الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خاتمة يختم بها الكتاب:
ختم الله لنا بالوفاة على دين محمد سيد الأحباب.
فنقول كما قاله في "المقاصد" وتبعه في "التمييز" وتبعهما القاري وسبقهم الصغاني وغيره: قد اشتهر لقاء الأئمة بعضهم لبعض، وكذا اشتهر تصانيف تضاف لأناس، وقبور لأقوام ذوي جلالة؛ مع بطلان ذلك كله، وأناس يذكرون بين كثير من العوام بالعلم إما مطلقًا أو في خصوص علم معين، وربما تساهل في ذلك من لا معرفة له بذلك العلم؛ تقليدًا، أو استصحب ما كان متصفًا به ثم زال بالترك، أو تشاغل بما انسلخ به عن الوصف الأول؛ وجميع هذا كثير: فمن الأول ما اشتهر من أن الشافعي وأحمد اجتمعا بشيبان الراعي، وسألاه؛ فباطل باتفاق أهل المعرفة كما قاله ابن تيمية، وغيره؛ لأنهما لم يدركاه.
وكذلك ما ذكر من أن الشافعي اجتمع بأبي يوسف عند الرشيد؛ باطل أيضًا؛ إذ لم يجتمع الشافعي بالرشيد إلا بعد موت أبي يوسف.
قال الحافظ ابن حجر: وكذا الرحلة المنسوبة للشافعي إلى الرشيد، وأن محمد بن الحسن حرضه على قتله؛ قال: وإن أخرجها البيهقي في "مناقب الشافعي" وغيره؛ فهي موضوعة مكذوبة.
وعبارة "اللآلئ" للحافظ ابن حجر نصها: "وقال أبو العباس بن تيمية: ما اشتهر أن الشافعي وأحمد اجتمعا بشيبان الراعي وسألاه عن سجود السهو؛ فاتفق أهل المعرفة على أن هذا باطل، والشافعي وأحمد لم يدركا شيبان الراعي".
وقال أيضًا: ما ينقل عن الشافعي في الرحلة المشهورة؛ اتفق أهل الحديث على أنها كذب، وأن الشافعي لم يرحل إلى العراق إلا بعد موت مالك وبعد موت أبي يوسف صاحب أبي حنيفة، ولم يجتمع بأبي يوسف، بل بمحمد بن الحسن، ولا اجتمع بالأوزاعي. وفي الرحلة من الأكاذيب عجائب.
وأقول: نظر بعضهم في هذا الكلام بأن إمام الحرمين نقل في المستظهري أن الشافعي رضي الله عنه ناظر أبا يوسف في أراضي مكة هل فتحت عنوة أم صلحًا عام حج أبي يوسف مع الرشيد.
ونقل ابن غانم في "مناقب الشافعي" رضي الله عنه: أنه اجتمع به في الرقة وفي بغداد.
وعبارة الحافظ ابن حجر تقتضي أن في القصة المذكورة موضوعًا؛ لا أنها موضوعة كما يعلم ذلك بمراجعة مؤلفه في "مناقب الشافعي".
وفي كتاب "مغيث الخلق إلى اختيار الأحق" لإمام الحرمين، أن الشافعي ناظر أبا يوسف في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاث مسائل:
في مقدار الصاع، وفي أن الأذان مثنى بالترجيع، والإقامة فرادى، وفي لزوم الموقف.
وفي تهذيب الأسماء واللغات للإمام النووي، وبعث أبو يوسف القاضي إلى الشافعي حين خرج من عند هارون الرشيد يقرئه السلام، ويقول له:"صنف الكتب، فإنك أولى من يصنف في هذا الزمان".
ومن الثاني قول الميموني: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ثلاثة كتب ليس لها أصل: المغازي، والملاحم، والتفاسير.
قال الخطيب في جامعه: "وهذا محمول على كتب مخصوصة في هذه المعاني الثلاثة، غير معتمد عليها لعدم عدالة ناقليها وزيادات القصاص فيها".
فأما كتب الملاحم؛ فجميعها بهذه الصفة، وليس يصح في ذكر الملاحم المرتقبة والفتن المنتظرة غير أحاديث يسيرة. وأما كتب التفاسير فمن أشهرها كتابا الكلبي ومقاتل بن سليمان.
وقد قال الإمام أحمد في تفسير الكلبي: من أوله إلى آخره كذب، قيل له فيحل النظر فيه، قال: لا، وقال أيضًا: كتاب مقاتل قريب منه. انتهى.
وذكر السيوطي أكثرها في آخر "الإتقان"، وأن منه كتبًا صحيحة، ونسخًا مغيرة بينها. فليراجع.
وأما المغازي فمن أشهرها كتب محمد بن إسحاق، وكان يأخذ عن أهل الكتاب، وقال الشافعي: كتب الواقدي كذب، وليس في المغازي أصح من مغازي موسى بن عقبة. انتهى.
وكذا ما يذكر من القبور في جبل لبنان في البقاع أنه قبر نوح عليه الصلاة والسلام لا أصل له؛ وإنما حدث في أثناء المائة السابعة.
وكذلك القبر المشهور الذي ينسب لأبي بن كعب رضي الله عنه بالجانب الشرقي من دمشق مع اتفاق العلماء على أنه لم يدخلها؛ فضلًا عن دفنه فيها، وإنما مات في المدينة.
وكذلك المشهد المنسوب لعبد الله بن سلام رضي الله عنه في قرية "سقبا" من الغوطة؛ لا أصل له هنا؛ وإنما مدفنه بالمدينة كما ذكره العلماء المعتبرون، منهم النووي.
كذلك المكان المنسوب لابن عمر من الجبل الذي بالمعلاة مقبرة مكة؛ لا يصح أصلًا وإن اتفقوا على أنه توفي بمكة.
والمكان المنسوب لعقبة بن عامر رضي الله عنه من قرافة مصر؛ بل هو منام رآه بعضهم بمد أزمنة متطاولة.
والمكان المنسوب لأبي هريرة رضي الله عنه بعسقلان؛ إنما هو قبر حيدرة بن خيشنة على ما جزم به بعض الحفاظ الشاميين، ولكن جزم ابن حبان وتبعه الحافظ ابن حجر بالأول.
وكذلك المكان المشهور بالمشهد الحسيني من القاهرة؛ فليس الحسين مدفونًا فيه بالاتفاق؛ وإنما فيه رأسه كما ذكر بعض المصريين، قال الحافظ ابن حجر: ونفاه بعضهم، ومنهم ابن تيمية؛ فإنه بالغ في إنكار ذلك وأطال كما نقله عنه السخاوي.
وقال الإمام محمد بن الجزري: لا يصح تعيين قبر نبي غير نبينا عليه الصلاة والسلام، نعم قبر إبراهيم الخليل عليه الصلاة السلام في تلك القرية لا بخصوص تلك البقعة. انتهى.
ويكفر منكر كون قبر نبينا في المدينة في المكان المخصوص، ولا يكفر منكر قبر نبي غيره بخصوصه حتى إبراهيم، ولا ينسب إلى الابتداع؛ إلا منكر كون قبر الخليل في الغار في بلده المعروفة؛ فإنه مبتدع.
وكذلك المكان المعروف بالسيدة نفيسة ابنة الحسين بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب التي وصفها الحافظ العلم البرزالي بأنها خفيرة ديار مصر.
وكان الحافظ ابن حجر يقول، مما لا ينافيه: ليس بالديار المصرية بعد الصحابة رضي الله عنهم أفضل من الشافعي.
قال في "المقاصد": وهو كذلك، فقد ذكر بعض أهل المعرفة أن خصوص هذا المحل الذي يزار؛ ليس قبرها، ولكنها في تلك البقعة بالاتفاق، واستيفاء ذلك يطول، وهو جدير بإفراده في تأليف. ثم قال: وكنت أردت إدراج كلمات تستعملها الناس في كلامهم، لها أصول يرجع إليها، فرأيت ذلك خروجًا عن المقصود، وإن جرى ذكر شيء منها في الأثناء فلمناسبة لا تخفى.
