدخلوا الجنة بالأعمال، ولكن دخلوها برحمة الله تعالى وسخاوة النفس وسلامة الصدر والرحمة لجميع المسلمين" انتهى، وإلى ذلك أشرت ضمن قصيدة بقولي:

إن أبدال الرجال الأتقيا

من صفت نياتهم والأسخيا

لم ينالوا ذا المقام الأعظما

في صلاة أو صيام أخفيا

بل بما قد قر في أنفسهم

منحوا ذا من كريم معطيا

وبما قد رحموا من خلقه

فجزوا منه المقام العاليا

ص: 33

ومنها وهو أحسنها ما رواه أحمد من حديث شريح يعني ابن عبيد قال: ذكر أهل الشام عند علي -كرم الله وجهه- وهو بالعراق، فقالوا: العنهم يا أمير المؤمنين قال: لا، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"البدلاء يكونون بالشام وهم أربعون رجلًا، كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلًا. يسقى بهم الغيث وينتصر بهم على الأعداء ويصرف عن أهل الشام بهم البلاء"، وفي رواية بدله:"العذاب". ورجاله من رواة الصحيح إلا شريحًا لكنه ثقة، وقال الضياء المقدسي في رواية صفوان بن عبد الله عن علي من غير رفع: لا تسبوا أهل الشام جَمًّا غفيرًا، فإن بها الأبدال، قاله ثلاثًا. ومنها ما رواه الطبراني في الأوسط عن علي بن أبي طالب بسند فيه عمرو بن واقد ضعفه الجمهور وبقية رجاله رجال الصحيح بلفظ: لا تسبوا أهل الشام فإن فيهم الأبدال، وفي رواية زيادة: فبهم تنصرون وبهم ترزقون. ومنها ما رواه ابن عدي عن أبي هريرة بلفظ: البدلاء أربعون: اثنان وعشرون بالشام، وثمانية عشر بالعراق، كلما مات منهم واحد أبدل الله مكانه آخر، فإذا جاء الأمر قبضوا كلهم، فعند ذلك تقوم الساعة.

ومنها ما نقله الحلبي في سيرته عن الفضل بن فضالة أنه قال: الأبدال بالشام: في حمص خمسة وعشرون رجلًا، وفي دمشق ثلاثة عشر، وفي بيسان ثلاثة.

ومنها ما في تاريخ بغداد للخطيب البغدادي عن الكتاني قال: النقباء ثلاثمائة، والنجباء سبعون، والأبدال أربعون، والأخيار سبعة، والعمد أربعة، والغوث واحد، فمسكن النقباء المغرب، ومسكن النجباء مصر، ومسكن الأبدال الشام، والأخيار سياحون في الأرض، والعمد في زوايا الأرض، ومسكن الغوث مكة، فإذا عرضت الحاجة من أمر العامة ابتهل فيها النقباء ثم النجباء ثم الأبدال ثم الأخيار ثم العمد، فإن أجيبوا، وإلا ابتهل الغوث، فلا تتم مسألته حتى تجاب دعوته، قال الزرقاني في شرح المواهب: والمراد بالعمد -بضمتين- الأوتاد، وبالغوث القطب المفرد الجامع، والمراد: يكون الأبدال مسكنهم الشام أكثرهم، فلا يخالف ما ورد أن ثمانية عشر بالعراق -إن صح- ثم المراد: أن محل إقامتهم بها، فلا ينافي تصرفهم في الأرض كلها، وقيل: إن الغوث مسكنه اليمن، والأصح أن إقامته لا تختص بمكة ولا بغيرها، بل هو جوال، وقلبه طواف في حضرة الحق تعالى وتقدس لا يخرج من حضرته أبدًا، ويشهده في كل جهة ومن كل جهة انتهى. وقد أفرد الأبدال بالتأليف السخاوي وسماه نظم اللآل، وكذا السيوطي وسماه القول الدال.

ص: 34

"فائدة" للأبدال علامات: منها ما ورد في حديث مرفوع: ثلاث من كن فيه فهو من الأبدال: الرضا بالقضاء، والصبر عن المحارم، والغضب لله. ومنها ما نقل عن معروف الكرخي أنه قال: من قال: اللهم ارحم أمة محمد في كل يوم، كتبه الله من الأبدال، وهو في الحلية لأبي نعيم بلفظ: من قال في كل يوم عشر مرات: اللهم أصلح أمة محمد، اللهم فَرِّجْ عن أمة محمد، اللهم ارحم أمة محمد كتب من الأبدال، ومنها ما نقل عن بعضهم أنه قال: علامة الأبدال أنهم لا يُولَد لهم، وروي في مرفوع معضل: علامة أبدال أمتي أنهم لا يلعنون شيئًا.

36-

أبردوا بالطعام؛ فإن الطعام الحار غير ذي بركة1.

قال في التمييز تبعًا للأصل: أخرجه الطبراني بسند ضعيف، وزاد في الأصل وذكره الديلمي عن ابن عمر رفعه بلفظ: أبردوا بالطعام؛ فإن الحار لا بركة فيه، ورواه أحمد والطبراني وابن حبان والحاكم عن أسماء بنت أبي بكر بلفظ: أبردوا بالطعام؛ فإنه أعظم للبركة، ورواه أبو نعيم في الحلية عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره الكي والطعام الحار، ويقول: عليكم بالبارد؛ فإنه ذو بركة، ألا وإن الحار لا بركة له، وروى الطبراني عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتِي بصحفة تفور، فرفع يده منها، وقال: إن الله عز وجل لم يطعمنا نارًا، وقال الشعراني في طبقاته الوسطى: وكان صلى الله عليه وسلم لا يأكل الطعام الحار، ويقول: أبردوه ثم كلوه، فإن الله لم يطعمنا نارًا، وفي رواية: إن الحار غير ذي بركة، انتهى. ونقل النجم أن أحمد والطبراني وأبا نعيم رووه عن عروة أن أسماء رضي الله عنها كانت إذا ثردت غطت بشيء حتى يذهب فوره، ثم تقول: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هو أعظم للبركة، والمشهور على الألسنة البركة في البارد واللذة في الحار.

37-

أبردوا بالظهر؛ فإن شدة الحر من فيح جهنم.

رواه البخاري وأحمد وابن ماجه عن أبي سعيد الخدري، ورواه الطبراني وتمام وابن عساكر عن عمرو بن عنبسة، ورواه النسائي عن أبي موسى الأشعري، ورواه في الجامع الكبير بألفاظ مختلفة، وطرق كذلك.

1 ضعيف: رقم "37".

ص: 35

38-

أبغض الخلق إلى الله تعالى من كانت ثيابه ثياب الأنبياء، وعمله عمل الجبارين1.

