المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌حرف اللام: 2035- لبس خرقة الصوفية وكون الحسن البصري لبسها من - كشف الخفاء ت هنداوي - جـ ٢

[العجلوني]

الفصل: ‌ ‌حرف اللام: 2035- لبس خرقة الصوفية وكون الحسن البصري لبسها من

‌حرف اللام:

2035-

لبس خرقة الصوفية وكون الحسن البصري لبسها من علي.

قال في "المقاصد": قال ابن دحية وابن الصلاح: باطل، ولم يسمع الحسن من علي حرفًا بالإجماع فكيف يلبسها منه؟!.

وقال الحافظ ابن حجر: ليس فيه شيء من طرقها ما يثبت، ولم يرد في خبر صحيح ولا حسن ولا ضعيف أن النبي صلى الله عليه وسلم ألبس الخرقة على الصورة المتعارفة بين الصوفية لبعض أصحابه، ولا أمر أحدًا من الصحابة بفعل ذلك، وكل ما روي في ذلك صريحًا؛ فباطل.

ثم قال إن من الكذب المفترى قول من قال: إن عليًا ألبس الخرقة الحسن البصري؛ فإن أئمة الحديث لم يثبتوا للحسن من علي رضي الله عنه سمعًا؛ فضلًا عن أن يلبسه الخرقة!.

وقال في "اللآلئ" بعد أن ذكر ما تقدم: وسئل القاضي تقي الدين بن رزين عن لبس الخرقة التي يتداولها الصوفية؛ فأجاب: قد تداولها السلف، ولم يثبت فيها نقل على شرط الصحيح؛ لكن يكفي فيها التبرك بآثار الصالحين وآثارها صالحة في الغالب. انتهى.

وقال في "التمييز": ولم ينفرد الحافظ ابن حجر بهذا؛ بل سبقه إليه جماعة، حتى من لبسها وألبسها، كالدمياطي والذهبي والهكاري وأبي حيان والعلائي والعراقي وابن الملقن والأنباسي والبرهان الحلبي وابن ناصر الدين، وذكرها في جزء مفرد فيها، وكذا غيره ممن توفي من أصحابنا. وقال في "المقاصد": وأوضحت ذلك كله مع طرقي بها في جزء مفرد، بل وفي ضمن غيره من تعاليقي مع إلباسي إياها لجماعة من أعيان الصوفية امتثالًا لإكرامهم لي بذلك حتى تجاه الكعبة المشرفة تبركًا بذكر الصالحين واقتفاء لمن أثبته من الحفاظ المعتمدين. انتهى.

وقال السهروردي: لها أصل في السنة وهو: "أنه صلى الله عليه وسلم ألبس أم خالد خميصة سوداء ذات أعلام". انتهى.

ص: 162

وزاد القاري: "ورد لبسهم لها مع الصحة المتصلة إلى كهيل بن زياد وهو سجان علي اتفاقًا، وفي بعض الطرق اتصالها بأويس القرني، وهو قد اجتمع بعمر وعلي رضي الله عنهم".

قال: وكذا نسبة التلقين المتعارف بين الصوفية لا أصل له، وكذا نسبة الخرقة إلى أويس وأنه عليه الصلاة والسلام أوصى له بخرقته -أي لأويس- وأن عمر وعليًا سلماها إليه، وأنها وصلت إليهم منه -وهلم جرا- فغير ثابت، ولو ذكره بعض المشايخ الكرام فالمدار على طريقة الصحة ومتابعة الكتاب والسنة. انتهى ملخصًا.

2036-

اللبن لا يرد.

سيأتي في "من عرض عليه طيب".

2037-

للبيت رب يحميه.

تقدم أنه من كلام عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم لأبرهة صاحب الفيل لما سأله أن يرد عليه ماله؛ فقال: سألتني مالك ولم تسألني عن الرجوع عن قصد البيت مع أنه شرفكم! فقال: إن للبيت ربا يحميه.

2038-

لحوم البقر داء، وسمنها ولبنها دواء1.

رواه أبو داود في مراسيله عن مليكة بنت عمرو الحصيب، وأنها وصفت للراوية عنها سمن بقر من وجع بحلقها، وقالت:"قال رسول صلى الله عليه وسلم: "ألبانها شفاء، وسمنها دواء، ولحومها داء". وأخرجه الطبراني في "الكبير" وابن مندة في "المعرفة" وأبو نعيم في "الطب" بنحوه؛ لكن الرواية عن مليكة لم تسم، وقد وصفها الراوي عنها -زهير بن معاوية أحد الحفاظ- بالصدق وأنها امرأته.

وذكر أبي داود للحديث في مراسيله لتوقفه في صحبة مليكة ظنًا. وقد جزم بصحبها جماعة والحديث ضعيف؛ لكن في "المقاصد": وله شواهد: منها عن ابن مسعود رفعه: "عليكم بألبان البقر وسمنانها، وإياكم ولحومها؛ فإن ألبانها وسمنانها دواء وشفاء، ولحومها داء". وأخرجه الحاكم، وتساهل في تصحيحه له كما بسطته مع بقية طرقه في بعض الأجوبة، وقد ضحى النبي صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر وكأنه

1 تقدم، انظر الحديث "1773".

ص: 163

لبيان الجواز أو لعدم تيسر غيره؛ وإلا فهو صلى الله عليه وسلم لا يتقرب إلى الله تعالى بالداء.

على أن الحليمي قال كما أسلفته في "عليكم": أنه صلى الله عليه وسلم إنما قال في البقر ذلك ليبس الحجاز ويبوسة لحم البقر، ورطوبة ألبانها وسمنانها. واستحسن هذا التأويل. انتهى.

وذكره في "اللآلئ" معزوًا للحاكم وصححه عن ابن مسعود بلفظ: "لحومها داء ولبنها شفاء"، ثم قال منقطع. وفي صحته نظر؛ فإن الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى عن نسائه بالبقر. وهو لا يتقرب بالداء. وروى ابن حبان في صحيحه من حديث عبد الله بن مسعود مرفوعًا:"ما أنزل الله داء؛ إلا وأنزل له دواء؛ فعليكم بألبان البقر؛ فإنها ترم من كل الشجر "1. ورواه الحاكم أيضًا من طرق، وقال: صحيح على شرط مسلم،

وروى النسائي نحوه، ورأيت في "شعب الإيمان" للحليمي أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال في البقر:"لحومها داء ليبس الحجاز، ويبوسة لحم البقر فيه، ورطوبة ألبانها وسمنها". وهو تأويل حسن. انتهى. وتقدم الكلام عليه في "عليكم بألبان البقر".

2039-

اللواء يحمله علي يوم القيامة.

قال القاري: ذكره ابن الجوزي في "الموضوعات".

2040-

لئن يتصدق المرء في حياته بدرهم خير له من أن يتصدق بمائة عند موته2.

رواه أبو داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، ورواه الترمذي بإسناد حسن، وصححه ابن حبان كما في فتح الباري.

2041-

لدوا للموت وابنوا للخراب.

رواه البيهقي في "الشعب" عن أبي هريرة والزبير مرفوعًا بلفظ: "إن ملكًا بباب من أبواب السماء".. فذكر حديثًا، وفيه "وإن ملكًا بباب آخر يقول: يا أيها الناس هلموا إلى ربكم؛ فإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى، وإن ملكًا بباب آخر ينادي: يا بني آدم

1 أي تأكل من كل الشجر. الصحاح للرازي.

2 ضعيف: رقم "4646".

ص: 164

لدوا للموت وابنوا للخراب". ورواه أحمد والنسائي في "الكبير" بدون الشاهد منه وصححه ابن حبان.

ونقل القاري عن الإمام أحمد أنه قال: هو مما يدور في الأسواق، ولا أصل له. انتهى. ورواه البيهقي أيضًا عن أبي حكيم مولى الزبير، رفعه:"ما من صباح يصبح على العباد إلا وصارخ يصرخ: لدوا للموت واجمعوا للفناء وابنوا للخراب". وفي سنده ضعيفان وأبو حكيم مجهول.

ورواه أبو نعيم عن أبي ذر موقوفًا منقطعًا: "أنه قال: تلدون للموت، وتبنون للخراب، وتؤثرون ما يفنى، وتتركون ما يبقى". وأخرج الثعلبي في تفسيره بإسناد واه جدًا، عن كعب الأحبار قال:"صاح ورشان عند سليمان بن داود فقال أتدرون ما يقول هذا؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال: يقول: لدوا للموت وابنوا للخراب" فذكر قصة طويلة. وأخرج أحمد في "الزهد" عن عبد الواحد بن زياد أنه قال: "قال عيسى بن مريم: يا بني آدم، لدوا للموت وابنوا للخراب، تفنى نفوسكم وتبلى دياركم".

وأنشد البيهقي بسنده إلى ثابت البربري من أبيات له:

وللموت تغدوا الوالدات سخالها

كما لخراب الدور تبنى المساكن

ولغيره:

له ملك ينادي كل يوم

لدوا للموت وابنوا للخراب

ولابن حجر:

بني الدنيا أقلوا الهم فيها

فما فيها يؤول إلى الفوات

بناء للخراب وجمع مال

ليفنى والتوالد للممات

2042-

لسعت حية الهوى كبدي

فلا طبيب لها ولا راقي

إلا الحبيب الذي شغفت به

فإنه علتي وترياقي

قال ابن تيمية -كما في "المقاصد"-: ما اشتهر أن أبا محذورة أنشدهما بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه تواجد حتى وقعت البردة الشريفة عن كتفيه فتقاسمها فقراء الصفة وجعلوها رقعًا في ثيابهم. كذب باتفاق أهل العلم بالحديث.

وما روى في ذلك؛ فموضوع؛ منه ما رواه أبو طاهر المقدسي وصاحب العوارف، عن أنس: "أنه عليه الصلاة والسلام أنشد بحضرته البيتان فتواجد عليه الصلاة والسلام وتواجد أصحابه

ص: 165

الكرام وسقط رداؤه عن منكبيه؛ فلما فرغوا؛ أوى كل واحد إلى مكانه، ثم قال عليه الصلاة والسلام: ليس بكريم من لم يهتز عند السماع، ثم قسم رداءه على من حضر أربعمائة قطعة"؛ فهذا موضوع، كان واضعه عمار بن إسحاق؛ فإن باقي إسناده ثقات. هكذا قاله الذهبي وغيره. فاعرفه.

2043-

اللعب بالحمام مجلبة للفقر.

قال في "المقاصد" رواه ابن أبي الدنيا في "الملاهي" بمعناه عن النخعي، ورواه البيهقي عن النخعي أيضًا بلفظ:"من لعب بالحمام الطيار لم يمت حتى يذوق ألم الفقر". وروى البخاري في "الأدب المفرد"، وأبو داود والبيهقي من حديث حماد بن سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يتبع حمامة، فقال شيطان يتبع شيطانة".

ورواه أيضًا من حديث الحسن: "أنه قال: كان عثمان لا يخطب جمعة؛ إلا أمر بقتل الكلاب وذبح الحمام"؛ فاللعب به مكروه. لكن الكراهة -كما قال البيهقي- محمولة عند بعض أهل العلم على إدمان صاحب الحمام على إطارته والاشتغال به وارتقائه السطوح التي يشرف منها على بيوت الجيران وحرمهم.

ومن الواهي ما رواه الدارقطني في "الأفراد"، والديلمي عن ابن عباس مرفوعًا:"اتخذوا هذه المقاصيص؛ فإنها تلهي الجن عن صبيانكم".

وعن خالد الحذاء، عن رجل -يقال له أيوب- قال:"كان تلاعب آل فرعون الحمام"، وأخرج ابن أبي الدنيا عن الثوري قال:"سمعت أن اللعب بالحمام من عمل قوم لوط"، وزيادة "أو جناح" في حديث "لا سبق إلا في خف"؛ كذب موضوعة باتفاق المحدثين. انتهى.

2044-

"للصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه".

هو بعض حديث رواه البخاري وأحمد والنسائي وابن ماجه، عن أبي هريرة بلفظ:"كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى ما شاء الله، قال الله عز وجل؛ إلا الصوم؛ فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك"،

ورواه الترمذي عن أبي هريرة بلفظ: "للصائم فرحتان: فرحة حين يفطر وفرحة حين يلقى ربه"، وورد بغير ذلك.

ص: 166

2045-

لعن الله الداخل فينا بغير نسب والخارج منا بغير سبب.

قال في "المقاصد": بيض له شيخنا قال: وشواهده ثابتة أوردت الكثير منها في استجلاب ارتقاء الغرف. انتهى.

وأقول: منها ما رواه البخاري بلفظ: "من أعظم الذنب أن يدعى الرجل إلى غير أبيه". وفي رواية له: "من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام".