وكذلك الكلمات المذكورة: "أرغم الله أنفه"، "استأصل الله شأفته"، "أفلح الوجه"، "أكذب من دب ودرج"، "أنا النذير العريان"، "بنى بأهله"، "حمي الوطيس"، "رفع عقيرته"، "شاهت الوجوه"، "كبر حتى صار كأنه قفة"، "لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا"، "ما به قلبة"، "وافق شن طبقة"، والكثير من ذلك؛ ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم ونحوها؛ قوم جرى المثل بأسمائهم كـ "رجع بخفي حنين"، "على يد عدل"، "مواعيد عرقوب"، وكذا إدراج أشعار شهيرة اشتملت على أحاديث: بعضها له أصل وبعضها لا أصل له.
ومن القسم الثاني قوله:
إذا اعتذر الخليل إليك يومًا
…
تجاوز عن مساويه الكثيرة
فإن الشافعي روى حديثًا
…
بإسناد صحيح عن مغيرة
فقد قال الرسول سيمحو ربي
…
بعذر واحد ألفي كبيرة
ومنه أيضًا قول من قال مما نسبه للحافظ ابن حجر قال السخاوي -وحاشاه من ذلك:
في قص ظفرك يوم السبت آكلة
…
تبدو وفيما يليه يذهب البركة
وعالم فاضل يبدو بتلوهما
…
وإن يكن في الثلاثا فاحذر الهلكة
ويورث السوء في الأخلاق رابعها
…
وفي الخميس الغنى يأتي لمن سلكه
والعلم والرزق زيدا في عروبتها
…
عن النبي روينا فاقتفوا نسكه
وقال الجلال السيوطي: في "الأسفار" عن قلم الأظفار: قد اشتهر على الألسنة هذه الأبيات، ولا يدرى قائلها، ولا هي صحيحة في نفسها، وذكر هذه الأبيات المنسوبة للحافظ ابن حجر.
ومن هذا القسم الثاني أيضًا: ما ذكره بعضهم ونسبه إلى علي كرم الله وجهه، قال السخاوي وكذب القائل:
إبدأ بيمناك بالخنصر
…
في قص أظفارك واستبصر
وثن بالوسطى وثلث كما
…
قد قيل بالإبهام والبنصر
واختتم الكف بسبابة
…
في اليد والرجل ولا تمتر
وفي اليد اليسرى بإبهامها
…
والإصبع الوسطى وبالخنصر
وبعد سبابتها بنصر
…
فإنها خاتمة الأيسر
فذاك أمن خذ به يا فتى
…
من رمد العين فلا تزدر
هذا حديث قد روي مسندًا
…
عن الإمام المرتضى حيدر
ونقل السيوطي عن الزركشي في "شرح التنبيه" أنه قال: وأصل الأثر المشار إليه عند عبيد الله بن بطة من قص أظفاره مخالفًا؛ لم ير في عينيه رمدًا. انتهى.
وقال ابن نباتة:
قي قص يمنى رتبت خوابس
…
أو خسب لليسرى وباء خامس
ثم قال السيوطي: قد أنكر ابن دقيق العيد جميع هذه الأبيات، وقال لا يعتبر هيئة مخصوصة، وما اشتهر من قصها على وجه مخصوص لا أصل له في الشريعة، ثم ذكر الأبيات، وقال: هذا لا يجوز اعتقاد استحبابه؛ لأن الاستحباب حكم شرعي لا بد له من دليل، وليس استسهال ذلك بصواب. انتهى.
وقال ابن حجر المكي في "التحفة"، والمعتمد في "كيفية تقليم اليدين": أن يبدأ بمسبحة يمينه إلى خنصرها، ثم إبهامها، ثم خنصر يسارها إلى إبهامها على التوالي، والرجلين أن يبدأ بخنصر اليمنى إلى خنصر اليسرى على التوالي. وخبر من قص أظفاره مخالفًا لم ير في عينه رمدًا؛ لم يثبت، قال الحافظ السخاوي: هو في كلام غير واحد، ولم أجده بمكان، وأثره الحافظ الدمياطي عن بعض مشايخه، ونص أحمد على استحبابه. انتهى.
وكذا مما لم يثبت خبر فرقوها فرق الله همومكم، وعلى ألسنة الناس في ذلك وأيامه أشعار منسوبة لبعض الأئمة، وكلها زور وكذب، وينبغي البدار بغسل محل القلم؛ لأن الحك به قيل يخشى منه البرص. انتهى.
ومن القسم الأول وهو ما اشتمل على أحاديث صحيحة قول القائل:
لم لا نرجى العفو من ربنا
…
أم كيف لا نطمع في حلمه
وفي الصحيحين أتى أنه
…
بعبده أرحم من أمه
فإنه يشير إلى قوله صلى الله عليه وسلم الواقع في الصحيحين: "لله أرحم بعباده من هذه بولدها"، ومنه أيضًا قول آخر:
قد جاءنا في خبر مسند
…
عن أحمد المبعوث بالمرحمة
من حسن الرحمن من خلقه
…
وخلقه فالنار لن تطعمه
فإنه يشير إلى ما رواه الطبراني في "الأوسط" عن أبي هريرة رفعه: "ما حسن الله خلق رجل وخلقه؛ فتطعمه النار". وله شواهد بالمعنى.
ومن ذلك قول آخر:
يا سيدي عندك لي مظلمة
…
فاستفت فيها ابن أبي خيثمة
فإنه يرويه عن جده
…
وجده يرويه عن عكرمة
عن ابن عباس عن المصطفى
…
نبينا المبعوث بالمرحمة
أن انقطاع الخل عن خله
…
فوق الثلاث ربنا حرمه
وأنت من شهر لنا هاجر
…
أما تخاف الله فينا أمه
فإنه يشير إلى الحديث الصحيح وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث 1 " قال السخاوي: ولكن السند الذي نظمه فيه نظر.
ومن ذلك أيضًا قول الآخر:
مت مسلمًا ومن الذنوب فلا تخف
…
حاشى الموحد أن يرى تعسيرا
ما جاء أن الله يخزي مسلمًا
…
يوم الحساب ولو أتى مأزورا
فأما البيت الأول فهو إشارة إلى ما مضى في حرف الميم وهو: "مت مسلمًا ولا تبالي". وإن تقدم أن السخاوي قال: لا أعلمه في المرفوع بهذا اللفظ، لكن الأحاديث في دخول الجنة لمن مات مسلمًا لا يشرك بالله شيئًا كثيرة، وأقول في معنى قوله "مت مسلمًا" البيت الآخر:
1 متفق على صحته من حديث أبي أيوب.
كن كيف شئت فإن الله ذو كرم
…
وما عليك إذا أذنبت من باس
إلا اثنتان فلا تقربهما أبدًا
…
الشرك بالله والإضرار للناس
وأما الثاني فيمكن أن يكون إشارة إلى حديث: "لا يستر الله على عبد في الدنيا؛ إلا ستره في الآخرة"1. وفي لفظ: "سترتها عليك اليوم في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم". إلى غير ذلك من أمثلة القسمين: "رزقنا الله إحدى الحسنيين".
ومن القسم الذي لا أصل له؛ وصايا علي رضي الله عنه فكلها موضوعة إلا ما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم: "يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى؛ غير أنه لا نبي بعدي". كما قاله السيوطي.
وقال الصغاني: والوصايا المنسوبة إلى علي بن أبي طالب بأسرها التي أولها: "ياعلي لفلان ثلاث علامات، ولفلان علامات...." وفي آخرها النهي عن المجامعة في أوقات مخصوصة وأماكن مخصوصة موضوعة؛ كلها وضعها حماد بن عمرو النصيبي، وهو عند أئمة الحديث متروك كذاب، وآخر هذه الوصية:"يا علي أعطيتك في هذه الوصية علم الأولين والآخرين...." كذا في "الموضوعات" للقاري.