رواه العقيلي والديلمي عن عائشة مرفوعًا.

39-

أبغض الحلال إلى الله الطلاق2.

قال في اللآلئ: أخرجه أبو داود وابن ماجه عن ابن عمر، وأخرجه الحاكم عن ابن عمر أيضًا بلفظ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أحل الله شيئًا أبغض إليه من الطلاق، قال: وهذا حديث صحيح الإسناد لم يخرجاه.

وقال في التمييز تبعًا للأصل: روي موصولًا ومرسلًا، وصحح البيهقي إرساله، وكذا أبو حاتم، وقال الخطابي: إنه المشهور، وزاد في الأصل وله شاهد عند الدارقطني عن معاذ مرفوعًا بلفظ: يا معاذ، ما خلق الله شيئًا أحب إليه من العتاق، ولا خلق الله شيئًا على وجه الأرض أبغض إليه من الطلاق. فإذا قال الرجل لمملوكه: أنت حر -إن شاء الله- فهو حر لا استثناء له، وإذا قال لامرأته: أنت طالق -إن شاء الله- فله استثناؤه، ولا طلاق عليه، انتهى.

وأقول: لينظر قوله: "فإذا قال الرجل

إلخ" هل هو من الحديث أو لا؟ وعلى كُلٍّ، فيشكل الحكم بأنه يقع العتق مع التعليق بالمشيئة دون الطلاق، مع أن المقرر فيهما أنه لا وقوع مع التعليق بالمشيئة فليراجع، إلا أن يحمل في الأول على التبرك والثاني على التعليق، فتدبر.

ورواه الديلمي عن معاذ بلفظ: إن الله يبغض الطلاق ويحب العتاق، لكنه ضعيف بانقطاعه.

وروى الديلمي أيضًا عن علي رفعه بسند ضعيف: تزوجوا ولا تطلقوا؛ فإن الطلاق يهتز منه العرش، وجاء عن علي أيضًا أنه قال: يا أهل العراق، لا تزوجوا الحسن، يعني ابنه، فإنه مِطْلَاق، فقال له رجل: والله لنزوجنه، فما رضي أمسكه وما كره طلق. وعن أبي موسى رفعه: ما بال أحدكم يلعب بحدود الله يقول: قد طلقت، قد راجعت. ولعل

1 موضوع: رقم "46".

2 ضعيف: رقم "44".

ص: 36

ذلك حيث لم يوجد ما يقتضيه، وعليه يحمل قولهم:"الطلاق يمين الفساق" أو لعله محمول على الزجر، وإلا فليس الطلاق مفسقًا على إطلاقه، فتأمل.

40-

"أبغض الرجال إلى الله تعالى الألد الخصم".

رواه الشيخان بزيادة "إن" في أوله، في رواية البخاري.

41-

أبقِ للصلح موضعًا.

رواه أبو نعيم عن سفيان بن عيينة بلفظ: كان ابن عياش المنتوف يقع في عمر بن ذر يشتمه، فلقيه عمر بن ذر فقال: يا هذا، لا تفرط في شتمنا، وأبقِ للصلح موضعًا؛ فإنا لا نكافئ من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله.

ورواه أبو نعيم أيضًا عن أبي عمر بن خلاد قال: شتم رجل عمر بن ذر فقال: لا تغرق في شتمنا ودع للصلح موضعًا؛ فإنا لا نكافئ من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه، والمشهور على الألسنة: خَلِّ للصلحِ موضعًا.

42-

ابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا1.

رواه ابن ماجه عن سعد بن أبي وقاص.

43-

أبلغوا حاجة من لا يستطيع إبلاغ حاجته، فإنه من أبلغ -وفي رواية: فمن أبلغ- سلطانًا حاجة من لا يستطيع إبلاغها؛ ثبت الله قدميه على الصراط يوم القيامة2.

قال في التمييز تبعًا للأصل: أخرجه البيهقي والطبراني والترمذي في الشمائل، يعني: عن علي وزاد في الأصل عن هند بن أبي هالة التميمي أنه قال في أثناء حديث طويل في صفة النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "ليبلغ الشاهد الغائب، وأبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغ حاجته"، ورواه الفقيه نصر المقدسي في فوائده عن علي بلفظ:"أبلغوني"، ورواه الطبراني عن عائشة وابن عمر بلفظ:"من كان وصلة لأخيه المسلم إلى ذي سلطان في تبليغ بر أو تيسير عسير؛ أعانه الله على إجازة الصراط عند دحض الأقدام"، قال في الأصل: ووهم الديلمي في عزوه لفظ الترجمة للطبراني عن أبي الدرداء، وإنما الذي فيه حديث عائشة وابن عمر بلفظ:"رفعه الله في الدرجات العلا من الجنة"،

1 ضعيف، انظر ضعيف ابن ماجه "ح918".

2 ضعيف: رقم "48".

ص: 37

وعزاه في الدرر للطبراني وأبي الشيخ عن أبي الدرداء بلفظ: أبلغوا حاجة من لا يستطيع إبلاغ حاجته، فمن أبلغ سلطانًا حاجة من لا يستطيع إبلاغها ثبت الله قدميه على الصراط، وزاد في الجامع الصغير عنه من طريق الطبراني فقط آخره: يوم القيامة ورمز السيوطي لحسنه، ولعله لاعتضاده، وإلا فقد ذكر المناوي أن فيه إدريس بن يوسف الحراني لا يعرف.

44-

"ابن أخت القوم منهم".

متفق عليه عن أنس أنه كما في التمييز كالأصل، وزاد في الأصل من رواية الديلمي عن أبي موسى وغيره:"يا معشر قريش، إن ابن أخت القوم منهم أو من أنفسهم"، ورواه أحمد بن أبي شيبة والترمذي عن أنس وكذا الحاكم عن عمر أنه قال له صلى الله عليه وسلم:"اجمع لي صناديد قريش" ، فجمعهم، ثم قال: أتخرج إليهم أم يدخلون؟ فقال: "أخرج"، فخرج عليه السلام فقال:"يا معشر قريش، هل فيكم من غيركم؟ " قالوا: لا إلا ابن أختنا، فذكره ثم قال:"يا معاشر قريش إن أولى الناس بي المتقون، فانظروا لا يأتي الناس بالأعمال يوم القيامة وتأتون بالدنيا تحملونها فأصد عنكم بوجهي".

تنبيه: مثل ابن أخت القوم حليفهم ومولاهم كما في حديث رواه في ذيل الجامع عن الشافعي وأحمد عن رفاعة بن رافع الزرقي، ولفظه:"ابن أختكم منكم، وحليفكم ومولاكم منكم، إن قريشًا أهل صدق وأمانة، فمن بغاها العواثر كَبَّه الله في النار على وجهه".