ونقل في "الشفا" عن الإمام مالك: "أن من انتسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم -يعنى بالباطل- يضرب ضربًا وجيعًا ويشهر ويحبس حبسًا طويلًا؛ حتى تظهر توبته؛ لاستخفافه بحق النبي صلى الله عليه وسلم".

2046-

لعن الله سهيلًا فإنه كان عشارًا1.

سيأتي في "هاروت وماروت".

2047-

"لعلك به ترزق"2.

قال في "التمييز" قاله: صلى الله عليه وسلم للمحترف الذي شكا إليه أخاه الذي لا يحترف، رواه الترمذي عن أنس مرفوعًا بسند صحيح على شرط مسلم.

2048-

"لعن الله الراشي والمرتشي والرائش"3.

رواه أحمد بن منيع عن ابن عمر، وسنده حسن، وفي الباب عن عبد الرحمن بن عوف وعائشة وأم سلمة وآخرين.

وروى الطبراني بسند صحيح عن ابن مسعود: "أنه قال: الرشوة في الحكم كفر، وهي في الناس سحت". ورواه أحمد والطبراني والبزار عن ثوبان بلفظ: "لعن الله الراشي والمرتشي والرائش الذي يمشي بينهما".

2049-

لعن الله المغني والمغنى له.

قال النووي: لا يصح وتبعه السخاوي والزركشي والسيوطي.

1 انظر حديث رقم "2871".

2 صحيح: رقم "5084" بلفظ "لعلك ترزق به".

3 لفظ: "الراشي والمرتشي في الحكم"، صحيح رقم "5093"، ولفظ أحمد عن ثوبان ضعيف: رقم "4687".

ص: 167

2050-

لعن الله الكذاب ولو كان مازحًا.

قال في "المقاصد": ما علمته في المرفوع، نعم في "الأدب المفرد" للبخاري عن ابن مسعود أنه قال:"لا يصلح الكذب في جد ولا هزل، ولا أن يعد أحدكم ولده شيئًا ثم لا ينجز له"، ولأبي داود عن عبد الله بن عامر أنه قال:"دعتني أمي يومًا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد بيننا فقالت: ها تعال أعطيك، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما أردت أن تعطيه؟ قالت: أعطيه تمرًا فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أنك لو لم تعطه شيئًا كتبت عليك كذبة".

وأخرجه البخاري أيضًا في تاريخه، والإمام أحمد وابن سعد، والطبراني والديلمي بسند حسن؛ لكن نقل ابن سعد أن الواقدي قال: ما أرى هذا الحديث محفوظًا؛ مع أن عبد الله بن عامر المذكور كان عند وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن خمس سنين، وقيل أربع؛ وأجاب الحافظ ابن حجر: بأنه يحتمل أن تكون أمه أخبرته بذلك، فأرسله هو. على أن كثيرًا من أئمة الحديث ذكروا عبد الله في الصحابة: فقال الترمذي: رأى النبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه أحرفًا، وقال أبو حاتم الرازي: رأى النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل على أمه وهو صغير، وقال ابن حبان في "الصحابة": أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم في بيتهم وهو غلام. ورواه أبو يعلى من حديث واثلة، وأبو نعيم من وجه آخر -كلاهما- عن أبي هريرة رفعه بلفظ:"يا أبا هريرة دع الكذب وإن كنت مازحا؛ تكن أعبد الناس". ورواه أحمد والطبراني عن أبي هريرة بلفظ: "لا يؤمن العبد الإيمان كله حتى يترك الكذب في المزاح، والمراء وإن كان صادقًا".

2051-

لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له1.

رواه أحمد والنسائي والترمذي، وصححه عن ابن مسعود مرفوعًا.

2052-

"لعن الله المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء".

رواه البخاري وأبو داود والترمذي عن ابن عباس، وفي لفظ عند أحمد وأبي داود وابن ماجه:"لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء". ولأبي داود عن عائشة: "لعن الله الرجلة من النساء"، والحاكم عن أبي هريرة:"لعن الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل".

1 صحيح: رقم "5101" بلفظ: "لعن الله المحلل والمحلل له".

ص: 168

2053-

"لعن الله العقرب ما تدع نبيًا ولا غيره إلا لدغته"1.

رواه البيهقي عن علي.

2054-

لفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد2.

رواه البيهقي في "الشعب" والطبراني في "الأوسط" وأبو بكر الآجري في "فرض العلم" وأبو نعيم في "رياضة المتعلمين"، والدارقطني في "سننه"، والقضاعي بسند ضعيف، عن أبي هريرة مرفوعًا في حديث لفظه:"ما عبد الله بشيء أفضل من فقه في دين؛ ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد، ولكل شيء عماد، وعماد هذا الدين الفقه". ورواه البيهقي عن أبي هريرة أيضًا بلفظ: "لكل شيء دعامة ودعامة الإسلام الفقه في الدين، والفقيه أشد على الشيطان من ألف عابد". وللعسكري عن ابن عباس مرفوعًا: "الفقيه الواحد أشد على إبليس من ألف عابد"، رواه الترمذي وقال: غريب، وابن ماجه والبيهقي -ثلاثتهم- من وجه آخر عن ابن عباس بلفظ:"فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد"، وسنده ضعيف أيضًا؛ لكن يتقوى أحدهما بالآخر، وفي الديلمي بلا سند عن ابن مسعود رفعه:"لعالم واحد أشد على إبليس من عشرين عابدًا".

وأخرجه ابن عدي بسند ضعيف عن أبي هريرة رفعه بلفظ: "فضل المؤمن العالم على المؤمن العابد سبعون درجة".

ولأبي يعلى وابن عدي أيضًا -من وجه آخر- عن أبي هريرة رفعه بلفظ: "بين العالم والعابد مائة درجة؛ بين كل درجتين حضر الجواد المضمر سبعين سنة"، وأخرجه أبو يعلى عن عبد الرحمن بن عوف، وأصحاب السنن الأربعة عن أبي الدرداء مرفوعًا بلفظ:"فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب". وما أحسن ما قيل:

وإن فقيهًا واحدًا متعبدًا

أشد على الشيطان من ألف عابد

2055-

لقمة في بطن الجائع أفضل من عمارة ألف جامع.

الظاهر أنه ليس بحديث.

1 صحيح: رقم "5099" بلفظ: "إلا لدغتهم" في آخره.

2 لفظ القضاعي عن أبي هريرة، موضوع: رقم "5106".

ص: 169

2056-

"لكل غد رزق".

رواه أحمد في الزهد عن أنس بلفظ: "أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة طوائر؛ فأطعم خادمته طائرًا، فلما كان الغد أتته به فقال لها: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألم أنهك أن ترفعي شيئًا لغد، فإن الله عز وجل يأتي برزق كل غدٍ". ومن كلام بعض الأولياء:"لكل غد طعام"، والمشهور على الألسنة "رزق غد لغد".

2057-

لكل بلوى عون.

قال في الأصل: ليس بحديث؛ لكنه صحيح المعنى، والصبر ينزل بقدر المصيبة، والمعونة بقدر المؤونة؛ كما بينته في ارتياح الأكباد. انتهى.

ونقل ابن الغرس عن المشكاة: أنه من قول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وأقول: ويشهد لمعناه ما ورد: "لكل داء دواء"، وقال النجم: ليس بحديث؛ لكن سبق في الهمزة: أن الله ينزل المعونة على قدر المؤونة، وينزل الصبر على قدر البلاء، والمشهور على الألسنة:"على كل بلوى عون".

2058-

لكل حجرة أجرة.

قال في "التمييز": ليس بحديث، وهو صحيح المعنى أيضًا، وزاد في "المقاصد": فأجرة المثل ومهر المثل وقيمة المثل منظور إليها. قال القاري: وكأنة أراد: لكل بيت أجرة ولو من حجارة. انتهى.

2059-

لكل داخل دهشة.

رواه الخطابي في الغريب عن الكسائي قال: يروى عن ابن عباس أنه قال: "لكل داخل برقة". قال الخطابي: البرقة الدهشة، برق كفرح إذا بهت من فزع أو نحوه، فيبقى شاخصًا بصره.

2060-

"لكل حق حقيقة".

تقدم في "عرفت فالزم".

2061-

لكل قادم نصيب.

قال النجم: لا يعرف بهذا اللفظ؛ لكنه في معنى "الضيف يأتي برزقه" و "إذا دخل الرجل على قوم دخل برزقه". وقد سبق.

ص: 170

2062-

لكل زمان رجال.

والمشهور "لكل زمان دولة ورجال"، وسيأتي قريبًا في "لكل مقام مقال". وهو بمعنى قوله تعالى {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} 1. والله أعلم.

2063-

لكل ساقطة لاقطة.

قال في "المقاصد": هو من كلام السلف، وإليه يشير قوله تعالى {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} 2، ولكن الجاري على الألسنة لا يقصد به هذا المعنى. وكثيرًا ما علل به انتقاض الوضوء بمس العجوز الشوهاء وتحريم رؤيتها ونحو ذلك. انتهى.

وكان وجه إشارة الآية إليه: أن الملك لما كان يكتب على المكلف ما يعمله؛ فكأنه لفظ ما فعله العبد الذي بمنزلة الساقط، والمنزل بمنزلة الساقطة. والمشهور عن الشافعي رضي الله تعالى عنه:"ما من ساقطة إلا ولها لاقطة".

2064-

لكل شيء آفة وللعلم آفات3.

قال القاري: هو من كلام بعض الأعلام، وأقول: قال النجم: "لكل شيء آفة" رواه الحارث بن أبي أسامة عن ابن مسعود بلفظ: "لكل شيء آفة تفسده، وآفة هذا الدين ولاة السوء". ورواه الديلمي عن أبي هريرة بلفظ: "لكل شيء آفة تفسده، وأعظم الآفات آفة تصيب أمتي؛ حبهم الدنيا وحبهم الدينار والدرهم، يا أبا هريرة لا خير في كثير من جمعها؛ إلا من سلطه الله على هلكتها في الحق". وتقدم في "آفة الكذب بأبسط".

2065-

لكل مجتهد نصيب.

قال القاري: هو من كلام بعضهم. وفي معناه: "من جد وجد، ومن لج ولج". قال ابن الغرس: ويؤيده قول بعض العارفين: الصدق ضامن لحصول المطلوب.

1 آل عمران: 140.

2 ق: 18.

3 لفظ رواية ابن مسعود ضعيف جدًا: رقم "4721".

ص: 171

2066-

لكل شيء أساس، وأساس الإسلام حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحب أهل بيته.

عزاه السيوطي في الدر المنثور لابن النجار في تاريخه عن أنس، ولم يبين حاله.

2067-

"لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به".

متفق عليه، عن أنس رفعه بلفظ:"لكل غادر لواء عند أسته يوم القيامة".

ورواه أحمد عنه وعن أبي مسعود.

وله عن أبي سعيد بلفظ: "لكل غادر لواء يوم القيامة يرفع له بقدر غدره، ألا ولا غادر أعظم غدرًا من أمير عامة".

ورواه مسلم: "ألا ولا غادر أعظم غدرًا من أمير عامة".

2068-

"لكل غادر لواء عند أسته يوم القيامة".

رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري.

2069-

لكل مقام مقال.

رواه الخطيب في الجامع عن أبي الدرداء، والخرائطي في المكارم، وابن عدي في الكامل عن أبي الطفيل موقوفًا،

وزاد ابن عدي: "ولكل زمان رجال"، ويروى عن عوف بن مالك:"إن لكل زمان رجالًا؛ فخيارهم الذين يرجى خيرهم ولا يخاف شرهم، وشرارهم الذين يخاف شرهم ولا يرجى خيرهم، ولكل زمان نساء؛ فخيارهن الجوانيات العفيفات المتعففات، وشرارهن الزانيات المسرفات المترجلات".

2070-

لكل شيء إقبال وإدبار.

رواه ابن السني وأبو نعيم عن أمامة، زاد:"وإن من إقبال هذا الدين أن تفقه القبيلة كلها بأسرها حتى لا يوجد فيها إلا الرجل الجليف1، أو الرجلان، وإن من إدبار هذا الدين أن تجفو القبيلة كلها بأسرها؛ حتى لا يوجد فيها إلا الرجل الفقيه، أو الرجلان؛ فهما مقهوران ذليلان، لا يجدان على ذلك أعوانًا وأنصارًا".

1 في القاموس: الجلف الرجل الجافي كالجليف.

ص: 172

2071-

"لكل عامل شرة 1، ولكل شرة فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد أفلح"2.