ومنها الأحاديث التي تروى في التختم بالعقيق لم يثبت منها شيء. ومنها الأحاديث الموضوعة في فضيلة السرج والقناديل والحصر في المسجد؛ بل لم يثبت منها شيء بل كانت الصحابة رضي الله عنهم يتكلمون ويبيعون ويشترون في بعض الأحايين في المسجد، وينامون فيه؛ لكن مع الأدب التام، وكذا يتكلمون في المقابر وخلف الجنائز. ومنها قولهم "عليكم بحسن الخط؛ فإنه مفاتيح الرزق".
ومن الأحاديث الموضوعة؛ الأحاديث المنقولة في بعض التفاسير: أن ستة عشر حيوانًا مسخوا كالقرد والدب والضب والضبع والسلحفاة والخنزير، وغير ذلك؛ لم يثبت منها شيء غير ما ذكر الله تعالى في كتابه العزيز القردة والخنازير، وأهلكها الله تعالى بعد ثلاثة أيام، ولم يبق لها نسل.
ومن الأحاديث الموضوعة الأربعون الودعانية، قال القاري في موضوعاته: قال الجلال السيوطي في "الذيل": إن الأحاديث الودعانية لا يصح فيها حديث مرفوع على هذا النسق بهذه الأسانيد؛ وإنما يصح منها ألفاظ يسيرة؛ وإن كان كل منها حسن وموعظة،
1 أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة.
فليس كل ما هو حق حديثًا، بل عكسه، وهي مسروقة، سرقها ابن ودعان من واضعها زيد بن رفاعة، ويقال إنه الذي وضع "رسائل إخوان الصفا"، وكان من أجهل خلق الله تعالى في الحديث وأقلهم حياءًا وأجرأهم على الكذب، قال الصغانب أول هذه الودعانية:"كان الموت فيها على غيرنا كتب.."، قال القاري وقد ذكرناه مع غيره من موضوعات الشبان، وآخرها:"ما من بيت إلا وملك الموت يقف على بابه خمس مرات؛ فإذا وجد الإنسان قد فسد أكله وانقطع أجله ألقى عليه غم الموت فغشيته كربته وغمرته سكرته". ثم قال الصغاني: وفيها كتاب فضل العلماء للمحدث شرف البلخي، وأوله:"من تعلم مسألة من الفقه؛ فله كذا.." انتهى ما في "الموضوعات" للقاري، وأقول: لم أر ما نقله عن "ذيل الجامع" للسيوطي، وقال القاري أيضًا: قال السيوطي في "اللآلئ" وكذا وصايا علي التي وضعها عبد الله بن زياد بن سمعان أو شيخه. انتهى.
ومن الأحاديث الموضوعة بإسناد واحد؛ أحاديث الشيخ المعروف بابن أبي الدنيا، وهو الذي يزعمون أنه أدرك عليًا، وعاش زمنًا طويلًا، وأخذ بركابه؛ فركب وأصابه ركابه فشجه، فقال: مد الله تعالى في عمرك.
ومنها كتاب يدعى بمسند أنس البصري مقدار ثلاثمائة حديث يرويه سمعان بن مهدي عن أنس، وأوله:"أمتي في سائر الأمم كالقمر في النجوم".
وفي "الذيل" سمعان بن المهدي عن أنس: لا يكاد يعرف، القصة به نسخة مكذوبة قبح الله من وضعها.
وفي "اللسان": هي من رواية محمد بن مقاتل الرازي عن جعفر بن هارون عن سمعان، فذكر النسخة وأكثر أحاديثها موضوعة.
ومنها الأحاديث التي تروى في التسمية بأحمد؛ فإنها لا أصل لها أصلًا1.
ومنها ما في خطبة الوداع عن أبي الدرداء رفعه أوله: "لا يركبن أحدكم البحر عند ارتجاجه
…
"، قال القاري قلت: ومنها مسائل عبد الله بن سلام في امتحانه للنبي صلى الله عليه وسلم قدر كراسة من مهمات الكلام.
وقال في "اللآلئ": الخطبة الأخيرة عن أبي هريرة وابن عباس بطولها موضوعة، اتهم بوضعها ميسرة بن عبد ربه، لا بورك فيه من عند ربه.
1 في انتقاد المغني عن الحفظ والكتاب "نقد هذا الكلام".
وفي الوجيز قال ابن عدي: كتبت جملة عن محمد بن الأشعث عن موسى بن اسماعيل بن جعفر عن آبائه إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه رفعها: إذ أخرج إلينا نسخة قريبًا من ألف حديث عن موسى المذكور عن آبائه بخط طري، عامتها مناكير. قال الدارقطني: أنه من آيات الله وضع ذلك الكتاب يعني العلويات. قال القسطلاني: وسماه السنن وكله بسند واحد منه: لا خيل أبقى من الأدهم، ولا امرأة كابنة العم.
ومن الأباطيل أيضًا ما وضعه إسحاق الملطي منها: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تضع الفرج على السرج، ومن منع الماعون؛ لزمه طرف من البخل"، ومنها:"لعن الله الناظر والمنظور إليه"، ومنها:"لا تقولوا مسيجدًا ولا مصيحفًا". ونهى عن تصغير الأسماء المعظمة وأن يسمى بنحو حمدون أو علوان ويعموس وغيرها.
وروي عن أبي سعيد الوصية لعلي في الجماع وكيف يجامع؛ فانظر إلى هذا الدجال ما أجرأه. وقال القاري: قال الديلمي: أسانيد كتاب "العروس" -لأبي الفضل جعفر بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي الحسني- واهية لا يعتمد عليها وأحاديثه منكرة.
هذا وقد حكى السيوطي عن ابن الجوزي: أنه من وقع في حديثه الموضوع والكذب والقلب أنواع:
منهم من غلب عليهم الزهد، فغفلوا عن الحفظ، أو ضاعت كتبه؛ فحدث من حفظه فغلط، ومنهم قوم ثقات؛ لكن اختلطت عقولهم في آخر أعمارهم، ومنهم من روى الخطأ سهوًا، فلما رأى الصواب وأيقن به؛ لم يرجع أنفة أن ينسب إلى الغلط، ومنهم زنادقة وضعوا قصدًا إلى إفساد الشريعة وإيقاع الشك والتلاعب بالدين، وقد كان بعض الزنادقة يتغفل الشيخ فيدس في كتابه ما ليس من حديثه، ومنهم من يضع لنصرة مذهبه، ومنهم من يضع حسبة وترغيبًا، ومنهم من أجاز وضع الأسانيد بكلام حسن، ومنهم من قصد التقرب إلى السلطان، ومنهم القصاص؛ لأنهم يروون أحاديث ترقق وتنفق. انتهى.
ومن الموضوعات كما قال القاري ما روي عن مالك أنه قال: دخلت على المأمون والمجلس غاص بأهله؛ فإذا بين الخليفة والوزير فرجة، فجلست بينهما، فحدثته حديثًا مرفوعًا:"إذا ضاق المجلس بأهله، فبين كل سيدين مجلس عالم"، قال في الذيل: منكر؛ إذ لم يبق مالك إلى زمن المأمون.
وفي "الذيل" أيضًا: أخرج ابن أبي أسامة في مسنده عن داود بن المحبر بضعة وثلاثين حديثًا، قال الحافظ ابن حجر: كلها موضوعة، منها:"إن الأحمق يصيب بحمقه أعظم من فجور الفاجر؛ وإنما يرتفع العباد غدًا في الدرجات وينالون الزلفى من ربهم على قدر عقولهم". ومنها: "أفضل الناس أعقل الناس". ومنها: "قيل: ما أعقل هذا النصراني! فزجره فقال: إن العاقل من عمل بطاعة الله تعالى".