ورواه البغوي في معجمه عن أبي عبيد الزرقي بلفظ: ابن أختنا منا، وحليفنا منا، ومولانا منا، يا معشر قريش، إن أوليائي منكم المتقون، فإن تكونوا أنتم فأنتم، يا أيها الناس من بغى قريشًا العواثر كب على منخريه، ولينظر معنى قول الشاعر:

وإن ابن أخت القوم مصغي إناءه

إذا لم يزاحم خاله باب جلمد

45-

ابن آدم، أطع ربك تُسَمَّ عاقلًا، ولا تعصه فتسمى جاهلًا1.

رواه أبو نعيم عن أبي هريرة، وأبي سعيد الخدري.

1 موضوع: رقم "49".

ص: 38

46-

ابن آدم أولك نطفة، وآخرك جيفة، وأنت بين ذلك لا تملك ضرًّا ولا نفعًا.

رواه الديلمي عن ابن عباس، والمشهور على الألسنة ابن آدم أولك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وأنت فيما بين ذلك تحمل العذرة.

47-

ابن آدم خلق من التراب، وإليه يصير.

رواه الديلمي عن أبي هريرة في حديث أوله: ويح ابن آدم.

48-

ابن آدم، عندك ما يكفيك وأنت تطلب ما يطغيك، ابن آدم لا بقليل تقنع ولا من كثير تشبع، ابن آدم إذا أصبحت معافًى في بدنك، آمنًا في سربك، عندك قوت يومك، فعلى الدنيا العفاء1.

رواه ابن عدي والبيهقي عن ابن عمر، كذا في الجامع الصغير في ابن آدم، ورواه أيضًا في إذا من رواية البيهقي عن أبي هريرة بلفظ: إذا أصبحت آمنًا في سربك، معافًى في بدنك، عندك قوت يومك، فعلى الدنيا العفاء. قال المناوي: ورواه أيضًا الخطيب وأبو نعيم وابن عساكر وابن النجار وفي سنده كذاب متهم بالوضع انتهى، لكن معناه صحيح.

49-

"أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة، رضي الله عنهم أجمعين "2.

رواه أحمد والضياء عن سعيد بن زيد، والترمذي عن عبد الله بن عوف، وقد نظم أسماءهم الحافظ ابن حجر العسقلاني، لكن لا على ترتيبهم في الفضيلة فقال:

لقد بشر الهادي من الصحب عشرة

بجنات عدن كلهم قدره علي

عتق سعيد سعد عثمان طلحة

زبير ابن عوف عامر عمر علي

1 موضوع: رقم "50".

2 صحيح: رقم "50".

ص: 39

50-

"أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين، ما خلا النبيين والمرسلين "1.

رواه أحمد والترمذي وابن ماجه عن أبي جحيفة، وأبو يعلى والضياء وابن عساكر عن أنس، وروي عن غيرهم، وقد رمز في الجامع الصغير لصحته: أبو بكر وعمر سراجا أهل الجنة، الديلمي عن جابر: أبو بكر وعمر مني بمنزلة السمع والبصر، والترمذي والطبراني من حديث عبد الله بن حنطب، قال الترمذي: لا صحبة له، ورواه أبو نعيم من رواية ابن وهب عن ابن عباس: أبو بكر خير أمتي وأرحمها، وعمر أغيرها، وعثمان أحياها، وعلي أبهاها. قال في تخريج الحافظ على الديلمي: أخرجه أبو محمد من رواية سلمان عن ابن عمر، وفي سنده محمد بن الحارث.

51-

أبو بكر خير الناس بعدي إلا أن يكون نبي2.

رواه ابن عدي والطبراني والديلمي والخطيب في المتفق والمفترق، بسندهم إلى سلمة بن الأكوع، وقال ابن عدي: هذا الحديث أحد ما أنكر على عكرمة.

52-

أبو بكر صاحبي ومؤنسي في الغار، فاعرفوا ذلك له، فلو كنت متخذًا خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلًا، سدوا كل خوخة في المسجد غير خوخة أبي بكر3.

رواه ابن الإمام أحمد في زوائده، وابن مردويه والديلمي عن ابن عباس.

53-

أبو حنيفة سراج أمتي.

قال القاري في موضوعاته الكبرى: هو موضوع باتفاق المحدثين، وقال العلامة ابن حجر المكي في كتابه المسمى بالخيرات الحسان في مناقب أبي حنيفة النعمان نقلًا عن الحافظ السيوطي وغيره: إن الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو كان الإيمان عند الثريا" -وفي لفظ: "لو كان العلم معلقًا عند الثريا- لتناوله رجال من أبناء فارس" محمول على أبي حنيفة وأضرابه، وبه يستغنى

1 صحيح: رقم "51".

2 ضعيف رقم: "55".

3 ضعيف: رقم "56".

ص: 40

عن أن يستشهد على فضله بحديث أطبق المحدثون على أنه موضوع، ثم أورده بروايات أطال في بيانها ورد النقاد لها، وقال: إنها كلها موضوعات لا تروج على من له أدنى إلمام بنقد الحديث.

قال: فمن الروايات الموضوعة: سيأتي رجل من بعدي يقال له: النعمان بن ثابت، ويكنى أبا حنيفة يحيا دين الله وسنتي على يديه، وفي رواية عن ابن عباس: يطلع بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بدر على جميع خراسان، يكنى بأبي حنيفة، انتهى ملخصًا.

ومن ذلك الموضوع ما ذكره بعضهم بقوله: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن سائر الأنبياء تفخر بي، وأنا أفتخر بأبي حنيفة، وهو رجل تقي عند ربي، وكأنه جبل من العلم، وكأنه نبي من أنبياء بني إسرائيل، فمن أحبه فقد أحبني، ومن أبغضه فقد أبغضني"، قال ابن الجوزي: إنه موضوع. ورد بما في الضياء المعنوي بأنه تعصب؛ لأنه روي بطرق مختلفة، انتهى. وأقول: لعلها لا تصلح وإن تعددت، كما قالوا في حديث: من حفظ على أمتي أربعين حديثًا فإنه ضعيف وإن تعددت طرقه، ومن الموضوع أيضًا ما روي: أن آدم افتخر بي، وأنا أفتخر برجل من أمتي اسمه النعمان، وكنيته أبو حنيفة، هو سراج أمتي.

ومثله ما رواه الجرجاني في مناقبه بسنده لسهل بن عبد الله التستري أنه قال: لو كان في أمة موسى وعيسى مثل أبي حنيفة لما تهودوا، ولما تنصروا.