رواه الطبراني عن ابن عمرو به، وأخرجه البيهقي ولفظه:"أن لكل عمل شرة، ولكل شرة فترة؛ فمن كانت فترته إلى سنتي؛ فقد اهتدى، ومن كانت إلى غير ذلك؛ فقد هلك".

2072-

لكل فرحة ترحة.

رواه ابن أبي الدنيا في كتاب "الاعتبار" عن ابن مسعود موقوفًا. وزاد "وما من بيت ملئ فرحًا إلا ملئ ترحًا". وله فيه عن أنس أنه صلى الله عليه وسلم قال لعلي وهو بوادي العقيق: "يا علي ما من حبرة 3 إلا ستتبعها عبرة، يا علي كل هم منقطع إلا هم النار، يا علي كل نعيم يزول إلا نعيم الجنة، يا علي عليك بالصدق وإن ضرك في العاجل كان فرجًا لك في الآجل".

وفي لفظ: "يا علي، ما من أهل بيت كانوا في حبرة إلا سيتبعهم بعد ذلك عبرة".

وقال لقمان: في كل عام أسقام ومع كل حبرة عبرة ومع كل فرحة ترحة. رواه ابن أبي الدنيا.

2073-

للخير معادن4.

هو بمعنى "الناس معادن". وسيأتي.

2074-

للسائل حق وإن جاء على فرس5.

رواه أحمد وأبو داود عن الحسين ابن علي مرفوعًا، وسنده جيد، كما قاله صاحب "المقاصد"، ومن يتبعه وسكت عليه أبو داود؛ لكن قال ابن عبد البر: ليس بالقوي.

وقال في "التمييز": قال الإمام أحمد: حديثان يدوران في الأسواق لا أصل لهما ولا اعتبار: الأول للسائل حق وإن جاء على فرس والثاني يوم نحركم يوم صومكم. انتهى.

1 في النهاية "لكل عابد شرة" أي نشاط ورغبة.

2 صحيح، انظر صحيح الجامع "ح2152"، وفيه:"إن لكل عمل شرة..".

3 الحبرة بالفتح: النعمة وسعة العيش، وكذلك الحبور. النهاية.

4 سيأتي، انظر حديث "2793".

5 ضعيف: رقم "4749".

ص: 173

قيل: هذا لا يصح عن أحمد؛ فقد أخرج هذا الحديث في مسنده بسند رجاله ثقات، ورواه الطبراني بسند فيه عثمان بن فائد ضعيف، وأخرجه في "الموطأ" عن ابن عباس، وزيد بن أسلم رفعه مرسلًا بلفظ:" أعطوا السائل ولو جاء على فرس".

وللدارقطني عن أبي هريرة رفعه: "لا يمنعن أحدكم السائل أن يعطيه، وإن كان في يده قلب من ذهب". وروى البخاري في "تاريخه" عن عمر بن عبد العزيز: أنه قال لبعض عماله، وقد أعطاه مالًا ليقسمه بالرقة فقال العامل:"إنك تبعثني إلى قوم لا أعرفهم وفيهم غني وفقير، فقال: يا هذا كل من مد يده إليك فأعطه".

وفي النجم: روى أحمد في "الزهد": "قال عيسى بن مريم عليها السلام: إن للسائل حقًا؛ ولو أتاك على فرس مطوس بالذهب"، أي: مزين به.

2075-

لما خلق الله العقل فقال له: أقبل فأقبل، قال له: أدبر فأدبر، فقال: ما خلقت خلقًا أشرف منك؛ فبك آخذ وبك أعطي2.

قال الزركشي: كذب موضوع باتفاق. انتهى. لكن قال السيوطي في "الدرر" تابع الزركشي في ذلك ابن تيمية، قال: وقد وجدت له أصلًا صالحًا، أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند، عن الحسن يرفعه قال:"لما خلق الله العقل قال له: أقبل فأقبل، ثم أدبر فأدبر، قال: ما خلقت خلقًا أحب إلي منك فبك آخذ وبك أعطي"، وهذا مرسل جيد الإسناد، وهو موصول. وفي معجم الطبراني في "الأوسط" من حديث أبي هريرة بإسنادين ضعيفين. انتهى.

2076-

لم يكن مؤمن ولا يكون إلى يوم القيامة؛ إلا وله جار يؤذيه3.

رواه أبو سعيد النقاش والأصبهاني وابن النجار عن علي -كرم الله وجهه- بسند ضعيف.

1 القلب من السوار ما كان قلبًا واحدًا؛ أي مقتول من طاق واحد. انظر الصحاح للرازي.

2 موضوع، وكل ما روي في العقل من الأحاديث فلا يصح منها شيء؛ بل أطلق ابن تيمية عليها كلها بالوضع.

انظر تخريج المشكاة "ح5064".

3 ضعيف: رقم "4765".

ص: 174

2077-

لما غسلت النبي صلى الله عليه وسلم اقتلصت من مياه محاجر عينيه فشربته فورثت علم الأولين والآخرين.

يحكى عن علي رضي الله عنه، وليس بصحيح، كما قاله الإمام النووي، وقال القاري: وكذا ما ذكره الشيعة: "أنه شرب من ماء اجتمع بسرته عليه الصلاة والسلام عند غسله؛ فلم يطل شاربه، ونحن لا نقص شواربنا اقتداء به. قال: وهذا كلام باطل أصلًا وفرعًا.

2078-

"لن يعجز الله هذه الأمة من نصف يوم"1.

رواه أبو داود والطبراني في الشاميين، عن أبي ثعلبة الخشني بسند صحيح مرفوعًا، ورواه أبو داود بمعناه عن سعد بن أبي وقاص.

2079-

لن يغلب عسر يسرين2.

رواه الحاكم والبيهقي في "الشعب" عن الحسن مرسلًا أن النبي صلى الله عليه وسلم: "خرج ذات يوم وهو يضحك وهو يقول: لن يغلب عسر يسرين، إن مع العسر يسرًا". ورواه الطبراني عن معمر والعسكري في "الأمثال"، وابن مردويه عن جابر بسند ضعيف. وفي الباب عن ابن عباس من قوله؛ ذكره الفراء. وقال في "الدرر": وأخرجه الحاكم من حديث ابن عباس، وأخرجه عبد الرزاق عن ابن مسعود موقوفًا بلفظ:"لو كان العسر في جحر ضب؛ لتبعه اليسر حتى يستخرجه، لن يغلب عسر يسرين "؛ بل للطبراني عن ابن مسعود أيضًا مرفوعًا: "لو دخل العسر جحرًا لدخل اليسر حتى يخرجه؛ فيغلبه، فلا ينتظر الفقير إلا اليسر، ولا المبتلى إلا العافية ولا المعافى إلا البلاء". ورواه ابن أبي الدنيا ومن طريق البيهقي في "الشعب" عن ابن مسعود: "لو أن العسر دخل في جحر لجاء اليسر حتى يدخل معه ثم قرأ {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} 3 "، وفي الموطأ بسنده:"أن عمر بن الخطاب بلغه أن أبا عبيدة حصر بالشام فكتب إليه كتابًا قال فيه: ولن يغلب عسر يسرين".

وروى الحاكم من طريق عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه، وكذا ابن أبي الدنيا والبيهقي في "الشعب" عنه، قال في "المقاصد": وهذا أصح طرقه

1 صحيح: رقم "5224".

2 بعض حديث ضعيف: رقم "4787"، بزيادة "إن مع العسر يسرًا إن مع العسر يسرًا".

3 الشرح: 6.

ص: 175

أن أبا عبيدة حصر فكتب إليه عمر يقول له: "مهما تنزل بامرئ شدة يجعل الله بعدها فرجًا، وإنه لن يغلب عسر يسرين، وإنه يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} 1 ".

وأخرجه البيهقي عن أنس أنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا وحياله جحر، فقال: لو جاء العسر فدخل هذا الجحر لجاء اليسر فدخل عليه؛ فأخرجه، قال: فأنزل الله تعالى {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} 2 ".

وقد ألف التنوخي وابن أبي الدنيا وغيرهما في الفرج بعد الشدة، ومما ذكره ابن أبي الدنيا ومن طريقه البيهقي في "الشعب" عن إبراهيم بن مسعود قال: "كان رجل من كبار المدينة يختلف إلى جعفر بن محمد وهو حسن الحال فتغيرت حاله فجعل يشكو إلى جعفر فقال جعفر:

فلا تجزع وإن أعسرت يومًا

فقد أيسرت في الزمن الطويل

ولا تيأس فإن اليأس كفر

لعل الله يغنى عن قليل

ولا تظنن بربك ظن سوء

فإن الله أولى بالجميل

قال الرجل: فخرجت من عند جعفر وأنا أغنى الناس". وذكر البيهقي أن عبد بن حميد قال لرجل يشكو إليه العسرة في أموره:

ألا يا أيها الذي في عسره أصبح

إذا اشتد بك الأمر فلا تنس ألم نشرح

وفي النجم: وروى ابن مردويه عن جابر: "بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن ثلاثمائة أو يزيدون، علينا أبو عبيدة بن عبد الله بن الجراح، وليس معنا من الحمولة إلا ما نركب فزودنا رسول الله صلى الله عليه وسلم جرابين من تمر فقال بعضنا لبعض: قد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أين تريدون، وقد علمتم ما معكم من زاد، فلو رجعتم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألتموه أن يزودكم؛ فرجعنا إليه، فقال: قد عرفت الذي جئتم له، ولو كان عندي غير الذي زودتكم لزودتكموه؛ فانصرفنا ونزلت {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} 3 فأرسل نبي الله صلى الله عليه وسلم

1 آل عمران: 200.

2 الشرح: 5، 6.

3 الشرح: 5، 6.

ص: 176

إلى بعضنا فدعاه فقال: أبشروا؛ فإن الله قد أوحى إلي {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} [الشرح: 6] ولن يغلب عسر يسرين.

2080-

"لن يفلح قوم ولوْا أمرهم امرأة".

رواه البخاري في "الفتن والمغازي"، عن أبي بكرة أنه قال: لقد نفعني الله بكلمة أيام الجمل قالها النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه أنهم ملكوا ابنة كسرى.

ورواه الحاكم وأحمد وابن حبان مطولًا، ولفظ الحاكم عن أبي بكرة:"عصمني الله بشيء سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه أن ملك ذي يزن توفي، فولوا أمرهم امرأة". وله طريق أخرى عند أحمد عن أبي بكرة بلفظ: "لن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة"، وسيأتي من وجه آخر، عن أبي بكرة بلفظ:"هلكت الرجال حين أطاعت النساء". وعن عروة بن محمد بن عطية أنه قال: ما أبرم قوم قط أمرًا فصدروا إليه عن رأي امرأة إلا تبروا".

2081-

"لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن شبابه فيما أبلاه، وعن عمره فيما أفناه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به"1.

2082-

لن يشبع مؤمن من خير حتى يكون منتهاه الجنة2.

رواه الترمذي، وحسنه عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا.

2083-

لن ينفع حذر من قدر.

رواه أحمد عن معاذ بن جبل، وتقدم في حديث في "الدعاء يرد البلاء".

2084-

لأن يؤدب الرجل ولده خير له من أن يتصدق بصاع.

قال الصغاني موضوع.

2085-

لله ولي من سكت.

تقدم في "فم ساكت".

1 بنحوه صحيح: رقم "7300".

2 ضعيف: رقم "4786".

ص: 177

2086-

لهدم الكعبة حجرًا حجرًا أهون من قتل المسلم1.

قال في "المقاصد": لم أقف عليه بهذا اللفظ؛ ولكن معناه عند الطبراني في الصغير، عن أنس رفعه:"من آذى مسلمًا بغير حق فكأنما هدم بيت الله". ونحوه عن غير واحد من الصحابة: "أنه صلى الله عليه وسلم نظر إلى الكعبة؛ فقال: "لقد شرفك الله وكرمك وعظمك، والمؤمن أعظم حرمة منك". وسيأتي في حديث "المؤمن"، ويأتي حديث "ليس شيء أكرم على الله من المؤمن". قال: وقد أشبعت الكلام عليه فيما كتبته على الترمذي في باب "ما جاء في تعظيم المؤمن"، وأخرجه النسائي عن بريدة مرفوعًا بلفظ: "قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا".

وابن ماجه عن البراء مرفوعًا بلفظ: "لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق"، والنسائي عن ابن عمر رفعه بمثله؛ لكن قال:"من قتل رجل مسلم"، والترمذي وقال: "روي مرفوعًا وموقوفًا، والله أعلم.

2087-

لو أحسن أحدكم ظنه بحجر لنفعه الله به.

قال ابن تيمية: كذب، ونحوه قول الحافظ ابن حجر: لا أصل له، وفي معناه:"من بلغه عن الله شيء فيه فضيلة فعمل به إيمانًا به ورجاء ثوابه؛ أعطاه الله ذلك وإن لم يكن كذلك".