ووضع سليمان بن عيسى بضعًا وعشرين حديثًا منها: "قيل لعلقمة ما أعقل النصارى! فقال: مه؛ فإن ابن مسعود كان ينهانا أن نسمي الكافر عاقلًا". ومنها: "ركعتان من العاقل أفضل من سبعين ركعة من الجاهل، ولو قلت بسبعمائة ركعة لكان كذلك". ومنها أيضًا: "أن عدي بن حاتم أطرى أباه، وذكر من سؤدده وشرفه وعقله، فقال عليه الصلاة والسلام: إن الشرف والسؤدد والعقل والآخرة للعامل بطاعة الله تعالى، فقال: يارسول الله إنه كان يقري الضيف، ويطعم الطعام، ويصل الأرحام، ويعين على النوائب، ويفعل، فهل ينفع ذلك شيئًا؟ قال: لا؛ لأن أباك لم يقل قط رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين".
وفي "الذيل" أيضًا: أن قصة رحيل بلال ثم رجوعه إلى المدينة بعد رؤية النبي عليه الصلاة والسلام في المنام وأذانه بها وارتجاج أهل المدينة له؛ لا أصل له. ولعل العلامة ابن حجر الهيثمي لم يطلع عليه حيث ذكره في كتابه المصنف في الزيارة المسمى "تحفة الزوار".
وفي "الذيل" أيضًا: "أنه عليه الصلاة والسلام لما أراد أن يبني مسجد المدينة؛ أتاه جبريل عليه السلام فقال: إنه سبعة أذرع طولًا في السماء غير مزخرفة ولا منقشة"؛ لم يوجد.
وفي "المختصر": "الرجلان من أمتي ليقومان إلى الصلاة وركوعهما وسجودهما واحد، وإن بين صلاتيهما كما بين السماء والأرض"؛ موضوع.
ومنها أيضًا: "لا يصح في صلاة الأسبوع شيء، وفي ليلة الجمعة اثنتي عشرة ركعة بالإخلاص عشر مرات"؛ باطل. وكذا ركعتان بـ "إذا زلزلت" خمس عشرة مرة؛ لا أصل له. وفي رواية خمسين مرة، والكل منكر باطل، وقبل الجمعة أربع ركعات بالإخلاص
خمسين مرة؛ لا أصل له، وكذا صلاة عاشوراء وصلاة الرغائب موضوع بالاتفاق، وكذا صلاة ليالي رجب وليلة السابع والعشرين من رجب وليلة النصف من شعبان مائة ركعة في كل ركعة عشر مرات الإخلاص. ولا يغتر بذكر ذلك في "قوت القلوب" و"إحياء علوم الدين" و"تفسير الثعلبي"، وغيرهم.
وفي "المواهب اللدنية" للقسطلاني ما يذكره القصاص من أن القمر دخل جيب النبي صلى الله عليه وسلم وخرج من كمه؛ فلا أصل له كما ذكره الزركشي عن العماد بن كثير.
وكذا ما رواه في معجم ابن قانع عن أمية بن خلف الجمحي أنه قال: "رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى يدي صرد، فقال: هذا أول طائر صام يوم عاشوراء"؛ هو من الأحاديث التي وضعتها قتلة الحسين -قاتلهم الله- فهو باطل.
وحكى الزين العراقي أنه اشتهر بين العوام: أن من قطع صلاة الضحى بتركها أحيانًا يعمى، فصار الكثير يتركها أصلًا لذلك، وليس لما قالوا أصل بل الظاهر أنه مما ألقاه الشيطان على ألسنتهم ليحرمهم الخير الكثير.
ومن ذلك ما روى جعفر بن حسن بن فرقد القصار البصري عن أنس يرفعه: "من قال سبحان الله وبحمده"؛ غرس الله له ألف ألف نخلة في الجنة أصلها ذهب. قال ابن عدي: أحاديثه منكرة.
ومن ذلك ما رواه ابن منده وغيره عن أوس عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من دعا بهذه الأسماء: اللهم أنت حي لا تموت، وغالب لا يغلب، وبصير لا يرتاب، وسميع لا يشك، وصادق لا يكذب، وصلد لا يطعم، وعالم لا يعلم،.... إلى أن قال: فوالذي بعثني بالحق لو دعى بهذه الدعوات على صفائح الحديد لذابت، وعلى ماء جار لسكن، ومن دعى عند منامه بها بعث الله بكل حرف منها سبعمائة ألف ملك يسبحون له ويستغفرون له"؛ فهو موضوع ومختلق مصنوع.
ومن ذلك ما رواه عباس بن الضحاك البلخي -كذاب- عن عمر بن الضحاك -مجهول- عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من كتب "بسم الله الرحمن الرحيم"؛ لم يتم الهاء التي في الله؛ إلا كتب الله له ألف ألف حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيئة، ورفع له ألف ألف درجة".
ومن ذلك ما روى أبو العلاء خالد بن طهمان الخفاف الكوفي، عن نافع عن ابن عمر يرفعه:"من كفن ميتًا؛ فإن له بكل شعرة تصيب كفنه عشر حسنات". قال يحيى بن معين: أبو العلاء ضعيف خلط قبل موته بعشرين سنة.
ومن ذلك الأحاديث الواردة في فضل الصلاة في كل يوم من الأسبوع على وجه مخصوص فمنها: في يوم الأحد: "من صلى يوم الأحد أربع ركعات بتسليمة واحدة، يقرأ في كل ركعة "الحمد" و"آمن الرسول".. إلى آخرها كتب الله له ألف ألف حجة، وألف ألف عمرة، وألف ألف غزوة، وبكل ركعة ألف صلاة، وجعل بينه وبين النار ألف خندق"؛ فقبح الله واضعه ما أجرأه على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم. ومنها في ليلة الأحد: "من صلى ليلة الأحد أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و"قل هو الله أحد" عشر مرات؛ أعطاه الله تعالى يوم القيامة ثواب من قرأ القرآن عشر مرات وعمل بما في القرآن، ويخرج يوم القيامة من قبره وجهه مثل القمر ليلة البدر، ويعطيه الله تعالى بكل ركعة ألف مدينة من لؤلؤ في كل مدينة ألف قصر من زبرجد، في كل قصر ألف دار من ياقوت، في كل دار ألف بيت من المسك، في كل بيت ألف سرير"، واستمر هذا الكذاب قبحه الله على الألف.
ومنها: في ليلة الاثنين حديث: "من صلى ليلة الاثنين ست ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة، وعشرين مرة "قل هو الله أحد"، ويستغفر الله بعد ذلك عشر مرات؛ أعطاه الله تعالى يوم القيامة ثواب ألف صديق وألف عابد وألف زاهد؛ فلعن الله واضعه ومختلقه على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وحديث: من صلى ليلة الاثنين أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وآية الكرسي مرة و"قل هو الله أحد" مرة و"قل أعوذ برب الفلق" مرة و"قل أعوذ برب الناس مرة"؛ كفرت ذنوبه كلها، وأعطاه الله تعالى قصرًا في الجنة من درة بيضاء، في جوف القصر سبعة أبيات، طول كل بيت ثلاثة آلاف ذراع، وعرضه مثل ذلك". وهو من وضع الحسين بن إبراهيم كذاب، يروى عن محمد بن طاهر، وضع من هذا الضرب في سائر أيام الأسبوع ولياليه، وذكرنا منه ما تقدم ليعرف به أن هذه الأحاديث من المجازفات القبيحة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومثلها: "من صلى الضحى كذا وكذا ركعة؛ أعطي ثواب سبعين نبيًا". وكذا من المختلق على رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث: "من اغتسل يوم الجمعة بنية وخشية؛ كتب الله له بكل شعرة نورًا يوم القيامة، ورفع له بكل قطرة درجة في الجنة من الدر والياقوت والزبرجد بين كل درجتين مسيرة مائة عام". وهو من وضع عمر بن صبيح الكذاب الخبيث.
ومن الأحاديث المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث: "من قال "لا إله إلا الله"؛ خلق الله من كل كلمة طائرًا له سبعون ألف لسان، في كل لسان سبعون ألف لغة، يستغفرون الله تعالى له. ومن فعل كذا وكذا أعطي من الجنة سبعين ألف مدينة في كل مدينة سبعون ألف قصر، في كل قصر سبعون ألف حوراء".