ومثله ما افتراه أحمد بن مأمون لما قيل له: ألا ترى إلى الإمام الشافعي ومن تابعه بخراسان، بقوله: حدثنا أحمد بن عبد الله، حدثنا عبد الله بن معدان الأزدي عن أنس مرفوعًا: يكون في أمتي رجل يقال له: محمد بن إدريس أضر على أمتي من إبليس، ورجل يقال له: أبو حنيفة هو سراج أمتي، ذكره المناوي في شرح نخبة الفكر للحافظ ابن حجر.

54-

"ابناي هذان الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خير منهما "1.

رواه ابن عساكر عن ابن عمر وعلي رضي الله عنهما.

1 صحيح: رقم "47".

ص: 41

55-

إبليس طلاع، رصاد، صياد.

قال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الديلمي: أسنده في حديث أوله: اتقوا الدنيا، واتقوا النساء؛ فإن إبليس طلاع

إلخ، انتهى وستأتي روايته له عن معاذ.

56-

"أَبِنْ القدح عن فيك، ثم تنفس"1.

رواه البيهقي في شعب الإيمان وسمويه عن أبي سعيد الخدري.

57-

ابنوا المساجد، وأخرجوا القمامة منها، فمن بنى لله بيتًا بنى الله له بيتًا في الجنة، قيل: يا رسول الله وهذه المساجد التي تبنى في الطريق؟ قال: نعم، إخراج القمامة منها مهور الحور العين2.

ورواه الطبراني وابن النجار والضياء في المختارة عن أبي قرصافة، ورواه الديلمي عن علي بن أبي طالب بلفظ: ابنوا مساجدكم جَمَّا، وابنوا مداينكم مشرفة، وعزاه في الجامع الصغير لابن أبي شيبة عن ابن عباس.

58-

أبى الله أن يرزق عبده المؤمن إلا من حيث لا يعلم.

قال في التمييز تبعًا للأصل: أخرجه الديلمي من حديث أبي هريرة، من رواية عمر بن راشد وهو ضعيف جدًّا، وقال البيهقي: ضعيف بالمرة، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات، وزاد في الأصل ورواه القضاعي في مسنده فقال: اجتمع أبو بكر وعمر وأبو عبيدة فتماروا في شيء، فقال لهم علي: انطلقوا بنا إلى رسول الله، فلما وقفوا عليه قالوا: يا رسول الله، جئنا نسألك عن شيء فقال:"إن شئتم فاسألوا، وإن شئتم خبرتكم بما جئتم له، فقال لهم: جئتم تسألونني عن الرزق من أين يأتي، وكيف يأتي؟ " فذكر: أبى الله

الحديث المذكور، ورواه الديلمي كما في الدرر عن أبي هريرة بلفظ: أبى الله أن يرزق عبده المؤمن إلا من حيث لا يحتسب، رواه العسكري وابن ماجه بسند ضعيف عن علي رفعه: إنما تكون الصنيعة إلى ذي دين أو حسب، وجهاد الضعفاء الحج، وجهاد المرأة حسن التبعل لزوجها، والتودد نصف الإيمان، وما علل3 أمر على

1 صحيح: رقم "46".

2 ضعيف: رقم "53".

3 لعل الصواب: ما عال امرؤ.

ص: 42

اقتصاد، واستنزلوا الرزق بالصدقة، وأبى الله إلا أن يجعل أرزاق عباده المؤمنين من حيث لا يحتسبون. قال النجم: ولا يصح شيء منها، انتهى.

وأقول: الحديث بطرقه معناه صحيح وإن كان ضعيفًا، ففي التنزيل:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} 1 والمعنى كما قال البيهقي وغيره: أبى الله أن يجعل أرزاق عباده من حيث يحتسبون، وهو كذلك فإن الله تعالى يرزق عباده من حيث يحتسبون تارة كالتجارة والحراثة، وتارة يرزقهم من حيث لا يحتسبون كالرجل يصيب معدنًا أو ركازًا أو يرث قريبًا له يموت أو يعطيه أحد مال من غير استشراف نفس ولا سؤال، وآية {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ} ليس فيها حصر، فليتأمل.

59-

أبى الله أن يصح إلا كتابه.

أورده القاري في الموضوعات بلفظ: أبى الله إلا أن يصح كتابه، وقال في التمييز تبعًا للأصل: لا أعرفه، وزاد في الأصل ولكنه قال الله تعالى:{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} 2 ولذا قال الشافعي رضي الله عنه: لقد ألفت هذه الكتب، ولم آل جهدًا فيها، ولا بد أن يوجد فيها الخطأ؛ لأن الله تعالى يقول:{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} فما وجدتم في كتبي هذه مما يخالف الكتاب أو السنة فقد رجعت عنه، أخرجه عبد الله بن شاكر في مناقبه ولبعضهم:

كم من كتاب قد تصفحته

وقلت في نفسي: أصلحته

حتى إذا طالعته ثانيًا

وجدت تصحيفًا فصححته

60-

أبى الله أن يقبل عمل صاحب بدعة حتى يدع بدعته3.

رواه ابن ماجه وأبو نصر السجزي وابن النجار عن ابن عباس رضي الله عنهما.

61-

"أبى الله أن يجعل لقاتل المؤمن توبة"4.

رواه الطبراني والضياء في المختارة عن أنس.

1 الطلاق: "2، 3".

2 النساء: "82".

3 ضعيف، انظر ضعيف ابن ماجه "ح5".

4 صحيح، انظر الصحيحة "ج689".

ص: 43

62-

اتبعوا العلماء؛ فإنهم سرج الدنيا ومصابيح الآخرة1.

رواه الديلمي عن أنس رضي الله عنه قال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديثه: في سنده قاسم بن إبراهيم المطلبي انتهى، أي: وهو ضعيف كما قاله المناوي.

63-

اتبعوا ولا تبتدعوا، فقد كفيتم.

قال في التمييز تبعًا للأصل: رواه الدارمي عن ابن مسعود من قوله، قال النجم: وسنده صحيح، وأخرجه الديلمي في مسنده وكذا ابن عدي والطبراني عن ابن مسعود، وأدلته كثيرة.

64-

اتخذوا هذه الحمام المقاصيص في بيوتكم؛ فإنها تلهي الجن عن صبيانكم2.

رواه الشيرازي في الألقاب، والخطيب في تاريخه، والديلمي عن ابن عباس، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وغيره، ورواه ابن عدي عن أنس بلفظ: اتخذوا الحمام المقصصة في بيوتكم.

65-

اتخذوا الديك الأبيض؛ فإن دارًا فيها ديك أبيض لا يقربها شيطان، ولا ساحر، ولا الدويرات حولها3.

رواه الطبراني عن أنس، وفي سنده كذاب كما قاله الحافظ الهيثمي.

66-

اتخذوا السودان؛ فإن ثلاثة منهم من سادات أهل الجنة: لقمان، والنجاشي، وبلال4.