قال في "المقاصد": ولا يصح أيضًا كما بينته في "القول البديع"، وسيأتي في "من بلغه"، وقال ابن القيم: هو من كلام عباد الأصنام الذين يحسنون ظنهم بالأحجار.

والمشهور على الألسنة: "لو اعتقد أحدكم على حجر لنفعه".

وعبارة النجم: "لو أحسن أحدكم ظنه بحجر لنفعه الله به" أو "لو اعتقد أحدكم حجرًا نفعه الله به" أو "لنفعه": كذب لا أصل له، كما قال ابن تيمية وابن حجر وغيرهما. انتهى.

2088-

"لو أخطأتم حتى تبلغ خطاياكم السماء ثم تبتم لتاب الله عليكم"2.

رواه ابن ماجه عن أبي هريرة وسنده جيد.

1 الفوائد المجموعة "212".

2 حسن: رقم "5235".

ص: 178

قال المنذري: ويشهد له ما رواه الترمذي وحسنه عن أنس، والطبراني عن ابن عباس، والبيهقي عن أبي ذر، وابن النجار عن أبي هريرة بلفظ:"قال الله تعالى: "يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان 1 السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم لو أنك أتيتني بقراب الأرض 2 خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة".

2089-

لو أن أهل العلم صانوه ووضعوه عند أهله لسادوا به أهل زمانهم - الحديث.

رواه ابن ماجه عن ابن عمر موقوفًا، ورواه البيهقي في الشعب، عن ابن مسعود من قوله أيضًا بلفظ:"لو أن أهل العلم صانوا العلم ووضعوه عند أهله؛ سادوا به أهل زمانهم، ولكن بذلوه لأهل الدنيا لينالوا من دنياهم؛ فهانوا على أهلها، سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: "من جعل الهم همًا واحدًا هم آخرته كفاه الله عز وجل ما همه من أمر دنياه، ومن تشعبت به الهموم من أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك".

ومعناه في أبيات الجرجاني الشهيرة قال فيها:

ولو أن أهل العلم صانوه صانهم

ولو عظموه في النفوس لعظما

ولكن أهانوه فهان ودنسوا

محياه بالأطماع حتى تصرما

2090-

"لو أن ابن آدم هرب من رزقه كما يهرب من الموت؛ لأدركه رزقه كما يدركه الموت"3.

رواه أبو نعيم عن جابر، وفي سنده ضعيف ولابن عساكر عن أبي الدرداء:"لو أن عبدًا هرب من رزقه؛ لطلبه رزقه كما يطلبه الموت".

1 العنان بالفتح: السحاب، الواحد عنانة. الصحاح للرازي.

2 أي بما يقارب ملأها. انظر النهاية.

3 حسن: رقم "5240".

ص: 179

2091-

"لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا وتروح بطانًا"1.

رواه أحمد والطيالسي في مسنديهما، وابن ماجه عن عمر مرفوعًا، وصححه ابن خزيمة وابن حبان، والحاكم، وحسنه الترمذي.

وللعسكري عن وهب بن منبه أنه قال: "سئل ابن عباس عن المتوكل؛ فقال: الذي يحرث ويبذر ويذره بين المدر". وله أيضًا عن معاوية بن قرة أنه قال: "لقي عمر بن الخطاب ناسًا من أهل اليمن فقال: ما أنتم؟ فقالوا: متوكلون، فقال: كذبتم، أنتم متأكلون؛ إنما المتوكل رجل ألقى حبه في الأرض وتوكل على الله عزل وجل". وقد ألف في التوكل غير واحد كابن خزيمة وابن أبي الدنيا رضي الله عنهم.

2092-

لو أنكم دليتم بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله2.

رواه الترمذي عن أبي هريرة مرفوعًا، وقال غريب. وفسره بعضهم فقال: لهبط على علم الله وقدرته وسلطانه. وهذه المذكورات في كل مكان؛ لأنه تعالى بصفاته مع العباد {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4] .

وقال الحافظ ابن حجر: معناه أن علم الله يشمل جميع الأقطار؛ فالتقدير: "لهبط على علم الله"، والله سبحانه منزه عن الحلول في الأماكن؛ فإنه تعالى كان قبل أن يحدث الأماكن. ونقل أن الشيخ الأكبر -قدس سره- نقله في أثناء أربعين حديثًا له وشرحه.

2093-

لو اغتسل اللوطي بماء البحر لم يجئ يوم القيامة إلا جنبًا3.

أسنده الديلمي، عن أنس مرفوعًا.

وأسنده أيضًا عن أبي هريرة رفعه بلفظ: "المتلوط لو اغتسل بكل قطرة تنزل من السماء على وجه الأرض إلى أن تقوم الساعة؛ لما طهره الله من نجاسته أو يتوب".

وذكره ابن الجوزي في "الموضوعات".

وقال في "المقاصد": وكل ما في معناه باطل.

1 صحيح، انظر صحيح الجامع "ح5254".

2 ضعيف، كما قال الترمذي.

3 انظر الموضوعات "112/ 3".

ص: 180

نعم في "الجامع الكبير": "ملعون -ثلاثًا- من عمل عمل قوم لوط"، وفي "الجامع الصغير": "إذا ظلم أهل الذمة

"، وفي آخره "وإذا كثرت اللوطية رفع الله تعالى يده عن الخلق، ولا يبالي في أي واد هلكوا".

2094-

"لو بعث الله نبيًا بعدي لبعث عمر"1.

ويشهد له ما رواه أحمد والترمذي والحاكم، عن عقبة بن عامر بلفظ:"لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب"، وبسنده ضعيف.

2095-

"لو بغى جبل على جبل لدك الباغي"2.

رواه البخاري في "الأدب المفرد"، وأبو نعيم عن ابن عباس موقوفًا، ورواه ابن مردويه، عن الأعمش مرفوعًا قال ابن أبي حاتم: والموقوف أصح، ورواه ابن المبارك في "الزهد"، عن مجاهد مرسلًا، ورواه ابن مردويه عن ابن عمر، وابن حبان في "الضعفاء" عن أنس، وفي سنده أحمد بن الفضل وضاع. وقال النجم بسند ضعيف. وقد نظم ذلك بعضهم فقال:

يا صاحب البغي إن البغي مصرعة

فاعدل فخير فعال المرء أعدله

فلو بغى جبل يومًا على جبل

لاندك منه أعاليه وأسفله

2096-

"لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا".

متفق عليه عن أنس مرفوعًا. وفي الباب عن أبي هريرة وجماعة، ورواه الحاكم عن أبي ذر، وزاد فيه:"ولما ساغ لكم الطعام والشراب".

2097-

لو تعلم البهائم من الموت ما يعلم ابن آدم ما أكلتم منها سمينًا3.

رواه البيهقي في "الشعب"، والقضاعي عن أم حبيبة الجهنية مرفوعًا، ورواه الديلمي عن أبي سعيد رفعه بلفظ:"لو علمت البهائم من الموت ما علمتم ما أكلتم منها لحمًا سمينًا". وعنده بلا سند عن أنس مرفوعًا: "لو أن البهائم التي تأكلون لحومها علمت ما تريدون بها ما سمنت، وكيف تسمن أنت يا ابن آدم والموت أمامك؟!.".

1 بنحوه في الصحيحة "327"، وقال:"حسن".

2 صحيح، موقوفًا على ابن عباس، انظر صحيح الأدب المفرد "457".

3 ضعيف جدًا: رقم "4816".

ص: 181

2098-

"لو تفتح عمل الشيطان"1.

رواه النسائي وابن ماجه والطحاوي عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز؛ فإن غلبك أمر؛ فقل قدر الله وما شاء فعل، وإياك واللو، فإن اللو يفتح عمل الشيطان".

ورواه الطبراني بلفظ أوله: "احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز؛ فإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا وكذا؛ ولكن قل قدر الله وما شاء فعل؛ فإن لو مفتاح الشيطان".

ورواه الطبراني أيضًا، والنسائي من وجه آخر باللفظ المذكور. لكن في سنده فضيل بن سليمان ليس بالقوي؛ لكن رواه مسلم في صحيحه بطريقين؛ فطريق عبد الله بن إدريس لفظها:"وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا؛ ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل؛ فإن لو تفتح عمل الشيطان". وفي لفظ: "إياك و"لو"؛ فإن "لو" من عمل الشيطان". ووقع عند بعض رواة مسلم "اللو" بالتشديد.

قال عياض: المحفوظ خلافه.

وجمع النووي بينه وبين ما ثبت من استعماله صلى الله عليه وسلم: "لو سلك الناس واديًا"، "لو استقبلت من أمري ما استدبرت"، بأن الظاهر: أن النهي عن إطلاقها فيما لا فائدة فيه؛ وأما من قالها تأسفًا على ما فات من طاعة الله تعالى، أو ما هو متعذر عليه منها ونحوه؛ فلا بأس، وعليه يحمل ما وجد في الأحاديث. ويشير إلى ذلك ترجمة البخاري بـ "التمني بما يجوز من اللو".

2099-

لو شاء الله أن لا يعصى ما خلق إبليس.

رواه أبو نعيم عن ابن عمر.

1 بنحوه، حسن: رقم "6650".

ص: 182

2100-

لو صدق السائل لخاب من رده.

وفي لفظ: "ما أفلح من رده كما في الأصل، و"التمييز" و"الدرر"؛ رواه ابن عبد البر في الاستذكار، عن الحسين بن علي، وعن عائشة مرفوعًا بلفظ: "لولا أن السؤال يكذبون؛ ما أفلح من ردهم"، وحكم الصغاني عليه بالوضع، ورواه القضاعي عنها بلفظ: "ما قدس من ردهم"، إسناده ليس بالقوي؛ كما قاله ابن عبد البر. وسبقه ابن المديني لذلك وأدرجه في خمسة أحاديث، قال: لا أصل لها وذكرناها في: "أعطوا السائل".

وقال أحمد: لا أصل له، وأدرجه أيضًا في ضمن أربعة أحاديث مرت هناك أيضًا، ورواه العقيلي في "الضعفاء"، عن عائشة، ثم قال: ولا يصح في الباب شيء، ورواه الطبراني بسند ضعيف عن أبي أمامة مرفوعًا بلفظ:"لولا أن السائلين يكذبون ما أفلح من ردهم". والله أعلم.

2101-

"لو عاش إبراهيم لكان نبيًا"1.

ورد عن ثلاثة من الصحابة، لكن قال النووي في تهذيبه في ترجمة إبراهيم: وأما ما روي عن بعض المتقدمين: "لو عاش إبراهيم لكان نبيًا"؛ فباطل وجسارة على الكلام على المغيبات ومجازفة، وهجوم على عظيم، ونحوه قول ابن عبد البر في "تمهيده": لا أدري ما هذا؛ فقد ولد نوح عليه الصلاة والسلام غير نبي، ولو لم يلد النبي إلا نبيًا؛ لكان كل أحد نبيًا؛ لأنهم من ولد نوح. انتهى.

لكن قال الحافظ ابن حجر: ولا يلزم من الحديث المذكور ما ذكره لما لا يخفي، وكان ابن عبد البر سلف النووي. وقال أيضًا: إنه عجيب مع وروده عن ثلاثة من الصحابة وكأنه لم يظهر له وجه تأويله؛ فقال في إنكاره ما قال، وجوابه أن القضية الشرطية لا تستلزم الوقوع ولا يظن بالصحابي الهجوم على مثل هذا بالظن. انتهى.

واعترض الجواب المذكور القاري بأنه بعيد جدًا. انتهى.

وقال ابن حجر المكي في فتاواه الحديثية: قال السيوطي: صح عن أنس: "أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ابنه إبراهيم، قال: "لا أدري رحمة الله على إبراهيم، لو عاش لكان صديقًا نبيًا". ورواه ابن منده والبيهقي، عن ابن عباس عن النبي، ورواه ابن عساكر عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرج ابن عساكر أيضًا بسنده، وقال

1 صحيح، انظر صحيح الجامع "5272"، وفيه:"لكان صديقا نبيا".

ص: 183

فيه من ليس بالقوي، عن علي بن أبي طالب:"لما توفي إبراهيم أرسل النبي إلى أمه مارية، فجاءته وغسلته وكفنته، وخرج به وخرج الناس معه، فدفنه، وأدخل صلى الله عليه وسلم يده في قبره؛ فقال: "أما والله إنه لنبي ابن نبي"، وبكى المسلمون حوله حتى ارتفع الصوت، ثم قال صلى الله عليه وسلم: "تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يغضب الرب، وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون"، وروى أبو داود أنه مات وعمره ثمانية عشر شهرًا؛ فلم يصل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ صححه ابن خزيمة.