قال القاري ومنها: حديث: "إذا عطس الرجل عند الحديث فهو صدق". فهذا وإن صحح بعض الناس سنده؛ فالحس يشهد بوضعه؛ لأنا نشاهد العطاس والكذب يعمل، ولو عطس ألف رجل عند حديث يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لم يحكم بصحته بالعطاس، ولو عطسوا عند شهادة رجل؛ لم يحكم بصحته قال: قلت: وقد روى أبو نعيم كما في "الجامع الصغير" عن أبي هريرة: العطاس عند الدعاء شاهد صدق. ثم قال: ومنها
حديث: "إن الله خلق السموات والأرض يوم عاشوراء". وكذلك حديث: "اشربوا على الطعام تشبعوا". وكذلك حديث:
"أحضروا موائدكم البقل؛ فإنه مطردة للشيطان". وحديث: "ما من ورقة من الهندباء؛ إلا عليها قطرة من ماء الجنة". وحديث: "بئس البقلة الجرجير، من أكل منها ليلًا بات ونفسه تنازعه، ويضرب عرق الجذام من أنفه، فكلوها نهارًا وكفوا عنها ليلًا". وحديث: "فضل دهن البنفسج على الأدهان؛ كفضل الخبز على الحبوب". وحديث: "الكمأة والكرفس؛ طعام إلياس واليسع". وحديث: "ما من رمان؛ إلا ويلقح بحبة من رمان الجنة". وحديث: "ربيع أمتي العنب والبطيخ". وحديث: "عليكم بمداومة أكل العنب مع الخبز". وحديث: "عليكم بالملح؛ فإن فيه شفاء من سبعين داء".
وكذا حديث: "من لقم أخاه لقمة حلوة؛ صرف الله عنه مرارة الموقف". وحديث: "من أخذ لقمة من مجرى الغائط أو البول فغسلها ثم أكلها غفر له".
ومن ذلك كما في القاري أن يكون الحديث مما تقوم الشواهد الصحيحة على بطلانه: كحديث عوج بن عنق الطويل، الذي قصد واضعه الطعن في أخبار الأنبياء، فإن في هذا الحديث:"أن طوله ثلاثة آلاف ذراع وثلاثمائة وثالثة وثلاثون، وأن نوحًا لما خوفه الغرق قال: احملني في قصعتك هذه، وأن الطوفان لم يصل إلى كعبه، وأنه خاض البحر فوصل إلى حجرته، وأنه كان يأخذ الحوت من قرار البحر فيشويه في عين الشمس، وأنه قلع صخرة عظيمة على قدر عسكر موسى وأراد أن يرصعهم بها فقورها الله تعالى في عنقه مثل الطوق". قال: وليس العجب من جرأة مثل هذا الكذاب على الله تعالى؛ إنما العجب ممن يدخل هذا الحديث في كتب العلم من التفسير وغيره ولا يبين أمره.
وللسيوطي -رحمه الله تعالى- تأليف سماه: "الأوج في خبر عوج" وهو من الرسائل المدرجة في "الحاوي للفتاوي" للحافظ السيوطي حقق فيه أن لعوج أصلًا؛ لكنه ليس. بالصفة المذكورة.
ومن الأحاديث الموضوعة؛ أحاديث الاكتحال والادهان والتطيب يوم عاشوراء؛ فمن فعل ذلك فيه معتقدًا السنة مظهرًا للفرح والسرور؛ فهو مبتدع.
وكذا من اتخذه يوم تألم وأحزان ولبس سواد ودوران في البلاد وجرح الرؤس والأبدان كما اشتهر ذلك عن الرفضة في بلاد العجم من خراسان، فعليهم غضب الجبار.
ومن الأحاديث الموضوعة أحاديث وضعها بعض الزنادقة أو جهلة المتصوفة في فضائل السور إلا ما استثني، ولا يغتر بذكر الواحدي والثعلبي والزمخشري والبيضاوي لها في تفاسيرهم، كما نبه على ذلك الحفاظ، كما أشار إلى ذلك بقوله الحافظ العراقي:
وكل من أودعه كتابه
…
كالواحدي مخطئ صوابه
وقال السيوطي في التدريب شرح التقريب: ومن الموضوع الحديث المروي عن أبي بن كعب مرفوعًا في القرآن سورة سورة من أوله إلى آخره، فروينا عن المؤمل بن اسماعيل قال: "حدثني شيخ به، فقلت للشيخ: من حدثك؟ فقال: حدثني شيخ بالمدائن وهو حي فصرت إليه: فقلت: من حدثك؟ فقال: حدثني شيخ بواسط وهو حي، فصرت إليه، فقال حدثني شيخ بالبصرة فصرت إليه، فقال: حدثني شيخ بعبادان
فصرت إليه، فأخذ بيدي فأدخلني بيتًا؛ فإذا فيه قوم من المتصوفة ومعهم شيخ، فقال هذا الشيخ: حدثني، فقلت: يا شيخ من حدثك؟ فقال: لم يحدثني أحد، ولكنا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن، فوضعنا لهم هذا الحديث ليصرفوا قلوبهم إلى القرآن.
قلت: ولم أقف على تسمية هذا الشيخ؛ إلا أن ابن الجوزي أورده في "الموضوعات" من طريق برمع بن حبان عن علي بن زيد بن جدعان، وعطاء بن ميمونة عن زر بن حبيش عن أبي بن كعب، وقال: الآفة فيه من برمع، ثم أورده من طريق مخلد بن عبد الواحد، فكأن أحدهما وضعه، والآخر سرقه، أو كلاهما سرقه من ذلك الشيخ الواضع، وقد أخطأ من ذكره من المفسرين في تفسيره كالثعلبي والواحدي والزمخشري والبيضاوي. قال العراقي: لكن من أبرز إسناده منهم كالأولين؛ فهو أبسط لعذره، إذ أحال ناظره على الكشف عن سنده، وإن كان لا يجوز له السكوت عليه، وأما من لم يبرز سنده وأورد بصيغة الجزم؛ فخطأه أفحش. انتهى كلام السيوطي.
ومن الأحاديث الموضوعة المختلفة: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حضر سماعًا فحصل له طرب حتى رقص وشق قميصه"؛ فلعن الله واضعه.
ومنها غير ذلك مما نص على وضعه الأئمة الحفاظ من أهل الحديث فجزاهم الله الجزاء حيث ذبوا عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. واستقصاء ذلك يطول.
قال الصغاني: ومن الأحاديث الموضوعة القدسية المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أحمد من أحب الدنيا وأهلها"،
والكلمات المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالفارسية مثل: العنب دودو يعني ثنتين ثنتين، والتمر يك يك يعني واحدة واحدة.
والأحاديث التي تروى في التختم بالعقيق؛ لا يثبت منها شيء، والحرز المنسوب لأبي دجانة الأنصاري، وسند أنس بن مالك الذي يروى عن جعفر بن هارون الواسطي عن سمعان عن أنس يعني هو مقدار ثلاثمائة حديث يرويها سمعان المهدي عن أنس، وأوله:"إن أمتي في سائر الأمم كالقمر في النجوم".
وأحاديث الأشج، وأحاديث خراش، وأحاديث نسطور الرومي، وأحاديث يسر، وأحاديث يغنم ويشخب، ونسخة إبراهيم بن هدية القيسي، وأحاديث رتن الهندي، وما يحكى عن بعض الجهال: أنه اجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه ودعا له
-عليه السلام بقوله: عمرك الله. ليس له أصل عند أئمة الحديث وعلماء السنة، ولم يعش من الصحابة ممن لقي النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من خمس وتسعين سنة وهو أبو الطفيل، فبكوا عليه وقالوا: هذا آخر من لقي النبي صلى الله عليه وسلم وهذا هو الصحيح؛ تصديقًا لقوله عليه الصلاة والسلام حين صلى العشاء الأخيرة في آخر عمره ليلة، فقال لأصحابه:"أرأيتم ليلتكم هذه؛ فإن على رأس مائة سنة لا يبقى ممن هو على وجه الأرض أحد من المؤمنين".
