المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ال‌ ‌مقدمة إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور - كشف ما ألقاه إبليس من البهرج والتلبيس على قلب داود بن جرجيس

[عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ]

الفصل: ال‌ ‌مقدمة إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور

ال‌

‌مقدمة

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (1) .

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} (2) .

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزا ًعَظِيماً} (3) .

أما بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

ثم أما بعد: فإنه لا يشك مسلم –صاحب سنة- في أهمية التوحيد الخالص، وضرورته للبشرية أجمع، فإن من المعلوم أن الله ما أرسل رسولاً إلا

(1) سورة آل عمران، الآية:102.

(2)

سورة النساء، الآية:1.

(3)

سورة الأحزاب، الآيتان: 70و71.

ص: 5

وأمره بأن يدعو الناسِ إلى عبادة الله وحده وينذرهم من الإشراك به.

قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُون} (1) .

وقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (2) .

قال الحافظ ابن كثير (3) :

(وكلهم –أي الرسل- يدعون إلى عبادة الله وينهون عن عبادة ما سواه..

فلم يزل تعالى يرسل إلى الناس الرسل بذلك منذ حدث الشرك في بني آدم في قوم نوح الذين أرسل إليهم نوح، وكان أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض إلى أن ختمهم بمحمد صلى الله عليه وسلم الذي طبقت دعوته الأنس والجن في المشارق والمغارب، وكلهم كما قال الله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُون} ، وقوله تعالى:{وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُون} ،وقال تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوت} ا. هـ.

قال الإمام العلامة الإمام عبد الرحمن بن حسن (4) :

(ودلت هذه الآية –أي قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا

} -على أن الحكمة في إرسال الرسل دعوتهم أممهم إلى عبادة الله وحده والنهي عن عبادة ما سواه.

وأن هذا هو دين الأنبياء والمرسلين، وإن اختلفت شريعتهم

) ا. هـ.

(1) سورة النحل، الآية:36.

(2)

سورة النحل، الآية:36.

(3)

انظر تفسير ابن كثير (2/568) .

(4)

انظر "فتح المجيد": ص 17.

ص: 6

فأصل الدين هو التوحيد الذي بعث الله به الرسل، وأنزل به الكتب، وهو

الدين الذي لا يقبل الله ديناً سواه.

وليس التوحيد مقصوراً على توحيد الربوبية فقط، وأن الله هو الخالق

الرازق.. فهذا قد أقر به كفار قريش، بل التوحيد توحيد الآلهية، وهو لب

التوحيد، وهو التوحيد الذي جاءت به الرسل وأنزلت به الكتب.

قال الإمام العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله (1) :

(وهذا التوحيد –أي توحيد الآلهية- هو أول الدين وآخره، وباطنه وظاهره،

وهو أول دعوة الرسل وآخرها، وهو معنى قول: لا إله إلا الله (2) ، فإن إلا إله هو

المألوه المعبود بالمحبة والخشية والإجلال، والتعظيم، وجميع أنواع العبادة،

ولأجل هذا التوحيد خلقت، وأرسل الرسل، وأنزلت الكتب، وبه افترق الناس

إلى مؤمنين وكفار، وسعداء أهل الجنة وأشقياء أهل النار) .

وقد رتب الله الأجر العظيم والثواب الجزيل لمن حقق التوحيد.

إذا علم هذا كله، فإنه من العجب العجاب عزوف كثير من الدعاة –رزقنا الله وإياهم اتباع السنة- عن تعلم التوحيد، وتعليمه وبذله للناس.

فتجد أحدهم يتخذ من أسلوب الترغيب والترهيب بصفة دائمة طريقاً لدعوة الناس إلى الله عز وجل وكأن الله عز وجل لم يرسل الرسل ولم ينزل الكتب إلا لذلك.

وآخر تجده يجمع الألوف المؤلفة من الناس ليقرأ لهم قصاصات من

(1) انظر "تيسير العزيز الحميد": ص 36.

(2)

فسر كثير من الجهلة كلمة التقوى "لا إله إلا الله" بأنها لا حاكمية إلا الله، متبعين بذلك أقوال أهل البدع في تفسيرها بعد أن ألقوا تفاسير أهل السنة لها وراءهم ظهرياً، نعوذ بالله من رين الذنوب وانتكاس القلوب والله المستعان.

ص: 7

الصحف والمجلات، ليعلم الناس- بزعمه- فقه واقعهم وما تدبره الأعداء لهم.

وآخر يشغلهم بخطر الكفرة وأذنابهم، ووجوب معاداتهم، ويغفل أو يتغافل عن خطر أهل البدع والأهواء، فلا يحذر منهم بل يعظمهم ويبجلهم مع

أنهم أشد خطراً على الإسلام من اليهود والنصارى وأذنابهم.