قال الزركشي: اعتل من سلم ترك الصلاة عليه بعلل: منها أنه استغنى بفضيلة أبيه عن الصلاة كما استغنى الشهيد بفضيلة الشهادة، ومنها أنه لا يصلي نبي على نبي، وقد جاء لو عاش لكان نبيا. انتهى.

ولا بعد في إثبات النبوة له مع صغره لأنه كعيسى القائل يوم ولد {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً} [مريم: 30] وكيحيى الذي قال تعالى فيه {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً} [مريم: 12] قال المفسرون: نبئ وعمره ثلاث سنين، واحتمال نزول جبريل بوحي لعيسى وليحيى يجري في إبراهيم ويرشحه أنه صلى الله عليه وسلم صومه يوم عاشوراء وعمره ثمانية أشهر. ثم قال بعد أن نقل عن السبكي كلامًا: وبه يعلم تحقيق نبوة سيدنا إبراهيم في حال صغره. انتهى، فاعرفه.

وقال في "المقاصد": الطرق الثلاثة أحدها ما أخرجه ابن ماجه وغيره عن ابن عباس أنه قال: "لما مات إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه وقال: إن له مرضعًا في الجنة، ولو عاش لكان صديقًا، ولو عاش لأعتقت أخواله من القبط وما استرق قبطي".

وفي سنده إبراهيم بن عثمان الواسطي ضعيف. ومن طريقه أخرجه ابن منده في "المعرفة"، وقال: غريب.

ثانيها: ما رواه إسماعيل السدي عن أنس قال: "كان إبراهيم قد ملأ المهد، ولو بقي لكان نبيًا؛ ولكن لم يكن ليبقى فإن نبيكم آخر الأنبياء".

ثالثها: رواه البخاري عن إسماعيل بن أبي خالد قال: قلت لعبد الله بن أبي أوفى: رأيت إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم [قال:] 1 مات صغيرًا، ولو قضي أن يكون

1 سقطت من الأصول والكلام بها غير مستقيم، وأثبتناها من صحيح البخاري "باب - 109" من سمى بأسماء الأنبياء "ح6194".

ص: 184

بعد محمد نبي عاش إبراهيم؛ ولكن لا نبي بعده. وأخرجه أحمد عن ابن أبي أوفى أنه كان يقول: "لو كان بعد النبي صلى الله عليه وسلم نبي ما مات ابنه".

قال: وعزاه شيخنا للبخاري من حديث البراء فيه؛ فينظر. انتهى.

وروى أحمد والترمذي وغيرهما عن عقبة بن عامر رفعه: "لو كان بعدي نبي؛ لكان عمر"، وورد عن جماعة آخرين وقال القاري: ويشير إليه قوله {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} 1؛ فإنه يومئ إلى أنه لا يعيش له ولد يصل إلى مبلغ الرجال؛ فإن ولده من صلبه يقتضي أن يكون لب قلبه كما يقال الولد سر أبيه، ولو عاش وبلغ أربعين سنة وصار نبيا لزم ألا يكون نبينا خاتم النبيين.

ثم يقرب من هذا الحديث في المعنى ما رواه أحمد والحاكم عن عقبة مرفوعًا: "لو كان بعدي نبي؛ لكان عمر بن الخطاب". قلت: ومع هذا لو عاش إبراهيم وصار نبيًا لكان من أتباعه، وكذا لو صار عمر نبيًا لكان من أتباعه كعيسى والخضر وإلياس؛ فلا يناقض قوله تعالى {خَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40] ؛ إذ المعنى أنه لا يأتي نبي بعده ينسخ ملته، ولم يكن من ملته، وبقوله:"لو كان موسى حيا لما وسعه إلا اتباعي". انتهى.

وقال النجم: وأورده السيوطي في "الجامع الصغير" بلفظ: "لو عاش إبراهيم لكان صديقًا نبيًا"، وقال: أخرجه البارودي عن أنس وابن عساكر، عن جابر وعن عباس وعن ابن أبي أوفى.

2102-

لو علمت البهائم من الموت ما علمتم - الحديث2.

وتقدم في "لو تعلم البهائم".

2103-

لو علم الله في الخصيان خيرًا؛ لأخرج من أصلابهم ذرية توحد الله؛ ولكنه علم أن لا خير فيهم؛ فأجبهم.

رواه الديلمي بلا سند عن ابن عباس مرفوعًا، قال في "المقاصد": لا يصح، كذا كل ما ورد في الخصيان من مدح وقدح، ومن نسب لشيخنا فيهم جزءًا فقد افترى.

1 الأحزاب: 40.

2 سبق بنحوه، انظر حديث "2097".

ص: 185

نعم، قال الشافعي فيما أخرج البيهقي في مناقبه: أربعة لا يعبأ الله بهم يوم القيامة: زهد خصي، وتقوى جندي، وأمانة امرأة وعبادة صبي. وهو أغلبي. انتهى، فتأمل.

2104-

لو علم الناس رحمة الله بالمسافر لأصبح الناس وهم على سفر، إن المسافر، ورحله على قلت؛ إلا ما وقى الله تعالى1.

رواه الديلمي بلا سند، عن أبي هريرة رفعه، وأورده ابن الأثير في النهاية بلفظ:"إن المسافر وماله لعلى قلت؛ إلا ما وقى الله"، وفسر القلت -بفتحتين- بالهلاك. وعند الديلمي أيضًا بسنده إلى أبي هريرة:"لو يعلم الناس ما للمسافر؛ لأصبحوا وهم على ظهر سفر، إن الله بالمسافر لرحيم"، وجميع طرقه ضعيفة، كذا في "المقاصد".

2105-

لو يعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء بعده لمنعهن المساجد.

رواه الشيخان، عن عائشة رضي الله تعالى عنها من قولها.

2106-

"لو قضى أو قدر كان"2.

رواه الدارقطني في "الأفراد"، وأبو نعيم عن أنس.

2107-

"لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة؛ ما سقى كافرًا منها شربة"3.

رواه الترمذي والطبراني وأبو نعيم عن سهل بن سعد رفعه، وقال الترمذي: صحيح غريب من هذا الوجه، ورواه من طريق الأخيرين الضياء في المختارة، ورواه الحاكم وابن ماجه عن سهل من طريق أخرى بلفظ:"كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة، فإذا هو بشاة ميتة شائلة برجلها، فقال: "أترون هذه هينة على صاحبها! فوالذي نفسي بيده للدنيا أهون على الله من هذا على صاحبها، ولو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرًا منها قطرة أبدًا".

1 قال الحافظ ابن حجر نقلًا عن النووي في "شرح المهذب": "ليس هذا خبرًا عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ وإنما هو من كلام بعض السلف.." التلخيص "98/ 3".

2 صحيح: رقم "5275" بلفظ: "لو قضى كان".

3 صحيح: رقم "5292"، وفي آخره:"شربه ماء".

ص: 186

وصححه الحاكم؛ لكن تعقبه الذهبي فإن فيه ابن منظور ضعيف، ولو صح الحديث لكان موجهًا، وأخرجه القضاعي عن ابن عمر، لكن بلفظ "شربة ماء" بدل "قطرة أبدًا". ورواه الترمذي أيضًا عن أبي هريرة، وزاد في "اللآلئ": أن صاحب الفردوس أخرجه عن ابن عباس مرفوعًا بلفظ: "يا ابن آدم ما تصنع بالدنيا؟! حلالها حساب، وحرامها عذاب". وفي النجم قلت: وعند أحمد في الزهد عن أبي الدرداء موقوفًا: "لو كانت الدنيا تزن عن الله جناح بعوضة ما سقى فرعون منها شربة ماء"، وعنده عن الحسن رفعه:"والذي نفسي بيده ما تعدل الدنيا عند الله جديًا من الغنم". ولابن عساكر، عن أبي هريرة:"لو عدلت الدنيا عند الله جناح بعوضة من خير؛ ما سقى كافرًا شربة". وعند أبي نعيم عن ابن عباس: "لو وزنت الدنيا عند الله بجناح بعوضة ما سقي كافرًا منها شربة ماء". انتهى.

2108-

لو كانت الدنيا دمًا عبيطًا؛ لكان قوت المؤمن منها حلالًا1.

وفي لفظ: "كان نصيب المؤمن حلال"، قال في "المقاصد": لا يعرف له إسناد، لكن معناه صحيح؛ فإن الله لم يحرم على المؤمن ما يضطر إليه من غير معصية. وقال الزركشي: لا أصل له. وتبعه في "الدرر". وقال النجم: هو من كلام الفضيل بن عياض؛ وذلك لأن المؤمن لا يأكل إلا عن ضرورة ويقرب منه قول نجم الدين الكبري: الذكر يقطع لقيمات الحرام.

والعبيط بالعين المهملة والموحدة، ففي القاموس:"لحم ودم وزعفران عبيط، بين العبطة بالضم: طري". وقال ابن الغرس: عبيطًا هو بالعين المهملة أي: طريًا.

2109-

لو كان الأرز رجلًا لكان حليمًا.

قال الحافظ ابن حجر: موضوع، وإن كان يجري على الألسنة مرفوعًا. وممن صرح بكونه باطلًا موضوعًا ابن القيم في "الهدى"، وليس هو في الطب النبوي لأبي نعيم مع كثرة ما فيه من الأحاديث الواهية. قال في "المقاصد": ومن الباطل في الأرز ما عند الديلمي عن علي رفعه: "الأرز في الطعام كالسيد في قوم، والكرات في البقول بمنزلة الخبز، وعائشة كالثريد، وأنا كالملح في الطعام وعنده أيضًا عن صهيب مرفوعًا بلفظ: "سيد الطعام في الدنيا والآخرة اللحم ثم الأرز"، وتقدم في السين أيضًا. ورواه أيضًا عن أنس رفعه بلفظ: "نعم الدواء الأرز"، وسيأتي في النون، وروى أبو نعيم في الطب النبوي والديلمي عن علي رفعه سيد طعام الدنيا اللحم ثم الأرز وقال الصغاني:

1 انظر تذكرة الموضوعات "134".

ص: 187

ومن الموضوع قولهم: "لو كان الأرز حيوانًا؛ لكان آدميًا، ولو كان آدميًا لكان رجلًا صالحًا، ولو كان صالحًا لكان نبيًا، ولو كان نبيًا لكان مرسلًا، ولو كان مرسلًا لكان أنا".

2110-

لو كان جريج فقيهًا عالمًا لعلم أن إجابته دعاء أمه أولى من عبادة ربه عز وجل1.

رواه الحسن بن سفيان في مسنده والترمذي في "النوادر"، وأبو نعيم في "المعرفة" والبيهقي في "الشعب"، عن حوشب الفهري قال:"سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول.." فذكره، وقال ابن منده: غريب تفرد به الحكم بن الريان عن الليث.

ومن شواهده: عن طلق بن علي مرفوعًا: "لو أدركت والدي أو أحدهما وقد افتتحت صلاة العشاء، ودعتني أمي يا محمد لأجبتها: لبيك". وفي لفظ عنده عن علي بن سيبان مرسلًا: "لو دعاني والدي أو أحدهما وأنا في الصلاة لأجبته"، والحديث ضعيف.

2111-

لو كان الصبر رجلًا كان كريمًا2.

رواه الطبراني والعسكري عن عائشة مرفوعًا وهو ضعيف، ورواه أبو نعيم عن عائشة رضي الله عنها بلفظ:"لو كان الصبر رجلًا لكان رجلًا كريمًا"، قال المناوي: ومنه أخذ الحسن البصري قوله: الصبر كنز من كنوز الخير لا يعطيه الله إلا الكريم عنده.

2112-

لو كان الفحش رجلًا لكان رجل سوء3.

رواه الطيالسي عن عائشة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: يا عائشة لو كان الصبر.." وذكره، وهو ضعيف.

ورواه ابن أبي الدنيا عن عائشة بلفظ: "لو كان الفحش خلقًا؛ لكان أشر خلق الله".

وعند العسكري أيضًا: "دخل يهودي على النبي صلى الله عليه وسلم فقال السام عليكم فقال له: عليكم؛ فلما خرج قلت أما فهمت ما قال؟! فقال: وما رأيت ما رددت عليه؟! يا عائشة إن الرفق لو كان خلقا لما رأى

1 موضوع: رقم "4842".

2 ضعيف: رقم "4835".

3 لفظ رواية ابن أبي الدنيا عن عائشة، ضعيف: رقم "4839".

ص: 188

الناس خلقًا أحسن منه، وإن الخرق1 لو كان خلقًا لما رأى الناس خلقًا أقبح منه". وعند مسلم وغيره من حديثهما:"يا عائشة عليك بالرفق؛ فإنه لم يكن في شيء إلا زانه، وإياك والفحش". بل في الصحيحين عنها: "إن شر الناس منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء فحشه".