وكذا الأحاديث التي ينسبها إلى الحكيم الترمذي بعض الفقراء بزعمهم أنه سمعها من أبي العباس الخضر؛ فليس لها أصل يعتمد عليه، بل ينقلونها في زواياهم، ودين الإسلام أشرف من أن يؤخذ من جاهل عامي، أو يثبت بقول عاقل غبي؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:"ذروني ما تركتكم، وإني تركتكم على البيضاء النقية ليلها كنهارها، إن تمسكتم لن تضلوا بعدي: كتاب الله، وأصحابي، وسنتي".
وقد نظم بعضهم أسماء الكذابين الوضاعين على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
أحاديث نسطور ويسر ويغنم
…
وبعد أشج القيس ثم خراش
ونسخة دينار وأخبار توبة
…
أبي هدية القيسي شبه فراش
والأحاديث المنسوبة إلى محمد بن سرور البلخي وأحاديث شهر بن حوشب كلها موضوعة، وأسماء الضعفاء والمتروكين عند أئمة الحديث شهر بن حوشب وحماد بن عمر النصيبي وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وأيوب بن عتبة، ومحمد بن الجربياري، ومحمد بن سرور البلخي، وسمعان المهدي، وجعفر بن هارون الواسطي وعبد الله بن المسور المدائني، وأبو عاتكة طريف بن سليمان، وأبو عقال هلال بن زيد، وأبو سعيد عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين، وأبو زيد بن عبد الرحمن بن زيد الجراري العجمي البصري، وأبو سعيد عبد الله بن قيس الرقاشي، وأبو سعيد عبد المنعم بن نعيم.
ومنها الأحاديث في فضيلة رجب، وأقول: لكن منها أحاديث ضعيفة، وليست بموضوعة كما نبه على ذلك ابن حجر العسقلاني في "تبيين العجب فيما يتعلق برجب".
ثم قال الصغاني: ومنها قولهم: رجب شهر الله، وشعبان شهري، ورمضان شهر أمتي.
ومنها فضيلة كل شهر ويوم وليلة كما ذكر صاحب يواقيت المواقيت، والصحيح ما جاء في الكتب العشرة كالصحيحين وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والدارقطني وسائر أئمة الحديث ممن يعتبر قولهم في هذا الباب ويكون حجة وعند أولي الألباب، وكل عاقل أديب وفطن لبيب يعرف من ركاكة تلك الألفاظ أنها ليست من كلام المؤيد بالفيض الإلهي في الكشف القدسي بقوله:"أنا أفصح العرب والعجم".
وأقول: لكن ما استند إليه من حديث: "أنا أفصح العرب والعجم". قال السيوطي فيه: لا يعلم من خرجه ولا إسناده، قال الصغاني: وهذا من جنس اعتناء بعض الأغبياء الجهال والعوام الضلال، يدعوهم بدعاء تمخيشًا وتمشيشًا وتمخيثًا، ودعائهم في الشدائد بأسماء أصحاب الكهف، ودعاء شميخ وغيرهم من الدعوات المجهولة بزعمهم أن هذه من أسماء الله العظام، والأدعية المستجابة عند العلام، وأنه من التوراة والإنجيل ولسنا ملتزمين في شريعتنا بتلك الأدعية في الصباح والمساء، ولم يقل بها أحد من العلماء؛ بل وضعها أغبياء الأدباء وسفهاء القصاص لتغرير العوام وجمع الحطام، وقد قال تعالى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} قال عليه الصلاة والسلام: "إن لله تسعة وتسعين اسمًا؛ من أحصاها دخل الجنة". ولم يعدها من أئمة الحديث غير الترمذي.
والشيطان في أكثر الأزمان يظهر لتلك السماء تأثيرات ومنافع لأجل غرر الجهال، وربما يكون التلفظ بتلك الأسماء كفرًا، وليس لنا أن نتكلم بكلام لا يعرف معناه بالعربية، وقد قال تعالى:{مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} وهو يقول ويدعو: "هباشراهيا إذوياء أصباوت؛ فكن متبعا لهذه الدقيقة"؛ فقد ضل بها خلق كثير، وقانا الله عن البدع والأهواء، والفتنة المدلهمة
الظلماء، كالليلة السوداء. وكذا الاعتناء بألف اسم واسم واحد يدعون بعض العوام بها، ولم يرد فيها خبر، ولا أثر عن
السلف الصالح وأئمة الهدى، بل بعضها كفر؛ لأن أسماء الله تعالى توقيفية لا يجوز لنا أن ندعو إلا بما ورد في الكتاب
والسنة، فنقول يا كريم، ولا نقول يا سخي، ونقول يا عالم ولا نقول يا عاقل.
ومن الأحاديث الموضوعة: "ما جاء في فضيلة أول ليلة جمعة من رجب" الصلاة الموضوعة فيها التي تسمى "صلاة الرغائب"؛ لم تثبت في السنة ولا عند أئمة الحديث، وإن ذكره صاحب "الإحياء" وصاحب "قوت القلوب"؛ لأن السنة لا تثبت إلا بقول النبي صلى الله عليه وسلم أو فعله أو تقريره.
ومنها الحديث الطويل الذي يروى عن القمر في كل شهر.
وكذلك حديث خراب البلدان كل بلدة بآفة، كالغرق والزلزلة والقحط والموت، وغير ذلك، والحديث الذي رواه أبو عقال عن أنس في الطواف بالمطر؛ فهو بجميعه باطل لا أصل له.
وقال القاري في "الموضوعات": وأما ما أخرجه الدولابي عن الحسين بن علي رضي الله عنهما أنه قال: "كان رأس النبي صلى الله عليه وسلم في حجر علي رضي الله عنه وهو يوحى إليه؛ فلما سري عنه قال: يا علي صليت العصر؟ قال: لا، قال: اللهم إنك تعلم أنه كان في حاجتك وحاجة رسولك، فرد عليه الشمس؛ فردها عليه، فصلى وغابت الشمس"؛ فقد قال العلماء: إنه حديث موضوع، ولم ترد الشمس لأحد؛ وإنما حبست ليوشع بن نون -كذا في الرياض النضرة- إلا أنه ذكره في الشفاء من رواية الطحاوي، وبينا وجهه في شرحه على طريق الاستيفاء.
وقال ابن الجوزي في شرح المصابيح: وأما ما يزاد بعد قوله "اللهم أنت السلام ومنك السلام" من نحو "وإليك يرجع السلام فحينا ربنا بالسلام وأدخلنا دارك دار السلام"؛ فلا أصل له، أي في كونه حديثًا؛ وإلا فهو كلام صحيح المعنى والمبنى.
وقال جماعة من العلماء: ما يذكره بعضهم من أن الحسن لم يسمع من علي ولم يرد في خبر ضعيف أنه عليه السلام ألبس الخرقة على الصورة المتعارفة بين الصوفية لأحد من أصحابه، ولا أمر أحد منهم بفعلها، وكل ما يروى في ذلك صريحًا؛ فهو باطل، نعم لبسها وألبسها جمع منهم تشبها بالقوم وتبركًا بطريقتهم؛ إذ ورد لبسهم لها مع الصحبة المتصلة إلى كميل بن زياد وهو قد صحب عليًا اتفاقًا، وفي بعض الطرق اتصالها بأويس القرني وهو قد اجتمع بعمر وعلي اتفاقًا.
قلت وكذا ما اشتهر بينهم من أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى عمر وعلي بخرقته لأويس، وأنهما سلماها إليه، وأنها وصلت إليهم من أويس، وهلم جرا؛ فلا أصل له أيضًا.
وقال ابن أمير حاج: وفي ذي الحليفة آبار تسميها العوام آبار علي؛ لزعمهم بأنه قاتل الجن في بعض تلك الآبار. وهو كذب من قائله.