رواه الطبراني عن ابن عباس، وعزاه في الجامع الصغير للطبراني، ولابن حبان في الضعفاء عن ابن عباس بلفظ: اتخذوا السودان؛ فإن ثلاثة منهم من سادات أهل الجنة: لقمان الحكيم، والنجاشي، وبلال المؤذن انتهى، وجاء زيادة مهجع، وقد نظم بعضهم الجميع فقال:

سادة السودان أربع

هكذا قال المشفع

النجاشي وبلال مع

لقمان ومهجع

1 موضوع: رقم "82".

2 موضوع: رقم "95".

3 موضوع: رقم "91".

4 ضعيف: رقم "93".

ص: 44

67-

"اتخذوا الغنم؛ فإنها بركة"1.

رواه الطبراني بسند حسن والخطيب عن أم هانئ، ورواه ابن ماجه عنها بلفظ: اتخذي غنمًا؛ فإن فيها بركة، ورواه أحمد عنها أيضًا بلفظ: اتخذي غنمًا؛ فإنها تروح بخير وتغدو بخير.

68-

اتخذوا عند الفقراء أيادي؛ فإن لهم دولة يوم القيامة2.

رواه أبو نعيم عن الحسين بن علي بسند ضعيف، وذكره في المقاصد في الترجمة باللفظ المذكور ولكن بزيادة: فإذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: سيروا إلى الفقراء، فيعتذر إليهم كما يعتذر أحدكم إلى أخيه في الدنيا.

وقال في التمييز تبعًا للأصل: قال الحافظ ابن حجر: لا أصل له وزاد في التمييز: قال شيخنا يعني السخاوي بعد إيراد أحاديث بمعناه: وكل هذا باطل، وسبقه الذهبي وابن تيمية وغيرهما للحكم بذلك، انتهى.

وعزاه النجم للحلية باللفظ المذكور في الترجمة، لكن بلفظ: يدًا بالإفراد بدل أيادي ثم نقل عن السخاوي أنه قال: لم أجده في النسخة التي عندي من الحلية.

وعزاه في الدرر لأبي نعيم في الحلية عن الحسين بن علي بلفظ: اتخذوا عند الفقراء أيادي؛ فإن لهم دولة يوم القيامة.

وذكره النرسي في قضاء الحوائج بسند فيه غير واحد من المجهولين، عن أبي عبد الرحمن السلمي التابعي رفعه مرسلًا بلفظ: اتخذوا عند الفقراء أيادي؛ فإن لهم دولة. قيل: يا رسول الله، وما دولتهم؟ قال: ينادي منادٍ يوم القيامة: يا معشر الفقراء قوموا، فلا يبقى فقير إلا قام حتى إذا اجتمعوا قيل: ادخلوا إلى صفوف أهل القيامة، فمن صنع إليكم معروفًا فأوردوه الجنة قال: فجعل يجتمع على الرجل كذا وكذا من الناس فيقول له الرجل منهم: ألم أكسك؟ فيصدقه فيقول له الآخر: يا فلان، ألم أكلم لك؟ قال: ولا يزالون يخبرونه بما صنعوا إليه، وهو يصدقهم بما صنعوا إليه حتى يذهب بهم جميعًا

1 صحيح: رقم "82".

2 موضوع: رقم "94".

ص: 45

فيدخلهم الجنة. فيقول قوم لم يكونوا يصنعون المعروف: يا ليتنا كنا نصنع المعروف حتى ندخل الجنة.

وبسند رواه عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس أن للمساكين دولة قيل: يا رسول الله، وما دولتهم؟ قال: إذا كان يوم القيامة قيل لهم: انظروا من أطعمكم في الله لقمة وكساكم ثوبًا أو سقاكم شربة فأدخلوه الجنة، وكل هذا باطل انتهى، واقتصر في الجامع الصغير على صدره من رواية أبي نعيم عن الحسين بن علي، لكن اعترضه المناوي أن بقية الحديث أيضًا عند مخرجه المذكور، ثم نقل عن العراقي أن سنده ضعيف جدًّا، ثم نقل عن السيوطي وغيره أنهم قالوا: ومن المقطوع بوضعه حديث: اتخذوا عند الفقراء أيادي قبل أن تجيء دولتهم.

69-

اتخذوا السراويلات؛ فإنها من أستر ثيابكم، وحصنوا بها نساءكم إذا خرجن1.

رواه العقيلي وابن عدي والبيهقي في الأدب عن علي، ورمز السيوطي لضعفه.

70-

أترعوا الطُّسوس، وخالفوا المجوس2.

رواه البيهقي وضعفه والخطيب عن ابن عمر، والطُّسوس بضم الطاء: جمع طَسّ بفتحها بمعنى: طست، وأترعوا بقطع الهمزة فمثناة فوقية ساكنة بمعنى: املئوا.

71-

اتركوا الدنيا لأهلها؛ فإنه من أخذ منها فوق ما يكفيه أخذ من حتفه وهو لا يشعر3.

رواه الديلمي وهو حسن لغيره.

72-

"اتركوا الترك ما تركوكم"4.

قال الزرقاني: حسن، وقال في الأصل: رواه أبو داود عن رجل من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ: "دعوا الحبشة ما دعوكم، واتركوا الترك ما تركوكم" ،

1 موضوع: رقم "92".

2 ضعيف جدًّا: رقم "102".

3 ضعيف: رقم "106".

4 حسن: رقم "3384".

ص: 46

رواه النسائي بأطول من هذا وكذا الطبراني في الكبير والأوسط عن ابن مسعود رفعه بلفظ: اتركوا الترك ما تركوكم؛ فإن أول ما يسلب أمتي ملكهم وما خولهم الله بنو قنطورا.

ورواه الطبراني أيضًا عن معاوية بن أبي سفيان مرفوعًا بطرق يشهد بعضها لبعض، وحينئذٍ فلا يسوغ معها الحكم عليه بالوضع، ولابن مردويه من طريق السدي، قال: الترك سرية من سرايا يأجوج ومأجوج خرجت تغير، فجاء ذو القرنين فبنى السد فبقوا خارجًا.

وقال ابن طولون في الشذرة في الأحاديث المشتهرة، ولابن أبي حاتم عن قتادة قال: يأجوج ومأجوج اثنتان وعشرون قبيلة، بنى ذو القرنين السد على إحدى وعشرين، وكانت منهم قبيلة غائبة في الغزو، وجمع الحافظ الضياء المقدسي جزءًا في خروج الترك سمعته، وعززته بثانٍ في خروج الأروام.

73-

اتقوا البرد؛ فإنه قتل أخاكم أبا الدرداء.