وقد استوفى السخاوي ما في ذلك في تكملة شرح الترمذي، وقال النجم والخرائطي في "مساوي الأخلاق" عن عائشة:"لو كان سوء الخلق رجلًا يمشي في الناس؛ لكان رجل سوء، وإن الله لم يخلقني فحاشًا"، وله في مكارم الأخلاق عنها:"لو كان حسن الخلق رجلًا يمشي في الناس لكان رجلاً صالحًا". وروى الخطيب عنها: "لو كان الحياء رجلًا لكان صالحًا. انتهى.

2113-

"لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى إليهما ثالثًا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب".

رواه الشيخان والترمذي وأبو عوانة وغيرهم بألفاظ متقاربة عن أنس مرفوعًا، واتفقا عليه عن ابن عباس، وفي حديث بعضهم أنه مما كان يقرأ في القرآن. وقال السهيلي في روضه: وكان قرآنًا يتلى؛ قوله صلى الله عليه وسلم: "لو أن لابن آدم واديًا من ذهب لابتغى له ثانيًا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب".

ويروى: "لا يملأ عيني ابن آدم وفم ابن آدم". وكلها في الصحيح. وكذلك روي "واديًا من مال". فهذا خبر، والخبر لا ينسخ منه أحكام التلاوة، وكان آية من سورة يونس عقب قوله {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} 2 انتهى.

وقال أحمد: وابن جابر بلفظ: "لو كان لابن آدم وادٍ من نخل لتمنى مثله ثم تمنى مثله، حتى يتمنى أودية، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب".

وفي الباب عن جماعة بينها السخاوي في جزء مستقل.

1 الخرق "بالضم" ضد المرفق. الصحاح للرازي.

2 يونس: 24.

ص: 189

2114-

"لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها"1.

رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح عن أبي هريرة مرفوعًا، ورواه أبو داود والحاكم، عن قيس بن سعد بن عبادة بلفظ:"لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن؛ لما جعل الله لهم عليهن من الحق". انتهى.

2115-

لو منع الناس عن فت البعر لفتوه، وقالوا ما نهينا عنه؛ إلا وفيه شيء.

ذكره الغزالي في "الإحياء"، وقال العراقي: لم أجده. قال القاري: ويؤخذ من قوله تعالى: {وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} 2 وقول الشيطان {مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ} 3.

2116-

لوائي يحمله علي يوم القيامة.

ذكره ابن الجوزي في "الموضوعات"، كما نقله الأنطاكي في "حاشية الشفا".

2117-

لو كان المؤمن في جحر فأرة لقيض الله له فيه من يؤذيه4.

رواه ابن عدي والقضاعي بسند فيه عيسى بن عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب متروك الحديث، عن علي بن أبي طالب مرفوعا، والقضاعي عن أنس رفعه بلفظ:"لو أن المؤمن في جحر ضب؛ لقيض الله له من يؤذيه". وسنده حسن، والطبراني في "الأوسط" بسند حسن عن أنس، والديلمي بلا سند عن أنس مرفوعًا بلفظ:"لو خلق المؤمن على رأس جبل؛ لا بد له من منافق يؤذيه". وفي النجم ولأبي سعيد النقاش في معجمه، وابن الجار في تاريخه عن علي:"لم يكن مؤمن ولا يكون إلى يوم القيامة إلا وله جار يؤذيه، وللبيهقي عن الفضيل بن عياض قال: "إذا أراد الله أن يتحف العبد سلط عليه من يظلمه". انتهى.

1 صحيح: رقم "5294".

2 الأعراف: 19.

3 الأعراف: 20.

4 ضعيف: رقم "4841".

ص: 190

2118-

لولا الخليفى لأذنت.

رواه أبو الشيخ ثم البيهقي، عن عمر من قوله، ورواه سعيد بن منصور عنه أنه قال:"لو أطيق مع الخليفى لأذنت". ولأبي الشيخ ثم الديلمي عنه أنه قال: "لو كنت مؤذنًا لكمل أمري، وما باليت أن لا أنتصب لقيام ليل ولا لصيام نهار، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم اغفر للمؤذنين" ثلاثًا، قلت: يا رسول الله تركتنا ونحن نجتلد على الأذان بالسيوف، فقال: "كلا يا عمر، إنه سيأتي زمان يتركون الأذان على ضعفائهم، تلك لحوم حرمها الله على النار لحوم المؤذنين".

والخليفى -بكسر المعجمة واللام المشددة والقصر- الخلافة، وهو وأمثاله من الأبنية كالدليلى: مصدر يدل على الكثرة، يعني هنا: لولا كثرة الاشتغال بأمر الخلافة وضبط أحوالها لأذنت.

2119-

لولا عباد لله ركع، وصبية رضع، وبهائم رتع؛ لصب عليكم البلاء - وفي رواية العذاب صبًا1.

رواه الطيالسي والطبراني وابن منده وابن عدي وغيرهم، عن أبي هريرة رفعه، ولابن ماجه عن ابن عمر مرفوعًا في حديث أوله:"يا معشر المهاجرين، خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن.." فذكرها، ومنها "ولم يمنعوا زكاة أموالهم؛ إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا". وقال الشربيني: روي بسند ضعيف: "لولا شباب خشع وبهائم رتع وشيوخ ركع وأطفال رضع؛ لصب عليكم العذاب صبًا". ونظم بعضهم ذلك فقال:

لولا عباد للإله ركع

وصبية من اليتامى رضع

ومهملات في الفلاة رتع

لصب عليكم العذاب الأوجع

انتهى.

وفي التحفة لابن حجر: وورد في خبر ضعيف، وذكر ما رواه الشربيني من الحديث. وقال الرملي: وورد "لولا بهائم"

إلخ فأسقط: "لولا شباب خشع". ورواه السيوطي في "الجامع الصغير" بلفظ: "لولا عباد لله ركع وصبية رضع، وبهائم رتع؛ لصب

1 ضعيف، انظر ضعيف الجامع "ح4860".

ص: 191

عليكم العذاب صبًا، ثم رص رصًا. قال المناوي -بضم الراء وشد الصاد المهملة بضبطه- أي: ضم العذاب بعضه إلى بعض، ثم قال نقلًا عن الهيثمي، وهو ضعيف، ثم قال المناوي: وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه من التوقف؛ إلا أن يكون اعتضد. انتهى.

2120-

لو لم أبعث لبعثت يا عمر1.

قال الصغاني: موضوع، وأقول: تقدم ما اشتهر: "لو بعث الله نبيا بعدي لبعث عمر"؛ فراجعه.

2121-

لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم.

رواه مسلم عن أبي هريرة رفعه، وأوله:"والذي نفسي بيده، لو لم تذنبوا" الحديث. ورواه مسلم أيضًا عن أبي أيوب، رفعه بلفظ:"لولا أنكم تذنبون لخلق الله خلقًا يذنبون يغفر لهم". وفي لفظ له: "لو أنكم لم تكن لكم ذنوب يغفرها الله لجاء بقوم لهم ذنوب يغفرها لهم". وللقضاعي عن ابن عمر مرفوعًا: "لو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون؛ فيغفر لهم ويدخلهم الجنة". وله أيضًا عن أنس، رفعه:"لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أشد من ذلك؛ العجب العجب". قال الديريني: "وإنما كان العجب أشد؛ لأن العاصي معترف بنقصه؛ فترجى له التوبة، والمعجب مغرور بعمله؛ فتوبته بعيدة، ويشير إليه قوله تعالى {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} 2 ".

2122-

"لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها؛ فاقتلوا منها الأسود البهيم"3.

رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، عن عبد الله بن مغفل، وأخرجه في ذيل "الجامع" عن المذكور بهذا اللفظ والإسناد، وزاد "وما من أهل بيت يرتبطون كلبًا إلا نقص من عملهم كل يوم قيراط؛ إلا كلب صيد أو كلب حراث أو كلب غنم". انتهى.

2123-

لولاك لولاك ما خلقت الأفلاك.

قال الصغاني: موضوع، وأقول: لكن معناه صحيح وإن لم يكن حديثًا4.

1 سبق، انظر حديث "2094".

2 الكهف: 104.

3 صحيح: رقم "5322".

4 بل ليس صحيحًا؛ فالله تعالى إنما خلق السموات والأرض وخلق الخلق ليعبدوه، وبالإلهية يفردوه، ولم يختص محمدًا صلى الله عليه وسلم، وحده بالدعوة إلى عبادته؛ بل أرسل بذلك كافة رسله من لدن آدم إلى محمد صلى الله عليه وسلم.

ص: 192

2124-

"لولا بنو إسرائيل لم يخبث الطعام ولم يخنز1 اللحم ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها".

رواه أحمد والشيخان عن أبي هريرة.

2125-

لولا الخطأ ما كان الصواب.

قال النجم: ليس بحديث. وفي معناه ما أخرجه أبو نعيم عن الربيع قال: سمعت الشافعي يقول: من ضحك منه في مسألة لم ينسها. قال ولنا في المعنى:

ما خجل المرء من كلام

إلا تحاماه بعد ذلك

لولا الخطأ لم يكن صواب

والناس تستسهل المسالك

2126-

لو مد مسجدي هذا إلى صنعاء لكان مسجدي2.

وتقدم في "صلاة في مسجدي". والله أعلم.

2127-

لولا قومك حديثو عهد بالجاهلية لهدمت الكعبة وبنيتها على قواعد إبراهيم.

هكذا اشتهر هذا اللفظ على ألسنة الفقهاء والمعربين. وهو عند الشيخين والنسائي عن عائشة بلفظ: "يا عائشة لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية؛ لأمرت بالبيت فهدم فأدخلت فيه ما أخرج منه، وألزقته بالأرض وجعلت له بابين: بابًا شرقيًا وبابًا غربيًا؛ فبلغت به أساس إبراهيم عليه السلام". وفي لفظ عند مسلم والترمذي: "لولا أن الناس حديثو عهد بكفر، وليس عندي من النفقة ما يقوى على بنيانه -يعني البيت - لكنت أدخلت فيه من الحجر خمسة أذرع، ولجعلت له بابًا يدخل الناس منه وبابًا يخرجون منه". وفي لفظ عند مسلم: "لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية؛ لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله، ولجعلت بابها بالأرض، ولأدخلت فيها من الحجر". ولمالك والشيخين والنسائي عنها: "ألم تري أن قومك حين بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم! " فقلت: يا رسول الله ألا تردها على قواعد إبراهيم؟ قال: "لولا حدثان قومك

1 خنز اللحم: أنتن. الصحاح للرازي.

2 سبق، انظر حديث "1605".

ص: 193

بالكفر"، قال: فقال ابن عمر: "ما أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك استلام الركنين اللذين يليان الحجر؛ إلا أن البيت لم يتم على قواعد إبراهيم عليه الصلاة والسلام".

2128-

لولا النساء لعبد الله حق عبادته1.

رواه الديلمي عن أنس وفيه متروك، ورواه ابن عدي عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه.

2129-

لولا النساء لعبد الله حقًا حقًا، وفي لفظ:"لولا المرأة لدخل الرجل الجنة2 ".

2130-

لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان الناس لرجح إيمان أبي بكر.

رواه إسحاق بن راهويه والبيهقي في "الشعب" بسند صحيح، عن عمر من قوله، وأخرجه ابن عدي والديلمي -كلاهما- عن ابن عمر مرفوعًا بلفظ:"لو وضع إيمان أبي بكر على إيمان هذه الأمة لرجح بها"، وفي سنده عيسى بن عبد الله ضعيف؛ لكن يقويه ما أخرجه ابن عدي أيضًا من طريق أخرى بلفظ:"لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجحهم". وله شاهد أيضًا في السنن عن أبي بكرة مرفوعًا: "أن رجلًا قال: يا رسول الله كأن ميزانًا نزل من السماء فوزنت أنت وأبو بكر؛ فرجحت أنت، ثم وزن أبو بكر بمن بقي؛ فرجح" الحديث.

2131-

لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا.

قال في "اللآلئ": هذا مأثور عن بعض السلف وهو كلام صحيح.

وقال في "المقاصد" وتبعه في "الدرر": لا أصل له في المرفوع؛ وإنما يؤثر بعض السلف: فرواه البيهقي عن مطرف، قال:"لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه بميزان؛ ما كان بينهما خيط شعرة"، ورواه عن شعبة قال: "لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه؛ ما زاد خوفه

1 موضوع: رقم "4854".

2 بعضه عن عمر، موضوع: رقم "4853".

وبعضه عن أنس، موضوع: رقم "4852".