ومن الأحاديث الموضوعة: ما ذكره ابن عدي في ترجمة الحسن بن علي بن زكريا بن صالح العدوي البصري الملقب بالذئب عن علي رضي الله عنه أن النبي
-صلى الله عليه وسلم قال: ليلة أسري بي إلى السماء سقط إلى الأرض من عرقي، فنبت منه الورد؛ فمن أراد أن يشم رائحتي فليشم الورد. انتهى ما في "الموضوعات" للقاري، وضع الله عنا سيئات أعمالنا بأفضاله الجاري، وختمها بالصالحات، بجاه1 محمد صلى الله عليه وسلم سيد السادات.
وباب فضيلة التسمية بمحمد وأحمد والمنع من ذلك؛ لم يصح فيه شيء.
وباب العقل وفضله؛ لم يصح فيه حديث نبوي.
وباب عمر الخضر وإلياس وطول ذلك أو بقائهم؛ لم يصح فيه حديث.
وباب العلم وحديث طلب العلم فريضة؛ وكل ما في هذا المعنى ليس فيه حديث صحيح.
وباب من سئل عن علم فكتمه؛ لم يصح فيه حديث2.
وباب فضائل القرآن: من قرأ سورة كذا فله كذا من أول القرآن إلى آخره سورة سورة، وفضيلة قراءة كل سورة، رووا ذلك وأسندوه إلى أبي بن كعب؛ ومجموع ذلك مفترى وموضوع بإجماع أهل الحديث.
والذي صح من باب فضائل القرآن أنه قال: "ألا أعلمك سورة هي أعظم سورة في القرآن؛ الحمد لله رب العالمين". وحديث: "البقرة وآل عمران غمامتان
…
"، وحديث: آية الكرسي الذي قاله لأبي: "أتدري أي آية من كتاب الله أعظم". وحديث: "يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمهم البقرة وآل عمران". وحديث: "من قرأ آيتين من آخر سورة البقرة في كل ليلة كفتاه". وحديث: "لقد صدقك، وإنه لكذوب في فضل آية الكرسي". وحديث:"قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن". وحديث: "فضل المعوذتين أنزل على آيات لم ير مثلهن قط". وحديث: "الكهف من قرأ منها عشر آيات عصم من الدجال".
وباب فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه أشهر المشهورات من الموضوعات كحديث: "إن الله يتجلى للناس عامة ولأبي بكر خاصة". وحديث:
1 هذا من قبيل التوسل غير المشروع.
2 قلت: قد صح حديث أبي هريرة، وهو عند أحمد وأبي داود وغيرهما، وأورده المصنف في كتابه هذا برقم "2505".
"ما صب الله في صدري شيئًا؛ إلا وصببته في صدر أبي بكر.. وحديث: "كان صلى الله عليه وسلم إذا اشتاق إلى الجنة؛ قبل شيبة أبي بكر.."، وحديث: "أنا وأبو بكر كفرسي رهان.."، وحديث: "إن الله لما اختار الأرواح؛ اختار روح أبي بكر.."؛ وأمثال هذا من المفتريات المعلوم بطلانها ببديهة العقل.
وباب فضائل علي رضي الله عنه وضعوا في أحاديث لا تعد، ومن أفصحها الأحاديث المجموعة في الكتاب المسمى بـ "الوصايا النبوية"، أول كل حديث يا علي، والثابت من تلك الجملة حديث واحد:"يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى".
وباب فضائل معاوية؛ ليس فيه حديث صحيح.
وباب فضائل أبي حنيفة والشافعي وذمهما؛ ليس فيه شيء صحيح، وكل ما ذكر من ذلك؛ فهو موضوع ومفترى.
وباب فضائل البيت المقدس والصخرة وعسقلان وقزوين والأندلس ودمشق؛ ليس فيه حديث صحيح غير: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد
…
"، وحديث: "سئل عن أول بيت وضع في الأرض؛ فقال: المسجد الحرام قيل مثل ماذا؟ قال مثل المسجد الأقصى
…
"، وحديث: "إن الصلاة فيه تعدل خمسمائة صلاة".
وباب إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثًا، قال جماعة؛ لم يصح فيه حديث، وجماعة قائلون بصحته، وقد أورد أكابر أهل الحديث في مصنفاتهم1.
وباب استعمال الماء المشمس؛ لم يصح فيه حديث.
وباب تنشيف الأعضاء من الوضوء؛ لم يصح فيه حديث.
وباب تخليل اللحية ومسح الأذنين والرقبة؛ لم يصح فيه حديث.
وباب الوضوء بنبيذ التمر؛ لم يصح فيه حديث.
وباب أمر من غسل ميتًا بالاغتسال؛ لم يصح فيه حديث.
وباب النهي عن دخول الحمام؛ لم يصح فيه شيء.
وباب "بسم الله الرحمن الرحيم" آية من كل سورة؛ لم يصح فيه حديث.
وباب الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم؛ لم يصح فيه حديث.
1 قلت: قد صح الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في صحيح الجامع "416".
وباب "الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن" المروي بأسانيد عديدة؛ لم يصح فيه شيء1.
وباب "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد"؛ لم يصح فيه شيء.
وباب جواز الصلاة خلف كل بر وفاجر؛ لم يصح فيه شيء.
وباب الصلاة لمن عليه صلاة؛ لم يصح فيه شيء.
وباب إثم الإتمام وإثم الصيام في السفر؛ ليس يصح فيه شيء.
وباب القنوت في الفجر والوتر؛ لم يصح فيه حديث بل قد ثبت عن بعض الصحابة فعل القنوت.
وباب النهي عن الصلاة على الجنائز في المسجد؛ لم يصح فيه حديث.
وباب رفع اليدين في تكبيرات صلاة الجنائز؛ لم يصح فيه شيء.
وباب "الصلاة لا يقطعها شيء"؛ لم يثبت فيه شيء.
وباب صلاة الرغائب، وصلاة نصف شعبان، وصلاة نصف رجب، وصلاة الإيمان، وصلاة ليلة المعراج، وصلاة ليلة القدر، وصلاة كل ليلة من رجب وشعبان، ورمضان وهذه الأبواب؛ لم يصح فيها شيء أصلًا.
وباب صلاة التسابيح؛ لم يصح فيه حديث.
وباب زكاة الحلي؛ لم يثبت فيه شيء.
وباب زكاة العسل -مع كثرة ما روي فيه؛ لم يثبت فيه شيء.
وباب زكاة الخضراوات؛ لم يثبت فيه شيء.
وباب السؤال وقوله "اطلبوا من الرحماء ومن حسان الوجوه"، وكل ما في هذا المعنى؛ مجموعه باطل.
وباب فضل المعروف والتحذير من التبرم من حوائج الخلق؛ لم يثبت فيه شيء.
وباب فضائل عاشوراء، ورد استحباب صيامه وسائر الأحاديث في فضله، وفضل الصلاة فيه، والإنفاق، والخضاب، والادهان، والاكتحال، وطبخ الحبوب، وغير ذلك؛ مجموعه موضوع مفترى، قال أئمة الحديث: الاكتحال فيه بدعة ابتدعها قتلة الحسين.
وباب صيام رجب، وفضله؛ لم يثبت فيه شيء بل قد ورد كراهة ذلك.
1 قلت: بل صح، وانظر طرقه والكلام عليه في الإرواء "217".
وباب الحجامة تفطر؛ لم يصح فيه شيء.
وباب "حجوا قبل أن لا تحجوا"، وحديث:"من أمكنه الحج ولم يحج؛ فليمت إن شاء يهوديًا وإن شاء نصرانيًا"؛ لم يثبت فيه شيء.
وباب "كل قرض جر منفعة؛ فهو ربا"؛ لم يثبت فيه شيء.
وباب "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل"؛ لم يصح فيه شيء.
وباب الأمر باتخاذ السراري؛ لم يثبت فيه شيء.
وباب مدح العزوبة؛ لم يثبت فيه شيء.
وباب حسن الخط والتحريض على ما تعلمه؛ لم يثبت فيه شيء.
وباب النهي عن قطع السدر؛ لم يثبت فيه شيء.
وباب فضل العدس والباقلاء والجبن والجوز والباذنجان والرمان والزبيب؛ لم يصح فيه شيء.