ذكره في المواهب بإسقاط أخاكم، وقال في الأصل تبعًا للحافظ ابن حجر: لا أعرفه، فإن كان واردًا فيحتاج إلى تأويل، فإن أبا الدرداء عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم دهرًا أي: فيئول قتل بمعنى سيقتل، وعبر بالماضي لتحقق وقوعه كقوله تعالى:{أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ} 1 وكقوله صلى الله عليه وسلم: "من قتل قتيلًا فله سلبه"، لكن فيه أنه يحتاج أن يثبت أن أبا الدرداء مات بالبرد فافهم.

74-

اتقوا البول؛ فإنه أول ما يحاسب به العبد في القبر2.

رواه الطبراني عن أبي أمامة، وفي لفظ: فإن عامة عذاب القبر منه.

75-

"اتقوا دعوة المظلوم"3.

رواه أحمد وأبو يعلى عن أنس مرفوعًا بزيادة: وإن كانت من كافر، فإنه ليس بينها وبين الله تعالى حجاب.

1 النحل: "1".

2 ضعيف: رقم "112".

3 صحيح: أرقام "117، 118، 119".

ص: 47

ورواه الطبراني عن خزيمة رفعه بزيادة: فإنها تحمل على الغمام، ويقول الله جل جلاله: وعزتي وجلالي، لأنصرنك ولو بعد حين.

ورواه الحاكم وقال: إنه على شرط مسلم، والضياء في المختارة عن ابن عمر مرفوعًا بزيادة:"فإنها تصعد إلى السماء كأنها الشرار"، ورواه الحاكم عن ابن عمر بلفظ:"اتقوا دعوة المظلوم؛ فإنها تصعد إلى السماء كأنها شرارة".

ورواه أبو يعلى عن أبي سعيد مرفوعًا بلفظ: "اتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله تعالى حجاب " ، واتفق الشيخان بهذا اللفظ عن ابن عباس مرفوعًا.

ورواه الخطيب عن ابن عباس مرفوعًا بلفظ: اتق دعوة المظلوم، فإنما يسأل الله حقه، وإن الله لم يمنع ذا حق حقه.

76-

"اتقوا الدنيا، واتقوا النساء"1.

رواه الديلمي عن معاذ، وزاد: فإن إبليس طلاع رصاد، وما هو بشيء من فخوخه بأوثق لصيده في الأتقياء من النساء، وعند مسلم عن أبي سعيد:"اتقوا فتنة الدنيا وفتنة النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت من النساء"، وفي الصحيح:"اتقوا الله واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت من النساء"، وروي:"ما يئس الشيطان من ابن آدم إلا أتاه من قِبَل النساء ".

ورواه الحكيم عن عبد الله بن بشر المازني، وابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي الدرداء والرهاوي مرسلًا بلفظ:"اتقوا الدنيا، فوالذي نفسي بيده إنها لأسحر من هاروت وماروت"، وما أحسن قول إمامنا الشافعي رضي الله عنه:

ومن يأمن الدنيا فإني طعمتها

وسيق إلينا عذبها وعذابها

فما هي إلا جيفة مستحيلة

عليها كلاب همهن اجتذابها

فإن تجتنبها كنت سلمًا لأهلها

وإن تجتذبها نازعتك كلابها

"تنبيه" الدنيا والنساء أحد الأمور الأربعة المحذر منها، وقد جمعها بعضهم بقوله:

إني بُليت بأربع ما سلطت

إلا لأجل شقاوتي وعنائي

إبليس والدنيا ونفسي والهوى

كيف الخلاص وكلهم أعدائي

1 صحيح: رواه مسلم نحوه.

ص: 48

إبليس يسلك في طريق مهالكي

والنفس تأمرني بكل بلائي

وأرى الهوى تدعو إليه خواطري

في ظلمة الشبهات والآراء

وزخارف الدنيا تقول: أما ترى

حسني وفخر ملابسي وبهائي

77-

اتقوا ذوي العاهات.

قال في المقاصد: لم أقف عليه، يعني بهذا اللفظ وإلا فقد روى البخاري في التاريخ عن أبي هريرة ما يدل له في الجملة، وهو:"اتقوا المجذوم كما يتقى الأسد"، وهو في الصحيحين بلفظ:"فِرَّ من المجذوم فرارَك من الأسد".

وفي طبقات ابن سعد عن عبد الله بن جعفر: اتقوا صاحب الجذام كما يتقى السبع، إذا هبط واديًا فاهبطوا غيره، ثم قال في المقاصد: ولكن سيأتي من كلام الشافعي في حديث: "إياك والأشقر ما يناسب مجيئه هنا".

وروى البخاري وغيره عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا عدوى ولا هامة ولا صفر، واتقوا المجذوم كما يتقى الأسد"؛ والمعنى: فر من المجذوم فرارك من الأسد كما ورد في بعض ألفاظ الحديث، وهو متفق عليه عن أبي هريرة مرفوعًا بمعناه، فيمكن أن يكون المعنى: باتقاء ذوي العاهات الفرار منها خوفًا من العدوى لا كما تتوهمه العامة يعني من عدم معاملتهم، ثم إن هذا في حق ضعيف اليقين، وإلا فقد ورد لا يعدي شيء شيئًا، ولا عدوى ونحو ذلك، انتهى.

وقال الحافظ ابن حجر في شرح النخبة نقلًا عن ابن الصلاح: ووجه الجمع بينهما أن هذه الأمراض لا تعدي بطبعها، لكن الله جعل مخالطة المريض للصحيح سببًا لإعدائه، ثم قد يتخلف ذلك.

ثم قال: والأولى: الجمع أن نفيه صلى الله عليه وسلم للعدوى باقٍ على عمومه، وقد صح قوله:"لا يعدي شيء شيئًا" وقوله لمن عارضه بأن البعير الأجرب يكون في الإبل الصحيحة فيخالطها فتجرب فرد عليه: "فمن أعدى الأول؟ " يعني: أن الله هو الذي ابتدأ ذلك في الثاني كما ابتدأه في الأول.

وأما الأمر بالفرار من المجذوم فمن باب سد الذرائع؛ لئلا يتفق للشخص الذي يخالطه شيء من ذلك بتقدير الله ابتداءً، لا بالعدوى المنفية، فيظن أن ذلك بسبب مخالطته، فيعتقد صحة العدوى فيقع في الجرح، فأمر بتجنبه حسمًا للمادة، انتهى.

ص: 49

78-

اتقوا زلة العالم1.

قال في التمييز تبعًا للأصل: رواه العسكري والديلمي عن عمرو بن عوف مرفوعًا بزيادة: وانتظروا فيئته، وهو كما قال المناوي: ضعيف إن لم يكن موضوعًا، لكنه بمعنى ما رواه البيهقي عن ابن عمر مرفوعًا: إن أشد ما أتخوف على أمتي ثلاثة: زلة عالم، وجدال منافق بالقرآن، ودنيا تقطع أعناقكم فاتهموها على أنفسكم. زاد في الأصل ورواه الطبراني عن أبي الدرداء مرفوعًا بلفظ:"أخاف على أمتي زلة عالم، وجدال منافق".