ص: 194

على رجائه، ولا رجاؤه على خوفه". ومعناه صحيح، وقال الروذباري: الخوف كجناحي الطائر، إذا استويا؛ استوى الطائر، وتم طيرانه، وإذا انتقص واحد منهما؛ وقع فيه النقص، وإذا ذهبا جميعًا؛ صار الطائر في حد الموت. ولذلك قيل: "لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه؛ لاعتدلا" أخرجه البيهقي أيضًا.

وفي التنزيل: {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} 1، وقال الزركشي: لا أصل له؛ لكن قال السيوطي: أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد "الزهد" عن ثابت البناني من قوله: "كانا سواء". انتهى.

2132-

"لو يعلم الناس ما في الحلبة لاشتروها ولو بوزنها ذهبًا".

رواه الطبراني في "الكبير" عن معاذ بن جبل مرفوعًا. وفي سنده سليمان الجنائزي كذاب، ورواه ابن عدي في كامله عنه أيضًا من طريق أحمد بن عبد الرحمن الملقب جحدر كان ممن يسرق الحديث.

ومن ثم ذكره ابن الجوزي في "الموضوعات"، وتبعه السيوطي في "اللآلئ المصنوعة".

وفي "الدرر المنتثرة": وقال الزركشي ضعيف. نعم، روى البيهقي في مناقب الشافعي عنه: "أنه نقل عن سفيان بن عيينة أنه نظر إلى ابن أبجر وبه ضعف؛ فقال: عليك بالحلبة بالعسل.

2133-

ليس الأعمى من عمي بصره؛ الأعمى من عميت بصيرته2.

رواه البيهقي في "الشعب" والعسكري والديلمي عن عبد الله بن جراد مرفوعًا.

قال العسكري: البصيرة الاستبصار في الدين يقال: فلان حسن البصيرة إذا كان بصيرًا بدينه.

ولما قال معاوية لعقيل بن أبي طالب: "ما لكم يا بني هاشم تصابون في أبصاركم، فقال: كما تصابون يا بني أمية ببصائركم".

1 الإسراء: 57.

2 ضعيف جدًّا: رقم "4882".

ص: 195

وفي التنزيل: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ} 1 {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} 2، وروى البيهقي عن أبي عبيد بن حربوية أنه ذكر عنده القاضي منصور بن إسماعيل الفقيه؛ فقال: ذاك الأعمى. فأنشأ يقول:

ليس العمى أن لا ترى

بل العمى أن لا ترى

مميزًا بين الصواب والخطأ

2134-

ليس بحكيم من لا يعاشر بالمعروف من لا يجد له من معاشرته بدًا حتى يجعل الله له من ذلك مخرجًا3.

رواه الحاكم. ومن طريقه الديلمي عن محمد ابن الحنفية رفعه مرسلًا، ورواه الحسن بن عرفة في جزئه عن ابن المبارك موقوفًا، ورواه الخطابي وأبو الشيخ من طريق ابن عرفة، وأورده الحكيم الترمذي. ومن طريقه الديلمي عن ابن المبارك

وزاد: قال ابن المبارك: "لما سمعت هذا الحديث صمت ذلك اليوم وتصدقت بدينار، ولولاه ما جمعني الله وإياكم على حديث". قال الحافظ: والموقوف هو معروف. وما أحسن قول المتنبي:

ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى

عدوًا له ما من صداقته بد

وقبله:

لك الحمد إنا ما نحب فلا نرى

وننظر ما لا نشتهي فلك الحمد

وما أحسن قول البوريني مضمنًا:

أصادق أعدائي لأمر مقدر

وفي القلب نار لا يخف لها وقد

ومن نكد الدنيا

البيت

2135-

"ليس بالكاذب من أصلح بين الناس فقال خيرًا أو نمنى 4 خيرًا".

متفق عليه عن أم كلثوم بنت عقبة مرفوعًا.

1 الإسراء: 102.

2 الحج: 46.

3 ضعيف، انظر ضعيف الجامع "ح4888".

4 أي بلغة ونقله. الصحاح للرازي.

ص: 196

2136-

"ليس بين العبد والكفر إلا ترك الصلاة"1.

تقدم في "بين العبد". ورواه ابن ماجه عن أنس بلفظ: "ليس بين العبد والشرك إلا ترك الصلاة؛ فإذا تركها فقد أشرك". وأطال النجم في ذلك.

2137-

"ليس الخبر كالمعاينة"2.

رواه أحمد وابن منيع والطبراني والعسكري وابن حبان والحاكم، عن ابن عباس رضي الله عنهما بزيادة "إن الله قال لموسى: إن قومك فعلوا كذا كذا؛ فلما عاين ألقى الألواح".

وفي لفظ: "إن موسى أخبر أن قومه قد ضلوا من بعده فلم يلق الألواح؛ فلما رأى ما أحدثوا ألقى الألواح". ورواه في "الجامع الصغير" عن أحمد والطبراني في "الأوسط" والحاكم عن ابن عباس بلفظ: "ليس الخبر كالمعاينة، إن الله تعالى أخبر موسى بما صنع قومه في العجل؛ فلم يلق الألواح، فلما عاين ما صنعوا؛ ألقى الألواح فانكسرت".

وفي "التحفة" لابن حجر قبيل "باب الربا": ومن ثم ورد: "ليس الخبر كالعيان -بكسر العين- وروى كثيرون منهم أحمد وابن حبان خبر: "يرحم الله موسى، ليس المعاين كالمخبر؛ أخبره ربه تبارك وتعالى أن قومه فتنوا؛ بعده فلم يلق الألواح؛ فلما رآهم وعاينهم؛ ألقى الألواح فتكسر منها ما تكسر". ورواه البغوي والدارقطني في "الأفراد"، والطبراني في "الأوسط"، عن هشيم، وصححه الحاكم وابن حبان وغيرهما، وأورده الضياء في "المختارة" وابن عدي وأبو يعلى الخليلي في "الإرشاد" من حديث ثمامة عن أنس. ومن هذا الوجه أورده الضياء في "المختارة".

وفي لفظ قال العسكري: أراد صلى الله عليه وسلم أنه لا يهجم على قلب المخبر من الهلع بالأمر والاستفظاع له بمثل ما يهجم على قلب المعاين.

قال وطعن بعض الملحدين في حديث موسى عليه السلام فقال: "لم يصدق بما أخبره به ربه، ورد بأنه ليس في هذا ما يدل على أنه لم يصدق، أوشك فيما أخبره، ولكن للعيان روعة للقلب؛ فهو أبعث لهلعه من المسموع".

1 سبق، انظر حديث "934".

2 صحيح: رقم "5373".

ص: 197

قال: ومن هذا قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} 1 لأن للمشاهدة والمعاينة حالًا ليست لغيره. ولله در من قال:

ولكن للعيان لطيف معنى

له سأل المعاينة الخليل

وقد أشار ابن الحاجب في المختصر إلى هذا الحديث.

وقال الزركشي: ظن أكثر الشراح أنه ليس بحديث، وزاد الحافظ ابن حجر في المجلس الثامن والخمسين بعد المائة من تخريجه، وأغفله ابن كثير، وتنبه له السبكي.

وقال في "اللآلئ": فإن قيل هو معلول بما قاله ابن عدي في "الكامل" من أن هشيمًا لم يسمع هذا الحديث من أبي بشر؛ وإنما سمعه من أبي عوانة، عن أبي بشر فدلسه. قلت: قال ابن حبان في صحيحه: لم ينفرد به هشيم؛ فقد رواه أبو عوانة عن أبي بشر أيضًا.

وله طرق أخرى ذكرتها في المعتبر في تخريج أحاديث المنهاج والمختصر، انتهى.

وأقول بما تقدم من رواية هذا الحديث عن أنس أيضًا يعلم ما في قول القرطبي في التذكرة لم يروه أحد غير ابن عباس، فتأمل والله أعلم.

2138-

ليس من مات فاستراح بميت

إنما الميت ميت الأحياء

رواه الديلمي عن ابن عباس وهو مشهور من قول الحسن وغيره متمثلًا به.

2139-

ليس خيركم من ترك الدنيا للآخرة ولا الآخرة للدنيا؛ ولكن خيركم من أخذ من هذه لهذه2.

رواه ابن عساكر والديلمي عن أنس بلفظ: "ليس بخيركم من ترك دنياه لآخرته، ولا آخرته لدنياه حتى يصيب منهما جميعًا؛ فإن الدنيا بلاغ إلى الآخرة، ولا تكونوا كلًا على الناس". وأخرجه أبو نعيم والخطيب في تاريخه والديلمي من وجه آخر.

2140-

"ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب".

متفق عليه عن أبي هريرة، ورواه ابن حبان في صحيحه بلفظ:"ليس الشديد من غلب الناس إنما الشديد من غلب نفسه". ورواه العسكري عن أبي هريرة بلفظ: "ليس الشديد الذي يغلب الناس ولكن الشديد من يملك نفسه".

1 البقرة: 260.

2 موضوع: رقم "4889" من رواية أنس.

ص: 198

2141-

"ليس شيء أكرم على الله من الدعاء"1.

رواه أبو يعلى والعسكري عن أبي هريرة مرفوعًا، ورواه الطبراني عن ابن عمر:"ليس شيء أكرم على الله من المؤمن". قال النجم: أي: ليس شيء مطلقًا، وقوله:"ليس شيء أكرم على الله من الدعاء": يريد من الأعمال، ولا ينافيه كون الصلاة لوقتها أحب الأعمال إلى الله؛ لأن الصلاة مشتملة على الدعاء.

2142-

"ليس شيء خيرًا من ألف مثله إلا الإنسان"2.

رواه الطبراني والعسكري عن سلمان مرفوعًا، والطبراني في "الأوسط" عن ابن دينار بلفظ:"لا نعلم شيئًا خيرًا من ألف مثله إلا الرجل المؤمن".

ورواه العسكري عن جابر مرفوعًا بلفظ: "ما من شيء خير من ألف مثله؟ " قيل: ما هو يا نبي الله؟ قال: "الرجل المسلم"،

وأخرجه أيضًا عن إبراهيم مرفوعًا مرسلًا بلفظ: "ليس شيء أفضل من ألف مثله إلا الإنسان".

وأيضًا عن الحسن البصري رفعه: "ليس شيء خيرًا من ألف مثله إلا الإنسان، وعمر خير من ألف مثله".

وفي الباب عن عمر والحسن بن علي.

وروى العسكري عن الحسن قال: "ما ظننت أن شيئًا يساوي ألفًا مثله؛ حتى رأيت عباد بن الحصين ليلة كابل، وقد ثلم العدو في الصور ثلمة؛ فكان يحرس ذلك الموضع ألف رجل فانهزموا ليلة، وبقي عباد وحده يدافع عن ذلك الموضع إلى أن أصبح وما قدر عليه العدو".

وأنشد ابن دريد لنفسه:

والناس ألف منهم كواحد

وواحد كالألف إن أمر عني

ولبعضهم:

ولم أر أمثال الرجال تفاضلت

إلى المجد حتى عد ألف بواحد

1 حسن: رقم "5392".

2 حسن: رقم "5394".

ص: 199

2143-

ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ولا في النشور1.

رواه أبو يعلى والطبراني والبيهقي في الشعب بسند ضعيف عن ابن عمر، وفي لفظ للطبراني:"ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في الموت، ولا في القبور ولا في النشور؛ كأني أنظر إليهم عند الصيحة ينفضون رؤوسهم من التراب، يقولون: الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن".

2144-

ليس عدوك الذي إذا قتلك أدخلك الجنة، وإذا قتلته كان لك نورًا؛ ولكن عدوك نفسك التي بين جنبيك، وامرأتك التي تضاجعك على فراشك، وولدك الذي من صلبك؛ فهؤلاء أعداء لك2.

وروى الديلمي عن أبي مالك الأشعري والعسكري، عن سعيد بن أبي هلال مرسلًا:"ليس عدوك الذي يقتلك فيدخلك الله به الجنة، وإن قتلته كان لك نورًا؛ ولكن أعدى الأعداء لك نفسك التي بين جنبيك". وحديث أبي مالك عند الطبراني بلفظ: "ليس عدوك الذي إن قتلته كان ذلك نورًا، وإن قتلك دخلت الجنة؛ ولكن أعدى عدو لك ولدك من صلبك، ثم أعدى عدو لك مالك الذي ملكت يمينك". والله أعلم.

2145-

ليس في الموت شماتة.

رواه أبو نعيم عن سفيان الثوري قال: "كان رجل يأتي باب أبي هريرة فيؤذيهم ويثقل عليهم، فقيل له: قد مات فقال أبو هريرة: ليس في الموت شماتة، ألا هل علمتم أنه أصاب مالًا أو ولد له غلام أو استعمل على إمارة".