وآخر يشغلهم بالتهييج السياسي، وتفخيم أخطاء الولاة في نظر العامة مدعٍ أن ذلك من النصح للأمة.

فلا تكاد تسمع لأحدهم خطبة أو محاضرة إلا ويفعل ذلك.

أما تبصير الناس بأمر التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، فلا تجد له ذكراً، وإن ذكر عندهم فهو قليل بالنسبة إلى غيره.

فمن باب النصيحة لهؤلاء نقول:

إن في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم غنية لمن أراد الحق وطلبه، وأن في منهج السلف الصالح بياناً واضحاً، وجواباً كافياً لمن سأل عن طريقتهم في إرشاد العباد إلى عبادة رب العباد.

ونقول لهؤلاء –أيضاً-: سيروا على ما كان عليه سلفكم الصالح من دعوة الناس إلى توحيد الله عز وجل وربط الناس به ربطاً وثيقاً، ودعوا عنكم الطرق المبتدعة، التي تقودكم –من حيث لا تعلمون – إلى الهاوية.. إلى النهاية.

ونقول لهؤلاء –أيضاً-: إن منهج أئمة الدعوة السلفية في البلاد النجدية هو المنهج السلفي، وهو الطريق النبوي.

وكيف لا يكون منهجهم كذلك؟ وهم على منهج السلف ساروا،

وبأقوالهم أخذوا وبأعمالهم اقتدوا، وبهداهم اهتدوا، وذلك فضل الله يؤتيه

من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

ص: 8

وقد دافع علماء الدعوة السَّلفيَّة في البلاد النَّجدية عن الإسلام والسنة دفاعاً مستميتاً، وبذلوا في ذلك كل غالٍ ونفيس، فألفوا الكتب، وبثوا الرسائل في كل البقاع، ودرسوا الناس وعلموهم أمور دينهم، ونشروا السنة في وقت كادت فيه أن تعدم، فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.

ولم يكتفوا بذلك بل ردوا على كل من حارب الكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة، نصحاً للأمة وبراءة للذمة، ولتكون كلمة الله هي العليا. فسيروا يا شباب الإسلام على طريقهم يبلغكم الله ما بلغهم إياه من النصرة والعزة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية (1) رحمه الله:

(وأئمة السنة والجماعة وأهل العلم والإيمان فيهم العلم والعدل والرحمة، فيعلمون الحق الذي يكونون به موافقين للسنة سالمين من البدعة، ويعدلون على من خرج منها ولو ظلمهم، كما قال تعالى:{كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} .

ويرحمون الخلق فيريدون لهم الهدى والعلم، لا يقصدون الشر لهم ابتداء، بل إذا عاقبوهم وبينوا خطأهم، وجهلهم، وظلمهم، كان قصدهم بذلك بيان الحق ورحمة الخلق، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا

".

وكتابنا هذا يمثل سلسلة من الردود العلمية التي قام بها أئمة الدعوة السلفية في البلاد النجدية، حماية للسنة النبوية، من الشرك والضلالات الشياطينية، ومن البدع والخزعبلات الخرافية.

(1) انظر "الرد على البكري": ص 258.

ص: 9

وهو رد على داعية الضلال والتلبيس "داود بن سليمان بن جرجيس"، وذلك حينما جوز اتخاذ الأنداد مع رب العباد، وادعى أن ذلك هو دين الأنبياء ومن سلك سبيلهم من أهل العلم والرشاد.

فقام إمامنا وعلامتنا الشيخ عبد الرحمن بن حسن في كتابنا هذا برد أضاليله، وأفكه، وتزويره فصار كتابه –رحمه الله – مرجعاً لأهل العلم وطلابه.

وقد شرفنى الله عز وجل بتحقيقه، وذلك حسب الوسع والطاقة، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

وفي الختام أتوجه بالشكر والثناء لله عز وجل المان بكل خير الذي أعانني على عملين ووفقني للخير ولله الحمد أولاً وآخراً.

ثم لكل من ساعدني ووجهني في إخراج هذا الكتاب، وأخص منهم أخونا الشيخ الفاضل: عبد السلام بن برجس بن ناصر آل عبد الكريم، فقد كان لي خير معين على إخراج هذا الكتاب.

أسأل الله العلي القدير أن يجعل ذلك في ميزان حسناتنا يوم أن نلقاه، وأن يوفقنا للعمل الصالح الذي يرضيه عنا، وأن يجنبنا الشرك والبدع ما ظهر منها وما بطن، وأن يجعلنا بكتابه عاملين وبسنة نبيه مهتدين، ولآثار سلفنا متبعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كتبه الفقير إلى ربه

عبد العزيز بن عبد الله بن إبراهيم الزير آل حمد.

غفر الله له ولوالديه وللمسلمين ومن

أهل السنة

الرياض – 2/4/1414هـ.

ص: 10