وروى الديلمي عن زياد بن جرير قال: قال لي عمر: تهدم الإسلام زلة العالم. ورواه ابن ماجه عن ابن عمر أو ابن عمرو بلفظ: "أشد ما أخاف على أمتي ثلاث: زلة عالم، وجدال منافق بالقرآن، ودنيا تقطع أعناقكم فاتهموها على أنفسكم".

ورواه ابن المبارك في الزهد عن عبد الله بن جعفر أنه قال: قيل لعيسى: يا روح الله وكلمته، من أشد على الناس فتنةً؟ قال: زلة عالم إذا زل؛ زل بزلته عالم كثير، والمشهور على الألسنة: زلة العالِم زلة العالَم.

79-

"اتقوا الشح؛ فإنه أهلك من كان قبلكم".

رواه مسلم عن جابر، وسيأتي من روايته في أثناء حديث: اتقوا الظلم.

80-

اتقوا فراسة المؤمن؛ فإنه ينظر بنور الله2.

قال في الدرر: رواه الطبراني والترمذي من حديث أبي أمامة، وأخرجه الترمذي أيضًا من حديث أبي سعيد، وقال في التمييز تبعًا للأصل: رواه الترمذي وقال: غريب وقال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الديلمي بعد أن عزاه للترمذي عن أبي سعيد قال: وزاد بعضهم: وينطق بتوفيق الله قلت: لم أقف على الزيادة، انتهى.

وقال في الأصل: ورواه الطبراني وأبو نعيم والعسكري عن ثوبان رفعه بلفظ: احذروا دعوة المسلم وفراسته؛ فإنه ينظر بنور الله، وينظر بتوفيق الله.

1 ضعيف جدًّا: رقم "125".

2 ضعيف: رقم "127".

ص: 50

ورواه العسكري عن أبي الدرداء موقوفًا بلفظ: اتقوا فراسة العلماء؛ فإنهم ينظرون بنور الله، إنه شيء يقذفه الله في قلوبهم وعلى ألسنتهم.

ورواه عن أبي الدرداء بلفظ: اتقوا فراسة العلماء، فوالله إنه لحق يقذفه الله في قلوبهم ويجعله على أبصارهم، وطرقه كلها ضعيفة، وبعضها متماسك، فلا يليق مع وجوده الحكم على الحديث بالوضع، لا سيما ورواه الطبراني والبزار وأبو نعيم بسند حسن عن أنس رفعه: إن لله عبادًا يعرفون الناس بالتوسم، ونحوه قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين وقد أخذ بطرف عمامته من ورائه: واعلم أن الله يحب الناظر الناقد عند مجيء الشبهات، وفي مستدرك الحاكم عن عروة مرسلًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن لكل قوم فراسة وإنما يعرفها الأشراف، قيل: والمراد بهم المؤمنون جمعًا بين الأحاديث، وحكم عليه الصغاني بالوضع، لكن لفظه عنده: اتقِ بالإفراد فاعرفه وقال النجم: ورواه البخاري في التاريخ والترمذي والعسكري والخطيب وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي سعيد وزاد ثم قرأ: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} 1 إن لله عبادًا يعرفون الناس بالتوسم انتهى، ورأيته في شرح مثلثة قطرب للشيخ برهان الدين اللخمي بلفظ: احذروا فراسة المؤمن فيكم فإنه ينظر بنور الله انتهى.

والفِراسة بكسر الفاء، قال في الصحاح: الفراسة بالكسر: الاسم من قولك: تفرست فيه خيرًا، وهو يتفرس أي: يتثبت وينظر، وتقول منه: رجل فارس النظر، وفي الحديث: اتقوا فراسة المؤمن. والفَراسة بالفتح مصدر قولك: رجل فارس على الخيل بين الفراسة، والفروسة: الفروسية، وقد فرُس بالضم يفرس فروسة وفراسة أي: حذق أمر الخيل، انتهى.

81-

"اتقوا النار ولو بشق تمرة"2.

قال في الأصل: رواه الشيخان عن عدي بن حاتم، والحاكم عن ابن عباس وأحمد عن عائشة رضي الله عنها. زاد فيه: فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة، وهو كذلك عند الشيخين في رواية، وكذا الديلمي عن الصديق بزيادة: فإنها تقيم التعوج وتسد الخلل وتدفع ميتة السوء، وتقع من الجائع موقعها من الشبعان، وقال في الدرر: وورد أيضًا من حديث أبي بكر وأبي هريرة، وقال النجم: ورواه البزار عن أبي بكر بلفظ: فاتقوا النار ولو بشق تمرة؛ فإنها تقيم العوج، وتمنع من الجائع ما تمنع من الشبعان.

1 الحجر: "75".

2 صحيح: رقم "114".

ص: 51

82-

"اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن"1.

رواه أحمد والحاكم، وقال على شرطهما، والبيهقي والترمذي عن أبي ذر ومعاذ، وقال الترمذي: حسن صحيح، ورواه ابن عساكر عن أنس رضي الله عنه بلفظ:"اتق الله في عسرك ويسرك"، ورواه أبو قرة الزبيدي في سننه عن طليب بن عرفة.

83-

"اتق الله ولا تحقرن من المعروف شيئًا، ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، وأن تلقى أخاك ووجهك إليه منبسط، وإياك وإسبال الإزار فإن إسبال الإزار من المخيلة، ولا يحبها الله، وإن امرؤ شتمك وعيرك بأمر ليس هو فيك فلا تعيره بأمر هو فيه ودعه يكون وباله عليه وأجره لك، ولا تسبن أحدً ا"2.

رواه الطيالسي وابن حبان عن جابر بن سليم الهجيمي.

84-

اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم كما تحبون أن يبروكم3.

رواه الطبراني عن النعمان بن بشير.

85-

"اتق المحارم تكن أعبد الناس، وارضَ بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، وأحسن إلى جارك تكن مؤمنًا، وأَحِبَّ للناس ما تحب لنفسك تكن مسلمًا، ولا تكثر الضحك؛ فإن كثرة الضحك تميت القلب"4.

رواه أحمد والترمذي عن أبي هريرة بسند ضعيف.

86-

اتق شر من أحسنت إليه.

وفي لفظ: من تحسن إليه، قال في الأصل: لا أعرفه، ويشبه أن يكون من كلام بعض السلف، قال: وليس على إطلاقه، بل هو محمول على اللئام دون الكرام، ويشهد له ما في المجالسة للدينوري عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: الكريم يلين إذا استعطف، واللئيم يقسو إذا لطف، وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ما وجدت

1 حسن: رقم "97".