2146-

ليس لعرق ظالم حق3.

رواه أبو داود عن سعيد بن بريد مرفوعًا في حديث رواه النسائي والترمذي، وأعله بالإرسال، ورجح الدارقطني إرساله.

1 بنحوه، ضعيف: رقم "4901".

2 ضعيف: رقم "4894".

3 ضعيف مرسل، وراجع التلخيص "54/ 3".

ص: 200

وأخرجه الطيالسي وغيره بلفظ: "العباد عباد الله، والبلاد بلاد الله؛ فمن أحيا من موات الأرض شيئًا؛ فهو له، وليس لعرق ظالم حق"، وفي سنده زمعة بن صالح ضعيف.

وعلقه البخاري عن عمرو بن عوف، ورواه الطبراني عن عبادة وعبد الله بن عمرو، والعسكري عن ابن عمر، وقوله:"لعرق ظالم" -بالتنوين فيهما- كما جزم به الأزهري وابن فارس وغيرهما، وغلط الخطابي من رواه بالإضافة.

2147-

ليس على وجه الأرض أحل من القرض.

يجري على ألسنة الناس وليس معناه على إطلاقه، فإن المال المقترض إذا لم يكن حلالًا كيف يكون أحل؛ إلا أن يراد من جهة كونه قرضًا. فافهم.

2148-

"ليس الغنى عن كثرة العرض".

رواه الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة بزيادة: "ولكن الغنى غنى النفس"، تقدم في الغنى.

2149-

ليس من المروءة استخدام الضيف.

رواه أبو نعيم عن عمر بن عبد العزيز من قوله.

2150-

ليس من المروءة الربح على الإخوان1.

رواه ابن عساكر عن ابن عمرو.

2151-

ليس لفاسق غيبة2.

رواه الطبراني وابن عدي في "الكامل"، والقضاعي عن معاوية بن حيدة مرفوعًا، وأخرجه الهروي في "ذم الكلام" له وقال: إنه حسن.

قال في "المقاصد": وليس كذلك؛ فقد قال الحاكم فيما نقله البيهقي في "الشعب": إنه غير صحيح ولا معتمد. وأخرجه أبو يعلى والحكيم الترمذي في نوادره والعقيلي وابن عدي وابن حبان والطبراني والبيهقي وغيرهم بلفظ أترعون عن ذكر الفاجر؟! اذكروه بما فيه يحذره الناس.

1 ضعيف: رقم "4932".

2 ضعيف: رقم "4921".

ص: 201

وفي لفظ: "اذكروه بما فيه يحذره الناس". وفي سنده الجارود رمي بالكذب، وفي سند الطبراني أيضًا عبد الوهاب أخو عبد الرزاق كذاب، ورواه يوسف بن أبان عن عمر بن الخطاب، ورواه أبو الشيخ والبيهقي والقضاعي عن أنس رفعه بلفظ:"من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له". قال: لو صح فهو في الفاسق المعلن بفسقه.

وبالجملة فالحديث كما قال العقيلي: ليس له أصل، وقال الفلاس: إنه منكر، نعم أخرج البيهقي في "الشعب" بسند جيد عن الحسن أنه قال: ليس في أصحاب البدع غيبة. وعن ابن عيينة أنه قال: "ثلاثة ليس لهم غيبة؛ الإمام الجائر والفاسق المعلن بفسقه والمبتدع الذي يدعو الناس إلى بدعته".

وعن زيد بن أسلم قال: "إنما الغيبة لمن يعلن بالمعاصي". ومن طريق شعبة قال: "الشكاية والتحذير ليسا من الغيبة".

2152-

"ليس منا من حلف بالأمانة"1.

رواه أحمد والبيهقي والحاكم عن بريدة بزيادة: "ومن خبب على امرئ زوجته أو مملوكه فليس منا". وقوله: "خبب" أي: أفسد.

2153-

"ليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت".

رواه مسلم والطيالسي والنسائي والترمذي والقضاعي وآخرون، عن عبد الله بن الشخير عن أبيه قال:"أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته يقرأ {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر: 1] قال: "يقول ابن آدم: مالي مالي وليس لك" وذكر الحديث. وزاد النجم في آخره: "أو تصدقت فأمضيت".

2154-

ليس للمؤمن راحة دون لقاء ربه2.

رواه محمد بن نصر في "قيام الليل" له، عن وهب بن منبه من قوله. وفي المرفوع:"إنما المستريح من غفر له". والمشهور: "لا راحة للمؤمن دون لقاء ربه".

1 صحيح: رقم "5436".

2 لا أصل بهذا اللفظ، انظر الضعيفة "663".

ص: 202

زاد النجم عن ابن مسعود من قوله: "ليس للمؤمن راحة دون لقاء الله، ومن كانت راحته في لقاء الله تعالى وكأن قوله:

ليس من مات فاستراح بميت

إنما الميت ميت الإحياء

رواه الديلمي عن ابن عباس، وهو مشهور من قول الحسن وغيره متمثلًا به.

2155-

ليس للولي مع الثيب أمر1.

رواه أبو داود والنسائي، عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه، وصححه ابن حبان.

2156-

ليس منا من لم يتغن بالقرآن.

رواه البخاري عن أبي هريرة مرفوعًا بزيادة: "يجهر به". وله أيضًا عنه: "ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي أن يتغنى بالقرآن"، قال ابن عيينة: تفسيره: يستغني.

2157-

"ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا، ومن لم يعرف لعالمنا حقه"2.

رواه الترمذي عن ابن عمرو، وأبو يعلى عن أنس، والعسكري عن عبادة بن الصامت، رفعوه، وأخرجه القضاعي عن ابن عباس بلفظ:"ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر" بدل الجملة الأخيرة. ويروى عن أنس أنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أنس ارحم الصغير ووقر الكبير؛ تكن من رفقائي". ورواه أحمد والترمذي عن عبادة بن الصامت بلفظ: "ليس منا من لم يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه". ورواه الترمذي عن أنس بلفظ:"ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا". ورواه الطبراني عن الضميرة رضي الله عنه بلفظ: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا ولم يعرف حق كبيرنا، وليس منا من غشنا، ولا يكون المؤمن مؤمنًا حتى يحب للمؤمنين ما يحب لنفسه".

2158-

ليس من خلق المؤمن الملق3

رواه القضاعي عن معاذ بن جبل مرفوعًا، والحديث ضعيف، والملق -بالتحريك- الزيادة في التودد والدعاء والتضرع فوق ما ينبغي4.

1 ضعيف: رقم "4927" بزيادة "واليتيمة تستأمر، وصمتها إقرارها".

2 بنحوه، صحيح: رقم "5444"، "5443".

3 حديث معاذ عبد البيهقي موضوع: رقم "2929".

4 لا يدخل في هذا كثرة التودد والدعاء والتضرع إلى رب العالمين. دار الحديث.

ص: 203

وقال النجم: أخرجه ابن عدي عن معاذ وأبي أمامة، وزاد إلا في طلب العلم.

قال: وحديث معاذ عند البيهقي ولفظه: "ليس من أخلاق المؤمن التملق ولا الحسد إلا في طلب العلم".

2159-

لي مع الله وقت لا يسعني فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل1.

تذكره الصوفية كثيرًا، وهو في رسالة القشيري بلفظ:"لي وقت لا يسعني فيه غير ربي"، ويقرب منه ما رواه الترمذي في "شمائله" وابن راهويه في مسنده عن علي في حديث:"كان صلى الله عليه وسلم إذا أتى منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء جزءًا لله وجزءًا لأهله وجزءًا لنفسه، ثم جزأ جزأه بينه وبين الناس"، كذا في "اللآلئ"، وزاد فيها. ورواه الخطيب بسند قال فيه الحافظ الدمياطي: إنه على رسم الصحيح، وقال القاري بعد إيراده الحديث: قلت: ويؤخذ منه أنه أراد بالملك المقرب جبريل، وبالنبي المرسل أخاه الخليل. انتهى، فليتأمل.

ثم قال القاري: وفيه إيماء إلى مقام الاستغراق باللقاء المعبر عنه بالسكر والمحو والفناء2. انتهى.

2160-

"لي الواجد يحل عرضه وعقوبته"3.

رواه أبو داود والنسائي عن الشريد رفعه، وعلقه البخاري، وصححه ابن حبان. وهو بمعنى الحديث المشهور الذي رواه الشيخان عن أبي هريرة بلفظ:"مطل الغني ظلم". وسيأتي في حرف الميم.

2161-

ليس في الحلي زكاة4.

قال البيهقي: لا أصل له، ورواه الدارقطني عن جابر، قال الحافظ ابن حجر: تبعًا لمخرجه الدارقطني: فيه أبو حمزة ضعيف. لكن قال ابن الجوزي: ما عرفنا أحدًا طعن فيه. ورده الذهبي في التنقيح فقال: هذا كلام غير صحيح والمعروف أنه موقوف.

1 لا يصح انظر "الأسرار المرفوعة في الأحاديث الموضوعة""299".

2 كل ذلك من ترهات الصوفية فلا تعبأ بها، وللحديث مندوحة في التأويل بعيدًا عن تلك النزهات لو صح، فانشغال المرء بربه عن خلقه وتجرده له، وتفريغ قلبه عمن سواه من الأحوال والصفات الصحيحة الثابتة، أما المحو والفناء وغير ذلك من مصطلحات الصوفية: فمعان كفرية وإن لم يصرحوا بها لخاصتهم.

3 حسن: رقم "5487".

4 ضعيف: رقم "4909".

ص: 204

2162-

"لو وضعت لا إله إلا الله في كفة ووضعت السموات والأرض في كفة لرجحت بهن لا إله إلا الله".

رواه المستغفري في "الدعوات" عن أبي هريرة بنحوه، وهو معروف من حديث أبي سعيد بلفظ:"لو أن السموات السبع وعامرهن، والأرضين السبع في كفة مالت بهن لا إله إلا الله". أخرجه النسائي وابن حبان والحاكم وصححاه.

2163-

"لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودماءهم؛ ولكن البينة على المدعى واليمين على من أنكر"1.

رواه البيهقي في "السنن" عن ابن عباس، وفي لفظ:"لو يعطى الناس بدعواهم؛ لادعى رجال دماء رجال وأموالهم؛ ولكن البينة على الطالب واليمين على المطلوب". وهو عند أحمد والبخاري ومسلم وابن ماجه بلفظ: "لو يعطى الناس بدعواهم؛ لادعى ناس دماء رجال وأموالهم؛ ولكن اليمين على المدعى عليه"، وزعم الأصيل كما ذكره عياض أن قوله: ولكن إلى آخره مدرج من كلام ابن عباس.

2164-

"لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه؛ لاستهموا".

رواه مالك وأحمد والشيخان والنسائي عن أبي هريرة به، وتمامه "ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوًا". ورواه أحمد عن أبي سعيد بلفظ: "لو يعلم الناس ما في التأذين لتضاربوا عليه بالسيوف". ورواه مسلم عن أبي هريرة: "لو تعلمون ما في الصف الأول ما كانت إلا قرعة". ورواه ابن ماجه عن عائشة: "لو يعلم الناس ما في صلاة العشاء وصلاة الفجر لأتوهما ولو حبوًا".

2165-

"لو يعلم الناس ما في الوحدة ما سار راكب بليل وحده".

قال النجم: رواه البخاري والترمذي وابن ماجه عن ابن عمر، وفي لفظ:"لو يعلم الناس من الوحدة ما أعلم". وعقدت اللفظ الأول بقولي:

1 بنحوه، صحيح: رقم "5335".

ص: 205

صح حديث عن رسول الله من

يعمل به في السير نال رشده

لو يعلم الإنسان ما في الوحدة

ما سار راكب بليل وحده

2166-

لولا الأمل خاب العمل.

هذا ليس بحديث؛ وإنما هو مثل معناه: أن الأمل لولا أنه يلقى على الناس ما عمرت الدنيا وتمت الأعمال. والأمل من هذه الحيثية نعمة على الخلق.

وعند الإمام أحمد في "الزهد" عن الحسن قال: "كان آدم عليه الصلاة والسلام قبل أن يصيب الخطيئة أجله بين عينيه وأمله وراء ظهره؛ فلما أصاب الخطيئة جعل أمله بين عينيه وأجله وراء ظهره، والحكمة فيه أنه حين أهبط إلى دار لا يعمرها هو وذريته إلا بالآمال؛ ألقيت عليهم لتتم أعمالهم فيستقيم معاشهم".

لكن روى الخطيب عن أنس: "إنما الأمل رحمة من الله لأمتي، لولا الأمل ما أرضعت أم ولدًا ولا غرس غارس شجرًا".

ص: 206