وإنما وضع الزنادقة في هذه الأبواب أحاديث وأدخلوها في كتب المحدثين شينًا للإسلام -خذلهم الله.
وباب فضل اللحم، وأن أفضل طعام الدنيا والآخرة اللحم؛ لم يثبت فيه شيء.
وباب النهي عن قطع اللحم بالسكين؛ لم يثبت فيه شيء.
وباب فضل الهريسة؛ لم يثبت فيه شيء، والجزء المشهور في ذلك؛ مجموع مفترى.
وباب النهي عن أكل الطين؛ لم يثبت فيه شيء.
وباب الأكل في السوق؛ لم يثبت فيه شيء.
وباب فضائل البطيخ؛ لم يثبت فيه شيء، وأحاديث كتاب البطيخ؛ مجموعها باطل وموضوع، والثابت من تلك الجملة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأكل البطيخ.
وباب فضائل النرجس والمردقوش والبنفسج والبان؛ لم يثبت فيه حديث، وحديث "من شم الورد"، وحديث "خلق الورد من عرقي"، وأمثال هذا؛ كلها موضوعة باطلة.
وباب فضائل الديك الأبيض؛ لم يثبت فيه شيء والحديث المسلسل المشهور فيه: "الديك الأبيض صديقي"؛ باطل موضوع.
وباب فضائل الحناء؛ ليس فيه شيء صحيح.
وباب النهي عن نتف الشيب؛ لم يثبت فيه شيء.
وباب التختم بخاتم من عقيق، والتختم في اليمين؛ لم يثبت فيه شيء.
وباب النهي عن عرض الرؤيا على النسوان؛ لم يصح فيه شيء.
وباب تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بالفارسي مثل: "العنب دودو يا سلمان شكب درد"؛ لم يثبت فيه شيء وحديث: "كلمة فارسية ممن يحسن العربية لمن يحسنها خطبته"؛ خطأ.
وباب "ولد الزنا لا يدخل الجنة"؛ لم يثبت بل هو باطل.
وباب "ليس لفاسق غيبة"، وما في معناه؛ لم يثبت فيه شيء.
وباب ذم السماع؛ لم يرد فيه شيء.
وباب اللعب بالشطرنج؛ ليس فيه حديث صحيح.
وباب النهي عن سب البراغيث؛ لم يثبت فيه شيء.
وباب "لا تقتل المرأة إذا ارتدت"؛ ما صح فيه حديث؛ بل صح خلاف ذلك: "من بدل دينه فاقتلوه".
وباب "إذا وجد القتيل بين قريتين ضمن أقربهما"؛ ما ثبت فيه شيء.
وباب "من أهديت له هدية وعنده جماعة فهم شركاؤه"؛ ما ثبت فيه شيء.
وباب ذم الكسب وفتنة المال؛ ما ثبت فيه شيء.
وباب ترك الأكل والشرب من المباحات؛ ما صح فيه شيء.
وباب الحجامة واختيارها في بعض الأيام وكراهتها في بعضها؛ ما ثبت فيه شيء، والثابت في هذا الباب:"مر أمتك بالحجامة". وحديث الصحيحين: "إن كان في شيء شفاء؛ ففي شرطة حجام، أو شربة عسل، أو لذعة بنار".
وباب الاحتكار فيه أحاديث كثيرة منقولة، ولم يصح فيه شيء سوى حديث مسلم:"من احتكر؛ فهو خاطئ"، وبعضهم يقول: هو منسوخ، وبعضهم يحمله إن أضر بأهل ذلك المقام؛ وإلا لا.
وباب مسح الوجه واليدين بعد الدعاء؛ ما صح فيه حديث.
وباب موت الفجأة؛ ما صح فيه شيء. وحديث: "أنها راحة للمؤمن وأخذة أسف للكافر"؛ ما ثبت فيه شيء.
وباب الملاحم والفتن والمروي في ذلك: "أن أمير المؤمنين علي قال للزبير في يوم الجمل: أنشدك الله هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في سقيفة بني فلان يقول: ليقاتلنك وأنت ظالم له"؛ لم يثبت ولم يصححه أهل الحديث.
وباب ظهور آيات القيامة في الشهور المعينة ومن المروي فيه: "يكون في رمضان هدة وفي شوال همهمة"، إلى غير ذلك؛ ما ثبت فيه شيء، ومجموعه باطل.
وباب "الإجماع حجة"؛ لم يصح فيه حديث.
وباب "القياس حجة"؛ لم يثبت فيه شيء.
وباب "المولودين بعد المائة"؛ لم يثبت فيه شيء.
وباب وصف ما يقع بعد مائة وثلاثين سنة، وبعد مائتي سنة، وبعد ثلاثمائة سنة، ومذمة أولئك القوم ومدح الانفراد والتجرد في ذلك؛ مجموعه باطل ومفترى.
وحديث: "الغرباء ثلاثة: قرآن في جوف ظالم ومصحف في بيت لا يقرأ فيه ورجل صالح بين قوم سوء"؛ باطل.
وباب ظهور الآيات بعد المائتين؛ لم يثبت فيه شيء.
وباب مذمة الأولاد في آخر الزمان وقول: "لئن يربي أحدكم جرو كلب؛ خير له من أن يربي ولدًا"، وحديث:"يكون المطر فيضًا والولد غيظًا". لم يثبت من هذه الأحاديث شيء.
وباب تحريم القرآن بالألحان والتغني؛ لم يثبت فيه شيء؛ بل ورد خلاف ذلك في الصحيح وهو: "أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح وهو يقرأ سورة الفتح ويرجع فيها" قال الراوي: والترجيع آآ آ. وباب تحليل النبيذ؛ لم يصح فيه شيء.
وباب "إذا سمعتم عني حديثًا فاعرضوه على كتاب الله؛ فإن وافقه فاقبلوه؛ وإلا فردوه"؛ لم يثبت فيه شيء، وهذا الحديث من أوضع الموضوعات، بل صح خلافه:"ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه". وجاء في حديث آخر صحيح: "لا ألفين أحدكم متكئًا على متكإ يصل إليه عني حديث فيقول لا نجد هذا الحكم في القرآن؛ ألا وإني أوتيت القرآن ومثله معه".
وباب انتفاع أهل العراق بالعلم والمشي إلى طلب العلم حافيًا، والتملق في طلب العلم، وعقوبة المعلم الجائر على الصبيان، والدعاء بالفقر على المعلمين؛ لم يصح فيه شيء.
وباب الحاكة وذمهم ومدحهم؛ لم يثبت فيه شيء.
وباب إنشاد الشعر بعد العشاء، وحفظ العرض بإعطاء الشعراء، وذم التعبد بغير فقه، ومذمة العلماء الذين يمشون إلى السلطان، ومسامحة العلماء، وزيارة الملائكة قبور العلماء؛ لم يثبت فيه شيء.
وباب افتراق الأمة إلى اثنتين وسبعين فرقة؛ لم يثبت فيه شيء. والله أعلم بالصواب1.
وكتبت هذه النسخة الشريفة برسم فخر الأشراف السيد سعيد الحافظ الشيخ أحمد الحلبي العطار -حفظهما الله تعالى- آمين. ووافق الفراغ من ذلك في نهار الجمعة الرابع عشر من شهر رمضان المبارك سنة خمس وثمانين ومائة وألف، على يد العبد الفقير إسماعيل ابن الشيخ محمد خليفة -غفر الله له ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين- آمين.
1 من قول المصنف "باب في فضل التسمية بمحمد أو أحمد" في الصفحة 511 إلى هنا فيه نظر، فقد ورد في بعض الأبواب المذكورة أحاديث ذكرها هو نفسه في كتابه هذا وبعضها مثبت في "انتقاد المغني عن الحفظ والكتاب"، والمصنف لم يبتدع هذه الأبواب من لدنه؛ بل نقلها عن خاتمة "سفر السعادة" للفيروزابادي وهو متابع فيها لابن بدر صاحب "المغني عن الحفظ والكتاب" وغيره.