2 صحيح: رقم "98".

3 ضعيف: رقم "121".

4 حسن: رقم "100".

ص: 52

لئيمًا قط إلا قليل المروءة، وفي التنزيل:{وَمَا نَقَمُوا إِلّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} 1 وقال أبو عمرو بن العلاء يخاطب بعض أصحابه: كن من الكريم على حذر إذا أهنته ومن اللئيم إذا أكرمته، ومن العاقل إذا أحرجته، ومن الأحمق إذا رحمته، ومن الفاجر إذا عاشرته، وليس من الأدب أن تجيب من لا يسألك، أو تسأل من لا يجيبك، أو تحدث من لا ينصت لك. وفي الإسرائيليات يقول الله عز وجل: من أساء إلى من أحسن إليه فقد بدل نعمتي كفرًا، ومن أحسن إلى من أساء إليه فقد أخلص لي شكرًا. وعند البيهقي في الشعب عن محمد بن حاتم المظفري قال: اتق شر من يصحبك لنائلة، فإنها إذا انقطعت عنه لم يعذر ولم يبال بما قال وما قيل فيه.

87-

اتقوا شرار النساء، وكونوا من خيارهن على حذر.

هو من كلام بعضهم وهو صحيح المعنى، ففي الكشاف عن بعض العلماء: إني أخاف من النساء أكثر مما أخاف من الشيطان؛ لأن الله تعالى يقول: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} 2 وقال في النساء3: {إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} 4.

88-

اتقوا مواضع التهم.

ذكره في الإحياء، وقال العراقي في تخريج أحاديثه: لم أجد له أصلًا لكنه بمعنى قول عمر: من سلك مسالك الظن اتهم.

ورواه الخرائطي في مكارم الأخلاق مرفوعًا بلفظ: من أقام نفسه مقام التهم، فلا يلومن من أساء الظن به.

وروى الخطيب في المتفق والمفترق عن سعيد بن المسيب قال: وضع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثماني عشرة كلمة، كلها حكم، وهي: ما عاقبت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه، وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يجيئك منه ما يغلبك، ولا تظنن بكلمة خرجت من مسلم شرًّا وأنت تجد لها في الخير محملًا، ومن عرض نفسه

1 التوبة: "74".

2 النساء: "76".

3 يوسف: "28".

4-

هذا الكلام فيه نظر؛ لأن قوله تعالى: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} جاء مقارنًا بكيد الله، فلذلك كان ضعيفًا، وقال في كيد النساء:{إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ،} ؛ لأنه جاء مقارنًا بكيد الرجال، فلذلك كان عظيمًا، فالسياق من المقيدات فتنبه.

ص: 53

للتهمة فلا يلومن من أساء به الظن، ومن كتم سره كانت الخيرة في يده، وعليك بإخوان الصدق تعش في أكنافهم، فإنهم زينة في الرخاء عدة في البلاء، وعليك بالصدق وإن قتلك، ولا تعرض لما لا يعني، ولا تسأل عما لم يكن فإن فيما كان شغلًا عما لم يكن ولا تطلبن حاجتك إلى من لا يحب نجاحها لك، ولا تهاون بالحلف الكاذب فيها فيهلكك الله، ولا تصحب الفجار فتتعلم من فجورهم، واعتزل عدوك، واحذر صديقك إلا الأمين ولا أمين إلا من خشي الله تعالى، وتخشع عند القبور، وذل عند الطاعة، واستعصم عند المعصية، واستشر في أمرك الذين يخشون الله، فإن الله تعالى يقول:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} 1 وما أحسن قول الحريري:

عليك بالصدق ولو أنه

أحرقك الصدق بنار الوعيد

فابغ رضا المولى فأغبن الورى

من أسخط المولى وأرضى العبيد

89-

"أتموا الوضوء، ويل للأعقاب من النار"2.

رواه ابن ماجه عن خالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص رضي الله عنهم.

90-

"أتاني جبريل فقال: بشر أمتك أنه من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة، فقلت: وإن زنى وإن سرق؟ فقال: وإن زنى وإن سرق".

اتفقا عليه عن أبي ذر، رواه في الجامع بألفاظ أخر فراجعه.

91-

أتاني جبريل فقال: يا محمد لولاك ما خلقت الجنة، ولولاك لما خلقت النار.

رواه الديلمي عن ابن عمر3.

92-

أتاني آتٍ من ربي عز وجل، فقال: من صلى عليك من أمتك صلاة كتب الله له بها عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، ورد عليه مثلها.

رواه أحمد وابن أبي شيبة عن أبي طلحة، رمز السيوطي لحسنه، وسببه كما في مسند أحمد عن أبي طلحة، أنه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وأسارير وجهه

1 فاطر: "28".

2 صحيح: رقم "124".

3 إسناده واهٍ، كما في الضعيفة "451/ 1".

ص: 54

تبرق، فقلت: ما رأيتك أطيب ولا أظهر بشرًا من يومك، فقال:"وما لي لا تطيب نفسي ويظهر بشري، ثم ذكر" الحديث.

93-

"أتاكم شهر رمضان، شهر خير وبركة"1.

رواه ابن النجار عن ابن عمر.

94-

"أتاكم شهر رمضان، شهر مبارك فرض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، وفيه ليلة هي خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم"2.

رواه الإمام أحمد والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة.

95-

"أتاكم أهل اليمن، هم أرق أفئدةً وألين قلوبًا، الإيمان يمان، والحكمة يمانية، والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل، والسكينة والوقار في أهل الغنم".

رواه الشيخان عن أبي هريرة.

96-

"اتقوا الظلم؛ فإنه ظلمات يوم القيامة"3.

رواه الإمام أحمد والطبراني وابن ماجه عن ابن عمر، وأخرجه أحمد والبخاري في الأدب المفرد، ومسلم عن جابر بزيادة:"واتقوا الشح؛ فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم".

97-

"اتقوا الله في النساء؛ فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله".

رواه مسلم، قيل: والمراد بكلمة الله ما ورد في كتابه من نحو: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} 4 ومن نحو: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} 5 ولعل المراد بها العقد.

98-

اتقوا اليهود والهنود، ولو سبعين بطنًا.

موضوع كما قاله الصغاني.

1 رواه الطبراني في الكبير بنحوه، وفيه محمد بن أبي قيس، قال في المجمع "142/ 3":"ولم أجد من ترجمه".

2 "صحيح"، انظر صحيح الجامع "ح55".

3 صحيح: رقم "101".

4 النساء: "3".

5 الأحزاب: "37".

ص: 55